تبديد حلم الشيعة في مصر
هشام عبد الله
23 - 8 - 2008
طالما تحدَّث الشيعة في مصر عن دولتهم النموذج، وطالما راودهم حلم العودة إلى عهدها البائد الذي يدعون أن مصر قد بلغت فيه من الرقي والازدهار والمكانة ما لم تبلغه في أي عهد آخر!
ودعونا إذن نبين حقائق التاريخ بعيد عن الدعاوى الزائفة وخداع البسطاء.
فأي نموذج وأية دولة يتحدثون عنها؟ وأي أحلام وأوهام تلك التي تراودهم؟!
قالوا - لكي يخدعوا المصريين البسطاء المحبين لآل بيت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم - : إن مؤسس الدولة الفاطمية يمتد نسبه إلى علي ابن أبى طالب رضي الله عنه!
ونقول: بيننا وبينكم المؤرخون الثقات الذين لم يشذ منهم في نفي نسب الفاطميين إلى علي ابن أبى طالب، إلا ابن الأثير ـ رحمه الله ـ وكذلك ابن خلدون في تاريخه والمقريزي في خططه.
أما مؤرخنا الكبير ابن الأثير، فهذا ليس الموضع الوحيد في "الكامل" الذي يحتاج من علمائنا ومؤرخينا اليوم إلى مراجعته ودراسته وتنقيحه وتفسيره! وأما موقف ابن خلدون، فقد يكون راجعًا لموقفه عمومًا من آل البيت، ولذلك نسب الفاطميين (العبيديين) إليهم لما اشتهر عنهم من سوء المعتقد ( 1)، وأما المقريزي فيفسر موقفه من الدفاع عن نسب العبيديين انتسابه هو نفسه إلى بني عبيد (2) .
وهؤلاء المؤرخون جميعًا – رحمهم الله – وإن كانوا يدافعون عن نسب العبيديين العلوي الفاطمي، فهم يتبرءون من بدعهم وضلالهم ومعتقداتهم وانحرافاتهم، فابن خلدون يصفهم في مقدمته قائلاً: "كانوا على إلحاد في الدين وتعمق في الرفض" ، وقال أيضًا: "وليس في إثبات منتسبهم بالذي يغنى عنهم من الله شيئًا في كفرهم".
وفى الخطط، يتبرأ المقريزي من معتقداتهم فيقول: "وقد جهل أكثر الناس اليوم معتقدهم فأحببت أن أبين ذلك على ما وقفت عليه في كتبهم المصنفة في ذلك متبرئًا منهم"(3).
وإذا نظرنا إلى باقي العلماء والمؤرخين، نجد أن من طعن في نسب هؤلاء وقدح في ادعاءاتهم وبين كذبهم وفضح سرهم وكشف أغراضهم وأهدافهم، فكثير من أهل العلم ومعظم المؤرخين قدامى ومحدثين؛ يقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ عن مؤسس الدولة الفاطمية بمصر: "هو أبو محمد عبد الله المدَّعي أنه علوي، وهو أول خلفاء الفاطميين الأدعياء الكذبة"، ويقول أيضًا – رحمه الله – بعد أن ذكر الاختلاف في نسبهم: " قلت قد كتب غير واحد من الأئمة منهم الشيخ أبو حامد الإسرافييني والقاضي الباقلاني والقدوري أن هؤلاء أدعياء، ليس لهم نسب صحيح فيما يزعمونه".
ويقول أبو شامة: "كان منهم ثلاثة بإفريقية: المهدي والقائم والمنصور، وأحد عشر بمصر، آخرهم العاضد "(4)، ثم قال: "يدعون الشرف ونسبتهم إلى مجوسي أو يهودي حتى اشتهر لهم ذلك، وقيل الدولة الفاطمية، وإنما هي الدولة اليهودية أو المجوسية الملحدة الباطنية"(5).
وقال أيضًا في الروضتين: "ذكر ذلك جماعة من العلماء الأكابر وأن نسبهم غير صحيح، بل المعروف أنهم بنو عبيد، وكان والد عبيد من نسل القداح المجوسي الملحد، وقيل والده يهودي من أهل سلمية، وعبيد كان اسمه سعيد فغيَّره بعبيد الله لما دخل إلى المغرب، وادَّعى نسبًا ذكر بطلانه جماعة من علماء الأنساب".
ويقول الإمام الذهبي: "قلت: وكانت دولتهم مئتي سنة وثمانية وستين سنة، وقد صنف القاضي أبو بكر بن الباقلاني كتاب كشف أسرار الباطنية، فافتتحه ببطلان انتسابهم إلى الإمام علي".
ويقول الإمام الذهبي أيضًا، في سير أعلام النبلاء، نقلاً عن كثير من العلماء حول عبيد الله ونسبه: "وادعى أنه علوي فاطمي فكذبوه"، ويقول أيضًا: "وفي نسب المهدي أقوال حاصلها أنه ليس بهاشمي ولا بفاطمي"(6)، ويقول رحمه الله أيضًا: "وادعى هذا المدبر أنه علوي فاطمي فكذبوه"(7)، بل ينقل الإمام الذهبي عن القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار البصري قوله: "اسم جد الخلفاء المصريين سعيد ويلقب بالمهدي، وكان أبوه يهوديًا"(8).
وهذا ابن خلكان، بعد أن أورد قول صاحب تاريخ القيروان في الاختلاف في نسب مؤسس الدولة العبيدية الفاطمية قال: "وإنما سمى نفسه عبيد الله استتارًا، وهذا على قول من صحح نسبه، وأهل العلم بالأنساب والمحققون ينكرون دعواه في النسب، ويقولون: اسمه سعيد ولقبه عبيد الله وزوج أمه الحسين بن أحمد القداح، وكان كحالاً يقدح العين"(9).
وينقل الإمام الذهبي، في كتابه (العبر في تاريخ من غبر)، خبر البيان الذي وقع عليه علماء من مختلف المذاهب والاتجاهات، والذي يقدح في نسب العبيديين، فيقول: "وعمل محضر كبير ببغداد يتضمن القدح في نسب بني عبيد الخارجين بالمغرب ومصر، وأن أصلهم من اليهود، وأنهم كاذبون في انتسابهم إلى جعفر بن محمد الصادق رحمه الله، فكتب فيه خلق من الأشراف والشيعة والسنة وأولى الخبرة".
ومما جاء في هذا المحضر أو البيان: أن الناجم بمصر منصور بن نزار (وهو الخليفة الفاطمي الثالث) الحاكم، حكم الله عليه بالبوار، وأن جدهم لما صار إلى المغرب تسمى بالمهدي عبيد الله، وهو وسلفه أرجاس أنجاس، خوارج أدعياء، وأنتم تعلمون أن أحدًا من الطالبين لم يتوقف على إطلاق القول بأنهم أدعياء، وأن هذا الناجم وسلفه كفار زنادقة، ولمذهب الثنوية والمجوسية معتقدون، عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية، وهذه شهادة نتقرب بها إلى الله ومعتقد ما أوجب الله تعالى على العلماء أن يبينوه للناس... .
ويعلق محمد عبد الله عنان على هذا البيان، في كتابه (الحاكم بأمر الله) بقوله: "هذه الوثائق العباسية بالرغم مما يشوبها من كدر الخصومة السياسية من خلافة كانت تشعر بخطر الخلافة الشيعية الجديدة على سلطانها الروحي والزمني ، فإنها مع ذلك تحمل من التوقيعات أسماء لها مكانتها الرفيعة من العلم والدين، ومن ثم فإنها تجعلنا نشعر أنها لم تكن فقط مزاعم بلاط موتور، وإنما هي فوق ذلك وثائق لها قيمتها التاريخية فيما ذهبت إليه".
وخلاصة القول في الدولة الفاطمية، التي يحلم بعودتها شيعة مصر اليوم، ما ذكره القاضي أبو بكر بن الباقلاني، حيث قال: "إن القداح جد عبيد الله المهدي كان مجوسيًا، ودخل عبيد الله المغرب، وادَّعى أنه علوي، ولم يعرفه أحد من علماء النسب، وكان باطنيًا خبيثًا، حريصًا على إزالة ملة الإسلام، أعدم العلماء والفقهاء؛ ليتمكن من إغواء الخلق، وجاء أولاده على أسلوبه؛ أباحوا الخمور والفروج، وأشاعوا الرفض، وبثوا دعاة فأفسدوا عقائد خلق من جبال الشام كالنصيرة والدرزية، وكان القداح كاذبًا ممخرقا، وهو أصل دعاة القرامطة " ( 10)
فهذا هو حلم الشيعة في مصر اليوم؛ أن تحكم دولتهم (النموذج) بعقيدتها الضالة وأفكارها المنحرفة ومنهجها الشاذ.
يقول الحافظ الذهبي، في معرض ثنائه على صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله، الذي كان له شرف القضاء على هذه الدولة وتطهير مصر وسائر البلاد من دنسها: "وكان القضاء على الدولة العبيدية من أشرف أفعال صلاح الدين، فلنعم ما فعل، فإن هؤلاء كانوا باطنية زنادقة، دعوا إلى مذهب التناسخ واعتقاد حلول الجزء الإلهي في أشياخهم؛ قال شاعرهم:
فاحكم فأنت الواحد القهار ما شئت لا ما شاءت الأقدار
فلعن الله المادح والممدوح، فليس هذا في القبح إلا كقول فرعون : {أنا ربكم الأعلى } (11) .
ويقول الحافظ الذهبي في ترجمته لمؤسس هذه الدولة: "الحاكم العبيدي الإسماعيلي الزنديق المدعى الربوبية "(12).
ويقول أيضًا – كما في تاريخ الإسلام -: "وكانت طائفة تزعم أنه الخالق الرازق، وطائفة تزعم أنه نبي، وطائفة تزعم أنه المهدي حقيقة".
ويقول رحمه الله – في سير أعلام النبلاء -: " قلبوا الإسلام وأعلنوا بالرفض وأبطنوا مذهب الإسماعيلية"، ويقول أيضًا – في الجزء الخامس عشر من السير-: "وأما العبيديون الباطنية فأعداء الله ورسوله".
بل إنه ـ رحمه الله ـ تمنى لو كان عبيد الله فقط شيعيًا رافضيًا؛ يقول: "ويا حبذا لو كان رافضيًا، ولكنه زنديق"(13).
فهذا إذن.. هو حلم الشيعة في مصر اليوم؛ أن يعود المصريون كما كانوا من الهوان والذلة، بحيث إذا ذكر اسم الحاكم سجدوا في أماكنهم: "وكان إذا ذكر الحاكم قاموا وسجدوا في السوق وفى مواضع الاجتماع، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فلقد كان هؤلاء العبيديون شرًا على الإسلام وأهله من الشر"(14).
[FONT=arial,helvetica,sans-serif]
هذا هو حلمهم إذن؛ أن يُهان علماء الإسلام ويذبحوا ويقتلوا، ففي سير أعلام النبلاء أن عبيد الله المهدي: "أحضر فقيهين من القيروان، وهو جالس على كرسي ملكه وأوعز إلى أحد خدمه فقال للشيخين: أتشهدان أن هذا رسول الله، فقالا: لا ولو جاءنا هذا بالشمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان: إنه رسول الله ما قلنا ذلك، فأمر بذبحهما".
وعن الهدف من وراء قتله العلماء، يقول الإمام الذهبي في تاريخ الإسلام حوادث سنة 321- 330 -: "أعدم العلماء والفقهاء؛ ليتمكن من إغواء الخلق".
هذا هو حلم الشيعة في مصر؛ أن تحكمنا دولة يسخر حكامها ويستهزئون بالله ـ جل وعلا وبدينه ـ، ويطعنون في الأنبياء ويسبون الصحابة رضوان الله عليهم.
الشيعة في مصر يريدون العودة بنا إلى زمن الحاكم بأمر الله – وهو أحد أخبث خلفائهم – والذي قام ضمن أفعاله الشاذة بإنشاء دار كبيرة ملأها قيودًا وأغلالاً، وجعل لها سبعة أبواب وسماها (جهنم)، فكان كل من سخط عليه أسكنه فيها(15).
نعم، يحلم شيعة مصر اليوم بعودتنا إلى زمن القائم – وهو خليفتهم الثاني بعد عبيد الله – الذي كان يجاهر بشتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، كان هذا الملعون يلعن أنبياء الله، وكان مناديه يصيح في الناس: العنوا الغار وما حوا ( 16).
شيعة مصر اليوم يريدون العودة بنا إلى زمن خلافة المنصور ـ ثالثهم بعد القائم - والذي علَّق رؤوس حمير وكباش على الحوانيت، وكتب عليها أسماء الصحابة، يريدون العودة بنا إلى زمن كان يؤمر فيه بكتابة سب الصحابة على أبواب المساجد وفي الشوارع ، وكان عمال الأمراء يمشون بسب الصحابة علانية بين الناس(17).
شيعة مصر يريدون اليوم تمرير انحرافاتهم الفكرية ومعتقداتهم الفاسدة بنفس طريقة أسلافهم العبيديين؛ وذلك بخداع العامة، وتركيز نشاطاتهم المشبوهة في محيط الطرق الصوفية، وادعاء حب آل البيت والتذرع بالدفاع عنهم، والتوسع في إقامة الموالد والموائد والاحتفالات والمهرجانات والمواسم مثل عاشوراء ومولد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليلة النصف من شعبان، ومولد علي ابن أبى طالب، رضي الله عنه، ومولد الحسن والحسين وفاطمة، وعيد الغدير، ويوم النيروز، وليلة أول رجب، والنصف من رجب .. إلخ .
هذا هو حلم الشيعة في مصر اليوم ، أما الحقيقة والواقع الذي نعيشه ويعيشونه معنا والذي يبدد أحلامهم وأوهامهم ، ويجعلهم صوتا نشازا خارجا عن السياق عندما يحنون إلى دولتهم ويتحسرون على زوالها ويفاخرون بانجازاتها ، أما الواقع الذي يقف سدا منيعا وحصنا حصينا دون تحقيق أحلامهم المريضة ، ويجعلهم يعيشون بيننا في حسرة إلى الأبد ؛ فهو ميراث صلاح الدين بن يوسف الذي ورثه أهل السنة في مصر والذي ينافحون عنه ويبذلون من أجل الحفاظ عليه أنفسهم وأموالهم وأولادهم.
نقول لشيعة مصر : استريحوا من أحلامكم ، وتخففوا من أوهامكم ، فالله عز وجل قد قيض لدينه من ينصره ويدافع عنه ، ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من يرفع لواءها ، ولشريعته من يحميها ، ولمصر من يزيح عنها غمة الرفض والتشيع ، ولديار الإسلام من يبث الحياة في ربوعها من جديد ، وما فعله صلاح الدين بن يوسف قبل قرون ليس عنا ببعيد : " وتوالت الفتوح غربا ويمنا وشاما ، وصارت البلاد بل الدنيا ، والشهر بل الدهر حرما حراما ، وأضحى الدين واحدا بعد أن كان أديانا ، والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها صما وعميانا ، والبدعة خاشعة والجمعة جامعة ، والمذلة في شيع الضلال شائعة ؛ ذلك بأنهم اتخذوا عباد الله من دونه أولياء وسموا أعداء الله أصفياء ، وتقطعوا أمرهم بينهم شيعا ، وفرقوا أمر الأمة وكان مجتمعا ، وقطع دابرهم ، وغمت أنوفهم ، وحقت عليهم الكلمة تشريدا وقتلا ، وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا " ( 20).
ذاك حلم الشيعة في مصر اليوم، وتلك هي حقيقة دون تقية أو غيرها من تدليس وتزوير.
[/FONT][FONT=arial,helvetica,sans-serif].......... [/FONT]
[FONT=arial,helvetica,sans-serif]( 1 ) ، ( 2 ) (التوبيخ لمن ذم التاريخ) للسخاوى.
( 3 ) خطط المقريزي ص 9.
( 4 ) ، ( 5 ) الروضتين في أخبار الدولتين.
( 6 ) سير أعلام النبلاء.
( 7 ) دول الإسلام.
( 8 ) تاريخ الإسلام.
(9 ) وفيات الأعيان.
(10) نقلاً عن تاريخ الإسلام.
( 11 ) التاريخ حوادث سنة 561 .
( 12 ) سير أعلام النبلاء.
( 13 ) التاريخ حوادث سنة 321- 330 .
( 14 ) تاريخ الإسلام حوادث سنة 381- 400 .
( 15 ) سير أعلام النبلاء ج 15.
( 16 ) سير أعلام النبلاء ج 15 .
( 17 ) تاريخ الإسلام حوادث سنة 395 .
( 18 ) نقلاً عن سير أعلام النبلاء .
( 19 ) تاريخ الإسلام حوادث سنة 321- 330 .
( 20) من كتاب (إلى بغداد) للإمام عبد الرحيم بن علي اللخمي المعروف بالقاضي الفاضل، نقلاً عن (الروضتين في أخبار الدولتين) يصف فيه حال البلاد بعد أن قضي صلاح الدين على دولة الشيعة في مصر ... [/FONT]
http://www.shareah.com/index.php?/records/view/action/view/id/1404/
هشام عبد الله
23 - 8 - 2008
طالما تحدَّث الشيعة في مصر عن دولتهم النموذج، وطالما راودهم حلم العودة إلى عهدها البائد الذي يدعون أن مصر قد بلغت فيه من الرقي والازدهار والمكانة ما لم تبلغه في أي عهد آخر!
ودعونا إذن نبين حقائق التاريخ بعيد عن الدعاوى الزائفة وخداع البسطاء.
فأي نموذج وأية دولة يتحدثون عنها؟ وأي أحلام وأوهام تلك التي تراودهم؟!
قالوا - لكي يخدعوا المصريين البسطاء المحبين لآل بيت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم - : إن مؤسس الدولة الفاطمية يمتد نسبه إلى علي ابن أبى طالب رضي الله عنه!
ونقول: بيننا وبينكم المؤرخون الثقات الذين لم يشذ منهم في نفي نسب الفاطميين إلى علي ابن أبى طالب، إلا ابن الأثير ـ رحمه الله ـ وكذلك ابن خلدون في تاريخه والمقريزي في خططه.
أما مؤرخنا الكبير ابن الأثير، فهذا ليس الموضع الوحيد في "الكامل" الذي يحتاج من علمائنا ومؤرخينا اليوم إلى مراجعته ودراسته وتنقيحه وتفسيره! وأما موقف ابن خلدون، فقد يكون راجعًا لموقفه عمومًا من آل البيت، ولذلك نسب الفاطميين (العبيديين) إليهم لما اشتهر عنهم من سوء المعتقد ( 1)، وأما المقريزي فيفسر موقفه من الدفاع عن نسب العبيديين انتسابه هو نفسه إلى بني عبيد (2) .
وهؤلاء المؤرخون جميعًا – رحمهم الله – وإن كانوا يدافعون عن نسب العبيديين العلوي الفاطمي، فهم يتبرءون من بدعهم وضلالهم ومعتقداتهم وانحرافاتهم، فابن خلدون يصفهم في مقدمته قائلاً: "كانوا على إلحاد في الدين وتعمق في الرفض" ، وقال أيضًا: "وليس في إثبات منتسبهم بالذي يغنى عنهم من الله شيئًا في كفرهم".
وفى الخطط، يتبرأ المقريزي من معتقداتهم فيقول: "وقد جهل أكثر الناس اليوم معتقدهم فأحببت أن أبين ذلك على ما وقفت عليه في كتبهم المصنفة في ذلك متبرئًا منهم"(3).
وإذا نظرنا إلى باقي العلماء والمؤرخين، نجد أن من طعن في نسب هؤلاء وقدح في ادعاءاتهم وبين كذبهم وفضح سرهم وكشف أغراضهم وأهدافهم، فكثير من أهل العلم ومعظم المؤرخين قدامى ومحدثين؛ يقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ عن مؤسس الدولة الفاطمية بمصر: "هو أبو محمد عبد الله المدَّعي أنه علوي، وهو أول خلفاء الفاطميين الأدعياء الكذبة"، ويقول أيضًا – رحمه الله – بعد أن ذكر الاختلاف في نسبهم: " قلت قد كتب غير واحد من الأئمة منهم الشيخ أبو حامد الإسرافييني والقاضي الباقلاني والقدوري أن هؤلاء أدعياء، ليس لهم نسب صحيح فيما يزعمونه".
ويقول أبو شامة: "كان منهم ثلاثة بإفريقية: المهدي والقائم والمنصور، وأحد عشر بمصر، آخرهم العاضد "(4)، ثم قال: "يدعون الشرف ونسبتهم إلى مجوسي أو يهودي حتى اشتهر لهم ذلك، وقيل الدولة الفاطمية، وإنما هي الدولة اليهودية أو المجوسية الملحدة الباطنية"(5).
وقال أيضًا في الروضتين: "ذكر ذلك جماعة من العلماء الأكابر وأن نسبهم غير صحيح، بل المعروف أنهم بنو عبيد، وكان والد عبيد من نسل القداح المجوسي الملحد، وقيل والده يهودي من أهل سلمية، وعبيد كان اسمه سعيد فغيَّره بعبيد الله لما دخل إلى المغرب، وادَّعى نسبًا ذكر بطلانه جماعة من علماء الأنساب".
ويقول الإمام الذهبي: "قلت: وكانت دولتهم مئتي سنة وثمانية وستين سنة، وقد صنف القاضي أبو بكر بن الباقلاني كتاب كشف أسرار الباطنية، فافتتحه ببطلان انتسابهم إلى الإمام علي".
ويقول الإمام الذهبي أيضًا، في سير أعلام النبلاء، نقلاً عن كثير من العلماء حول عبيد الله ونسبه: "وادعى أنه علوي فاطمي فكذبوه"، ويقول أيضًا: "وفي نسب المهدي أقوال حاصلها أنه ليس بهاشمي ولا بفاطمي"(6)، ويقول رحمه الله أيضًا: "وادعى هذا المدبر أنه علوي فاطمي فكذبوه"(7)، بل ينقل الإمام الذهبي عن القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار البصري قوله: "اسم جد الخلفاء المصريين سعيد ويلقب بالمهدي، وكان أبوه يهوديًا"(8).
وهذا ابن خلكان، بعد أن أورد قول صاحب تاريخ القيروان في الاختلاف في نسب مؤسس الدولة العبيدية الفاطمية قال: "وإنما سمى نفسه عبيد الله استتارًا، وهذا على قول من صحح نسبه، وأهل العلم بالأنساب والمحققون ينكرون دعواه في النسب، ويقولون: اسمه سعيد ولقبه عبيد الله وزوج أمه الحسين بن أحمد القداح، وكان كحالاً يقدح العين"(9).
وينقل الإمام الذهبي، في كتابه (العبر في تاريخ من غبر)، خبر البيان الذي وقع عليه علماء من مختلف المذاهب والاتجاهات، والذي يقدح في نسب العبيديين، فيقول: "وعمل محضر كبير ببغداد يتضمن القدح في نسب بني عبيد الخارجين بالمغرب ومصر، وأن أصلهم من اليهود، وأنهم كاذبون في انتسابهم إلى جعفر بن محمد الصادق رحمه الله، فكتب فيه خلق من الأشراف والشيعة والسنة وأولى الخبرة".
ومما جاء في هذا المحضر أو البيان: أن الناجم بمصر منصور بن نزار (وهو الخليفة الفاطمي الثالث) الحاكم، حكم الله عليه بالبوار، وأن جدهم لما صار إلى المغرب تسمى بالمهدي عبيد الله، وهو وسلفه أرجاس أنجاس، خوارج أدعياء، وأنتم تعلمون أن أحدًا من الطالبين لم يتوقف على إطلاق القول بأنهم أدعياء، وأن هذا الناجم وسلفه كفار زنادقة، ولمذهب الثنوية والمجوسية معتقدون، عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية، وهذه شهادة نتقرب بها إلى الله ومعتقد ما أوجب الله تعالى على العلماء أن يبينوه للناس... .
ويعلق محمد عبد الله عنان على هذا البيان، في كتابه (الحاكم بأمر الله) بقوله: "هذه الوثائق العباسية بالرغم مما يشوبها من كدر الخصومة السياسية من خلافة كانت تشعر بخطر الخلافة الشيعية الجديدة على سلطانها الروحي والزمني ، فإنها مع ذلك تحمل من التوقيعات أسماء لها مكانتها الرفيعة من العلم والدين، ومن ثم فإنها تجعلنا نشعر أنها لم تكن فقط مزاعم بلاط موتور، وإنما هي فوق ذلك وثائق لها قيمتها التاريخية فيما ذهبت إليه".
وخلاصة القول في الدولة الفاطمية، التي يحلم بعودتها شيعة مصر اليوم، ما ذكره القاضي أبو بكر بن الباقلاني، حيث قال: "إن القداح جد عبيد الله المهدي كان مجوسيًا، ودخل عبيد الله المغرب، وادَّعى أنه علوي، ولم يعرفه أحد من علماء النسب، وكان باطنيًا خبيثًا، حريصًا على إزالة ملة الإسلام، أعدم العلماء والفقهاء؛ ليتمكن من إغواء الخلق، وجاء أولاده على أسلوبه؛ أباحوا الخمور والفروج، وأشاعوا الرفض، وبثوا دعاة فأفسدوا عقائد خلق من جبال الشام كالنصيرة والدرزية، وكان القداح كاذبًا ممخرقا، وهو أصل دعاة القرامطة " ( 10)
فهذا هو حلم الشيعة في مصر اليوم؛ أن تحكم دولتهم (النموذج) بعقيدتها الضالة وأفكارها المنحرفة ومنهجها الشاذ.
يقول الحافظ الذهبي، في معرض ثنائه على صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله، الذي كان له شرف القضاء على هذه الدولة وتطهير مصر وسائر البلاد من دنسها: "وكان القضاء على الدولة العبيدية من أشرف أفعال صلاح الدين، فلنعم ما فعل، فإن هؤلاء كانوا باطنية زنادقة، دعوا إلى مذهب التناسخ واعتقاد حلول الجزء الإلهي في أشياخهم؛ قال شاعرهم:
فاحكم فأنت الواحد القهار ما شئت لا ما شاءت الأقدار
فلعن الله المادح والممدوح، فليس هذا في القبح إلا كقول فرعون : {أنا ربكم الأعلى } (11) .
ويقول الحافظ الذهبي في ترجمته لمؤسس هذه الدولة: "الحاكم العبيدي الإسماعيلي الزنديق المدعى الربوبية "(12).
ويقول أيضًا – كما في تاريخ الإسلام -: "وكانت طائفة تزعم أنه الخالق الرازق، وطائفة تزعم أنه نبي، وطائفة تزعم أنه المهدي حقيقة".
ويقول رحمه الله – في سير أعلام النبلاء -: " قلبوا الإسلام وأعلنوا بالرفض وأبطنوا مذهب الإسماعيلية"، ويقول أيضًا – في الجزء الخامس عشر من السير-: "وأما العبيديون الباطنية فأعداء الله ورسوله".
بل إنه ـ رحمه الله ـ تمنى لو كان عبيد الله فقط شيعيًا رافضيًا؛ يقول: "ويا حبذا لو كان رافضيًا، ولكنه زنديق"(13).
فهذا إذن.. هو حلم الشيعة في مصر اليوم؛ أن يعود المصريون كما كانوا من الهوان والذلة، بحيث إذا ذكر اسم الحاكم سجدوا في أماكنهم: "وكان إذا ذكر الحاكم قاموا وسجدوا في السوق وفى مواضع الاجتماع، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فلقد كان هؤلاء العبيديون شرًا على الإسلام وأهله من الشر"(14).
[FONT=arial,helvetica,sans-serif]
هذا هو حلمهم إذن؛ أن يُهان علماء الإسلام ويذبحوا ويقتلوا، ففي سير أعلام النبلاء أن عبيد الله المهدي: "أحضر فقيهين من القيروان، وهو جالس على كرسي ملكه وأوعز إلى أحد خدمه فقال للشيخين: أتشهدان أن هذا رسول الله، فقالا: لا ولو جاءنا هذا بالشمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان: إنه رسول الله ما قلنا ذلك، فأمر بذبحهما".
وعن الهدف من وراء قتله العلماء، يقول الإمام الذهبي في تاريخ الإسلام حوادث سنة 321- 330 -: "أعدم العلماء والفقهاء؛ ليتمكن من إغواء الخلق".
هذا هو حلم الشيعة في مصر؛ أن تحكمنا دولة يسخر حكامها ويستهزئون بالله ـ جل وعلا وبدينه ـ، ويطعنون في الأنبياء ويسبون الصحابة رضوان الله عليهم.
الشيعة في مصر يريدون العودة بنا إلى زمن الحاكم بأمر الله – وهو أحد أخبث خلفائهم – والذي قام ضمن أفعاله الشاذة بإنشاء دار كبيرة ملأها قيودًا وأغلالاً، وجعل لها سبعة أبواب وسماها (جهنم)، فكان كل من سخط عليه أسكنه فيها(15).
نعم، يحلم شيعة مصر اليوم بعودتنا إلى زمن القائم – وهو خليفتهم الثاني بعد عبيد الله – الذي كان يجاهر بشتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، كان هذا الملعون يلعن أنبياء الله، وكان مناديه يصيح في الناس: العنوا الغار وما حوا ( 16).
شيعة مصر اليوم يريدون العودة بنا إلى زمن خلافة المنصور ـ ثالثهم بعد القائم - والذي علَّق رؤوس حمير وكباش على الحوانيت، وكتب عليها أسماء الصحابة، يريدون العودة بنا إلى زمن كان يؤمر فيه بكتابة سب الصحابة على أبواب المساجد وفي الشوارع ، وكان عمال الأمراء يمشون بسب الصحابة علانية بين الناس(17).
شيعة مصر يريدون اليوم تمرير انحرافاتهم الفكرية ومعتقداتهم الفاسدة بنفس طريقة أسلافهم العبيديين؛ وذلك بخداع العامة، وتركيز نشاطاتهم المشبوهة في محيط الطرق الصوفية، وادعاء حب آل البيت والتذرع بالدفاع عنهم، والتوسع في إقامة الموالد والموائد والاحتفالات والمهرجانات والمواسم مثل عاشوراء ومولد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليلة النصف من شعبان، ومولد علي ابن أبى طالب، رضي الله عنه، ومولد الحسن والحسين وفاطمة، وعيد الغدير، ويوم النيروز، وليلة أول رجب، والنصف من رجب .. إلخ .
هذا هو حلم الشيعة في مصر اليوم ، أما الحقيقة والواقع الذي نعيشه ويعيشونه معنا والذي يبدد أحلامهم وأوهامهم ، ويجعلهم صوتا نشازا خارجا عن السياق عندما يحنون إلى دولتهم ويتحسرون على زوالها ويفاخرون بانجازاتها ، أما الواقع الذي يقف سدا منيعا وحصنا حصينا دون تحقيق أحلامهم المريضة ، ويجعلهم يعيشون بيننا في حسرة إلى الأبد ؛ فهو ميراث صلاح الدين بن يوسف الذي ورثه أهل السنة في مصر والذي ينافحون عنه ويبذلون من أجل الحفاظ عليه أنفسهم وأموالهم وأولادهم.
نقول لشيعة مصر : استريحوا من أحلامكم ، وتخففوا من أوهامكم ، فالله عز وجل قد قيض لدينه من ينصره ويدافع عنه ، ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من يرفع لواءها ، ولشريعته من يحميها ، ولمصر من يزيح عنها غمة الرفض والتشيع ، ولديار الإسلام من يبث الحياة في ربوعها من جديد ، وما فعله صلاح الدين بن يوسف قبل قرون ليس عنا ببعيد : " وتوالت الفتوح غربا ويمنا وشاما ، وصارت البلاد بل الدنيا ، والشهر بل الدهر حرما حراما ، وأضحى الدين واحدا بعد أن كان أديانا ، والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها صما وعميانا ، والبدعة خاشعة والجمعة جامعة ، والمذلة في شيع الضلال شائعة ؛ ذلك بأنهم اتخذوا عباد الله من دونه أولياء وسموا أعداء الله أصفياء ، وتقطعوا أمرهم بينهم شيعا ، وفرقوا أمر الأمة وكان مجتمعا ، وقطع دابرهم ، وغمت أنوفهم ، وحقت عليهم الكلمة تشريدا وقتلا ، وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا " ( 20).
ذاك حلم الشيعة في مصر اليوم، وتلك هي حقيقة دون تقية أو غيرها من تدليس وتزوير.
[/FONT][FONT=arial,helvetica,sans-serif].......... [/FONT]
[FONT=arial,helvetica,sans-serif]( 1 ) ، ( 2 ) (التوبيخ لمن ذم التاريخ) للسخاوى.
( 3 ) خطط المقريزي ص 9.
( 4 ) ، ( 5 ) الروضتين في أخبار الدولتين.
( 6 ) سير أعلام النبلاء.
( 7 ) دول الإسلام.
( 8 ) تاريخ الإسلام.
(9 ) وفيات الأعيان.
(10) نقلاً عن تاريخ الإسلام.
( 11 ) التاريخ حوادث سنة 561 .
( 12 ) سير أعلام النبلاء.
( 13 ) التاريخ حوادث سنة 321- 330 .
( 14 ) تاريخ الإسلام حوادث سنة 381- 400 .
( 15 ) سير أعلام النبلاء ج 15.
( 16 ) سير أعلام النبلاء ج 15 .
( 17 ) تاريخ الإسلام حوادث سنة 395 .
( 18 ) نقلاً عن سير أعلام النبلاء .
( 19 ) تاريخ الإسلام حوادث سنة 321- 330 .
( 20) من كتاب (إلى بغداد) للإمام عبد الرحيم بن علي اللخمي المعروف بالقاضي الفاضل، نقلاً عن (الروضتين في أخبار الدولتين) يصف فيه حال البلاد بعد أن قضي صلاح الدين على دولة الشيعة في مصر ... [/FONT]
http://www.shareah.com/index.php?/records/view/action/view/id/1404/