بسم الله الرحمن الرحيم
..................
معركة ستالينغراد...ملحمة القرن20
وصف منطقة العمليات.
تمتد مدينة ستالينغراد بمحاذاة الضفة اليمنى لنهر الفولغاويبلغ طولها 30 كم
ولها أهمية صناعية خاصة وتعتبر المنطقة من الأراض المنبسطة التي تكثر فيها المستنقعات والسبخات وهي امتداد للسهل الأوروبي وهي من أغنى مناطق الاتحاد السوفيتي من حيث الثروات.
قوات الطرفين
أ. الألمان . (1) الجيش 6 الألماني . (2) الجيش المدرع 4
الألماني . (3) الجيش 3 الروماني . (4) الجيش 4 الروماني .
ب.الروس شكلوا جبهة جديدة سميت ستالينغراد يوم 12 تموز 1942 وكانت مؤلفة من التشكيلات
آلاتية: (1) الجيش 28 . (2) الجيش 38 . (3) الجيش 6. (4) الجيش 63 . (5) الجيش 64 . (6) الجيش 51 . (7) الجيش 57 .
سير العمليات
. كان سير المعركة على النحو التالي
الهجوم الألماني .
بعد أن طرد الألمان القسم الأكبر من القوات الروسية المدافعة عن ستالينغراد توغلوا في مدينة ستالينغراد نفسها يوم 12 أيلول 1942 فوجدا أنفسهم يخوضون قتالاً من شارع إلى شارع ومن بيت إلى آخر وتحمل المشاة الألمان بطبيعة الحال وطأة ذلك القتال المرير متكبدين خسائر فادحة ، وفي يوم 13 أيلول 1942 وصلت قوات الجيش المدرع 4 الألماني مع بعض التشكيلات الرومانية إلى ضفة نهر الفولغا جنوب ستالينغراد إلا أنها لم تستطع رغم الهجمات المتعاقبة التي شنتها الوصول إلى المنطقة الصناعية الكائنة شمال المدينة بسبب كثرةالقوات وشدة مقاومة السوفييت.
التعرض الروسي المقابل .
دافعت عن منطقة ستالينغراد في أول الأمر الجبهة الجنوبية الغربية وقررت القيادة السوفيتية العليا تدمير الجناح
الجنوبي للقوات الألمانية بالقضاء على الجيشين 6 والمدرع4 ، وكلف المشير جوكوف والفريقان فاسيليفسي وفورونوف بمهمة تنسيق تحركات الجبهات الثلاث المذكورة ، ونقل إلى منطقة ستالينغراد أكبر حشد متيسر من احتياطات القوات
المسلحة السوفيتية بصورة مكتومة لتحقيق النصر الساحق معاً وقد جرى توقيت التعرض باعتناء بحيث يتوائم مع إنزال الحلفاء الغربيين في المغرب والجزائر.
في الساعة 7.30 من يوم 19 تشرين الثاني فتح7000 مدفع روسي نيرانه على القوات الألمانية في منطقة ستالينغراد تمهيداً للهجوم الروسي المقابل ، وتوخت قطعات الموجه الروسية الأولى المهاجمة قاطع الجيش 3 الروماني وأحدثت خرقينواسعين في جبهتي فيلقيه4.2 عند راسي الجسرين في كليتسايا وبولشوي على نهر الدون ، وعندئذ تجمعت تشكيلات الفرقتين 6.5 وأجزاء من الفرقتين الرومانية بإمرة الفريق لاسكار وأخذت تقاوم الهجمات الروسية من موضع مدافع عنه من جميع الجهات ، فزجت مجموعة الجيوش ب الألمانية احتياطها المؤلف من الفيلق المدرع 48 بقيادة الفريق هايم لإزالة الخرق الروسي إلا أن الفيلق المذكور لم يتمكن مـن إحباط الهجمات الروسية لعدم كفاية قواته الضعيفةامام الهجمات الشديدة المتعاقبة .
في 20 تشرين الثاني 1942 شرع الروس بالموجه الثانية من التعرض المقابل الواسع فشن الجيش 51 هجوماً عنيفاً على مواضع الفيلق 6 الروماني ( ضمن قاطع الجيش المدرع 4 الألماني ) وتمكن من خرق جبهة خلال ثلاث ساعات فقط ، كما هاجم الروس الفرقة 20 الرومانية ( ضمن قاطع الفيلق 4 الألماني ) فانهزم الرومان شر هزيمة مما تسبب في خرق مواضع الجيش المدرع 4 إلى قاطعين منفصلين . وقد أدى هذا الخرق إلى انهيار دفاعات الفيلق 6 الروماني فادى ذلك إلى انفساح المجال لاندفاع القوات الروسية وراء الجيش 6 الألماني من جهة الجنوب .
في 22 تشرين الثاني 1942 استولى الفيلقان المدرعان 4.26 الروسيان من الجبهة الجنوبية الغربية في صولة سريعة على جسر الدون قرب كالاتش وفي عصر 23 تشرين الثاني 1942 التقت ارتالها الأمامية القادمة من الشمال الغربي بالفليق الآلي 4 الروسي من تشكيلات جبهة ستالينغراد والقادم من
الجنوبي الشرقي عند سوفيتسكي فحقق الروس بذلك الاتصال تطويق الجيش 6 الألماني الذي لم يقدر لـه الفكاك منه قط .
أدركت قيادة مجموعة الجيوش الألمانية بان تطويق الجيش 6 وخرق مواضيع الجيشين الرومانيين يتطلب منها جبهة جديدة إلى الغرب وكذلك تغيير عناصر قيادة التشكيلات الرومانية فتم نقل العقيد الركن الألماني فينك من منصب رئيس أركان الفيلق المدرع 57 إلى منصب رئيس اركان الفيلق 3 الروماني وصدرت الاوامر للجيش 3 الروماني بمنعه من القيام بأية حركة انسحاب ،
واستقر الموقف نسبياً في قاطع مجموعة الجيوش ب الألمانية بعد أن ركزت التشكيلات الروسية ضعطها الشديد على تشكيلات الجيش 6 الألماني التي تم تطويقها في ستالينغراد ، وكان الجيش 6 الألماني قد تعرض لخسائر فادحةمن جراء معارك الاشتباك القريب التي دارت في الضواحي الشمالية لمدينةستالينغراد مما اثر على معنويات رجاله، أضف إلى ذلك أن شتاء 1942ـ 1943 كان شديد البرودة وقد صادف التعرض الروسي الكبير هطول أمطار غزيزة جعلت التنقل على الطرق الموحلة متعذراً .
عندئذ أصدر هتلر أوامر مشددة للجيش 6 بوجوب الصمود حتى أخر طلقة وأخر جندي ، وأمر بتشكيل مجموعة جيوش الدون في 27 تشرين الثاني1942 من الجيش 6 المحاصر والجيش المدرع 4 وبقايا الجيشين الرومانيين 3.4 وجعلها تحت قيادة المشير اريش فون مانشتاين الذي استقدم مع جيشه (الجيش 11) من جبهة لينينغراد على عجل حيث أبدلت تسمية ذلك المقر إلى ( مقر مجموعة جيوش الدون ) التي كلفت بمهمة التعرض لكسر التطويق ولكن دون إخلاء ستالينغراد، فأقام فون مانشتاين جبهةجديدة امتدت من شمال ايلستا إلى شمال كوتلنيكوفو .
حصار الجيش السادس
(1).. حرصت القيادة السوفيتية في أول الأمر على منع عمليات كسر التطويق الألمانية سواء من ستالينغراد بخروج الجيش 6 أو الاندفاع من خارجها بتشكيلات الجيش المدرع 4 وكلفت بهذه المهمة جيش الحرس 2 بقيادة الفريق الأول مالينوفسكي والجيش 51 بقيادة الفريق الأول تروفانون ، هذا بينما كان الفريق الأول فريدريش باولوس يبذل قصارى جهوده لتنظيم دفاعات جيشه ضم منطقة ستالينغراد فاعد فيها مطارين ونظم تكديس متطلبات القتال اليومية ( العتاد والأرزاق والوقود ) واحتفظ باحتياجات محلية قوية .
(2).. لقد عرض باولوس حالة جيشه المنهك الذي تكبد خسائر فادحة على القيادة الألمانية مؤملا موافقة هتلر على سحب الجيش 6 من ستالينغراد ببرقية أرسلها ليلة 23/24 تشرين الثاني 1942 يطلب فيها السماح له بكسر التطويق والقيام بعملية خروج قبل فوات الأوان لا سيماوان عملية التطويق تضطره بطبيعة الحال إلى الدفاع من جميع الجهات أي مضاعفة طول جبهة الجيش ، كما وان الجيش تكبد في الأيام الأخيرة خسائر فادحة في الأفراد لدرجة أصبحت معها تشكيلاته ضعيفة القوة ، وقد أيده في طلبه رئيس أركان القوات البرية الفريق كورت زايتسلر خلال عرض الموقف اليومي .
(3).. تفهم هتلر موقف الجيش في أول الأمر وأبدى ميلا لقبول وجهة نظر الفريق زايتسلر فسال عن مدى إمكانية تموين الجيش 6 المحاصر عن طريق الجو فأبدى قائد القوات الجوية المشير هرمان غورنغ استعداده لتموين تشكيلات الجيش 6 جواً ، فكانت إجابته هذه وبالا على الجيش 6المحاصر ، ذلك لان متطلبات إدامته اليومية تبلغ 750 طناً وقد تعهدت القوة الجوية الألمانية بنقل نصف هذه الكمية ثم رفع قائدها المقدار المذكور إلى 500 طن في اليوم خلال مناقشات صباح 24تشرين الثاني 1942 وعندئذ أصدر هتلر قراره بوجوب صمود الجيش 6 في ستالينغراد رغم تحذيرات الفريق زايتسلر الذي اختتم مناقشاته لهتلر بقوله : " انك تريد الاحتفاظ بستالينغراد يا سيدي ولكنك ستفقد ستالينغراد والجيش 6 معاً "
(4).. لكن هتلر أكد للحضوربأنه سيبذل قصارى جهوده لتموين الجيش 6 بمتطلباته وسيعمل على إنقاذه بالوقت المناسب ، وفاته أن كل يوم بل كل ساعة تمر كانت في غير صالحه لان الروس حشدوا أقصى ما لديهم من طاقات في سبيل القضاء على الجيش 6 وتحرير ستالينغراد ، ولم يكن الجيش 6 الألماني ذو قابلية على الحركة نظراً لأنه ترك القسم الأكبر من خيوله في مراعي الشتاء الخلفية :كما أن آلياته ودروعه كانت قليلة الوقود بحيث لا يكفي وقودها لقطع مسافة 30 كم ، ومع أن عملية الخروج كانت تجبر الجيش 6 على التخلي عن معظم تجهيزاته الثقيلة ، إلا أن عملية الخروج كانت الإجراء الصائب الوحيد لإنقاذ الجيش من خطر الابادة خلال الأيام الأولى من التطويق .
(5).. أعاد الفريق الأول باولوس ترتيب تشكيلاته ضمن المنطقة المطوقة التي بلغ طولها من الشرق إلى الغرب 40 كم ومن الشمال إلى الجنوب 20 كم وكانت هذه منطقة كافية لإدارة معارك الدفاع السيار بمرونة كما كان مطار بيتومنك الكائن في وسط المنطقة محمياً من تأثيرات النيران المصوبة .
(6).. ما أن ضمن الروس تطويق الجيش 6 الألماني إلا وبذلوا جهودهم لإحباط محاولات الألمان لإنشاء جبهةجديدة محاولين إبعاد قوات المحور عن منطقة ستالينغراد قدر المستطاع إلا أن
الألمان بذلوا بدورهم قصارى جهودهم لإنشاء الجبهة الجديدة على قوس نهر الدون بين مصب نهر تشير ومدينة فيشنسكايا الواقعة على نهر الدون ، كما أن مجموعة الجيوش ب شكلت جيشاً مدرعاً مرتباً قوامه 4 فرق مدرعة وفرقة مشاة وثلاث فرق ميدان من تشكيلات القوة الجوية وجعلته بإمرة الفريق هوليدت وفي 10 كانون الأول 1942 قام الجيش المدرع 4 بمهاجمة الروس على امتداد محور زالسك ـ ستالينغراد لكن زخم الهجوم لم يصل لأكثر من 50 كم عن المنطقة المحاصرة رغم القتال الشديد الذي خاضه حتى 21 كانون الأول 1942 وهكذا لم يستطيع الجيش 6 القيام بحركة خروج ، في هذه الأثناء ظهر عجز القوة الجوية الألمانية على تلبيـة متطلبات إدامة التشكيلات المطوقة وإخلالها بالعهد الذي قطعه قائدها باستخدام الطائرات المتيسرة من طراز يونكرز 52 لتموين الجيش جواً فاضطرت إلى استخدام الطائرات المقاتلة من طراز هاينكل 111 التي تبلغ حمولتها الصافية 1و2 طن فقط وهذه الطائرات لم تستخدم لتموين الجيش 6 إلا عندما كانت غير مكلفة بمهمات القتال في الميدان ، وهكذا بلغ معدل ألأحمال المنقولة يومياً لإدامة الجيش 6 زهاء 1000 طن يومياً أي خمس الحد الأدنى من مقدار المتطلبات اليومية فاضطر قائد الجيش إلى تخفيض حصة المقاتلين من الخبز إلى 200 غرام يومياً.
(7)..حاول المشير فون مانشتاين قائد مجموعة جيوش الدون هتلر بإنقاذ الجيش 6 وإخلاء ستالينغراد وقد أيده في محاولاته رئيس أركان قيادة البرية زايتسلر لكن هتلر أصر على وجوب صمودالجيش في ستالينغراد مهما كان الثمن .
(8).. في خلال هذه الفترة كانت هناك قوة مختلطة قوامها 4000 ألماني و12000 إيطالي مطوقة شمال ميليروفو فاستطاعت الخروج عنوة في إحدى الليالي وقد اعتمدت على إسناد بضعة مدافع صولة ثم تنقلت بمسيرة على الجليد لمسافة 20 كم حتى وصلت إلى الخطوط الألمانية ولم تفقد من موجودها سوى اقل من 10% .
(9).. في 16 كانون الأول 1943 شن الروس بتشكيلات الجبهة الجنوبية الغربية وجبهة فورونيش الموجه الثانية من هجومهم الواسع على جبهة الجيش 8 الإيطالي المؤلف من 7 فرق إيطالية وفرقة ألمانية واحدة في قاطع الدون الأوسط وبعد يومين حقق الروس نفس النتيجة الباهرة التي سبق أن حققوها قبل ذلك التاريخ بثلاثة أسابيع عندما خرقوا جبهة الجيش 3 الروماني . وقد اندحر الجيش 8 الإيطالي اندحاراً شنيعاً بعد أن خرق الروس جبهته عند كالتيفا على نهر الدون وفي موضعين آخرين بدروع توغلت عميقاً في ترتيباته الدفاعية .
(10).. كان الجيش 8 الإيطالي قد استنفذ احتياطاته كلها في المعارك الأولى من ذلك الهجوم ولم تعد لديه أية احتياطات جاهزة للتغلب على المواقف الحرجة التي تعرض لها ، ولم تكن معنويات الإيطاليين ومفاهيمهم القيادية ونمط التدريب السائد لديهم لتتيح لهم إمكانية الصمود في تلك المعارك وعليه فإنهم لم يشبهوا الألمان الغزاة ولا الروس المدافعين عن وطنهم في الثبات والصبر عند الاشتباك بالخصم ، ذلك لأنهم كانوا يتعرضون في أوقات ألازمات إلى موجه رعب تجعل الجميع لا يفكر إلا بالهروب من المعركة وكانت حصيلة ذلك إصابة الفارين بخطرين هما هوان الخذلان ونيران الخصم الذي يمعن في الفتك بهم بلا مقاومة ثم يلحق بهم عار الهزيمة للأبد .
(11).. وسع الروس ثغرات الخرق التي أحدثوها في جبهة الجيش 8 الإيطالي حتى جعلوها خرقاً واسعاً واحداً بلغ اتساعه 100 كم وكان هذا كارثة أحدقت بمجموعة جيوش الدون الألمانية التي تعرضت هي الأخرى لهجمات عنيفة لإبعاد تشكيلات المحور عن ستالينغراد تمهيداً لابادة الجيش 6 وتحقيق هدف أخر هو القضاء على الجناح الجنوبي للتشكيلات الألمانية برمته بالوصول إلى روستوف وعزل القوات الألمانية الباقية في القفقاس .
(12) ..في ليلة عيد الميلاد 24/25 كانون الأول 1942 واليومين اللذين أعقباها شددت تشكيلات جبهة ستالينغراد السوفيتية هجماتها بقوات متفوقة عددياً على الجيش المدرع 4 الألماني والجيش 4 الروماني ، وفي 29 كانون الأول 1942 احتل الفيلق المدرع 7 الروسي مدينة كوتلنيكوفو وعندئذ اضطر المشير فون مانشتاين على إيقاف الهجوم الذي شرع به الجيش المدرع 4 بقصد الوصول إلى ستالينغراد وتحقيق الاتصال مع الجيش 6 لكي يرأب التصدع الذي طرا على جبهة مجموعة الجيوش وبقي الجيش المدرع 4 يقاتل ثلاثة فيالق آلية روسية في القاطع الجنوبي ، بينما كان جيش هوليدت من مجموعة الجيوش ب يقاتل ثلاثة جيوش في قاطع تسيميليا .
(13) في الفترة التالية تعرض فيلق فريتربيكو وهو فيلق مرتب قوامه فرقتين من تشكيلات مجموعة الجيوش ب وجيش هوليدت إلى هجمات روسية شديدة استمرت حتى 18 كانون الثاني 1943 فاضطر الجيشان الألمانيان إلى التراجع إلى ما وراء نهر الدون وصارت جبهتهما تمتد شمال فوروشيلوفغراد ، أما الجيش المدرع 4 فقد بقي رغم من الهجمات الروسية الشديدة صامداً ويصد تلك الهجمات شرق روستوف إلا أن الجبهة الرئيسة للقوات الألمانية أصبحت بمسافة 200 كم .
استسلام الجيش السادس
(1) ..أصبح موقف الجيش 6 ميئوساً منه في ستالينغراد بعد النجاح الذي حققه الجيش الأحمر في إبعاد الجبهة الجديدة عنه إلى هذه المسافة وتكثيف الاحتياطات لتشديد الضغط عليه بصورة منظمة وقد آمنت القيادة العليا الألمانية بان الجيش 6 لم يعد بمقدوره القيام بعملية خروج وتصورت أن بامكانها إنقاذ الجيش بتعرض جديد تشنه في ربيع 1943 لكنها لم تتمكن من إدامته في ذلك الطقس الشديد البرودة وكذلك لقلة العتاد الذي بقيت لديه منه مقادير ضئيلة ،
وكان بامكان الطائرات القيام بثلاث رحلات يومياً إلى منطقة الحصار ولكن ابتعاد الجبهة الألمانية عن ستالينغراد جعل تنقلها محدوداً بعد أن ضاعف الروس الدفاعات ضد الجو لمقاومة طائرات النقل ففقد الألمان في شهر كانون الأول 1942 وحده 246 طائرة خلال عملية نقل المعدات إلى ستالينغراد ، ومما زاد في الطين بله في هذه الفترة ظهور حاجة جبهة شمال أفريقيا لطائرات النقل عندما أوشكت مقاومة الألمان في تونس على التلاشي ،
أما قطعات الجيش 6 المحاصرة فقد بقيت تقاتل دفاعاً عن وجودها وحفاظاً على شرف سلاحها رغم اخلال هتلر بوعوده .
(2) .. في 8 كانون الثاني 1943 عرض المشير السوفيتي روكو سوفسكي على الفريق الأول باولوس ( الاستلام المشرف ) مصحوباً بالوعيد في حالة الرفض إلا أن القائد الألماني رفض الطلب وواصل القتال وفي 9 كانون الثاني 1943 تلقى باولوس نداء من برلين بترقيته إلى رتبة مشير وما لبثت أن وصلته شارات الرتبة وعصا المشير التقليدية ، وقد شرع الروس بهجومهم النهائي لتحطيم الجيش6 في ستالينغراد يوم 10 كانون الثاني 1943 بعد أن أحاطت بالمدينة سبعة جيوش سوفيتية من الجبهات الثلاثة ( جبهة ستالينغراد وجبهة الدون والجبهة الجنوبية الغربية ) ، وكان تصور الروس أن القوات الألمانية الصامدة في ستالينغراد لا تتجاوز بضعة فرق إلا أن تحرير ستالينغراد اظهر لهم حقيقة النصر الباهر الذي حازوه .
(3).. في 14كانون الثاني 1943 استولى الجيش 21 على مطار بيتومنكوهو أهم قاعدة جوية يتمون الجيش 6 عن طريقها وفي 22 كانون الثاني 1943 فقد باولوس مطار غومراك وبذا
وانقطع اتصاله الجوي مع ألمانيا تماماً ، وفي25 كانون الثاني 1943 استطاع الروس خرق دفاعات الجيش 6 في ستالينغراد وعزلوا الفيلق 11 في الشمال عن التشكيلات المحاصرة الأخرى .
(4) ..في 31 كانون الثاني 1943 استسلم القسم الأكبر من الجيش 6 للسوفيت ووقع (المشير ) باولوس وثيقة استسلام جيشه للمشيرالسوفيتي روكوسوفسكي لكن الفيلق 11 بقي يقاتل بقيادة الفريق شتريكر في أطلال الأحياء الشمالية من المدينة لتوفر مقادير ضئيلة من الأرزاق تكفيه لإدامة قواته لأيام أخرى قلائل فلما نفذت الأرزاق استسلم هو الأخر عصر يوم 2 شباط 1943 .
اسباب الهزيمة الالمانية فى ستالينجراد
* تاخر قرار هتلر فى الهجوم على الاتحاد السوفيتى لمدة اسبوعين ادى فيما بعد الى نتائج كارثية بسبب دخول فصل الشتاء القارص وتساقط الجليد الذى يعتبرة الروس الدرع الواقى لهم ضد اى عدو يحاول الهجوم عليهم فقد سبق نابليون هتلر فى الهزيمه عاى الثلوج الروسية و لم يتعلم هتلر هذا الدرس وساعد على هذا ان الازياء العسكرية الالمانية لم تكن ثقيلة بما يكفى لتوفير الدفء للجنود الالمان حتى وصل الامر ببعض الالمان الى بتر اطرافهم بسبب ما يعرف طبيا باسم (عضة البرد او الصقيع) على عكس الروس الذين خبروا الجو و القتال فى هذا الطقس.
*طول خطوط الامدادات الالمانية و صعوبة امداد قوات مقاتلة بهذا الحجم الكبيربما تحتاج الية من رجال و عتاد و كساء و غداء و مستلزمات طبية وعجز القوة الجوية الالمانية عن امداد هذة القوات بما تحتاج الية بالاضافة الى صعوبة الامداد البرى لتلك القوات و المقاومة التى يلقاها الالمان من البلاد التى يحتلونها على طول خطوط الامدادات.
*ضعف القوات الرومانية و الايطالية المعاونة للقوات الالمانية المقاتلة فى استالينجراد و هو ما سمح للروس باختراق تلك القوات و مما ادى الى اضعاف الخطوط الالمانية بسبب اضطرارها الى دعم هذة القوات مما اثر على الجيش السادس الالمانىوانهيار الروح المعنوية لدى الجنود الالمان.
* تحول نظر هتلر الى معركة العلمين و التى كانت تدور رحاها فى صحراء العلمين بالصحراء الغربية فى مصر بين الفيلد مارشال روميل قائد القوات الالمانية و القوات البريطانية بقيادة مونتجمرى حيث كان هتلر يرى ان استيلاء الالمان على مصر و قناة السويس سوف يتيح للالمان قطع اوصال الامبراطورية البريطانية كما كان يرى ان روميل يستطيع التقدم بتللك القوات عبر مصر الى الشام والعراق والاستيلاء على ايران ثم مهاجمة الاتحاد السوفيتى من الجنوب مما يضع ستالين بين السندان (الجيش 6 فى ستالينجراد ) و المطرقة (قوات روميل فى الجنوب) و الدعم الذى كان يتوقعه من القوات اليابانية بمهاجمة الاتحاد السوفيتى شرقا و هو ما دفع هتلر الى مساعة ثورة رشيد عالى الكيلانى فى العراق ضد بريطانيا و مقابلة مفتى فلسطين من اجل استمالة العرب اليه .
و من الطريف فى الامر ان المخابرات البريطانية قد كشفت فيما بعد انها كانت قد اعدت خطة لنقل السيدة ام كلثوم و محمد عبد الوهاب الى لندن لانها كانت ترى ان محطة الراديو التى يستمع اليها العرب هى المحطة التى تغنى فيها ام كلثوم و محمد عبد الوهاب مما يمكن بريطانيا من جذب اذن العرب اليها عن طريق تلك المحطة.
*الا ان الامور لم تسر كما تشتهى السفن وهزمت القوات الالمانية فى العلمين وستالينجراد وفشلت ثورة رشيد عالى الكيلانى فى العراق .
*ومن الجدير بالذكر ان القوات الالمانية بعد هزيمتها فى هاتين المعركتين الفاصلتين فى الحرب العالمية الثانية لم تقم لها قائمة مرة اخرى و استمر مسلسل الهزائم الالمانية على كافة الجبهات حتى انتحار هتلر فى 25 ابريل 1945 و استسلام المانيا فى 4 مايو1945 م .
............
تم بحمد الله
..................
معركة ستالينغراد...ملحمة القرن20
وصف منطقة العمليات.
تمتد مدينة ستالينغراد بمحاذاة الضفة اليمنى لنهر الفولغاويبلغ طولها 30 كم
ولها أهمية صناعية خاصة وتعتبر المنطقة من الأراض المنبسطة التي تكثر فيها المستنقعات والسبخات وهي امتداد للسهل الأوروبي وهي من أغنى مناطق الاتحاد السوفيتي من حيث الثروات.
قوات الطرفين
أ. الألمان . (1) الجيش 6 الألماني . (2) الجيش المدرع 4
الألماني . (3) الجيش 3 الروماني . (4) الجيش 4 الروماني .
ب.الروس شكلوا جبهة جديدة سميت ستالينغراد يوم 12 تموز 1942 وكانت مؤلفة من التشكيلات
آلاتية: (1) الجيش 28 . (2) الجيش 38 . (3) الجيش 6. (4) الجيش 63 . (5) الجيش 64 . (6) الجيش 51 . (7) الجيش 57 .
سير العمليات
. كان سير المعركة على النحو التالي
الهجوم الألماني .
بعد أن طرد الألمان القسم الأكبر من القوات الروسية المدافعة عن ستالينغراد توغلوا في مدينة ستالينغراد نفسها يوم 12 أيلول 1942 فوجدا أنفسهم يخوضون قتالاً من شارع إلى شارع ومن بيت إلى آخر وتحمل المشاة الألمان بطبيعة الحال وطأة ذلك القتال المرير متكبدين خسائر فادحة ، وفي يوم 13 أيلول 1942 وصلت قوات الجيش المدرع 4 الألماني مع بعض التشكيلات الرومانية إلى ضفة نهر الفولغا جنوب ستالينغراد إلا أنها لم تستطع رغم الهجمات المتعاقبة التي شنتها الوصول إلى المنطقة الصناعية الكائنة شمال المدينة بسبب كثرةالقوات وشدة مقاومة السوفييت.
التعرض الروسي المقابل .
دافعت عن منطقة ستالينغراد في أول الأمر الجبهة الجنوبية الغربية وقررت القيادة السوفيتية العليا تدمير الجناح
الجنوبي للقوات الألمانية بالقضاء على الجيشين 6 والمدرع4 ، وكلف المشير جوكوف والفريقان فاسيليفسي وفورونوف بمهمة تنسيق تحركات الجبهات الثلاث المذكورة ، ونقل إلى منطقة ستالينغراد أكبر حشد متيسر من احتياطات القوات
المسلحة السوفيتية بصورة مكتومة لتحقيق النصر الساحق معاً وقد جرى توقيت التعرض باعتناء بحيث يتوائم مع إنزال الحلفاء الغربيين في المغرب والجزائر.
في الساعة 7.30 من يوم 19 تشرين الثاني فتح7000 مدفع روسي نيرانه على القوات الألمانية في منطقة ستالينغراد تمهيداً للهجوم الروسي المقابل ، وتوخت قطعات الموجه الروسية الأولى المهاجمة قاطع الجيش 3 الروماني وأحدثت خرقينواسعين في جبهتي فيلقيه4.2 عند راسي الجسرين في كليتسايا وبولشوي على نهر الدون ، وعندئذ تجمعت تشكيلات الفرقتين 6.5 وأجزاء من الفرقتين الرومانية بإمرة الفريق لاسكار وأخذت تقاوم الهجمات الروسية من موضع مدافع عنه من جميع الجهات ، فزجت مجموعة الجيوش ب الألمانية احتياطها المؤلف من الفيلق المدرع 48 بقيادة الفريق هايم لإزالة الخرق الروسي إلا أن الفيلق المذكور لم يتمكن مـن إحباط الهجمات الروسية لعدم كفاية قواته الضعيفةامام الهجمات الشديدة المتعاقبة .
في 20 تشرين الثاني 1942 شرع الروس بالموجه الثانية من التعرض المقابل الواسع فشن الجيش 51 هجوماً عنيفاً على مواضع الفيلق 6 الروماني ( ضمن قاطع الجيش المدرع 4 الألماني ) وتمكن من خرق جبهة خلال ثلاث ساعات فقط ، كما هاجم الروس الفرقة 20 الرومانية ( ضمن قاطع الفيلق 4 الألماني ) فانهزم الرومان شر هزيمة مما تسبب في خرق مواضع الجيش المدرع 4 إلى قاطعين منفصلين . وقد أدى هذا الخرق إلى انهيار دفاعات الفيلق 6 الروماني فادى ذلك إلى انفساح المجال لاندفاع القوات الروسية وراء الجيش 6 الألماني من جهة الجنوب .
في 22 تشرين الثاني 1942 استولى الفيلقان المدرعان 4.26 الروسيان من الجبهة الجنوبية الغربية في صولة سريعة على جسر الدون قرب كالاتش وفي عصر 23 تشرين الثاني 1942 التقت ارتالها الأمامية القادمة من الشمال الغربي بالفليق الآلي 4 الروسي من تشكيلات جبهة ستالينغراد والقادم من
الجنوبي الشرقي عند سوفيتسكي فحقق الروس بذلك الاتصال تطويق الجيش 6 الألماني الذي لم يقدر لـه الفكاك منه قط .
أدركت قيادة مجموعة الجيوش الألمانية بان تطويق الجيش 6 وخرق مواضيع الجيشين الرومانيين يتطلب منها جبهة جديدة إلى الغرب وكذلك تغيير عناصر قيادة التشكيلات الرومانية فتم نقل العقيد الركن الألماني فينك من منصب رئيس أركان الفيلق المدرع 57 إلى منصب رئيس اركان الفيلق 3 الروماني وصدرت الاوامر للجيش 3 الروماني بمنعه من القيام بأية حركة انسحاب ،
واستقر الموقف نسبياً في قاطع مجموعة الجيوش ب الألمانية بعد أن ركزت التشكيلات الروسية ضعطها الشديد على تشكيلات الجيش 6 الألماني التي تم تطويقها في ستالينغراد ، وكان الجيش 6 الألماني قد تعرض لخسائر فادحةمن جراء معارك الاشتباك القريب التي دارت في الضواحي الشمالية لمدينةستالينغراد مما اثر على معنويات رجاله، أضف إلى ذلك أن شتاء 1942ـ 1943 كان شديد البرودة وقد صادف التعرض الروسي الكبير هطول أمطار غزيزة جعلت التنقل على الطرق الموحلة متعذراً .
عندئذ أصدر هتلر أوامر مشددة للجيش 6 بوجوب الصمود حتى أخر طلقة وأخر جندي ، وأمر بتشكيل مجموعة جيوش الدون في 27 تشرين الثاني1942 من الجيش 6 المحاصر والجيش المدرع 4 وبقايا الجيشين الرومانيين 3.4 وجعلها تحت قيادة المشير اريش فون مانشتاين الذي استقدم مع جيشه (الجيش 11) من جبهة لينينغراد على عجل حيث أبدلت تسمية ذلك المقر إلى ( مقر مجموعة جيوش الدون ) التي كلفت بمهمة التعرض لكسر التطويق ولكن دون إخلاء ستالينغراد، فأقام فون مانشتاين جبهةجديدة امتدت من شمال ايلستا إلى شمال كوتلنيكوفو .
حصار الجيش السادس
(1).. حرصت القيادة السوفيتية في أول الأمر على منع عمليات كسر التطويق الألمانية سواء من ستالينغراد بخروج الجيش 6 أو الاندفاع من خارجها بتشكيلات الجيش المدرع 4 وكلفت بهذه المهمة جيش الحرس 2 بقيادة الفريق الأول مالينوفسكي والجيش 51 بقيادة الفريق الأول تروفانون ، هذا بينما كان الفريق الأول فريدريش باولوس يبذل قصارى جهوده لتنظيم دفاعات جيشه ضم منطقة ستالينغراد فاعد فيها مطارين ونظم تكديس متطلبات القتال اليومية ( العتاد والأرزاق والوقود ) واحتفظ باحتياجات محلية قوية .
(2).. لقد عرض باولوس حالة جيشه المنهك الذي تكبد خسائر فادحة على القيادة الألمانية مؤملا موافقة هتلر على سحب الجيش 6 من ستالينغراد ببرقية أرسلها ليلة 23/24 تشرين الثاني 1942 يطلب فيها السماح له بكسر التطويق والقيام بعملية خروج قبل فوات الأوان لا سيماوان عملية التطويق تضطره بطبيعة الحال إلى الدفاع من جميع الجهات أي مضاعفة طول جبهة الجيش ، كما وان الجيش تكبد في الأيام الأخيرة خسائر فادحة في الأفراد لدرجة أصبحت معها تشكيلاته ضعيفة القوة ، وقد أيده في طلبه رئيس أركان القوات البرية الفريق كورت زايتسلر خلال عرض الموقف اليومي .
(3).. تفهم هتلر موقف الجيش في أول الأمر وأبدى ميلا لقبول وجهة نظر الفريق زايتسلر فسال عن مدى إمكانية تموين الجيش 6 المحاصر عن طريق الجو فأبدى قائد القوات الجوية المشير هرمان غورنغ استعداده لتموين تشكيلات الجيش 6 جواً ، فكانت إجابته هذه وبالا على الجيش 6المحاصر ، ذلك لان متطلبات إدامته اليومية تبلغ 750 طناً وقد تعهدت القوة الجوية الألمانية بنقل نصف هذه الكمية ثم رفع قائدها المقدار المذكور إلى 500 طن في اليوم خلال مناقشات صباح 24تشرين الثاني 1942 وعندئذ أصدر هتلر قراره بوجوب صمود الجيش 6 في ستالينغراد رغم تحذيرات الفريق زايتسلر الذي اختتم مناقشاته لهتلر بقوله : " انك تريد الاحتفاظ بستالينغراد يا سيدي ولكنك ستفقد ستالينغراد والجيش 6 معاً "
(4).. لكن هتلر أكد للحضوربأنه سيبذل قصارى جهوده لتموين الجيش 6 بمتطلباته وسيعمل على إنقاذه بالوقت المناسب ، وفاته أن كل يوم بل كل ساعة تمر كانت في غير صالحه لان الروس حشدوا أقصى ما لديهم من طاقات في سبيل القضاء على الجيش 6 وتحرير ستالينغراد ، ولم يكن الجيش 6 الألماني ذو قابلية على الحركة نظراً لأنه ترك القسم الأكبر من خيوله في مراعي الشتاء الخلفية :كما أن آلياته ودروعه كانت قليلة الوقود بحيث لا يكفي وقودها لقطع مسافة 30 كم ، ومع أن عملية الخروج كانت تجبر الجيش 6 على التخلي عن معظم تجهيزاته الثقيلة ، إلا أن عملية الخروج كانت الإجراء الصائب الوحيد لإنقاذ الجيش من خطر الابادة خلال الأيام الأولى من التطويق .
(5).. أعاد الفريق الأول باولوس ترتيب تشكيلاته ضمن المنطقة المطوقة التي بلغ طولها من الشرق إلى الغرب 40 كم ومن الشمال إلى الجنوب 20 كم وكانت هذه منطقة كافية لإدارة معارك الدفاع السيار بمرونة كما كان مطار بيتومنك الكائن في وسط المنطقة محمياً من تأثيرات النيران المصوبة .
(6).. ما أن ضمن الروس تطويق الجيش 6 الألماني إلا وبذلوا جهودهم لإحباط محاولات الألمان لإنشاء جبهةجديدة محاولين إبعاد قوات المحور عن منطقة ستالينغراد قدر المستطاع إلا أن
الألمان بذلوا بدورهم قصارى جهودهم لإنشاء الجبهة الجديدة على قوس نهر الدون بين مصب نهر تشير ومدينة فيشنسكايا الواقعة على نهر الدون ، كما أن مجموعة الجيوش ب شكلت جيشاً مدرعاً مرتباً قوامه 4 فرق مدرعة وفرقة مشاة وثلاث فرق ميدان من تشكيلات القوة الجوية وجعلته بإمرة الفريق هوليدت وفي 10 كانون الأول 1942 قام الجيش المدرع 4 بمهاجمة الروس على امتداد محور زالسك ـ ستالينغراد لكن زخم الهجوم لم يصل لأكثر من 50 كم عن المنطقة المحاصرة رغم القتال الشديد الذي خاضه حتى 21 كانون الأول 1942 وهكذا لم يستطيع الجيش 6 القيام بحركة خروج ، في هذه الأثناء ظهر عجز القوة الجوية الألمانية على تلبيـة متطلبات إدامة التشكيلات المطوقة وإخلالها بالعهد الذي قطعه قائدها باستخدام الطائرات المتيسرة من طراز يونكرز 52 لتموين الجيش جواً فاضطرت إلى استخدام الطائرات المقاتلة من طراز هاينكل 111 التي تبلغ حمولتها الصافية 1و2 طن فقط وهذه الطائرات لم تستخدم لتموين الجيش 6 إلا عندما كانت غير مكلفة بمهمات القتال في الميدان ، وهكذا بلغ معدل ألأحمال المنقولة يومياً لإدامة الجيش 6 زهاء 1000 طن يومياً أي خمس الحد الأدنى من مقدار المتطلبات اليومية فاضطر قائد الجيش إلى تخفيض حصة المقاتلين من الخبز إلى 200 غرام يومياً.
(7)..حاول المشير فون مانشتاين قائد مجموعة جيوش الدون هتلر بإنقاذ الجيش 6 وإخلاء ستالينغراد وقد أيده في محاولاته رئيس أركان قيادة البرية زايتسلر لكن هتلر أصر على وجوب صمودالجيش في ستالينغراد مهما كان الثمن .
(8).. في خلال هذه الفترة كانت هناك قوة مختلطة قوامها 4000 ألماني و12000 إيطالي مطوقة شمال ميليروفو فاستطاعت الخروج عنوة في إحدى الليالي وقد اعتمدت على إسناد بضعة مدافع صولة ثم تنقلت بمسيرة على الجليد لمسافة 20 كم حتى وصلت إلى الخطوط الألمانية ولم تفقد من موجودها سوى اقل من 10% .
(9).. في 16 كانون الأول 1943 شن الروس بتشكيلات الجبهة الجنوبية الغربية وجبهة فورونيش الموجه الثانية من هجومهم الواسع على جبهة الجيش 8 الإيطالي المؤلف من 7 فرق إيطالية وفرقة ألمانية واحدة في قاطع الدون الأوسط وبعد يومين حقق الروس نفس النتيجة الباهرة التي سبق أن حققوها قبل ذلك التاريخ بثلاثة أسابيع عندما خرقوا جبهة الجيش 3 الروماني . وقد اندحر الجيش 8 الإيطالي اندحاراً شنيعاً بعد أن خرق الروس جبهته عند كالتيفا على نهر الدون وفي موضعين آخرين بدروع توغلت عميقاً في ترتيباته الدفاعية .
(10).. كان الجيش 8 الإيطالي قد استنفذ احتياطاته كلها في المعارك الأولى من ذلك الهجوم ولم تعد لديه أية احتياطات جاهزة للتغلب على المواقف الحرجة التي تعرض لها ، ولم تكن معنويات الإيطاليين ومفاهيمهم القيادية ونمط التدريب السائد لديهم لتتيح لهم إمكانية الصمود في تلك المعارك وعليه فإنهم لم يشبهوا الألمان الغزاة ولا الروس المدافعين عن وطنهم في الثبات والصبر عند الاشتباك بالخصم ، ذلك لأنهم كانوا يتعرضون في أوقات ألازمات إلى موجه رعب تجعل الجميع لا يفكر إلا بالهروب من المعركة وكانت حصيلة ذلك إصابة الفارين بخطرين هما هوان الخذلان ونيران الخصم الذي يمعن في الفتك بهم بلا مقاومة ثم يلحق بهم عار الهزيمة للأبد .
(11).. وسع الروس ثغرات الخرق التي أحدثوها في جبهة الجيش 8 الإيطالي حتى جعلوها خرقاً واسعاً واحداً بلغ اتساعه 100 كم وكان هذا كارثة أحدقت بمجموعة جيوش الدون الألمانية التي تعرضت هي الأخرى لهجمات عنيفة لإبعاد تشكيلات المحور عن ستالينغراد تمهيداً لابادة الجيش 6 وتحقيق هدف أخر هو القضاء على الجناح الجنوبي للتشكيلات الألمانية برمته بالوصول إلى روستوف وعزل القوات الألمانية الباقية في القفقاس .
(12) ..في ليلة عيد الميلاد 24/25 كانون الأول 1942 واليومين اللذين أعقباها شددت تشكيلات جبهة ستالينغراد السوفيتية هجماتها بقوات متفوقة عددياً على الجيش المدرع 4 الألماني والجيش 4 الروماني ، وفي 29 كانون الأول 1942 احتل الفيلق المدرع 7 الروسي مدينة كوتلنيكوفو وعندئذ اضطر المشير فون مانشتاين على إيقاف الهجوم الذي شرع به الجيش المدرع 4 بقصد الوصول إلى ستالينغراد وتحقيق الاتصال مع الجيش 6 لكي يرأب التصدع الذي طرا على جبهة مجموعة الجيوش وبقي الجيش المدرع 4 يقاتل ثلاثة فيالق آلية روسية في القاطع الجنوبي ، بينما كان جيش هوليدت من مجموعة الجيوش ب يقاتل ثلاثة جيوش في قاطع تسيميليا .
(13) في الفترة التالية تعرض فيلق فريتربيكو وهو فيلق مرتب قوامه فرقتين من تشكيلات مجموعة الجيوش ب وجيش هوليدت إلى هجمات روسية شديدة استمرت حتى 18 كانون الثاني 1943 فاضطر الجيشان الألمانيان إلى التراجع إلى ما وراء نهر الدون وصارت جبهتهما تمتد شمال فوروشيلوفغراد ، أما الجيش المدرع 4 فقد بقي رغم من الهجمات الروسية الشديدة صامداً ويصد تلك الهجمات شرق روستوف إلا أن الجبهة الرئيسة للقوات الألمانية أصبحت بمسافة 200 كم .
استسلام الجيش السادس
(1) ..أصبح موقف الجيش 6 ميئوساً منه في ستالينغراد بعد النجاح الذي حققه الجيش الأحمر في إبعاد الجبهة الجديدة عنه إلى هذه المسافة وتكثيف الاحتياطات لتشديد الضغط عليه بصورة منظمة وقد آمنت القيادة العليا الألمانية بان الجيش 6 لم يعد بمقدوره القيام بعملية خروج وتصورت أن بامكانها إنقاذ الجيش بتعرض جديد تشنه في ربيع 1943 لكنها لم تتمكن من إدامته في ذلك الطقس الشديد البرودة وكذلك لقلة العتاد الذي بقيت لديه منه مقادير ضئيلة ،
وكان بامكان الطائرات القيام بثلاث رحلات يومياً إلى منطقة الحصار ولكن ابتعاد الجبهة الألمانية عن ستالينغراد جعل تنقلها محدوداً بعد أن ضاعف الروس الدفاعات ضد الجو لمقاومة طائرات النقل ففقد الألمان في شهر كانون الأول 1942 وحده 246 طائرة خلال عملية نقل المعدات إلى ستالينغراد ، ومما زاد في الطين بله في هذه الفترة ظهور حاجة جبهة شمال أفريقيا لطائرات النقل عندما أوشكت مقاومة الألمان في تونس على التلاشي ،
أما قطعات الجيش 6 المحاصرة فقد بقيت تقاتل دفاعاً عن وجودها وحفاظاً على شرف سلاحها رغم اخلال هتلر بوعوده .
(2) .. في 8 كانون الثاني 1943 عرض المشير السوفيتي روكو سوفسكي على الفريق الأول باولوس ( الاستلام المشرف ) مصحوباً بالوعيد في حالة الرفض إلا أن القائد الألماني رفض الطلب وواصل القتال وفي 9 كانون الثاني 1943 تلقى باولوس نداء من برلين بترقيته إلى رتبة مشير وما لبثت أن وصلته شارات الرتبة وعصا المشير التقليدية ، وقد شرع الروس بهجومهم النهائي لتحطيم الجيش6 في ستالينغراد يوم 10 كانون الثاني 1943 بعد أن أحاطت بالمدينة سبعة جيوش سوفيتية من الجبهات الثلاثة ( جبهة ستالينغراد وجبهة الدون والجبهة الجنوبية الغربية ) ، وكان تصور الروس أن القوات الألمانية الصامدة في ستالينغراد لا تتجاوز بضعة فرق إلا أن تحرير ستالينغراد اظهر لهم حقيقة النصر الباهر الذي حازوه .
(3).. في 14كانون الثاني 1943 استولى الجيش 21 على مطار بيتومنكوهو أهم قاعدة جوية يتمون الجيش 6 عن طريقها وفي 22 كانون الثاني 1943 فقد باولوس مطار غومراك وبذا
وانقطع اتصاله الجوي مع ألمانيا تماماً ، وفي25 كانون الثاني 1943 استطاع الروس خرق دفاعات الجيش 6 في ستالينغراد وعزلوا الفيلق 11 في الشمال عن التشكيلات المحاصرة الأخرى .
(4) ..في 31 كانون الثاني 1943 استسلم القسم الأكبر من الجيش 6 للسوفيت ووقع (المشير ) باولوس وثيقة استسلام جيشه للمشيرالسوفيتي روكوسوفسكي لكن الفيلق 11 بقي يقاتل بقيادة الفريق شتريكر في أطلال الأحياء الشمالية من المدينة لتوفر مقادير ضئيلة من الأرزاق تكفيه لإدامة قواته لأيام أخرى قلائل فلما نفذت الأرزاق استسلم هو الأخر عصر يوم 2 شباط 1943 .
اسباب الهزيمة الالمانية فى ستالينجراد
* تاخر قرار هتلر فى الهجوم على الاتحاد السوفيتى لمدة اسبوعين ادى فيما بعد الى نتائج كارثية بسبب دخول فصل الشتاء القارص وتساقط الجليد الذى يعتبرة الروس الدرع الواقى لهم ضد اى عدو يحاول الهجوم عليهم فقد سبق نابليون هتلر فى الهزيمه عاى الثلوج الروسية و لم يتعلم هتلر هذا الدرس وساعد على هذا ان الازياء العسكرية الالمانية لم تكن ثقيلة بما يكفى لتوفير الدفء للجنود الالمان حتى وصل الامر ببعض الالمان الى بتر اطرافهم بسبب ما يعرف طبيا باسم (عضة البرد او الصقيع) على عكس الروس الذين خبروا الجو و القتال فى هذا الطقس.
*طول خطوط الامدادات الالمانية و صعوبة امداد قوات مقاتلة بهذا الحجم الكبيربما تحتاج الية من رجال و عتاد و كساء و غداء و مستلزمات طبية وعجز القوة الجوية الالمانية عن امداد هذة القوات بما تحتاج الية بالاضافة الى صعوبة الامداد البرى لتلك القوات و المقاومة التى يلقاها الالمان من البلاد التى يحتلونها على طول خطوط الامدادات.
*ضعف القوات الرومانية و الايطالية المعاونة للقوات الالمانية المقاتلة فى استالينجراد و هو ما سمح للروس باختراق تلك القوات و مما ادى الى اضعاف الخطوط الالمانية بسبب اضطرارها الى دعم هذة القوات مما اثر على الجيش السادس الالمانىوانهيار الروح المعنوية لدى الجنود الالمان.
* تحول نظر هتلر الى معركة العلمين و التى كانت تدور رحاها فى صحراء العلمين بالصحراء الغربية فى مصر بين الفيلد مارشال روميل قائد القوات الالمانية و القوات البريطانية بقيادة مونتجمرى حيث كان هتلر يرى ان استيلاء الالمان على مصر و قناة السويس سوف يتيح للالمان قطع اوصال الامبراطورية البريطانية كما كان يرى ان روميل يستطيع التقدم بتللك القوات عبر مصر الى الشام والعراق والاستيلاء على ايران ثم مهاجمة الاتحاد السوفيتى من الجنوب مما يضع ستالين بين السندان (الجيش 6 فى ستالينجراد ) و المطرقة (قوات روميل فى الجنوب) و الدعم الذى كان يتوقعه من القوات اليابانية بمهاجمة الاتحاد السوفيتى شرقا و هو ما دفع هتلر الى مساعة ثورة رشيد عالى الكيلانى فى العراق ضد بريطانيا و مقابلة مفتى فلسطين من اجل استمالة العرب اليه .
و من الطريف فى الامر ان المخابرات البريطانية قد كشفت فيما بعد انها كانت قد اعدت خطة لنقل السيدة ام كلثوم و محمد عبد الوهاب الى لندن لانها كانت ترى ان محطة الراديو التى يستمع اليها العرب هى المحطة التى تغنى فيها ام كلثوم و محمد عبد الوهاب مما يمكن بريطانيا من جذب اذن العرب اليها عن طريق تلك المحطة.
*الا ان الامور لم تسر كما تشتهى السفن وهزمت القوات الالمانية فى العلمين وستالينجراد وفشلت ثورة رشيد عالى الكيلانى فى العراق .
*ومن الجدير بالذكر ان القوات الالمانية بعد هزيمتها فى هاتين المعركتين الفاصلتين فى الحرب العالمية الثانية لم تقم لها قائمة مرة اخرى و استمر مسلسل الهزائم الالمانية على كافة الجبهات حتى انتحار هتلر فى 25 ابريل 1945 و استسلام المانيا فى 4 مايو1945 م .
............
تم بحمد الله