مريم رجوي في ندوة برلمانية عقدت بالجمعية الوطنية الفرنسية بمناسبة قرار وقف ملاحقة المقاومة الإيرانية: هناك ثلاث مكونات سياسية وعسكرية وثقاقية لتخليص المنطقة من المتطرفين الارهابيين
مساء الخير، يسعدني اللقاء بكم فردا فردا.
أصدر القضاء الفرنسي قبل شهر ونصف قرار منع ملاحقة المقاومة الإيرانية في قضية بنيت منذ البداية على صفقة سياسية. وكان القضاء الفرنسي قد أعلن قبل ثلاثة أعوام أيضا في قرار أولي أصدره لمنع الملاحقة بأن ممارسات المقاومة الإيرانية الهادفة الى اسقاط النظام الايراني لا تعد ضمن الإرهاب. هذه القرارات تعد إذعانا واضحا بشرعية المقاومة من أجل الإطاحة بالاستبداد الديني.
ودفع الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية ثمن هذا الملف وهذه اللاعدالة بتحملهم معاناة وإعدامات كثيرة. كما قيدت وكبلت هذه القضية جهد المقاومة لـ14عاما. ويفشي الكتاب الثمين الذي ألفه السيد إيف بونة الكثير من الحقائق فيما يتعلق بهذه القضية.
لقد استهدفت كل من أمريكا والاتحاد الأوروبي المقاومة الإيرانية بدلا من النظام الإيراني الذي يشكل مركزا للتطرف وذلك نتيجة لسياسة الاستهداف الخاطئ التي ينتهجها الغرب.
تجييش 1300شرطي لاقتحام مكاتب المقاومة في فرنسا عام 2003 وتواصل عمليات الرصد المشددة في المجالين المالي والقضائي والصاق تهمة الإرهاب وقصف مخيمات مجاهدي خلق من قبل أمريكا وحملة اختلاق الأكاذيب، كانت نماذج لهذه السياسة.
وفسحت هذه السياسة الخاطئة المجال أمام الملالي ليوسعوا ساحة عمل قوة القدس الإرهابية وليزودوا حزب الله بترسانة من الصواريخ ويمرروا مشروع التسلح النووي والأهم من كل ذلك انهم مددوا التطرف من الشرق الأوسط إلى أفريقيا والذي يدمر الآن كلا من العراق وسوريا والمنطقة بأسرها دافع عن الأسد.
وأنا أستغل الفرصة لأتطرق إلى هذه المكونات الثلاثة:
المكون الأول، الأزمة التي تواجهها المنطقة:
تم تشكيل تحالف واسع ضد داعش منذ الصيف المنصرم. ولكن نجاح هذا التحالف يكمن في معرفة العدو الرئيسي وجذور الأزمة. إذ أن داعش هو حصيلة جرائم غير مسبوقة ارتكبها كل من الملالي الحاكمين في إيران وبشار الأسد في سوريا والمالكي في العراق وسياسته الطائفية بحق طيف واسع من الشعبين العراقي والسوري.
ورغم الجرائم التي لا تعد ولاتحصى حيث ارتكبها الأسد ، فإن النظام الإيراني ومنذ عام 2011 بذل كل جهده العسكري والتسليحي والاستخباري والمالي والدبلوماسي ليحيل دون سقوط الأسد وسط اتخاذ الغرب سياسة اللامبالاة والتقاعس.
وبعد الحرب في عام 2003 جعل النظام الإيراني العراق ضيعة له ليتحكم من خلال المالكي على جميع الأجهزة في البلاد. الميليشيات الموالية للنظام الإيراني وبالتنسيق مع القوات التابعة للمالكي يصولون ويجولون على مناطق واسعة داخل العراق فيما أمريكا ليست لم تعترض على ذلك فحسب وإنما شجعت المالكي. فجاء امتداد داعش في كل من سوريا والعراق حصيلة لكل هذه الجرائم و هذا الأمر تمخض عن المرونة مع أطغى ديكتاتورية في العالم المعاصر وصنيعيها.
ويتحين ملالي إيران الآن وباستغلال هذه السياسة التي ينتهجها الغرب الفرصة حتى تملأ الميليشات التابعة لهم فراغ داعش حيثما ينسحب جراء هجمات التحالف الدولي.
إذن وفي الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن غارات جوية بوحدها على مواقع داعش لا تكفي ، فما الحل؟
وتزعم جماعة اللوبي الموالي للنظام الإيراني بأن الحل يكمن في إسهام هذا النظام في الحرب ضد داعش. ولكن سيكون هذا الأمر أكبر ضربة على التحالف. حيث يرى الشعبان العراقي والسوري أن التحالف قد وقف بجانب عدوهم الرئيسي أي الملالي.
ومن أجل تخليص المنطقة من المتطرفين الإرهابيين هناك ثلاث مكونات سياسية وعسكرية وثقافية لا محيد عنها:
من الناحية السياسية: من الضروري تحديد التخندقات الحقيقية أي الاصطفاف الحقيقي في المنطقة أكثر من أي وقت مضى. وتنقسم أخيرا كل من الدول والفصائل في كل أرجاء المنطقة في جبهتين:
ـ في طرف: نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران والدكتاتورية المدعومة من قبلها في سوريا ومجاميع الميليشيات التابعة لها في كل من العراق ولبنان واليمن.
ـ وفي طرف آخر: الحكومات والشعوب والمجموعات المهددة من قبل التطرف.
ويعد نظام طهران العدو الرئيسي لجميع البلدان والدول العربية والمسلمة. ولايمكن التغلب على المتطرفين الإرهابيين في كل من العراق وسوريا دون أن تقطع أذرع النظام الإيراني من المنطقة.
ومن الناحية العسكرية: لا يمكن أن يتصور تحقيق الانتصار دون مشاركة القوى الوطنية والمناهضة للتطرف. كما سبق وأن أعلنت العشائر وقادة السنة في العراق بأنهم مستعدون لمواجهة داعش في حالة إزالة الميليشيات التابعة للنظام الإيراني من الساحة.
ومن الناحية الثقافية: من الضروري وجود بديل ثقافي وعقائدي في وجه التطرف المغطى بالإسلام؛ بديل قائم على الإسلام المتسامح والديمقراطي والمساواة بين المرأة والرجل. وإلا يوحي النظام الإيراني والمتطرفون السنة مكافحة التطرف بأنه بمثابة معارضة الإسلام وهكذا يستنفدونها.
وتمكنت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية واعتمادا على إيمانها بهكذا إسلام والتبليغ من أجله أن تقدم نقيضا ثقافيا واجتماعيا داخل إيران في وجه هذا النظام المتطرف.
دعم المقاومة الإيرانية ينتهي إلى التعرف على هذا البديل الثقافي كما يساهم في التصدي لتجنيد الشباب الأوروبيين من قبل المتطرفين.
وبرنامج الأسلحة النووية هو الموضوع الثاني الذي أود أن أتناوله حيث يحاول النظام الإيراني الاحتفاظ به عبر استغلاله سياسة المساومة وأنواع المراوغات وحالات التضليل. وبالرغم من أن النظام اضطر على مضض إلى التراجع في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي عن مشاريعه النووية ولو بقدر خطوة وذلك تحت وطأة الأزمات الداخلية وما ترتب عليه من ضغوط العقوبات ، ولكن وبالرغم من مخاوف النظام إزاء تفجير الأزمات الداخلية التي تحيط به، فإن عدم التعامل الصارم من قبل كل من أمريكا والدول الغربية تسبب في تعقيد شروط الاتفاق من قبل الخامنئي ويبعد آفاق الوصول إليه.
اننا ننذر ونشدد ثانية على أنه من الضروري أن يضم أي اتفاق التنفيذ غير المشروط للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي ووقف كامل لتخصيب اليورانيوم والتفيتش المفاجئ لكل المواقع المشتبه بها، وإلا سيظل يبقى الطريق مفتوحا أمام النظام لامتلاكه القنبلة النووية.
كما نؤكد أيضا أن تمديد المفاوضات هو مطلب النظام الإيراني حيث يستغله بغية استكمال مشاريعه النووية لذلك فاني آملة بأن لاتسمح فرنسا وفي إطار مواقفها الحازمة والأصولية خلال المفاوضات، للنظام الإيراني بالحصول على هذا المطلب المنشود والهدف الخطير.
وأما الملف الثالث فهو ممارسة القمع الهمجي بحق الشعب الإيراني وذلك من خلال ألف إعدام في عهد روحاني خاصة إعدام ريحانة جباري يوم السبت الماضي حيث كانت جريمتها الدفاع عن نفسها أمام شخص أراد أن يغتصبها وقتل المرضى من السجناء بطريقة الموت البطيء وممارسة الاضطهاد بحق الأقليات القومية وممارسة القمع وإعدام الأكراد والعرب والبلوش واعتقال المحامين والصحفيين والناشطين في الإنترنت وممارسة التعامل التعفسي في حقهم والاعتداء برش الأسيد على وجوه النساء في الأسابيع الأخيرة؛ وانظروا إلى وجوه النساء البريئات اللواتي حرقت برش الحامض من قبل العصابات المجرمة للملالي ؛ فيكف يمكن تبرير سياسة اللامبالاة والتقاعس من قبل الغرب بهذا الصدد؟
الملالي الحاكمون قد صدّروا سياسة ممارسه القمع إلى خارج الحدود الإيرانية؛ بدءا من اغتيال أعضاء المعارضة وإلى قمعهم عبر الحكومات الأوروبية بالصاق تهمة الإرهاب وكذلك فرض الحصار على كل من أشرف وليبرتي وسكانهما من خلال الحكومة العراقية حيث قتل 116 منهم لحد الآن وأصيب ما يقارب 1400منهم بجروح وكدمات كما قتل 21منهم بطريقة الموت البطيء جراء الحصار الطبي المفروض عليهم بل واختطف رجل واحد وست نساء منهم كرهائن؛ وجريمتهم هي وقوفهم وصمودهم في وجه غول التطرف القذر كونهم أصبحوا يلهمون النساء والشباب في نضالهم من أجل الحرية.
وأتمنى ونظرا لتنحية المالكي في العراق أن تسخر فرنسا كل ما تستحوذ عليه من جهد لاتخاذ إجراءات من أجل الحصول على ما يأتي من مطالب:
ـ الاعتراف بمخيم ليبرتي كمخيم لللاجئين تحت رعاية الأمم المتحدة
ـ رفع الحصار خاصة الحصار الطبي
ـ توفير الحد الأدنى من الضمانات الضرورية لتوفير الأمن والسلامة للمجاهدين في مخيم ليبرتي مادموا متواجدين في العراق
ـ الإفراج عن الرهائن الذين اختطفوا في 1أيلول/ سبتمبر 2013 وأن تدفع فرنسا الأمم المتحدة الى إجراء تحقيقات بشأن هذه الجريمة النكراء وإحالة المتورطين فيها أمام العدالة.
وأشكركم جميعا.