منظومات s-300 في طريقها إلى سوريا
في الآونة الأخيرة أشارت التقارير إلى أن روسيا تعتزم نقل منظومات صواريخ للدفاع الجوي من طراز s-300 إلى سوريا، وعلى خلفية هذه المخاوف قام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بزيارة خاطفة إلى سوريا.
منظومات S300 (توصيف غربي SA-10 Grumble) هي منظومة صواريخ أرض-جو متقدمة من إنتاج الاتحاد السوفييتي-روسيا بدأت تطوير هذه المنظومات في السبعينات في أعقاب دروس حرب يوم الغفران وحرب فيتنام، وغايتها أن تصبح منظومة لمنع الاقتراب ولذا زودت بقدرات على مسافات بعيدة.
المنظومة أدخلت إلى الخدمة في ذراع الدفاع الجوي السوفييتي وهي الآن تستخدم من قبل السلاح الجوي الروسي (1).
في بداية التسعينات أدخلت تحسينات كبيرة على المنظومة التي حظيت بعلامة S-300PMU-1 ثم S-300PMU-2.
(هذه المنظومات حظيت بتسمية منفردة من قبل الناتو SA-20 Gargoyle) التحسينات تضمنت تغييرات في جميع المكونات الرادارات مع منظومات السيطرة والصواريخ الاعتراضية.
في الوقت الحاضر لهذه المنظومة قدرات جيدة مدى يصل إلى 200كلم تقريبا وكذلك لديها قدرات جيدة ضد الطائرات التي تطير على ارتفاع منخفض ومن طرازات حديثة، وكذلك ضد صواريخ أرض-أرض.
هذه المنظومة موجودة في الخدمة لدى القوات الروسية (1900 جهاز إطلاق) وفي الخدمة في الجيش الصيني.
بطارية S300 تتضمن أيضا جميع المكونات التالية: رادار تشغيل رادار اكتشاف لمديات طويلة رادار للكشف عن الارتفاعات المنخفضة، مركز قيادة وعدد من أجهزة الإطلاق (يصل إلى ثمانية أجهزة).
كل واحد من هذه المكونات منصوب على آلية بعجلات ومن أجل هذه المنظومات تم تطوير عدة صواريخ اعتراضية.
رغبة سوريا في شراء هذه المنظومات الصاروخية المضادة للجو لمديات بعيدة ليست جديدة في نهاية الثمانينات وبعد عملية سلامة الجليل طلبت سوريا شراء منظومات دفاع جوي لمدى طويل، في ذلك الوقت حصلت على منظومات S-200 (التسمية الغربيةSA-5 Gammon) وهي منظومات ثابتة وثقيلة وعلى مديات بعيدة ولكنها قديمة.
في 2007 نشر على نطاق واسع عن صفقة سلاح كبيرة وبأحجام تصل إلى خمسة مليارات دولار إلى سوريا وفي المقابل أيضا لإيران.
هذه الصفقات كان من المتوقع أن تتضمن طائرات مقاتلة ومنظومات صواريخ مضادة للدروع ومنظومات صواريخ أرض-جو من أنواع مختلفة بما في ذلك s-300 ولكنه لم يعلن عن أية تفاصيل، وفي الحقيقة لم يتضح بشكل مؤكد فيما إذا كانت هذه الصفقات قد وقع عليها عموما. بيد أنه في ذلك الوقت توجه رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك إيهود أولمرت مباشرة إلى الحكومة الروسية بطلب للإحجام عن بيع منظومات S300 إلى سوريا ويبدو أن روسيا استجابت لهذا الطلب، لذا فإن المنظومة لم تزود لسوريا وإن كانت منظومات للدفاع الجوي من نوع آخر –مثل منظومة Pantsyr S-1 ومنظومات دفاع جوي قصيرة المدى وذاتية الحركة للدفاع ضد القوات المتحركة والأهداف النقطوية قد تم تزويدها في عام 2009.
وخلافا للصفقة مع سوريا التي لم يعلن عنها رسميا فلقد وقعت صفقة موازية لبيع منظومات SA300 لإيران والتي أعلن عنها، يذكر أن هذه الصفقة أدت إلى حملة ضغوط على روسيا وفي نهاية الأمر علق الروس هذه الصفقة في عام 2010 وهم يشيرون إلى العقوبات التي فرضت على إيران من قبل مجلس الأمن كذريعة لتعليق الصفقة.
ومنذ اندلاق التمرد في سوريا في ربيع2011 أيدت روسيا نظام الأسد وزودته بمعدات عسكرية متقدمة ومن بين هذه المعدات زودت سوريا في غضون عام 2011 بمنظومة Pantsyr S-1 للدفاع عن السواحل المجهزة بصواريخ ياهونت ومنظمات دفاع جوي ذاتية الحركة من نوع Buk-M2الذي يلقب في الغرب SA17.
التقارير التي صدرت في الأسبوع الأخير بما في ذلك تصريحات لكبار المسؤولين الروس تشير إلى أنه كان هناك عقد لتزويد منظومات S300 (وفقا لصحف أجنبية الأمر يتعلق بست أجهزة إطلاق و144 صاروخا) وفي الوقت الحاضر هناك استعداد من جانب روسا لتزويد سوريا بهذه المنظومة.
هناك ثلاثة أسئلة تطرح في سياق التزويد المحتمل لهذه المنظومات إلى سوريا:
الأول: لماذا يحتاج نظام الأسد لهذه المنظومات الآن بالذات؟
الثاني: هل الجيش السوري قادر على القيام بالجهد اللوجيستي والعملياتي لاستيعاب هذه المنظومات؟
الثالث: هل الروس على استعداد فعلا لتزويد سوريا بهذه المنظومات الآن؟
حول الدافعية السورية لشراء منظومات s-300 يبدو أن الهجمات التي شنتها إسرائيل وفقا لمصادر أجنبية في سوريا في الآونة الأخيرة في شهر يناير وفي شهر مايو 2013 مرة أخرى أكدت للأسد مدى قابليته للإصابة.
الأسد يحظى في الأيام الأخيرة بإنجازات في الصراع الداخلي في مواجهة المتمردين وهو يحتاج إلى ضمانات ضد تدخل أجنبي على غرار التدخل الذي أسقط نظام القذافي في ليبيا.
ومنذ بداية الأحداث في سوريا في ربيع 2011 أحجمت إسرائيل عن العمل داخل الأراضي السورية مثلما امتنعت جميع الأطراف الخارجية الأخرى (الولايات المتحدة ودول الناتو وتركيا) عن العمل لكن الآن تزايدت فرص التدخل الأجنبي في سوريا ضد النظام.
طلب سوريا لمنظومات الدفاع الجوي سيبث رسالة أن بحوزتها منظومات دفاع جوي جيدة أفضل من المنظومات التي كانت بحوزة الليبيين وأن روسيا تقف خلف النظام في سوريا.
هل الجيش السوري قادر في الوقت الحاضر على استيعاب هذه المنظومات؟ هناك من يلقي الشك على ذلك، استيعاب منظومات من نوع s-300 يلزم جهدا كبيرا وطويلا لدراسة المنظومة سواء في إقامة منشآت الاستخدام والصيانة أو في إقامة الوحدات وتدريبها، وشك إلى حد كبير فيما إذا كان الجيش السوري في وضعه الراهن قادر على أن يخصص قوة بشرية وموارد من أجل ذلك.
أكثر من ذلك يشك وإلى حد كبير أيضا فيما إذا كان بإمكان هذه المنظومات بعد وصولها ضمان عدم ضربها من قبل المتمردين، ومع ذلك هناك مخاوف وحتى وإن كانت باحتمالية منخفضة أن الأسد سيكون على استعداد لنقل هذه المنظومات التي سيحصل عليها إلى مكان أكثر ضمانا وإلى أيادي أمينة بالنسبة له إلى يد حزب الله.
هذا الأخير يمكن أن يرسل أفرادا إلى روسيا من أجل التدريب على استخدام المنظومة ويمكنه أيضا أن يجد لهذه المنظومات مكانا آمنا ضد أي استهداف من قبل المتمردين داخل الأراضي اللبنانية.
وبالنسبة لإسرائيل مثل هذا التطور سيكون خطيرا للغاية فعلا وفي هذه المرحلة يصعب معرفة ما إذا كانت روسيا تعتزم فعلا تنفيذ الصفقة وتسليم منظومات إلى سوريا (وربما مع إدراك أن هذه المنظومات يمكن أن تنقل إلى حزب الله كما يعتزم السوريون أن ينقلوا منظومات Buk-M2أو أن جميع هذه الخطوات خلال الأسابيع الأخيرة هي خطوات فارغة هدفها تأكيد تصريحات بتصميم روسيا على مواصلة دعم نظام بشار الأسد وتوجيه رسالة إلى إسرائيل بأن هناك ثمنا باهظا سيكون لاستمرار هجماتها على سوريا.
من الأهمية الإشارة أن الخيار الوحيد لنصب هذه المنظومات في سوريا بشكل فوري وعملياتي هو نموذج 1970 في مصر –وصول منظومة مع مستخدمين روس –من الصعب الافتراض أن الروس سيذهبون بعيدا ويعرضوا جنودهم للخطر سواء من قبل المتمردين أو خلال مواجهة مع طرف ثالث.
الهوامش:
1-يجب أن لا نخلط بين منظومة S300 مع منظومة S-300v تسمية غربية ل SA-12 الذي طور في نفس الوقت لكنه طور من أجل القوات البرية السوفييتية
2-جميع الألقاب هي للنماذج المصدرة التي تتناولها هذه المقالة.
المصدر: الصحة والعالم