موقع الهوك أو عملية شرق البحيرات المرة
تمت فى 25 مارس 1970
اللواء أحمد رجائى عطية :
جلبت معلومات الاستطلاع لمؤخرة العدو والتى كانت منتشرة فى سيناء بواسطة ضباط مصريين .. كانت هذه المجموعات قد قام (عصام الدالى) بنشرها فى فترة خدمته بفرع الاستطلاع .. ثم تولى أحد الضباط هذه المهمة من بعده .. وبعد أن انتقل (عصام الدالى) للمجموعة 39 قتال (فرع العمليات الخاصة).
وذلك أن هناك عملية إنشاء دشمة كبيرة على الطريق الأوسط أمام منطقة الدفرسوار وكان الاعتقاد فى حينها أنها دشمة للطائرات ولكن كبر حجمها صار الاعتقاد أنها لأكثر من طائرة – وبعد ذلك جاءت معلومات أنه تم إدخال جسم كبير معدنى .. ولم يتمكن فرع البحوث بإدارة المخابرات الحربية تفسير هوية هذا الجسم المعدنى والذى تم تصويره بالصور الأرضية .. ولذلك تقرر أن يتم تصويره جـويا .. وكان المطلوب أن يتم فتح ثغرة فى الدفاع الجوى لكى تتمكن طائرة استطلاع بالقيام بالتصوير الجوى .. وفعلا صدرت الأوامر للمجموعة 39 قتال .. بهذه المهمة – وقد كلفت بهذه المهمة .. فتم تصنيع لونشر صواريخ مكون من 16 صاروخ 130 مم بالمصانع الحربية وقمت بتركيب جهاز تنشين على اللونشر وتم معايرته وأحب أن اذكر هنا نموذج مشرف من أبناء مصر .. حيث ذهبت إلى إحدى المصانع الحربية وكان يرأسه مهندس اسمه (فهمى) وقابلت فى الصباح شباب المهندسين بالمصنع وطلبت تصنيع لونشر الصواريخ بمواصفات معينة وأمهلونى عدة أيام – ولكن فى نفس اليوم ليلا فى حوالى الثالثة صباحا .. أتصل بى المهندس (فهمى) بالمنزل ليخبرنى أن القاذف جاهز للتجربة .. وفعلا ذهبنا فى فجر نفس اليوم لتجربة القاذف فى منطقة جبل حمزة بطريق مصر – إسكندرية الصحراوى.
وقد تحدد أن يتم تنفيذ العملية من خلال البحيرات المرة الكبرى .. وخرجت الدورية من قطاع الجيش الثانى رغم أن الهدف أمام قطاع الجيش الثالث. وقد كانت هذه العملية لها ظروف وملابسات غريبة ولكنها انتهت بنجاح كبير لم يكن متوقعًا.
ففى 25 مارس 1970 خرجنا فى قاربين مطاطين الأول به لونشر الصواريخ بعد أن تم تثبيته بالحبال على القارب وكنت أنا و(محمد عبده موسى) بالقارب الأول .. والثانى به مجموعة الحماية وكان به (إبراهيم الرفاعى) ومجموعة الحماية بقيادة أحد الضباط والصحفى (عبده) مباشر وقد قمت بتجهيز القارب الذى يحمل اللونشر حيث وضعت اللونشر على طبلية خشب مربعة ومثبت فيها بمسامير قلاووظ ثم قمت بتثبيت الطبلية بالحبال فى القارب وقد قام بحمل الطبليه مركب عليها الونشر أكثر من ثمانية أفراد .. كذلك قمت كضابط مدفعية بربط كافة البيانات اللازمة لضرب الهدف على آلة التنشين مستخدما النجم القطبى والمسافة من الخريطة وهى طريقة معلومة لدى المدفعية وتسمى بطريقة (نقص الإمكانيات).
وبدأنا العبور عبر البحيرة المرة لمسافة 14 كم فى القاربين .. ولكن عندما وصلت لمنتصف البحيرة تذكرت كيف سيتم إنزال اللونشر من على القارب .. وما سيصاحب ذلك قد يؤثر على أدوات التنشين والتى تم ربط كافة البيانات من مسافة واتجاه عليها فقررت أن اندفع بسرعة عالية إلى أن يتم رسوا القارب المطاط على الشاطئ وقد تم ذلك فعلا .. ثم أفرغت القارب من الهواء حتى يكون اللونشر ثابتاً على الأرض وكذلك وضعنا رمالاً مبللة بالمياه على كامل القارب حتى لا يتأثر بالنيران التى تخرج من خلف الصواريخ ثم قمت بتوجيه الصواريخ على الهدف المحدد وهو موقع صواريخ الهوك مستعينا بالنجم القطبى وتم ضـرب الستة عشر صاروخًا فى اتجاه موقع الهوك – وبدأنا فى نفخ القـارب بسـرعة عاليـة وأنزلنا القوارب فى البحيرة لنبدأ العودة.
وقبل أن نغادر المنطقة شاهدنا السنة اللهب تتعالى من موقع الهوك .. ويبدو أنها كانت ضربة موفقة حيث ظلت النيران تشتعل وينفجر الموقع لمدة أكثر من ساعتين .. حيث إن صاروخًا أصاب مكان تخزين صواريخ الهوك. وقد كتب عنها عبده مباشر الصحفى بالأهرام فى اليوم التالى – والذى رافقنا فى هذه العملية أن قوات الكوماندوز تدمر موقع هوك تحت عنوان قال تعالى: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) سورة الأنفال الآية (17).
ومع صباح فجر اليوم التالى خرجت طائرة استطلاع مصرية من خلال الثغرة التى حدثت فى نظام الدفاع الجوى للعدو – لالتقاط صور للموقع الذى يبعد 40 كم عن القناة واتضح أنه كوبرى معدنى .. معد لأى هجوم إسرائيلى غرب القناة. وهو فعلا نفس الكوبرى الذى عبرت به القوات الإسرائيلية فى عملية الثغرة فى معركة 73 ولكن حتى الآن لا أعلم لماذا لم يخطط لضرب هذا الهدف فى طلعات القوات الجوية فى معركة 73 ولا أعلم لماذا لم تنفذ الضربة الجوية الثانية والذى كان مخططًا لها ما بين الساعة الرابعة والنصف أثناء إنزال قوات الصاعقة بواسطة الطائرات الهليكوبتر.
أعمال الضرب بالصواريخ
لقد كانت أشهر عمليات الضرب بالصواريخ هى عملية ضرب مدينة إيلات والتى قطعت اليد الطولى لإسرائيل .. ومن بعدها تم حماية الأهداف المدنية المصرية من أن تتطاول عليها إسرائيل والعملية الثانية هى ضرب موقع الهوك أمام الجيش الثالث والتى قمت بها وأخذت إسرائيل درسًا .. أن أهدافها فى العمق فى متناول أيدينا.
وهناك أهداف كثيرة ضُرِبٌت بالصواريخ أوجعت إسرائيل فقد تم ضرب مطار الطور والذى كان يستخدم كقاعدة إدارية أكثر من مرة وهو يبعد عن القاهرة حوالى 300 كم .. مما أفقد قوات العدو الكثير من المعدات والتشوينات الإدارية.
كما تم ضرب موقع كبريت المطل على بحيرة كبريت من جـزيرة صغيرة فى وسط البحيرة بصواريخ (فاب) وهى من النوع الذى تتسلح به طائرات الهليكوبتر وكانت هذه العملية من النوع العمليات المزدوجة حيث تم ترك أشراك خداعية حول قواعد الصواريخ والتى توجه إليها العدو بعد أن انطلقت الصواريخ منها .. مما أوقع العدو فى حقل أشراك خداعية .. سببت له خسائر كبيرة – وقد كان مهندس هذه العملية الرائــد طبيب (عالى نصر) الذى نفذها ببراعة – ورغم أنه طبيب إلا أننى كنت أسميه المهندس لما يتحلى به من براعة فى أعمال الأشراك الخداعية .. وصبره وثباته عند تجهيزه لمثل هذه العمليات .. وكان هناك موقع للعدو عبارة عن مدافع 155 وهى ثقيلة العيار ولها مدى طويل وكانت متمركزة فى دشم مسلحة ولها أبواب فولاذية وهى فى منطقة تسمى تل سلام بعيون موسى جنوب شرق خليج السويس – وكانت هذه المدافع دائمة الضرب على مدينة السويس من حين لآخر.
ولكننا كمجموعة 39 قتال كنا نعبر خليج السويس ونقذفها بالصواريخ وقد تم ذلك مرات عديدة مما جعل العدو يعيد التفكير أكثر من مرة فى استخدامها ضد مدينة السويس.
تمت فى 25 مارس 1970
اللواء أحمد رجائى عطية :
جلبت معلومات الاستطلاع لمؤخرة العدو والتى كانت منتشرة فى سيناء بواسطة ضباط مصريين .. كانت هذه المجموعات قد قام (عصام الدالى) بنشرها فى فترة خدمته بفرع الاستطلاع .. ثم تولى أحد الضباط هذه المهمة من بعده .. وبعد أن انتقل (عصام الدالى) للمجموعة 39 قتال (فرع العمليات الخاصة).
وذلك أن هناك عملية إنشاء دشمة كبيرة على الطريق الأوسط أمام منطقة الدفرسوار وكان الاعتقاد فى حينها أنها دشمة للطائرات ولكن كبر حجمها صار الاعتقاد أنها لأكثر من طائرة – وبعد ذلك جاءت معلومات أنه تم إدخال جسم كبير معدنى .. ولم يتمكن فرع البحوث بإدارة المخابرات الحربية تفسير هوية هذا الجسم المعدنى والذى تم تصويره بالصور الأرضية .. ولذلك تقرر أن يتم تصويره جـويا .. وكان المطلوب أن يتم فتح ثغرة فى الدفاع الجوى لكى تتمكن طائرة استطلاع بالقيام بالتصوير الجوى .. وفعلا صدرت الأوامر للمجموعة 39 قتال .. بهذه المهمة – وقد كلفت بهذه المهمة .. فتم تصنيع لونشر صواريخ مكون من 16 صاروخ 130 مم بالمصانع الحربية وقمت بتركيب جهاز تنشين على اللونشر وتم معايرته وأحب أن اذكر هنا نموذج مشرف من أبناء مصر .. حيث ذهبت إلى إحدى المصانع الحربية وكان يرأسه مهندس اسمه (فهمى) وقابلت فى الصباح شباب المهندسين بالمصنع وطلبت تصنيع لونشر الصواريخ بمواصفات معينة وأمهلونى عدة أيام – ولكن فى نفس اليوم ليلا فى حوالى الثالثة صباحا .. أتصل بى المهندس (فهمى) بالمنزل ليخبرنى أن القاذف جاهز للتجربة .. وفعلا ذهبنا فى فجر نفس اليوم لتجربة القاذف فى منطقة جبل حمزة بطريق مصر – إسكندرية الصحراوى.
وقد تحدد أن يتم تنفيذ العملية من خلال البحيرات المرة الكبرى .. وخرجت الدورية من قطاع الجيش الثانى رغم أن الهدف أمام قطاع الجيش الثالث. وقد كانت هذه العملية لها ظروف وملابسات غريبة ولكنها انتهت بنجاح كبير لم يكن متوقعًا.
ففى 25 مارس 1970 خرجنا فى قاربين مطاطين الأول به لونشر الصواريخ بعد أن تم تثبيته بالحبال على القارب وكنت أنا و(محمد عبده موسى) بالقارب الأول .. والثانى به مجموعة الحماية وكان به (إبراهيم الرفاعى) ومجموعة الحماية بقيادة أحد الضباط والصحفى (عبده) مباشر وقد قمت بتجهيز القارب الذى يحمل اللونشر حيث وضعت اللونشر على طبلية خشب مربعة ومثبت فيها بمسامير قلاووظ ثم قمت بتثبيت الطبلية بالحبال فى القارب وقد قام بحمل الطبليه مركب عليها الونشر أكثر من ثمانية أفراد .. كذلك قمت كضابط مدفعية بربط كافة البيانات اللازمة لضرب الهدف على آلة التنشين مستخدما النجم القطبى والمسافة من الخريطة وهى طريقة معلومة لدى المدفعية وتسمى بطريقة (نقص الإمكانيات).
وبدأنا العبور عبر البحيرة المرة لمسافة 14 كم فى القاربين .. ولكن عندما وصلت لمنتصف البحيرة تذكرت كيف سيتم إنزال اللونشر من على القارب .. وما سيصاحب ذلك قد يؤثر على أدوات التنشين والتى تم ربط كافة البيانات من مسافة واتجاه عليها فقررت أن اندفع بسرعة عالية إلى أن يتم رسوا القارب المطاط على الشاطئ وقد تم ذلك فعلا .. ثم أفرغت القارب من الهواء حتى يكون اللونشر ثابتاً على الأرض وكذلك وضعنا رمالاً مبللة بالمياه على كامل القارب حتى لا يتأثر بالنيران التى تخرج من خلف الصواريخ ثم قمت بتوجيه الصواريخ على الهدف المحدد وهو موقع صواريخ الهوك مستعينا بالنجم القطبى وتم ضـرب الستة عشر صاروخًا فى اتجاه موقع الهوك – وبدأنا فى نفخ القـارب بسـرعة عاليـة وأنزلنا القوارب فى البحيرة لنبدأ العودة.
وقبل أن نغادر المنطقة شاهدنا السنة اللهب تتعالى من موقع الهوك .. ويبدو أنها كانت ضربة موفقة حيث ظلت النيران تشتعل وينفجر الموقع لمدة أكثر من ساعتين .. حيث إن صاروخًا أصاب مكان تخزين صواريخ الهوك. وقد كتب عنها عبده مباشر الصحفى بالأهرام فى اليوم التالى – والذى رافقنا فى هذه العملية أن قوات الكوماندوز تدمر موقع هوك تحت عنوان قال تعالى: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) سورة الأنفال الآية (17).
ومع صباح فجر اليوم التالى خرجت طائرة استطلاع مصرية من خلال الثغرة التى حدثت فى نظام الدفاع الجوى للعدو – لالتقاط صور للموقع الذى يبعد 40 كم عن القناة واتضح أنه كوبرى معدنى .. معد لأى هجوم إسرائيلى غرب القناة. وهو فعلا نفس الكوبرى الذى عبرت به القوات الإسرائيلية فى عملية الثغرة فى معركة 73 ولكن حتى الآن لا أعلم لماذا لم يخطط لضرب هذا الهدف فى طلعات القوات الجوية فى معركة 73 ولا أعلم لماذا لم تنفذ الضربة الجوية الثانية والذى كان مخططًا لها ما بين الساعة الرابعة والنصف أثناء إنزال قوات الصاعقة بواسطة الطائرات الهليكوبتر.
أعمال الضرب بالصواريخ
لقد كانت أشهر عمليات الضرب بالصواريخ هى عملية ضرب مدينة إيلات والتى قطعت اليد الطولى لإسرائيل .. ومن بعدها تم حماية الأهداف المدنية المصرية من أن تتطاول عليها إسرائيل والعملية الثانية هى ضرب موقع الهوك أمام الجيش الثالث والتى قمت بها وأخذت إسرائيل درسًا .. أن أهدافها فى العمق فى متناول أيدينا.
وهناك أهداف كثيرة ضُرِبٌت بالصواريخ أوجعت إسرائيل فقد تم ضرب مطار الطور والذى كان يستخدم كقاعدة إدارية أكثر من مرة وهو يبعد عن القاهرة حوالى 300 كم .. مما أفقد قوات العدو الكثير من المعدات والتشوينات الإدارية.
كما تم ضرب موقع كبريت المطل على بحيرة كبريت من جـزيرة صغيرة فى وسط البحيرة بصواريخ (فاب) وهى من النوع الذى تتسلح به طائرات الهليكوبتر وكانت هذه العملية من النوع العمليات المزدوجة حيث تم ترك أشراك خداعية حول قواعد الصواريخ والتى توجه إليها العدو بعد أن انطلقت الصواريخ منها .. مما أوقع العدو فى حقل أشراك خداعية .. سببت له خسائر كبيرة – وقد كان مهندس هذه العملية الرائــد طبيب (عالى نصر) الذى نفذها ببراعة – ورغم أنه طبيب إلا أننى كنت أسميه المهندس لما يتحلى به من براعة فى أعمال الأشراك الخداعية .. وصبره وثباته عند تجهيزه لمثل هذه العمليات .. وكان هناك موقع للعدو عبارة عن مدافع 155 وهى ثقيلة العيار ولها مدى طويل وكانت متمركزة فى دشم مسلحة ولها أبواب فولاذية وهى فى منطقة تسمى تل سلام بعيون موسى جنوب شرق خليج السويس – وكانت هذه المدافع دائمة الضرب على مدينة السويس من حين لآخر.
ولكننا كمجموعة 39 قتال كنا نعبر خليج السويس ونقذفها بالصواريخ وقد تم ذلك مرات عديدة مما جعل العدو يعيد التفكير أكثر من مرة فى استخدامها ضد مدينة السويس.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: