الفتاة الأرستقراطية المدللة ساكنة حي ''المهندسين''، لم تكن لها وظيفة سوى ''النادي'' والحديث عن ''الأزياء والسهرات''، أنهت دراستها الثانوية وأرسلها والدها ''وكيل وزارة التعليم'' للدراسة بفرنسا، وهناك ''سقطت في الهاوية'' .
داخل مدرجات الجامعة، التقت ''هبة'' بفتاة إسرائيلية من أصول بولندية، أقنعتها أن ما تفعله إسرائيل ليس سوى ''تأمين لمستقبلها وأن العرب لا يريدون السلام''، ونجحت الفتاة في ''غسل مخ'' هبة، وعاونها ''أستاذ جامعة فرنسي'' أقنع ''هبة'' بالاستمرار في فرنسا لمزيد من الدراسة، وكانت بداية تجنيدها في ''الموساد'' .
وفي تلك الأثناء كانت ''هبة سليم'' تعيش حياتها بالطول وبالعرض في باريس، وعرفت الخمر والتدخين وعاشت الحياة الأوروبية بكل تفاصيلها، فرحت عندما عرض ضابط الموساد عليها ''زيارة إسرائيل''، ولم تصدق أنها ''مهمة لهذه الدرجة''، ووصفت الرحلة قائلة: ''طائرتان حربيتان رافقت طائرتي كحارس شرف وتحية لي''، وهي إجراءات تكريمية لا تقدم إلا لرؤساء الدول الزائرين، ووصل الأمر لمقابلة ''العمة'' أو ''جولدا مائير''.
وضعت ''هبة'' خطة لتجنيد ''الضابط فاروق الفقي''، ذلك ''المهووس'' بها داخل أروقة النادي، وبالفعل وافقت على الخطبة له في أول أجازة إلى مصر، و تحت تأثيرها، حكى لها ''فاروق'' أسرار عمله العسكري، وأماكن الصواريخ المضادة للطائرات، تلك التي ''تشل حركة'' الهجوم الجوي أوقات الحروب.
لم تبخل ''هبة'' بجهدها، وكانت ترسل المعلومات أولا بأول عبر ''اللاسلكي''، ولاحظ قادة منطقة الصواريخ أن عمليات الهجوم والتدمير من جانب إسرائيل تتم ''بدقة شديدة'' حتى قبل ''جفاف قواعد خرسانة الصواريخ''، وبدأوا في ملاحظة ''الضابط فاروق الفقي''، ومن هنا بدأ ''اصطياد صقور التجسس''.
ألقي القبض على ''فاروق'' وجندته ''المخابرات المصرية'' كعميل مزدوج بعد ''محاكمة عسكرية'' وحكم بالإعدام، و لكن عدلت الخطة للاستفادة منه بالإيقاع بشبكة التجسس.
زودته المخابرات بمعلومات خاطئة لاستمرار العملية واستدراج ''هبة'' لمصر، وبالفعل أرسل ''فاروق'' يخبرها أن والدها مريض ويجب أن تأتي لرؤيته، وأرسلت شبكة التجنيد لتتأكد من صحة رسالة ''فاروق'' فوجدت الأب بالفعل بالمستشفى، وهو ما فعله رجال المخابرات المصرية تأمينا لخطتهم.
بداية النهاية.. ركبت ''هبة'' الطائرة إلى ليبيا - حيث كان يعمل والدها هناك - وعند هبوط طائرتها في طرابلس كان بانتظارها ضباط المخابرات المصرية، أخذوها بهدوء حتى لا ''يقتلها الموساد'' وسط المطار قبل انكشاف أسرارهم، وجاءوا بها للقاهرة.
حكم علي هبة ''بالإعدام شنقا'' بعد اعترافها بتفاصيل خيانتها، وأودعت السجن لحين تنفيذ الحكم، وأثناء زيارة ''هنري كسينجر'' لمصر بعد وقف إطلاق نار حرب أكتوبر، أوصته ''العمة جولدا'' أن يتوسط لدى ''السادات'' لتخفيف الحكم عن ''هبة''، وعندما أبلغه ''كسينجر'' قال: ''ولكني أعدمتها !''، فسأله ''متى''، أجابه السادات: النهاردة الصبح .
وبالفعل تم تنفيذ حكم الإعدام شنقا في اليوم نفسه، وتنبه ''السادات'' أن ''مفاوضات الحرب'' قد تصبح في أزمة ''إذا ما استخدمت ''الجاسوسة'' كورقة ضغط، أما ''فاروق'' فأعدمه ''قائده'' رميا بالرصاص منهيا صفحة في تاريخ ''حرب الجواسيس''.