الحسابات الجيوستراتيجية في العلاقات الإسرائيلية الهندية
إحسان مرتضى باحث في الشؤون الإسرائيلية
ينطلق الكيان الصهيوني في العلاقات التي ينسجها على الصعيدين الاقليمي والدولي, من منطلقين أساسيين هما: أولاً أنه كيان وظيفي من حيث المبدأ يكرس جهده في خدمة القوة الكبرى التي ترعاه, وهي الولايات المتحدة في الظرف الراهن, وثانياً أنه ذو نزعة توسعية ترمي إلى الهيمنة وإلى أداء دور “إمبريالية صغرى” في سياق الإمبريالية العالمية العامة.
وهذان المنطلقان يحكمان بالضرورة دور الكيان تجاه قارة آسيا حيث عمل ويعمل باستمرار على زرع قاعدة وجود ونفوذ له فيها, إما لمجابهة قوة إسلامية صاعدة مثل الباكستان وإيران, وإما لإحباط ومحاصرة إمكانية بروز هذه القوة والتحكم في مسار حركتها المستقبلية مثلما هي الحال بالنسبة لدول آسيا الوسطى الإسلامية المتحررة من ربقة الاتحاد السوفياتي السابق. وفي هذا المجال تسعى إسرائيل لتوظيف إمكانياتها الخاصة والإمكانيات التي ستحصل عليها من الدول الداعمة, خدمة لأغراضها الصهيونية التوسعية في فلسطين أولاً و في سائر الدول العربية ثانياً, في إطار مشروعها الممتد من الفرات إلى النيل مستفيدة من النسيج الأيديولوجي المتعدد الألوان الذي تتشكل منه الفكرة الصهيونية, من أجل الدخول في علاقات مرحلية مع الدول الآسيوية وفي مقدمتها الهند, وذلك ضمن رؤية جيوستراتيجية شاملة تنسجم مع نظرية “دول المحيط” او “السنتو”, أي الدول المحيطة بالعالمين العربي والإسلامي, التي كان ينادي بها الزعيم الصهيوني دافيد بن غوريون منذ مطلع الخمسينات, والتي ترمي إلى محاصرة أو احتواء قوة أية دولة عربية أو إسلامية تقوم سياستها على رفض المشروع الصهيوني التوسعي الإمبريالي. وحري بنا أن نتذكر أنه من المستحيل على الإسرائيليين أن يثقوا حقيقة بنوايا أية دولة عربية أو إسلامية مهما أظهرت من نوايا حسنة, ولهذا نجدهم يعملون على تطويق بل وتهديد حتى الدول التي لهم معها اتفاقيات سلام مثل مصر, من خلال توثيق علاقاتهم مع دول أفريقية عديدة تحيط بمصر ويمكن أن تؤثر عليها في أمنها القومي مثل أثيوبيا وإريتريا وأوغندا وجيبوتي. والإسرائيليون يعملون لتكون لهم حصة واضحة ومهمة في صياغة الأمن الإقليمي وذلك على أساس قواعد ثابتة تخدم أمنهم القومي وتقوم على القواعد التالية:
1- التفوق العسكري والاستراتيجي على الدول العربية كافة من اجل ضمان التوسع الاقليمي, ولهذا ترفض اسرائيل الاشارة الى اية حدود في وثائقها الرسمية. وقد عبر دافيد بن غوريون عن ذلك بقوله: “ان الحرب سوف ترسم حدود الدولة, وستكون هذه الحدود اوسع من تلك التي خصصتها الامم المتحدة”. وفصل موشيه ديان هذه الفكرة عام 1967 بقوله: “ان الهدف الاول للطريق الذي ننهجه هو ان نضع خريطة جديدة, ونهاية الصراع سوف تتحقق في التحليل الاخير الذي يتضمن الحقيقة الشاملة لوجود دولة يهودية هنا تكون من القوة والاهمية بحيث يصبح من المستحيل تدميرها وسيكون من الضروري التعايش معها”.
2- قطع الطريق على نمو الإمكانيات التسليحية للدول العربية ولأية دولة إسلامية تجاهر بالعداء لمشروعهم التوسعي مع احراز تفوق علمي وتكنولوجي اسرائيلي يصل الى حدود الاكتفاءالذاتي.
3- المساهمة في بناء حوض جيوستراتيجي متكامل يضم عدة دول ذات مصلحة مثل الهند وتركيا وأثيوبيا )وفي الماضي ايران(لتطويق الدول العربية وتهديد أمنها الوطني والقومي, مع إمكانية توسيع هذا الحوض ليطال دولاً أخرى مثل الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى, وفقاً للمصالح المتحركة التي باتت الحركة الصهيونية تتحكم بالأهم فيها, على ضوء أحادية القطبية الأميركية, وهذا كله بما ينسجم مع المصلحة الصهيونية في إدارة الصراع مع الفلسطينيين أولاً والعرب ثانياً.
-4 ان نظرية الامن القومي الصهيونية تقوم, فيما تقوم عليه, على اتخاذ الاحتياطات الواجبة كافة بغرض تكريس السيادة اليهودية على الدولة ذات الحدود الزاحفة وحماية مصالحها الداخلية والخارجية المرتبطة ببنائها القومي والثقافي والعقائدي الخاص, ومن هنا فهي لا تتضمن تعزيز القوة العسكرية فحسب, بل تشمل ايضا السياسة الخارجية والتقدير الاستراتيجي للواقع الجيوبوليتيكي المحيط بالدولة الكيان, ومدى التناقض او التقارب الايديولوجي بينها وبين جيرانها الاقليميين, ودراسة امكانيات الدول ذات المصالح المتعارضة او المتوافقة وكيفية الاستفادة من قدراتها العسكرية والبشرية والاقتصادية والجيوبوليتيكية والجيوستراتيجية, لاسيما وأن اسرائيل تعاني من افتقار كبير, حسب اطماعها الى العمق البشري والجغرافي والامني والاقتصادي, الذي تعمل على توفيره من خلال العمل الديبلوماسي الدؤوب والتنسيق الاستراتيجي المناسب.
في هذا البحث سنركز اهتمامنا على العلاقات الإسرائيلية الهندية, وما تنطوي عليه من أبعاد جيو ستراتيجية, تصب في النهاية في حساب المخططات الصهيونية البعيدة المدى والرامية الى حرمان العرب والمسلمين من أية عوامل قوة يمكن أن تخدمهم في التصدي لأطماع المشروع الصهيوني الإمبريالي, الرامي إلى أحداث متغيرات دراماتيكية في هوية المنطقة الجيو سياسية والثقافية والحضارية, خاصة في ظروف من العولمة والأحادية القطبية, وضمن معطيات كارثية تحيط بواقع العالمين العربي والإسلامي في أعقاب تداعيات حرب الخليج الثانية, وأحداث الحادي عشر من أيلول-سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية.
وهذان المنطلقان يحكمان بالضرورة دور الكيان تجاه قارة آسيا حيث عمل ويعمل باستمرار على زرع قاعدة وجود ونفوذ له فيها, إما لمجابهة قوة إسلامية صاعدة مثل الباكستان وإيران, وإما لإحباط ومحاصرة إمكانية بروز هذه القوة والتحكم في مسار حركتها المستقبلية مثلما هي الحال بالنسبة لدول آسيا الوسطى الإسلامية المتحررة من ربقة الاتحاد السوفياتي السابق. وفي هذا المجال تسعى إسرائيل لتوظيف إمكانياتها الخاصة والإمكانيات التي ستحصل عليها من الدول الداعمة, خدمة لأغراضها الصهيونية التوسعية في فلسطين أولاً و في سائر الدول العربية ثانياً, في إطار مشروعها الممتد من الفرات إلى النيل مستفيدة من النسيج الأيديولوجي المتعدد الألوان الذي تتشكل منه الفكرة الصهيونية, من أجل الدخول في علاقات مرحلية مع الدول الآسيوية وفي مقدمتها الهند, وذلك ضمن رؤية جيوستراتيجية شاملة تنسجم مع نظرية “دول المحيط” او “السنتو”, أي الدول المحيطة بالعالمين العربي والإسلامي, التي كان ينادي بها الزعيم الصهيوني دافيد بن غوريون منذ مطلع الخمسينات, والتي ترمي إلى محاصرة أو احتواء قوة أية دولة عربية أو إسلامية تقوم سياستها على رفض المشروع الصهيوني التوسعي الإمبريالي. وحري بنا أن نتذكر أنه من المستحيل على الإسرائيليين أن يثقوا حقيقة بنوايا أية دولة عربية أو إسلامية مهما أظهرت من نوايا حسنة, ولهذا نجدهم يعملون على تطويق بل وتهديد حتى الدول التي لهم معها اتفاقيات سلام مثل مصر, من خلال توثيق علاقاتهم مع دول أفريقية عديدة تحيط بمصر ويمكن أن تؤثر عليها في أمنها القومي مثل أثيوبيا وإريتريا وأوغندا وجيبوتي. والإسرائيليون يعملون لتكون لهم حصة واضحة ومهمة في صياغة الأمن الإقليمي وذلك على أساس قواعد ثابتة تخدم أمنهم القومي وتقوم على القواعد التالية:
1- التفوق العسكري والاستراتيجي على الدول العربية كافة من اجل ضمان التوسع الاقليمي, ولهذا ترفض اسرائيل الاشارة الى اية حدود في وثائقها الرسمية. وقد عبر دافيد بن غوريون عن ذلك بقوله: “ان الحرب سوف ترسم حدود الدولة, وستكون هذه الحدود اوسع من تلك التي خصصتها الامم المتحدة”. وفصل موشيه ديان هذه الفكرة عام 1967 بقوله: “ان الهدف الاول للطريق الذي ننهجه هو ان نضع خريطة جديدة, ونهاية الصراع سوف تتحقق في التحليل الاخير الذي يتضمن الحقيقة الشاملة لوجود دولة يهودية هنا تكون من القوة والاهمية بحيث يصبح من المستحيل تدميرها وسيكون من الضروري التعايش معها”.
2- قطع الطريق على نمو الإمكانيات التسليحية للدول العربية ولأية دولة إسلامية تجاهر بالعداء لمشروعهم التوسعي مع احراز تفوق علمي وتكنولوجي اسرائيلي يصل الى حدود الاكتفاءالذاتي.
3- المساهمة في بناء حوض جيوستراتيجي متكامل يضم عدة دول ذات مصلحة مثل الهند وتركيا وأثيوبيا )وفي الماضي ايران(لتطويق الدول العربية وتهديد أمنها الوطني والقومي, مع إمكانية توسيع هذا الحوض ليطال دولاً أخرى مثل الصين وروسيا ودول آسيا الوسطى, وفقاً للمصالح المتحركة التي باتت الحركة الصهيونية تتحكم بالأهم فيها, على ضوء أحادية القطبية الأميركية, وهذا كله بما ينسجم مع المصلحة الصهيونية في إدارة الصراع مع الفلسطينيين أولاً والعرب ثانياً.
-4 ان نظرية الامن القومي الصهيونية تقوم, فيما تقوم عليه, على اتخاذ الاحتياطات الواجبة كافة بغرض تكريس السيادة اليهودية على الدولة ذات الحدود الزاحفة وحماية مصالحها الداخلية والخارجية المرتبطة ببنائها القومي والثقافي والعقائدي الخاص, ومن هنا فهي لا تتضمن تعزيز القوة العسكرية فحسب, بل تشمل ايضا السياسة الخارجية والتقدير الاستراتيجي للواقع الجيوبوليتيكي المحيط بالدولة الكيان, ومدى التناقض او التقارب الايديولوجي بينها وبين جيرانها الاقليميين, ودراسة امكانيات الدول ذات المصالح المتعارضة او المتوافقة وكيفية الاستفادة من قدراتها العسكرية والبشرية والاقتصادية والجيوبوليتيكية والجيوستراتيجية, لاسيما وأن اسرائيل تعاني من افتقار كبير, حسب اطماعها الى العمق البشري والجغرافي والامني والاقتصادي, الذي تعمل على توفيره من خلال العمل الديبلوماسي الدؤوب والتنسيق الاستراتيجي المناسب.
في هذا البحث سنركز اهتمامنا على العلاقات الإسرائيلية الهندية, وما تنطوي عليه من أبعاد جيو ستراتيجية, تصب في النهاية في حساب المخططات الصهيونية البعيدة المدى والرامية الى حرمان العرب والمسلمين من أية عوامل قوة يمكن أن تخدمهم في التصدي لأطماع المشروع الصهيوني الإمبريالي, الرامي إلى أحداث متغيرات دراماتيكية في هوية المنطقة الجيو سياسية والثقافية والحضارية, خاصة في ظروف من العولمة والأحادية القطبية, وضمن معطيات كارثية تحيط بواقع العالمين العربي والإسلامي في أعقاب تداعيات حرب الخليج الثانية, وأحداث الحادي عشر من أيلول-سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية.
التعديل الأخير: