الردُّ على بعض الشبهات التي تُثار حول المسلمين/أنس محمد خير يوسف

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,784
التفاعل
17,903 114 0


الردُّ على بعض الشبهات التي تُثار حول المسلمين

أنس محمد خير يوسف



عرضَ فضيلة الداعية والمنظِّر الإسلاميِّ الشيخ ذاكر بن عبد الكريم نايك* (Zakir Abdul Karim Naik ) مجموعةً من الشبهات التي تُثار حول المسلمين في معظم أنحاء العالم، وقد أفاد أنه ألَّف كتابًا باللغة الإنكليزية يحوي (20) شبهةً هي أهمُّ الشُّبَه التي يُدندن حولها الغرب ليلاً ونهارًا، وقد أورد في الكتاب الردودَ المناسبة عليها والمفنِّدة لها.
وأفاد بأنّ الكتاب في قيد الترجمة إلى اللغة العربية، وسيصدر عن دار السيِّد بالمملكة العربية السعودية، علمًا أنه قد تُرجِمَ إلى لغات أخرى متعدِّدة...
وقد اكتفى في لقائه هذا بالحديث عن خمسٍ من هذه الشُّبه مع الردِّ عليها؛ وهي:

1 ـ الجهاد:

إن الجهاد في أعلى قائمة الأسئلة التي تَرِدُ من غير المسلمين مستشكلين معناه وغاياته؛ ويمكننا الردُّ على هؤلاء بأن كلمة الجهاد تعني في اللغة العربية: بذل الجهد في أي أمر من الأمور، والمقصود به في الشرع: أن يجاهدَ المرء نفسه بتربيتها على الفضائل، وأن يبذلَ طاقته ليكونَ المجتمع أفضل وأصلح. والجهاد هو أيضًا: السعيُ للتخلُّص من الظلم، وتحصيل الحقوق، والدفاع عن النفس والعِرض والأرض والمال.
ولكن المستشرقين يقصرون معنى كلمة (الجهاد) في ترجماتهم على: الحرب المقدَّسة، وهذا خطأ منهم في الترجمة. والغاية من الجهاد القتالي إنما هو نشر العدل بدل الظلم، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد.

2 - المسلمون أصوليُّون ومتشدِّدون:

يذكر الغرب دوماً أن المسلمين أصوليُّون ومتشدِّدون؛ والأصولية - كما هو معلوم – هي العودة إلى الأصول والرسوخ في العلم؛ أي اتِّباع الأسس. وإذا أردنا أن نعودَ إلى أصول هذا المصطلح فإننا سنجد أنَّ الأصوليَّة هي حركة نصرانيَّة الأصل كانت في الولايات المتَّحدة الأمريكية؛ وقد صِيغَت لتصفَ النصارى البروتستانت سابقًا، ولكنَّها انقلبت الآن؛ وهي تعني حسب معجم أكسفورد: الشخص الذي يتمسَّك بالكتب القديمة لأيِّ دين من الأديان. ولكنَّهم أضافوا للنسخة المنقَّحة الجديدة من المعجم جملة: (خاصَّة الشخص المسلم)، فأصبح المسلم في خانة الاتهام؛ مع أنه من الجميل والحسن أن يكونَ الإنسانُ المسلم متشدِّدًا في التمسُّك بدينه وآدابه مثل: العدل والعفو والتسامح.. وغيرها من الصفات النبيلة التي هي من أسس الإسلام، ومن ثَم فلا عيبَ في ذلك؛ بل يجب أن نكونَ فخورين بديننا وإسلامنا.

3 - المسلمون إرهابيُّون:

يتطرَّق الغرب كثيرًا إلى أن المسلمين إرهابيُّون، ولكن تعالَوا لنُلقيَ الضَّوء على هذه الكلمة؛ فقد أطلقها البريطانيون سابقًا قبل 60 سنة بالتحديد على الهنود؛ لأنهم كانوا يدافعون عن وطنهم ضد الاستعمار البريطاني؛ إذًا فالهنود هُم أشخاصٌ وطنيون وليسوا إرهابيين. وإذا سألتَ الصحفيين: هل يتفقون مع البريطانيين على هذه التسمية لأشخاص يسعَون في الحصول على حرِّيتهم؟ فسيقولون: لا. فقل لهم: إذن لماذا أنتم أيها الصحفيون ازدواجيُّون في المعايير والأحكام، ولماذا لا تعترفون بالحقيقة؟
وأيضاً في حرب الثورة الأمريكية ضد البريطانيين، كان البريطانيون يسمُّون جورج واشنطن الإرهابيَّ رقم 1، وهو الذي أصبح الرئيسَ الأولَ للولايات المتحدة. وهناك نيلسون منديلا أيضًا الذي سُجن على أنه إرهابي، ثم صار رئيسًا لجنوب إفريقيا، ومُنح جائزة نوبل للسلام، فهو ليس إرهابيًّا وكان مسجوناً ظلمًا، وهناك مئاتُ الأمثلة الشبيهة بهذا الأمر.
ولكنَّ الإشكالية هي أن الغربيين مسيطرون على الإعلام، وهم في موطن القوَّة، ويريدون من الجميع تصديقَهم، وإن أطلقوا وصفًا على أيِّ جهة أو شخص فسيكون هو السائد.

4 - الإسلام انتشر بالسيف:

أفضل ردٍّ على هذه الشُّبهة هو عبارةٌ في كتاب "الإسلام على مفترق طرق" لمحمد أسد رحمه الله؛ حيثُ أشار إلى أنَّ أكبر أسطورة هي أنَّ الإسلام قد انتشر بالسيف.
أولاً: لو كان الإسلام انتشر بالسيف لما وجدنا 14 مليون قبطيٍّ عربي، ولكان المسلمون قد قتلوهم أو أكرهوهم على الدخول في الإسلام.
ثانيًا: إن إندونيسيا أكبر بلاد المسلمين، وأتساءل أيُّ جيش ذهب لإندونيسيا ولماليزيا وللجنوب الشرقيِّ من إفريقيا حتى يُدخلوا لها الإسلام؟ إن الحقيقة واضحة؛ وهي أن المسلمين قد استعملوا سيفَ الحبِّ والعقل لإقناع الناس، وفي الوقت الحاضر أكثرُ الديانات انتشارًا هو الإسلام؛ وثُلثا المعتنقين للإسلام هم من النساء، والنساء في أوربا وأمريكا يعتنقون الإسلام لأن فيه الحلَّ للمشاكل الأسريَّة دون إكراه من أحد.

- 5 تعدُّد الزوجات:

يسأل الغرب كثيراً: لماذا يسمح الإسلام للمسلم بأن يعدِّدَ زوجاته؟ وأنا أقول إنَّ القرآن هو الوحيد الذي يقول: تزوَّجوا زوجةً واحدة إن خفتُم ألا تعدلوا عند تعدد الزوجات. أما سائر الكتب السماوية فلا تذكر الاكتفاء بواحدة فقط؛ فكتاب الهندوس يقول: إن الأب شيراز كانت له زوجتان، وأيضًا هناك ذِكر أن عدد زوجات أحد الكبار في الهندوسية بلغ 16 ألف زوجة!
وفي التوراة ذُكِرَ أنَّ إبراهيم كان له ثلاثُ زوجات، وفي الإنجيل ذُكِرَ أنه كان لسليمان 700 زوجة. وتجدر الإشارة هُنا إلى أنَّ الديانة النصرانية واليهودية تسمح بتعدُّد الزوجات ولكن الكنيسة هي التي قيَّدت الرِّجال بواحدة فقط.
وحسب الديانة الهندوسية فإنه يمكن للشخص أن يتزوجَ ما يشاء، ولكنَّ القانون الهنديَّ هو من منع ذلك.
وحسب الإحصاءات وخلال عشر سنوات كان معدَّل زواج الهندوسيين المعدِّدين أكثر بــ 7% من المسلمين، وحسب القانون الهندي فإنه يمكن للمسلم أن يعدِّدَ، أما الهندوسيُّ فلا يجوز له ذلك، ولكنهم يخالفون الأمر!
وحسب الإحصاءات الطبية فإن الوَفَيات من الأطفال الذكور أكثرُ من الإناث بسبب قوة تحمُّل الإناث وهنَّ صغيرات، وهذا أمر طبيٌّ معروف. وهناك نِسَب معدَّلات وفاة ذكور أكثر بسبب المخدِّرات وغيرها، ومن ثَم فإن نِسَب الإناث أكثر بكثير عمومًا، وهنا يُمكننا أن نذكُر أمرًا، وهو: أنَّ عمليات إجهاض البنات معروفة في الهند بسبب كثرتهنَّ، ولو توقَّفَ هذا لازداد عدد الإناث هناك ازديادًا كبيرًا.
أما في بريطانيا وأمريكا وألمانيا فإن عدد الإناث أكثر من الذكور بمعدَّلات واضحة وبارزة؛ ونتساءل: ما مصيرُ النساء اللواتي لا يجدنَ أزواجًا؟ فليس هناك خيارٌ سوى التعدُّد أو أن تصبحَ الفتاة تُباع وتُشترى في ذلك المجتمع؛ إذ هناك - كما هو معروف - تعدُّد العشيقات مُباح ولكنَّ تعدد الزوجات ممنوع!! ومن الناحية الاجتماعية والقانونية وبالنسبة لهم فالصديقة لا تنال حقوقها، ولكن في الإسلام تحصل الزوجة الثانية على حقوقها كاملة!
وأخيراً.. إن ما ذُكر في هذه المقالة إنما هو مقتطفاتٌ يسيرة من كلام الشيخ ذاكر نايك حفظه الله وأطال في عمره، ونسأل الله أن نرى كتابه الذي ذكَرَه قريبًا باللغة العربيَّة.

عن موقع رابطة أدباء الشام

* ذاكر عبد الكريم نايك: هو داعية وخطيب ومنظِّر إسلامي هندي من أهل السنَّة والجماعة، ولد عام 1385هـ (18 أكتوبر 1965م). تخصَّص في الطبِّ ونال شهادة بكالوريوس في الجراحة من جامعة مومباي، ولكنه منذ عام 1413هـ (1993م) ركَّز على الدعوة الإسلامية، وهو مدير مؤسسة البحث الإسلامية (Islamic Research Foundation) أو IRF بالهند. آتاه الله موهبة حفظ أرقام الآيات في القرآن واستحضارها بسهولة، ناظر النصارى واليهود والهندوس والبوذيين، وهو يحفظ كتبهم ويقتبس منها كثيراً. ومن عادته أثناء خطبه أو مناظراته أن يستشهد مثلاً بآيات قرآنية مع ذكر رقم السورة ورقم الآية التي يستشهد بها من ذاكرته، أو أن يستشهد بحديث نبوي مع ذكر الكتاب الذي ورد فيه ورقم الحديث في ذلك الكتاب. وهو ذات الأمر الذي يفعله عند الاستشهاد بالكتب المقدسة الأخرى.
ألقى أكثر من 1000 محاضرة، هذه المحاضرات أقيمت في أمريكا وكندا وبريطانيا وجنوب إفريقيا والسعودية والإمارات وماليزيا والفلبين وسنغافورة وأستراليا وغيرها. أسلم على يديه عدد كبير من الناس، سواء بشكل مباشر أو من خلال أشرطته المسموعة والمرئية، من أشهر مناظراته تلك التي عقدت في 1 أبريل 2000 مع وليام كامبل في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية تحت عنوان "القرآن والإنجيل في ضوء العلم" The Qur’an and the Bible in the light of Science ]





 
رد: الردُّ على بعض الشبهات التي تُثار حول المسلمين/أنس محمد خير يوسف

بارك الله فيك اخى نبيل ^_^
ولكن هناك سؤال فى النقطه الرابعه ..

ساسئله بطريقه هولاء المشكيكين ( حتى يصل بكامل معناه واعذرنى على ذلك ..)

انت تقول ان الاسلام انتشر بسيف الحب والعقل وليس سيف القوه .. كيف هذا و هنالك الغزوات فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ثم الفتوحات فى عهد الصحابه رضى الله عنهم ثم الخلفاء ( امويين وعباسيين ) وكلها تمت بسيف القوه من جيوش المسلمين وقتها ووصلت الى الاندلس والقسطنطينيه و الهند !! اليس هذا معناه ان الاسلام انتشر بالسيف .. !!

هذا هو السؤال الذى يسال دائما وقليلا ما اجد من يجيبه فهلا بحثت لنا عن اجابه قويه من احد العلماء فى هذا الموضوع !!

وعذرا على الاطاله !! ^_^
 
رد: الردُّ على بعض الشبهات التي تُثار حول المسلمين/أنس محمد خير يوسف

بارك الله فيك اخى نبيل ^_^
ولكن هناك سؤال فى النقطه الرابعه ..

ساسئله بطريقه هولاء المشكيكين ( حتى يصل بكامل معناه واعذرنى على ذلك ..)

انت تقول ان الاسلام انتشر بسيف الحب والعقل وليس سيف القوه .. كيف هذا و هنالك الغزوات فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ثم الفتوحات فى عهد الصحابه رضى الله عنهم ثم الخلفاء ( امويين وعباسيين ) وكلها تمت بسيف القوه من جيوش المسلمين وقتها ووصلت الى الاندلس والقسطنطينيه و الهند !! اليس هذا معناه ان الاسلام انتشر بالسيف .. !!

هذا هو السؤال الذى يسال دائما وقليلا ما اجد من يجيبه فهلا بحثت لنا عن اجابه قويه من احد العلماء فى هذا الموضوع !!

وعذرا على الاطاله !! ^_^

وبارك الله فيك أكثر وأكثر

باختصار شديد الإسلام لم ينتشر بالسيف الا بشروط
1.الدفاع عن المسلمين من الاعتداء
2.نشر الآسلام في المناطق التي لايعبد الله تعالى فيها لأن هذا هو امر الله سبحانه
3. لايفرض الإسلام على أهل الكتاب وتفرض عليهم الجزية مقابل حمايتهم

اما بالنسبة لفتح الأندلس فقد كان بطلب من سكانه للتخلص من الظلم الذي كان موجودا
وأكبر دولة إسلامية (أندنوسيا) انتشر فيها الإسلام بفضل الله تعالى أولا ونتيجة لحسن أخلاق وتعامل التجار المسلمين
وتوجد دراسة للدكتور راغب السرجاني عن هذا الموضوع انقل منها مايلي :

قمنا بإحصاء عدد الذين ماتوا في كل الحروب النبويَّة -سواء من شهداء المسلمين، أو من قتلى الأعداء- ثم قمنا بتحليل لهذه الأعداد، وربطها بما يحدث في عالمنا المعاصر، لوجدنا عجبًا! لقد بلغ عدد شهداء المسلمين في كل معاركهم أيام رسول الله -وذلك على مدار عشر سنوات كاملة– 262 شهيدًا تقريبًا، وبلغ عدد قتلى أعدائه حوالي 1022 قتيلاً[5]، وبذلك بلغ العدد الإجمالي لقتلى الفريقين 1284 قتيلاً فقط!

وحتى لا يتعلَّل أحدٌ بأن أعداد الجيوش آنذاك كانت قليلة؛ ولذا جاء عدد القتلى على هذا النحو، فإنني قمتُ بإحصاء عدد الجنود المشتركين في المعارك، ثم قمتُ بحساب نسبة القتلى بالنسبة إلى عدد المقاتلين، فوجدتُ ما أذهلني! أن نسبة الشهداء من المسلمين إلى الجيوش المسلمة تبلغ 1% فقط، بينما تبلغ نسبة القتلى من أعداء المسلمين بالنسبة إلى أعداد جيوشهم 2%! وبذلك تكون النسبة المتوسطة لقتلى الفريقين هي 1.5% فقط!

إن هذه النسب الضئيلة في معارك كثيرة -بلغت خمسًا وعشرين أو سبعًا وعشرين غزوة، وثماني وثلاثين سريَّة[6]، أي أكثر من ثلاث وستِّين معركة- لَمِنْ أصدق الأدلَّة على عدم دمويَّة الحروب في عهد رسول الله .
ولكي تتَّضح الصورة بشكل أكبر وأظهر فقد قمتُ بإحصاء عدد القتلى في الحرب العالميَّة الثانية -كمثال لحروب (الحضارات) الحديثة- فوجدتُ أن نسبة القتلى في هذه الحرب الحضاريَّة بلغت 351%!!! فالأرقام لا تكذب؛ فقد شارك في الحرب العالمية الثانية 15.600.000 جندي (خمسة عشر مليونًا وستمائة ألف)، ومع ذلك فعدد القتلى بلغ 54.800.000 قتيل (أربعة وخمسين مليونًا وثمانمائة ألف)!! أي أكثر من ثلاثة أضعاف الجيوش المشاركة!.انتهى
 
رد: الردُّ على بعض الشبهات التي تُثار حول المسلمين/أنس محمد خير يوسف

بارك الله فيك اخى نبيل ^_^
ولكن هناك سؤال فى النقطه الرابعه ..

ساسئله بطريقه هولاء المشكيكين ( حتى يصل بكامل معناه واعذرنى على ذلك ..)

انت تقول ان الاسلام انتشر بسيف الحب والعقل وليس سيف القوه .. كيف هذا و هنالك الغزوات فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ثم الفتوحات فى عهد الصحابه رضى الله عنهم ثم الخلفاء ( امويين وعباسيين ) وكلها تمت بسيف القوه من جيوش المسلمين وقتها ووصلت الى الاندلس والقسطنطينيه و الهند !! اليس هذا معناه ان الاسلام انتشر بالسيف .. !!

هذا هو السؤال الذى يسال دائما وقليلا ما اجد من يجيبه فهلا بحثت لنا عن اجابه قويه من احد العلماء فى هذا الموضوع !!

وعذرا على الاطاله !! ^_^


اذا سمحت لي اخوك اصغير ان اجوب عنك هذا اسال والله ولي اتوفيق



هل انتشر الإسلام بالسيف ؟.


الحمد لله
سبق في السؤال رقم (34830) أن الجهاد نوعان : جهاد طلب ، وجهاد دفع .
ولا شك أن جهاد الطلب كان له أثر كبير في نشر الإسلام ، ودخول الناس في دين الله أفواجالأنه يزيل العقبات التي تمنع الناس من النظر والتفكير والاطلاع على محاسن الإسلام ، ولذلك ملئت قلوب أعداء الإسلام رعباً من هذا الجهاد .
جاء في مجلة العالم الإسلامي الإنجليزية : إن شيئاً من الخوف يجب أن يسيطر على العالم الغربي ، ولهذا الخوف أسباب منها أن الإسلام منذ ظهر بمكة لم يضعف عددياً بل دائما في ازدياد واتساع . ثم إن الإسلام ليس ديناً فحسب ، بل إن من أركانه الجهاد اهـ .
وقال روبرت بين : إن المسلمين قد غزوا الدنيا كلها من قبل وقد يفعلونها مرة ثانية اهـ .
وقد أراد المستشرقون الطعن في الإسلام بأنه انتشر بالسيف .
وألف المستشرق توماس أرنولد كتابه (الدعوة إلى الإسلام) يهدف منه إلى إماتة الروح الجهادية عند المسلمين ، وبرهن بزعمه على أن الإسلام لم ينتشر بالسيف ، وإنما انتشر بالدعوة السلمية المتبرئة من كل قوة .
وقد وقع المسلمون في الفخ الذي نُصِبَ لهم ، فإذا سمعوا من يتهجم على الإسلام بأنه انتشر بالسيف من المستشرقين ، قالوا : أخطأتم واسمعوا الرد عليكم من بني جلدتكم ، فهذا توماس يقول كذا وكذا .
وخرج الانهزاميون من المسلمين يدافعون عن الإسلام ، وأرادوا تبرئة الإسلام من هذه الفرية على زعمهم ، فنفوا أن يكون الإسلام انتشر بالسيف ، ونفوا مشروعية الجهاد في الإسلام إلا على سبيل الدفاع فقط ، وأما جهاد الطلب فلا وجود له عندهم . وهذا خلاف ما قرره أئمة الهدى علماء المسلمين ، فضلا عن مخالفته للقرآن والسنة .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (28/263) :
"فالمقصود أن يكون الدين كله لله ، وأن تكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة الله اسم جامع لكلماته التي تضمنها كتابه ، وهكذا قال الله تعالى : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) فالمقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يقوم الناس بالقسط في حقوق الله وحقوق خلقه ثم قال تعالى : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ) فمن عدل عن الكتاب قوم بالحديد، ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف. وقد روى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نضرب بهذا يعنى السيف من عدل عن هذا يعنى المصحف اهـ .
وقال ابن القيم رحمه الله في "الفروسية" (ص 18) :
( وبعثه الله تعالى – يعني النبي صلى الله عليه وسلم - بالكتاب الهادي ، والسيف الناصر ، بين يدي الساعة حتى يعبد سبحانه وحده لا شريك له، وجعل رزقه تحت ظل سيفه ورمحه . . . فإن الله سبحانه أقام دين الإسلام بالحجة والبرهان ، والسيف والسنان ، كلاهما في نصره أخوان شقيقان اهـ .
وهذه بعض أدلة الكتاب والسنة والتي تدل دلالة بينة واضحة على أن السيف كان من أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار الإسلام :
1- قال الله تعالى : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحج /40 . وقال : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) البقرة /251 .
2- وأمر الله تعالى بإعداد العدة لمجاهدة الكفار وإرهابهم ، قال تعالى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) الأنفال /60 .
فلو كان الإسلام لا ينتشر إلا بالدعوة السلمية فقط ، فمم يخاف الكفار ؟ أمن كلام يقال باللسان فقط ؟ وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نصرت بالرعب مسيرة شهر ) وهل يرعب الكفار أن يقال لهم أسلموا ، فإن لم تسلموا فأنتم أحرار فيما تعتقدون وتفعلون . أم كان يرعبهم الجهاد وضرب الجزية والصغار . مما يحملهم على الدخول في الإسلام لرفع ذلك الصغار عنهم .
3- وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الإسلام دعوة مقرونة بالسيف ، ويأمر بذلك قواده، لعل الناس إذا رأوا القوة وجد المسلمين في الدعوة إلى دينهم تزول عنهم الغشاوة .
روى البخاري (3009) ومسلم (2406) عن سَهْل بْنَ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ : لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ فَقَالَ أَيْنَ عَلِيٌّ فَقِيلَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الراية . فَقَالَ : أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا ؟ فَقَالَ : انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ .
فهذه دعوة إلى الله سبحانه مقرونة بقوة السلاح .
وروى مسلم (3261) عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ، ثُمَّ قَالَ : اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ، اغْزُوا ، وَلا تَغُلُّوا ، وَلا تَغْدِرُوا ، وَلا تَمْثُلُوا ، وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا ، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ . . . فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ . . . الحديث .
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أمراءه أن يدعو الكفار إلى الإسلام وهم يرفعون السيوف فوق رؤوسهم ، فإن أبوا الإسلام دفعوا الجزية وهم أذلة صاغرون ، فإن أبوا فما لهم إلا السيف ( فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ ) .
4- وقال صلى الله عليه وسلم : ( بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ ، لا شَرِيكَ لَهُ ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي ، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) أحمد (4869) . صحيح الجامع (2831) .
وكون السيف والقوة من أسباب انتشار الإسلام ، هذا لا يعيب الإسلام ، بل هو من مزاياه ومحاسنه أنه يلزم الناس بما فيه نفعهم في الدنيا والآخرة ، وكثير من الناس يغلب عليهم السفه وقلة الحكمة والعلم، فلو تُرِك وشأنه لعمي عن الحق ، ولانغمس في الشهوات ، فشرع الله الجهاد لرد هؤلاء إلى الحق ، وإلى ما فيه نفعهم ، ولا شك أن الحكمة تقتضي منع السفيه مما يضره ، وحمله على ما فيه نفعه .
وروى البخاري (4557) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) قَالَ : خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ [أي كنتم أنفع الناس للناس] تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ ، حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ. وهل يؤتى بالناس في السلاسل من غير جهاد ؟*!
وهذا مما يُمدح عليه الإسلام ولا يذم ، فعلى الانهزاميين ( أن يتقوا الله في مسخ هذا الدين ، وإصابته بالهزال بحجة أنه دين السلم والسلام . نعم ، إنه دين السلم والسلام ، ولكن على أساس إنقاذ البشرية كلها من عبادة غير الله ، وإخضاع البشرية كافة لحكم الله ، إنه منهج الله وليس منهج عبد من العبيد ولا مذهب مفكر من البشر حتى يخجل الداعون إليه من إعلان أن هدفهم الأخير هو أن يكون الدين كله لله . إنه حين تكون المذاهب التي يتبعها الناس مذاهب بشرية من صنع العبيد وحين تكون الأنظمة والشرائع التي تصرف حياتهم من وضع العبيد أيضاً فإنه في هذه الحالة يصبح لكل مذهب ولكل نظام الحق في أن يعيش داخل حدوده آمنا ما دام أنه لا يعتدي على حدود الآخرين ويصبح من حق هذه المذاهب والأنظمة والأوضاع المختلفة أن تتعايش وألا يحاول أحدها إزالة الآخر . فأما حين يكون هناك منهج إلهي وشريعة ربانية وإلى جانبه مناهج ومذاهب من صنع البشر فإن الأمر يختلف من أساسه ، ويصبح من حق المنهج الإلهي أن يجتاز الحواجز البشرية ويحرر البشر من العبودية للعباد . . . ) فقه الدعوة لسيد قطب (217-222) . بتصرف يسير .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/14) : "الإسلام انتشر بالحجة والبيان بالنسبة لمن استمع البلاغ واستجاب له ، وانتشر بالقوة والسيف لمن عاند وكابر حتى غُلِب على أمره ، فذهب عناده فأسلم لذلك الواقع" اهـ .
تنبيه :
يجب أن يعلم أنه ليس معنى الجهاد في سبيل الله لدعوة الناس إلى الإسلام وإزالة معالم الشرك من الوجود ، ليس معنى هذا أن الإسلام يكره الناس على الدخول فيه ، كلا ، فإن الله تعالى يقول : (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) البقرة/256 .
ولذلك من رفض من المشركين الدخول في الإسلام تُرِكَ ودينَه ، ولكن بشروط نعقدها معه ، وهو ما يسمى بـ "عقد الجزية" أو "عقد الذمة" .
فلليهودي أن يبقى على يهوديته في دولة الإسلام ، وكذلك النصراني وغيرهم من أهل سائر الأديان .
وتاريخ المسلمين شاهد على بقاء غير المسلمين في دولة الإسلام من غير أن يكرهوا على تغيير دينهم . وقد اعترف بذلك كثير من المستشرقين أنفسهم .
قال المستشرق الألماني أولرش هيرمان:
" الذي لفت نظري أثناء دراستي لهذه الفترة – فترة العصور الوسطى- هو درجة التسامح التي تمتع بها المسلمون، وأخص هنا صلاح الدين الأيوبي،فقد كان متسامحاً جداً تجاه المسيحيين .
إن المسيحية لم تمارس الموقف نفسه تجاه الإسلام " انتهى .
(العالم) ، العدد 290، السبت 2 سبتمبر 1989م .
وقال هنري دي كاستري (مفكر فرنسي) :
"قرأت التاريخ وكان رأيي بعد ذلك أن معاملة المسلمين للمسيحيين تدل على ترفع في المعاشرة عن الغلظة وعلى حسن مسايرة ولطف مجاملة وهو إحساس لم يشاهد في غير المسلمين آن ذاك" انتهى .
وقال ول ديورانت (فيلسوف ومؤرخ أمريكي) :
"كان أهل الذمة المسيحيون، والزردشتيون، واليهود، والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد نظيرًا لها في المسيحية في هذه الأيام. فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم.. وكانوا يتمتعون بحكم ذاتي يخضعون فيه لزعمائهم وقضاتهم وقوانينهم" انتهى .
وقال الدكتور جورج حنا من نصارى لبنان :
"إن المسلمين العرب لم يعرف عنهم القسوة والجور في معاملتهم للمسيحيين بل كانوا يتركون لأهل الكتاب حرية العبادة وممارسة طقوسهم الدينية، مكتفين بأخذ الجزية منهم" انتهى .
وأما إكراه النصارى للمسلمين على تغيير دينهم ، وقتلهم وتعذيبهم إن رفضوا ذلك ، فشواهده من التاريخ القديم والمعاصر واضحة للعيان ، وما محاكم التفتيش إلا مثال واحد فقط من هذه الوقائع .
ونسأل الله تعالى أن يعز دينه ، ويعلي كلمته .
انظر : "التسامح في الإسلام بين المبدأ والتطبيق" للدكتور شوقي أبو خليل ، "الإسلام خواطر وسوانح" .
والله تعالى أعلم .
 
رد: الردُّ على بعض الشبهات التي تُثار حول المسلمين/أنس محمد خير يوسف

اذا سمحت لي اخوك الصغير ان اجاوب عنك هذا السؤال والله ولي التوفيق



هل انتشر الإسلام بالسيف ؟.


الحمد لله
سبق في السؤال رقم (34830) أن الجهاد نوعان : جهاد طلب ، وجهاد دفع .
ولا شك أن جهاد الطلب كان له أثر كبير في نشر الإسلام ، ودخول الناس في دين الله أفواجالأنه يزيل العقبات التي تمنع الناس من النظر والتفكير والاطلاع على محاسن الإسلام ، ولذلك ملئت قلوب أعداء الإسلام رعباً من هذا الجهاد .
جاء في مجلة العالم الإسلامي الإنجليزية : إن شيئاً من الخوف يجب أن يسيطر على العالم الغربي ، ولهذا الخوف أسباب منها أن الإسلام منذ ظهر بمكة لم يضعف عددياً بل دائما في ازدياد واتساع . ثم إن الإسلام ليس ديناً فحسب ، بل إن من أركانه الجهاد اهـ .
وقال روبرت بين : إن المسلمين قد غزوا الدنيا كلها من قبل وقد يفعلونها مرة ثانية اهـ .
وقد أراد المستشرقون الطعن في الإسلام بأنه انتشر بالسيف .
وألف المستشرق توماس أرنولد كتابه (الدعوة إلى الإسلام) يهدف منه إلى إماتة الروح الجهادية عند المسلمين ، وبرهن بزعمه على أن الإسلام لم ينتشر بالسيف ، وإنما انتشر بالدعوة السلمية المتبرئة من كل قوة .
وقد وقع المسلمون في الفخ الذي نُصِبَ لهم ، فإذا سمعوا من يتهجم على الإسلام بأنه انتشر بالسيف من المستشرقين ، قالوا : أخطأتم واسمعوا الرد عليكم من بني جلدتكم ، فهذا توماس يقول كذا وكذا .
وخرج الانهزاميون من المسلمين يدافعون عن الإسلام ، وأرادوا تبرئة الإسلام من هذه الفرية على زعمهم ، فنفوا أن يكون الإسلام انتشر بالسيف ، ونفوا مشروعية الجهاد في الإسلام إلا على سبيل الدفاع فقط ، وأما جهاد الطلب فلا وجود له عندهم . وهذا خلاف ما قرره أئمة الهدى علماء المسلمين ، فضلا عن مخالفته للقرآن والسنة .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (28/263) :
"فالمقصود أن يكون الدين كله لله ، وأن تكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة الله اسم جامع لكلماته التي تضمنها كتابه ، وهكذا قال الله تعالى : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) فالمقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يقوم الناس بالقسط في حقوق الله وحقوق خلقه ثم قال تعالى : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ) فمن عدل عن الكتاب قوم بالحديد، ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف. وقد روى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نضرب بهذا يعنى السيف من عدل عن هذا يعنى المصحف اهـ .
وقال ابن القيم رحمه الله في "الفروسية" (ص 18) :
( وبعثه الله تعالى – يعني النبي صلى الله عليه وسلم - بالكتاب الهادي ، والسيف الناصر ، بين يدي الساعة حتى يعبد سبحانه وحده لا شريك له، وجعل رزقه تحت ظل سيفه ورمحه . . . فإن الله سبحانه أقام دين الإسلام بالحجة والبرهان ، والسيف والسنان ، كلاهما في نصره أخوان شقيقان اهـ .
وهذه بعض أدلة الكتاب والسنة والتي تدل دلالة بينة واضحة على أن السيف كان من أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار الإسلام :
1- قال الله تعالى : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحج /40 . وقال : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) البقرة /251 .
2- وأمر الله تعالى بإعداد العدة لمجاهدة الكفار وإرهابهم ، قال تعالى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) الأنفال /60 .
فلو كان الإسلام لا ينتشر إلا بالدعوة السلمية فقط ، فمم يخاف الكفار ؟ أمن كلام يقال باللسان فقط ؟ وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نصرت بالرعب مسيرة شهر ) وهل يرعب الكفار أن يقال لهم أسلموا ، فإن لم تسلموا فأنتم أحرار فيما تعتقدون وتفعلون . أم كان يرعبهم الجهاد وضرب الجزية والصغار . مما يحملهم على الدخول في الإسلام لرفع ذلك الصغار عنهم .
3- وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الإسلام دعوة مقرونة بالسيف ، ويأمر بذلك قواده، لعل الناس إذا رأوا القوة وجد المسلمين في الدعوة إلى دينهم تزول عنهم الغشاوة .
روى البخاري (3009) ومسلم (2406) عن سَهْل بْنَ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ : لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ فَقَالَ أَيْنَ عَلِيٌّ فَقِيلَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الراية . فَقَالَ : أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا ؟ فَقَالَ : انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ .
فهذه دعوة إلى الله سبحانه مقرونة بقوة السلاح .
وروى مسلم (3261) عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ، ثُمَّ قَالَ : اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ، اغْزُوا ، وَلا تَغُلُّوا ، وَلا تَغْدِرُوا ، وَلا تَمْثُلُوا ، وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا ، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ . . . فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ . . . الحديث .
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أمراءه أن يدعو الكفار إلى الإسلام وهم يرفعون السيوف فوق رؤوسهم ، فإن أبوا الإسلام دفعوا الجزية وهم أذلة صاغرون ، فإن أبوا فما لهم إلا السيف ( فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ ) .
4- وقال صلى الله عليه وسلم : ( بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ ، لا شَرِيكَ لَهُ ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي ، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) أحمد (4869) . صحيح الجامع (2831) .
وكون السيف والقوة من أسباب انتشار الإسلام ، هذا لا يعيب الإسلام ، بل هو من مزاياه ومحاسنه أنه يلزم الناس بما فيه نفعهم في الدنيا والآخرة ، وكثير من الناس يغلب عليهم السفه وقلة الحكمة والعلم، فلو تُرِك وشأنه لعمي عن الحق ، ولانغمس في الشهوات ، فشرع الله الجهاد لرد هؤلاء إلى الحق ، وإلى ما فيه نفعهم ، ولا شك أن الحكمة تقتضي منع السفيه مما يضره ، وحمله على ما فيه نفعه .
وروى البخاري (4557) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) قَالَ : خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ [أي كنتم أنفع الناس للناس] تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ ، حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ. وهل يؤتى بالناس في السلاسل من غير جهاد ؟*!
وهذا مما يُمدح عليه الإسلام ولا يذم ، فعلى الانهزاميين ( أن يتقوا الله في مسخ هذا الدين ، وإصابته بالهزال بحجة أنه دين السلم والسلام . نعم ، إنه دين السلم والسلام ، ولكن على أساس إنقاذ البشرية كلها من عبادة غير الله ، وإخضاع البشرية كافة لحكم الله ، إنه منهج الله وليس منهج عبد من العبيد ولا مذهب مفكر من البشر حتى يخجل الداعون إليه من إعلان أن هدفهم الأخير هو أن يكون الدين كله لله . إنه حين تكون المذاهب التي يتبعها الناس مذاهب بشرية من صنع العبيد وحين تكون الأنظمة والشرائع التي تصرف حياتهم من وضع العبيد أيضاً فإنه في هذه الحالة يصبح لكل مذهب ولكل نظام الحق في أن يعيش داخل حدوده آمنا ما دام أنه لا يعتدي على حدود الآخرين ويصبح من حق هذه المذاهب والأنظمة والأوضاع المختلفة أن تتعايش وألا يحاول أحدها إزالة الآخر . فأما حين يكون هناك منهج إلهي وشريعة ربانية وإلى جانبه مناهج ومذاهب من صنع البشر فإن الأمر يختلف من أساسه ، ويصبح من حق المنهج الإلهي أن يجتاز الحواجز البشرية ويحرر البشر من العبودية للعباد . . . ) فقه الدعوة لسيد قطب (217-222) . بتصرف يسير .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/14) : "الإسلام انتشر بالحجة والبيان بالنسبة لمن استمع البلاغ واستجاب له ، وانتشر بالقوة والسيف لمن عاند وكابر حتى غُلِب على أمره ، فذهب عناده فأسلم لذلك الواقع" اهـ .
تنبيه :
يجب أن يعلم أنه ليس معنى الجهاد في سبيل الله لدعوة الناس إلى الإسلام وإزالة معالم الشرك من الوجود ، ليس معنى هذا أن الإسلام يكره الناس على الدخول فيه ، كلا ، فإن الله تعالى يقول : (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) البقرة/256 .
ولذلك من رفض من المشركين الدخول في الإسلام تُرِكَ ودينَه ، ولكن بشروط نعقدها معه ، وهو ما يسمى بـ "عقد الجزية" أو "عقد الذمة" .
فلليهودي أن يبقى على يهوديته في دولة الإسلام ، وكذلك النصراني وغيرهم من أهل سائر الأديان .
وتاريخ المسلمين شاهد على بقاء غير المسلمين في دولة الإسلام من غير أن يكرهوا على تغيير دينهم . وقد اعترف بذلك كثير من المستشرقين أنفسهم .
قال المستشرق الألماني أولرش هيرمان:
" الذي لفت نظري أثناء دراستي لهذه الفترة – فترة العصور الوسطى- هو درجة التسامح التي تمتع بها المسلمون، وأخص هنا صلاح الدين الأيوبي،فقد كان متسامحاً جداً تجاه المسيحيين .
إن المسيحية لم تمارس الموقف نفسه تجاه الإسلام " انتهى .
(العالم) ، العدد 290، السبت 2 سبتمبر 1989م .
وقال هنري دي كاستري (مفكر فرنسي) :
"قرأت التاريخ وكان رأيي بعد ذلك أن معاملة المسلمين للمسيحيين تدل على ترفع في المعاشرة عن الغلظة وعلى حسن مسايرة ولطف مجاملة وهو إحساس لم يشاهد في غير المسلمين آن ذاك" انتهى .
وقال ول ديورانت (فيلسوف ومؤرخ أمريكي) :
"كان أهل الذمة المسيحيون، والزردشتيون، واليهود، والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد نظيرًا لها في المسيحية في هذه الأيام. فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم.. وكانوا يتمتعون بحكم ذاتي يخضعون فيه لزعمائهم وقضاتهم وقوانينهم" انتهى .
وقال الدكتور جورج حنا من نصارى لبنان :
"إن المسلمين العرب لم يعرف عنهم القسوة والجور في معاملتهم للمسيحيين بل كانوا يتركون لأهل الكتاب حرية العبادة وممارسة طقوسهم الدينية، مكتفين بأخذ الجزية منهم" انتهى .
وأما إكراه النصارى للمسلمين على تغيير دينهم ، وقتلهم وتعذيبهم إن رفضوا ذلك ، فشواهده من التاريخ القديم والمعاصر واضحة للعيان ، وما محاكم التفتيش إلا مثال واحد فقط من هذه الوقائع .
ونسأل الله تعالى أن يعز دينه ، ويعلي كلمته .
انظر : "التسامح في الإسلام بين المبدأ والتطبيق" للدكتور شوقي أبو خليل ، "الإسلام خواطر وسوانح" .
والله تعالى أعلم .

اشكركم جزيل الشكر أخي الكريم
 
عودة
أعلى