معركة الجزائر

الحاج سليمان 

صقور الدفاع
إنضم
5 سبتمبر 2007
المشاركات
6,646
التفاعل
17,793 202 35
الدولة
Algeria
تقدم لنا معركة الجزائر مثالا حيا عن معارك المدن ، والتي جرت وقائعها بمدينة الجزائر العاصمة اثناء حرب التحرير الوطني بين اقل من 200 فدائي والفرقة المظلية العاشرة للجيش الفرنسي

خلدت هذه المعركة في فيلم جزائري شهير يعد اول فيلم عربي يحصد جوائز الاوسكار معركة الجزائر (بالايطالية: La battaglia di Algeri) هو فيلم جزائري أنتجه المخرج الإيطالي الكبير والرّاحل جيلو بونتيكورفو عام 1966 بالأبيض والأسود، ويعتبر أضخم فيلم من ناحية التكلفة إذ أنّ الفيلم كلف مبلغ مليون جنيه ويعتبر مبلغ كبير آنذاك، وقد حقّق وقتها نجاحًا كبيرًا ولسنوات لاحقة رغم منع عرضه في فرنسا طوال 40 سنة، اكتسب شهرة أكبر مع معطيات واقعنا الحالية، والفيلم يروي فترة من فترات كفاح الشعب الجزائري في العاصمة الجزائرية إبّان ثورة التحرير الوطني الكبرى من بطولات شعبية ضد الاستعمار الفرنسي، نال الفيلم جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عام 1966، وجائزة النّقد خلال مهرجان كان في نفس السّنة، كما حصد ثلاثة أوسكارات سنتي 1967 و1969 كأحسن فيلم وأحسن إخراج وأفضل سيناريو.

وتدور أحداث المعركة إن أول من أطلق عبارة معركة الجزائر على العمليات الفدائية التي كانت في المنطقة المستقلة هو قائد الفرقة المظلية العاشرة سنة 1957 في رسالة مؤرخة بتاريخ 13 جوان 1957(أي قبل نهاية معركة الجزائر و قد استعملها حتى المظليون خلال هذه السنة ليتمكنوا في النهاية من القول أنهم حققوا انتصارا في العاصمة الجزائر، هذا حسب قول "ياسف سعدي"، الذي نفى إسناد تسمية المعركة إليه من طرف الجنرال "ماسو".
و من خلال هذا يقول السي "علي مولاي" إن كلمة "معركة الجزائر" استعملها لأول مرة الجيش الفرنسي الذي كان في حاجة إلى انتصار لأن فرنسا لم تستطع تحقيق أي انتصار في مكان آخر و بدأت معركتها في العاصمة الجزائر لتبين أنها هزمت الجبهة و نالت معركة الجزائر، كما يقول أيضا أنها لم تكن معركة العاصمة الجزائر فقط و إنما هي معركة الجزائر كلها، و كفاحنا هو كفاح الشعب الجزائر كله من 1954 إلى 1962.
و أضاف إلى هذا "محمد البجاوي" بقول الجنرال "ماسو" أنه استعار هذه العبارة من عند الجزائريين لكن في الحقيقة لم تكن هناك معركة الجزائر فهذه العبارة سطحية تافهة و لا يجب إطلاق تسمية "معركة" على تلك العمليات العملاقة من الرعب و الذعر الموجهة ضد السكان الجزائريين من طرف عشرة آلاف مظلي بحجة تفكيك التنظيم الثوري للجبهة بالمدينة، و مهما يكن فإن أي معركة عسكرية تفترض وجود جيشين وجها لوجه و بنفس الوسائل.
أما عن السيد "بن يوسف بن خدة" باعتباره عضوا في لجنة التنسيق و التنفيذ يقول عن "معركة الجزائر" في لقاء أجري معه في 12 جويلية 1982 بالجزائر العاصمة: "إنها كانت مرحلة صعبة حقا لكنها غنية بالأحداث أما الظروف التي أدت إلى هذا القرار هي: أما غي مولي الذي لم يوف بوعوده المتمثلة في إقرار السلام في الجزائر ، ففي جوان 1956 بدأت سياسة الإعدامات على يد "لاكوست"، إضافة إلى قنبلة شارع التبس التي خلفت العديد من القتلى و الجرحى من طرف "اليد الحمراء" بالقصبة، ففي شهر أكتوبر كانت هناك حادثتان مهمتان، قرصنة الطائرة المنقلة لمسؤولي الثورة ثم العدوان على مصر".
و كرد على اعتداءات السلطات الفرنسية قامت جبهة التحرير الوطني بمضاعفة العمل الثوري في العاصمة من أجل حماية الجزائريين الذين أصبحوا عرضة للاعتداءات الفرنسية، لكن السلطات الاستعمارية واجهت الوضعية أي العمليات الفدائية و سمتها بمعركة الجزائر، و شنت حربا على العاصمة ابتداء من 07 جانفي 1957 و الهدف هو تحقيق النصر في آخر مستعمرة لهم في شمال إفريقيا إذ أن فرنسا لم ترض بالهزيمة في الجزائر التي طالما اعتبرتها فرصة ثمينة لمحو عار الهزائم التي لحقت بالجيش الفرنسي، و لهذا منح "روبير لاكوست" السلطة المطلقة للجنرال "ماسو" فبعد انهزام الجيش الفرنسي في معركة "ديان بيان فو" دفع بها إلى ضرورة تحقيق انتصار و بأي ثمن، و كانت الطريقة الوحيدة لموجهة جبهة التحرير هي التعذيب، فبعد انهزام الفرنسيين في حرب الفيتنام واجهوا مشكلة نفسية خطيرة لأنها تعتبر الهزيمة الثانية بعد هزيمتهم مع الألمان.
و من خلال تلك الهزائم لجأت فرنسا ككل مرة إلى استعمال خطة جديدة للقضاء على الثورة الجزائرية و ذلك باختراعها فكرة وهمية سمتها "معركة الجزائر" مستعملة طرق و أساليب إجرامية لا إنسانية ضد الثورة و سكان العاصمة. و منه يتضح لنا أن كلمة "معركة الجزائر" لم تستعمل لأول مرة من طرف جبهة التحرير الوطني و إنما استعملت من طرف السلطات الفرنسية.
2. تكثيف العمل الفدائي في المنطقة المستقلة:
لقد كان جهد جبهة التحرير الوطني متركزا في كامل الوطن الجزائري لكنها ركزت على ثلاثة اتجاهات تركيزا كبيرا و هذه الاتجاهات تمثلت فيما يلي:
 استخدام الجزائر العاصمة كقاعدة إعلامية مثيرة و مضاعفة العمل الفدائي.
 برزت قيادة الثورة في إطار كيان سياسي له نشاط كبير على الصعيد الدولي.
 نقل الجهد السياسي و العسكري إلى داخل فرنسا
فبعد استقرار "العربي بن مهيدي" بالعاصمة الجزائر في أواخر أكتوبر 1956 بدأ في تنظيم خلايا الفداء في جميع أحياء العاصمة، و بمجرد وصوله إلى القصبة أخذ يسأل على النظام العسكري و عن نشاطه و عن الإمكانيات المادية و البشرية كما أخذ يشرح مقررات مؤتمر الصومام و الإستراتيجية الوطنية و في نفس الوقت أبدى اهتماما كبيرا بالتقرير العسكري الذي تقدم به المسؤول المباشر عن الخلايا العسكرية و خاصة ما يتعلق بالمتفجرات(باعتباره أهم الركائز و وسائل العمل العسكري في المدن، و ذلك في انتظار استكمال ما تبقى من خطوات للشروع في خطوة سياسية و عسكرية تكون حسب "عبان رمضان" و "بن مهيدي" مصيرية في تاريخ الثورة، كما أن "العربي بن مهيدي" استطاع و في ظرف قصير من الزمن زرع العمل الفدائي و بقواعد فنية و عسكرية في نفوس الفدائيين و الفدائيات لإزعاج الفرنسيين، لأن حياة الجزائريين بالريف أضحت مهددة بالخطر و لهذا يقول العربي بن مهيدي: "يجب أن تتحول مدينة الجزائر إلى ديان بيان فو الثانية"
و هكذا فمن أسباب معركة الجزائر هو تكثيف العمليات الفدائية في العاصمة من قبل التنظيم الثوري للمنطقة المستقلة لحماية الجزائريين و الانتقام من الجرائم الفرنسية، و من جهة أخرى إسماع صوت الجزائر للعالم. أي أن جبهة التحرير ردت بعمليات مسلحة مباشرة بعد استقرار لجنة التنسيق و التنفيذ في الحي الأوروبي كما زادت قوة هذا النشاط الفدائي خاصة بعد انضمام مختلف الطبقات الاجتماعية من السكان للثورة و مساندتها لها، و مما زاد من حقد الفرنسيين على الجزائريين هو كسب جبهة التحرير لمساندات من طرف الشيوعيين.والكل يتذكر مساهمة فوج النقيب مايو التابع للحزب الشيوعي في الاحداث والذي خلد اسمه في مستشفى باب الواد الذي سمي بعد الاستقلال باسم مستشفى مايو
كما كان نقل الثورة إلى مدينة الجزائر عاملا في تطور النشاط الفدائي و من آثار هذا التطور تمثل في التأثير على الاستعمار الفرنسي و تحطيم قوته و زرع الرعب في نفوس الأوروبيين الذين كانت آمالهم كلها معلقة على الجيش الفرنسي لتوفير الأمن لهم في الجزائرو أمام هذا الموقف حاولت فرنسا التي عينت لهم "سالان" في الجزائر حل المسألة بوسائل عسكرية و منحهم سلطات واسعة.
فتلقت فرقة المظليين العاشرة مهمة إعادة الأمن في الجزائر فعمدت السلطات الفرنسية إلى تشديد مراقبتها على المدينة و لاسيما على حي القصبة الذي كان يعتبر مركزا هاما للمجاهدين، و في ظل هذه الإجراءات المتخذة من طرف السلطات الاستعمارية صعب تنقل الفدائيين أما بالنسبة للمعمرين فقد ركبهم الخوف. و أصبح كل جزائري في نظرهم محل شك، و على العكس من ذلك فقد كانت معنويات الشعب الجزائري قد ارتفعت و أصبحت أكثر ثقة بالثورة.
3. إعلان جبهة التحرير الوطني عن إضراب الثمانية أيام:
يعتبر قرار جبهة التحرير الوطني في بداية سنة 1957 أثناء الإعلان عن إضراب عام لمدة ثمانية أيام سببا مباشرا و الذي أدى إلى "معركة الجزائر" قبل أن تعرض القضية على هيئة الأمم المتحدة بهدف حصولها على المزيد من التأييد الدولي و الشعبي، و كان هذا التحدي السياسي المقرون بالهزائم المتتالية في المعارك بالجبال و المدن و اتساع رقعة نشاط حزب جبهة التحرير الوطني، بمثابة الضربة القاضية هذا الإضراب الذي تحدد له يوم معين في 27 جانفي 1957 و الذي تقرر شنه للبرهنة على تمثيل جبهة التحرير الوطني للشعب الجزائري.
و كانت تلك الخطة الإستراتيجية مغامرة أخطأت هدفها بحيث مكنت الخصم من تفكيك هياكل الجبهة من طرف الفيلق العاشر للقوات المظلية تحت قيادة الجنرال ماسو "Jacques Massu ") الذي كلف بفرض الأمن في عمالة الجزائر.


4. استقدام الفرقة المظلية العاشرة إلى مدينة الجزائر:
تحت الوصاية السامية للوزير المقيم بالجزائر "روبارت لاكوست" و في 07 جانفي 1957 و أمام مضاعفة و تصعيد العمليات الجهادية الفدائية في مدينة الجزائر كلف الجنرال ماسو "Massu" قائد الفرقة العاشرة للمظليين بالحفاظ على النظام داخل المدينة العاصمة و تم وضع كل قوى البوليس تحت تصرفه و ذلك بعد أن وافق لاكوست على إمضاء أمر يسمح للجنرال ماسو أن يتخلى والي الجزائر العاصمة عن جميع صلاحيات الشرطة إلى رجال الجيش و ذلك من أجل القضاء على التنظيم الثوري في العاصمة الجزائر و استرجاع النظام في الجزائر العاصمة إلى هذا الأخير و ذلك من خلال ما يلي:
 محاربة و تدمير المجموعات العسكرية المتمردة.
 تدمير التنظيم السياسي للعدو
فكانت خطة الجنرال ماسو كالآتي:
تقسيم الجزائر العاصمة إلى أربعة قطاعات و أسند في إدارة كل قطاع إلى واحدة من هذه الكتائب الأربع المكونة للفرقة العاشرة و كان دور هذه الكتائب أن تقوم بالتفتيش و الاعتقالات بـناء على معـلومات مودعة في بطاقات بوليـسية ثم تقوم باستجواب هؤلاء المعتقلين و المتهمـين في مراكز و التـي تعرف بمراكز الإنقاذ و العبور (Centre de triage et de transit) (CTT)).
و ما إن وصل 8 جانفي 1957 حتى كانت كل القرى العسكرية أخذت مكانها فكان العقيد Yves Godard بالقصبة و باب الواد بوسط المدينة أما المقدم "بيجار" على رأس فرقة المظليين الثالثة العاملة بالمستعمرات 3.R.P.C أسندت إليه القصبة. أما الثانية فكانت تحت قيادة Fossy François فكان الجزء الشرقي تابع له و حي العناصر و حي بلكور و الأحياء المجاورة للفرقة الأولى للمظليين.
و قد كانت الفرقة المظلية من 25 إلى 30 ألف جندي و تحت تأثير الزهو المبني على الفخار الكاذب الذي اكتسبته فرقة المظليين "لضمانها السلام" بمدينة الجزائر كما كان الجنرال "ماسو" مدعما بتنظيمات أخرى نذكر بعضها:
أجهزة بوليس الدولةP.E ، بوليس المخابرات العامةP.R.G ، البوليس القضائيI.G، الفرقة العملية للوقايةD.O.P ، جهاز الحماية الحضريةD.P.U ، المكتب الثنائي، المكتب الخامس، الحراسة الإقليميةD.S.T ، المصلحة الجوسسية المضادة للجوسسةC.D.E.C.E ، الفرقة المدنيةS.A.V ، الجندرمة الوحدات الإقليميةUnités Territoriales ، زواق التاسعةNeuvième Zouaves للمقدم ماريMarry ، كما ساعدته منظمة الزرقBleus dechauffes التي لعبت دورا فعالا في تفكيك تنظيم المنطقة المستقلة.
إضافة إلى هذا فقد ارتفع الجيش الفرنسي في عام 1957 إلى 600 ألف جندي من فرق الدرك، الحرس المتنقل، و القوات المساعدة إضافة إلى تسليح المستوطنين، و قامت باستعراضها في شوارع المدن لرفع معنويات الفرنسيين لفرض وجودها و الترهيب بكل الوسائل
 
عودة
أعلى