السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته ..أعود لكم اليوم بموضوع تعريفي جديد عن الثقافة العسكرية المغربية و عن شخصية هامة في التاريخ العسكري المغربي الحديث.
القائد و الجنرال المغربي هاري هوبري دو فير ماكلين
ولد في إسكوتلندا سنة 1840 ومازال يعرف إلى الأن بأنه واحد من شخصياتها المميزة.. عمل في بداية مساره المهني في فوج 69th (South Lincolnshire) Regiment of Foot وهو فوج مشاة بريطاني . شارك في معركة Ridgeway في مقاطعة كندا التابعة أنذاك لبريطانيا سنة 1866.
سنة 1877 بدأ مسيرته المهنية في المغرب كمدرب عسكري وجاء ذالك على عهد السلطان مولاي الحسن الاول رحمه الله و الذي قام بمسيرة كبيرة لتحديث الجيش على الطريقة الاوربية حيث بعث بعدة طلاب للخارج خصوصا فرنسا و ايطاليا و المانيا و بريطانيا وخصوصا جبل طارق وكذالك أقام السلطان رحمه الله المدارس العسكرية على النمط الغربي.
جاء تعينه بعد طلب من السلطان للسفير البريطاني السير جون دروموند في طنجة بإمداده بأحد المدربين العسكريين الأكفاء في جبل طارق و تم الاتصال بماكلين الذي قبل المهمة.
تدرج في السلم العسكري المغربي بعدما أظهر كفائة في تطوير قدرات الجيش المغربي القتالية و الرفع منها.خدم 43 سنة في المغرب
كان طموحا جدا ومحبوبا لدرجة أنه تعلم اللغة العربية و اللهجة المغربية في بضعة أشهر وكانوا دائما يسخرون منه بالقول إنه يتحدث المغربية بلهجة إسكتلندية . وسرعان ما أصبح ماكلين قائد سلاح المشاة في الجيش المغربي.
لكن دور ماكلين سيكون أكبر من ذالك فهو أصبح المقرب من السلطانيين مولاي الحسن و بعده إبنه مولاي عبد العزيز فأصبح كذالك قائدا لقوات الحرس السلطاني و قاد العمليات العسكرية ضد تمردات القبائل بنفسه.
ولاء ماكلين لم يكن للسلطان و للمغرب وحده و إنما كان كذالك لبلده الأصلي بريطانيا حيث من الممكن إعتباره عميلا مزدوجا أو وكيلا رسميا لبريطانيا في المغرب حيث كان مكلفا من طرف المغرب بهذا الملف لكن من طرف البريطانيين كان مكلفا بوقف تمدد النفوذ الفرنسي الساعي لإستعمار المغرب و على هذا الاساس فقد كان المزود الاول للمغرب بالمعلومات عن النوايا الفرنسية التي كانت المخابرات البريطانية بدورها تزودها بها.
في عام 1898 اعترفت بريطانيا بعمل ماكلين في المغرب بمنحه وسام القديس مايكل والقديس جورج .
بعد وفاة الملكة فيكتوريا عام 1901 تم إرسال وفد مغربي رفيع المستوى إلى لندن لتهنئة الملك إدوارد السابع كان على رأسه ماكلين بالإضافة إلى وزير الدفاع المغربي المهدي المنبهي .. ماكلين لعب دورا مهما في هاته السفارة.
ماكلين لعب دورا كبيرا و مهما مع الوزير الاول المغربي (احمد بن موسى) سنة 1894 في إخفاء خبر وفاة السلطان مولاي الحسن الى حين العودة الى العاصمة و بالتالي إنقاذ العرش وهو ما قدره له ابن السلطان مولاي عبد العزيز فزادت حظوته لديه.
ماكلين لعب دور المجدد و المحدث في الدولة المغربية و الذي وقف تقريبا وحيدا امام تيار عريض من المحافظيين الدينين الذين يرون ان كل ما يأتي من الغرب هو حرام و غير مقبول في بلد اسلامي.
كان أخر الادوار الذي لعبها ماكلين هو وساطته سنة 1907 الى احد اشهر المتمردين في شمال المغرب (الريسولي) من اجل التفاوض معه على و قف تمرده في وقت كان المغرب يعيش على وقع حرب اهلية و تدخل عسكري فرنسي في الشرق و الجنوب و الغرب الا انه تعرض للاختطاف من الريسولي ولم يفرج عنه الا بفدية.
بعد مدة قصيرة من الافراج عنه تغيرت موازين القوى و تم اسقاط مولاي عبد العزيز لعدم قدرته على الوقوف امام الاحتلال الفرنسي و اعتلى العرش مكانه السلطان عبد الحفيظ اخر سلاطين الاستقلال و الذي رفض اعطاء ماكلين دورا مهما مما جعله ينسحب و يغادر مع اسرته الى بريطانيا بعد و 31 سنة من الخدمة في الجيش المغربي ..
بعد سقوط المغرب و وضع مدينة طنجة كمحمية دولية غير تابعة لسلطة اي دولة عاد ماكلين واستقر بها الى ان توفي سنة 1920 عن عمر ناهز 71 سنة.
ترك ثروة مهمة ما بين طنجة و فاس و مراكش و غيرها من المدن المغربية بالإضافة الى بريطانيا.
صورة الجنرال ماكلين باللباس العسكري المغربي الاحمر كقائد للجيش المغربي رفقة وزير الدفاع المغربي مهدي المنهي باللباس التقليدي الابيض مبعوثيين من جلالة السلطان مولاي عبد العزيز سلطان الامبراطورية الشريفة في حفل تنصيب الملك ادوارد السابع ملكا على بريطانيا العظمى سنة 1901
خلال حفل استقبال الامبراطور الالماني غيوم الثاني في طنجة سنة 1905
مع وزير الدفاع المهدي المنبهي في حفل تنصيب ادوارد السابع سنة 1901
عظمة البدلة العسكرية المغربية
منزل الجنرال ماكلين في مراكش
جنازة عسكرية لماكلين في طنجة سنة 1920
وهكذا نكون ختمنا حياة رجل مهم في التاريخ العسكري المغربي الحديث .. رجل يحب وطنه الاصلي بريطانيا لاشك و لكنه أحب المغرب وخدمه كثيرا و الدليل استقراره فيه حتى اخر ايام حياته
القائد و الجنرال المغربي هاري هوبري دو فير ماكلين
ولد في إسكوتلندا سنة 1840 ومازال يعرف إلى الأن بأنه واحد من شخصياتها المميزة.. عمل في بداية مساره المهني في فوج 69th (South Lincolnshire) Regiment of Foot وهو فوج مشاة بريطاني . شارك في معركة Ridgeway في مقاطعة كندا التابعة أنذاك لبريطانيا سنة 1866.
سنة 1877 بدأ مسيرته المهنية في المغرب كمدرب عسكري وجاء ذالك على عهد السلطان مولاي الحسن الاول رحمه الله و الذي قام بمسيرة كبيرة لتحديث الجيش على الطريقة الاوربية حيث بعث بعدة طلاب للخارج خصوصا فرنسا و ايطاليا و المانيا و بريطانيا وخصوصا جبل طارق وكذالك أقام السلطان رحمه الله المدارس العسكرية على النمط الغربي.
جاء تعينه بعد طلب من السلطان للسفير البريطاني السير جون دروموند في طنجة بإمداده بأحد المدربين العسكريين الأكفاء في جبل طارق و تم الاتصال بماكلين الذي قبل المهمة.
تدرج في السلم العسكري المغربي بعدما أظهر كفائة في تطوير قدرات الجيش المغربي القتالية و الرفع منها.خدم 43 سنة في المغرب
كان طموحا جدا ومحبوبا لدرجة أنه تعلم اللغة العربية و اللهجة المغربية في بضعة أشهر وكانوا دائما يسخرون منه بالقول إنه يتحدث المغربية بلهجة إسكتلندية . وسرعان ما أصبح ماكلين قائد سلاح المشاة في الجيش المغربي.
لكن دور ماكلين سيكون أكبر من ذالك فهو أصبح المقرب من السلطانيين مولاي الحسن و بعده إبنه مولاي عبد العزيز فأصبح كذالك قائدا لقوات الحرس السلطاني و قاد العمليات العسكرية ضد تمردات القبائل بنفسه.
ولاء ماكلين لم يكن للسلطان و للمغرب وحده و إنما كان كذالك لبلده الأصلي بريطانيا حيث من الممكن إعتباره عميلا مزدوجا أو وكيلا رسميا لبريطانيا في المغرب حيث كان مكلفا من طرف المغرب بهذا الملف لكن من طرف البريطانيين كان مكلفا بوقف تمدد النفوذ الفرنسي الساعي لإستعمار المغرب و على هذا الاساس فقد كان المزود الاول للمغرب بالمعلومات عن النوايا الفرنسية التي كانت المخابرات البريطانية بدورها تزودها بها.
في عام 1898 اعترفت بريطانيا بعمل ماكلين في المغرب بمنحه وسام القديس مايكل والقديس جورج .
بعد وفاة الملكة فيكتوريا عام 1901 تم إرسال وفد مغربي رفيع المستوى إلى لندن لتهنئة الملك إدوارد السابع كان على رأسه ماكلين بالإضافة إلى وزير الدفاع المغربي المهدي المنبهي .. ماكلين لعب دورا مهما في هاته السفارة.
ماكلين لعب دورا كبيرا و مهما مع الوزير الاول المغربي (احمد بن موسى) سنة 1894 في إخفاء خبر وفاة السلطان مولاي الحسن الى حين العودة الى العاصمة و بالتالي إنقاذ العرش وهو ما قدره له ابن السلطان مولاي عبد العزيز فزادت حظوته لديه.
ماكلين لعب دور المجدد و المحدث في الدولة المغربية و الذي وقف تقريبا وحيدا امام تيار عريض من المحافظيين الدينين الذين يرون ان كل ما يأتي من الغرب هو حرام و غير مقبول في بلد اسلامي.
كان أخر الادوار الذي لعبها ماكلين هو وساطته سنة 1907 الى احد اشهر المتمردين في شمال المغرب (الريسولي) من اجل التفاوض معه على و قف تمرده في وقت كان المغرب يعيش على وقع حرب اهلية و تدخل عسكري فرنسي في الشرق و الجنوب و الغرب الا انه تعرض للاختطاف من الريسولي ولم يفرج عنه الا بفدية.
بعد مدة قصيرة من الافراج عنه تغيرت موازين القوى و تم اسقاط مولاي عبد العزيز لعدم قدرته على الوقوف امام الاحتلال الفرنسي و اعتلى العرش مكانه السلطان عبد الحفيظ اخر سلاطين الاستقلال و الذي رفض اعطاء ماكلين دورا مهما مما جعله ينسحب و يغادر مع اسرته الى بريطانيا بعد و 31 سنة من الخدمة في الجيش المغربي ..
بعد سقوط المغرب و وضع مدينة طنجة كمحمية دولية غير تابعة لسلطة اي دولة عاد ماكلين واستقر بها الى ان توفي سنة 1920 عن عمر ناهز 71 سنة.
ترك ثروة مهمة ما بين طنجة و فاس و مراكش و غيرها من المدن المغربية بالإضافة الى بريطانيا.
صورة الجنرال ماكلين باللباس العسكري المغربي الاحمر كقائد للجيش المغربي رفقة وزير الدفاع المغربي مهدي المنهي باللباس التقليدي الابيض مبعوثيين من جلالة السلطان مولاي عبد العزيز سلطان الامبراطورية الشريفة في حفل تنصيب الملك ادوارد السابع ملكا على بريطانيا العظمى سنة 1901
خلال حفل استقبال الامبراطور الالماني غيوم الثاني في طنجة سنة 1905
مع وزير الدفاع المهدي المنبهي في حفل تنصيب ادوارد السابع سنة 1901
عظمة البدلة العسكرية المغربية
منزل الجنرال ماكلين في مراكش
جنازة عسكرية لماكلين في طنجة سنة 1920
وهكذا نكون ختمنا حياة رجل مهم في التاريخ العسكري المغربي الحديث .. رجل يحب وطنه الاصلي بريطانيا لاشك و لكنه أحب المغرب وخدمه كثيرا و الدليل استقراره فيه حتى اخر ايام حياته
كل الحقوق محفوظة للشبح
التعديل الأخير: