إطلاق سراح پولارد يبدو مبرّراً

إنضم
16 فبراير 2013
المشاركات
3,015
التفاعل
8,014 0 0
الدولة
Saudi Arabia
IsraelPollardSign-198x132.jpg






ليس من المستغرب أن يصبح جوناثان پولارد جزءاً من المناقشات التي دارت في محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية الحالية. فقد أثار رؤساء وزراء إسرائيل مسألة الإفراج عن پولارد أثناء فترة ولاية كل إدارة أمريكية، وفي كل مفاوضات شاركتُ فيها. فبدءاً من رابين وحتى نتنياهو، كان هناك شيء واحد يمكن وضعه في الحسبان وهو: أن قضية پولارد سيتم إثارتها. وقد تنظر إليه الولايات المتحدة باعتباره جاسوساً؛ ولكن الإسرائيليون ينظرون إليه بشكل مختلف. فقد اكتسب هالة كونه جندياً تُرك في الميدان، والمبادئ الأخلاقية في إسرائيل تقوم على عدم ترك الجنود على الإطلاق [في الساحة].

وكون كاتب هذه السطور يهودياً عمل أيضاً في وزارة الدفاع الأمريكية في ثمانينيات القرن الماضي، لم يكن لدي أي تعاطف تجاه پولارد. فقد سرق وثائق في غاية السرية؛ وخان بلده والأمانة الموكلة إليه؛ وتم القبض عليه وكان مناسباً تماماً أن يدفع ثمن ما قام به. وقد انتابتني مشاعر قوية حيال ذلك الأمر.

ويقيناً، كان لدي المزيد من الأسباب الشخصية لكي يراودني شعور إضافي بالخيانة. ففي ذلك الوقت كنت أعارض تحيزاً كان قد استمر في بيروقراطية الأمن القومي الأمريكي كان قائماً بشكل غير متقن على أن كل من كان يهودياً لا يستطيع العمل في قضايا تتعلق بالشرق الأوسط لأنه سوف يخدم المصالح الإسرائيلية وليس الأمريكية - وهي وجهة نظر عادة ما تبناها أولئك الذين يقولون إن المصالح الأمريكية والإسرائيلية متعارضة.

لذلك اضطررت لأسباب وجيهة إلى الاعتقاد بأن پولارد يجب أن يعاقب. وما زلت أعتقد ذلك. ولكن ما الذي يشكل عقوبة كافية؟

نظراً لأن رؤساء وزراء إسرائيل كانوا قد أثاروا قضيته وسيستمرون في ذلك ويوضحون أنهم لو كانوا في طريقهم لاتخاذ خطوات صعبة بشأن السلام، فإن إطلاق سراحه سوف يجعل تلك الخطوات أكثر استدامة من الناحية السياسية - وحيث شرع الرؤساء الأمريكيون بدءاً من كلينتون في دراسة هذه الطلبات - فقد سمعتُ أناساً من أجهزة الاستخبارات الأمريكية يدفعون بحجج يشوبها ضعف المنطق للإبقاء على سجنه ومفادها: إذا أطلقت واشنطن سراحه [وغادر] إلى إسرائيل، فسوف تستمر قدرته على المساس بأمن الولايات المتحدة. إذا أُفرج عنه، فسوف يؤشر ذلك إلى رخاوة واشنطن في التعامل مع الجواسيس. إذا أفرجت عنه الإدارة الأمريكية، فلن يكون هناك رادع للتجسس. إذا أُفرج عنه، فسيضر ذلك بالروح المعنوية لأجهزة الاستخبارات الأمريكية.

[في تسعينيات القرن الماضي] وبعد مرور خمس أو حتى عشر سنوات على اعتقاله، ربما كان پولارد لا يزال يعرف أشياء عن أجهزة الاستخبارات الأمريكية يمكن أن تنطوي على بعض القيمة، لكن بعد مرور ما يقرب من 30 سنة، ما الذي يمكن أن يبقى ذات أهمية؟ وأثناء مناقشة كانت لي خلال فترة إدارة كلينتون عندما أُثيرت هذه المسألة، قلت حتى في ذلك الحين - في مرحلة كان فيها پولارد قد قضى 13 عاماً في السجن - بأنه إن كان لا يزال بوسعه الإضرار بالاستخبارات الأمريكية، فيجب فصل المسؤولين عن ذلك في الولايات المتحدة. فقد كانت تقع على عاتقهم مسؤولية تغيير طريقة إدارة عمل الاستخبارات الأمريكية. ومن الواضح أن الولايات المتحدة قامت بتغيير أساليبها ووسائلها عندما تم المساس بأمنها وتعرضه للخطر، فقد كانت قد عانت خروقات أمنية أخرى، وكان عليها سجن جواسيس آخرين.

وسواء قبِل المرء بحجة أن مدة سجن پولارد تبدو أكثر قسوة من تلك التي قضاها جواسيس آخرين، فبالتأكيد من غير المنطقي القول أن شخصاً أمضى نحو 30 عاماً في السجن لم يدفع ثمناً باهظاً. فسجن المرء ثلاثين عاماً لا يشير إلى تساهل مع جواسيس؛ بل يشكل رادعاً قوياً ضد التجسس. وفي هذه المرحلة، وعند النظر إلى التركيبة الديموغرافية للمسؤولين في جهاز الاستخبارات، سنجد أن نسبة كبيرة منهم إما لم يولدوا بعد أو كانوا صغار السن جداً لدى سجن پولارد. ويبدو من غير المحتمل أن تتأثر المعنويات من إطلاق سراحه.

وإذا كانت الحجج التقليدية في دوائر أجهزة الاستخبارات تنطوي على قيمة قليلة في هذا الوقت، فلا يزال هناك سؤال حول ما إذا كان ينبغي ربط مسألة السلام بقضية پولارد. قد يقول البعض إنه يمثل أهمية سياسية كبيرة، ويجب أن تحصل الولايات المتحدة على شيء ذو قيمة مقابل إطلاق سراحه. ربما يكون الأمر كذلك، لكن في وقت تسود فيه الاضطرابات الشرق الأوسط وتحتاج فيه السياسة الخارجية الأمريكية لإظهار الفعالية، لا يمكن لواشنطن تحمُّل انهيار الجهود الحالية في التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

إذا جاء الإفراج كجزء من حزمة خطوات لا تعمل فقط على إدارة هذه العملية بل يمكنها أيضاً إعطائها الدفعة الضرورية - وتعمل أيضاً على التأثير على جو المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين - فسيبدو بشكل مؤكد أن لدى الرئيس أوباما ووزير الخارجية كيري مسوغات للعمل على تسوية هذه المسألة.



دينيس روس هو زميل "وليام ديفيدسون" المتميز ومستشار في معهد واشنطن. وقد شغل سابقاً منصب مدير شعبة تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس جورج بوش الأب، ومنسق خاص لشؤون الشرق الأوسط في عهد الرئيس كلينتون، ومساعد خاص للرئيس أوباما في الفترة بين 2009 و 2011.
 
عودة
أعلى