بقلم الدكتور في العلوم السياسية : صالح النعامي :
إسرائيل والعرب 2013-12-16
تبدي إسرائيل قلقاً كبيراً إزاء توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة في السياسة الخارجية، سيما تقليص تدخلها في الشؤون العالمية والإقليمية، وترى حكومة نتنياهو أن سلوك الإدارة قد يفضي للمس بمصالح إسرائيل الإستراتيجية، التي يتأثر تحقيقها بمدى فاعلية الدور الأمريكي في الحلبة العالمية. وفي تل أبيب يخشون أن يقتفي أوباما ما جاء في نظرية وزير الخزانة الأمريكية الأسبق دان والاس، الذي تحدث في أعقاب الحرب العالمية الثانية عن ضرورة انطواء واشنطن على ذاتها، مشدداً على أن الولايات المتحدة ليس بمقدورها تحمل أعباء مواجهة تحديات وأخطار في كل مكان، وأنه لا يمكنها منح حلفائها الدعم في كل وقت. وإن كان الرئيس ترومان التي خدم في إدارته الوزير والاس لم يتبنى تصوره، فإن الإسرائيليين يرون أن أوباما بات يتبنى تصور والاس بشكل واضح، حيث تدل سياساته على أنه لا يرغب في صد كل محاولة لضعضعة الاستقرار ولا سيما في مناطق عُرفت بأنها حيوية من جهة عسكرية أو سياسية لأمن الولايات المتحدة وشريكاتها وراء البحار. ليس هذا فحسب، بل أن النخبة الصهيونية ترى أن الإدارة الأمريكية في عهد أوباما تتبنى ما يعرف بـ " الحد الأدنى المتمايز "، الذي يعني تقليص التدخل الامريكي وراء البحار بشكل كبير. وفي الكيان الصهيوني يرون أو أوباما تجاوز والاس وأخذ يتبنى نهجاً أكثر تحفظاً للتدخل في الشؤون العالمية والإقليمية، حيث تشير النخب الصهيونية إلى أنه بخلاف أوباما، فإن والاس أوضح أن نهج الانطواء على الذات سيتغير في حال تعرضت مصالح الولايات المتحدة الحيوية للخطر.إن كان الكيان الصهيوني يعبر عن رضاه عن دور أوباما في تأمين مصالح " إسرائيل " في سوريا عبر ضغطه من أجل التوصل لاتفاق نزع السلاح الكيماوي الذي توصلت إليه موسكو وواشنطن، فإن تل أبيب تسجل أيضاً تردد أوباما الكبير في البداية في الملف السوري، وحقيقة أن الأغلبية الساحقة من الأمريكيين كانت ترفض القيام بعمل عسكري ضد نظام الأسد. وهذا ما يضاعف المخاوف لدى صناع القرار في تل أبيب بشأن دلالات التعاطي الأمريكي مع الملف الإيراني، الذي وصل ذروته في التوصل لاتفاق جنيف الأخير بين إيران والغرب. وتبدي النخب الصهيونية مخاوف جدية إزاء السلوك الأمريكي تجاه إيران، وإنها ترى في ميل أوباما للتوصل لتفاهمات مع طهران على أنه أوضح مؤشر على تبني عقيدة والاس. وهناك الكثير من الشواهد التي تقدمها النخب الصهيونية لتدلل على اتفاق جنيف الأخير الذي تم التوصل إليه مؤخراً بين إيران والغرب يعكس في الواقع بداية تشكل نظام عالمي جديد، ويشيرون إلى الاتفاق مع إيران يعكس في الواقع توجه نحو توزيع القوة والنفوذ في العالم، وهذا ما يشكل دليلاً آخر على عدم استعداد الولايات المتحدة للاستمرار في فرض تصورها لواقع العالم باعتبارها القوة العظمى المهيمنة.
إن أكثر ما يقلق الصهاينة حقيقة أن أوباما يستغل رغبة الرأي العام الأمريكي في التركيز على على حل المشاكل الداخلية، سيما الاقتصادية والاجتماعية والصحية. ليس هذا فحسب، بل أنهم في تل أبيب يدركون أن أوباما في الواقع يعي أن الأمريكيين غير مستعدين للعودة لمغامرات سلفه بوش، ويرغبون بدلاً من ذلك والانكباب على حل وضع حلول للتحديات الاقتصادية. من هنا، فقد كانت تلك مفاجأة من العيار الثقيل عندما طالب السيناتور الجمهوري راند بول بتقليص حجم المساعدات الأمريكية للكيان الصهيوني. لم يكن مصدر المفاجأة يعود فقط إلى مجرد أن يصدر مثل هذا التصريح عن سيناتور أمريكي؛ بل أيضاً لأنه صدر عن أحد قادة الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، التي تحاول أن تصر في كل مناسبة على التشديد على أهمية الالتزام الأمريكي بدعم " إسرائيل " اقتصادياً وعسكرياً. وأكثر ما أثار استهجان النخبة الصهيونية حقيقة أن بول اختار أن يعبر عن موقفه في مطلع زيارة قام بها مؤخراً لإسرائيل. إن الحجة التي قدمها بول لتبرير مطالبته تعكس إلى حد ما طابع الجدل الذي يحتدم في الولايات المتحدة حول ما إذا كانت إسرائيل تمثل ذخراً للولايات المتحدة أم عبءاً إستراتيجياً عليها. وقد تساءل بول: " كيف بإمكان الولايات المتحدة أن تواصل تقديم الدعم المالي لإسرائيل على هذا النحو؛ في الوقت الذي تقترض فيه 50 ألف دولار كل ثانية من الصين لسد العجز في موازنتها.
إزاء هذا الواقع، هناك جدل داخل القيادة الصهيونية، فهناك تيار يدعو صراحة للبحث عن حلفاء جدد وتقليص الاعتماد على الولايات المتحدة، ويمثل هذا الرأي صراحة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، وتيار يرى إنه على الرغم من تشخيصه لواقع التراجع الأمريكي، فإنه لا يوجد دولة يمكنها أن تحل محل الولايات المتحدة كحليف قوي للكيان الصهيوني، ويقترح هؤلاء أن يتم توظيف الكونغرس للضغط على الإدارة لمواصلة الاهتمام بالشأن العالمي والإقليمي الذي يتقاطع مع المصالح الإسرائيلية .
إسرائيل والعرب 2013-12-16
تبدي إسرائيل قلقاً كبيراً إزاء توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة في السياسة الخارجية، سيما تقليص تدخلها في الشؤون العالمية والإقليمية، وترى حكومة نتنياهو أن سلوك الإدارة قد يفضي للمس بمصالح إسرائيل الإستراتيجية، التي يتأثر تحقيقها بمدى فاعلية الدور الأمريكي في الحلبة العالمية. وفي تل أبيب يخشون أن يقتفي أوباما ما جاء في نظرية وزير الخزانة الأمريكية الأسبق دان والاس، الذي تحدث في أعقاب الحرب العالمية الثانية عن ضرورة انطواء واشنطن على ذاتها، مشدداً على أن الولايات المتحدة ليس بمقدورها تحمل أعباء مواجهة تحديات وأخطار في كل مكان، وأنه لا يمكنها منح حلفائها الدعم في كل وقت. وإن كان الرئيس ترومان التي خدم في إدارته الوزير والاس لم يتبنى تصوره، فإن الإسرائيليين يرون أن أوباما بات يتبنى تصور والاس بشكل واضح، حيث تدل سياساته على أنه لا يرغب في صد كل محاولة لضعضعة الاستقرار ولا سيما في مناطق عُرفت بأنها حيوية من جهة عسكرية أو سياسية لأمن الولايات المتحدة وشريكاتها وراء البحار. ليس هذا فحسب، بل أن النخبة الصهيونية ترى أن الإدارة الأمريكية في عهد أوباما تتبنى ما يعرف بـ " الحد الأدنى المتمايز "، الذي يعني تقليص التدخل الامريكي وراء البحار بشكل كبير. وفي الكيان الصهيوني يرون أو أوباما تجاوز والاس وأخذ يتبنى نهجاً أكثر تحفظاً للتدخل في الشؤون العالمية والإقليمية، حيث تشير النخب الصهيونية إلى أنه بخلاف أوباما، فإن والاس أوضح أن نهج الانطواء على الذات سيتغير في حال تعرضت مصالح الولايات المتحدة الحيوية للخطر.إن كان الكيان الصهيوني يعبر عن رضاه عن دور أوباما في تأمين مصالح " إسرائيل " في سوريا عبر ضغطه من أجل التوصل لاتفاق نزع السلاح الكيماوي الذي توصلت إليه موسكو وواشنطن، فإن تل أبيب تسجل أيضاً تردد أوباما الكبير في البداية في الملف السوري، وحقيقة أن الأغلبية الساحقة من الأمريكيين كانت ترفض القيام بعمل عسكري ضد نظام الأسد. وهذا ما يضاعف المخاوف لدى صناع القرار في تل أبيب بشأن دلالات التعاطي الأمريكي مع الملف الإيراني، الذي وصل ذروته في التوصل لاتفاق جنيف الأخير بين إيران والغرب. وتبدي النخب الصهيونية مخاوف جدية إزاء السلوك الأمريكي تجاه إيران، وإنها ترى في ميل أوباما للتوصل لتفاهمات مع طهران على أنه أوضح مؤشر على تبني عقيدة والاس. وهناك الكثير من الشواهد التي تقدمها النخب الصهيونية لتدلل على اتفاق جنيف الأخير الذي تم التوصل إليه مؤخراً بين إيران والغرب يعكس في الواقع بداية تشكل نظام عالمي جديد، ويشيرون إلى الاتفاق مع إيران يعكس في الواقع توجه نحو توزيع القوة والنفوذ في العالم، وهذا ما يشكل دليلاً آخر على عدم استعداد الولايات المتحدة للاستمرار في فرض تصورها لواقع العالم باعتبارها القوة العظمى المهيمنة.
إن أكثر ما يقلق الصهاينة حقيقة أن أوباما يستغل رغبة الرأي العام الأمريكي في التركيز على على حل المشاكل الداخلية، سيما الاقتصادية والاجتماعية والصحية. ليس هذا فحسب، بل أنهم في تل أبيب يدركون أن أوباما في الواقع يعي أن الأمريكيين غير مستعدين للعودة لمغامرات سلفه بوش، ويرغبون بدلاً من ذلك والانكباب على حل وضع حلول للتحديات الاقتصادية. من هنا، فقد كانت تلك مفاجأة من العيار الثقيل عندما طالب السيناتور الجمهوري راند بول بتقليص حجم المساعدات الأمريكية للكيان الصهيوني. لم يكن مصدر المفاجأة يعود فقط إلى مجرد أن يصدر مثل هذا التصريح عن سيناتور أمريكي؛ بل أيضاً لأنه صدر عن أحد قادة الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، التي تحاول أن تصر في كل مناسبة على التشديد على أهمية الالتزام الأمريكي بدعم " إسرائيل " اقتصادياً وعسكرياً. وأكثر ما أثار استهجان النخبة الصهيونية حقيقة أن بول اختار أن يعبر عن موقفه في مطلع زيارة قام بها مؤخراً لإسرائيل. إن الحجة التي قدمها بول لتبرير مطالبته تعكس إلى حد ما طابع الجدل الذي يحتدم في الولايات المتحدة حول ما إذا كانت إسرائيل تمثل ذخراً للولايات المتحدة أم عبءاً إستراتيجياً عليها. وقد تساءل بول: " كيف بإمكان الولايات المتحدة أن تواصل تقديم الدعم المالي لإسرائيل على هذا النحو؛ في الوقت الذي تقترض فيه 50 ألف دولار كل ثانية من الصين لسد العجز في موازنتها.
إزاء هذا الواقع، هناك جدل داخل القيادة الصهيونية، فهناك تيار يدعو صراحة للبحث عن حلفاء جدد وتقليص الاعتماد على الولايات المتحدة، ويمثل هذا الرأي صراحة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، وتيار يرى إنه على الرغم من تشخيصه لواقع التراجع الأمريكي، فإنه لا يوجد دولة يمكنها أن تحل محل الولايات المتحدة كحليف قوي للكيان الصهيوني، ويقترح هؤلاء أن يتم توظيف الكونغرس للضغط على الإدارة لمواصلة الاهتمام بالشأن العالمي والإقليمي الذي يتقاطع مع المصالح الإسرائيلية .