التازي: عرف المالديفيون الإسلام عن طريق المغربي أبي البركات البربري
حاضر المفكر المغربي الدكتور عبدالهادي التازي ضمن موسم دار الاثار الإسلامية الثقافي الثامن عشر 2012-2013م، وكشف النقاب في المحاضرة عن وثيقة تاريخية مهمة حول اسلام جزر المالديف على يد أبي البركات البربري. أقيمت المحاضرة في مركز الميدان الثقافي. وقام بتقديمها الدكتور فيصل الكندري رئيس قسم التاريخ في جامعة الكويت عضو اللجنة التأسيسية لأصدقاء الدار.
بداية تحدث التازي عن أهمية الرحالة ابن بطوطة في التاريخ واشار الى زيارة الرحالة المغربي ابن بطوطة في سنة (744-1344) الى جزر المالديف التي كانت تحمل اسم (ديبة المهل)، ولقي ترحابا كبيرا من المالديفيين، وقد عزا ذلك إلى كونهم يحتفظون بحب كبير للمغاربة لأنهم، أي المالديفيين، عرفوا الإسلام عن طريق مغربي سابق يسمى أبا البركات البربري كان زار بلادهم قبل نحو من قرنين، وحملهم على اتباع مذهب الإمام مالك على عادة المغاربة.
وحول تفاصيل رحلة ابي البركات الى جزر المالديف قال المحاضر: «نزل أبو البركات بدار عجوز منهم بجزيرة المهل، فدخل عليها يوما وقد جمعت أهلها وهن يبكين كأنهم في مأتم، فاستفهمهن عن شأنهن، فلم يستطعن إبلاغه حقيقة الأمر، وأحضر الترجمان الذي أخبر أن ابا البركات البربري أن العجوز وقعت عليها القرعة وليس لها إلا بنت واحدة، وأن «العفريت» (القرصان) لا محالة سيأتي عليها! فقال لها ابو البركات: أنا أتوجه عوضا عن بنتك بالليل... ويذكر ابن بطوطة - دائما نقلا عن الثقات الثلاثة - أن ابا البركات كان، من حيث الخلقة لا لحية له، فاحتملوه تلك الليلة وأدخلوه الى ذلك المعبد، وكان متوضئا فاقام يتلو القرآن... ثم ظهر له العفريت من الطاق فاستمر على تلاوة القرآن... فلما كان العفريت منه بحيث يسمع القراءة غاص في البحر... واصبح المغربي وهو يتلو على حاله، فجاءت العجوز وأهل الجزيرة ليستخرجوا الجثة فيحرقوها على عادتهم... فوجدوا المغربي يتلو فمضوا به الى ملكهم الذي نقل ابن بطوطة عن الثقات الثلاثة أنه كان يسمى «شنوراجا»، وأعلموه وأخبروه فعجب منه وهنا عرض المغربي عليه الإسلام ورغبه فيه فقال له أقم عندنا الى الشهر الآخر، فلان فعلت كفلك ونجوت من «العفريت» فإني سأعتنق الإسلام.».
واقام ابو البركات البربري عندهم وسرعان ماشرح الله صدر الملك للإسلام فأسلم قبل تمام الشهر وتبعه اهله وأولاده وأهل دولته. وتمذهبوا يتابع ابن بطوطة روايته عن الثقات بمذهب ابي البركات: مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، وهم كذلك الى هذا العهد (744- 745 هـ.=1343-1345م.)، وقد بنى هذا السلطان مسجدا معروفا باسم أبي البركات، وهناك لوحة من خشب سمرت على ناصية مقصورة الجامع وقد نقش فيها ما مضمونه: «أن السلطان اسلم على يد أبي البركات البربري واسلم على يده في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وخمسمئة».
واشار المحاضر الى الوثيقة التي تبرهن على ماذكره ابن بطوطة وذكر أنه زار الجمهورية المهلديبية في يوليو 1990، بمناسبة العيد الفضي لاستقلال الـــبلاد وقال:
وقفت بنفسي على «الخشبة» المنقوشة التي تحدث عنها الرحالة المغربي القاضي شرف الدين ابن بطوطة قبل ازيد من ستة قرون ونصف القرن، في كتابة « تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» لاسيما وقد اثير الحديث عنها أخيرا في الطبعة الثانية من «الموسوعة الإسلامية» باللغة الفرنسية (مادة مالديف) بقلم الباحث البريطاني FORBES مع الإشارة الى ماظهر حديثا في تأليف بعنوان «تاريخ اسلام ديبا محل» للقاضي حسن تاج الدين، الذي ألفه عام (1138-39=1762) بأمر السلطان إبراهيم اسكندر الثاني.
واضاف وقد تجلى لي أن هذه «اللوحة» تؤكد الحقائق التاريخية المعروفة لدى الجميع خصوصا في ما يتصل بتاريخ ظهور الإسلام في تلك الجزر، بل انها تنبه لبعض الهفوات التي وقع فيها القاضي حسن تاج الدين الذي كتب تاريخه للبلاد في غيبة عما سجله قبل اربعة قرون ابن بطوطة في رحلته التي لم يشتهر أمرها في المشرق كلية إلا عندما نشرت بباريس مصحوبة بالترجمة الفرنسية أواسط القرن التاســـــع عشــــر (1853-1858م.).
وختم بالقول:
ان اللوحة الى جانب هذا تؤكد - كما قدمنا- مصداقية المعلومات التي قدمها الرحالة العربي المغربي الذي زار تلك الإقاليم بعيد نصب تلك «اللوحة» في ناصية المقصورة ببضع سنوات، وهكذا فان الفضل في كتابة عقد الازدياد لمالديف يرجع لمغربيين اثنين، ابي البركات البربري وابن بطوطة اللواتي الطنجي.
كما أن النقش الموجود فيها يعتبر اقدم خط عربي في المالديف ان لم يكن اقدم خط عربي في اقليم المحيط الهندي كله، وأعتقد أنه من المفيد جدا ان نقف مع بعض المعلومات التاريخية التي قدمتها لنا هذه اللوحة او «الكايزة» كما نسميها في المغرب والتي تعتبر مصدرا - جد مهم - في التاريخ الإسلامي لهذه الجزر.
http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=422927&date=24032013
حاضر المفكر المغربي الدكتور عبدالهادي التازي ضمن موسم دار الاثار الإسلامية الثقافي الثامن عشر 2012-2013م، وكشف النقاب في المحاضرة عن وثيقة تاريخية مهمة حول اسلام جزر المالديف على يد أبي البركات البربري. أقيمت المحاضرة في مركز الميدان الثقافي. وقام بتقديمها الدكتور فيصل الكندري رئيس قسم التاريخ في جامعة الكويت عضو اللجنة التأسيسية لأصدقاء الدار.
بداية تحدث التازي عن أهمية الرحالة ابن بطوطة في التاريخ واشار الى زيارة الرحالة المغربي ابن بطوطة في سنة (744-1344) الى جزر المالديف التي كانت تحمل اسم (ديبة المهل)، ولقي ترحابا كبيرا من المالديفيين، وقد عزا ذلك إلى كونهم يحتفظون بحب كبير للمغاربة لأنهم، أي المالديفيين، عرفوا الإسلام عن طريق مغربي سابق يسمى أبا البركات البربري كان زار بلادهم قبل نحو من قرنين، وحملهم على اتباع مذهب الإمام مالك على عادة المغاربة.
وحول تفاصيل رحلة ابي البركات الى جزر المالديف قال المحاضر: «نزل أبو البركات بدار عجوز منهم بجزيرة المهل، فدخل عليها يوما وقد جمعت أهلها وهن يبكين كأنهم في مأتم، فاستفهمهن عن شأنهن، فلم يستطعن إبلاغه حقيقة الأمر، وأحضر الترجمان الذي أخبر أن ابا البركات البربري أن العجوز وقعت عليها القرعة وليس لها إلا بنت واحدة، وأن «العفريت» (القرصان) لا محالة سيأتي عليها! فقال لها ابو البركات: أنا أتوجه عوضا عن بنتك بالليل... ويذكر ابن بطوطة - دائما نقلا عن الثقات الثلاثة - أن ابا البركات كان، من حيث الخلقة لا لحية له، فاحتملوه تلك الليلة وأدخلوه الى ذلك المعبد، وكان متوضئا فاقام يتلو القرآن... ثم ظهر له العفريت من الطاق فاستمر على تلاوة القرآن... فلما كان العفريت منه بحيث يسمع القراءة غاص في البحر... واصبح المغربي وهو يتلو على حاله، فجاءت العجوز وأهل الجزيرة ليستخرجوا الجثة فيحرقوها على عادتهم... فوجدوا المغربي يتلو فمضوا به الى ملكهم الذي نقل ابن بطوطة عن الثقات الثلاثة أنه كان يسمى «شنوراجا»، وأعلموه وأخبروه فعجب منه وهنا عرض المغربي عليه الإسلام ورغبه فيه فقال له أقم عندنا الى الشهر الآخر، فلان فعلت كفلك ونجوت من «العفريت» فإني سأعتنق الإسلام.».
واقام ابو البركات البربري عندهم وسرعان ماشرح الله صدر الملك للإسلام فأسلم قبل تمام الشهر وتبعه اهله وأولاده وأهل دولته. وتمذهبوا يتابع ابن بطوطة روايته عن الثقات بمذهب ابي البركات: مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، وهم كذلك الى هذا العهد (744- 745 هـ.=1343-1345م.)، وقد بنى هذا السلطان مسجدا معروفا باسم أبي البركات، وهناك لوحة من خشب سمرت على ناصية مقصورة الجامع وقد نقش فيها ما مضمونه: «أن السلطان اسلم على يد أبي البركات البربري واسلم على يده في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وخمسمئة».
واشار المحاضر الى الوثيقة التي تبرهن على ماذكره ابن بطوطة وذكر أنه زار الجمهورية المهلديبية في يوليو 1990، بمناسبة العيد الفضي لاستقلال الـــبلاد وقال:
وقفت بنفسي على «الخشبة» المنقوشة التي تحدث عنها الرحالة المغربي القاضي شرف الدين ابن بطوطة قبل ازيد من ستة قرون ونصف القرن، في كتابة « تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» لاسيما وقد اثير الحديث عنها أخيرا في الطبعة الثانية من «الموسوعة الإسلامية» باللغة الفرنسية (مادة مالديف) بقلم الباحث البريطاني FORBES مع الإشارة الى ماظهر حديثا في تأليف بعنوان «تاريخ اسلام ديبا محل» للقاضي حسن تاج الدين، الذي ألفه عام (1138-39=1762) بأمر السلطان إبراهيم اسكندر الثاني.
واضاف وقد تجلى لي أن هذه «اللوحة» تؤكد الحقائق التاريخية المعروفة لدى الجميع خصوصا في ما يتصل بتاريخ ظهور الإسلام في تلك الجزر، بل انها تنبه لبعض الهفوات التي وقع فيها القاضي حسن تاج الدين الذي كتب تاريخه للبلاد في غيبة عما سجله قبل اربعة قرون ابن بطوطة في رحلته التي لم يشتهر أمرها في المشرق كلية إلا عندما نشرت بباريس مصحوبة بالترجمة الفرنسية أواسط القرن التاســـــع عشــــر (1853-1858م.).
وختم بالقول:
ان اللوحة الى جانب هذا تؤكد - كما قدمنا- مصداقية المعلومات التي قدمها الرحالة العربي المغربي الذي زار تلك الإقاليم بعيد نصب تلك «اللوحة» في ناصية المقصورة ببضع سنوات، وهكذا فان الفضل في كتابة عقد الازدياد لمالديف يرجع لمغربيين اثنين، ابي البركات البربري وابن بطوطة اللواتي الطنجي.
كما أن النقش الموجود فيها يعتبر اقدم خط عربي في المالديف ان لم يكن اقدم خط عربي في اقليم المحيط الهندي كله، وأعتقد أنه من المفيد جدا ان نقف مع بعض المعلومات التاريخية التي قدمتها لنا هذه اللوحة او «الكايزة» كما نسميها في المغرب والتي تعتبر مصدرا - جد مهم - في التاريخ الإسلامي لهذه الجزر.
http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=422927&date=24032013