الهاشميون

UAV

عضو
إنضم
25 أغسطس 2013
المشاركات
692
التفاعل
384 0 0
الهاشميون والدولة

01HK.jpg


الشريف الحسين بن علي
قاد الهاشميون حركة النهضة العربية الحديثة من اجل الاستقلال والسيادة العربية، وكانت البداية بإطلاق رصاصة الثورة العربية الكبرى في 10 حزيران/يونيو 1916م. لتبدأ مسيرة بناء الدولة العربية الكاملة بعد اكثر من اربعة قرون من التغييب والاستلاب.

تلك الحركة لا تنفصل عن حركة الوعي العربي التي أخذت تنمو وتتّسع آفاقها مع ازدياد نشاط الاحرار العرب الذين انتظموا في جمعيات استقلالية وكان معهم الامير فيصل الاول إبن الحسين، الذي كان حلقة الوصل بين العرب ووالده الشريف الحسين الذي اراده العرب ان يكون قائدا لحركة النهضة والثورة لمكانته الدينية والشرعية والتاريخية ولانه قد اراد للعرب الاستقلال والحرية منذ نهاية القرن التاسع عشر، فكان مصيره النفي الاول الى استنبول عام 1893م وليمكث فيها الى ان عاد اميرا على مكة المكرمة عام 1908م.

استمدّ الهاشميون صلاتهم القوية مع أعيان العرب انطلاقاً من الثقل الأخلاقي والسياسي الذي مثّلوه وقد تبوأوا الصدارة في تاريخ العرب الحديث بحكم مكانتهم الدينية، وكان لارتباطهم بمكة، أثر واضح في التقدّم بثبات وقوة لتمثيل آمال العرب في التحرر والاستقلال، وبناء دولة مستقلة في مطلع القرن العشرين.

السلالة والشرعية الدينية والتاريخية

02HKP.jpg


يُعتبر قُصي بن كِلاب باني ومؤسس مجد هاشم القرشية، فكان للهاشميين شرف إدارة الحج، وعلى عاتقهم تقع أعمال الرفادة والسقاية ورفع اللواء. ويظهر أن نزعة الاستقلال كانت موجودة لديهم من خلال ريادتهم وقيادتهم السياسية و الاجتماعية، فأسسوا أول مكان للانتداء والاجتماع والتشاور، وهو دار الندوة، وكانوا يعقدون مجلسهم الذي يناقش السياسات العامة، وقسّموا مكة إلى أرباع وكانت هذه البداية مع نظام الدولة الذي عرفه بنو هاشم وارادوا تنظيم شؤون الناس على اساس العدل والمساواة، مثلما كان تأسيس الهاشميين لحلف الفضول الذي قاده بنو عبد مناف، وكان يهدف إلى توفير الأمن والاستقرار لمواكب الحج قبل الإسلام، ودفع الأذى عن الناس وتحقيق العدالة.
ظلّ حلف الفضول قيمة أساسية في مجتمع مكة بوصفه نموذجا للعمل الاجتماعي الإنساني، وقد شهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الحلف وهو ابن عشرين عاماً، وقيل خمسة وعشرين. وكان اجتماع الناس لأجله في دار عبدالله بن جدعان، وظلّ الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لقد شهدتُ في دار عبدالله بن جدعان حلفاً لو دُعيتُ اليه في الإسلام لأجبت .. تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها وأن لا يعزّ – يغلب – ظالمٌ مظلوماً".

مبايعة الشريف الحسين بن علي (يسار الصورة) اميرا على مكة والحجاز وفي الصورة الوالي التركي، عام 1908.
هكذا كان أهل قريش وما يزالون، وما سيرة التاريخ وحوادثه وحقائقه إلا شواهد على تلك النزعة والقيمة الإنسانية التي رافقت مسيرتهم حتى اليوم، التي تتمثّل بإدراكهم العميق لقيمة إنسانية عالية الشأن، وهي قيمة الحرية المسؤولة و قيمة المجتمع المستقل والدولة ذات السيادة، وهذه بمجموعها من القيم التي يؤكدها الإسلام على الدوام.
احتفظ بنو هاشم بريادة السلالة القرشية، وظلّوا يمثِّلون طليعة المجتمع في مكة والمدينة، باعتبارهم صفوة أخلاقية وأهل الإدارة السياسية والاقتصادية، وقد حظوا بتقدير واحترام زوار البيت الحرام، وكان لرحلتَي الشتاء والصيف أطيب الأثر في أن عرف الناس في الحجاز و مصر واليمن والشام وأرض السواد مكانة الهاشميين ومنزلتهم التاريخية والدينية.
كان هاشم، جدّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أوسط الناس داراً في مكة وأعلاهم قدراً، وكان يهشم الثريد ويطعم الجوعى، وفي ذلك قال شاعرهم:

عمرو الذي هشم الثريد لقومه
ورجال مكة مسنتون سوانف

ومن هنا لُقِّب بهاشم، أي هاشم الثريد، وغلب ذلك على اسمه. وتنقّل بين البلاد حمّال أسفار جوّاب آفاق، حتى إذا ما ارتحل إلى غزّة وافته المنية فيها، لتحمل اسمه فيما بعد حتى اليوم، وقبره فيها شاهد على التاريخ وقد بنى الغزيّون مسجدا كبيرا عليه قائم الى يومنا هذا


الهاشميون في فجر الإسلام

كانت مكة أول العواصم وأهمها، وهي مع بداية البعثة في صدارة المدن العربية والممالك القديمة، بفضل ما حظيت به من مكانة سياسية وتنظيم إداري، وما كانت تشهده من حراك ثقافي ونشاط تجاري، وفيها كان يتبارى الشعراء وتُعلّق قصائدهم على جدران الكعبة.

إنها مكة عاصمة الكلمة العربية بامتياز، وفيها كانت معجزة التنزيل للقرآن الكريم الذي تنزل والمحفوظ بإذن الله ولقوله تعالى:
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
(الحجر، آية 9).

في مجتمع مكة المكرمة وفي ظل قوة العبادة الوثنية وسيطرة وسطوة وسلطان قريش، كانت ولادة الإسلام كرسالة دينية، وفلسفة عالمية، ودعوة إلى التسامح والمحبة والعدالة الإنسانية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن مكّة جاء البشير، بأن الله سبحانه وتعالى اصطفى من خلقه رسولاً ليُخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد، على قاعدة التوحيد وكلمة لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
انطلق الإسلام بالعشيرة الأولى، بني هاشم، الذين خاطب الله تعالى رسوله آمراً إياه أن يبدأ بهم
(وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِين)َ
(الشعراء، آية 214).

وكان على الهاشميين أن يواجهوا التحديات الأولى في سبيل البعثة، ليقدموا فيما بعد أول الشهداء وأكثرهم قدرا، فكانت أُحُد وحمزة سيد شهداء الجنة، ثم كانت مؤتة عام 13هـ التي روى جعفر الطيّار أرضها بدمائه الزكية، ثم كانت القادسية عام 15هـ، لتأمين الحدود الشرقية للدولة الإسلامية التي أخذت بالتوسع والامتداد، وبدأت آنذاك ملامح تشكل هوية الأمة الجديدة على قاعدة البر والتعاون والتعارف والتآلف، تطبيقاً لقوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
(الحجرات، آية 13).

العصور الإسلامية

يتحدر الهاشميون، أشراف مكة وآل البيت من أصولهم العربية العدنانية، ولم تشهد أيّة سلالة في التاريخ احتفاظاً بامتداد نسبها على النحو الذي اتصفّ به آل البيت خاصة، وكان لمركزهم الديني وتواصل خدمتهم وإدارتهم للحرم المكي سدنة وحماة أثره الممتد على مدى التاريخ سلالة جمعت المجد من كل أطرافه، وقد ابتدأ ليس فقط من رحلات الإيلاف ولا من سيرة محمد الأمين قبل أن يتنزل الوحي عليه، بل من موقع الهاشميين التاريخي بين قبائل العرب باعتبارهم قادة إصلاح ومشورة، وقد ترفعوا عن كل منصب إلا ما هو في خدمة أمة الإسلام بدءا من العشيرة الأقرب في أرض الحجاز فهم ما تقلدوا منصباً سياسياً أسوة بالأمويين والعباسيين أو الفاطميين، فقد احتفظوا بمكانتهم ونهضوا في خدمة الأمة اجتماعياً وكانوا أول الباذلين لأرواحهم في خدمة دعوة الإسلام الحنيف.

استمر جهاد آل البيت في حمل مشروع النهوض بالأمة على أساس المساواة والعدالة وتكريس حرية العقيدة، ومع أنهم نأوا بأنفسهم عن خصومات السياسة والعصبية، إلا أنهم واجهوا الصعاب، وتقلبات الأزمنة، وثبتوا عند حق الأمة ولم يميلوا عن الحق، متمسكين بكرامة المجتمع والإنسان وما عرفوا أبدا أن يقابلوا الأذى بمثله بل كان نهجهم التسامح وتأليف القلوب تيمنا بسيرة المصطفى عليه السلام.

في عصر بني أمية تحولت الحجاز معقلاً للزاهدين من الدنيا وكانت بيوت الهاشميين موئلاً لهم، ومع أن الأمويين رأوا فيهم منافساً، إلا أنهم في عصر بني العباس استردوا اعتبارهم السياسي حين رفع آل العباس شعار ثورتهم بالدعوة لآل البيت، وخلال هذه المرحلة الزمنية (40-656هـ/ 660-1258م) قدم الهاشميون الشهداء والعلماء والقادة لأمة الإسلام، وظل الهاشميون محل اهتمام من قبل خلفاء العباسيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك. وقد حكموا مكة لفترة طويلة امتدت بين (598-1209هـ/ 1209-1925م) أي أنهم حكموا 716 سنة.



العصر الحديث

03HKP.jpg


كانت سنة 1516م نقطة انعطاف وتحول في تاريخ المشرق العربي، حين دخلت جيوش السلطان سليم الأول العثماني بلاد الشام ومصر بعد انتصارها على المماليك في معركة مرج دابق عام 1516م، باسطة سلطان الدولة العثمانية ونفوذها عليهما كونهما إقليمين عربيين استراتيجيين، عقائدياً بالنسبة للحجاز واقتصادياً بالنسبة لليمن، وكان أشراف مكة قد ألزموا أنفسهم برغم كل تقلبات السياسة وهم سدنة المقدسات الإسلامية بالإعلان عن مباركتهم للسلطان سليم الأول، فكانوا أول من أيد وبارك الاعتراف بالسلطان سليم الأول سلطاناً عثمانياً على الأقاليم العربية، فقد أعلن محمد الثاني ابن بركات شريف مكة (1512-1566م) عن مباركته وتأييده، فأقره السلطان سليم شريفاً وحاكماً، وتلقب السلطان العثماني يومها بلقب (خادم الحرمين الشريفين).

ظلت الحجاز طوال العهد العثماني 1516-1916م تحت إدارة وحكم الهاشميين حتى رأى الهاشميون انحراف الأتراك عن مبادىء الإسلام واتجاههم إلى نزعه طورانية متشددة للقومية التركية. ومما راع الهاشميين تعسفُ ولاة الدولة في حكم رعايا الأمة وتعليق أعواد المشانق لأحرار العرب في دمشق، والمبالغة في تعذيب الناس وإرهابهم.

جيش الثورة العربية الكبرى خلال الزحف عام 1916.

ولما كان القتل والتهجير والتضييق على الأحرار العرب هي الممارسة التي سادت، إضافة إلى التضييق الاقتصادي ووطأة الضرائب وفرض التجنيد الإجباري، ولان الأتراك قد عادوا إلى الطورانية العنصرية التي تدعو إلى تتريك كل العناصر المحكومة تتريكا كاملا يشمل اللغة والثقافة والجنسية، ولان العالم بدأ يشهد حركات الاستقلال والسيادة وكل أمة تسعى إلى تكوين كيانها على أرضها وفقا لثقافتها الأصيلة ولغتها وتاريخها، فقد تحرك العرب ليكون لهم السيادة والاستقلال خاصة أنهم هم من ادخل النور في قلوب من يحكمونهم، وأنهم الأصل الذي يجب أن يسود وقد توجهوا إلى الشريف الحسين بن علي زعيما وقائدا من أول من دعا الى الاستقلال والسيادة فاستجاب لرغبات أحرار العرب الذين اجتمعوا في دمشق عام 1915م ومعهم الأمير فيصل بن الحسين، الذين صاغوا ميثاق دمشق الذي حدد مطالب العرب بالاستقلال وتأسيس دولة ذات سيادة ولها حدودها العربية الكاملة، فتبناه الشريف الحسين بن علي في سبيل حرية العرب ونهضتهم وجاء إعلان الثورة العربية الكبرى في العاشر من حزيران/يونيو عام 1916م لتكون ثورة التغيير والنهضة ووقف ومحو آثار أربعة قرون من التراجع والانحدار والوهن في روح الأمة، وإيذاناً باستعادة الروح العربية لهويتها وسيادتها.


الهاشميون وبناء الدولة الحديثة

04hkp.jpg


بدأت الثورة العربية في يوم السبت العاشر من حزيران/يونيو لعام 1916م، وبدأت معها مسيرة الحرية والنهضة، إذ كانت الدولة العثمانية طلبت من الشريف الحسين بن علي بعد هزيمتها الفادحة في القوقاز في 15 كانون الثاني/يناير 1915م أن يعلن الجهاد المقدس باسم السلطان محمد رشاد الخامس وأن يعد قوات متطوعة من العرب ويرسلهم إلى سوريا، وأن يتعاون مع الوالي وهيب بيك في جمع وتجنيد العرب وتسليحهم وإعدادهم للالتحاق في الجبهات.

جيش الثورة العربية الكبرى خلال الزحف عام 1916.

فجاء جواب الشريف الحسين أمير مكة في برقية أرسلها إلى الصدر الأعظم جاء فيها:

نلبي ما تطلبه الدولة العلية إذا استجابت لمطالب العرب وهي:

إعلان العفو عن المحكومين السياسيين العرب.

منح سوريا إدارة لامركزية وأيضاً العراق.

اعتبار الشرافة بمكة معترفاً بها بحق الموروث.

ومن هنا كانت بداية الأزمة السياسية التي سرّعت في إعلان الثورة، وكان البريطانيون يواصلون مساعيهم لكسب العرب إلى جانبهم، فعرض السير هنري مكماهون المفوض السامي البريطاني في رسالة إلى الشريف الهاشمي الحسين بن علي في نيسان/ابريل 1915م استعداد بريطانيا لمساعدة العرب لنيل الاستقلال، وتلاها عدة رسائل عرفت باسم "رسائل حسين – مكماهون"، فوافق الشريف الحسين على الدخول في مفاوضات على أساس التحرير وتوحيد العرب وإعلان الاستقلال.

مثل الحسين بن علي خياراً عربيا فقد توجهت إليه أنظار الأحرار العرب في بلاد الشام والعراق وشمال أفريقيا الذين يتوقون ليوم الاستقلال ورأوا في الحسين تجسيداً للمكانة الدينية والخبرة السياسية والثقل المعنوي لدى المسلمين كافة.
وافقت بريطانيا على مطالب الحسين بن علي الذي شدد على ضرورة اعتبار فلسطين أرضاً عربية خالصة، في مواجهة ادعاءات بريطانية أرادت إخراج فلسطين من حدود الدولة العربية وبخاصة القدس العربية. في تلك اللحظة كان جمال باشا السفاح يصدر أحكام الإعدام الجائرة والعشوائية في بيروت ودمشق في السادس من أيار/مايو 1916م، وزج في السجون أعداداً كبيرة من الشخصيات الوطنية العربية، وكانت هذه إعلانا للصيحة العربية التي أطلقها الأمير فيصل من دمشق فجر اليوم الدامي بإعدام الأحرار العرب حين صاح يومها (طاب الموت يا عرب). فكانت مسيرة الثورة العربية في تحرير الأرض والإنسان، وخاضت الجيوش الشمالية بقيادة الأمير فيصل والشرقية بقيادة الأمير عبدالله والجنوبية بقيادة الأمير علي معارك في جبهات الحجاز في مكة والمدينة والطائف وجدة وعلى طول ساحل البحر الأحمر وفي جبهة الأردن في العقبة والطفيلة ومعان والأزرق والشوبك ووادي موسى والحسا وغيرها وفي جبهة سوريا الشمالية في الطريق إلى دمشق وحتى حمص وحلب والى آخر نقطة في الشمال وهي المسلمية.

انتهت الحرب العالمية الأولى وجاء مؤتمر لندن 1918م ثم مؤتمر باريس 1919م وشارك الامير فيصل بن الحسين ممثلاً عن العرب، وظهرت تطورات سياسية وبرزت أطماع لم تكن متوقعة فخاض العرب حربا من نوع جديد في الدفاع عن الاستقلال العربي والدولة والسيادة. فكانت حركة الأمير عبدالله بن الحسين من الحجاز إلى معان ثم إلى عمان لتبقى راية الثورة والعروبة والاستقلال تخفق بكل معاني النهضة والدولة الكاملة، فكان لقاء الأمير عبدالله بن الحسين بعد سلسلة من الاتصالات ومعه بعض قيادات حركة الاستقلال العربي ومنهم رشيد بيك طليع وغالب الشعلان وعوني عبد الهادي، مع وزير المستعمرات البريطانية ونستون تشرشل والمندوب السامي البريطاني السير هربرت صموئيل في القدس بتاريخ 29 آذار/مارس 1921م.

خاض الأمير عبدالله بن الحسين مفاوضات شاقة في ظل قرارات واتفاقيات مسبقة تهدف الى تمزيق الأرض العربية، إضافة لخطورة ما جاء في صك الانتداب الصادر عن عصبة الأمم الذي يضع ارض شرق الأردن ضمن الوعود التي ستنفذ على حساب ارض العرب.

وبخبرته السياسية ورؤيته للمستقبل استطاع الأمير عبدالله أن يعقد اتفاقا للبدء بتأسيس دولة في شرق الأردن مع تعديل صك الانتداب الذي نص على الاعتراف بأرض شرق الأردن كأرض عربية فتسنى للأمير عبدالله أن يعلن الدولة الأردنية المستقلة باسم حكومة شرقي الأردن التي تطورت إلى المملكة الأردنية الهاشمية.


أدوار تاريخية

تميزت السلالة الهاشمية التي حكمت ووجهت العرب في التاريخ الحديث، التي بها بدأ فصل بناء الدولة العربية الحديثة بما يلي:

أنها سلالة عربية من أعرق سلالة في تاريخ العرب فضلاً عن أنها من السلالات القديمة في التاريخ العربي، وقد تجلى دورها من خلال إسهامها في توظيف مكانتها الرفيعة في خدمة كل العرب والمسلمين.

شكل الهاشميون لبنة الأساس في بناء مكون الدولة العربية في سوريا والعراق والأردن، واستطاعوا أن يحفظوا البلاد العربية وتجنيبها الكثير من النوازل. وحالوا دون انقسام الصف العربي، استمراراً لدورهم التاريخي الذي بدأ بحلف الفضول ودار الندوة الى تنظيم شؤون الحج وخدمة بيت الله العتيق.

يحفظ التاريخ العربي تضحيات الهاشميين في سبيل الاستقلال والحرية للعرب، وامتازوا بالزهد والايثار والتضحية وتكريس كل الجهود لخدمة خير وصالح الأمتين العربية والاسلامية والدفاع عن مصالحهما في كل المحافل الدولية .

يشكل الهاشميون مرجعية فاضلة وقادرة على التعامل مع الأحداث الكبرى ومستوعبة لحركة السياسة العالمية ومدركة لطبيعة الأوزان التفاوضية في القضايا الدولية، وهذا ما ظهر في مفاوضات الشريف الحسين مع السير مكماهون عامي 1915و1916م ودور الامير فيصل الاول في مؤتمر باريس وموقفه من مقررات مؤتمر سان ريمو و لقاء عبد الله – تشرشل في القدس عام 1921م، حين أشار عبدالله المؤسس إلى ضرورة مراجعة أحزاب البلاد وأهلها فيما يخص عروض تشرشل عليه وفي التأكيد على رفض وعد بلفور.


الملوك الهاشميون: الشهداء والمشرعون وقادة البناء

05HKP.jpg


يقول عجاج نويهض في مقدمة كتاب محمد العجلوني، ذكريات عن الثورة العربية الكبرى:
"كانت ثورة الحسين غايتها تحرير الأقطار العربية الآسيوية وإنالة العرب استقلالهم وتمكنهم من بناء الدولة العربية الكبرى التي فقدوها منذ قرون، فيستأنفون حياتهم الحرة، كأمة كريمة".

جيش الثورة العربية الكبرى خلال الزحف عام 1916.

ويقول الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين رحمه الله:

"نحن آل البيت إنما السبب في كل الممالك والزعامات العربية التي نراها اليوم".

وهذه صورة من الرؤى الهاشمية والثوابت والتأكيد على الحق العربي فهم الهاشميون الدعاة إلى الحق، الرافضون للظلم، المتسامون عن مطالب الدنيا، الكاظمون الغيظ، وأنهم في كل محفل يدعون إلى تحقيق حياة أفضل للإنسان العربي بكل كرامة وعزة مع نبذ العنف والتطرف، وهي سيرة بدأها الحسين بن علي ومضت دستور حياة من الملك المؤسس عبدالله الأول إلى جلالة الملك عبدالله الثاني.

الملك المؤسس (1882 - 1951م)

06HKP.jpg


07HKP.jpg


08HMKAP.jpg


جاء أرض الأردن مجاهداً، وغادر الدنيا شهيدا، خاطب العرب وأهل بلاد الشام حين وصوله معان قادما من الحجاز ليقود حركة النهضة من جديد وانتصارا لعرش أخيه الملك فيصل الاول في سوريا بقوله:
[ ..كيف ترضون بأن تكون العاصمة الأموية مستعمرة فرنسية، إن رضيتم بذلك فالجزيرة لا ترضى وستأتيكم غضبى، وإن غايتنا الوحدة كما يعلم الله. أتينا لبذل المهج دونكم لا لتخريب البلاد ... أتاكم المستعمر ليسلبكم النعم الثلاث: الإيمان والحرية والذكورية ... أتاكم ليسرقكم فتكونوا غير أحرار ...]
21 تشرين الثاني/نوفمبر 1921م/ 11 ربيع أول 1339هـ

وقضى جلالة الملك عبدالله المؤسس شهيداً على أرض القدس التي حفظها وافتداها في العشرين من تموز 1951م يوم كان ذاهباً لأداء صلاة الجمعة التي كان يحرص على أدائها في المسجد الأقصى وكان برفقته حفيده الشاب جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه.

ساعة ذاك كان القدر يواجه الملك المؤسس، ويفتح عين الشاب الملك الحسين أمام حدث كبير ومصاب جلل، قال عنه الملك الحسين بعدها: في هذا اليوم قد تساوت عندي قيم الحياة والموت.
جلالة الملك عبدالله المؤسس عربي النشأة، وقد تلقى علومه في مكة واستنبول، فمنحته الأولى الإيمان العميق، ومركزية الوعي وحمل طموحات المسلمين وآمالهم، وأعطته الثانية الخبرة في السياسة والحنكة والحكمة.

كانت ولادة الملك المؤسس في مكة المكرمة في الرابع من نيسان/ أبريل من عام 1882م، ومنذ الطفولة اطلع الأمير عبدالله على تاريخ القبائل وأعراف البدو، فنال من ثقافتهم وعرف العادات القبلية، وكان لذلك أثره البالغ في شخصيته فيما بعد، إذ غدا قصر رغدان الذي بني عام 1927م في عمان موئلاً للشعراء والأدباء الذين بادلهم الشعر وناظرهم فيه.

تجسدت في شخصية جلالة الملك المؤسس الخبرة السياسية والقدرة الفائقة على اجتياز الأزمات والتدخل الحاسم، فخلال الثورة العربية غدا الملك المؤسس، واحداً من قادتها، وبعد أن أعلن فيصل ملكاً على سوريا ظل الأمير عبدالله في صحبة والده في مكة، ولكن نهاية الحكم العربي في دمشق بعد معركة ميسلون24 تموز/يوليو 1920، دفعت به للقدوم إلى شرق الأردن لتبقى راية الثورة العربية مرفوعة و لتأسيس قاعدة انطلاق لدعم الثوار العرب ضد الانتداب الفرنسي وتحرير البلاد السورية.

وصول الامير عبدالله بن الحسين إلى عمان عام 1921.
قبيل ظهر يوم الأربعاء (2 آذار/مارس 1921م / 22 جمادى الآخرة 1339هـ) وصل الأمير عبدالله عمان قادماً من معان فاستقبله أهلها وأعيانها، وصارت عمان مركزا، وقد تجددت النهضة فيها وقبلة أحرار العرب في المنطقة العربية بأسرها وخاطب الأمير مستقبليه قائلاً:

[فاعلموا أنه ما جاء بي إلا حميتي وما تحَمّلَه والدي من العبء الثقيل، فأنا أُدركُ الواجب عليَّ، ولو كان لي سبعون نفساً لبذلتها في سبيل الأمة ولما عددت نفسي فعلتُ شيئاً، كونوا على ثقة بأننا نبذل النفوس والأموال في سبيل الوطن]
بوصول الأمير عبدالله الى عمان انتهى عهد الحكومات المحلية التي انتظمت تحت الراية الهاشمية، وشرع الأمير عبد الله بإقامة نظام سياسي وحكم مركزي. فعين عوني عبد الهادي رئيساً لديوانه ثم أرسل مع الشيخ كامل القصاب رسالة إلى أعضاء حزب الاتحاد السوري وأحزاب الجالية السورية في مصر، ليعلمهم بأهدافه وقد وصل كامل القصاب مصر يوم 18 آذار/مارس 1921م وجاء في الرسالة:

[حضرات الأفاضل أعضاء حزب الاتحاد السوري وأحزاب الجالية السورية العربية بمصر حفظهم المولى. السلام عليكم، .... فقد حملت إليكم الأنباء ولا ريب خبر قدومي عمان الذي لم يبعثني عليه غير رغبتي بتحرير البلاد السورية وإنقاذها مما ألم بها...]

وبهذا فان الملك عبدالله المؤسس أراد تكريس المطلب العربي بضرورة الاستقلال وأراد تأكيد استمرارية النهج الثوري العربي النهضوي، الذي جاءت به الثورة العربية، وكان عليه أن يواجه في سبيل ذلك الصعاب والتحديات.

خلال فترة حكمه التي استمرت طيلة السنوات الثلاثين 1921-1951م عمل الملك المؤسس على تحقيق إنجازات سياسية هامة، ومنها:

تحقيق الاعتراف السياسي الدولي بإمارة شرق الأردن.

إصدار القانون الأساسي سنة 1928م كأول دستور لإمارة شرق الأردن مع توقيع اتفاقية دولية هي المعاهدة الأردنية البريطانية.

إجراء الانتخابات لأول مجلس تشريعي أردني عام 1929م.

تأسيس الجيش العربي ورعاية نشأته وتطوره.

دعم حركة الاستقلاليين العرب باستقبالهم في عمان وإنشاء حزب الاستقلال وفتح الآفاق السياسية أمام تطور الوعي
السياسي الأردني، وتأسيس أحزاب سياسية وطنية.

تكريس هيبة الدولة وبناء مؤسساتها.

إعلان إمارة الأردن مملكة مستقلة في 25 أيار/مايو 1946م.

تحقيق وحدة الضفتين كأول نموذج حقيقي لوحدة عربية.

الملك عبدالله بن الحسين يوقع على إعلان الاستقلال في 25 أيار/مايو 1946 في قصر رغدان.
وبعد الاستقلال التام كان القرار الاردني العربي المستقل، فكانت البداية في القمة العربية الأولى في أنشاص في 28 أيار/مايو 1948م، ثم جاءت نكبة 1948م لتضع الأردن في مواجهة الحدث وتداعياته، فجاء الدفاع عن القدس من قبل أبطال الجيش العربي في باب الواد واللطرون وفي كل بقاع فلسطين ونقف عند مقتطفات من صور التضحية والبطولة في عام 1948م ما يلي:

[.. في ليلة 18 أيار ترأس الملك عبد الله جلسة عاجلة لمجلس الوزراء، وحضرها رئيس هيئة الأركان ومساعده، وعرض الملك عليهم خطورة الموقف في القدس وقال إنه يتحمل مسؤولية التدخل في القدس فتقرر أن يتقدم الجيش العربي]
وصدر الأمر يوم 18 أيار/مايو للكتيبة السادسة المرابطة في أريحا بالزحف إلى القدس وقوامها ثلاث سرايا مشاة توزعت على المواقع المهمة للمدينة وأبوابها الرئيسة، واستقبل أهالي القدس وفلسطين الجيش العربي ورأوا في جنوده رجالاً بواسل وقد حققوا النصر وحافظوا على القدس عربية واجزاء من فلسطين عرفت فيما بعد باسم الضفة الغربية .
بعد النكبة، أدرك العرب فداحة النتيجة، ورأوا في موقف الأردن الشجاع المدافع عنهم خير ضمانة لحماية ما تبقى من أرضهم، فتحرك الأخوة الفلسطينيون باتجاه الشقيق الأقرب الأردن، فتصاعدت الدعوة للوحدة مع الأردن وكان المؤتمر الفلسطيني المنعقد في عمان بتاريخ 1 تشرين الأول/اكتوبر 1948 برئاسة الشيخ سليمان التاجي الفاروقي طالب الملك عبدالله بأنه مفوض تفويضاً تاماً مطلقاً في أن يتحدث باسم عرب فلسطين وأن يفاوض عنهم ... وقد مهّد ذلك المناخ السياسي إلى عقد مؤتمر أريحا في الأول من كانون الأول/ديسمبر 1948م بحضور أعيان فلسطين وزعمائها ووجهائها وقرروا:

القبول بالوحدة الفلسطينية الأردنية.

مبايعة المؤتمر الملك عبد الله المعظم ملكاً على فلسطين كلها.
بعد ذلك مضى الأردن بقرار الوحدة وأجريت انتخابات جديدة في الأول من كانون الثاني/ يناير 1950م وانتخب المجلس نواباً عن فلسطين كلها والأردن وشكلت حكومة جديدة بتاريخ 12 نيسان 1950 برئاسة سعيد باشا المفتي.

لم يمهل القدر الملك المؤسس طويلاً، وكان جلالته مواظباً على أداء صلاة الجمعة في القدس، وفي يوم الجمعة العشرين من تموز/يوليو 1951م استشهد جلالته على أرض القدس الطاهرة التي دافع عنها فسال دمه الزكي عند عتبات المسجد الأقصى وعلى مقربة من ضريح والده الشريف الحسين الذي ضحى بعرشه على أن يفرط بذرة من ارض القدس وفلسطين.



الملك طلال بن عبدالله (1909 - 1972م)

09hkma.jpg


أرسى الملك المؤسس أُسس الحكم على قواعد الوسطية والاعتدال والمساواة وليواصل الملك طلال بن عبدالله مسيرة البناء والحكم بنهج الخير والتطلع الى المستقبل.

خلال أقل من سنة حكمها جلالة الملك طلال رحمه الله، أنجز الدستور الأردني لعام 1952م الذي جسد آفاق التطور السياسي المرتكز إلى ضرورة مشاركة الشعب في صنع القرار من خلال العملية الديمقراطية الكاملة وإجراء انتخابات دورية لمجلس الأمة. وأقر في عهد جلالته حق التعليم المجاني وأنجزت العديد من التشريعات، وسعى جلالته إلى توطيد العلاقات الأردنية مع السعودية وسوريا ومصر، ولكن تعذر استمراره في الحكم بسبب مرضه، فكان القرار الدستوري بتشكيل مجلس الوصاية في 11 آب/اغسطس 1952م ريثما يبلغ الملك الحسين السن القانونية بموجب الدستور وهو ذات اليوم الذي تمت فيه المبايعة لجلالته ملكا على المملكة الأردنية الهاشمية.



الملك الحسين بن طلال (1935 - 1999م)

10hmkap.jpg


11hmka.jpg


12hmka.jpg


ولد جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في عمان في 14 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1935، وتربى في البيت الهاشمي وقد حظي برعاية جده الملك المؤسس وتلقى علومه التربوية والعسكرية في مدارس الاردن وخارجها.

وفي الحادي عشر من آب/أغسطس من عام 1952 اعتلى جلالة الملك الحسين العرش، وفي الثاني من أيار/مايو 1953م تولى جلالته سلطاته الدستورية في ظروف عربية ودولية حرجة ودقيقة، ورغم كل هذا وخلال فترة حكمه استطاع أن يحقق أعلى مستويات النهوض المدنية والسياسية وأن يكون الباني لأردن الاعتدال والوسطية وان يحقق أفضل نوعية حياة لشعبه، وان يستمر الأردن بأداء دوره العربي والإقليمي بتكامل وتأثير وبرؤية المستقبل والخير لبني الإنسان من حيث التطور في مستوى الخدمات والتعليم والتقدم العلمي.

الملك الحسين بن طلال في لباس العرش عام 1953.

على مدى سبعة وأربعين عاما من قيادة جلالته فقد شهد الأردن تقدما ملموسا في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وكان جلالته يرحمه الله يركز على الارتفاع بالمستوى المعيشي للمواطن الأردني وقد رفع جلالته شعار (الإنسان أغلى ما نملك) ركيزة أساسية في توجيه الخطط التنموية والتأكيد على ضرورة توزيع مكتسبات التنمية لتشمل كل المناطق وجميع فئات الشعب الأردني.

وأولى جلالته القوات المسلحة الأردنية الاهتمام الخاص، وقد عاش جلالته أحداث حرب حزيران وما آلت إليه من نتائج أثرت على خطط التنمية الأردنية، ولكن جلالة الملك الحسين يرحمه الله مضى في محو لآثارالحرب بدلا من حزيران وتنفيذ خطط النهوض حتى كان يوم المحو الأكبر في معركة الكرامة الأردنية في 21 آذار/مارس 1968م حين حقق الجيش العربي الأردني أعظم انتصار أعاد روح الثقة والانتصار لكل العرب.

وعلى الصعيد الإقليمي والعربي فقد كان الأردن من المؤسسين لجامعة الدول العربية والملتزم والمحترم لقراراتها، وقد أدى جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه دورا مسؤولا في وحدة الصف العربي ودعم القضايا العربية خاصة القضية المركزية فلسطين، وكان موقفه واضحا من بداية المسألة العراقية بالدعوة الواضحة بان يكون الحل عربيا وإلا فان المنطقة ستشهد كوارث لا حد لها.

ورعى جلالته مسيرة الحياة السياسية وتعزيز نهج الديمقراطية وقد واجه الأردن مسألة دستورية بسبب احتلال الضفة الغربية منه الأردن فكان الميثاق الوطني الأردني ومجالس الشورى لملء الفراغ الدستوري، وعندما كانت إرادة الأشقاء بان يتولوا المسؤولية بأنفسهم كان القرار الأردني في مؤتمر الرباط عام 1974 بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، وليتبع ذلك قرار فك الارتباط القانوني والإداري عام 1988، وبالتالي تسنى للأردن استئناف مسيرته الديمقراطية الدستورية، فكان عام 1989 بداية الديمقراطية الأردنية الحديثة على قاعدة التعددية السياسية وتأكيد نهج الشورى وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية لتشمل المرأة، مرشحة وناخبة.

كان جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه رجل حرب وسلام، ويمتاز بالشجاعة وبعد الرؤيا، فقد أجاب عن سؤال وجّهه إليه محاوره في كتابه "مهنتي كملك":

[...ثمة نقطة لست اتفق وإياك إطلاقاً عليها، عندما قلت بأن عام 1967م كان حربي وأن عام 1973م لم يكن مثل ذلك. فمنذ سنين كانت جميع المعارك التي خاضتها الشعوب العربية هي معاركي، كانت جميعها تعنيني ... ]
ويضيف الحسين:

[..لقد قاتل الهاشميون منذ أربعة أجيال، في سبيل القضية نفسها والهدف والغاية نفسهما، كان الشريف الحسين في مكة أول من رفع الراية ثم جاء بعده الملك عبد الله وتلاه والدي، أما أنا من أبناء الجيل الرابع الذي قاتل في القضية نفسها والهدف والغاية نفسهما ...]


شجرة العائلة

hmka_tree.jpg




الهاشميون والقدس

احتفظ الهاشميون بسلالتهم المقدسة تاريخياً في مكة منذ سنة 8هـ/629م وحتى بداية القرن العشرين، ولم نشهد في التاريخ السلالي العربي مثل تلك السلالة التي ينتمي إليها جلالة الملك عبدالله الثاني. فقد ارتبطت المقدسات الإسلامية بالهاشميين فحفظوا لها مكانتها ونأوا بها عن خصومات السياسة.

أوجد الهاشميون عقداً شرعياً وأخلاقياً بينهم والمقدسات الإسلامية التي كانت مهوى أفئدة أمة الإسلام، وكان حالهم مع القدس الشريف أولى القبلتين متلازما مع التأكيد دوما على تبنيهم لرسالتهم التي ناضلوا من اجلها وهي حرية الشعوب والحفاظ على كرامة الأمة، ومع قيام الدولة الأردنية ظلت الولاية الهاشمية على المقدسات العربية والإسلامية في مدينة القدس الشريف بمساجدها وكنائسها.

تضم القدس الشرقية أهم المقدسات الإسلامية وأَجلُّها قدراً، ففيها الحرم القدسي الشريف الذي يحوي مسجدين وأضرحة كثيرة للأنبياء والأولياء والصالحين، وتراثاً معمارياً إسلامياً من المدارس والسبل والزوايا والأسواق والمكتبات.

تعد قبة الصخرة المشرفة التي أتمّ بناءها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان سنة 691م التي أخذت قدسيتها بسبب معراج الرسول محمد صلى الله عليه وسلم منها إلى السموات العلى، أحد أبرز معالم المعجزة الخالدة للرسول عليه الصلاة والسلام في رحلة الإسراء والمعراج، وتعد حادثة الإسراء والمعراج مناسبة إسلامية عالمية تصادف في السابع والعشرين من شهر رجب من كل سنة هجرية.

أما الركن الآخر من أركان الحرم الشريف فهو المسجد الأقصى الذي أسس في أيام الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب، وأقيمت بعد ذلك قبة الصخرة إلى جانبه. وللجغرافي العربي الشهير المقدسي وصف بديع لقبة الصخرة إذ يقول:

[..فإذا بزغت عليها الشمس أشرقت القبة وتلألأت المنطقة ورأيت شيئاً عجيباً وعلى الجملة لم أرَ في الإسلام ولا سمعت أنّ في الشرق مثل هذه القبة.. ]

عبر تاريخ المسلمين حظيت القدس باهتمام خاص، وأضحت محجاً للمؤمنين وراح الرحالة يجيدون في وصف المدينة؛ فهذا الرحالة ناصري خسرو يصفها فيقول:

[...هي مدينة مشيدة على قمة جبل ليس بها ماء غير الأمطار وأراضيها ذات عيون، وأما المدينة فليس بها عين ماء وهي مدينة كبيرة وبها أسواق عالية..]

ويقول المؤرخ العربي نقولا زيادة:
[في أواخر القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي احتل الإفرنج القدس، التي ظلت في أيديهم حتى استرجعها صلاح الدين الأيوبي سنة 583هـ/1187م. وخلال أزمنة التاريخ الإسلامي دخلت القدس في حكم الأيوبيين ثم المماليك ومن ثم العثمانيون، وهي مركز مرموق للمسلمين فيها أهم مراكزهم الدينية وفيها كنيسة القيامة، يقول الجغرافي العربي المقدسي في فضائل بيت المقدس، وأما الفضل فلأنها عرضة القيامة ومنها المحشر وإليها المنشر، وإنما فضلت مكة والمدينة والكعبة بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويوم القيامة تزفان إليها فتحوي الفضل كله.]
 
رد: الهاشميون

الإعمار الهاشمي الأول

أولى الهاشميون بيت المقدس ومقدساتها جل عنايتهم واهتمامهم الذي وقف ضد مزاعم اليهود الصهيونية في القدس، إذ مثلت تلك المزاعم تهديداً مباشراً للمدينة العربية وتراثها الحضاري. فمنذ عام 1922م تأسس في القدس المجلس الإسلامي الأعلى كمنظمة إسلامية غير حكومية للحفاظ على تراث القدس الشريف، وبادر المجلس إلى جمع الأموال اللازمة لترميم قبة الصخرة.

كان الشريف الحسين بن علي، شريف مكة أول المستجيبين لنداء أهل القدس، حين زاره وفد مقدسي سنة 1924م في الحجاز برئاسة الحاج أمين الحسيني رئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، وبعد أن سمع إيجازاً وافياً حول المخاطر التي يتعرض لها المسجد الأقصى تبرع بمبلغ 50 ألف ليرة ذهبية، شكلت أساس المال الإسلامي لإعمار المسجد الأقصى ومساجد أخرى في فلسطين.
أفادت عملية الترميم التي باركها الشريف الحسين بن علي بيت المقدس كثيراً، فقد ساعدت على صمود مرافق المسجد الأقصى حين ضرب زلزال عنيف المنطقة عام 1927م.

لم تكن القضية الفلسطينية آنذاك بالصورة التي ظهرت عليها وتطورت من خلالها المقدسات الإسلامية والمسيحية، كما حدث فيما بعد، فقد استجاب الشريف الحسين بن علي لطلب العون من أهل القدس في مرحلة مبكرة، مجسداً بذلك وعياً خالصاً والتزاما منه بقضايا الأمة، وما طلب أهالي القدس والأعيان بدفن الشريف الحسين بن علي في الحرم الشريف في حزيران/يونيو عام 1931م إلا تأكيد على مكانة الحسين بن علي وتقدير لجهوده في إنقاذ المؤسسات الإسلامية في القدس، فها هو ضريحه حتى اليوم موجود في الرواق الغربي للحرم الشريف.


الملك المؤسس والقدس

تولى الأمير عبدالله بن الحسين الحكم في شرق الأردن، ممثلاً لمسؤوليات والده، وكانت طموحاته شديدة مع البساطة والاطراد، غير أن جلالة الملك المؤسس عبدالله الاول بحسب وصف تي. إي. لورنس: "كان دائماً لديه أفكار كبرى للأمة.."

أثيرت عبقرية جلالة المغفور له الملك عبد الله بن الحسين جراء تحولات السياسة في عالم الشرق الأوسط، ففي لقائه مع ونستون تشرشل في القدس في21 آذار/مارس 1921م، رفض إجابة طلب تشرشل حول وعد بلفور، وجعل أمر فلسطين بيد أهلها وقال: "ليس الفلسطينيون إلا مثل الشجر كلما قُلِّم نبت".

ظلت مواقف جلالته طوال فترة الانتداب تجاه فلسطين أكثر ثباتاً وعنادا،ً وبخاصة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فقد ظل متمسكاً بضرورة إخراج فلسطين من وعد بلفور، وفي الوقت نفسه كان مستمراً في حلم الشعوب العربية وحلم أبيه وأخيه فيصل بإقامة دولة سوريا الكبرى للعرب.

وفي عهد الملك المؤسس كان مسار الأحداث صعبا وحرجا بغير ما تشتهي أحلام العرب، فمع إعلان بريطانيا قرار جلائها في 15 أيار/مايو 1948م عن فلسطين وتحويل مسألتها إلى الأمم المتحدة كانت إسرائيل تعلن قيام دولتها في فلسطين.

ووجد جلالة الملك عبدالله نفسه أمام مسؤولية تاريخية طالما انه كان يدعو إلى العقلانية في التعامل مع إرادة المجتمع الدولي وأن يدرك العرب قوة الخصوم ومخططاتهم وأن يعمل العرب على تجنيب المنطقة حروبا لا تعرف نتائجها ولسنا بالمستعدين لها، ولكن كانت تجابه أفكاره باتهامات مختلفة، وسار العرب في طريق الحرب التي كانت نتيجتها فصول المأساة المستمرة إلى يومنا هذا.

في فجر يوم 14 أيار/مايو كان الملك المؤسس يقدم نصائحه إلى قواته، كانت مهمتهم المباشرة واضحة وتهدف لتحقيق تواجد عسكري في فلسطين لإنقاذ القدس (تحديداً) وغيرها من المدن الفلسطينية.

انتهت حرب 1948م بأضرار كبيرة لحقت بالحرم الشريف في القدس، ولم يكن من جلالة الملك عبدالله الاول إلا أنْ بادر بإطلاق دعوة لترميم محراب زكريا وإعادة ترميم المباني المحيطة التي أحقت بها أضرار هيكلية.

لم تقتصر عناية جلالة الملك المؤسس على المقدسات الإسلامية وحسب، فقد عمل جلالته شخصياً في إخماد حريق كاد أن يدمر كنيسة القيامة في عام 1949م فقد كان جلالته طيلة فترة حكمه من 1921-1951م سادناً وحارساً للمقدسات المسيحية أيضاً في القدس.


الإعمار الهاشمي الثاني

لم تمض أيام على تولي جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه سلطاته الدستورية في الثامن من أيار/مايو 1952، حتى صدرت توجيهاته السامية إلى الحكومة الأردنية لترميم قبة الصخرة التي أخذت في فقدان بريقها بفعل عوامل الطقس والزمن، وبعد أن أخذت المياه تتسرب إلى الداخل.

ومن منطلق المسؤولية التاريخية للهاشميين تجاه المقدسات كان اهتمام الملك الحسين طيب الله ثراه بالقدس ومقدساتها، فقد أمر جلالته في عام 1954 بتشكيل لجنة بموجب قانون خاص لإعمار المقدسات الإسلامية في الحرم القدسي الشريف تحت الرعاية الهاشمية وعرف القانون بقانون إعمار المسجد الأقصى المبارك والصخرة المشرفة رقم 32 لسنة 1954م.

وتتابع الاهتمام بالقدس ومقدساتها في سنة 1956م وسنة 1959م، ففي عام 1959م بدأ الترميم الثاني الذي موّله الأردن بقيمة 60 الف دينار لى جانب دعم قدّمته بعض الدول الإسلامية الأخرى وبلغ 86 الف دينار، واستمر الترميم الثاني حتى السادس من آب/أغسطس 1964م. واشتمل الإعمار الهاشمي الثاني على:

إعمار المسجد الأقصى المبارك وترميم جدرانه الخارجية الحجرية وتركيب أعمدة رخامية لأربعة أروقة في الناحية الشرقية منه، وتركيب نوافذ من الزجاج الملون بالإضافة إلى ترميم الأسقف والجدران الداخلية والخارجية.

إعمار قبة الصخرة المشرفة وتركيب قبة خارجية من الألمنيوم الذهبي اللون وتركيب رخام للجدران الداخلية والخارجية وإعادة ترميم الفسيفساء فيها وكتابة الآيات القرآنية.

وبتاريخ 28 ربيع الأول سنة 1384هـ الموافق 6 تموز/يوليو 1964م شمل جلالة المغفور له جلالة الملك الحسين المعظم الاحتفال الكبير في الحرم القدسي الشريف برعايته الملكية السامية، الذي أقيم احتفاء بالانتهاء من الإعمار الهاشمي الثاني. وألقى جلالته رحمه الله خطابا في هذا الاحتفال بين فيه مكانة القدس لدى الهاشميين وضرورة تكاتف المسلمين لاستعادتها من الصهيونيين وقال في هذا الخطاب:

[..على أننا ونحن نغتبط اليوم إذ نمد أبصارنا من خلالكم فنرى الملايين من العرب والمسلمين في آسيا وأفريقيا وقد اجتمعت من حول فلسطين هذه الساعة نحب ان نذكر بأن إعمار مسجد الصخرة المشرفة إنْ بدأ فوق أرض المسجد وفي حدودها الضيقة فان إنقاذ الصخرة والحفاظ على مسجدها وصون قبتها تنتهي كلها هناك في الأرض السليبة في الأرض العربية الحبيبة وفي استرداد حقوقنا فيها كاملة غير منقوصة ... ومن هذا الإيمان الراسخ بالله العلي القدير ومن عزائم الصادقين الخيرين كان مداد صمودنا ومن دم شهدائنا كان النور الذي يضيء دربنا إلى القدس العزيزة الغالية رمز الصمود وجوهرة السلام وهي عند الهاشميين وديعة حملوها عهدة عمرية ودما أردنياً ونضالاً قومياً وعلاقتنا بها فوق كل صغائر السياسة لأنها مستندة إلى الدين والنبوة والتاريخ والشهادة وسوف نظل على العهد نفسه ندافع عن حق الأمة فيها ونذود عنها كي تعود عربية إسلامية تنفيذاً للشرعية الدولية وكي تظل السيادة على مقدساتها لله وحده وباسمه جلت قدرته يكون للأمة حق الولاية الدينية على الشكل الذي يختاره إجماعها]



الإعمار الهاشمي الثالث

في 21 آب/أغسطس 1969م اقتحم أحد اليهود المتدينين المتعصبين المسجد الأقصى وأشعل النار فيه. وأدى هذا الحريق إلى تدمير معظم أجزاء المسجد الأقصى ومن بين أهم الأجزاء التي أتى عليها الحريق منبر صلاح الدين، وهو منبر أحضره من حلب القائد المسلم الفذ صلاح الدين الأيوبي الذي حرر المدينة من الصليبيين عام 1117 ميلادية، ومسجد عمر الموجود في الزاوية الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى ومحراب زكريا ومقام الأربعين والمحراب الرئيسي للمسجد والقبة الخشبية الداخلية ونوافذ المسجد والجدار الجنوبي، كما تعرض السجاد الذي يغطي أرض المسجد إلى الحريق والخراب.

وإثر ذلك أصدر جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه أوامره العاجلة بضرورة إعادة تعمير المسجد الأقصى. وقد تم إعادة تعمير كل من المسجد الأقصى الذي أعيد إلى حالته السابقة قبل الحريق وقبة الصخرة المشرفة حيث تم استبدال ألواح الألمنيوم القديمة للقبة بألواح نحاسية مذهبة محكمة الإغلاق كما شمل التعمير مناطق أخرى في الحرم الشريف والقدس ومنها: قبة السلسلة وباب الرحمة وجامع المدرسة الأرغونية ومكتبة المسجد الأقصى، القبة النحوية وسوق القطانين، والمتحف الإسلامي، وسبيل قايتباي.

وبعد الانتهاء من إعمار المسجد الأقصى وجد جلالته أن لجنة الإعمار تعاني من نقص مالي كبير لا سيما أن تنفيذ التصفيح النحاسي لقبة الصخرة يحتاج لمبالغ كبيرة. مما حدا بجلالة الملك إلى التبرع بمبلغ من المال للجنة الإعمار حتى تستطيع القيام بأعمالها. وقد أوضح ذلك في رسالته إلى رئيس لجنة الإعمار بتاريخ 11 شباط/فبراير 1992 جاء فيها:

[إن ما تم إنجازه حتى الآن في اتجاه البدء بعملية إعادة الترميم والإعمار يبعث فينا جميعاً الرضى والاعتزاز، وإزاء استكمال الدراسات وطرح العطاءات المتعلقة بهذه العملية فانه ليسعدنا أن ننقل إليكم تبرعنا الشخصي مقدماً لهذا العمل العظيم باسم أسرتي الهاشمية سليلة آل البيت وحاملة رسالته. وإذ علمنا منكم أنَّ ما هو متوفر لديكم هو مبلغ مليون ومائتي ألف دينار أردني فإنني أضيف لهذا المبلغ ما مقداره 8.249.000 دولار تبرعاً شخصياً مني ومن أسرتي الهاشمية.]

لم يقتصر الاهتمام الهاشمي في القدس على تعمير الأماكن الإسلامية المقدسة بل امتد ليشمل إنشاء الكليات والمدارس الدينية ومراكز حفظ التراث بتوجيهات من جلالة الملك الحسين رحمه الله ومنها:

كلية الدعوة وأصول الدين في القدس وأنشئت عام 1978م.
كلية العلوم الإسلامية في القدس وأنشئت عام 1975م.
كلية العلوم الإسلامية في قلقيلية وأنشئت عام 1978م.
ثانوية الأقصى الشرعية وأنشئت عام 1958م.
المدرسة الشرعية في جنين وأنشئت عام 1975م.
المدرسة الشرعية في الخليل وأنشئت عام 1962م.
المدرسة الشرعية في نابلس وأنشئت عام 1962م.
قسم الآثار الإسلامية بالقدس وأنشئ عام 1977م.
قسم إحياء التراث الإسلامي بالقدس وأنشئت عام 1978م.


الإعمار الهاشمي الرابع

13hmka.jpg


حظيت المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس باهتمام بالغ في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني وأضحت جزءا لا يتجزأ من برامج عمل الحكومات الأردنية في عهد جلالته، فقد أشار جلالته إلى ضرورة الاهتمام بها والعناية بمرافقها والتعهد بحمايتها في كتب التكليف السامي للحكومات التي تشكلت حتى الآن في عهد جلالته.
نال المسجد الأقصى في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني اهتماما كبيرا، إذ جسد جلالته بذلك استمرارية هاشمية في رعاية مدينة القدس ومقدساتها لما لها من مكانة ومنزلة في سائر الديانات السماوية.
ويمكن القول إن عمليات الإعمار الهاشمي أريد لها في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني أن تتحول إلى إطار مؤسسي. وتمثل ذلك النهج بتشكيل لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة بموجب القانون الأردني رقم 32 لسنة 1954م وهدفها المحافظة على المقدسات والمعالم الإسلامية لتبقى قائمة ببهائها وجمالها ومتانتها.
أولت اللجنة جُلّ عنايتها بالمسجد الأقصى المبارك وما يشتمل عليه من مساجد وقباب ومحاريب وربط ومساطب وغيرها من المعالم الحضارية، وقامت بشكل متواصل وعمل دؤوب بصيانة وترميم هذه المعالم، وأزالت آثار الحريق الذي جاوز اكثر من ثلث مساحة المسجد، بالإضافة إلى إعمار مسجد قبة الصخرة المشرفة الأول الذي شيد سنة (54 – 64) هـجرية. وشملت مشاريع الإعمار في المسجد الأقصى في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ما يأتي:

أولاً: منبر المسجد الأقصى المبارك "منبر صلاح الدين"
تشرف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بوضع اللوحة الزخرفية الأولى على جسم المنبر في 26 رمضان 1423هـ الموافق الاول من كانون الأول/ديسمبر 2002م، ومنذ ذلك التاريخ عملت اللجنة المشرفة على المضي بوضع التصاميم الخاصة لإعادة صنع المنبر، وتصدر العمل في عملية التصنيع جلّ الاهتمام والمتابعة المستمرة، ليعود المنبر على صورته الحقيقية المميزة ببالغ الحسن والدقة والاتقان، كما أراد له أن يكون جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال عندما أبدى توجيهاته السامية بإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبي في 10 ربيع أول 1414هـ الموافق 28 آب/اغسطس 1993م.

ومنذ البداية ترأس رئيس لجنة إعمارالمسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة لجنة الإشراف على صناعة المنبر التي شكلت بموجب الاتفاقية الموقعة مع جامعة البلقاء التطبيقية وهي الجهة المنفذة للعمل، وأنيط باللجنة مهمة الإشراف العام على المشروع والتأكد من أن جميع خطوات العمل المنجزة مطابقة للمواصفات والشروط.
وحرصا على تفعيل العمل في هذا المشروع والتأكد من أن العمل يسير وفق البرنامج المعد له، شكلت لجنة فنية متخصصة برئاسة نائب رئيس لجنة الإعمار (وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية)، وبدورها قامت جامعة البلقاء التطبيقية باتخاذ الإجراءات اللازمة لزيادة أعداد الفنيين والحرفيين العاملين في مشروع إعادة صنع المنبر بهدف تقليص المدة اللازمة لإنجازه، وأحضرت الجهات المختصة فنيين من دول مثل تركيا ومصر للبدء في أعمال تنفيذ المنبر، واستقدمت للعمل فنيون من دول مثل سوريا وإندونيسيا بالإضافة إلى خمسة عشر نجارا أردنيا ومتدربين من الطلبة، وأعيد المنبر إلى مكانة الطبيعي في 2 شباط/فبراير 2007 وبلغت تكلفة إعادة تشييد منبر صلاح الدين الأيوبي نحو مليوني دينار.

ثانياً: الحائط الجنوبي للمسجد الأقصى
فك الحجارة بكل عناية وحذر.
تنظيف الأتربة ونجف المونة المفككة خلف الحجر.
نجف المونة التي تم حفها لإتاحة المجال لبناء الحجر بشكل عمودي ووضع مونة خلفه.
حقن المونة ولمسافات غير محددة حسب الوضع وحيثما لم تصل مواد الحقن التي تم تنفيذها سابقاً والعمل جارٍ على إكمال صيانة الواجهة الجنوبية والحمد لله على ذلك.
بدأ العمل في ترميم وإعمار الأسوار الخارجية للحرم الشريف منذ فترة طويلة، وكان يهدف إلى ترميم وإعمار جميع الحوائط الخارجية للحرم الشريف، وقد بدأ العمل ابتداء من الجهة الغربية وتحديدا من باب المغاربة وبطول 73 متراً حتى الزاوية الجنوبية الغربية. ومن ثم اتجه العمل من هنالك شرقا في الحائط الجنوبي للحرم الشريف والذي يشكل حائط المتحف الإسلامي أيضاً وحتى الزاوية الجنوبية الغربية لبناء المسجد الأقصى المبارك بطول 73 متراً تقريباً وبارتفاع يراوح بين 12 – 20 متراً وقد تم الانتهاء من ترميم هذا الجزء من دون مشاكل تذكر حيث كان هناك شرخ طولي في الحائط الغربي، وبعدها بدأ العمل في الجزء الشرقي من الحائط الجنوبي ابتداء من الزاوية الجنوبية الشرقية وباتجاه الغرب. ويبلغ طول هذا الجزء 150 متراً وبارتفاع 24 متراً تقريباً، بالإضافة إلى ذلك فقد تم منذ نيسان 2003م وحتى نهاية العام ترميم نصف منطقة التبطين وإعمارها، وبدأ العمل في النصف الثاني، حيث شمل العمل ما يلي:

ثالثاً: الحائط الشرقي للمسجد الأقصى المبارك
قامت وزارة الأوقاف وبتوجيهات من حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ومن خلال تعاونها مع احد المراكز الاستشارية المتخصصة في جمهورية مصر العربية بالكشف على الحائط الشرقي للحرم الشريف، وأجريت دراسة تحليلية لعناصر هذا الجدار باستخدام أحدث الأجهزة المتخصصة لمثل هذا العمل. وقد أكد التقرير الفني النهائي لهذه الدراسة سلامة الجدار، بالإضافة إلى التقارير الفنية المقدمة من جهاز لجنة الإعمار الفني في المسجد الأقصى المبارك، وعلى الرغم من ذلك، وفي إجراء احتياطي وقائي تم التعاقد مع إحدى الشركات المحلية المتخصصة لربط ثلاثة صفوف من الأعمدة الموازية للجدار الشرقي مع الجدار الشرقي للمسجد الأقصى باستخدام نظام قضبان الشد والربط وقد تم الانتهاء من المرحلة الأولى / العاجلة والمتمثلة بمعالجة البروز الحاصل في جزء من الجدار الشرقي، ويجري العمل حالياً على تنفيذ التوصيات الواردة في تقرير الفريق المصري وذلك بفك وإعادة تركيب حجارة السور الخارجية التي يوجد فراغات أو فجوات في المونة خلفها.

رابعاً: مشروع نظام قضبان الشد والربط لجدران المصلى المرواني
نتيجة للمستجدات التي حدثت في جدران المصلى المرواني وحفاظا على سلامة المبنى وسلامة المصلين، قامت الحكومة الأردنية ومن خلال إحدى الشركات الهندسية المتخصصة بتنفيذ مشروع قضبان الشد والربط للجدران الداخلية للمصلى المرواني، حيث تم الاستلام النهائي للمشروع من قبل لجنة هندسية مختصة، وبلغت تكلفة تنفيذ جميع الأعمال نحو أربعين ألف دينار.

خامساً: نظام الإنذار وإطفاء الحريق في المسجد الأقصى المبارك
إدراكا من جلالة الملك عبدالله الثاني لضرورة الحفاظ على سلامة مرافق المسجد الأقصى فقد وجه اللجنة الخاصة بإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة إلى ضرورة تفعيل نظام الإنذار والإطفاء العامل في المسجد الأقصى المبارك وشمول عناصر المسجد ومرافقه كافة بالنظام الجديد، والعمل جارٍ على إعداد الدراسات والمخططات ووثائق العطاء لهذا المشروع الحيوي. وسيتم البدء بتنفيذ المشروع عند اكتمال الدراسات والمخططات ورصد المخصصات المالية اللازمة له.

سادساً: البنى والمرافق التحتية
شملت الرعاية الأردنية لمرافق المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، مختلف المرافق، وما تزال بعض الأعمال قائمة وتتابع من قبل لجان متخصصة من اجل النهوض بواقع الخدمات والمرافق العامة في المسجد الأقصى، وتلقى هذه الأعمال متابعة مستمرة من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني. حيث تم الانتهاء من تنظيف وترميم وإعادة تثبيت فسيفساء الصحون الأربعة الداخلية أسفل قبة المسجد الأقصى داخل الأكتاف، كما تم الانتهاء من زخرفة جميع الشدادات البالغة 12 شدادا التي تقع في المنطقة الجنوبية الشرقية.
وأنجز استبدال الحجارة التالفة من مئذنة باب الغوانمة، وترميم الجزء السفلي في المئذنة وتكحيله، وأنير الجزء العلوي من المئذنة. كما انتهي من أعمال الترميم في مئذنة باب السلسلة مع إضاءة القسم العلوي منها. وأنجزت عملية ترميم بعض الشبابيك في الواجهة الشمالية للمسجد الأقصى المبارك والبالغة ستة شبابيك جبص تالفة. ولم يقتصر العمل على عناصر المسجد الأقصى الداخلية بل لقيت المرافق الأخرى اهتماماً واضحاً، حيث جرى ترميم الساحة في سوق القطانين والتي يبلغ طولها حوالي 50 متراً، وكذلك أنجزت تنظيف قناة مياه لتصريف الأمطار مقابل باب السلسلة.

سابعاً: قبة الصخرة المشرفة
شملت الرعاية الهاشمية في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ترميم الأعمال الفنية في مختلف مرافق قبة الصخرة المشرفة، وهذه الواجهات الفنية الزخرفية تعد من كنوز الإنجاز الفني الإسلامي الذي يعود للعصر الأموي، ومنها إعادة الرخام الداخلي لجدران القبة.
وتم ترميم الرخام الداخلي إذ تمّ الانتهاء من الواجهة الجنوبية فوق المحراب وذهب تاجي العمودين على مدخل الباب الشمالي من الداخل، كما تمّ تذهيب ما تم تنظيفه من الزنار الرخامي للواجهة الجنوبية. وأُجريت عملية ترميم القاشاني في رقبة القبة من تثبيت البلاط وحقنه، والعمل جارٍ في الواجهة الشرقية من القبة. وعنيت اللجنة المعنية بالترميم بإعادة تأهيل صحن قبة الصخرة المشرفة واستبدال البلاط التالف وإعادة التبليط وعمل الكحلة اللازمة.

ثامناً: مهد عيسى عليه السلام
لأن القدس مهوى أفئدة الملايين من البشر، مسلمين ومسيحيين فقد أولت الحكومة الأردنية جل عنايتها بالمقدسات المسيحية في مدينة القدس، ومنها مهد عيسى عليه السلام الذي يقع في المنطقة الجنوبية الشرقية للمصلى المرواني في الحرم الشريف، إذ حضر فريق ايطالي للعمل في تنظيف القبة وتثبيتها ودهنها من الخارج والداخل، ورافق هذا الفريق شخصان من عمال لجنة الإعمار للتعلم واكتساب الخبرة في هذا المجال، وقد تم تنظيف القبة وطراشة المكان ودهان الدرابزين الحديدي الأثري وتصليح الشبابيك وإنارة المكان، وانتهى العمل في هذا المكان الأثري الجميل وعاد له رونقه.

تاسعاً: مشاريع الإعمار المقترح تنفيذها
تسعى الحكومة الأردنية، وبتوجيهات ملكية سامية، إلى إتمام عمليات التحديث والترميم التي أمر بها جلالة الملك عبدالله الثاني، ووضعت أمام أعينها تنفيذ عدد من المشاريع المستقبلية ومنها: مشروع الإنارة وشبكة الهاتف، وتشمل أعمال هذا المشروع على الإنارة الداخلية لكل من المسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة المشرفة والمسجد المرواني، وكذلك أعمال الإنارة الغامرة لكل من المسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة المشرفة وأعمال إنارة المسجد الأقصى المبارك بما فيها الأسوار الخارجية، ويشمل المشروع أيضاً شبكة هاتفية كاملة لجميع مرافق الحرم الشريف والأبنية الموجودة بداخله بما فيها مقاسم الاتصالات الهاتفية، وتبلغ التكلفة التقربية لهذا المشروع حوالى 750ر1 مليون وسبعمائة وخمسين الف دينار.

ومن المشاريع المستقبلية، العمل على تطوير الصوتيات المركزية، وشمل أعمال هذا المشروع على نظام صوتيات متكامل لكل من المسجد الأقصى المبارك، ومسجد قبة الصخرة المشرفة والمسجد المرواني وكذلك نظام صوتيات متكامل لساحات المسجد الأقصى المبارك والمآذن مع جميع أجهزة التحكم والسيطرة الخاصة بذلك، ولم يبدأ العمل بذلك المشروع بانتظار تخصيص المبالغ النقدية اللازمة له وتبلغ الكلفة التقريبية له حوالي 600 الف ستمائة الف دينار.

ويعد مشروع الأعمال الميكانيكية والصحية من أبرز المشاريع التي من شأنها رفع سوية الخدمات والحفاظ على المقدسات الإسلامية بجميع مرافقها في القدس الشريف، وتشمل أعمال هذا المشروع على مشروع التمديدات المائية لإطفاء الحريق، ومشروع تغذية المياه وصرف مياه المطر والصرف الصحي، وذلك بتنفيذ نظام تغذية لجميع شبكات المياه ودورات المياه والمشارب والسبل والحدائق والساحات، وكذلك تنفيذ نظام صرف لمياه الأمطار والصرف الصحي لجميع مرافق الحرم القدسي الشريف، ومشروع ربط آبار المسجد الأقصى المبارك، وذلك بتنفيذ ربط للآبار الموجودة في المسجد الأقصى المبارك مع شبكة الري والحريق بما فيها تركيب المضخات الغاطسة ولوحات التحكم والسيطرة الكهربائية الخاصة بذلك وتبلغ تكلفة تنفيذ جميع الاعمال الميكانيكية والصحية مليون ومائة ألف دينار . وتبلغ تكلفة الاشراف على تنفيذ جميع مشاريع البنية التحتية 550 الف دينار وبذلك تكون التكلفة التقديرية لتنفيذ جميع مشروعات البنية التحتية شاملة تكلفة الاشراف نحو 4 ملايين دينار أردني.

ومن أهم المشاريع المستقبلية مشروع المئذنة الخامسة للمسجد الأقصى المبارك، التي يأتي تنفيذها استجابة للتوجيهات الملكية السامية، حيث قامت لجنة فنية برئاسة نائب رئيس لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك بزيارة ميدانية لاختيار موقع مناسب لإقامة المئذنة عليه، وتمّ تحديد مكان هذه المئذنة على السور الشرقي، بجانب دار الحديث القائمة شمال مبنى الباب الذهبي ولم يباشر بتنفيذ هذا المشروع بعد، لكن المخططات الأولية اللازمة له تم انجازها


الرايات الهاشمية

تحمل الراية في كل ثقافات العالم معاني السمو والارتفاع والاعتزاز، وتلخص تاريخاً لتلك الأمة وتعبر عن الموروث الكبير الذي تفخر به، وفي البلاد العربية الراية هي عنوان دولة وحضارة وثقافة، ورايتنا الأردنية العربية الهاشمية هي منذ البدء راية تاريخ ومجد وفخر وعزة، تروي عصور النهضة والتقدم، وهي نتاج وخلاصة لهذا التاريخ الذي نتناوله من خلال الحديث الموجز عن رايات العرب منذ عهد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وصولا إلى راية المملكة الأردنية الهاشمية وعلم جلالة الملك المعظم.


راية الرسول صلى الله عليه وسلم (570م -632م)

01resflag.jpg


كان لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم رايتان، بيضاء وسوداء، وتكرر ذكرهما ووصفهما، فقد ذكر أبو هريرة "أن الراية البيضاء كان عليها عبارة لا اله إلا الله محمد رسول الله".

وذكر صاحب السيرة الحلبية أنه كان في غزوة بدر قبالة النبي رايتان سوداوان، وأنه في السنة الأولى للهجرة تحركت سرية للمسلمين لاعتراض قافلة لقريش، وقد دفع النبي صلى الله عليه وسلم براية بيضاء عقدها لأبي مرشد وأن هذه هي أول راية تعقد في الإسلام.

وفي فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة كانت الراية البيضاء تدخل أبواب مكة، إلى جانب رايات العرب الأخرى. وتكرر استخدام الرايتين البيضاء والسوداء في عهد الخلافة الراشدة (632 – 661م) ورفعتها جيوش الفتح في كل عملياتها، واشتهر المثنى بن حارثة برايته السوداء، وخالد بن الوليد برايته الخضراء، وسعد بن أبي وقاص برايته الحمراء ورفع أسامة بن زيد الراية البيضاء.
 
رد: الهاشميون

الأمويون (661 – 750م)

02resflag.jpg


تولى معاوية بن أبي سفيان خلافة الدولة الأموية سنة 661م، بعد أن آلت إليه بتنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما بعد أحداث التحكيم سنة 36 هجرية في أرض أذرح الأردنية، واتخذ الأمويون الراية البيضاء استبشاراً بفتح مكة وانتصار الرسول عليه السلام فيه، مستذكرين تكريم الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان يوم الفتح حين نادى عليه السلام أن من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن.


العباسيون (750 – 1258م)

03resflag.jpg


خاض العباسيون معركة الزاب الكبير سنة 750م ضد الأمويين، فتحقق لهم النصر، وابتدأت دولتهم بعد أن زحف علي بن عبدالله بن العباس من أرض الحميمة الأردنية نحو بغداد، واتخذ العباسيون الأسود لوناً لرايتهم تيمناً بعمامة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبراية العقاب السوداء التي دخل فيها مكة، وأيضا حداداً على من استشهد من آل البيت بدءاً من الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب إلى الشهداء والسبايا, وقد كان تقليداً في الدولة العباسية أن يرسل الخليفة عباءة سوداء وطوق ذهب وعلماً أسود لكل والٍ يتم تعيينه.
 
رد: الهاشميون

الفاطميون (908 – 1171م)

04resflag.jpg


أسس عبدالله المهدي الفاطمي الدولة الفاطمية في المغرب الأدنى والأوسط بعد أن دحر دولة الأغالبة في شمال أفريقيا سنة 909هجرية، وامتدت دولته إلى تونس وطرابلس وبرقة، وتولى المعز لدين الله الفاطمي الخلافة ففتح مصر، وبنى قائده جوهر الصقلِّي مدينة القاهرة.

اتخذ الفاطميون الأخضر لوناً لرايتهم تيمناً بُجبَّة الرسول عليه السلام الخضراء التي تدثر بها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ليلة نام في فراش النبي حين دخل المشركون يهمون قتل الرسول عليه السلام، فما أن كشفوا الجبة الخضراء حتى لاح وجه علي كرم الله وجهه، فردّوا إلى نحورهم.
 
رد: الهاشميون

الهاشميون (1515 – 1520م)

05resflag.jpg


رفع الهاشميون اللون الأحمر الداكن (العنابي) علماً لهم منذ عهد الشريف أبي نمي في الفترة 1515 – 1520ميلادية، أي في عصر السلطان سليم الأول العثماني.

يذكر خير الدين الزركلي في كتابه "ما رأيت وما سمعت" ( الصفحة 25)، "أن الحسين بن علي كان في وداع ابنه الأمير عبدالله عندما توجه إلى معان عام 1920م، وكانت الراية الحمراء الخاصة بالأشراف تتقدم الأمير وجنوده".

ويقول السيد البكري في الصهاريج ( الصفحة 287)، "أن الراية الحمراء لأهل الحجاز".
وحين انطلقت الثورة العربية الكبرى، أبلغ الشريف الحسين بن علي الحلفاء بأن راية الثورة هي الحمراء إلى أن يتم اعتماد علم رسمي تبلغ مواصفاته لجميع الدول.
 
رد: الهاشميون

الثورة العربية الكبرى (1916م)

06resflag.jpg


في الذكرى السنوية الأولى للثورة العربية الكبرى، جرى استعراض برعاية الأمير فيصل بن الحسين في الوجه، أُحتفل فيه برفع راية الثورة العربية الكبرى الجديدة لأول مرة، وقام الأمير فيصل بتسليمها للقائد رشيد المدفعي مع أداء القسم بأن تبقى الراية مرفوعة في الأعلى.

نشرت جريدة القبلة في عددها رقم 82 بياناً أوضحت فيه مواصفات راية الثورة العربية الكبرى، وجاء فيه "أن العلم الجديد يتألف من مثلث احمر اللون عنابي تلتصق به ثلاثة ألوان أفقية متوازية هي الأسود من فوق ثم الأخضر ثم الأبيض.."
وجاءت الراية لتلخص مجد العرب وعصورهم لتلتقي مع المجد الهاشمي الذي يتقدم طليعة لهذا الزمان...
 
رد: الهاشميون

المملكة العربية السورية (1918–1920م)

07resflag.jpg


فيما كانت قوات الثورة العربية الكبرى تزحف نحو دمشق لإعلاء راية الدولة العربية المستقلة، كانت راية الثورة ترتفع في حماة وحلب واللاذقية وبيروت ودمشق وجبل لبنان، ودخل الأمير محمد سعيد الجزائري دمشق يوم الأول من تشرين الأول/أكتوبر 1918م، معلناً قيام الدولة العربية وقد رفع العلم على دار البلدية والحكومة ، وما أن دخل الأمير فيصل دمشق حتى بدأ ببناء مؤسسات الدولة وإجراء الانتخابات في كل بلاد الشام، فالتأم المؤتمر السوري العام يوم 8 آذار/مارس 1920م وقرر في ذات اليوم أن يكون علم الدولة السورية هو راية الثورة العربية الكبرى مضافاً إليها النجمة السباعية في وسط المثلث الأحمر، على اعتبار أن سوريا هي الدولة العربية المستقلة الأولى التي تنبثق عن مشروع النهضة العربية، وأما النجمة السباعية فهي تمثل مناطق سوريا السبع، وهي ولاية دمشق، ولاية بيروت، شرق الأردن، فلسطين، ولاية جبل لبنان، ولاية حلب، سنجق القدس.
 
رد: الهاشميون

المملكة الأردنية الهاشمية (1922م)

08resflag.jpg


وصل الأمير عبدالله بن الحسين (الملك المؤسس) إلى معان نائبا لأخيه الملك فيصل على عرش سوريا يوم 21 تشرين ثاني/نوفمبر 1920م يرفع راية الهاشميين الحمراء وراية أخيه الملك فيصل.

وفي معان بدأت مرحلة جديدة في مواجهة الظروف الحرجة التي أعقبت معركة ميسلون وما نتج عنها، ولكن كان التصميم على مواصلة العمل لأن تبقى جذوة الثورة مشتعلة، وأهدافها في الطليعة، ورايتها في الأعلى ... فكان أن زحف الأمير عبدالله إلى عمان فدخلها يوم 2 آذار/مارس 1921م وهو يرفع علم الدولة السورية الذي اعتمد علما للدولة الأردنية الجديدة بنفس ألوانه وترتيبها، ولكن في عام 1922م اقترح عدد من ضباط الجيش العربي الأردني إبدال اللون الأبيض ليصبح في الوسط فكان ذلك، ومن حينها صار هذا العلم هو على المملكة الأردنية الهاشمية، وقد نصت المادة الرابعة من الدستور الأردني على مواصفاته وتفصيلاته.
 
رد: الهاشميون

المملكة العراقية (1921–1958م)

09resflag.jpg


في 8 آذار/مارس 1920م كان العراقيون يرغبون في دولة ملكية مستقلة من يوم إعلان المملكة العربية السورية، وكانت البيعة للأمير عبدالله بن الحسين ملكا على العراق في ذات اليوم، وحالت الظروف الخارجية دون انتقال الأمير عبدالله إلى العراق حينها. وبعد أحداث ميسلون، وما أعقبها من تطورات سياسية، آلت البيعة للملك فيصل ملكاً على العراق في 23 آب/أغسطس 1921م، وبعد اكتمال مؤسسات الدولة أصدر الملك فيصل في عام 1924م مرسوماً يقضي بتشكل المجلس التأسيسي لوضع الدستور، وقرر المجلس الاحتفاظ بعلم الثورة العربية الكبرى علما للمملكة العراقية، على أن يكون المثلث الأحمر في صورة شبه منحرف، ويوضع فيه نجمتان سباعيتان، مع نقل اللون الأبيض إلى الوسط والنجمتان السباعيتان هما للدلالة على أن العراق هو الدولة الثانية التي تنبثق عن عهد الدولة العربية الهاشمية في الحجاز، وكذلك تمثل رؤوسها الأربعة عشر مقاطعات العراق الأربعة عشرة وهي: الموصل وكركوك والسليمانية وأربيل وبغداد وديالي والحلة وكربلاء وادليم والبصرة والديوانية والكوت والمنتفق والعمارة. وأيضا فإن من دلالات وجود النجمتين هو أن العراق دولة ثنائية القومية تضم العرب والأكراد.
 
رد: الهاشميون

العلم الملكي

10resflag.jpg


نشر في الجريدة الرسمية في العدد رقم 217 الصادر بتاريخ 1 كانون أول/ديسمبر 1929م تعليمات علم صاحب السمو الملكي الأمير المعظم (علم جلالة الملك المعظم فيما بعد في 25 أيار/مايو 1946م) وجا ء النص كالآتي:

"يكون علم (لواء) سمو الأمير المعظم بالشكل والقياس الآتي:

يكون طوله ضعف عرضه وتوضع في وسطه راية شرق الأردن كما يحدد شكلها في القانون الأساسي مصغرة لثلث حجم لواء سمو الأمير، وتكون راية شرق الأردن الوطنية ضمن اهليلج أبيض يلامسها 24 شعاعة على الداير( هكذا ورد في النص الأصلي).
يكون قياس الأربعة أشعة التي في الزوايا معادلاً لسبع طول العلم من الأعلى والأسفل، ويكون قياسها عند نهايتها معادلا لسبع عرض العلم- وتكون الحدود العليا للأشعة العليا والحدود السفلى للأشعة السفلى مكونة لخط الاتصال مع زوايا الراية الوسطى.
يكون (خمسة) أشعة بين كل من الزوايا، ويكون قياس قواعدها الخارجية معادلاً لسبع طول العلم من الأعلى والأسفل ومعادلة عند نهايتها لسبع عرض العلم.

يكون قياس القواعد الداخلية للأربعة أشعة التي في الزوايا معادلا لثلاثة أجزاء من 14 جزءا من عرض العلم الأوسط وقياس قواعد الخمسة أشعة التي على طرفي العلم معادلا لسبع عرض العلم الأوسط.

يكون قياس قواعد الخمسة أشعة العليا والخمسة السفلى التي بين أشعة الزوايا معادلا لخمس طول الراية الوسطى.
تكون ألوان الأشعة ابتداء من شعاع الزاوية العليا عند طرف سارية العلم اسود فابيض فاخضر فابيض فاحمر وتتعدد على هذا النمط.
موافق – عبدالله"

النجمة السباعية:
أضيفت النجمة السباعية في علمي سوريا والعراق لتعطي مدلولاً قومياً تاريخياً، وهي بقيت في الراية الأردنية منذ عام 1921م، وقد وضع تفسير لمعنى وجودها بدلالتها للسبع المثاني كما وردت في فاتحة الكتاب العزيز والدلائل هي: التوحيد بالله، وسمو الإنسانية، والشعور بالإحساس القومي، والتواضع، والعدالة الاجتماعية، والدعاء للنهج المستقيم، وإدراك المنى والأهداف.
 
رد: الهاشميون

أتمنى تبسيط الموضوع وإختصارة لقراءته كاملاً.

وبالنسبة للفاطميون أتمنى شطبهم من التاريخ ومن النسب الشريف.
-لا يوجد عليهم وثيقة أو مخطوطة إلا بنكران النسب.

"أنكر بعض المؤرخين نسب عبيد الله المهدي (وهو مؤسس هذه الدولة) إلى فاطمة الزهراء أمثال ابن حزم والسيوطي وغيرهما وانكار نسبه بدأ بصفة عامة في عام 1011، عندما أصدرَ الخليفة العباسي في بغداد وثيقة وقّعت مِن قِبل العلماءِ السنّةِ والشيعةِ المُخْتَلِفينِ في بغداد، تدّعي بأنّ السلالةَ الحقيقية له مِنْ ديصان ،بدلاً مِنْ بنت رسول الله فاطمة الزهراء."

المصدر
 
رد: الهاشميون

أتمنى تبسيط الموضوع وإختصارة لقراءته كاملاً.

وبالنسبة للفاطميون أتمنى شطبهم من التاريخ ومن النسب الشريف.
-لا يوجد عليهم وثيقة أو مخطوطة إلا بنكران النسب.

"أنكر بعض المؤرخين نسب عبيد الله المهدي (وهو مؤسس هذه الدولة) إلى فاطمة الزهراء أمثال ابن حزم والسيوطي وغيرهما وانكار نسبه بدأ بصفة عامة في عام 1011، عندما أصدرَ الخليفة العباسي في بغداد وثيقة وقّعت مِن قِبل العلماءِ السنّةِ والشيعةِ المُخْتَلِفينِ في بغداد، تدّعي بأنّ السلالةَ الحقيقية له مِنْ ديصان ،بدلاً مِنْ بنت رسول الله فاطمة الزهراء."

المصدر


شكرًا لمرورك أخي على الموضوع ولكن أنا لا استطيع شطب الفاطميين لانه مكتوب من موقع الملك عبدالله الثاني شخصيا وأنا نقلت ماهو مكتوب بالموقع الملكي
 
رد: الهاشميون

تنويه :
رجاء ارفاق المصدر
 
رد: الهاشميون

شكرًا لمرورك أخي على الموضوع ولكن أنا لا استطيع شطب الفاطميين لانه مكتوب من موقع الملك عبدالله الثاني شخصيا وأنا نقلت ماهو مكتوب بالموقع الملكي

العفو أخي الكريم، عبد الله الثاني له الإحترام والتقدير لكنه غير معصوم عن الخطأ.
 
رد: الهاشميون

العفو أخي الكريم، عبد الله الثاني له الإحترام والتقدير لكنه غير معصوم عن الخطأ.



اقرأ هذا كتاب الأستاذ الدكتور إبراهيم شعوط كتاب بعنوان "اباطيل يجب ان تمحى من التاريخ"

الأستاذ الدكتور / إبراهيم شعوط في سطور:

هو من مواليد قرية حصة الغنيمي مركز قلين ولد عام 1907 م وتولي رئاسة البعثة الأزهرية بالمملكة العربية السعودية عام 1959م - 1960م ورئاستها في ليبيا من عام 1969 - 1972م وكان عضوا بجمعية الكفاح لتحرير الشعوب الإسلامية ، وصدر له الكثير من المؤلفات في التاريخ الإسلامي .

نسب الفاطميون وما قيل فيهم - صحيفة صوت الأخدود
 
رد: الهاشميون

اقرأ هذا كتاب الأستاذ الدكتور إبراهيم شعوط كتاب بعنوان "اباطيل يجب ان تمحى من التاريخ"

الأستاذ الدكتور / إبراهيم شعوط في سطور:

هو من مواليد قرية حصة الغنيمي مركز قلين ولد عام 1907 م وتولي رئاسة البعثة الأزهرية بالمملكة العربية السعودية عام 1959م - 1960م ورئاستها في ليبيا من عام 1969 - 1972م وكان عضوا بجمعية الكفاح لتحرير الشعوب الإسلامية ، وصدر له الكثير من المؤلفات في التاريخ الإسلامي .

نسب الفاطميون وما قيل فيهم - صحيفة صوت الأخدود

ومع كل ذلك مصدري أقوى, فكلام ابن حزم و السيوطي أقوى من كلام يمدح المبتدعين وقادحي الصحابة.
 
رد: الهاشميون

العلماء البارزين في علم التاريخ الآن من المعاصرين !!

في العراق:


في العراق:
د. عماد الدين خليل حفظه الله .
د. عبد الرحمن علي الحجي حفظه الله .
د. بشار معروف عواد حفظه الله .
د. أكرم ضياء العمري حفظه الله .
د. عبد العزيز الدوري ( شيخ المؤرخين ) رحمه الله .
د. جواد علي رحمه الله .

في السعودية:
د. سليمان بن حمد العودة حفظه الله .
د. محمد موسى الشريف حفظه الله .

في مصر:
د. جمال عبد الهادي حفظه الله .
د. راغب السرجاني حفظه الله .
د. إبراهيم عبد الفتاح المتناوي حفظه الله .
د. محمد رجب البيومي رحمه الله .
د. حسن حبشي رحمه الله .
د. إبراهيم شعوط رحمه الله .
د. حسن إبراهيم حسن رحمه الله .
الشيخ محمد الخضري بك رحمه الله .
الشيخ عبد الوهاب النجار رحمه الله .
د. محمد الطيب النجار رحمه الله .

في ليبيا:
د. علي محمد الصلابي حفظه الله .

في سوريا:
أ. محمد سعيد الطنطاوي حفظه الله .
أ. محمود شاكر حفظه الله .
د. منير الغضبان حفظه الله .
د. شوقي أبو خليل رحمه الله .
د. سهيل زكار .
د. يوسف العش رحمه الله .
الشيخ محمد راغب الطباخ رحمه الله .
الشيخ كامل الغزي رحمه الله .

في لبنان:
د. نقولا زيادة يلقبونه شيخ المؤرخين ( توفي ).

في المغرب:
الشيخ محمد عبد الهادي المنوني رحمه الله .
د. عبد الهادي التازي حفظه الله .

وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم الآن .
 
رد: الهاشميون

ومع كل ذلك مصدري أقوى, فكلام ابن حزم و السيوطي أقوى من كلام يمدح المبتدعين وقادحي الصحابة.

بالنسبة لي أخوي أنا لا استطيع ان افتي بشيء لاعلم لي به

طبعا الله سبحانه وتعالى اعلم منا بذلك

ولا يوجد إنسان معصوم عن الخطا
 
عودة
أعلى