صدر عن «مركز الدراسات العسكرية للشرق الأدنى والخليج» تقرير بقلم مدير الأبحاث الدكتور «تيودور كاراسيك»، تحدث فيه عن آثار حرب آب 2008 بين روسيا وجورجيا، معتبراً أنها لا تتوقف فقط عند حدود جنوبي أوسيتيا أو أبخازيا. فلهذه الحرب آثار إقليمية واسعة النطاق، تطول الشرق الأوسط وخصوصاً منطقة الخليج الساحلية، بالإضافة إلى إسرائيل التي فتحت مع روسيا جبهة جديدة في القوقاز. وجاء في التقرير:
الآثار على إسرائيل
ما حاولت روسيا القيام به من خلال غزوها لجورجيا، هو إرسال رسالة واضحة إلى إسرائيل، بأن العمل الذي يقوم به جيش تل أبيب في تبليسي من خلال دعم وتنظيم وتدريب وتجهيز الجيش الجورجي لم يعد يحتمل.
فالشركات الإسرائيلية الأمنية الخاصة والمسؤولون الإسرائيليون المتقاعدون يشاركون بقوة في النشاط الأمني الجورجي.
هذا بالإضافة إلى أن اهتمام إسرائيل المتزايد بنفط بحر قزوين والغاز الطبيعي هناك، ضاعف سعي موسكو إلى إيقاف هذا النشاط ووضع حدّ له فوراً. كذلك، فإن روسيا ترسل رسالة واضحة مفادها أن موسكو لن تتحمل بعد الآن التدخل والنفوذ الأميركي في جورجيا وتبليسي.
من هنا، فإن الأزمة العسكرية سمحت لموسكو بمعاقبة إسرائيل لـ«تبنيها» جورجيا، ما يضع الولايات المتحدة في موقع حرج يجبرها على فعل ما هو أكثر من الخطابات الرنانة.
الآثار على الخليج العربي وإيران
تتركز آثار الحرب الروسية – الجورجية على منطقة الخليج فتطول مصالحها في الداخل والخارج.
يأتي الأثر الأول على الاستثمارات الخليجية في القوقاز وروسيا، بالإضافة إلى أن الهجوم الروسي سيترك نتائج سيئة على خطط استثمار شركة «رأس الخيمة» في جورجيا.
فقد استثمرت «راكيا» التابعة لشركة «رأس الخيمة» العقارية مؤخراً في مرفأ بوتي الجورجي حيث تقوم بتطوير منطقة حرّة، كما تقوم بتطوير بعض مشاريع الاستخدام بالقرب من العاصمة تبليسي. بالإضافة إلى ذلك، تملك هذه الشركة ثلاثة مشاريع مهمة في أعالي ومرتفعات تبليسي، بقيمة إجمالية تصل إلى 7.3 مليارات.
وفي نيسان من العام 2008، باعت جورجيا 51% من أسهم مرفأ بوتي إلى راكيا لتطوير منطقة اقتصادية حرة خلال 49 عاماً لإدارة الامتياز، ولوضع إدارة جديدة للمرفأ. كما افتتح رسمياً إنشاء المنطقة الحرة، المنوي تطويرها من قبل راكيا، من قبل الرئيس الجورجي مكاييل ساكاشفيلي في 15 نيسان 2008.
وبذلك، تعرضت الاستثمارات الكبرى لرأس الخيمة لأذى كبير جراء الحرب. فمرفأ بوتي الجورجي الذي تمتلك أغلبه هيئة الاستثمار التابعة لرأس الخيمة وتمت الإشارة إليه، تعرض لضرر بالغ من جراء الغارات الجوية الروسية.
الواقع أنه لطالما تركز الاتجاه السائد بين روسيا ومجلس التعاون الخليجي على تعزيز الممر الاقتصادي بين منطقتي الشمال والجنوب، وهذا الرابط قد يكون الآن في خطر في حال ذهبت استثمارات خليجية أخرى أدراج الرياح.
أما الأثر الثاني، فهو الوجود العسكري الغربي والروسي المتنامي في المياه الخليجية والمتوسطية، والذي لا يمكن تفريقه عن الصراع الروسي – الجورجي.
وهناك كلام عن تحضير لم يسبق له مثيل للقوى الجوية والبحرية الأميركية، الفرنسية، البريطانية والكندية، منذ غزو العراق في العام 2003، بهدف محاصرة إيران بحريا.
من جهة أخرى، هناك ثلاث قوات ضاربة أميركية، في طريقها إلى الخليج وهي تسمى «يو إس إس ثيودور روزفيلت»، «يو إس إس رونالد ريغان» و«يو إس إس ايوو جيما». كما توجد مسبقاً هناك، «يو إس إس ابراهام لينكولن» في الخليج العربي مقابل الشواطئ الإيرانية و«يو إس إس بيليليو» التي تبحر في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقد بدأ هناك أيضاً انتشار بحري روسي واسع في وقت سابق من هذا العام في شرق المتوسط الذي يضم حاملة الطائرات «الاميرال كوزنيتوف» مع نحو 50 طائرة حربية «سو- 33» التي تملك القدرة على التزود بالوقود جوا مع توجيه قذائف الطرد الثقيلة «موسكفا». وهذا يعني أن الطائرات الحربية الروسية يمكن أن تصل إلى الخليج من البحر الأبيض المتوسط، على مسافة نحو 850 ميلاً. كما أنه من الممكن أن تضطرّ إلى التحليق فوق سورية وحتى العراق، حيث تسيطر القوات الجوية الأميركية.
وتتألف القوة العسكرية الروسية من اثنتي عشرة سفينة حربية فضلا عن عدد من الغواصات. وعلى حين يسعى الغرب إلى الدفاع عن مصادر النفط في منطقة الخليج الموجودة في الشرق والشرق الأدنى، تسعى روسيا إلى العمل على زيادة سيطرتها على موارد النفط في بحر قزوين، وامتلاك موقع إستراتيجي في بلاد الشام.
ويتركز الأثر الأخير على ما يمكن أن يكون انهياراً كاملاً لرجوع قناة الاتصالات الغربية – الإيرانية عن طريق روسيا، فيما يتعلق باستعداد طهران لإيقاف طموحاتها النووية.
ففي العام الماضي، عملت روسيا كوسيط بين الولايات المتحدة وإسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية على وجه التحديد) من جهة وطهران من جهة أخرى. وبعد الحرب الروسية – الجورجية، يمكن أن يغلق باب التسوية بين هذه الجهات.
فالسعودية، على سبيل المثال، تسعى إلى إيقاف البيع الروسي لمضادات الدفاع الجوي إس – 300 إلى طهران، وتسعى أيضاً للحصول على كمية كبيرة من الأسلحة الروسية في سبيل منع صفقة بيع الأسلحة التقليدية الروسية إلى إيران. ومن آثار للحرب الروسية – الجورجية، أنه من الممكن أن تبدأ روسيا بلعب دور فعال من خلال بيع الأسلحة إلى إيران وإسقاط دعمها للعقوبات على إيران.
وكدليل آخر على تزايد حدّة التوترات، فإن الكويت تسعى إلى تفعيل «خطة الطوارئ الحربية» مع اتجاه الأسطول الأميركي والأوروبي الضخم إلى المنطقة. ويتمحور جزء من الخطة الكويتية حول وضع الأصول الإستراتيجية النفطية كاحتياط في الشرق الأدنى وخارج فضاء المعركة المقبلة.
كما أن إسرائيل تسعى إلى تطوير قوتها العسكرية بهدف الاستعداد لهجوم محتمل على إيران، من خلال السعي إلى شراء 90 طائرة إف – 161 التي يمكن أن تحمل ما يكفي من الوقود للوصول إلى إيران. وقد قامت إسرائيل أيضاً بشراء غواصتي دولفين جديدتين من ألمانيا قادرتين على إطلاق رؤوس حربية نووية، بالإضافة إلى ثلاث غواصات أخرى موجودة في الخدمة مع القوات البحرية.
على العموم، أشار المحللون في السنوات القليلة الماضية إلى احتمال وجود سلسلة من الأحداث التي يمكن أن تؤدي إلى مواجهة بين الغرب وإيران، كما أشار البعض إلى أن الحدث الأهم قد يحدث في الخليج نفسه أو في المشرق العربي– عن طريق الخطأ أو عن قصد.
وقد حصلت بعض هذه الأحداث في نيسان 2007 عندما ألقت إيران القبض على البحارة البريطانيين في الخليج، والهجوم الإسرائيلي على منشأة سورية قيد الإنشاء في شباط 2007، وبيروت في 7 أيار 2008. واليوم، يظهر الحدث الأكثر خطورة وأهمية، أنها الحرب الروسية– الجورجية، التي على الرغم من المسافة الجغرافية، يمكن أن تحمل عواقب وخيمة على الجميع، وخصوصاً على منطقة الخليج الساحليةhttp://www.alwatan.sy/dindex.php?idn=40755
الآثار على إسرائيل
ما حاولت روسيا القيام به من خلال غزوها لجورجيا، هو إرسال رسالة واضحة إلى إسرائيل، بأن العمل الذي يقوم به جيش تل أبيب في تبليسي من خلال دعم وتنظيم وتدريب وتجهيز الجيش الجورجي لم يعد يحتمل.
فالشركات الإسرائيلية الأمنية الخاصة والمسؤولون الإسرائيليون المتقاعدون يشاركون بقوة في النشاط الأمني الجورجي.
هذا بالإضافة إلى أن اهتمام إسرائيل المتزايد بنفط بحر قزوين والغاز الطبيعي هناك، ضاعف سعي موسكو إلى إيقاف هذا النشاط ووضع حدّ له فوراً. كذلك، فإن روسيا ترسل رسالة واضحة مفادها أن موسكو لن تتحمل بعد الآن التدخل والنفوذ الأميركي في جورجيا وتبليسي.
من هنا، فإن الأزمة العسكرية سمحت لموسكو بمعاقبة إسرائيل لـ«تبنيها» جورجيا، ما يضع الولايات المتحدة في موقع حرج يجبرها على فعل ما هو أكثر من الخطابات الرنانة.
الآثار على الخليج العربي وإيران
تتركز آثار الحرب الروسية – الجورجية على منطقة الخليج فتطول مصالحها في الداخل والخارج.
يأتي الأثر الأول على الاستثمارات الخليجية في القوقاز وروسيا، بالإضافة إلى أن الهجوم الروسي سيترك نتائج سيئة على خطط استثمار شركة «رأس الخيمة» في جورجيا.
فقد استثمرت «راكيا» التابعة لشركة «رأس الخيمة» العقارية مؤخراً في مرفأ بوتي الجورجي حيث تقوم بتطوير منطقة حرّة، كما تقوم بتطوير بعض مشاريع الاستخدام بالقرب من العاصمة تبليسي. بالإضافة إلى ذلك، تملك هذه الشركة ثلاثة مشاريع مهمة في أعالي ومرتفعات تبليسي، بقيمة إجمالية تصل إلى 7.3 مليارات.
وفي نيسان من العام 2008، باعت جورجيا 51% من أسهم مرفأ بوتي إلى راكيا لتطوير منطقة اقتصادية حرة خلال 49 عاماً لإدارة الامتياز، ولوضع إدارة جديدة للمرفأ. كما افتتح رسمياً إنشاء المنطقة الحرة، المنوي تطويرها من قبل راكيا، من قبل الرئيس الجورجي مكاييل ساكاشفيلي في 15 نيسان 2008.
وبذلك، تعرضت الاستثمارات الكبرى لرأس الخيمة لأذى كبير جراء الحرب. فمرفأ بوتي الجورجي الذي تمتلك أغلبه هيئة الاستثمار التابعة لرأس الخيمة وتمت الإشارة إليه، تعرض لضرر بالغ من جراء الغارات الجوية الروسية.
الواقع أنه لطالما تركز الاتجاه السائد بين روسيا ومجلس التعاون الخليجي على تعزيز الممر الاقتصادي بين منطقتي الشمال والجنوب، وهذا الرابط قد يكون الآن في خطر في حال ذهبت استثمارات خليجية أخرى أدراج الرياح.
أما الأثر الثاني، فهو الوجود العسكري الغربي والروسي المتنامي في المياه الخليجية والمتوسطية، والذي لا يمكن تفريقه عن الصراع الروسي – الجورجي.
”
روسيا وجهت رسالة واضحة إلى إسرائيل: ما تقوم به تل أبيب في جورجيا لم يعد يحتمل “
من جهة أخرى، هناك ثلاث قوات ضاربة أميركية، في طريقها إلى الخليج وهي تسمى «يو إس إس ثيودور روزفيلت»، «يو إس إس رونالد ريغان» و«يو إس إس ايوو جيما». كما توجد مسبقاً هناك، «يو إس إس ابراهام لينكولن» في الخليج العربي مقابل الشواطئ الإيرانية و«يو إس إس بيليليو» التي تبحر في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقد بدأ هناك أيضاً انتشار بحري روسي واسع في وقت سابق من هذا العام في شرق المتوسط الذي يضم حاملة الطائرات «الاميرال كوزنيتوف» مع نحو 50 طائرة حربية «سو- 33» التي تملك القدرة على التزود بالوقود جوا مع توجيه قذائف الطرد الثقيلة «موسكفا». وهذا يعني أن الطائرات الحربية الروسية يمكن أن تصل إلى الخليج من البحر الأبيض المتوسط، على مسافة نحو 850 ميلاً. كما أنه من الممكن أن تضطرّ إلى التحليق فوق سورية وحتى العراق، حيث تسيطر القوات الجوية الأميركية.
وتتألف القوة العسكرية الروسية من اثنتي عشرة سفينة حربية فضلا عن عدد من الغواصات. وعلى حين يسعى الغرب إلى الدفاع عن مصادر النفط في منطقة الخليج الموجودة في الشرق والشرق الأدنى، تسعى روسيا إلى العمل على زيادة سيطرتها على موارد النفط في بحر قزوين، وامتلاك موقع إستراتيجي في بلاد الشام.
ويتركز الأثر الأخير على ما يمكن أن يكون انهياراً كاملاً لرجوع قناة الاتصالات الغربية – الإيرانية عن طريق روسيا، فيما يتعلق باستعداد طهران لإيقاف طموحاتها النووية.
ففي العام الماضي، عملت روسيا كوسيط بين الولايات المتحدة وإسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية على وجه التحديد) من جهة وطهران من جهة أخرى. وبعد الحرب الروسية – الجورجية، يمكن أن يغلق باب التسوية بين هذه الجهات.
فالسعودية، على سبيل المثال، تسعى إلى إيقاف البيع الروسي لمضادات الدفاع الجوي إس – 300 إلى طهران، وتسعى أيضاً للحصول على كمية كبيرة من الأسلحة الروسية في سبيل منع صفقة بيع الأسلحة التقليدية الروسية إلى إيران. ومن آثار للحرب الروسية – الجورجية، أنه من الممكن أن تبدأ روسيا بلعب دور فعال من خلال بيع الأسلحة إلى إيران وإسقاط دعمها للعقوبات على إيران.
”
يتركز الاتجاه السائد بين روسيا ومجلس التعاون على تعزيز الممر الاقتصادي بين الشمال والجنوب “
كما أن إسرائيل تسعى إلى تطوير قوتها العسكرية بهدف الاستعداد لهجوم محتمل على إيران، من خلال السعي إلى شراء 90 طائرة إف – 161 التي يمكن أن تحمل ما يكفي من الوقود للوصول إلى إيران. وقد قامت إسرائيل أيضاً بشراء غواصتي دولفين جديدتين من ألمانيا قادرتين على إطلاق رؤوس حربية نووية، بالإضافة إلى ثلاث غواصات أخرى موجودة في الخدمة مع القوات البحرية.
على العموم، أشار المحللون في السنوات القليلة الماضية إلى احتمال وجود سلسلة من الأحداث التي يمكن أن تؤدي إلى مواجهة بين الغرب وإيران، كما أشار البعض إلى أن الحدث الأهم قد يحدث في الخليج نفسه أو في المشرق العربي– عن طريق الخطأ أو عن قصد.
وقد حصلت بعض هذه الأحداث في نيسان 2007 عندما ألقت إيران القبض على البحارة البريطانيين في الخليج، والهجوم الإسرائيلي على منشأة سورية قيد الإنشاء في شباط 2007، وبيروت في 7 أيار 2008. واليوم، يظهر الحدث الأكثر خطورة وأهمية، أنها الحرب الروسية– الجورجية، التي على الرغم من المسافة الجغرافية، يمكن أن تحمل عواقب وخيمة على الجميع، وخصوصاً على منطقة الخليج الساحليةhttp://www.alwatan.sy/dindex.php?idn=40755