فاينما تكون بلد فقيرة بحاجة الى اسلحة بخسة الثمن او نظام يحظر عليه اقتناء لاسلحة الغربية المتقدمة، لا يجد بدا من قصد الصين لشراء البنادق والاغلال وتجهيزات مكافحة الشغب والسيارات المصفحة.
واتصل موقع بي بي سي بخبراء عسكريين، فأكدوا فحوى تقرير صدر مؤخرا عن منظمة العفو الدولية، تقول فيه ان مبيعات الصين من الاسلحة تشجع النزاعات المسلحة وانتهاكات حقوق الانسان كما الشأن في السودان وبورما.
فالصين اكبر مزود بالاسلحة للحكومة البورمية، ويشمل ذلك قطع المدفعية والشاحنات والدعم اللوجستي واجهزة الاتصال، وذلك منذ التسعينيات، على حد قول تيم هاكسلي، خبير الشؤون الآسيوية في معهد لندن للدراسات الاستراتيجية.
واضاف الخبير: "لولا الاسلحة الصينية لما استطاع الجيش البورمي القيام بعمله."
كما اصبحت الصين من اهم مصادر الاسلحة للسودان، ان لم تكن اهمها، حيث تبيع لها طائرات ومروحيات، حسب المحللين.
واهم مسألة تطرح نفسها في السودان هي الى أي حد تعتمد جرائم الحرب التي تفيد التقارير بوقوعها على الاسلحة الصينية؟
وتستخدم الصين حق الفيتو في مجلس الامن لتفادي فرض اية عقوبات على السودان بشأن دارفور، بدعوى ان القضية مشكل داخلي.
وبينما تبقي الولايات المتحدة جزئيا على عقوباتها ضد السودان، اصبحت الصين اكبر شريك تجاري لها، حيث تشتري كل منتوجها من النفط.
وبينما يحتد الجدل حول نقل الصين تكنولوجيتها لصنع الاسلحة النووية او الصواريخ طويلة المدى الى بلدان كايران وكوريا الشمالية وباكستان، لا تستأثر صادراتها من الاسلحة التقليدية والصغيرة بالكثير من الاهتمام.
وقبل ان تتبنى بكين اصلاحاتها الاقتصادية الاشبه بالخطوات الرأسمالية في 1978، كانت تهدي الاسلحة مجانا كمساعدات للدول والجماعات المسلحة التي تساير مصالحها.
وبينما اعطتها قوتها الاقتصادية الجديدة النفوذ والسلطة، اصبحت مبيعاتها من الاسلحة جزءا لا يتجزأ من علاقاتها التجارية في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية، حسب تقرير العفو الدولية.
قد يقول البعض ان ذلك جزء من النجاح الذي تلاقيه البلدان الرأسمالية، والصين تغرق العالم بكل انواع السلع، فلم لا الاسلحة ايضا؟
كما يقول البعض الآخر ان الصين تصدر من الاسلحة القليل بالمقارنة مع الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا.
وفي الحقيقة، فان مبيعات الصين من الاسلحة انخفضت في العقدين الاخيرين من ملياري دولار سنويا الى مليار واحد من الدولارات، خاصة بسبب المنافسة الروسية وضعف اداء الاسلحة الصينية في الحرب العراقية الايرانية وفي حربي الخليج في الثمانينيات والتسعينيات.
واليوم، بينما تفضل الدول الغربية تصدير انظمة حربية متكاملة، تنتج الصين ما لم يعودوا ينتجوه من الاسلحة، حسب بول بيفر، وهو خبير في الدفاع في لندن.
ويقول بيفر ان الصين هو الاختيار الامثل لمن بريد اسلحة رخيصة وبسيطة، كبنادق كلاشنكوف وقنابل يدوية وقذائف مدفعية.
ويضيف الخبير ان سياسة الصين التصديرية تتلخص في بيع اسلحة لاي بلد او حكومة ذات سيادة. والمشكل الوحيد الذي تواجهه هو ان بعضها يخضع لحصار. وما عدا ذلك، فهي تتبع مصلحتها.
وتبيع الصين كذلك الاسلحة بأثمنة تفضيلية لاصدقائها، فتجد المسدسات والعصي الكهربائية الصينية في كل مرافئ افريقيا والشرق الاوسط وآسيا.
ويقول ديريك ميتشيل من مركزالدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن ان هدف الصين الخفي هو اظهار الصداقة للدول النامية بطريقة تفيدها في المؤسسات الدولية كالامم المتحدة، وبحيث تستطيع استغلالها للحد من نفوذ امريكا عالميا.
ويشاطر ميتشيل العفو الدولية الرأي في كون الصين تتجاهل الاثر الذي قد خلفه مبيعاتها من الاسلحة في الشؤون الداخلية للبلدان غير المستقرة.
فعلى سبيل المثال، عقدت صفقة لبيع نيبال 25 ألف بندقية و18 ألف قنبلة يدوية صينية في وقت تنشغل فيه قوات الامن باخماد تظاهرات مدنية كبيرة.
كما سلحت الصين طرفين في نزاع واحد عدة مرات، كما فعلت مع اريتريا واثيوبيا، حسب قول ميتشيل، الذي يرفض انتقاد الشركات الخاصة لصنع الاسلحة وحدها، لأن "كل تجار الاسلحة في الصين خاضعون لرقابة الحكومة."
ويقول المراقبون ان تجارة الاسلحة الصينية لا تخضع لرقابة كالتي تتعرض لها في الدول الديموقراطية، حيث تكون الصفقات اكثر شفافية وبمرأى من العموم.
ورفض مسؤولون صينيون اتصلت بهم بي بي سي التعليق على الموضوع، واكتفى احدهم بالقول انه لا يريد اية علاقة بمنظمة العفو الدولية.
لكن الصين تريد ان تعتبر قوة مسؤولة، وبينما يتزايد قلق الولايات المتحدة وحكومات اخرى بشأن نفقاتها العسكرية المتنامية، يتمنى الناشطون الحقوقيون ان تصل تجارتها في الاسلحة الى مرحلة تجعلها تخضع لمراقبة أكبر، كما حصل في صناعة الاثواب والكمبيوترات الصينية.