فرع مخابرات تجنيد مسلمين بروفيسور عبد الستار قاسم
عبد الستار قاسمظهر في منطقة طولكرم/فلسطين رجل دين كان يصفه الناس بالتقي والورع الذي يحفظ ميثاق الله سبحانه وتعالى وعهود الناس ويرعى شؤونهم. عرف عن ذلك الرجل أنه كان يواظب على صلاة الفجر جماعة في المسجد، وكان يحتفظ بلحية طويلة منسقة جيدا، ويحمل سبحة طويلة ويستمر في الأدعية ولا يكل من قول الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله. وعرف عنه أنه كان يستفسر عن أحوال المواطنين، وكان يقدم للمحتاجين الدعم المالي والغذائي احتسابا ومحبة. وكان يمارس أعماله الخيرية باستمرار وتحت جنح الظلام ليبقى بعيدا عن أعين الصهاينة اليهود. وقد عرف أنه مسلم وطني، ويسهر الليالي الطوال وهو يخطط مع الشباب الخطوات التي يجب اتباعها في قتال جيش إسرائيل.
تبين فيما بعد أن هذا الرجل كان جاسوسا يعمل مع المخابرات الإسرائيلية. علمته مخابرات إسرائيل كيف يمثل دور المسلم الورع والتقي الذي يمد المساعدة للناس ويكسب ثقتهم، وذلك لكي يعرف أخبارهم وأسرارهم ويوصلها لمخابرات إسرائيل. كان لدى المخابرات الإسرائيلية الاستعداد لتوظيف بعض الأموال لهذا الجاسوس لكي يكون صاحب اليد الطولى فيطمئن له شباب المنطقة ويبوحون له بأسرارهم الوطنية والجهادية وخططهم المستقبلية. كان هذا الشيخ المزيف مصيدة ممتازة للشباب وقدم خدمات كبيرة للمخابرات الإسرائيلية. ولم يُكشف أمره إلا بعد أن دفع شباب فلسطين ثمنا باهظا.
أما في قطاع غزة، فقد حاول بعض الشباب المتدينين الذين كانت لديهم الرغبة والإرادة للقيام بعمليات استشهادية ضد الجيش الإسرائيلي، ولجأوا لترجمة نواياهم إلى رجل دين عُرف بورعه ومواقفه المعادية جدا لإسرائيل. لكن لاحظ بعض هؤلاء الشباب أن العبوات الناسفة التي حملها استشهاديون قد انفجرت في مواقع غير تلك المواقع المحددة، وأن الخسائر كانت تقتصر على قتل الاستشهادي فقط. أي أن هذه العبوات كانت مبرمجة بطريقة معينة وتتحكم إسرائيل بتفجيرها، وكانت تنفجر في أماكن خالية من الجنود الإسرائيليين ومن المدنيين اليهود. انكشف أمر مولانا الشيخ بعد ذلك وتبين أنه عميل لإسرائيل.
براعة أجهزة المخابرات في التجنيد
أجهزة المخابرات بارعة بصناعة شخصيات تتقمص أدوارا متعددة لتحقيق أهدافها، وهذا شأن عالمي وليس منحصرا فقط في المنطقة العربية الإسلامية. لكن بسبب خصوصية المنطقة، تركز أجهزة المخابرات على صناعة متدينين وتدربهم على كيفية التصرف تبعا لمختلف المواقف. وفي الغالب يتمرن هؤلاء على الدين التعصبي الغبي الذي لا يرى أبعد من أنفه حتى لا يتركون مجالا للمتعقلين بتهدئة الأمور أو التسامح أو التفكير المنطقي. وبسبب المدّ الإسلامي الذي تشهده المنطقة، ركزت أجهزة المخابرات العربية وأجهزة مخابرات إسرائيل وأمريكا على إنشاء أقسام مخابراتية خاصة لاستقطاب الجواسيس والعملاء وتدريبهم على استقطاب وقيادة أشخاص وجماعات متدينة ترغب في الشهادة من أجل تحقيق الفوز العظيم في الآخرة.
هناك دوائر مخابراتية تقوم بتعليم الدين بأبشع صورة لكي تستخدم المهووسين للقيام بأعمال إجرامية وفتنوية تؤدي في النهاية إلى تحقيق الفوائد الجمة لهذه الدوائر والأنظمة السياسية المشرفة عليها. ترتكز هذه الصورة الدينية البشعة على عنصرين وهما: الضلال الغيبي والجهاد التخريبي. تركز هذه الأجهزة على تحويل الدين الإسلامي إلى دين أساطير غيبية حول عذابات القبور وحركات الأرواح وتصرفات الملائكة وأساليب أهل الجن في بث الهدى والضلال، وحول أهوال جهنم ونعم الجنة بخاصة الحور العين. هي تسهب كثيرا في وصف الحياة الآخرة، وليس فقط يوم القيامة وإنما الحياة التي تبدأ بعد الموت مباشرة، وتغرس في الدارسين هوس استعجال الموت لحيازة الامتيازات والنعم التي لا تحصى. أي أن هذه الدوائر تحول تلاميذها إلى سكارى يهيمون في عالم غيبي يظنون أنه الحقيقة المطلقة التي يعجز الإنسان العادي عن التوصل إليها.
الكذب على لسان نبي الله
المشكلة الأكبر في هذا التدريس تتمثل في الكذب على لسان نبي الله عليه الصلاة والسلام، والاستناد إلى أقوال موصوفة بأنها أحاديث نبوية. هم لا يستطيعون استخدام القرآن للكذب، لكنهم يحاولون التلاعب بالتفاسير، لكنهم يعتمدون على كل الأكاذيب التي تناقلتها أجيال على أنها من أقوال وأعمال النبي عليه الصلاة والسلام. لقد فتح العديد من السابقين أبواب الكذب على النبي بهدف الفتنة بين المسلمين أو بهدف تثبيت الحاكم الظالم، وهذه الأحاديث الكاذبة والتي تركز على القتل والذبح والإقصاء والإجرام تستخدم بكثافة الآن. بهذه الطريقة يضللون الشباب المسلم ويدفعونهم إلى الإجرام ظنا منهم أن طوابير الملائكة والحوريات بانتظارهم على أبواب الجنة.
يساعد التدريس الديني التقليدي الذي يتعلمه المسلم في رياض الأطفال والمدارس والجامعات على تحقيق النتيجة المبتغاة وهي إحداث الفتنة وسفك الدماء خدمة لاستمرار هيمنة الحكام والاحتلال. التدريس الديني يعطي أولوية للغيبيات والشعائر، وقلما يعلم الناس حول تحمل المسؤولية والالتزام وخدمة الصالح العام وظلم الحاكم وحسن توزيع الثروة والثورة على الاستغلال وتحقيق العدالة بين الناس. إنه تدريس أبله يعلم الناس الخنوع والهروب من المواجهة في الحياة الدنيا، ويحصرهم في مجرد البحث عن أقصر الطرق الكهنوتية لجمع الحسنات.
والحكام سعداء بمثل هذا لأنهم يريدون شعوبا مغيبة الوعي وهاربة من مواجهة همومها. وبما أن أغلب الحكام العرب منصبين من قبل الاستعمار الغربي أصلا، واستمرار حكمهم مرتبط بمحافظتهم على إسرائيل وخدمة المصالح الأمريكية فإنهم يبقون أدوات عربية وإسلامية بأيدي المخابرات الإسرائيلية والأمريكية. الحكام ومن والاهم يشكلون الحاضنة السياسية للشباب الواهم الذين يعيشون في تيه وضياع، وهم يشكلون غطاء لهم من أجل الاستمرار في أعمالهم المدمرة للأمة.
إنها جدلية مترابطة وواضحة الأركان: بقاء الحاكم العربي مرتبط بالهيمنة الغربية، إسرائيل صنيعة أهل الغرب، فالحاكم العربي خادم لهذه الصنيعة. التدريس الديني متخلف، والكذب على لسان النبي محمد عليه الصلاة والسلام يملأ الكتب، وشعوب غير واعية، ونظرها إلى الجنة عبر الابتهالات وليس عبر العبادات العملية. المال الغربي وفير وعصا إسرائيل غليظة، والحاكم رخيص صنع نظاما سياسيا يسترخص الناس. الرخص يزرع الغباء، والغباء يزرع الانقياد الأعمى، والانقياد الأعمى يزرع القنابل في مساجد الشيعة كما يزرعها في مساجد السنة. يظن الغبي أن الجنة بانتظاره، والحاكم يجلس على عرشه يقهقه فرحا بتياسة الأغبياء.
هؤلاء الأغبياء لا يخدمون فقط الحكام وسادتهم الصهاينة والأمريكيين، وإنما يهدمون الإسلام ايضا لأنهم يصنعون رأيا عاما واسعا ضد الإسلام في بلاد المسلمين وغير بلاد المسلمين. هناك مسلمون كثر باتوا يكرهون إسلامهم بفعل ما يرون من جرائم باسم الإسلام، وهناك نقمة تتسع في البلدان غير الإسلامية على المسلمين لأنهم باتوا يرون أن الإسلام دين إجرام وسفك.
الفتنة السنية الشيعية
كنت واضحا عام 1979 في كتابي المعنون سقوط ملك الملوك إذ قلت فيه إن الحكام العرب وأمريكا وإسرائيل ستتبع عدة سياسات من أجل التخلص من النظام الإيراني الجديد وعلى رأسها إحداث فتنة شيعية سنية. أعلن النظام حينئذ عدة خطوات ضد إسرائيل وأمريكا، وبدا واضحا أنه سيحاول النهوض بدور إيران الشيعية في المنطقة وعلى الساحة الدولية. المساس بالدور الأمريكي ممنوع، وتهديد إسرائيل يشكل خطرا على الأنظمة العربية بما فيها نظام منظمة التحرير الفلسطينية، وكان لا بد من محاصرة إيران وضربها عسكريا والعمل الدؤوب على إحداث فتنة بين السنة والشيعة.
ولهذا أرى أن الذين يقومون بأعمال الفتنة بين المسلمين وبخاصة أعمال التفجير والاعتداء على أماكن الشعائر هم أنفسهم الذين شنوا الحرب على إيران في بداية ثمانينات القرن الماضي. شعر هؤلاء بجدية الخطر الإيراني على إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة بعد عام 2000، وبحدة أكثر بعد حرب عام 2006، فقرروا مضاعفة جهودهم الفتنوية في العراق وسوريا ولبنان، وسيذهبون إلى مصر إن أمكن.
وكمثال على الجهود الفتنوية، في فلسطين لا يوجد شيعة، وإن وجدوا فهم قلة قليلة لا تشكل نسبة مئوية من السكان. لكن بسبب إعلام الفتنة، كنا نرى أفرادا من حركة فتح يتهمون حماس بأنها تنظيم شيعي، وأفرادا من حماس يتهمون الجهاد الإسلامي بأنه تنظيم شيعي، وبدأنا نسمع بعض خطباء المساجد الفاسقين الذين يتلقون أوامرهم من الأوقاف يشتمون أهل الشيعة ويثيرون الفتنة. وطبعا هذه تهمة لأن الإعلام الفلسطيني والعربي أخذ يصور أهل الشيعة على أنهم ضالون ومسلمون مزيفون، ويفترون على الإسلام والمسلمين. وإذا كان هذا يحصل في فلسطين، فكيف هو الوضع في لبنان التي يشكل شيعتها مكونا أساسيا وكبيرا من شعبها.
وفي نهاية هذا المقال، أقول لأهلنا اللبنانيين إن الثقة بالمزايدين خطرة جدا لأن هؤلاء هم في الغالب أعمدة الخيانة والعمالة لإسرائيل. وحيث أنني أتابع ما يجري في لبنان بدقة، فإنني أشير فقط إلى شخصية طرابلسية خطيرة جدا على لبنان، وهي لا تتورع عن الاستمرار في رفع وتيرة الشحن الفتنوي. هذه شخصية برلمانية متشنجة يجب الحذر منها بشدة، وأشعر كلما استمعت إلى حديثها أن البنادق تفتح فوهاتها في طرابلس وكل لبنان. إنها أ. ف.
عبد الستار قاسمظهر في منطقة طولكرم/فلسطين رجل دين كان يصفه الناس بالتقي والورع الذي يحفظ ميثاق الله سبحانه وتعالى وعهود الناس ويرعى شؤونهم. عرف عن ذلك الرجل أنه كان يواظب على صلاة الفجر جماعة في المسجد، وكان يحتفظ بلحية طويلة منسقة جيدا، ويحمل سبحة طويلة ويستمر في الأدعية ولا يكل من قول الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله. وعرف عنه أنه كان يستفسر عن أحوال المواطنين، وكان يقدم للمحتاجين الدعم المالي والغذائي احتسابا ومحبة. وكان يمارس أعماله الخيرية باستمرار وتحت جنح الظلام ليبقى بعيدا عن أعين الصهاينة اليهود. وقد عرف أنه مسلم وطني، ويسهر الليالي الطوال وهو يخطط مع الشباب الخطوات التي يجب اتباعها في قتال جيش إسرائيل.
تبين فيما بعد أن هذا الرجل كان جاسوسا يعمل مع المخابرات الإسرائيلية. علمته مخابرات إسرائيل كيف يمثل دور المسلم الورع والتقي الذي يمد المساعدة للناس ويكسب ثقتهم، وذلك لكي يعرف أخبارهم وأسرارهم ويوصلها لمخابرات إسرائيل. كان لدى المخابرات الإسرائيلية الاستعداد لتوظيف بعض الأموال لهذا الجاسوس لكي يكون صاحب اليد الطولى فيطمئن له شباب المنطقة ويبوحون له بأسرارهم الوطنية والجهادية وخططهم المستقبلية. كان هذا الشيخ المزيف مصيدة ممتازة للشباب وقدم خدمات كبيرة للمخابرات الإسرائيلية. ولم يُكشف أمره إلا بعد أن دفع شباب فلسطين ثمنا باهظا.
أما في قطاع غزة، فقد حاول بعض الشباب المتدينين الذين كانت لديهم الرغبة والإرادة للقيام بعمليات استشهادية ضد الجيش الإسرائيلي، ولجأوا لترجمة نواياهم إلى رجل دين عُرف بورعه ومواقفه المعادية جدا لإسرائيل. لكن لاحظ بعض هؤلاء الشباب أن العبوات الناسفة التي حملها استشهاديون قد انفجرت في مواقع غير تلك المواقع المحددة، وأن الخسائر كانت تقتصر على قتل الاستشهادي فقط. أي أن هذه العبوات كانت مبرمجة بطريقة معينة وتتحكم إسرائيل بتفجيرها، وكانت تنفجر في أماكن خالية من الجنود الإسرائيليين ومن المدنيين اليهود. انكشف أمر مولانا الشيخ بعد ذلك وتبين أنه عميل لإسرائيل.
براعة أجهزة المخابرات في التجنيد
أجهزة المخابرات بارعة بصناعة شخصيات تتقمص أدوارا متعددة لتحقيق أهدافها، وهذا شأن عالمي وليس منحصرا فقط في المنطقة العربية الإسلامية. لكن بسبب خصوصية المنطقة، تركز أجهزة المخابرات على صناعة متدينين وتدربهم على كيفية التصرف تبعا لمختلف المواقف. وفي الغالب يتمرن هؤلاء على الدين التعصبي الغبي الذي لا يرى أبعد من أنفه حتى لا يتركون مجالا للمتعقلين بتهدئة الأمور أو التسامح أو التفكير المنطقي. وبسبب المدّ الإسلامي الذي تشهده المنطقة، ركزت أجهزة المخابرات العربية وأجهزة مخابرات إسرائيل وأمريكا على إنشاء أقسام مخابراتية خاصة لاستقطاب الجواسيس والعملاء وتدريبهم على استقطاب وقيادة أشخاص وجماعات متدينة ترغب في الشهادة من أجل تحقيق الفوز العظيم في الآخرة.
هناك دوائر مخابراتية تقوم بتعليم الدين بأبشع صورة لكي تستخدم المهووسين للقيام بأعمال إجرامية وفتنوية تؤدي في النهاية إلى تحقيق الفوائد الجمة لهذه الدوائر والأنظمة السياسية المشرفة عليها. ترتكز هذه الصورة الدينية البشعة على عنصرين وهما: الضلال الغيبي والجهاد التخريبي. تركز هذه الأجهزة على تحويل الدين الإسلامي إلى دين أساطير غيبية حول عذابات القبور وحركات الأرواح وتصرفات الملائكة وأساليب أهل الجن في بث الهدى والضلال، وحول أهوال جهنم ونعم الجنة بخاصة الحور العين. هي تسهب كثيرا في وصف الحياة الآخرة، وليس فقط يوم القيامة وإنما الحياة التي تبدأ بعد الموت مباشرة، وتغرس في الدارسين هوس استعجال الموت لحيازة الامتيازات والنعم التي لا تحصى. أي أن هذه الدوائر تحول تلاميذها إلى سكارى يهيمون في عالم غيبي يظنون أنه الحقيقة المطلقة التي يعجز الإنسان العادي عن التوصل إليها.
الكذب على لسان نبي الله
المشكلة الأكبر في هذا التدريس تتمثل في الكذب على لسان نبي الله عليه الصلاة والسلام، والاستناد إلى أقوال موصوفة بأنها أحاديث نبوية. هم لا يستطيعون استخدام القرآن للكذب، لكنهم يحاولون التلاعب بالتفاسير، لكنهم يعتمدون على كل الأكاذيب التي تناقلتها أجيال على أنها من أقوال وأعمال النبي عليه الصلاة والسلام. لقد فتح العديد من السابقين أبواب الكذب على النبي بهدف الفتنة بين المسلمين أو بهدف تثبيت الحاكم الظالم، وهذه الأحاديث الكاذبة والتي تركز على القتل والذبح والإقصاء والإجرام تستخدم بكثافة الآن. بهذه الطريقة يضللون الشباب المسلم ويدفعونهم إلى الإجرام ظنا منهم أن طوابير الملائكة والحوريات بانتظارهم على أبواب الجنة.
يساعد التدريس الديني التقليدي الذي يتعلمه المسلم في رياض الأطفال والمدارس والجامعات على تحقيق النتيجة المبتغاة وهي إحداث الفتنة وسفك الدماء خدمة لاستمرار هيمنة الحكام والاحتلال. التدريس الديني يعطي أولوية للغيبيات والشعائر، وقلما يعلم الناس حول تحمل المسؤولية والالتزام وخدمة الصالح العام وظلم الحاكم وحسن توزيع الثروة والثورة على الاستغلال وتحقيق العدالة بين الناس. إنه تدريس أبله يعلم الناس الخنوع والهروب من المواجهة في الحياة الدنيا، ويحصرهم في مجرد البحث عن أقصر الطرق الكهنوتية لجمع الحسنات.
والحكام سعداء بمثل هذا لأنهم يريدون شعوبا مغيبة الوعي وهاربة من مواجهة همومها. وبما أن أغلب الحكام العرب منصبين من قبل الاستعمار الغربي أصلا، واستمرار حكمهم مرتبط بمحافظتهم على إسرائيل وخدمة المصالح الأمريكية فإنهم يبقون أدوات عربية وإسلامية بأيدي المخابرات الإسرائيلية والأمريكية. الحكام ومن والاهم يشكلون الحاضنة السياسية للشباب الواهم الذين يعيشون في تيه وضياع، وهم يشكلون غطاء لهم من أجل الاستمرار في أعمالهم المدمرة للأمة.
إنها جدلية مترابطة وواضحة الأركان: بقاء الحاكم العربي مرتبط بالهيمنة الغربية، إسرائيل صنيعة أهل الغرب، فالحاكم العربي خادم لهذه الصنيعة. التدريس الديني متخلف، والكذب على لسان النبي محمد عليه الصلاة والسلام يملأ الكتب، وشعوب غير واعية، ونظرها إلى الجنة عبر الابتهالات وليس عبر العبادات العملية. المال الغربي وفير وعصا إسرائيل غليظة، والحاكم رخيص صنع نظاما سياسيا يسترخص الناس. الرخص يزرع الغباء، والغباء يزرع الانقياد الأعمى، والانقياد الأعمى يزرع القنابل في مساجد الشيعة كما يزرعها في مساجد السنة. يظن الغبي أن الجنة بانتظاره، والحاكم يجلس على عرشه يقهقه فرحا بتياسة الأغبياء.
هؤلاء الأغبياء لا يخدمون فقط الحكام وسادتهم الصهاينة والأمريكيين، وإنما يهدمون الإسلام ايضا لأنهم يصنعون رأيا عاما واسعا ضد الإسلام في بلاد المسلمين وغير بلاد المسلمين. هناك مسلمون كثر باتوا يكرهون إسلامهم بفعل ما يرون من جرائم باسم الإسلام، وهناك نقمة تتسع في البلدان غير الإسلامية على المسلمين لأنهم باتوا يرون أن الإسلام دين إجرام وسفك.
الفتنة السنية الشيعية
كنت واضحا عام 1979 في كتابي المعنون سقوط ملك الملوك إذ قلت فيه إن الحكام العرب وأمريكا وإسرائيل ستتبع عدة سياسات من أجل التخلص من النظام الإيراني الجديد وعلى رأسها إحداث فتنة شيعية سنية. أعلن النظام حينئذ عدة خطوات ضد إسرائيل وأمريكا، وبدا واضحا أنه سيحاول النهوض بدور إيران الشيعية في المنطقة وعلى الساحة الدولية. المساس بالدور الأمريكي ممنوع، وتهديد إسرائيل يشكل خطرا على الأنظمة العربية بما فيها نظام منظمة التحرير الفلسطينية، وكان لا بد من محاصرة إيران وضربها عسكريا والعمل الدؤوب على إحداث فتنة بين السنة والشيعة.
ولهذا أرى أن الذين يقومون بأعمال الفتنة بين المسلمين وبخاصة أعمال التفجير والاعتداء على أماكن الشعائر هم أنفسهم الذين شنوا الحرب على إيران في بداية ثمانينات القرن الماضي. شعر هؤلاء بجدية الخطر الإيراني على إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة بعد عام 2000، وبحدة أكثر بعد حرب عام 2006، فقرروا مضاعفة جهودهم الفتنوية في العراق وسوريا ولبنان، وسيذهبون إلى مصر إن أمكن.
وكمثال على الجهود الفتنوية، في فلسطين لا يوجد شيعة، وإن وجدوا فهم قلة قليلة لا تشكل نسبة مئوية من السكان. لكن بسبب إعلام الفتنة، كنا نرى أفرادا من حركة فتح يتهمون حماس بأنها تنظيم شيعي، وأفرادا من حماس يتهمون الجهاد الإسلامي بأنه تنظيم شيعي، وبدأنا نسمع بعض خطباء المساجد الفاسقين الذين يتلقون أوامرهم من الأوقاف يشتمون أهل الشيعة ويثيرون الفتنة. وطبعا هذه تهمة لأن الإعلام الفلسطيني والعربي أخذ يصور أهل الشيعة على أنهم ضالون ومسلمون مزيفون، ويفترون على الإسلام والمسلمين. وإذا كان هذا يحصل في فلسطين، فكيف هو الوضع في لبنان التي يشكل شيعتها مكونا أساسيا وكبيرا من شعبها.
وفي نهاية هذا المقال، أقول لأهلنا اللبنانيين إن الثقة بالمزايدين خطرة جدا لأن هؤلاء هم في الغالب أعمدة الخيانة والعمالة لإسرائيل. وحيث أنني أتابع ما يجري في لبنان بدقة، فإنني أشير فقط إلى شخصية طرابلسية خطيرة جدا على لبنان، وهي لا تتورع عن الاستمرار في رفع وتيرة الشحن الفتنوي. هذه شخصية برلمانية متشنجة يجب الحذر منها بشدة، وأشعر كلما استمعت إلى حديثها أن البنادق تفتح فوهاتها في طرابلس وكل لبنان. إنها أ. ف.
فرع مخابرات تجنيد مسلمين بروفيسور عبد الستار قاسم – taqadoumiya