بسم الله الرحمن الرحيم
السلاح الروسي في الشرق الاوسط
منقول من قناة روسيا اليومالسلاح الروسي في الشرق الاوسط
من قبيل الصدفة تطابقت الاحداث الثلاثة ، وفيها نوع من التلاعب الذي ظل على ثلاثة ايام يشغل بال الساسة والاعلاميين في الشرق الاوسط. وما هي تلك الاحداث؟ لقد اقيم في موسكو المعرض الدولي لاسلحة القوات البرية ، وفي الوقت نفسه وصل الى روسيا العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين الذي زار هذا المعرض والتقى مصممي ومنتجي الاسلحة الروسية، واجرى مباحثات مع الرئيس دميتري مدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين، وقبل ذلك بعدة ايام وصل الى موسكو رئيس سوريا بشار الاسد الذي اجرى مباحثات مع دميتري مدفيديف. وقد كرست الصحافة والتلفزة في عمان ودمشق وتل ابيب، بطبيعة الحال، موادها الاعلامية لهذه الاحداث مركزة بالدرجة الاولى على زيارة الضيف السوري الى موسكو.
وزعمت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان بشار الاسد وصل الى روسيا بغية اقتناء الاسلحة والعتاد الحربي، ومن اهمها مجموعة الصواريخ العملياتية التكتيكية المضادة للطائرات من طراز " اسكندر – اي" الى جانب مجموعتي الصواريخ م/ط " بانتسير – اس1" و" بوك – ام2" والمقاتلات " سو – 30" و"ميغ - 29 س م ت" و "ميغ -31 اي". وكانت موسكو قد وعدت دمشق عام 2001 ببيعها مجموعة م / ط " اسكندر" ولم تتحقق الصفقة بسبب الطلب الشخصي الذي رفعه الى بوتين آنذاك رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولميرت. وتكتب الصحف الاسرائيلية ان موسكو يحق لها تماما "ارجاع الدين" لاسرائيل ،اي بيع "اسكندر" لسوريا، خاصة بعد ان اكتشف انها شاركت في تدريب قوات الصاعقة الجورجية وزودت جورجيا التي هاجمت اوسيتيا الجنوبية بأنظمة تأمين القتال.
غير ان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي اعلن للصحفيين ان موسكو مستعدة لتوريد نماذج جديدة من الاسلحة الى سوريا ذات الاستخدام الدفاعي فحسب والتي لا تخل بتوازن القوى في المنطقة. ويعني ذلك ان سوريا لن تحصل على " اسكندر" تنفيذا للوعد الذي سبق قطعه لاسرائيل. اما وسائل الدفاع الجوي، بما فيها الارضية والمحمولة بالطائرات وكذلك المقاتلات الاعتراضية بصفتها اسلحة غير هجومية فانها خارج دائرة الاتفاقات الروسية الاسرائيلية.
ومن الجدير بالذكر ان التعاون العسكري التقني بين موسكو ودمشق بحاجة الى الاستكمال الجاد. فسوريا مدينة لموسكو بمبلغ 3 مليارات دولار مقابل توريد العتاد الحربي اليها. علما بأن 10 مليارات دولار من ديونها قد تم شطبها، بما في ذلك 2 مليار دولار وعدت سوريا بصرفها لشراء الاسلحة الروسية. وتدور الآن المباحثات حول عقود مستقبلية. وثمة بالفعل عقود بشراء مجموعات م / ط " بانتسير – اس1" و" بوك – ام2" ومقاتلات "ميغ" و"سوخوي". لكن " اسكندر" غير مشمول بها. وتستمر الآن المباحثات بين البلدين حول توسيع قاعدة للتأمين المادي التقني في ميناء طرطوس السوري.
وبطبيعة الحال لا يدور الحديث حول نقل القوى الاساسية لاسطول البحر الاسود الروسي من سيفاستوبول الى سوريا كما زعمت ذلك بعض وسائل الاعلام في الشرق الاوسط. غير ان موسكو وبحارتها بحاجة ماسة الى مركز التأمين المادي التقني واصلاح السفن الروسية التي ستدخل البحر المتوسط . لا سيما وانه سبق للاسطول الخامس السوفييتي ان استفاد بنشاط من مركز طرطوس .
هذا ولم تثر زيارة الملك الاردني الى موسكو رد الفعل نفسه الذي أثارته زيارة بشار الاسد الى سوتشي. وربما يكون السبب هو غياب مشاكل بهذه الدرجة من الحساسية بين الاردن واسرائيل، كما هو الشأن بين تل ابيب ودمشق. ولعل ثمة سببا آخر هو كون التعاون العسكري الواقعي بين عمان وموسكو يجري على الخط الصاعد. وقد اشار الى ذلك دميتري مدفيديف أثناء لقائه العاهل الاردني. حين قال : " ان علاقاتنا تتطور بنجاح ونحن نلتقي للمرة الثالثة في ظرف نصف سنة ، الامر الذي يدل على تنشيط الصلات بيننا" وأضاف : " يتنامى التبادل التجاري بين بلدينا رغم ان الطرفين يطمحان الى المزيد".
وتثبت الحقائق هذا الاعلان علما ان الاردن اشترت في السنوات الاخيرة من روسيا طائرتي النقل العسكري "أيل – 76 أم أف" بقيمة اجمالية قدرها 100 مليون دولار و 6 مروحيات خفيفة متعددة الاغراض " كا – 226" التي تقدر قيمة صفقتها ب 25 مليون دولار والتي من المتوقع تركيبها في المصانع الاردنية بترخيص روسي، واسست لهذا الغرض خصيصا الشركة الروسية الاردنية " ابورون بروم ميدل ايست" التي ستنتج سنويا 15- 20 مروحية من هذا النوع.
ومن المخطط له ايضا انشاء المؤسسة المشتركة الخاصة بانتاج قاذفات القنابل المتعددة الاعيرة " هاشم" التي تم تصميمها في المؤسسة الانتاجية العلمية الحكومية " بازالت" بناء على مقترح شخصي من الملك عبد الله الثاني. ويخصص قاذف القنابل لضرب المعدات المدرعة والنقاط النارية المحصنة الطويلة الامد على مدى حتى 700 متر وذلك بواسطة قنابل عيارها 72 و105 مم، ومن المفترض ان تصنع قاذفات القنابل هذه سواء في روسيا او الاردن ، وقد سلمت نماذج تدريبية من قاذف القنابل " هاشم" الى عمان حيث نالت تقديرا عاليا ، ويتم في الوقت القريب التوقيع على العقد الخاص بشراء ترخيص بانتاج قاذف القنابل "هاشم" وقد قدمت روسيا قرضا بمبلغ 350 مليون دولار لهذا الغرض للاردن ، ومن المتوقع ان يصرف هذا المبلغ ايضا لاصلاح وتحديث المعدات الحربية التي سبق لروسيا ان وردتها الى عمان. وضمنها ناقلات الافراد المدرعة وعربات المشاة القتالية والمجموعات الصاروخية " كورنيت" ومجموعات الصواريخ المضادة للطائرات " ايغلا" واسلحة العمليات الخاصة المستخدمة لمكافحة الارهاب وحراسة القصر الملكي. والمعلوم ان الملك عبدالله نفسه خدم في الوحدات الخاصة ولديه خبرة في استخدام السلاح. أما شراء بنادق القناصة كاتمة الصوت والمسدسات الكاتمة لتسليح احسن الوحدات الاردنية فتعتبر خير دعاية لمنتجي الاسلحة الروس. وليس من المستبعد ان تزود موسكو الجيش الاردني في أعقاب هذه الزيارة الى موسكو بمجموعات الصواريخ م / ط من طراز " بانتسير – اس1" التي تعد حاليا من اكثر أنواع اسلحة الدفاع الجوي فعالية.
وتهتم بالسلاح الروسي لا دول الشرق الاوسط وحدها . ففي 23 اغسطس / آب بعث الرئيس الروسي برسالة الى دانيال اورتيغا رئيس نكاراغوا تضمنت التنويه بالتعاون في المجال العسكري التقني . وذكر الرئيس الروسي في رسالته : " نحن مهتمون قبل كل شيء بتوطيد علاقاتنا في المجال الاقتصادي والتجاري وعلى صعيد القوات المسلحة. ويعتبر التعاون بيننا في المجال العسكري التقني واعدا. ويعني ذلك ان العتاد الحربي الذي سبق للاتحاد السوفييتي ان قدمه الى نيكاراغوا والذي يحتاج الآن الى الاصلاح والتحديث اوالتبديل قد يستعاض عنه بنماذج أحدث في حالة وجود الرغبة لدى مناغوا، ومما يدل على هذه الرغبة العلاقات الوثيقة بين اورتيغا واوغو تشافيس. علما بان رئيس فنزويلا راض كل الرضا عن السلاح الروسي.
ومن الجدير بالذكر ان الهيئة الفيدرالية الخاصة بالتعاون العسكري التقني تخطط لجعل توريد الاسلحة الروسية الى الخارج في عام 2008 يصل الى 8 مليارات دولار بالمقارنة مع 6.2 مليار دولار في عام 2007 ،.