رد: رسمياً - الولايات المتحده تقرر وقف المعونه العسكريه والاقتصاديه لمصر
البيان الرسمى الذى أصدرته الخارجية الأمريكية منذ ساعات وأعلنت فيه تعليق مجموعة من المعونات النقدية وضمانات القروض والمساعدات العسكرية الأخرى، يحتاج فى ذاته إلى قراءة متأنية، ومواجهة صريحة ورد فعل موازى يؤكد على ثبات الموقف المصرى على أهداف ثورة 30 يونيه دون اهتزاز.
بيان الخارجية فى ذاته يتميز بالتوازن، والتدرج فى المواجهة مع مصر، فهو لم يعلن اتجاه الإدارة الأمريكية صراحة لاتخاذ إجراءات عقابية صارمة ضد مصر، ولكنه بدأ بجملة احترازات تؤكد على حرص الإدارة بواشنطن على استمرار علاقات الشراكة الطويلة كما تسميها، ودعم المصالح المشتركة.
كما حرص البيان على تأكيد استمرار المعونات الأمريكية فى مجالات الصحة والتعليم والتنمية وتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب وتقديم قطع الغيار الضرورية للمعدات الأمريكية التى تخدم فى الجيش الصرى، ومن يقرأ البيان يكتشف أنه نتيجة اختلافات جذرية بين اتجاهات متباينة أحدها يؤيد اتخاذ خطوات عقابية ضد مصر والآخر يرفض بشدة ويعلم نتيجة مثل هذه الخطوات استراتيجيا على المصالح الأمريكية فى المنطقة.
ولذلك جاء البيان خاليا من صيغة منع المعونات أو وقف المساعدات، واعتمد صيغة "التعليق الجزئى للمعونات، كما اعتمد صيغة أخرى أكثر دبلوماسية وأقدر على تجنب المواجهة الصريحة"، وهى "إعادة تنظيم المساعدات، لكن النتيجة الإجمالية، أن إدارة أوباما وبحسب مصادر فى الكونجرس منعت حوالى 550 مليون دولار مساعدات نقدية وضمانات لقروض، كما أوقفت إرسال حزمة من الأسلحة النوعية الضرورية لتسليح الجيش المصرى ومنها قطع الغيار الضرورية وأجزاء دبابات أبرامز وطائرات "إف – 16" وطائرات الهليكوبتر أباتشى وصواريخ هاربون.
جين ساكى المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية قالت فى البيان إن إجراءات خفض المعونة، جاء وفقا لتوجيهات الرئيس أوباما التى تقول حرفيا، "الحفاظ على علاقتنا مع الحكومة المصرية، مع إعادة تنظيم مساعداتنا إلى مصر". ومعنى هذه التوجيهات كما تجلت فى أول تطبيق لها، ممارسة ضغوط مزدوجة على الحكومة المصرية وعلى الجيش المصرى، فلماذا يقرر أوباما ممارسة هذه الضغوط الآن بعدما تحقق فى مصر من نجاحات؟
الإجابة عن هذا السؤال تتعلق بطبيعة النجاحات الكبيرة التى حققها الجيش والحكومة فى مصر على مستويات مواجهة الإرهاب وانتشال الاقتصاد من أزمته والمضى فى بناء مؤسسات الدولة وفق خارطة الطريق، وإنجاز خطوات حاسمة فى مشروعات نوعية مثل المشروع النووى فى الضبعة، وتبريد الجبهة الداخلية من خلال إجراءات فاعلة ومنها إقرار الحد الأدنى للأجور وتوفير الوقود والاحتياجات الأساسية الأخرى وضبط انفلات الأسعار، ودعم التعليم الحكومى.
المتحدثة باسم الخارجية، قالت فى بيان خفض المساعدات إن بلادها تريد أن ترى مصر تنجح، وتؤمن بأن الشراكة بين البلدين ستكون أقوى عندما تشهد مصر عملية ديمقراطية شاملة، ينتج عنها حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا تقوم على سيادة القانون، تحترم الحريات الأساسية واقتصاد مفتوح وتنافسى، فهل إدارة أوباما تريد حقا بهذه الخطوة نجاح مصر؟
خفض المساعدات جاء فى وقت كسرت فيه الإدارة المصرية المعبرة عن إرادة ثورة 30 يونيه الإرهاب، ولم يبق له إلا محاولات يائسة يقوم بها فى سيناء أو القاهرة، وتتم السيطرة عليها سريعا، وجاء بمثابة الرد السريع على إعلان قرار حل جمعية الإخوان تنفيذا لحكم القضاء بحظر التنظيم الدولى وكل ما يتفرع عنه من جمعيات وأحزاب وكيانات ومصادرة ممتلكاته، كما جاء بعد تأكد الإدارة الأمريكية من التفاف الشعب حول الفريق أول عبد الفتاح السيسى والرئيس عدلى منصور وحكومة الببلاوى.
إدارة أوباما غاضبة إذن من إبحار السفينة المصرية فى اتجاه غير المرسوم لها، والذى يهدد بوضوح المشروع الأمريكى للمنطقة، كما يتجاهل مطالب أوباما بتقاسم السلطة مع جماعة الإخوان المحظورة، باعتبارها المنفذ الأمين لمشروعه فى مصر، فهل يتوقف غضب إدارة أوباما عند حد تعليق جزء من المعونة المالية والعسكرية؟ وهل تصمت الإدارة المصرية أمام جر شكلها الصريح من قبل أوباما؟
لا أعتقد أن إدارة أوباما ستتوقف عند هذا الحد من الممارسات التى تهدف إلى كسر الإرادة المصرية وفرض الإخوان مرة أخرى على الساحة السياسية، خاصة وأن الشعب المصرى فى أغلبيته الكاسحة يرفض عودة المحظورة مرة أخرى بأى صورة إلى واجهة الأحداث، وهو ما ستعبر عنه الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، وساعتها ستعمل إدارة أوباما على التشكيك فى طبيعة هذه الانتخابات، بدعوى أنها رغم نزاهتها لم تراع التنوع الضرورى فى المجتمع، إلى آخر هذه التعبيرات الأمريكية المتناقضة التى تستخدمها كواجهة للتدخل فى شئون الدول الأخرى.
ولا أعتقد أيضا أن الإدارة المصرية فى الرئاسة أو قيادة الجيش أو الحكومة ستقف ساكنة أمام الخطوة الأمريكية الأخيرة، فالبدائل المعينة ماديا وعسكريا أمام مصر متنوعة للغاية ومتاحة بقوة على مستوى روسيا والصين وكوريا الشمالية، وهى خيارات فى معظمها تؤثر استراتيجيا على مصالح أمريكا فى المنطقة وتكبدها خسائر فادحة على المستوى المتوسط.
وأعتقد أن خطوة صغيرة من مصر تجاه روسيا والصين وكوريا الشمالية سيقلب الكونجرس على إدارة أوباما وسيوجه له اتهامات صريحة بإهدار المصالح الأمريكية فى واحدة من أهم مناطق العالم.
http://www1.youm7.com/News.asp?NewsID=1290714&SecID=12