الوثائق البريطانية 1974 ـ رؤية السفير البريطاني في تل أبيب لحرب أكتوبر ولإسرائيل قبل

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
الوثائق البريطانية 1974 ـ رؤية السفير البريطاني في تل أبيب لحرب أكتوبر.. ولإسرائيل قبل اندلاعها

قراءة في الوثائق البريطانية 1974 (3) ـ
رؤية السفير البريطاني في تل أبيب لحرب أكتوبر.. ولإسرائيل قبل اندلاعها
مجلس الوزراء الإسرائيلي رفض فكرة رئيس الأركان بقصف سورية قبل 24 ساعة من الحرب





فيما يلي ، تكملة ومعلومات ـ تكمل ما نود الحصول عليه أيضا من سطور عن خبايا وتحليلات لحرب أكتوبر 1973 ....

ولا بد أن تحظي سطور وتحليلات السفير البريطاني ، بإهتمام خاص وتمعن شدسد وتركيز في "ربط" حلقات السلساة وتوصيلهم ببهضهم

فلا يكتب السفير البريطاني هذا التقرير شخصيا .. ولكن تقوم بوضعه "مجموعة مخصصة" في السفارة البريطانية ... يشترك فيها ... ضباط مخابراتهم .. وخبرائهم السياسيين .. والمحللين المختصين في شئون الشرق الأوسط ، علاوة علي مكتب "الملحق العسكري البريطاني" ..

وهذا الموضوع أيضا تنشره "الشرق الأوسط" من وثائق بريطانية مختلفة ... ومنهم عن حــرب ألعبور الخالدة .. أكتوبر 1973 .... وعواقبها
إســـلـــمــي يـــا مــصـــر



د يحي الشاعر

من موقع جريدة "الشرق الأوسط"



Asharq-alawsat-logo.jpg







اقتباس:
قراءة في الوثائق البريطانية 1974 (3) ـ رؤية السفير البريطاني في تل أبيب لحرب أكتوبر.. ولإسرائيل قبل اندلاعها
مجلس الوزراء الإسرائيلي رفض فكرة رئيس الأركان بقصف سورية قبل 24 ساعة من الحرب





لندن: حسن ساتي

يجيء دور السفير البريطاني في اسرائيل دبليو ليدويدغ ، ليقدم عبر هذه الحلقة رؤيته للآثار السياسية والعسكرية لحرب أكتوبر على الجبهة الإسرائيلية بعد أن سبقه زميله السير بي . دي آدمز في تقديمها على الجبهة المصرية عبر حلقتي الخميس والجمعة الماضيتين.






ولقد حمل السفير ليدويغ رؤيته تحليلا عميقا، ليس لآثار الحرب ومسارها فقط ، وإنما للفترة السابقة لها أيضا. فنجده وقد أحسن اختيار حيثيات ووقائع من قبل وبعد الحرب وأجاد في الربط بينها ليخرج لنا ما يرقى الى وصفه بلوحة متعددة الألوان ، لم يفقد معها الجرأة في تبيان المأزق الحقيقي الذي وجدت اسرائيل نفسها فيه مع الحرب ومع وقف إطلاق النار .

ومن الطبيعي أن يقوده التحليل الى جزئيات تتناول مصر وسورية والاتحاد السوفياتي وأميركا، فنجده يقترب من القطع بأن السوفيات قد أوحوا الى اسرائيل باقتراب ساعة الصفر ولكن قبل 11 ساعة فقط .

أما قنبلة الحلقة ، لو صح التعبير، فتجيء مع توصيف السفير بأن اسرائيل علمت بالحرب ، وفكرت في ضربة استباقية وناقشها مجلس الوزراء وتراجع عنها ليورد معها الأسباب.

تحليل السفير ليدويغ لا يتقاطع مع تحليل زميله السير آدمز من القاهرة ، بقدر ما يكمله ، وكذلك مع تحليل السفير روبرتس من دمشق، وذلك هو موضوع الحلقة القادمة.

* وثيقة رقم: 109/74
* التاريخ: 16 يناير 1974
* إلى: وزير الخارجية، سري للغاية.
* من: السفير، تل أبيب
* الموضوع: العرض السنوي لإسرائيل 1973
* سيدي:

1ـ يبقى عام 1973 دائما بالنسبة لاسرائيل عام يوم حرب «يوم كيبور»، ففي يوم 6 أكتوبر هاجم الجيشان المصري والسوري لتغير الحرب التالية لهجوميهما وبصورة جذرية الوضع السياسي والعسكري في الشرق الأوسط. ومع ذلك فقد حصلت اسرائيل، وفي النهاية، على الأفضل من القتال، فقد احتوى أداؤها على كثير من المدهش والمتغير بالنسبة لها.

وقد حارب العرب أفضل بكثير مما كان متوقعا، بل إن بقاء اسرائيل، في بعض اللحظات، بدا وكما لو أنه على ميزان، فيما وضح فقدان اسرائيل للأصدقاء واعتمادها على أميركا. ولكن الأحداث وضعت وبسرعة القوى العظمى في وضع مسيطر فرتبوا لوقف لإطلاق النار يبدو مقنعا حاليا بالنسبة لهم، فيما كان سيناسب اسرائيل أن تواصل القتال، ولكن لم يكن أمامها من خيار غير أن تخضع لرغبات أميركا.

وقد تبين، وحين توقف القتال، تبين أن فترة التفوق والتميز السابق القصيرة لها في الشرق الأوسط، والتي بدأت مع عام 1967، قد انتهت وبصورة مفاجئة وغير متوقعة. ومع ذلك، فهيكل الدولة الإسرائيلية صمد أمام كل الصدمات، فقد استطاعت اسرائيل أن تخوض انتخابات عامة ديمقراطية في آخر يوم في سنة الحرب، فيما بدا عام 1974 وهو يحمل آمالا للسلام وبنفس القدر مخاطر بالحرب.

2 ـ في غضون ذلك سيطرت الحرب ومآزقها على العام، ومع ذلك فمن المستحق النظر في هذا التقرير الى أحداث ما قبل أكتوبر الماضي، لأنها لم تفقد بعد أهميتها مع الوضع الجديد. فإلى أكتوبر كانت حدود اسرائيل أهدأ عنها في أي وقت منذ حرب 1967، فيما كانت هناك مع الأردن حالة من السلام غير المعلن. وكذلك الأحداث في الأراضي المحتلة، فقد كانت قليلة ومتباعدة، فيما كان الإزعاج الأساسي لسلام اسرائيل يأتي من نشاط الفدائيين الذين يعملون من بيروت، ولكن بصورة أكبر ضد الأسرة الدولية أكثر من كونه مباشرا ضد اسرائيل.

وقد بقي الاسرائيليون على ثقة أنهم قادرون على التعامل مع هذا التهديد بمرور الزمن بينما كانت سياستهم أن يضربوا الإرهابيين أينما كان بوسعهم الحصول عليهم. وإذا كانت عمليات اسرائيل الانتقامية خارج أراضيها تثير نقد الأسرة الدولية، فقد توطنت اسرائيل على التعايش مع ذلك النقد، على أمل أن تتعرف الحكومات الأخرى ومع مرور الزمن طبيعة الوحش الذي يتعاملون معه.

ولكن هذا الأمل كان مصدر إحباط لهم. فقد أدى القصف المأساوي من سلاح الجو الإسرائيلي لطائرة البوينغ السورية 727 فوق سيناء لموت 106 مسافرين ووضع اسرائيل في قفص الاتهام مرة أخرى، فيما سببت مشاكل تتعلق بالوعي في اسرائيل حيث قالها مستر إيبان وبوضوح في حديث لطلاب جامعيين بأن الغارة على رئاسة الفدائيين في بيروت في اسرائيل، وبرغم أنها كانت نجاحا بالمقاييس العملياتية الصرفة، الا أنها قادت الى تجديد الإدانة من الأمم المتحدة.

3 ـ على صعيد الأسرة الدولية، وبرغم عمليات الانتقام الإرهابية مثل مقتل الدبلوماسيين الأميركيين والبلجيكيين في الخرطوم من قبل عصابة فدائية، فقد ظل ميزان الرأي العام يميل باستمرار في صالح الدول العربية وبعيدا عن اسرائيل. وكانت هناك علامات مبكرة لذلك بعد 6 أكتوبر، فظهرت في أوساط الدول الأفريقية نزعات ومواقف لقطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل تحت ضغوط عربية، ولكن أكبر معلم عبر عن هذا الاتجاه جاء من استنتاج نقاش مجلس الأمن حول الشرق الأوسط في نهاية يوليو يوم أن منع الفيتو الأميركي وحده قرارا من أن يصبح موضع التنفيذ، والذي كان محوره الاساسي أسف المجلس على الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي التي احتلتها عام 1967. وقد صوتت بريطانيا لصالح ذلك القرار مع فرنسا والاتحاد السوفياتي وكل الأعضاء غير الدائمين.

4 ـ وبنفس درجة سوء ذلك القرار، من وجهة النظر الاسرائيلية، كان هناك التوقع خلال الاسابيع التالية له بأن د. كيسنجر نفسه سيدير انتباهه للمشكلة العربية الإسرائيلية، وأنه بعد الانتخابات العامة التي كان مقررا عقدها نهاية أكتوبر، سيبذل جهدا جادا من أجل بادية لعملية مفاوضات، فيما كان الموقف الاسرائيلي وباستمرار مبنيا على رغبتهم في التفاوض ولكن من دون شروط مسبقة وقد أبقت ورددت حوكمة السيدة مائير ذلك باستمرار.

وقد رأوا أن لا حاجة لتقديم أي مؤشرات جديدة ومحددة لتقديم مرونة سابقة لأي مفاوضات، رغم أنهم قد طولبوا في الغالب لفعل ذلك، خاصة من جانبنا. ولكنهم واصلوا جدلهم في الحاجة الى تغيير في القلوب من الجانب العربي، واثقين بأنهم يتحدثون من مركز قوة عسكرية، وأن بوسعهم الانتظار. وقد قالت مائير رؤيتها بوضوح شديد حينما زار اللورد بلانيل اسرائيل في يوليو لمحادثات مع القادة الاسرائيليين، وجماع رؤية مائير أن كل ما تحتاجه اسرائيل هو الموقف الحازم الى أن يواجه العرب الحقائق فيأتون الى طاولة المفاوضات. وفيما طالب اللورد بلانيل اسرائيل بمرونة أكثر، كانت الإجابة الوحيدة منهم، أن أفضل خدمة يمكن أن يقدمها الغرب لقضية السلام في الشرق الأوسط هي أن يجادل العرب بحاجتهم الى الواقعية والمفاوضات المباشرة.

5 ـ تركزت الخلافات حول السياسات المستقبلية في الأراضي العربية المحتلة فيما كانت الإنتخابات تقترب، وكان الجنرال ديان ومعه الجناح اليميني يريدون حرية أكثر في شراء اسرائيل للأراضي، ولكن الغالبية في حزب العمل بقيادة سابر وآلون وإيبان عارضوهم مسنودين بدعم أميركي، ووقفت مائير مع الجناح المعتدل فيما طرح حزب العمل سياسة طموحة ولكنها تأجلت الى ما بعد قرارات الانتخابات حول سياسات اسرائيل في الأراضي المحتلة، وفي غضون ذلك كان هناك مستوطنون قليلون خلف الأراضي المحتلة، حوالي 4000، ولكن معظم الأراضي العربية ظلت تستخدم من قبل الحكومة الاسرائيلية لأهداف مدنية أو عسكرية. ومن الواضح أنه وكلما استمر الوضع القائم كلما ستكون هناك حقائق ووقائع اسرائيلية على الأرضي المحتلة. ومن هنا يقر كل إنسان، بما في ذلك الرموز العربية الفاعلة في الضفة الغربية، بأن قدر الاحتلال سيستمر لفترة طويلة.

6 ـ روح الثقة السائدة لم تتعر كثيرا مع الأدلة بوصول امدادات كبيرة من السلاح السوفياتي الى مصر وسورية، فيما كانت هناك قناعة ثابتة بأن القوات الإسرائيلية أقوى بكثير من منافسيها العرب، وأن الرئيس السادات يعرف ذلك، في مقابل اعتقاد بأنه سينتظر مبادرة كيسنجر تجاه المفاوضات بعد الانتخابات الإسرائيلية، وكان فالدهايم سكرتير عام الأمم المتحدة قد عاد من الشرق الأوسط في أغسطس بانطباع أكيد بأن السادات قد اختار خيار التفاوض.

7 ـ كانت هناك تقارير طازجة في سبتمبر بوجود تمركز لقوات سورية ومصرية قرب الحدود ووصول أسلحة روسية جديدة لمصر تتضمن صواريخ أرض ـ أرض تستطيع حمل رؤوس نووية. وقد كشف كيسنجر في مؤتمر صحافي بعد الحرب بأن الأميركيين قد سألوا اسرائيل في ثلاث مناسبات خلال الشهر ما إذا كانوا يعتقدون أن بنية السوريين والمصريين القيام بعمل عسكري، وفي كل مرة أجاب الأسرائيليون بإن ذلك غير محتمل. وقد أحيط ملحقنا العسكري يوم 4 اكتوبر من قبل رئيس مكتب الشؤون الخارجية في قوات الدفاع الاسرائيلية بأنهم لم يقدروا نسبة الهجوم عليهم بأكثر من 2 في المائة.

ومع هنا فللتقديرات الإسرائيلية أسانيدها ومبرراتها حينما تأخذ في الاعتبار أن هذه هي المرة 41 لزيادة العرب لقوتهم العسكرية منذ 1970، وأن اسرائيل تجاوبت بالتعبئة تجاهها لنحو 30 مرة فيما لم يندلع قتال البتة. ونحن نعرف الآن أن هذه الإعادة لتمركز القوات ما هي الا نوع من خطط الخداع الماهر، وقد انطلت بصورة جيدة على القوى الغربية والإسرائيليين. ولكنا لا نعرف الى أي حد كانت إحاطة الروس بنوايا السادات الحقيقية ، ولكنهم لعبوا دورا في إنذار ال 11 ساعة للإسرائيليين بما هو وشيك الحدوث حقيقة. فالروس، وخلال الساعات الـ 72 قبيل الحرب أرسلوا كثيرين من خبرائهم العسكريين وعائلاتهم الى روسيا جوا وحركوا السفن خارج مرافئها في ميناء الاسكندرية وبورسعيد، ففهم الاسرائيليون بحلول ليل 5 ـ 6 أكتوبر بأنهم على وشك أن يهاجموا.

8 ـ عند هذه اللحظة، كان على الحكومة الإسرائيلية أن تتخذ تحديدا خيارا صعبا، فلا يزال هناك وقت لضربة جوية، بل إن رئيس هيئة الأركان الجنرال اليعازر اقترح أن إحداها يجب أن تكون على نظام صواريخ سام المركبة حديثا في سورية. وجادل في هذا السياق أن هجمة ناجحة بإظهار يقظة إسرائيل لن تردع سورية فقط، وإنما مصر أيضا.

ولكن فكرة ضربة كهذه وضعت مجلس الوزراء الإسرائيلي أمام مصاعب ومخاطر أكثر من تلك التي صاحبت الضربة الاستباقية عام 1967، ومن هنا فالمشكلة كانت سياسية في أساسها. لأنه وإذا ما كان للضربة أن تردع العدو، فسيكون بوسعه أن يزعم أنه لم يكن ينوي الهجوم مطلقا وأن القصف الاسرائيلي عدوان صريح، فيما لن يكون بوسع اسرائيل مطلقا إثبات العكس لتجد نفسها وعلى الفور عرضة للهجوم بالأمم المتحدة، وفي تلك الحالة ربما تجد أنه وحتى أميركا ستكون مستعدة لإدانتها، وقد قيل أن كيسنجر أنذر الإسرائيليين في سبتمبر أن مثل تلك الإدانة يمكن أن تحدث كناتج لأي ضربة استباقية منهم. ومن هنا رفضت الحكومة الاسرائيلية فكرة الضربة الاستباقية وقررت الاعتماد على طلب عاجل للحكومة الأميركية لتجنب الحرب بعمل دبلوماسي جنبا الى جنب مع تعبئة في حال وصول السيئ الى ما هو أسوأ. كما قرروا أيضا القيام بإحاطة الحكومات الأخرى بأنهم تحت خطر عاجل بإندلاع حرب، ولكنهم لم يقوموا بالضربة الأولى بأية حال.

* بدون رتوش: خسائر إسرائيل غير العسكرية.. ونقاط ضعفها

9 ـ ليس هذا مجال تقديم الحساب التفصيلي للمعارك التي انتهت 6-24 أكتوبر (تشرين الأول)، فقد كتبت حولها في رسالة أخرى، وثمة ملاحظات قليلة متبقية في هذه الرسالة. أولها أن العامل الأهم الذي منع إسرائيل من القيام بضربة استباقية كان الخوف من الظهور في عزلة دبلوماسية كاملة أمام مجلس الأمن، بما في ذلك وقوف أميركا ذاتها بين موجهي الاتهام، وبهذا المفهوم من الممكن القول إن الضغط الخارجي على إسرائيل من الأمم المتحدة من العرب ومسانديهم، وبمرور السنين، أثمر عن نتيجة عسكرية في الوقت الذي ظل فيه الإسرائيليون يقولون وباستمرار قبل الحرب إن قرارات الأمم المتحدة مثل هواء ساخن، ولكنه لا يغير شيئا على الأرض في الشرق الأوسط. وقد برهنت أحداث 6 أكتوبر أنهم على خطأ.

سبب آخر لتباطؤ إسرائيل في التعاطي مع الخطر القادم هو الإفراط في الثقة. فالإسرائيليون يعتقدون بجدية بأن العرب ضعفاء جدا حتى لحد الحصول على نجاح تكتيتكي محلي عليهم، ومن هنا قابلوا هجمة يوم كيبور بدون أي شك في قدرتهم على مجاراتها، وهنا، وللمرة الثانية كانوا مخطئين وقد دفعوا ثمنا ثقيلا، فالعرب حاربوا بمهارة أكبر وبإرادة أكثر من الحروب الماضية، فيما أثبتت أسلحتهم السوفياتية فعاليتها، وقد سجلوا نجاحا مهما في الأيام الأولى للحرب، كما أسس المصريون جسرين شرق القناة، واتضح أن من الصعب إزاحتهما. وثالثا: فقد تخطى ثقل القتال ونسبة المستهلك من المواد الحربية كل توقعات إسرائيل، فخلال أيام قليلة وجدوا أنفسهم يعانون النقص في الذخيرة، وأن عليهم اللجوء بصورة طارئة وعاجلة إلى أميركا من أجل إمدادات عاجلة من كل الأنواع فيما كانت الإمدادات السوفياتية قد بدأت الوصول لسورية ومصر في مراحل مبكرة، مما أوحى بأن الترتيبات لذلك قد بدأت قبل الحرب، وقد أقام الأميركيون جسورا جوية وبحرية، وبرغم بدايتها المتأخرة، إلا أنها واكبت الإمدادات السوفياتية ، وكسبت إسرائيل اليد العليا في القتال بهذا العون، ومن دونه ما كان لها أن تكسب وربما كانت قد خسرت.

10 ـ ولكن ظهور اعتمادها على أميركا كان ضربة مؤلمة لثقة إسرائيل في نفسها، فقد توقفت الحرب على مقربة قصيرة من استعادة إسرائيل للوضع القائم يوم 5 اكتوبر، والذي كان سيشكل الحد الأدنى لإعادة تأسيس مكانتها وثقتها، وإذا ما كان للحرب أن تظهر ذلك، فقد كان بوسع إسرائيل أن تحارب العرب حتى وإن أخذت على غرة، مثلما أظهرت الحرب أنه ليس بوسعها محاربة العرب المدعومين من السوفيات إلا وهي مدعومة من أميركا.

وفوق ذلك، وحتى مع دعم الأميركيين لها، فقد بدا من الواضح أن على إسرائيل، وبتعداد سكانها القليل، أن تبقي على درجات عالية من التعبئة أكبر مما كان في الماضي، إذا ما كان لها أن تتجنب الوقوع في المفاجأة مرة ثانية من الجيش المصري بحرفيته طويلة الخدمة، فيما ستجعل الضغوط الاقتصادية من هكذا تعبئة عبئا ثقيلا. وأخيرا، فعلى الإسرائيليين أن يسألوا أنفسهم ما إذا كان لهم أن يراهنوا على مساندة مستدامة من أميركا بنظامها القائم على حزبين في الداخل ومصالحها المتعددة في العالم العربي، وبنفس القدر من الثقة التي تصاحب اعتماد العرب على دعم مستمر من الحكومة السوفياتية.

11 ـ جلب مسار الحرب صدمة أخرى مؤلمة لإسرائيل، فقد وجدت نفسها في عزلة دبلوماسية كلية، فالرأي الشعبي في العالم الغربي يقف معها بقوة، ولكن الحكومات، فيما عدا حكومة واشنطن، ضدها. مثلما أخذت الدول الأفريقية موقفا إلى جانب العرب وقطعت علاقاتها الدبلوماسية معها، وهي التي بذلت جهدا مؤلما لإقامة جسورها معها فيما كان لها مع بعضها علاقات ممتازة. وكذلك غير المنحازين في آسيا، فقد انخرطوا في إصدار بيانات تدعم العرب وتدين إسرائيل.

أما بالنسبة للحكومات الأوروبية غير الشيوعية، بما فيها حكومة جلالة الملكة، فقد أعلنت سياسة حياد ولكنها في معظم الحالات تطبقها لصالح العرب بصورة أكبر أكثر منها تجاه إسرائيل، وهناك شعور في القدس بأن توجه أوروبا الغربية متأثر بصورة كبيرة على اعتمادها على إمدادات النفط من الدول العربية، فيما اعتبر الإسرائيليون أن حظر السلاح الذي فرضناه على الجانبين في الحرب يتحامل أكثر عليهم، وهم الذين يعتمدون على «السيرتيريون» التي تشكل نصف قوتهم القتالية العسكرية، أكثر مما يتحامل على العرب بإمداداتهم السوفياتية الضخمة.

12 ـ كانت إسرائيل قادرة على استخلاص بعض الرضا من سلوك كل من الأردن ولبنان. قاوم الأردن إغراء إعلان الحرب حتى عندما كانت الأوضاع لا تسير على ما يرام في الجانب الإسرائيلي. أرسل العاهل الأردني الملك حسين قوات مدرعة لمساعدة سورية إثر تراجعها بعد نجاحها المبكر، إلا أنه حافظ على هدوء الحدود الأردنية ـ الإسرائيلية، وبقيت الجسور عبر نهر الأردن مفتوحة خلال فترة الحرب. أما لبنان، فقد ظل هادئا واستطاع السيطرة بعض الشيء على الفدائيين.

13 ـ توقفت الحرب يوم 24 أكتوبر عندما وافقت الأطراف على قبول وقف لإطلاق النار طبقا لقراري مجلس الأمن 338 و340.

من الناحية النظرية، كان القراران بمثابة تمثيل لإرادة غالبية أعضاء المجلس، أما من الناحية التطبيقية فقد كانا يمثلان إرادة القوتين العظميين، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. لم تكن إسرائيل في موقع يسمح لها بمقاومة رغبة الولايات المتحدة، فيما كان العرب قادرين على العمل باستقلالية عن الاتحاد السوفياتي. لم يكن وقف إطلاق النار حدثا يمكن الترحيب به من جانب إسرائيل، فقد جاء في وقت كانت فيه قواتها العسكرية في وضع أفضل بعد أن عبرت إلى الضفة الغربية لقناة السويس، وعلى أعتاب تحقيق نصر كبير على الجيش الثالث المصري، الذي نجحت إسرائيل في محاصرته. لم يكن أمام إسرائيل خيار سوى الرضوخ لرغبة الولايات المتحدة في وقف الحرب. قلق الولايات كان نابعا من احتمال استمرار الحرب وتعرض العرب لخطر كارثة عسكرية مثلما حدث عام 1967 تؤدي إلى تدخل القوات السوفياتية بصورة مباشرة لإنقاذ العرب.

كما كانت تأمل الولايات المتحدة في أن يؤدي انتهاء الحرب بنتيجة أكثر توازنا وتكافؤا مقارنة بالنتيجة التي انتهت إليها حرب عام 1967 إلى استعادة الحرب إلى الثقة في أنفسهم إلى الحد الذي يجعل مصر وسورية والأردن تفكر في التوصل إلى سلام مع إسرائيل بدون إراقة ماء الوجه تماما. ربما كانوا على صواب، فقد امتثلت إسرائيل لوجهة نظر الولايات المتحدة.

14 ـ تضمن قرارات الأمم المتحدة التي أنهت الحرب جائزة لإسرائيل. فقد نادت القرارات بإجراء مفاوضات بين الأطراف المعنية من أجل التوصل إلى سلام عادل ودائم. ربما تنتهي هذه المفاوضات إلى تعامل مباشر بين إسرائيل وجيرانها العرب، وهو ما ظلت إسرائيل تسعى له منذ عام 1948.

لم تتضح الأمور حتى نهاية العام، إلا أن التطورات بصورة عامة لم تكن محبطة. محاثات السلام حول القتال في قنال السويس مكنت جنرالات مصر وإسرائيل من مناقشة إطلاق سراح أسرى الحرب، وأسس فك الاشتباك وجها لوجه تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة. توصل الطرفان إلى اتفاق حول إطلاق سراح اسرى الحرب، لكنهما قررا إرجاء النظر في المسائل المتعلقة بفض الاشتباك بينهما إلى مؤتمر سلام، كان مقررا أن يبدأ في جنيف في 21 ديسمبر (كانون الأول) تحت رعاية الأمم المتحدة، ورئاسة مشتركة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. حضرت كل من إسرائيل ومصر والاردن، إلا أن سورية قررت في اللحظات الأخيرة عدم المشاركة. لم يحقق المؤتمر تقدما يذكر بنهاية العام، إلا أن ممثلي إسرائيل والحكومات العربية تمكنوا من الجلوس حول طاولة واحدة وتحت سقف واحد، كما حدث أول اتصال منذ عام 1967 بين وزيري خارجية إسرائيل والاتحاد السوفياتي. كان من المستحيل الدخول في مفاوضات حية قبل الانتخابات العامة في إسرائيل والتي كانت قد تأجلت سلفا عن موعدها في أكتوبر بسبب الحرب، فيما قضت الترتيبات الدستورية بإجرائها في 1973، ولذلك أجريت يوم 31 ديسمبر.

15 ـ كانت نتيجة تلك الانتخابات عودة تحالف حزب العمل الحاكم إلى الحكم كأكبر حزب، ولكن بأغلبية تقلصت، فيما كسب جناح اليمين بحزب الليكود مقاعد ولكنها ليست كافية ليتمكن من تشكيل حكومة. لكن جمهور الناخبين لم يطرد القادة الذين أحبطوه جزئيا في حرب «يوم كيبور» ، ويبدو كما لو ستتم دعوة السيدة مائير مرة ثانية لتكون رئيسة للوزراء وستشكل ائتلافا جديدا على نفس خطوط الائتلاف القديم، ولكن بقوة برلمانية أقل، وإذا ما تسنمت مثل هذه الحكومة مقاليد الأمور، فستكون لديها السلطة للتفاوض في جنيف، ولكن مسألة امتلاكها للقوة الكافية لتشعر بتأهلها لصناعة السلام بشروط قد لا تقبلها المعارضة، تبقى مكان تساؤل. ولذلك، فثمة فترة من اللااستقرار في الأفق مع إمكانية الدعوة لانتخابات مبكرة عندما تبدو أزمة مفاوضات السلام ماثلة.

16 ـ كان الاستقرار الاقتصادي أيضا حتميا فيما كان أداء الاقتصاد الإسرائيلي جيدا قبل الحرب بنسبة نمو وصلت إلى 9 في المائة في العام، ولكنه مال للهدوء مع قدوم الحرب. وقال وزير الاقتصاد إن تكاليف الحرب تتعدى خسارة الناتج الإجمالي المحلي لمدة عام، ولكن يبدو أن هذا العبء يمكن تحمله فيما سيكون هناك نمو خلال 1974. الضرائب لا تزال عالية وكانت قد رفعت أصلا فزادت الأسعار بنسبة 25 في المائة خلال 1973. ولكن كل الحسابات لا بد أن تراجع إذا كان للحرب أن تلوح، وإلى الآن، لإا ثلث القوة الصناعية العاملة في حالة تعبئة عامة، ولكن إسرائيل معتادة على ذلك، وهناك مساعدة يهود العالم بخصوبتها المعروفة.

* توقيع ـ دبليو. ليدويدغ ـ السفير ـ تل آبيب



 
من الناحية النظرية، كان القراران بمثابة تمثيل لإرادة غالبية أعضاء المجلس، أما من الناحية التطبيقية فقد كانا يمثلان إرادة القوتين العظميين، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. لم تكن إسرائيل في موقع يسمح لها بمقاومة رغبة الولايات المتحدة، فيما كان العرب قادرين على العمل باستقلالية عن الاتحاد السوفياتي. لم يكن وقف إطلاق النار حدثا يمكن الترحيب به من جانب إسرائيل، فقد جاء في وقت كانت فيه قواتها العسكرية في وضع أفضل بعد أن عبرت إلى الضفة الغربية لقناة السويس، وعلى أعتاب تحقيق نصر كبير على الجيش الثالث المصري، الذي نجحت إسرائيل في محاصرته. لم يكن أمام إسرائيل خيار سوى الرضوخ لرغبة الولايات المتحدة في وقف الحرب. قلق الولايات كان نابعا من احتمال استمرار الحرب وتعرض العرب لخطر كارثة عسكرية مثلما حدث عام 1967 تؤدي إلى تدخل القوات السوفياتية بصورة مباشرة لإنقاذ العرب.

استنتاج ووصف للاحداث شديد القصور ينم عن الجهل بالحقائق التاريخية و لا يعبر عن خبرة المنصب الذى يمثله الكاتب الانجليزى ( من المؤكد ان مما ساعد على نجاح خطة الخداع الاستراتيجية لمصر وجود مثل هذا المستوى من الخبراء لدى الدول الغربية و اسرائيل )

فهل يعقل او يليق بدولة مهزومة فى الحرب - اسرائيل - ان تمتنع عن تحقيق نصر كبير من اجل رغبة دولة اخرى حتى ولو كانت قوى عظمى , بل على العكس كان من مصلحة امريكا تحقيق اسرائيل لاى نصر ممكن حتى يكون معها ورق ضغط فى اى مفاوضات مع العرب , وبرر ذلك استمرار الجسر الجوى الامريكى فلو لم تكن امريكا تريد النصر لاسرائيل لما ارسلت الجسر الجوى من الاساس .
بالاضافة الى انه من المعروف تاريخيا ان الوزير كسينجر كان مسئول عن تعطيل المفاوضات مع السوفيت لجزء من الوقت حتى تتمكن اسرائيل من تحقيق اى نصر عسكرى يمكن ايمثل ضغط على العرب فيما بعد .

اما ارسال جنود وقوات سوفيتية الى الاراضى العربية فهو امر بعيد الحدوث فى ذلك الوقت والا لم تكن مصر قامت بطرد الخبراء السوفيت قبل ذلك باعوام . ( كان اولى ان يحدث ذلك عام 67 )
وعلى فرض حدوث ذلك فان ذلك الامر متعادل التاثير فلو ارسل السوفيت عدد من القوات الى الدول العربية ستقوم امريكا بالمثل مع اسرائيل , وحدث ذلك بالفعل فى عدد القطع البحرية المتساوى لدى كل دولة فى البحر المتوسط وقت الازمة .

تعقيباً على التقرير بصفة عامة لم ياتى التقرير بجديد وما هو الا رؤية شخصية للكاتب ينتابها القصور لا ترتقى باية حال لان تكون ذات قيمة تحليلية يعتمد عليها.
 
عودة
أعلى