رد: القاعدة تسيطر على منشاة نفطية في جنوب الجزائر
إدارة أزمة ''تيفنتورين'' من قبل مسؤولي الدولة تطرح أكثـر من علامة استفهام
الحرب في مالي والضحايا والخسائر في الجزائر
السبت 19 جانفي 2013 elkhabar
الفرنسيون قالوا إنه لا صلة بين تدشين فرنسا الحرب في مالي وبين الهجوم الإرهابي على المنشأة الغازية في عين أمناس بالجنوب الجزائري، ومنفذو العملية الإرهابية ردّوا بأنها انتقام للسماح بتحليق الطائرات الفرنسية فوق الأجواء الجزائرية. وبين الاثنين، الجزائر هي الخاسر الأكبر في العملية التي جلبت لها متاعب سياسية مع الدول التي فقدت رعايا، وجرت معها شكوك عن ثغرات أمنية وتواطؤات محتملة، قد تعصف بكل المخططات الأمنية. وفوق هذا وذاك، هناك تبعات دبلوماسية عواقبها كبيرة، خصوصا أن الكثير من العواصم المؤثـرة نفضت يدها واتهمت الجزائر بالعمل منفردة دون أي استشارة، في إشارة إلى مجريات تدخل الجيش لتحرير الرهائن. وما يزيد من هذه المتاعب أن إدارة هذه الأزمة من قبل مسؤولي الدولة، تطرح أكثـر من لغز وعلامة استفهام.
اختاروا تيفنتورين رمزا للصناعة الطاقوية
الإرهاب يضرب صورة الجزائر في الصميم
حتى وإن استبعدت رئيسة منظمة أرباب العمل الفرنسيين، لورانس باريزو، مغادرة 500 شركة فرنسية الجزائر، بعد الذي وقع في القاعدة الغازية لعين أمناس، لكن هذا لا يعني أن تداعيات هذه العملية الإرهابية ضد رمز الصناعة الطاقوية في الجزائر لن تنجرّ عنه آثار وخيمة على قطاع المحروقات الذي يمثل المورد الأساسي لخزينة الدولة.
مثلما تطرح علامات استفهام كبيرة بشأن كيفية تمكن المجموعة الإرهابية من الدخول إلى منشأة غازية ضخمة واستراتيجية، لم يحدث أن شهدت الجزائر مثيلا لها، حتى في قمّة أوج النشاط الإرهابي، مثلما تطرح تخوّفات من انعكاسات هذه الثغرة الأمنية على مستقبل النشاط البترولي، خصوصا أن الاعتداء استهدف شركات عملاقة متعدّدة الجنسيات، لها سمعتها في البورصة البترولية وتهيمن على عدّة مواقع في دول نفطية أخرى، ربما أكثـر أهمية من الجزائر. وحتى إن كانت زعيمة منظمة الباترونا الفرنسية ''الميديف''، قد استبعدت رحيل الشركات الفرنسية من الجزائر، فإن أول تداعيات الهجوم الإرهابي على منطقة ''تيفنتورين'' بدأت في الساعات الأولى، من خلال قيام الشركة اليابانية ''جي جي سي'' والإنجليزية ''بيتروفاك'' بترحيل عمالها الأجانب، كإجراءات أمنية إلى غاية تهدئة الوضع بالمنطقة. ومن شأن ترحيل هؤلاء العمال أن يتسبّب، دون أدنى شك، في توقيف أشغال توسيع أكبر مشروع غاز في الجنوب الذي ينتج 25 مليون متر مكعب يوميا من الغاز. وبما أن الحرب في مالي في بداياتها الأولى، ولم تكشف كل صورها المأساوية، فإن استتباب الأمن بالجنوب، في المدى المنظور، صعب المنال، ما يجعل الشركات الأجنبية العاملة في الصحراء الجزائرية تفكر ألف مرة قبل استئناف نشاطها. كما أن الاستئناف سيكون بشروط طبعا، خصوصا في المواقع البعيدة والمعزولة، ما يجعل هذه الشركات تطلب ضمانات أمنية شديدة التعقيد لحماية عمالها، ما قد يعيد كل الحسابات المالية والاستثمارية التي كانت مبرمجة، وقد يجعل من استغلال النفط الجزائري أكثـر تكلفة في العالم. وبالنظر إلى أن قانون الصفقات العمومية الذي لم تستقر الحكومة بشأنه على رأي، ويتم تغييره كل ثلاثة أشهر، ونفس الشيء بالنسبة لقانون المحروقات المطروح حاليا في البرلمان للتعديل، هي كلها معطيات ستزيد من تنفير كبرى الشركات النفطية من الجزائر وتوجهها للبحث عن مواقع أخرى في العالم، تكون بعيدة عن الهواجس الأمنية والإرهابية، خصوصا أن ما وقع في عين أمناس، في نظر المتتبعين، يعدّ فقط الجزء الظاهر من جبل المشاكل إلى غاية الآن الذي سوف تنجبه الحرب المدشنة من قبل فرنسا في شمال مالي. وما يزيد من احتمال سقوط القطاع النفطي في حال عدم استقرار طويل، هو أن الواقعة التي حدثت في منشأة الغاز في عين أمناس كان يتواجد بها كمّ هائل من الشركات الأجنبية وعدد كبير من العمال متعدّدي الجنسيات، ما يعني أن صورة الجزائر ضربت في الصميم لدى الرأي العام العالمي الذي وجد نفسه مجبرا على تتبع كل كبيرة وصغيرة في ما يجري بهذه النقطة الصغيرة من الصحراء الجزائرية (تيفنتورين)، لأنه كان بها رعايا من دولهم، منهم بريطانيين وأمريكيين وفرنسيين وإيرلنديين ورومانيين وفلبينيين ويابانيين.. والقائمة مفتوحة.
الجزائر: ح. سليمان
غياب مثير للاستغراب لبوتفليقة وسلال في أزمة تيفنتورين
أظهر الاعتداء على المنشأة الغازية بتيفنتورين المتبوع باحتجاز رهائن، تسييرا عشوائيا للأزمة على الصعيد الإعلامي من جانب الحكومة، مقابل نشاط دعائي كبير للإرهابيين. أما أكثـر ما يلفت الانتباه في القضية، هو الغياب المثير للغرابة لرئيس الجمهورية والوزير الأول، مقابل تصريحات مكثفة لقادة البلدان التي ينحدر منها المحتجزون الأجانب. في بداية الأزمة، قال وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، إن المعتدين من أبناء المنطقة. وعندما أشرفت على نهايتها، ذكر وزير الاتصال، امحند السعيد أوبلعيد، أنهم من عدّة جنسيات. وتحدثت وكالة الأنباء الجزائرية عن نهاية العملية العسكرية، فيما صرّح امحند السعيد بأنها لازالت مستمرة!. ولكن المثير في تطوّرات اليوم الثاني من الحادثة، هو الأخبار التي تناقلتها كل وكالات الأنباء العالمية، عن سقوط 34 رهينة أجنبيا في الغارات التي شنّها الطيران الحربي الجزائري على الموقع الغازي. فقد طافت المعلومة في كل أنحاء العالم، وخلّفت ردود فعل ساخطة على الجيش الجزائري، ولم يدفع ذلك المسؤولين في الدولة إلى تكذيبها، إذ لا يمكن لأي عاقل أن يتصوّر مروحيات الجيش تصوّب قذائفها على مكان الرهائن، في الوقت الذي يفترض أن العملية العسكرية انطلقت بهدف تحريرهم.
وتعرّضت الحكومة لانتقادات من حكومات الرهائن. فالنرويج واليابان تأسفتا لكون الجزائر لم تبلغهما بالعملية العسكرية، والولايات المتحدة الأمريكية قالت إنها لم تبلَغ بنية السلطات الجزائرية شنّ عملية لتحرير الرهائن، بينما أظهرت فرنسا نوعا من التفهم لتصرّف الجيش الجزائري، ولكن النيابة في باريس أعلنت، أمس، بأنها فتحت تحقيقا لتحديد ظروف مقتل فرنسيين في منشأة تيفنتورين. ويفهم من ذلك، ضمنيا، أن القضاء الفرنسي يشكك في الجهة التي تقف وراء مقتلهما، حتى إن كان فتح التحقيق يجري آليا من طرف السلطات القضائية الفرنسية، عندما يقتل فرنسيون في الخارج. ورغم هذا الضغط الأجنبي المكثف، لم يتقدم أي مسؤول بالجزائر ليعطي تفسيرا للعملية، أمنيا وسياسيا. فهل يعقل أن يعقد مسؤولو الشركة اليابانية التي تشتغل في تيفنتورين، ندوات صحفية بطوكيو وخلال كل مراحل تطوّرات الأزمة وهم بعيدون بأكثـر من 15 ألف كيلومتر عن إليزي، ولا يفعلها الجزائريون الذين نشب الحريق في مصدر عيشهم؟!!
في هذا النوع من الأزمات، يتكفل الوزير الأول شخصيا بإبلاغ الرأي العام بما يجري، ويسيّر الأزمة سياسيا ودبلوماسيا، ويحرص على أن يظهر على الدوام. وتكون وزارة الخارجية أصدرت توجيهات لسفرائها في بلدان الرهائن، تحدّد كيفية التعامل مع الأزمة بما يخدم مصلحة البلاد. وفي مثل هذه الظروف، ينصَب ناطق باسم العملية العسكرية، يتعاطى مع تطوّراتها في لقاءات صحفية خاطفة، فيسكن في وسائل الإعلام الفرنسية خاصة، ووسائل أعلام بلدان الرهائن، ويقدّم المعلومات التي يريدها الجيش، بدل أن يترك المسؤولون في الجزائر المجال للخاطفين ليعطوا تطوّرات الوضع، بالطريقة التي يريدونها هم!.
الجزائر: حميد يس
رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة لـ''الخبر''
الجزائر اتخذت قرارا سياديا والأجدر تحيتها بدل ''الاستياء''
يعتبر إبراهيم بولحية، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة، أن الجزائر اتخذت قرارا سياديا من وراء العملية العسكرية في عين أمناس، وبالتالي كانت تستحق التحية من العواصم الغربية بدل لهجة ''الاستياء''.
ردود الفعل من بعض العواصم الغربية ممن لديها رهائن في المنشأة الغازية بعين أمناس، جاءت معبّرة عن ''استياء'' من طريقة تسيير السلطات الجزائرية للأزمة، ما تعليقك؟
لجزائر دولة ذات سيادة، ولا أظن أن أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا أو اليابان، في حال أقدمت على قرار سيادي يخصها، كانت ستستشير أحدا. ما جرى في عين أمناس هو عملية إرهابية على الأراضي الجزائرية. لقد كانت السلطات، حسب رأيي، أمام خيارين، إما ترك المجموعة الإرهابية تلوذ بالفرار رفقة الرهائن وبالتالي تفرض منطقها، أو أن توقف هذه التصرّفات وتضع حدّا للخاطفين. الجزائر على العكس تماما عملت ما في وسعها لتكون العملية قليلة الخسائر، وتبعث رسالة للإرهابيين بأن الأرض الجزائرية ليست مستباحة، وأن السيادة الوطنية خط أحمر.
هل توافق بعض تلميحات وزير الاتصال من أن العملية كان يراد منها استدراج الجزائر لحرب لا تعنيها تماما في شمال مالي؟
في أزمة مالي، الجزائر ردّدت مرارا أنها لا تشاطر فكرة التدخل العسكري الأجنبي، مثلما رفضته في ليبيا وسوريا وغيرها. لكن المتغيّر في أزمة مالي أن سلطات هذا البلد اتخذت قرارا سياديا، وطلبت المساعدة من فرنسا. هنا، لا يحق لنا التدخل في شأن داخلي لدولة ذات سيادة، مع تجديدنا للتأكيد أننا مع وحدة أراضي هذا البلد ووحدة شعبه. لكن، ما الذي يجري في المنطقة؟ إنهم يحصدون ما زرعوه، لقد قالت الجزائر هذا الكلام في ليبيا وحذرت من انتشار السلاح. الساحل منطقة موبوءة بالسلاح، وجريمة المخدرات، وشبكات المتاجرة بالبشر
هل تمني بعض الدول الغربية أن تعلمها الجزائر، مسبقا، بالعملية العسكرية التي نفذتها ضد الإرهابيين مشروع من ناحية القانون الدولي؟
إن الإرهابيين الذين نفذوا العملية متعدّدو الجنسيات، وقدموا من دولة أجنبية لتنفيذ عملية على الأراضي الجزائرية. الرد، إذن، من الاختصاص الحصري للسلطات الجزائرية، والمعالجة مرتبطة حصرا بالجيش الجزائري والسلطة السياسية. لا توجد جريمة دون ضحايا وأعراض جانبية، لكن، هل كان أمام الجزائر خيار آخر؟ لا أظن ذلك، فالعكس تماما، لو تصرّفنا غير هذا التصرّف، لكانت النتيجة أخطر. لذلك، نقولها: إننا فخورون بالأداء الباسل لقوات الجيش والأمن والقرار السيادي الجزائري، الذي هو دليل على أننا دولة ذات سيادة وقواتها نوعية، بما أنها أنقذت المئات من الأرواح.
الجزائر: حاوره عاطف قدادرة
رئيس حركة حمس، أبو جرة سلطاني، لـ''الخبر''
من واجب السلطة أن تطلعنا على المستجدات والجزائر ستدفع فاتورة الحرب
طلبتم في بيان لحزبكم بفتح نقاش في البرلمان حول مالي واختطاف رهائن في عين أمناس من قبل جماعة إرهابية. هل هو الوقت المناسب لذلك؟
طلبنا في بيان لنا، اليوم الخميس، بفتح نقاش لمناقشة الوضع في مالي وفي منطقة الساحل وفي العالم، اليوم، في مؤسسة رغم ما يقال عنها فهي هيئة دستورية. الأزمة المالية لم تعد تخص مالي بل العالم كله يتحدث عنها، وبالتالي من الضروري إقامة نقاش حولها، لنعرف على الأقل ما يحدث في وطننا. ومادامت الصورة لم تتضح لنا وسط تضارب بين التصريحات في الداخل والخارج، فنحن في حاجة لأن تتضح لنا الصورة كي نقول كلمتنا فيما حصل في عين أمناس. مع أننا متأسفون على ما حصل، ونندّد بالاختطاف ونستنكر ما حدث، وبتعريض حياة الآمنين للخطر.
ما رأيكم في قرار السلطات الجزائرية الترخيص بعبور الطائرات الفرنسية لضرب أهداف في شمال مالي وغياب سياسة اتصال رسمي في هذا المجال؟
كان يجب أن نكون على إدراك بما يجري، ونحن متأسفون لمسألتين، الأولى أننا كجزائريين لم نخطر ولم نوضع في الصورة، وكان ينبغي على السلطات أن تحيطنا علما بكل المعطيات، فنحن حزب سياسي، وكنا شريكا في الحكومة، ولنا منتخبين وطنيين ومحليين، وتحليق الطائرات الفرنسية فوق أجوائنا كان يجب أن نكون على إدراك وعلم بما يجري. ونقول الوحدة الوطنية خط أحمر بالنسبة للمجموعة الوطنية ولكل الجزائريين، ونعتقد أن تأمين حدودنا واجب وطني، فالجزائر بلدنا جميعا. ومن جهة ثانية، الذي يحصل، اليوم، على حدودنا صار أمرا واقعا، ونحن نطلب من دولتنا وشعبنا ومن كل المجموعة الوطنية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمفكرين أن نضع كل ما نتحدث عنه وراء ظهورنا ونتفرّغ لوضع أساسي، حتى نؤمّن حدودنا ووحدتنا.
ما هي الآثار المتوقعة للحرب في شمال مالي على الجزائر؟
الانعكاسات الأساسية ستكون اجتماعية، وهي نزوح آلاف اللاجئين، ولا ننسى أن مالي قبل الحرب كانت في وضعية لا تحسد عليها، فما بالك إذا جاءت الحرب. الجزائر ستتحمّل فاتورة ثقيلة، ولكن من واجبنا أن نتحمّل ذلك، هذا واجب إنساني ووطني، فقد تعوّدنا على تحمّل الأعباء.
المنطقة تغرق في الحرب والحل السياسي أصبح أبعد؟
نحن مازلنا ننادي بمقاربة سياسية سلمية، وعدم اللجوء إلى الحرب إلا بعد استنفاد كل الجهود الدبلوماسية والاجتماعية لحلّ الأزمة.
http://www.elkhabar.com/ar/autres/mijhar/319117.html
الحرب في مالي والضحايا والخسائر في الجزائر
السبت 19 جانفي 2013 elkhabar
الفرنسيون قالوا إنه لا صلة بين تدشين فرنسا الحرب في مالي وبين الهجوم الإرهابي على المنشأة الغازية في عين أمناس بالجنوب الجزائري، ومنفذو العملية الإرهابية ردّوا بأنها انتقام للسماح بتحليق الطائرات الفرنسية فوق الأجواء الجزائرية. وبين الاثنين، الجزائر هي الخاسر الأكبر في العملية التي جلبت لها متاعب سياسية مع الدول التي فقدت رعايا، وجرت معها شكوك عن ثغرات أمنية وتواطؤات محتملة، قد تعصف بكل المخططات الأمنية. وفوق هذا وذاك، هناك تبعات دبلوماسية عواقبها كبيرة، خصوصا أن الكثير من العواصم المؤثـرة نفضت يدها واتهمت الجزائر بالعمل منفردة دون أي استشارة، في إشارة إلى مجريات تدخل الجيش لتحرير الرهائن. وما يزيد من هذه المتاعب أن إدارة هذه الأزمة من قبل مسؤولي الدولة، تطرح أكثـر من لغز وعلامة استفهام.
اختاروا تيفنتورين رمزا للصناعة الطاقوية
الإرهاب يضرب صورة الجزائر في الصميم
حتى وإن استبعدت رئيسة منظمة أرباب العمل الفرنسيين، لورانس باريزو، مغادرة 500 شركة فرنسية الجزائر، بعد الذي وقع في القاعدة الغازية لعين أمناس، لكن هذا لا يعني أن تداعيات هذه العملية الإرهابية ضد رمز الصناعة الطاقوية في الجزائر لن تنجرّ عنه آثار وخيمة على قطاع المحروقات الذي يمثل المورد الأساسي لخزينة الدولة.
مثلما تطرح علامات استفهام كبيرة بشأن كيفية تمكن المجموعة الإرهابية من الدخول إلى منشأة غازية ضخمة واستراتيجية، لم يحدث أن شهدت الجزائر مثيلا لها، حتى في قمّة أوج النشاط الإرهابي، مثلما تطرح تخوّفات من انعكاسات هذه الثغرة الأمنية على مستقبل النشاط البترولي، خصوصا أن الاعتداء استهدف شركات عملاقة متعدّدة الجنسيات، لها سمعتها في البورصة البترولية وتهيمن على عدّة مواقع في دول نفطية أخرى، ربما أكثـر أهمية من الجزائر. وحتى إن كانت زعيمة منظمة الباترونا الفرنسية ''الميديف''، قد استبعدت رحيل الشركات الفرنسية من الجزائر، فإن أول تداعيات الهجوم الإرهابي على منطقة ''تيفنتورين'' بدأت في الساعات الأولى، من خلال قيام الشركة اليابانية ''جي جي سي'' والإنجليزية ''بيتروفاك'' بترحيل عمالها الأجانب، كإجراءات أمنية إلى غاية تهدئة الوضع بالمنطقة. ومن شأن ترحيل هؤلاء العمال أن يتسبّب، دون أدنى شك، في توقيف أشغال توسيع أكبر مشروع غاز في الجنوب الذي ينتج 25 مليون متر مكعب يوميا من الغاز. وبما أن الحرب في مالي في بداياتها الأولى، ولم تكشف كل صورها المأساوية، فإن استتباب الأمن بالجنوب، في المدى المنظور، صعب المنال، ما يجعل الشركات الأجنبية العاملة في الصحراء الجزائرية تفكر ألف مرة قبل استئناف نشاطها. كما أن الاستئناف سيكون بشروط طبعا، خصوصا في المواقع البعيدة والمعزولة، ما يجعل هذه الشركات تطلب ضمانات أمنية شديدة التعقيد لحماية عمالها، ما قد يعيد كل الحسابات المالية والاستثمارية التي كانت مبرمجة، وقد يجعل من استغلال النفط الجزائري أكثـر تكلفة في العالم. وبالنظر إلى أن قانون الصفقات العمومية الذي لم تستقر الحكومة بشأنه على رأي، ويتم تغييره كل ثلاثة أشهر، ونفس الشيء بالنسبة لقانون المحروقات المطروح حاليا في البرلمان للتعديل، هي كلها معطيات ستزيد من تنفير كبرى الشركات النفطية من الجزائر وتوجهها للبحث عن مواقع أخرى في العالم، تكون بعيدة عن الهواجس الأمنية والإرهابية، خصوصا أن ما وقع في عين أمناس، في نظر المتتبعين، يعدّ فقط الجزء الظاهر من جبل المشاكل إلى غاية الآن الذي سوف تنجبه الحرب المدشنة من قبل فرنسا في شمال مالي. وما يزيد من احتمال سقوط القطاع النفطي في حال عدم استقرار طويل، هو أن الواقعة التي حدثت في منشأة الغاز في عين أمناس كان يتواجد بها كمّ هائل من الشركات الأجنبية وعدد كبير من العمال متعدّدي الجنسيات، ما يعني أن صورة الجزائر ضربت في الصميم لدى الرأي العام العالمي الذي وجد نفسه مجبرا على تتبع كل كبيرة وصغيرة في ما يجري بهذه النقطة الصغيرة من الصحراء الجزائرية (تيفنتورين)، لأنه كان بها رعايا من دولهم، منهم بريطانيين وأمريكيين وفرنسيين وإيرلنديين ورومانيين وفلبينيين ويابانيين.. والقائمة مفتوحة.
الجزائر: ح. سليمان
غياب مثير للاستغراب لبوتفليقة وسلال في أزمة تيفنتورين
أظهر الاعتداء على المنشأة الغازية بتيفنتورين المتبوع باحتجاز رهائن، تسييرا عشوائيا للأزمة على الصعيد الإعلامي من جانب الحكومة، مقابل نشاط دعائي كبير للإرهابيين. أما أكثـر ما يلفت الانتباه في القضية، هو الغياب المثير للغرابة لرئيس الجمهورية والوزير الأول، مقابل تصريحات مكثفة لقادة البلدان التي ينحدر منها المحتجزون الأجانب. في بداية الأزمة، قال وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، إن المعتدين من أبناء المنطقة. وعندما أشرفت على نهايتها، ذكر وزير الاتصال، امحند السعيد أوبلعيد، أنهم من عدّة جنسيات. وتحدثت وكالة الأنباء الجزائرية عن نهاية العملية العسكرية، فيما صرّح امحند السعيد بأنها لازالت مستمرة!. ولكن المثير في تطوّرات اليوم الثاني من الحادثة، هو الأخبار التي تناقلتها كل وكالات الأنباء العالمية، عن سقوط 34 رهينة أجنبيا في الغارات التي شنّها الطيران الحربي الجزائري على الموقع الغازي. فقد طافت المعلومة في كل أنحاء العالم، وخلّفت ردود فعل ساخطة على الجيش الجزائري، ولم يدفع ذلك المسؤولين في الدولة إلى تكذيبها، إذ لا يمكن لأي عاقل أن يتصوّر مروحيات الجيش تصوّب قذائفها على مكان الرهائن، في الوقت الذي يفترض أن العملية العسكرية انطلقت بهدف تحريرهم.
وتعرّضت الحكومة لانتقادات من حكومات الرهائن. فالنرويج واليابان تأسفتا لكون الجزائر لم تبلغهما بالعملية العسكرية، والولايات المتحدة الأمريكية قالت إنها لم تبلَغ بنية السلطات الجزائرية شنّ عملية لتحرير الرهائن، بينما أظهرت فرنسا نوعا من التفهم لتصرّف الجيش الجزائري، ولكن النيابة في باريس أعلنت، أمس، بأنها فتحت تحقيقا لتحديد ظروف مقتل فرنسيين في منشأة تيفنتورين. ويفهم من ذلك، ضمنيا، أن القضاء الفرنسي يشكك في الجهة التي تقف وراء مقتلهما، حتى إن كان فتح التحقيق يجري آليا من طرف السلطات القضائية الفرنسية، عندما يقتل فرنسيون في الخارج. ورغم هذا الضغط الأجنبي المكثف، لم يتقدم أي مسؤول بالجزائر ليعطي تفسيرا للعملية، أمنيا وسياسيا. فهل يعقل أن يعقد مسؤولو الشركة اليابانية التي تشتغل في تيفنتورين، ندوات صحفية بطوكيو وخلال كل مراحل تطوّرات الأزمة وهم بعيدون بأكثـر من 15 ألف كيلومتر عن إليزي، ولا يفعلها الجزائريون الذين نشب الحريق في مصدر عيشهم؟!!
في هذا النوع من الأزمات، يتكفل الوزير الأول شخصيا بإبلاغ الرأي العام بما يجري، ويسيّر الأزمة سياسيا ودبلوماسيا، ويحرص على أن يظهر على الدوام. وتكون وزارة الخارجية أصدرت توجيهات لسفرائها في بلدان الرهائن، تحدّد كيفية التعامل مع الأزمة بما يخدم مصلحة البلاد. وفي مثل هذه الظروف، ينصَب ناطق باسم العملية العسكرية، يتعاطى مع تطوّراتها في لقاءات صحفية خاطفة، فيسكن في وسائل الإعلام الفرنسية خاصة، ووسائل أعلام بلدان الرهائن، ويقدّم المعلومات التي يريدها الجيش، بدل أن يترك المسؤولون في الجزائر المجال للخاطفين ليعطوا تطوّرات الوضع، بالطريقة التي يريدونها هم!.
الجزائر: حميد يس
رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة لـ''الخبر''
الجزائر اتخذت قرارا سياديا والأجدر تحيتها بدل ''الاستياء''
يعتبر إبراهيم بولحية، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة، أن الجزائر اتخذت قرارا سياديا من وراء العملية العسكرية في عين أمناس، وبالتالي كانت تستحق التحية من العواصم الغربية بدل لهجة ''الاستياء''.
ردود الفعل من بعض العواصم الغربية ممن لديها رهائن في المنشأة الغازية بعين أمناس، جاءت معبّرة عن ''استياء'' من طريقة تسيير السلطات الجزائرية للأزمة، ما تعليقك؟
لجزائر دولة ذات سيادة، ولا أظن أن أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا أو اليابان، في حال أقدمت على قرار سيادي يخصها، كانت ستستشير أحدا. ما جرى في عين أمناس هو عملية إرهابية على الأراضي الجزائرية. لقد كانت السلطات، حسب رأيي، أمام خيارين، إما ترك المجموعة الإرهابية تلوذ بالفرار رفقة الرهائن وبالتالي تفرض منطقها، أو أن توقف هذه التصرّفات وتضع حدّا للخاطفين. الجزائر على العكس تماما عملت ما في وسعها لتكون العملية قليلة الخسائر، وتبعث رسالة للإرهابيين بأن الأرض الجزائرية ليست مستباحة، وأن السيادة الوطنية خط أحمر.
هل توافق بعض تلميحات وزير الاتصال من أن العملية كان يراد منها استدراج الجزائر لحرب لا تعنيها تماما في شمال مالي؟
في أزمة مالي، الجزائر ردّدت مرارا أنها لا تشاطر فكرة التدخل العسكري الأجنبي، مثلما رفضته في ليبيا وسوريا وغيرها. لكن المتغيّر في أزمة مالي أن سلطات هذا البلد اتخذت قرارا سياديا، وطلبت المساعدة من فرنسا. هنا، لا يحق لنا التدخل في شأن داخلي لدولة ذات سيادة، مع تجديدنا للتأكيد أننا مع وحدة أراضي هذا البلد ووحدة شعبه. لكن، ما الذي يجري في المنطقة؟ إنهم يحصدون ما زرعوه، لقد قالت الجزائر هذا الكلام في ليبيا وحذرت من انتشار السلاح. الساحل منطقة موبوءة بالسلاح، وجريمة المخدرات، وشبكات المتاجرة بالبشر
هل تمني بعض الدول الغربية أن تعلمها الجزائر، مسبقا، بالعملية العسكرية التي نفذتها ضد الإرهابيين مشروع من ناحية القانون الدولي؟
إن الإرهابيين الذين نفذوا العملية متعدّدو الجنسيات، وقدموا من دولة أجنبية لتنفيذ عملية على الأراضي الجزائرية. الرد، إذن، من الاختصاص الحصري للسلطات الجزائرية، والمعالجة مرتبطة حصرا بالجيش الجزائري والسلطة السياسية. لا توجد جريمة دون ضحايا وأعراض جانبية، لكن، هل كان أمام الجزائر خيار آخر؟ لا أظن ذلك، فالعكس تماما، لو تصرّفنا غير هذا التصرّف، لكانت النتيجة أخطر. لذلك، نقولها: إننا فخورون بالأداء الباسل لقوات الجيش والأمن والقرار السيادي الجزائري، الذي هو دليل على أننا دولة ذات سيادة وقواتها نوعية، بما أنها أنقذت المئات من الأرواح.
الجزائر: حاوره عاطف قدادرة
رئيس حركة حمس، أبو جرة سلطاني، لـ''الخبر''
من واجب السلطة أن تطلعنا على المستجدات والجزائر ستدفع فاتورة الحرب
طلبتم في بيان لحزبكم بفتح نقاش في البرلمان حول مالي واختطاف رهائن في عين أمناس من قبل جماعة إرهابية. هل هو الوقت المناسب لذلك؟
طلبنا في بيان لنا، اليوم الخميس، بفتح نقاش لمناقشة الوضع في مالي وفي منطقة الساحل وفي العالم، اليوم، في مؤسسة رغم ما يقال عنها فهي هيئة دستورية. الأزمة المالية لم تعد تخص مالي بل العالم كله يتحدث عنها، وبالتالي من الضروري إقامة نقاش حولها، لنعرف على الأقل ما يحدث في وطننا. ومادامت الصورة لم تتضح لنا وسط تضارب بين التصريحات في الداخل والخارج، فنحن في حاجة لأن تتضح لنا الصورة كي نقول كلمتنا فيما حصل في عين أمناس. مع أننا متأسفون على ما حصل، ونندّد بالاختطاف ونستنكر ما حدث، وبتعريض حياة الآمنين للخطر.
ما رأيكم في قرار السلطات الجزائرية الترخيص بعبور الطائرات الفرنسية لضرب أهداف في شمال مالي وغياب سياسة اتصال رسمي في هذا المجال؟
كان يجب أن نكون على إدراك بما يجري، ونحن متأسفون لمسألتين، الأولى أننا كجزائريين لم نخطر ولم نوضع في الصورة، وكان ينبغي على السلطات أن تحيطنا علما بكل المعطيات، فنحن حزب سياسي، وكنا شريكا في الحكومة، ولنا منتخبين وطنيين ومحليين، وتحليق الطائرات الفرنسية فوق أجوائنا كان يجب أن نكون على إدراك وعلم بما يجري. ونقول الوحدة الوطنية خط أحمر بالنسبة للمجموعة الوطنية ولكل الجزائريين، ونعتقد أن تأمين حدودنا واجب وطني، فالجزائر بلدنا جميعا. ومن جهة ثانية، الذي يحصل، اليوم، على حدودنا صار أمرا واقعا، ونحن نطلب من دولتنا وشعبنا ومن كل المجموعة الوطنية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمفكرين أن نضع كل ما نتحدث عنه وراء ظهورنا ونتفرّغ لوضع أساسي، حتى نؤمّن حدودنا ووحدتنا.
ما هي الآثار المتوقعة للحرب في شمال مالي على الجزائر؟
الانعكاسات الأساسية ستكون اجتماعية، وهي نزوح آلاف اللاجئين، ولا ننسى أن مالي قبل الحرب كانت في وضعية لا تحسد عليها، فما بالك إذا جاءت الحرب. الجزائر ستتحمّل فاتورة ثقيلة، ولكن من واجبنا أن نتحمّل ذلك، هذا واجب إنساني ووطني، فقد تعوّدنا على تحمّل الأعباء.
المنطقة تغرق في الحرب والحل السياسي أصبح أبعد؟
نحن مازلنا ننادي بمقاربة سياسية سلمية، وعدم اللجوء إلى الحرب إلا بعد استنفاد كل الجهود الدبلوماسية والاجتماعية لحلّ الأزمة.
http://www.elkhabar.com/ar/autres/mijhar/319117.html