تبدو الأنباء الواردة من مناطق العمليات العسكرية في سورية في الأسابيع الأخيرة متشابهة في معظمها. فالجيش السوري النظامي يدك معاقل المسلحين بشكل منتظم في معظم المناطق، أما مقاتلو المعارضة المسلحة فيبدون المقاومة، وهم يتركون مواقعهم الواحد تلو الآخر.
ان نهاية الحرب لا تبدو قريبة. خاصة بعد الظهور المفاجئ في الساحة لقوة كانت تقف على الحياد هي اسرائيل. ويدور الحديث عن العملية العسكرية الغامضة التي قامت بها المقاتلات الاسرائيلية وقصفت خلالها بالصواريخ أهدافاً على الأراضي السورية. لقد تم تنفيذ الضربة الاسرائيلية في 30 كانون الثاني / يناير الماضي، وفي البداية لم يُعرف الهدف الذي قصفته المقاتلات الاسرائلية. فقد أوردت المصادر الغربية أولاً، أن الهدف الذي تم ضربه هو قافلة عسكرية كانت متوجهة من سورية الى لبنان. وأكدت أن القافلة كانت تحمل منظومات صاروخية مضادة للطائرات، متوسطة المدى من طراز "بوك - م 1 - 2 يه"، وتعتبر هذه المنظومة بالإضافة الى المنظومة الصاروخية من طراز "بوك - م 2 يه" من الأسلحة الجديدة والمتطورة التي حصلت عليها سورية مؤخراً، وهي بحاجة اليها. ويعتبر نقل المنظومات الى جهة أخرى دون طواقم مدربة أمراً عديم الفائدة. فلا يمكن تدريب الطواقم الا في روسيا التي لن تقوم بذلك لجهة أخرى لم تشتر ذلك السلاح. أما نقل الصواريخ مع طواقمها السورية فأمر لا طائل منه. خاصة وأن روسيا لا تسمح باعادة تصدير هذه الأنواع من الأسلحة.
صحيفة " جورازاليم بوست" أفادت بأن الضربة الاسرائيلية على سورية قد تكون وجهت ضد مجموعات كبيرة من الخبراء العسكريين الإيرانيين، وهي نظرية لا تبدو محتملة في الواقع. ورغم أن طهران قد وقفت الى جانب دمشق بقوة في هذا الموضوع، الا أنها لم تذكر شيئاً عن اصابة أحد من مواطنيها. ولا يمكن اعتبار الخبراء العسكريين الإيرانيين المتواجدين في سورية بموجب اتفاقات رسمية بين البلدين في وضع غير قانوني. فالإعتداء على مواطني دولة أجنبية يعتبر بحد ذاته مبرراً لبدء الحرب. ولذلك من المستبعد أن يكون أحد من الإيرانيين قد أصيب جراء الضربة الإسرائيلية. التفسير الآخر أن تكون القافلة كانت تنقل أسلحة كيميائية، يريد السوريون ايصالها الى حزب الله اللبناني. وهو تفسير بعيد الاحتمال أيضاً. فما فائدة ذلك للسوريين؟ مع وجود خطر أن تقع تلك الأسلحة بأيدي الجيش السوري الحر. إلتزمت تل أبيب الرسمية الصمت في الأيام الأولى بعد العملية. أما المصادر غير الرسمية فلم تقل سوى "أنه تم منع وصول أسلحة معينة الى حزب الله". مؤخراً فقط صرّح وزير الدفاع الاسرائيلي يهود باراك بشكل غير مباشر: "أن الدولة العبرية أكدت مرة أخرى أن أفعالها تتفق مع أقوالها".
رد فعل الجهات الرسمية السورية على قصف الطائرات الإسرائيلية كان مباشراً ، فقد صرّحت أن الضربة الاسرائيلية استهدفت مركزاً للبحث العلمي في منطقة "جمرايا" بريف دمشق قرب الحدود مع لبنان. واتهمت القيادة السورية إسرائيل بانتهاك حدودها، ومخالفة ميثاق الأمم المتحدة، ومهاجمة مركز علمي سلمي. وهددت برد حاسم، في الوقت المناسب".
ولم تعرف لمدة طويلة الخسائر البشرية من جراء العملية. واتضح أن الخسائر من الجانب السوري كانت: قتيلان، و5 جرحى وتدمير أحد المباني بالكامل مع أضرار أقل لمبنى آخر. ولم ينته الغموض رغم ذلك، فقد أكدت الحكومة السورية أن المباني التي تعرضت للقصف لم تكن تحوي أي شئ ذي قيمة، وكانت قد تعرضت قبل ذلك عدة مرات الى هجوم فاشل من طرف الجيش السوري الحر. وتم نقل الأجهزة والموظفين الى مناطق آمنة أخرى. وظل موضوع الغارة الاسرائيلية فترة طويلة دون دلائل حسية، تؤكده فعلاً. فليست هناك صور، أو فيديو من مكان الغارة. ظهرت فيما بعد تقارير بهذا الخصوص في التلفزيون المحلي السوري، وفيها لا يظهر المبنى المدمر بالكامل، ولا تظهر سوى حفرة في الفناء، وبعض السيارات الصغيرة المحترقة، والزجاج المكسور. بالإضافة الى منظومة سلاح مضاد للطائرات لا يعرف بالضبط متى وكيف تم تدميرها. ولا تعطي تلك الصور الانطباع عن حدوث غارة جوية بذاك الحجم معدة سلفاً على مركز قيل أنه ينتج أسلحة كيميائية أو جرثومية. وكأن الهجوم الاسرائيلي لم يشكل مفاجأة للجانب السوري، الذي حضّر بشكل جيد حملته الدعائية، وربط فوراً بين الغارة الإسرائيلية ونشاط الإرهابيين من الجيش السوري الحرّ. حاول الجانب الرسمي السوري اظهار الأمور على الشكل التالي: هاجم المقاتلون المركز العلمي في البداية، وبعدها أكملت الطائرات الإسرائيلية قصفه وتدميره، أي هناك تنسيق بين الطرفين. هذا ما أرادت الدعاية الرسمية السورية اثباته. ومن المعروف أن اسرائيل تقابل بعداء واضح في العالم الاسلامي، وذلك ما جعل ممثلي المعارضة بشقيها الراديكالي والمعتدل، ينددون بالغارة ويدينونها. وانتقد ممثلو الجيش السوري الحر أداء السلطات الرسمية الهزيل وعدم ردها بشكل قوي على الغارة الاسرائيلية. ونفوا بشكل تام علاقتهم أو مساعدتهم للجيش الاسرائيلي. وحتى تركيا – العدو اللدود للنظام في دمشق، أيدت الأسد في هذا الموضوع. كما دعت منظمة المؤتمر الاسلامي في قرار لها الى دعم سورية وجهودها، وهي التي كانت من قبل تتهم الرئيس السوري بكل الموبقات وتطلب منه الرحيل. أي أن الغارة الاسرائيلية ان لم تقع، فقد كان من المفيد تنفيذها رغم كل شيء. بالاضافة الى أن القيادة السورية قد تكون بحوزتها معلومات عن خطط الهجوم المحتمل. فقبل تلك الغارة بفترة وجيزة حضر الى موسكو مسؤول اسرائيلي بارز. وحسب معلومات أوردتها صحيفة "أرغومنتي نيديلي" فان المسؤول الاسرائيلي صرح في موسكو ان بلاده تحضر لاستعراض للقوة، لن يكون له طابع جدي. ولا تستبعد الصحيفة أن يكون الجانب الاسرائيلي قد أخبر الروس عن مكان الهجوم لتجنب وجود خبراء وديبلوماسيين روس هناك. ومن المحتمل أن يكون الكرملين قد أوصل تلك المعلومات للجانب السوري. وعندها تتوضح الصورة ويتبين السبب وراء كون الهجوم الاسرائيلي كان بتلك الخفة، وسبب الرد الدعائي السوري السريع عليه. وإجمالا جاءت العملية برمتها لصالح النظام السوري. لذلك ليس هناك تصديق جدي لتصريحات دمشق حول "الرد الحاسم في الوقت المناسب"، فدمشق لا تسعى لدخول حرب مع اسرائيل، لأن لديها الآن من المشاكل ما يكفيها. واذا كانت المكاسب السورية من وراء الهجوم الاسرائيلي أصبحت واضحة ، فما هو مكسب تل أبيب نفسها. فالغارة الصاروخية الاسرائيلية جوبهت بالتنديد والادانة من جميع الجهات. هناك مكسب وحيد واضح يخص السياسة الداخلية في اسرائيل نفسها، فالانتخابات الأخيرة للكنيست الجديد تتطلب من القيادة اظهار قبضتها الحديدية القوية، ولذلك تم اختيار هذا المخطط. ولا يمكن اغفال أن تكون الاستخبارات الأمريكية قد أمدت الجانب الاسرائيلي بالمعلومات عن احداثيات الأهداف التي تم قصفها، وبذلك تكون واشنطن قد قامت مرة أخرى بتصعيد المواجهة بين حلفائها في تل أبيب والعالم العربي.
المصدر: صحيفة "أرغومنتي نيديلي"، الكاتب: ياروسلاف فياتكين
http://arabic.rt.com/news_all_news/analytics/69272/
ان نهاية الحرب لا تبدو قريبة. خاصة بعد الظهور المفاجئ في الساحة لقوة كانت تقف على الحياد هي اسرائيل. ويدور الحديث عن العملية العسكرية الغامضة التي قامت بها المقاتلات الاسرائيلية وقصفت خلالها بالصواريخ أهدافاً على الأراضي السورية. لقد تم تنفيذ الضربة الاسرائيلية في 30 كانون الثاني / يناير الماضي، وفي البداية لم يُعرف الهدف الذي قصفته المقاتلات الاسرائلية. فقد أوردت المصادر الغربية أولاً، أن الهدف الذي تم ضربه هو قافلة عسكرية كانت متوجهة من سورية الى لبنان. وأكدت أن القافلة كانت تحمل منظومات صاروخية مضادة للطائرات، متوسطة المدى من طراز "بوك - م 1 - 2 يه"، وتعتبر هذه المنظومة بالإضافة الى المنظومة الصاروخية من طراز "بوك - م 2 يه" من الأسلحة الجديدة والمتطورة التي حصلت عليها سورية مؤخراً، وهي بحاجة اليها. ويعتبر نقل المنظومات الى جهة أخرى دون طواقم مدربة أمراً عديم الفائدة. فلا يمكن تدريب الطواقم الا في روسيا التي لن تقوم بذلك لجهة أخرى لم تشتر ذلك السلاح. أما نقل الصواريخ مع طواقمها السورية فأمر لا طائل منه. خاصة وأن روسيا لا تسمح باعادة تصدير هذه الأنواع من الأسلحة.
صحيفة " جورازاليم بوست" أفادت بأن الضربة الاسرائيلية على سورية قد تكون وجهت ضد مجموعات كبيرة من الخبراء العسكريين الإيرانيين، وهي نظرية لا تبدو محتملة في الواقع. ورغم أن طهران قد وقفت الى جانب دمشق بقوة في هذا الموضوع، الا أنها لم تذكر شيئاً عن اصابة أحد من مواطنيها. ولا يمكن اعتبار الخبراء العسكريين الإيرانيين المتواجدين في سورية بموجب اتفاقات رسمية بين البلدين في وضع غير قانوني. فالإعتداء على مواطني دولة أجنبية يعتبر بحد ذاته مبرراً لبدء الحرب. ولذلك من المستبعد أن يكون أحد من الإيرانيين قد أصيب جراء الضربة الإسرائيلية. التفسير الآخر أن تكون القافلة كانت تنقل أسلحة كيميائية، يريد السوريون ايصالها الى حزب الله اللبناني. وهو تفسير بعيد الاحتمال أيضاً. فما فائدة ذلك للسوريين؟ مع وجود خطر أن تقع تلك الأسلحة بأيدي الجيش السوري الحر. إلتزمت تل أبيب الرسمية الصمت في الأيام الأولى بعد العملية. أما المصادر غير الرسمية فلم تقل سوى "أنه تم منع وصول أسلحة معينة الى حزب الله". مؤخراً فقط صرّح وزير الدفاع الاسرائيلي يهود باراك بشكل غير مباشر: "أن الدولة العبرية أكدت مرة أخرى أن أفعالها تتفق مع أقوالها".
رد فعل الجهات الرسمية السورية على قصف الطائرات الإسرائيلية كان مباشراً ، فقد صرّحت أن الضربة الاسرائيلية استهدفت مركزاً للبحث العلمي في منطقة "جمرايا" بريف دمشق قرب الحدود مع لبنان. واتهمت القيادة السورية إسرائيل بانتهاك حدودها، ومخالفة ميثاق الأمم المتحدة، ومهاجمة مركز علمي سلمي. وهددت برد حاسم، في الوقت المناسب".
ولم تعرف لمدة طويلة الخسائر البشرية من جراء العملية. واتضح أن الخسائر من الجانب السوري كانت: قتيلان، و5 جرحى وتدمير أحد المباني بالكامل مع أضرار أقل لمبنى آخر. ولم ينته الغموض رغم ذلك، فقد أكدت الحكومة السورية أن المباني التي تعرضت للقصف لم تكن تحوي أي شئ ذي قيمة، وكانت قد تعرضت قبل ذلك عدة مرات الى هجوم فاشل من طرف الجيش السوري الحر. وتم نقل الأجهزة والموظفين الى مناطق آمنة أخرى. وظل موضوع الغارة الاسرائيلية فترة طويلة دون دلائل حسية، تؤكده فعلاً. فليست هناك صور، أو فيديو من مكان الغارة. ظهرت فيما بعد تقارير بهذا الخصوص في التلفزيون المحلي السوري، وفيها لا يظهر المبنى المدمر بالكامل، ولا تظهر سوى حفرة في الفناء، وبعض السيارات الصغيرة المحترقة، والزجاج المكسور. بالإضافة الى منظومة سلاح مضاد للطائرات لا يعرف بالضبط متى وكيف تم تدميرها. ولا تعطي تلك الصور الانطباع عن حدوث غارة جوية بذاك الحجم معدة سلفاً على مركز قيل أنه ينتج أسلحة كيميائية أو جرثومية. وكأن الهجوم الاسرائيلي لم يشكل مفاجأة للجانب السوري، الذي حضّر بشكل جيد حملته الدعائية، وربط فوراً بين الغارة الإسرائيلية ونشاط الإرهابيين من الجيش السوري الحرّ. حاول الجانب الرسمي السوري اظهار الأمور على الشكل التالي: هاجم المقاتلون المركز العلمي في البداية، وبعدها أكملت الطائرات الإسرائيلية قصفه وتدميره، أي هناك تنسيق بين الطرفين. هذا ما أرادت الدعاية الرسمية السورية اثباته. ومن المعروف أن اسرائيل تقابل بعداء واضح في العالم الاسلامي، وذلك ما جعل ممثلي المعارضة بشقيها الراديكالي والمعتدل، ينددون بالغارة ويدينونها. وانتقد ممثلو الجيش السوري الحر أداء السلطات الرسمية الهزيل وعدم ردها بشكل قوي على الغارة الاسرائيلية. ونفوا بشكل تام علاقتهم أو مساعدتهم للجيش الاسرائيلي. وحتى تركيا – العدو اللدود للنظام في دمشق، أيدت الأسد في هذا الموضوع. كما دعت منظمة المؤتمر الاسلامي في قرار لها الى دعم سورية وجهودها، وهي التي كانت من قبل تتهم الرئيس السوري بكل الموبقات وتطلب منه الرحيل. أي أن الغارة الاسرائيلية ان لم تقع، فقد كان من المفيد تنفيذها رغم كل شيء. بالاضافة الى أن القيادة السورية قد تكون بحوزتها معلومات عن خطط الهجوم المحتمل. فقبل تلك الغارة بفترة وجيزة حضر الى موسكو مسؤول اسرائيلي بارز. وحسب معلومات أوردتها صحيفة "أرغومنتي نيديلي" فان المسؤول الاسرائيلي صرح في موسكو ان بلاده تحضر لاستعراض للقوة، لن يكون له طابع جدي. ولا تستبعد الصحيفة أن يكون الجانب الاسرائيلي قد أخبر الروس عن مكان الهجوم لتجنب وجود خبراء وديبلوماسيين روس هناك. ومن المحتمل أن يكون الكرملين قد أوصل تلك المعلومات للجانب السوري. وعندها تتوضح الصورة ويتبين السبب وراء كون الهجوم الاسرائيلي كان بتلك الخفة، وسبب الرد الدعائي السوري السريع عليه. وإجمالا جاءت العملية برمتها لصالح النظام السوري. لذلك ليس هناك تصديق جدي لتصريحات دمشق حول "الرد الحاسم في الوقت المناسب"، فدمشق لا تسعى لدخول حرب مع اسرائيل، لأن لديها الآن من المشاكل ما يكفيها. واذا كانت المكاسب السورية من وراء الهجوم الاسرائيلي أصبحت واضحة ، فما هو مكسب تل أبيب نفسها. فالغارة الصاروخية الاسرائيلية جوبهت بالتنديد والادانة من جميع الجهات. هناك مكسب وحيد واضح يخص السياسة الداخلية في اسرائيل نفسها، فالانتخابات الأخيرة للكنيست الجديد تتطلب من القيادة اظهار قبضتها الحديدية القوية، ولذلك تم اختيار هذا المخطط. ولا يمكن اغفال أن تكون الاستخبارات الأمريكية قد أمدت الجانب الاسرائيلي بالمعلومات عن احداثيات الأهداف التي تم قصفها، وبذلك تكون واشنطن قد قامت مرة أخرى بتصعيد المواجهة بين حلفائها في تل أبيب والعالم العربي.
المصدر: صحيفة "أرغومنتي نيديلي"، الكاتب: ياروسلاف فياتكين
http://arabic.rt.com/news_all_news/analytics/69272/