لم تنتظر المديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد) طويلا لإرسال أحد مسؤوليها عاجلا إلى موريتانيا بعد الانقلاب الذي قاده الجنرال محمد بن عبد العزيز –أحد أقوى أصدقاء المملكة بجارتنا الجنوبية-. ففي نفس اليوم الذي فاجأ فيه الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله جنرالاته بتنفيذ تهديده بعزلهم من مناصبهم في الصباح الباكر بعد مرور أقل من 24 ساعة على محاولتهم لثنيه عن اتخاذ القرار، استقل المشرف على ملف موريتانيا ب«لادجيد» الطائرة المتوجهة إلى مطار
نواكشوط ليلا لمباشرة مهمته الخاصة.
كان المسؤولون المغاربة على علم بإمكانية استيلاء العسكر على السلطة بموريتانيا في أي لحظة من خلال التقارير التي تعدها «لادجيد»، مثلما كانت باريس وغيرها من
العواصم التي تتوفر على تواجد استخباراتي قوي ب
نواكشوط على علم مسبق بالموضوع، لكن اتخاذ القرار المناسب بعد تنفيذ الانقلاب كان هو محط الخلاف بين كل دولة على حدة.
أما اختيار المغرب للتعاطي مع هذا التطور بالجارة الجنوبية، فكان مرتبطا بالأدوار
الجديدة ل«لادجيد» التي أصبحت تلعبها منذ تعيين ياسين المنصوري – صديق الملك – على رأسها.
وإذا كانت الزيارة الأولى التي قام بها مسؤول بالمديرية العامة للدراسات والمستندات ل
نواكشوط يوم وقوع الانقلاب قد ظلت طي الكتمان، فإن زيارة ياسين المنصوري التي تلتها بثلاثة أيام أعلن عنها بشكل رسمي، وقيل إنه قد تكلف بنقل رسالة شفوية من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الأعلى للدولة الموريتاني.
وكل ما تسرب إلى الرأي العام عن هذا اللقاء هو أن الجنرال محمد ولد عبد العزيز أجرى مشاورات مع ياسين المنصوري حول الأوضاع
الجديدة بجارتنا الجنوبية وتفاعلاتها الدولية.
كما كشف عن كون زيارة المدير العام للادجيد أتت لتقديم الشكر على استجابة الحكام الجدد لموريتانيا لمساعي المملكة المغربية لإطلاق سراح المعتقلين، وارتبطت بسياق الاطمئنان على صحة الرئيس المخلوع وعلى استقرار الوضع في البلاد. فهل كان المبعوث غير المعلن عنه هو الذي طلب من الجنرالات إطلاق سراح الوزراء والمسؤولين الموريتانيين المعتقلين