يعني لفت نظركم أن بندر عباس ليست حاملة طائرات و لم تنتبهوا لتأثير اتجاه ايران الى مياه شرق آسيا .
ثمة عوامل أساسية كان لها تأثير مباشر على تفعيل التوجه الإيراني ناحية الشرق:أهمها، تزايد تطلع القوى الإقليمية الكبرى في منطقة جنوب وجنوب شرق آسيا إلى لعب دور مهم على الساحة الدولية، والحيلولة دون ترك الساحة للهيمنة الأمريكية. وقد كان تطوير منظمة شنغهاى للتعاون عام 2001 من منظمة هدفها تسوية الخلافات الحدودية إلى منظمة تمتلك أهدافا سياسية واقتصادية أثارت قلق الدوائر الغربية عمومًا والأمريكية على سبيل الخصوص، أحد انعكاسات هذه التطورات، فقد رفضت الدول الأعضاء الطلب الذي تقدمت به الولايات المتحدة للمشاركة في المنظمة بصفة مراقب، بدعوى أن الولايات المتحدة ليست دولة آسيوية.
إلى جانب ذلك فإن ثمة تململا يبدو ملحوظًا إزاء الوجود العسكري الأمريكي في منطقة وسط آسيا، الذي تعتبره العديد من الدول تهديدًا لمصالحها الحيوية ولعمقها الاستراتيجي، ولذا اتخذت منظمة شنغهاي للتعاون موقفًا معارضًا للوجود الأمريكى في المنطقة، واعتبرت أن مهمة القوات الأمريكية في أفغانستان انتهت بتسليم مقاليد إدارة الأمور إلى الأفغان ودعت إلى سحب القواعد الأمريكية من آسيا الوسطى، وقد قوبلت هذه الدعوة بغضب من جانب واشنطن التي أرسلت وزيرة خارجيتها كوندوليزا رايس ووزير دفاعها دونالد رامسفيلد لتطبيع العلاقات مع جمهوريات آسيا الوسطى.
وقد تحدث قادة المجموعة عن نيات لزيادة فعالية المنظمة عبر توقيع اتفاقات إضافية حول التعاون العسكري - الأمني، ما يعتبره المراقبون تهديدًا للوجود الأمريكى في منطقة آسيا الوسطى.
كما وجه رئيس أوزبكستان إسلام كريموف انتقادات للإدارة الأمريكية قال فيها: إن أحداث السنوات الأخيرة كشفت عن أوجه أصدقاء المنطقة، الحقيقيين منهم وغير الحقيقيين، في إشارة إلى الولايات المتحدة التي انتقدت كريموف وأدانت ممارسات الأجهزة الأمنية لدى مواجهة أحداث الشغب في انديجان عقب ثورة السوسن في قيرغيزستان المجاورة عام 2005. ودعا كريموف إلى مواجهة المحاولات الخارجية الرامية لفرض المعايير الغربية للديمقراطية والتطور الاجتماعي على بلدان المجموعة.
الاهتمام الدولي بالقمة كان سابقًا على عقدها، ومبعثه الانتقادات الأمريكية بشأن مشاركة إيران في القمة، والتي جاءت على لسان وزير الدفاع الأمريكى دونالد رامسفيلد الذي قال: إنه من الغريب السعى لضم دولة مثل إيران التي تعتبر من أكبر الدول الداعمة للإرهاب إلى منظمة تدعي أنها ضد الإرهاب.
تصريحات وزير الدفاع الأمريكى قوبلت برفض من جانب الصين التي استضافت القمة، وأصرت على توجيه الدعوة لإيران للمشاركة في القمة. كما رفض الأمين العام للمنظمة الدبلوماسي الصيني جانج دينانج الانتقادات الأمريكية قائلا: لا نوافق على إطلاق وصف دولة تدعم الإرهاب على دولة لها صفة مراقب في منظمة التعاون في شنغهاي، وأضاف: لو كانت لدينا أدلة قاطعة لا تحتمل المناقشة في أن دولة تدعم الإرهاب لما كنا سمحنا لها أن تتمتع بصفة مراقب.
أما الاهتمام الإيراني بالمشاركة في القمة فمبعثه كون منظمة شنغهاي، التي طلبت إيران العضوية الكاملة فيها، تمثل نقطة انطلاق للتوجه نحو الشرق وتفعيل العلاقات مع القوى الإقليمية مثل الصين وروسيا والدول الإسلامية. ولذا فإن الأبعاد والنتائج الاستراتيجية المهمة التي حققتها عضوية إيران بصفة مراقب في منظمة تعاون شنغهاى تفوق بكثير الحسابات الخاصة بالتجارة والصفقات الاقتصادية، برغم أهميتها. ومن ثم، فإن فهمًا موضوعيًا شاملاً لعضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون يقتضي الوقوف على تلك الأبعاد والنتائج.
دفعت الضغوط الدولية المفروضة على إيران - من جانب الولايات المتحدة والدول الأوروبية على خلفية أزمة الملف النووى، إيران إلى التوجه نحو تفعيل علاقاتها مع الدول الآسيوية على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، خصوصًا دول منظمة شنغهاى، التي تحظى بأهمية خاصة لدى إيران لاعتبارات عدة هي:
- أن المنظمة تضم دولتين من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهما الصين وروسيا اللتان تحولان حتى الآن دون تنفيذ التوجهات الأمريكية لفرض عقوبات وعزلة دولية على إيران، وتسعى إيران من خلال تفعيل عضويتها في منظمة شنغهاي إلى إيجاد شبكة من المصالح والعلاقات مع كل من الصين وروسيا تكون دافعًا لديهما للاستمرار في مواجهة التوجه العدائي الأمريكي ضد إيران على الساحة الدولية.
-انتبهت إيران إلى النتائج الإيجابية التي يمكن أن تعود عليها من خلال تفعيل علاقاتها مع هذه الدول خصوصًا الصين ، وقد تمكنت ايران من إبرام صفقات لبيع النفط والغاز للصين ، كان أهمها صفقة توريد الغاز الإيراني للصين لمدة 25 عاما بتكلفة 75 مليار دولار.
العلاقات الإيرانية - الصينية لم تقتصر على مجال النفط، وإنما امتدت إلى العديد من المجالات الاقتصادية، من بينها عدة مشاريع للطرق والمواصلات، أهمها قيام الصين بإنشاء المرحلة الأولى من نفق طهران بقيمة 836 مليون دولار، فضلاً عن التعاون في مجال تصنيع السيارات، وقد توطدت العلاقات السياسية بين البلدين خلال 2005، لاسيما بعد دعوة الصين لمشاركة إيران في منظمة شنغهاى للتعاون بصفة مراقب.
وعلى جانب آخر، قامت الصين بمساعدة إيران في مجال التكنولوجيا النووية، والصواريخ بعيدة المدى، والتى تتيح لها استهداف السفن البحرية للولايات المتحدة، ونقاط تمركز قواتها في الشرق الأوسط، فضلاً عن إمكانية حصار مضيق هرمز، الذي تمر من خلاله نحو ثلث تجارة النفط العالمية.
-أما بالنسبة لروسيا، فإنها تحظى باهتمام خاص من جانب إيران كونها أحد المصادر الأساسية للأسلحة والتكنولوجيا النووية لإيران، إلى جانب رفضها فرض عزلة دولية أو عقوبات على إيران من جانب مجلس الأمن، ولذا تحاول إيران إيجاد شبكة من المصالح وتقديم إغراءات اقتصادية إلى روسيا تعول عليها في مواجهة الضغوط الغربية، ومن ثم اتجهت إلى زيادة حجم التبادل التجارى مع روسيا الذي يبلغ حوالى 2.5 مليار دولار سنويًّا من خلال إبرام اتفاقات تتعلق باستيراد التكنولوجيا النووية واستكمال بناء مفاعل بوشهر، وهى صفقات لن تتنازل عنها روسيا بسهولة بل إنها رفضت الضغوط والمطالب الغربية بوقف بناء مفاعل بوشهر الإيراني، خشية خسارة المستهلك الإيراني. وبمساعدة بكين وموسكو، فإن طهران لن تكون هدفًا سهلًا للقوات الأمريكية.
-إضافة إلى كل من الصين وروسيا، تعتبر إيران أن تعميق علاقاتها الاقتصادية والثقافية مع جمهوريات آسيا الوسطى مصلحة حيوية، وتأتى طاجيكستان على رأس هذه الدول خصوصًا على ضوء العلاقات الوطيدة التي تربط بين الشعبين الإيراني والطاجيكي، اللذين تجمع بينهما اللغة الفارسية. وقد لعبت إيران دورا مهما في إنهاء الحرب الأهلية في طاجيكستان التي اشتعلت بعد استقلالها في بداية التسعينيات، وإجراء المصالحة بين الحكومة والمعارضة.