التحديات الراهنة والأمن القومي العربي / بقلم: واصف عريقات خبير ومحلل عسكري
لا ينكر أحد بما فيهم الإسرائيليون بأنهم أجبروا على تغيير عقيدتهم العسكرية التي بنيت على فرضيات باتت من فعل الماضي، فالنصر السريع الذي حققوه عام 1967 على الجيوش العربية (التي كانت تفوقهم عددا وعدة في غياب خطة للدفاع العربي المشترك)، جاء مفاجئا لهم وشكل حالة من الوهم اسمها الجيش الذي لا يقهر وهو الذي سيحقق إسرائيل الكبرى، ولم يقتصر ذلك على الإسرائيليين وحدهم بل امتد ليشمل الأمريكان والأوروبيين الذين تحالفوا معهم، حيث كانت هذه العقيدة مبنية على التفوق الإسرائيلي على الجيوش العربية مجتمعة وبمعدل 2,1- 8 ,2 لإسرائيل مقابل ا للعرب ( بحسب دراسة أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب"يائير أيفرون")،وبأن القوة العسكرية العربية مجتمعة تشكل تهديدا لأمنها، لذلك يجب منع قيام أي تحالف عربي، وإقناع الدول العربية بعدم قدرتها على تدمير إسرائيل ومنع العرب من امتلاك السلاح النووي، وتدمير الجيوش العربية فوق أراضيها بحروب استباقية وخاطفة معتمدة على ذراعها الطويلة ( سلاح الجو والقاذفات الإستراتيجية والصواريخ البالستية )، وتقصير أمد الحرب للتخفيف من معاناة الجبهة الداخلية، ووجوب مواجهة دولة عربية واحدة فقط في كل مرة (فرق تسد )، (لذلك خططت إسرائيل لحرب 1967 منذ حدوث الانفصال عام 1962 )، وعدم السماح بعقد مؤتمر سلام دولي لأنه قد يجرها لمواقف لا تستطيع التهرب منها، ما لبثت هذه العقيدة أن ارتدت عليهم وأصبحت شوكة في حلوقهم أمام صمود شعوب المنطقة ومقاومتها، وخاصة في فلسطين ولبنان، بدأت هذه العقيدة بالتلاشي وفقدان مرتكزاتها الواحدة تلو الأخرى (ما عدا فرق تسد )، وذلك منذ معركة الكرامة عام 1968 ، مرورا بحرب تشرين عام 1973 ، واجتياح الليطاني عام 1978 ، وحصار بيروت عام 1982 والصمود فيها 88 يوم، ثم إجبارهم على الانسحاب عام 2000 من الجنوب اللبناني، وعام 2005 من قطاع غزة، وخسارتهم الحرب عام 2006 ، ونتيجة لذلك فقد تخلوا عن فكرة إسرائيل الكبرى، ومن سمع تصريحات قياداتهم العسكرية والسياسية الأخيرة وعلى ضوء تقارير لجان التحقيق لنتائج الحروب السابقة وآخرها لجنة فينوغراد التي أظهرت الإخفاقات المتتالية لأداء الجيش الإسرائيلي والتي أدت لتلاشي المرتكزات في عقيدتهم العسكرية، يدرك حجم التغيير المذكور، ويتجلى ذلك بوضوح أكبر في التصريحات التي تقول بأن الحرب القادمة ستشمل العمق الداخلي، لذلك أخذوا يركزون على تحصين جبهتهم الداخلية، وإجراء التعديلات اللازمة .
"فرق تسد" هذا السلاح الأمضى الذي اعتمد عليه الإسرائيليون في كل حروبهم ضد العرب ، وهو العنصر الأساسي في الحفاظ على وجودهم، وهو سر هزيمة العرب لأنه المعطل للوصول بهم لأي وفاق أو اتفاق، ولا يمكن لهم النهوض ومواجهة التحديات إلا إذا انتصروا على أنفسهم وأعادوا حساباتهم وقرروا القضاء على هذا العنصر، معلوم أنه ليس من السهل تحقيق ذلك ، ومعروف أيضا أن لكل دولة عربية خصوصية، وإمكانيات، وتطلعات، وعقود طويلة من نسج العلاقات الثنائية أو أكثر، ولا يمكن لأحد منهم أن يزعم بأن بلده في منأى عن استخدامها كمجال حيوي في مقارعة الدول الأخرى خدمة لمصالحهم، وبالتالي سيكونوا جزءا من الأحداث والصراعات، التي تؤدي إلى الانقسامات، وعندما تتوحد الدول الأخرى تبقى الانقسامات العربية، هذه الانقسامات ترفضها الشعوب لأنها لم تجلب الخير لهم، ولكن....... ألم تكن الدول الأوروبية كذلك...؟؟؟ >
ألم تكن مثل هذه العوامل موجودة عندهم، ألم يحاربوا بعضهم بعضا...؟؟؟ ، ومع ذلك تغلبوا عليها وشكلوا وحدة دون المساس بخصوصية كل منهم، بل على العكس كبر الصغير منهم، وقوي الضعيف، والفقير أخذ يتطلع للقضاء على فقره عبر هذا الاتحاد، وانتعش اقتصادهم، وتمكن اليورو من منافسة الدولار، بل وتفوق عليه، وانتقلوا من مرحلة التابع الضعيف إلى مرحلة القوي بوحدته وله موقف وقرار، ويكفي أنك تسمعهم يقولون نحن في دولة واحدة وستتبعنا بقية القارات .
لدى العرب مقومات للوحدة أكثر من الأوروبيين، وعندهم من عناصر الجمع أكثر من عناصر الفرقة، وهم أغنياء بتراثهم وتاريخهم وحضارتهم وثقافتهم ومواردهم، ومن الضرورة بمكان استغلال عناصر الوحدة والجمع ، واتخاذ القرارات اللازمة وصولا لإستراتيجية عربية مدعمة بموقف شعبي وديمقراطي، ومن المفيد إخضاع تجارب مشاريع الوحدة السابقة للتقييم والاستفادة من ايجابياتها( مصر واليمن ،مصر وسوريا، وحدة المغرب، الخليج)، أول قرار مطلوب هو اعتماد العرب على قواهم الذاتية ، وتنمية القدرات، وعدم الاستقواء بالأجنبي، وتعزيز الإحساس القومي كأمة لها حقوقها المشروعة كسائر الأمم، ورفض استغلال الآخرين لهم، أو الدخول في حساباتهم، والابتعاد عن التجاذبات الدولية، عندها يمكن الحديث عن أمن قومي عربي وعقيدة عسكرية في سياق سياسي واضح، الأمن القومي الذي يرتكز إلى مناعة أمنية واقتصادية ومعنوية، ومناعة الحكم الديمقراطي ومن ضمنها إصلاح وتفعيل سلطة القانون وأخيرا وهي الأهم المناعة الاجتماعية لمحاربة الفقر وسلبيات المجتمع (تعزيز الجبهة الداخلية)، وعقيدة عسكرية مبنية على إقناع النفس برفض الهزيمة والقدرة على الانتصار، وأن عدوهم واحد، (الاحتلال الإسرائيلي ومن يسانده)، وصديقهم (من يقف مع قضايا الأمة ويساندها )، فلم يعد مقبولا أن يبقى الوضع العربي كما هو عليه الآن، خاصة في ظل التحديات الراهنة والمتغيرات الدولية وما استجد على موازين القوى، ورفض الاستئثار المطلق وحكم القطب الواحد، إنها الفرصة للانتصار على الذات، والالتفات للمصلحة العربية، وتشكيل اتحاد عربي، وأمن قومي عربي، ومنتج عربي مفضل على غيره، عندها سيحسب للعرب ألف حساب ، وسيد خلوا دائرة الفعل والقرار.
رب قائل يقول هذا مستحيل، ولكنها الأمانة ننقلها من جيل إلى جيل...!!!!
لا ينكر أحد بما فيهم الإسرائيليون بأنهم أجبروا على تغيير عقيدتهم العسكرية التي بنيت على فرضيات باتت من فعل الماضي، فالنصر السريع الذي حققوه عام 1967 على الجيوش العربية (التي كانت تفوقهم عددا وعدة في غياب خطة للدفاع العربي المشترك)، جاء مفاجئا لهم وشكل حالة من الوهم اسمها الجيش الذي لا يقهر وهو الذي سيحقق إسرائيل الكبرى، ولم يقتصر ذلك على الإسرائيليين وحدهم بل امتد ليشمل الأمريكان والأوروبيين الذين تحالفوا معهم، حيث كانت هذه العقيدة مبنية على التفوق الإسرائيلي على الجيوش العربية مجتمعة وبمعدل 2,1- 8 ,2 لإسرائيل مقابل ا للعرب ( بحسب دراسة أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب"يائير أيفرون")،وبأن القوة العسكرية العربية مجتمعة تشكل تهديدا لأمنها، لذلك يجب منع قيام أي تحالف عربي، وإقناع الدول العربية بعدم قدرتها على تدمير إسرائيل ومنع العرب من امتلاك السلاح النووي، وتدمير الجيوش العربية فوق أراضيها بحروب استباقية وخاطفة معتمدة على ذراعها الطويلة ( سلاح الجو والقاذفات الإستراتيجية والصواريخ البالستية )، وتقصير أمد الحرب للتخفيف من معاناة الجبهة الداخلية، ووجوب مواجهة دولة عربية واحدة فقط في كل مرة (فرق تسد )، (لذلك خططت إسرائيل لحرب 1967 منذ حدوث الانفصال عام 1962 )، وعدم السماح بعقد مؤتمر سلام دولي لأنه قد يجرها لمواقف لا تستطيع التهرب منها، ما لبثت هذه العقيدة أن ارتدت عليهم وأصبحت شوكة في حلوقهم أمام صمود شعوب المنطقة ومقاومتها، وخاصة في فلسطين ولبنان، بدأت هذه العقيدة بالتلاشي وفقدان مرتكزاتها الواحدة تلو الأخرى (ما عدا فرق تسد )، وذلك منذ معركة الكرامة عام 1968 ، مرورا بحرب تشرين عام 1973 ، واجتياح الليطاني عام 1978 ، وحصار بيروت عام 1982 والصمود فيها 88 يوم، ثم إجبارهم على الانسحاب عام 2000 من الجنوب اللبناني، وعام 2005 من قطاع غزة، وخسارتهم الحرب عام 2006 ، ونتيجة لذلك فقد تخلوا عن فكرة إسرائيل الكبرى، ومن سمع تصريحات قياداتهم العسكرية والسياسية الأخيرة وعلى ضوء تقارير لجان التحقيق لنتائج الحروب السابقة وآخرها لجنة فينوغراد التي أظهرت الإخفاقات المتتالية لأداء الجيش الإسرائيلي والتي أدت لتلاشي المرتكزات في عقيدتهم العسكرية، يدرك حجم التغيير المذكور، ويتجلى ذلك بوضوح أكبر في التصريحات التي تقول بأن الحرب القادمة ستشمل العمق الداخلي، لذلك أخذوا يركزون على تحصين جبهتهم الداخلية، وإجراء التعديلات اللازمة .
"فرق تسد" هذا السلاح الأمضى الذي اعتمد عليه الإسرائيليون في كل حروبهم ضد العرب ، وهو العنصر الأساسي في الحفاظ على وجودهم، وهو سر هزيمة العرب لأنه المعطل للوصول بهم لأي وفاق أو اتفاق، ولا يمكن لهم النهوض ومواجهة التحديات إلا إذا انتصروا على أنفسهم وأعادوا حساباتهم وقرروا القضاء على هذا العنصر، معلوم أنه ليس من السهل تحقيق ذلك ، ومعروف أيضا أن لكل دولة عربية خصوصية، وإمكانيات، وتطلعات، وعقود طويلة من نسج العلاقات الثنائية أو أكثر، ولا يمكن لأحد منهم أن يزعم بأن بلده في منأى عن استخدامها كمجال حيوي في مقارعة الدول الأخرى خدمة لمصالحهم، وبالتالي سيكونوا جزءا من الأحداث والصراعات، التي تؤدي إلى الانقسامات، وعندما تتوحد الدول الأخرى تبقى الانقسامات العربية، هذه الانقسامات ترفضها الشعوب لأنها لم تجلب الخير لهم، ولكن....... ألم تكن الدول الأوروبية كذلك...؟؟؟ >
ألم تكن مثل هذه العوامل موجودة عندهم، ألم يحاربوا بعضهم بعضا...؟؟؟ ، ومع ذلك تغلبوا عليها وشكلوا وحدة دون المساس بخصوصية كل منهم، بل على العكس كبر الصغير منهم، وقوي الضعيف، والفقير أخذ يتطلع للقضاء على فقره عبر هذا الاتحاد، وانتعش اقتصادهم، وتمكن اليورو من منافسة الدولار، بل وتفوق عليه، وانتقلوا من مرحلة التابع الضعيف إلى مرحلة القوي بوحدته وله موقف وقرار، ويكفي أنك تسمعهم يقولون نحن في دولة واحدة وستتبعنا بقية القارات .
لدى العرب مقومات للوحدة أكثر من الأوروبيين، وعندهم من عناصر الجمع أكثر من عناصر الفرقة، وهم أغنياء بتراثهم وتاريخهم وحضارتهم وثقافتهم ومواردهم، ومن الضرورة بمكان استغلال عناصر الوحدة والجمع ، واتخاذ القرارات اللازمة وصولا لإستراتيجية عربية مدعمة بموقف شعبي وديمقراطي، ومن المفيد إخضاع تجارب مشاريع الوحدة السابقة للتقييم والاستفادة من ايجابياتها( مصر واليمن ،مصر وسوريا، وحدة المغرب، الخليج)، أول قرار مطلوب هو اعتماد العرب على قواهم الذاتية ، وتنمية القدرات، وعدم الاستقواء بالأجنبي، وتعزيز الإحساس القومي كأمة لها حقوقها المشروعة كسائر الأمم، ورفض استغلال الآخرين لهم، أو الدخول في حساباتهم، والابتعاد عن التجاذبات الدولية، عندها يمكن الحديث عن أمن قومي عربي وعقيدة عسكرية في سياق سياسي واضح، الأمن القومي الذي يرتكز إلى مناعة أمنية واقتصادية ومعنوية، ومناعة الحكم الديمقراطي ومن ضمنها إصلاح وتفعيل سلطة القانون وأخيرا وهي الأهم المناعة الاجتماعية لمحاربة الفقر وسلبيات المجتمع (تعزيز الجبهة الداخلية)، وعقيدة عسكرية مبنية على إقناع النفس برفض الهزيمة والقدرة على الانتصار، وأن عدوهم واحد، (الاحتلال الإسرائيلي ومن يسانده)، وصديقهم (من يقف مع قضايا الأمة ويساندها )، فلم يعد مقبولا أن يبقى الوضع العربي كما هو عليه الآن، خاصة في ظل التحديات الراهنة والمتغيرات الدولية وما استجد على موازين القوى، ورفض الاستئثار المطلق وحكم القطب الواحد، إنها الفرصة للانتصار على الذات، والالتفات للمصلحة العربية، وتشكيل اتحاد عربي، وأمن قومي عربي، ومنتج عربي مفضل على غيره، عندها سيحسب للعرب ألف حساب ، وسيد خلوا دائرة الفعل والقرار.
رب قائل يقول هذا مستحيل، ولكنها الأمانة ننقلها من جيل إلى جيل...!!!!