يوم سقط في بيروت أكبر عدد من "المارينز" دفعة واحدة
في (2013 /23/10) تمر 30 سنة على شاحنة فجّرها "إيراني" وقتل لأميركا 241 جندياً بدقائق
لندن- كمال قبيسي
لو كان كتاب "غينيس" للأرقام القياسية عن الولايات المتحدة وحدها، لضموا إليه "إسماعيل عسكري" كقاتل أكبر عدد من مواطنيها دفعة واحدة خارج حرب معلنة منذ تأسست الولايات المتحدة حتى هجمات 11 سبتمبر 2001 بواشنطن ونيويورك، فليس في التاريخ زاهق لأرواح الأميركيين بالجملة مثله. مع ذلك، فلا أحد يعرف عنه شيئا سوى الاسم فقط، على افتراض أنه فعلا إسماعيل عسكري.
إسماعيل هو إيراني نفذ عملية انتحارية في بيروت كان التفجير فيها قويا إلى درجة أن "أف.بي.آي" وصفها بعبارةThe largest non-nuclear bomb in history في العام الذي حدثت فيه، بحسب ما قرأت "العربية.نت" في موقع مقبرة "أرلنغتون" الأميركية حيث دفنوا بعض قتلاها، لأن دويّه أيقظ العاصمة اللبنانية باكرا من نومها، ومذعورة من مقتلة تمر عليها الأربعاء المقبل 30 سنة تماما.
وبدأ كل شيء في السادسة و22 دقيقة من صباح الأحد 23 أكتوبر/تشرين الأول 1983 وانتهى للأميركيين بكارثة: القتلى كانوا 220 من المارينز و18 من البحارة و3 جنود، وجميعهم قضوا بدقائق، ومعهم قضى بعدها في المستشفيات 13 مدنيا أميركيا، ممن كانت حالتهم حرجة ضمن 128 أصابتهم جراح متنوعة وخرجوا سالمين، طبقا لأرشيفات متنوعة أطلعت عليها "العربية.نت" أيضا عن التفجير.
تفجير "شاحنة الموت" كان بقوة 6 أطنان
كتبوا في التقارير الرسمية أن إسماعيل قاد شاحنة ميرسيدس إلى مقر "المارينز" المجاور كثكنة عسكرية لمطار بيروت، وكانت من 4 طوابق يقيم فيها 300 من مشاة البحرية البالغ عددهم في العاصمة اللبنانية ذلك الوقت 1600 عنصرا، ممن شكلوا مع نظرائهم من بريطانيا وفرنسا "قوات حفظ السلام الدولية" التي تمركزت في بيروت منذ انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية بعد الغزو الإسرائيلي في 1982 للبنان.
وعندما اقتربت "شاحنة الموت" من مدخل الثكنة اتجه سائقها نحو موقف السيارات، فظنوها صهريجا كانوا ينتظرونه لتزويد المبنى باحتياجاته من الماء. إلا أن إسماعيل كان يقود شيئا مختلفا بالمرة عن أي صهريج ماء، لأن شاحنته الصفراء كانت محملة بما قوته التفجيرية أكثر من 6 أطنان "تي.أن.تي" أحدثت عندما صعقها دويّا كان أقوى ما سمعه لبنان في حربه الأهلية التي بدأت في 1975 وانتهت بعد 15 سنة.
وبالتزامن مع تلك العملية، دمر انتحاري آخر بشاحنة متفجرات أيضا مبنى مجاور، كان مقرا لقيادة كتيبة المظليين الفرنسية العاملة هي و"المارينز" الأميركيين في إطار قوات متعددة الجنسية تم تكليفها بتهدئة الأوضاع في لبنان، فسقط في التفجير 58 جندياً فرنسياً و6 مدنيين.
مقر الثكنة كما كان قبل وبعد التفجير
العام الذي ولد فيه "جنين" اسمه حزب الله
في اليوم التالي، قام الرئيس الفرنسي آنذاك، فرانسوا ميتران، بزيارة غير رسمية إلى بيروت، وأمضى في موقع الانفجار الفرنسي بضع ساعات، ثم قال: "إننا سنبقى هنا" ومثله قام جورج بوش الأب، وكان نائبا للرئيس الأميركي رونالد ريغان آنذاك، بزيارة موقع تفجير قوات "المارينز" بعد 3 أيام من العملية الانتحارية، ليصرح بأن الولايات المتحدة "لن يهددها الإرهابيون" كما قال.
ساعات مرت على تصريحه، وصدر عن "حركة الجهاد الإسلامي" بيان أعلنت فيه مسؤوليتها عن العملية المزدوجة، ثم اتضح وفق أرشيفات عما بعد العملية، واطلعت عليها "العربية.نت" أيضا، أن تلك المنظمة لم تكن سوى اسم حركي لحزب أسسوه حديثا ذلك العام لملء الفراغ الذي تركه خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من جنوب لبنان بفعل الغزو الإسرائيلي، ولم يكن ما أسسوه سوى "حزب الله" الذي نعرفه الآن، ومن بعدها تداولوا اسم إسماعيل عسكري، كإيراني منفذ للانتحارية الأكبر.
إلا أن التفجيرات أدت لانسحاب "قوات حفظ السلام الدولية" في بداية 1984 من لبنان، بعد أن بقيت فيه 18 شهرا وصفوا خلالها الأميركيين بأنهم "رسل سلام وخلاص" وقبله شكلت وزارة الدفاع الأميركية لجنة بأواخر 1983 من 5 أعضاء للتحقيق بالحادثة التي أعدوا تقريرا عنها بعد 90 يوما، تضمن تقييما لعمل المتعددة الجنسية وأدى لانسحابها.
ذلك التقرير تضمن معلومات عن العملية التي اعتبروها فيما بعد "أسوأ استهداف لمصالح أميركا قبل هجمات 11 سبتمبر". وردا عليها شنت فرنسا غارات جوية بوادي البقاع ضد مواقع قالت إنها للحرس الثوري الإيراني، فيما جمع الرئيس ريغان فريقه للأمن القومي وتم التخطيط لاستهداف ما كان اسمه "ثكنة الشيخ عبد الله" قرب مدينة بعلبك "وكانت تضم الحرس الثوري الإيراني الذي يعتقد أنه درب مقاتلي حزب الله" وفق الوارد بأرشيفات ذكرت فيما بعد أن عماد مغنية كان الدماغ المخطط للتفجير.
شجرة أرز من لبنان لذكرى من قضوا
شجرة الأرز في مقبرة أرلينغتون وتحتها اللوحة التذكارية مكبّرة
وحمل "المارينز" معهم من لبنان عند الانسحاب شجرة أرز صغيرة زرعوها في مقبرة "أرلنغتون" الشهيرة بولاية فرجينيا، وتحتها نصبوا لوحة تخليداً لذكرى من قضوا بالتفجير، كما يبدو من صورة تنشرها "العربية.نت" مع هذا التقرير.
بجوار الشجرة دفنوا 21 من القتلى، أما البقية فتوزعت جثامينهم على مقابر 9 ولايات، وفيها يحيون كل عام ذكرى أكبر مقتلة حلت بالمارينز زمن السلم، خصوصا مع ذكرى 30 سنة على ما كان.
عن العربية
http://www.alarabiya.net/ar/last-pa...في-بيروت-أكبر-عدد-من-المارينز-دفعة-واحدة.html
في (2013 /23/10) تمر 30 سنة على شاحنة فجّرها "إيراني" وقتل لأميركا 241 جندياً بدقائق
لندن- كمال قبيسي
لو كان كتاب "غينيس" للأرقام القياسية عن الولايات المتحدة وحدها، لضموا إليه "إسماعيل عسكري" كقاتل أكبر عدد من مواطنيها دفعة واحدة خارج حرب معلنة منذ تأسست الولايات المتحدة حتى هجمات 11 سبتمبر 2001 بواشنطن ونيويورك، فليس في التاريخ زاهق لأرواح الأميركيين بالجملة مثله. مع ذلك، فلا أحد يعرف عنه شيئا سوى الاسم فقط، على افتراض أنه فعلا إسماعيل عسكري.
إسماعيل هو إيراني نفذ عملية انتحارية في بيروت كان التفجير فيها قويا إلى درجة أن "أف.بي.آي" وصفها بعبارةThe largest non-nuclear bomb in history في العام الذي حدثت فيه، بحسب ما قرأت "العربية.نت" في موقع مقبرة "أرلنغتون" الأميركية حيث دفنوا بعض قتلاها، لأن دويّه أيقظ العاصمة اللبنانية باكرا من نومها، ومذعورة من مقتلة تمر عليها الأربعاء المقبل 30 سنة تماما.
وبدأ كل شيء في السادسة و22 دقيقة من صباح الأحد 23 أكتوبر/تشرين الأول 1983 وانتهى للأميركيين بكارثة: القتلى كانوا 220 من المارينز و18 من البحارة و3 جنود، وجميعهم قضوا بدقائق، ومعهم قضى بعدها في المستشفيات 13 مدنيا أميركيا، ممن كانت حالتهم حرجة ضمن 128 أصابتهم جراح متنوعة وخرجوا سالمين، طبقا لأرشيفات متنوعة أطلعت عليها "العربية.نت" أيضا عن التفجير.
تفجير "شاحنة الموت" كان بقوة 6 أطنان
كتبوا في التقارير الرسمية أن إسماعيل قاد شاحنة ميرسيدس إلى مقر "المارينز" المجاور كثكنة عسكرية لمطار بيروت، وكانت من 4 طوابق يقيم فيها 300 من مشاة البحرية البالغ عددهم في العاصمة اللبنانية ذلك الوقت 1600 عنصرا، ممن شكلوا مع نظرائهم من بريطانيا وفرنسا "قوات حفظ السلام الدولية" التي تمركزت في بيروت منذ انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية بعد الغزو الإسرائيلي في 1982 للبنان.
وعندما اقتربت "شاحنة الموت" من مدخل الثكنة اتجه سائقها نحو موقف السيارات، فظنوها صهريجا كانوا ينتظرونه لتزويد المبنى باحتياجاته من الماء. إلا أن إسماعيل كان يقود شيئا مختلفا بالمرة عن أي صهريج ماء، لأن شاحنته الصفراء كانت محملة بما قوته التفجيرية أكثر من 6 أطنان "تي.أن.تي" أحدثت عندما صعقها دويّا كان أقوى ما سمعه لبنان في حربه الأهلية التي بدأت في 1975 وانتهت بعد 15 سنة.
وبالتزامن مع تلك العملية، دمر انتحاري آخر بشاحنة متفجرات أيضا مبنى مجاور، كان مقرا لقيادة كتيبة المظليين الفرنسية العاملة هي و"المارينز" الأميركيين في إطار قوات متعددة الجنسية تم تكليفها بتهدئة الأوضاع في لبنان، فسقط في التفجير 58 جندياً فرنسياً و6 مدنيين.
مقر الثكنة كما كان قبل وبعد التفجير
العام الذي ولد فيه "جنين" اسمه حزب الله
في اليوم التالي، قام الرئيس الفرنسي آنذاك، فرانسوا ميتران، بزيارة غير رسمية إلى بيروت، وأمضى في موقع الانفجار الفرنسي بضع ساعات، ثم قال: "إننا سنبقى هنا" ومثله قام جورج بوش الأب، وكان نائبا للرئيس الأميركي رونالد ريغان آنذاك، بزيارة موقع تفجير قوات "المارينز" بعد 3 أيام من العملية الانتحارية، ليصرح بأن الولايات المتحدة "لن يهددها الإرهابيون" كما قال.
ساعات مرت على تصريحه، وصدر عن "حركة الجهاد الإسلامي" بيان أعلنت فيه مسؤوليتها عن العملية المزدوجة، ثم اتضح وفق أرشيفات عما بعد العملية، واطلعت عليها "العربية.نت" أيضا، أن تلك المنظمة لم تكن سوى اسم حركي لحزب أسسوه حديثا ذلك العام لملء الفراغ الذي تركه خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من جنوب لبنان بفعل الغزو الإسرائيلي، ولم يكن ما أسسوه سوى "حزب الله" الذي نعرفه الآن، ومن بعدها تداولوا اسم إسماعيل عسكري، كإيراني منفذ للانتحارية الأكبر.
إلا أن التفجيرات أدت لانسحاب "قوات حفظ السلام الدولية" في بداية 1984 من لبنان، بعد أن بقيت فيه 18 شهرا وصفوا خلالها الأميركيين بأنهم "رسل سلام وخلاص" وقبله شكلت وزارة الدفاع الأميركية لجنة بأواخر 1983 من 5 أعضاء للتحقيق بالحادثة التي أعدوا تقريرا عنها بعد 90 يوما، تضمن تقييما لعمل المتعددة الجنسية وأدى لانسحابها.
ذلك التقرير تضمن معلومات عن العملية التي اعتبروها فيما بعد "أسوأ استهداف لمصالح أميركا قبل هجمات 11 سبتمبر". وردا عليها شنت فرنسا غارات جوية بوادي البقاع ضد مواقع قالت إنها للحرس الثوري الإيراني، فيما جمع الرئيس ريغان فريقه للأمن القومي وتم التخطيط لاستهداف ما كان اسمه "ثكنة الشيخ عبد الله" قرب مدينة بعلبك "وكانت تضم الحرس الثوري الإيراني الذي يعتقد أنه درب مقاتلي حزب الله" وفق الوارد بأرشيفات ذكرت فيما بعد أن عماد مغنية كان الدماغ المخطط للتفجير.
شجرة أرز من لبنان لذكرى من قضوا
شجرة الأرز في مقبرة أرلينغتون وتحتها اللوحة التذكارية مكبّرة
وحمل "المارينز" معهم من لبنان عند الانسحاب شجرة أرز صغيرة زرعوها في مقبرة "أرلنغتون" الشهيرة بولاية فرجينيا، وتحتها نصبوا لوحة تخليداً لذكرى من قضوا بالتفجير، كما يبدو من صورة تنشرها "العربية.نت" مع هذا التقرير.
بجوار الشجرة دفنوا 21 من القتلى، أما البقية فتوزعت جثامينهم على مقابر 9 ولايات، وفيها يحيون كل عام ذكرى أكبر مقتلة حلت بالمارينز زمن السلم، خصوصا مع ذكرى 30 سنة على ما كان.
عن العربية
http://www.alarabiya.net/ar/last-pa...في-بيروت-أكبر-عدد-من-المارينز-دفعة-واحدة.html