راجع إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي الصادرة في مايو 2010 ؛ تلك الإستراتيجية كانت أول إستراتيجية أمريكية رسمية تضع في حسابنها أن الشعب الأمريكي نفسه يعتبر مصدر خطر كبير محتمل على "الأمن القومي الأمريكي".
وكنت أنا في سلسلة كتابات كثيرة بعام 2009 وضعت تحليلات تفصيلية نسبيا بهذا الصدد وفصلت فيها حول مستقبل أمريكا وكيفية لحظة الانهيار الأمريكي المرتقبة وكيف ستكون لحظة مخالفة وعكسية للحظة انهيار الاتحاد السوفييتي التي كانت لحظة سلمية بدرجة كبيرة وأن الولايات المتحدة ستشهد لحظة انهيار عنيفة جدا لم يتوقعها أحد وكان تحليل مرتبط بنمط السيطرة العقدية الممارسة على جماهير السوفييت مقارنة بنمط السيطرة في أمريكا.
وفوجئت أنا نفسي بأن معظم كلامي وتحليلاتي تم وضعها رسميا في إستراتيجية "الأمن القومي الأمريكي" الصادرة بمايو 2010 والتي لأول مرة في تاريخ أمريكا يتم اعتبار الشعب الأمريكي نفسه مصدر خطر كبير محتمل على مفهوم "الأمن القومي الأمريكي" .
وهذه التحديثات في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي هي نفسها تقريبا نفس القواعد الفكرية والإستراتيجية التي تم بناء غليها مواجهة حركة ثوار احتلوا وول ستريت وباقي الثورة الشعبية الأمريكية التي تم قمعها بقسوة إعلامية بالغة فضلا عن العنف والقمع الغير مسبوق في تاريخ أمريكا ... حتى إنه في حادثة واحدة فقط تم اعتقال أكثر من 700 مواطن متظاهر أمريكي من فوق جسر بروكلين بنيويورك وتم التعامل معهم بقسوة شديدة وعنف غير مسبوق مع أن الثورة الشعبية الأمريكية وقتها كانت تنادي بعدم إسقاط النظام أو تكسيره بقدر ما كانت تنادي بإصلاح النظام الأمريكي من الداخل وبالتوافق إلى العودة إلى قيم الأباء المؤسسين لأمريكا ومع ذلك كان قمع السلطات الأمريكية ضد الشعب الأمريكي أشبه بتصرف سلطات احتلال عسكري مع شعب محتل؟!.
والخبر له أبعاد أخرى كثيرة جدا متشعبة ومتنوعة ولكن أمريكا تمهد العالم لخروج الشعوب الغربية عن سيطرة النظام الغربي الحالي وبالتالي سيكون الحل الغربي كالمعتاد في تعميم أزمتهم على العالم وتحويلها لأزمة عالمية بدلا عن كونها أزمة غربية ... مما يعني أن مؤشرات خروج الشعوب الغربية عن السيطرة تماما لدى أنظمتها قد وصلت لمراحل خطيرة للغاية بالنسبة لهم.
هذا جزء من المقالة المقصودة والتي نشرتها لأول مرة 26/12/2009 والتي كان مضمونها من أهم أركان تحديث إستراتيجية "الأمن القومي الأمريكي" الصادرة في مايو 2010:
فبعد لقاءات مريرة وطويلة مع الفريق الرسمى لدولة الولايات المتحدة الأمريكية ونقاشات طويلة وجدالات وسجالات شديدة مع فريق التواصل الإلكترونى- التابع لوزارة الخارجية الأمريكية؛ وعبر مواضيع وقضايا ونقاشات عدة وصلت فى أحيان كثيرة الى درجة الجدل المجرد حول مضامين وفحوى الكلمات العادية والمصطلحات المستخدمة داخل الحوار وحقيقة مدلولها ومحتواها ومعناها البسيط، وقد قمنا بإسهابات طويلة للغاية فى هذا المضمار مع الفريق الأمريكى، يحدونا شعور بالأمل فى تخلى صفوة النخبة الأمريكية عن عبادة الشيطان المترسمين فيها في أحيان كثيرة، وعن إراقة الدماء حول العالم ومحاولة إيجاد سبيل سوى للخروج من الحلقات المفرغة التى وضع الأمريكيون فيها الشعب الأمريكى وإستعبدوه من خلالها ومن وراءه باقى البشر فى دائرة صراع مرير دموى لفرض منطق وعقيدة الأمريكان الشيطانية عنوة على العالم كله .
لقد عرضنا على الأمريكان سيول من المعلومات حول حقيقة تملك الشيطان لهم وتحكمه فى بنية مجتمعهم وحقيقة تحكمه فى صفوة النخب الأمريكية بفروعها الشتى وتحت أسماء ومنظمات وأهداف شتى تختلف فى درجة معرفة أتباعها بحقيقة ما يدينون له بالولاء والإيمان والتبعية وهو معبود أهل النار الملعون إبليس كلب جهنم لعنة الله تعالى عليه. وقد حذرناهم وأنذرناهم مرارا من غضب الرب تبارك وتعالى وأظهرنا لهم أن الشعب الأمريكي وإن كان شعب خفيف العقل نتيجة للبرامج المكثفة التي خضع لها عبر أزيد من قرن، ولكن بالرغم من أن الشعب الأمريكي خفيف العقل قليل الثقافة المعرفية محدود الإضطلاع على العلوم من مصادرها وجل إضطلاعه على الحياة بل وعلى الوجود نفسه من خلال صناعة " السحر الخشبي المقدس" " هولي وود"وهي صناعة مستمدة من حضارات شديدة الوثنية والتى كانت تعتمد فيها أدوات الكهنة والسحرة على الخشب للقيام بعمليات تضليل وتغيب عقلي للضحية وهذا التطبيق الكهنوتي الوثني منثور ومتشظى بكثرة في أدبيات الحضارة المصرية القديمة والجانب الكهنوتى السحرى فيها وهو نفس الجانب الذي تجتره النخبة الأمريكية لصناعة العقول وتنميطها وتعليب وبرمجة طرق التفكير عند الشعب الأمريكى خفيف العقل والمقهور في تنميط وبرمجة حياته العامة والخاصة معا.. وبرغم كل هذا السحر الوثنى القبيح والذي يمارس بشكل علنى جدا ولكن تحت إدعاءات الرمزية والحافزية والسيموتعبيرية والسيموفيزيقية.. برغم كل هذا السحر إلا أننا رصدنا مؤشرات كثيرة جدا على إنتهاء وزوال تلك الإمبراطورية الأمريكية الإبليسية المتهالكة وواجهناهم ببعضها، وحذرناهم بأن مؤشرات قرائتنا للثورة الأمريكية العارمة التي ستكون مصاحبة بتفكيك نمط السيطرة العقلية والتي كانت بعكس نموذج السيطرة الجسدية على الإنسانية الذي مارسه الإتحاد السوفيتى الهالك، فنمط السيطرة الجسدية دفع الشعوب الداخلة في الإتحاد السوفيتي عند إنهياره إلى طلب السلامة الجسدية وتغليبها على طلب السلامة العقلية مما جعل إنهيار السوفيت ناعم جدا جدا على عكس التوقعات.
ولكن أمريكا ستكون على النقيض تماما من السوفيت فنمط السيطرة في أمريكا هو نمط سيطرة عقلية وتحكم وبرمجة ونمذجه وقولبة فكرية وذهنية شديدة للإنسان مما سيجعل الشعوب الداخلة تحت الإتحاد الأمريكى عند تفككه تطلب نموذج السلامة العقلية وتطلب الحقيقة بأي صورة وستندفع جسديا في تحقيق ذلك وطلبه حتى لو أتلف ذلك الجسد نفسه تماما لطلب الخلاص العقلي المفقود على عكس التوقعات التي تقارن وتتوقع إنهيار أمريكا بنفس نعومة إنهيار السوفيت.
كل هذه التحليلات تم عرضها على الفريق الأمريكى والتى لا يمكن لمن يتمتع بأدنى ذرة من العقل أن ينكرها أو يدعى أنها لا تمثل توقع حقائقي دقيق جدا وتحليل بحثي عميق جدا لنموذج إنهيارهم المتوقع، وبالرغم من كل ذلك تسير الدولة الشريرة المتهالكة المنهارة بغباء شديد جدا في نفس الطريق الذي رسمناه لهم وبعناد يظنون أنه قد ينجح في هروبهم من دائرة التوقع المحكمة المنهجية.. وشرحنا لهم خطورة تلك التوقعات على مستقبلهم القريب جدا وتوقعنا لبدأ الثورة العارمة والتى ستكون عنيفة جدا.. وهم يواجهون كل ذلك بحالة إنكار وإستنكار شديدة وكأننا نكتب ذلك من واقع عدائنا وليس من واقع التحليل البحثي المنهجي الدقيق جدا لبنائية ونموذج الإنسان والمجتمع في الإتحاد الأمريكى.
وأخبرناهم أن المواجهة مع الإسلام ستتسبب في إنكشاف عوار وبوار نمذجتهم المفتعلة للإنسان ولبنية المجتمع بأكملها وسيضعها فى مواجهة قاسية جدا مع الذات، وسيصرخ الجسد الأمريكي بطلب الهلاك وسيصرخ العقل بطلب النجاة وهذه معانى غاية الخطورة ومؤشرات غير عادية لا يمكن لعاقل أبدا أن يتجاوزها. وبرغم كل ذلك فإن كل هذا التوقع البحثي المنهجي يجد منهم إعراض وتعنت يزيد بإستمرار وبجهل شديد بمصيرهم المحتوم. وأثبتنا لهم أن الحل الوحيد يكمن فى فسخ العقود الموقعة مع إبليس لعنة الله عليه من قبل الصفوة المتنفذة المسيطرة على بنية المجتمع والإنسان الأمريكى مهما كلف الأمر.. ولكن.. لا أذان صاغية...!!