المقدمة
يعد سور الصين العظيم من أشهر التحصينات في التاريخ القديم وعلى الرغم من ضخامته لم يمنع غزو الصين من أن تغزوها جيوشاً كبيرةً وفقدت الحصون قدرتها الدفاعية في القرن السادس عشر وأصبح للقلاع أهمية خاصة في الدفاع عن المدن.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى اعتمدت فرنسا استراتيجية دفاعية سلبية بإنشاءخط ماجينو Ligne Maginot الذي يُعد نموذجاً للتحصينات الدفاعية الثابتة واتبع القادة العسكريون هذه النظرية إيماناً منهم بمقدرة الخط على وقف تقدم القوات الألمانية وإنهاكها ما يسهل توجيه ضربات مضادة إليها وسحقها.
وقد أثر هذا الفكر الإستراتيجي على كفاءة القوات المدافعة عن خط ماجينو وتنظيمها والتي سُميت بقوات الحصون دون اهتمام بتطوير قوات الضربة المتمثلة في القوات المدرعة والميكانيكية وقوات الردع المتمثلة في القوات الجوية إلى جانب ذلك فقد طور المهندسون العسكريون أنماطاً أوجدوها لزيادة قدرة الدفاع الدائري وتغطية بعض الحصون بعضاً بالنيران والقوات.
وفي الحرب العالمية الثانية اختلفت عقائد للدول الكبرى فترى العقيدة الروسية أن الهدف من إقامة التحصينات هو إجبار القوات المهاجمة على الدخول في اتجاهات معينة ومختارة حتى يمكن تدميرها بينما اعتمدت ألمانيا نظرية الحرب الخاطفة في إطار إستراتيجية هجومية تعتمد على ثنائي الدبابة والطائرة في تعاون وثيق.
أما فرنسا فقد اعتمدت نظرية دفاعية اعتمدت على التحصينات الثابتة لكن القوات الألمانية تفادت خط ماجينو المحصن وألتفت حوله مهاجمته من الغرب فانهارت فرنسا وسقط خط ماجينو، وأثبتت القوات المصرية في العصر الحديث باقتحامها خط بارليف المنيعأن أقوى الحصون يمكن التغلب عليها مهما كانت درجة كفاءتها وقوتها بإعداد خطة محكمة.
فكرة بناء خط ماجينو بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى
بدأت الدراسات بعد انتصارها عام 1918حول ما يجنب فرنسا أي عدوان مرتقب خاصة على الحدود الشمالية الشرقية مع ألمانيا، في منطقتي الألزاس واللورينوبعد دراسة الإستراتيجية الألمانية التي تبنت نظرية الحرب الخاطفة اتخذت فرنسا إستراتيجية دفاعية اعتمدت على بناء خط من التحصينات القوية المستديمة خط ماجينو هذا الخط يكون قادراً على وقف تقدم القوات الألمانية المهاجمة ما يسهل قيام القوات الفرنسية المدافعة بتوجيه ضربات مضادة إليها وسحقها.
وقد أثر هذا الفكر الإستراتيجي الخاطئ على تنظيم القوات الفرنسية المدافعة عن خط ماجينو وتكوينها وأدى إلى إهمال التشكيلات المدرعة والميكانيكية وإهمال تطوير القوات الجوية وقوات الإبرار الجوي.
دار نقاش طويل بين مؤيدي خط التحصينات المنيع وبين معارضيه من المدرسة الفرنسية وعلى رأسهم بول رينو Renault وشارل ديجولDegaulle حيث عارضا فكرة بناء الدفاعات المحصنة الثابتة وآمناً بضرورة صناعة الدبابات والطائرات والأخذ بعقيدة الحرب الميكانيكية.
استند الفريق الأول الذي يؤيد حرب الدفاعات الثابتة إلى نجاح فرنسا في التمسك بخط من الأسلاك والخنادق المانعة ممتد إلى مسافة 400 ميل أوقف تقدم الجيش الألماني لمدة أربعة أيام وقد ترتب على صمود هذا الخط فشل عقيدة الألمان الهجومية ومن المؤكد أن إنشاء خط حصين على طول الحدود الفرنسية سيكون أفضل دفاعياً.
وقد ساعد على الاقتناع بهذه النظرية الدفاعية الفرنسية أن القيادة العليا الفرنسية قد تأثرت لحمامات الدم التي شهدتها البلاد خلال الحرب العالمية الأولى من عام 1914 إلى 1918 وكان من نتائجها أن صار الرأي العام الفرنسي على درجة عالية من الحساسية لفقد الأرواح موقنة إنها إن تكررت فستكون النتيجة مأساة هي نهاية فرنسا وأصبح البرلمان الفرنسي أكثر ميلاً وقناعة للأخذ بالدفاعات المحصنة. التي توفر للجنود الفرنسيين الصمود والثبات. وازدادت هذه القناعة بعد الكلمة التي ألقاها وزير الحربية الفرنسي أندريه ماجينو Andre Maginotأمام البرلمان الفرنسي والتي كان نصها
اقتباس:
مهما تصورنا أن المرء يستطيع تجهيز نفسه لمعركة مستقبلية إلا هناك ضرورة ملحة تبقى وهي حماية أرض الوطن من الاحتلال ونحن نعلم أن المصائب يمكن أن تأتي مجتمعة لذا لا يستطيع النصر أن يُعوض آثارها المدمرة والتحصينات الدفاعية التي نريد إنشاءها لتأمين الحدود هدفها الرئيسي سد الطريق أمام الاحتلال المحتمل
وعندما عرض ماجينو فكرته العبقرية عن بناء خط ماجينو الحصين الذي لا يخترق كان الانطباع القوي أنه لا مناص من تعويض النقص البشري إلا بالدفاعات المحصنة التي توفر الحماية لأرواح آلاف الجنود الفرنسيي كما توفر الوقت اللازم للقوات الفرنسية لاستكمال إجراءات الفتح واتخاذ الأوضاع المناسبة أمام جحافل التشكيلات الألمانية المهاجمة.
تقرر البدء في بناء خط ماجينو خلال خمس مراحل رئيسية كما صوت مجلس الشيوخ الفرنسي على ما سُمي بـقانون ماجينو Maginat Law، الذي يسمح بتخصيص 2.9 بليون فرنك فرنسي لتشييد الحصون التي تم بناؤها على طول الحدود الألمانية والإيطالية.
المراحل الرئيسية لتشييد خط ماجينو
اتُخذ القرار الوطني ببناء خط ماجينو وتحول الحلم إلى حقيقة وتم هذا البناء الفريد خلال خمس مراحل رئيسية كالتالي:
المرحلة الأولى/ 1919- يوليه 1922
كانت نقطة البداية هي وضع الدراسات العسكرية والفنية اللازمة للتأكد من سلامة الفكر والتحقق من الاختيار المناسب لأنواع التحصينات الدفاعية ومدى تناسبها مع الدراسة التكتيكية والطبوغرافية للأرض وسيقام عليها البناء ووضعها في الخط الدفاعي الحصين أو ما أُطلق عليه بعد ذلك خط ماجينو.
بناءً على ذلك تشكلت لجنتان على النحو التالي:
اللجنة الأولى/"لجنة الخليج" عام 1920
قامت هذه اللجنة بالدراسة الطبوغرافية والتكتيكية للأرض على امتداد حدود فرنسا الشرقية وحددت أهم الهيئات والطرق والاتجاهات المحتملة لتقدم العدو وأعماله المنتظرة.
اللجنة الثانية/ "لجنة دي جينيه" عام 1922
وهي لجنة فنية هندسية لدراسة كافة التحصينات السابقة وتطويرها بما يتناسب مع المطالب التي حددتها اللجنة الأولى وبما يحقق الهدف من إنشاء هذه التحصينات.
المرحلة الثانية/ أغسطس 1922-1925
نظراً لضخامة الاعتمادات المالية المخصصة للمشروع شُكلت اللجنة الإقليمية وأعقبتها لجنة جديدة سُميت "لجنة الدفاع عن الحدود" برئاسة الجنرال جيليومات وكان الهدف من هذه اللجان هو دراسة تقارير اللجان السابقة في المرحلة الأولى ووضع التصور النهائي لما سيكون عليه خط ماجينو.
وقد قررت هذه اللجان إنشاء ثلاث مناطق هي ميتز Metz، لوتير Lauter، بلفور Belfort، وأوصت اللجان بأن تكون التحصينات والمنشآت ذات تقنية عالية.
المرحلة الثالثة/ عام 1925-1936
مرحلة البناء والتشييد للتحصينات الدفاعية الثابتة وتشكلت لهذه المهمة اللجنة التنظيمية الإقليمية للتحصينات وكانت مهمتها الاختيار الدقيق لأماكن التحصينات واختيار النموذج المناسب مما أعد في المرحلة السابقة بعد تطويره بواسطة لجنة الدفاع عن الحدود.
أما تصميم الأسلحة والمعدات وتصنيعها بما يتناسب مع الهدف الرئيسي من هذه التحصينات فقد أُسندت المسؤولية المباشرة لمدير المدفعية الفرنسي وقد واكب بدء التشييد الفعلي فترة رواج اقتصادي عظيم لفرنسا وكان ذلك عام 1929 ما ساعد على تنفيذ هذه المرحلة على النحو التالي:
الانتهاء من التشييد وبناء التحصينات الدفاعية المستديمة على طول خط ماجينو كالآتي:
عام 1930: إنشاء الدشم والملاجئ الحصينة.
عام 1931: أعمال الحفر وإقامة البنية التحتية.
عام 1932: أعمال الحفر في دشم الأسلحة وإنشاء القواعد الخرسانية للأسلحة.
عام 1933: إنشاء الجزء الأكبر من مرابض نيران المدفعية وخليج النيران لأسلحة المشاة في النطاق الخارجي الدفاعي.
عام 1934: إنشاء المعسكرات وأماكن مبيت الأفراد قوات الحصون وإقامة محطات توليد الكهرباء وتركيب المصاعد الكهربائية ونظام التهوية.
عام 1935: استكمال المنشآت الداخلية والتجهيزات الخاصة بالإنذار والحريق والاتصالات والإضاءة، وإقامة الموانع المضادة للدبابات، على امتداد الخط، والبدء في بناء التحصينات على الاتجاه الشمالي على الحدود البلجيكية.
عام 1936: تكثيف الدفاعات بوضع المزيد من الموانع والدفاعات المضادة للدبابات، واستكمال شبكة الصرف الصحي وتطويرها، وتخفيف عوامل الرطوبة.
إجمالي الإنشاءات والأعمال الهندسية
22 دشمة خرسانية كبيرة.
108 دشمة خرسانية.
410 دشمة للمشاة، ملاجئ للاحتياط، نقطة ملاحظة.
(2) موقع حصين للدبابات
23 موقعاً.
(3) تركيبات أسلحة
تركيب 339 قطعة مدفعية مختلفة الأعيرة.
أبنية وحوائط مختلفة الأعيرة
صب 1.5 مليون متر مكعب من الحوائط الخرسانية المسلحة
100 كم من الدهاليز والأروقة والأنفاق تحت الأرض
وضع 152 برج متحرك وتركيبها.
بناء 1536 فرن لصهر المعادن.
............
المرحلة الرابعة/ عام 1936-1939
أول ما قدم في هذه المرحلة اختيار الأفراد وتنظيم قوات الدفاع عن خط ماجينو وتدريبها وقد أُطلق عليها حامية الحصون وهي تتألف من وحدات من المشاة والمدفعية والمهندسين والفنيين المنوط بهم تشغيل الماكينات وأجهزة نقل الحركة في المركبات والعناية بالطاقة الكهربائية.
ولكن حدث ما هو أهم من ذلك ففي عام 1935 خرقت ألمانيا بنود اتفاقية فرساي وأعادت نظام الخدمة العسكرية وأعاد هتلر الانتشار العسكري في أرض الراين المنزوع سلاحها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى لم يكن لمعسكر الحلفاء رد فعل مناسب لما فعل هتلر وأعلنت بلجيكا الحياد ما أثار خوف القيادة الفرنسية من هجوم ألماني عن طريق الأراضي البلجيكية.
كان من نتائج ذلك القرار الفرنسي بأن يدخل بناء الدشم على الاتجاه الشمالي الغربي تحت مسمى جبهات جديدة ضمن المرحلة الرابعة في مواقع أُطلق عليها "ثغرة الثار ومنطقة أخرى أُطلق عليها هاي فوسجاس كما شملت كذلك محاور التقدم باتجاه الحدود البلجيكية.
المرحلة الخامسة والأخيرة/ عام 1939-1940
كانت المهمة الرئيسية في هذه المرحلة هي تقوية الدفاعات والتحصينات بما يحقق تنفيذ مبادئ الدفاع الثابت وهي ثبات الدفاع/ الدفاع ضد هجمات المشاة والدبابات/ الدفاع ضد الضربات الجوية /استخدام الموانع والتحصينات الدفاعية لصد الهجوم الألماني/ وإمكانية القيام بالضربات المضادة.
وقد حققت هذه المرحلة استكمال بناء خط ماجينو وزيادة كثافة الموانع المضادة للدبابات على المواقع الأمامية في مواجهة خط سيجفريد كما أُنشئ موقع ثانٍ على مسافة 25 كم من الموقع الأول لم يكن في كفاءة الموقع الأول نظراً للظروف الاقتصادية المتردية التي تمر بها فرنسا مع استكمال الدفاعات الدائرية عن مدينة باريس
يعد سور الصين العظيم من أشهر التحصينات في التاريخ القديم وعلى الرغم من ضخامته لم يمنع غزو الصين من أن تغزوها جيوشاً كبيرةً وفقدت الحصون قدرتها الدفاعية في القرن السادس عشر وأصبح للقلاع أهمية خاصة في الدفاع عن المدن.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى اعتمدت فرنسا استراتيجية دفاعية سلبية بإنشاءخط ماجينو Ligne Maginot الذي يُعد نموذجاً للتحصينات الدفاعية الثابتة واتبع القادة العسكريون هذه النظرية إيماناً منهم بمقدرة الخط على وقف تقدم القوات الألمانية وإنهاكها ما يسهل توجيه ضربات مضادة إليها وسحقها.
وقد أثر هذا الفكر الإستراتيجي على كفاءة القوات المدافعة عن خط ماجينو وتنظيمها والتي سُميت بقوات الحصون دون اهتمام بتطوير قوات الضربة المتمثلة في القوات المدرعة والميكانيكية وقوات الردع المتمثلة في القوات الجوية إلى جانب ذلك فقد طور المهندسون العسكريون أنماطاً أوجدوها لزيادة قدرة الدفاع الدائري وتغطية بعض الحصون بعضاً بالنيران والقوات.
وفي الحرب العالمية الثانية اختلفت عقائد للدول الكبرى فترى العقيدة الروسية أن الهدف من إقامة التحصينات هو إجبار القوات المهاجمة على الدخول في اتجاهات معينة ومختارة حتى يمكن تدميرها بينما اعتمدت ألمانيا نظرية الحرب الخاطفة في إطار إستراتيجية هجومية تعتمد على ثنائي الدبابة والطائرة في تعاون وثيق.
أما فرنسا فقد اعتمدت نظرية دفاعية اعتمدت على التحصينات الثابتة لكن القوات الألمانية تفادت خط ماجينو المحصن وألتفت حوله مهاجمته من الغرب فانهارت فرنسا وسقط خط ماجينو، وأثبتت القوات المصرية في العصر الحديث باقتحامها خط بارليف المنيعأن أقوى الحصون يمكن التغلب عليها مهما كانت درجة كفاءتها وقوتها بإعداد خطة محكمة.
فكرة بناء خط ماجينو بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى
بدأت الدراسات بعد انتصارها عام 1918حول ما يجنب فرنسا أي عدوان مرتقب خاصة على الحدود الشمالية الشرقية مع ألمانيا، في منطقتي الألزاس واللورينوبعد دراسة الإستراتيجية الألمانية التي تبنت نظرية الحرب الخاطفة اتخذت فرنسا إستراتيجية دفاعية اعتمدت على بناء خط من التحصينات القوية المستديمة خط ماجينو هذا الخط يكون قادراً على وقف تقدم القوات الألمانية المهاجمة ما يسهل قيام القوات الفرنسية المدافعة بتوجيه ضربات مضادة إليها وسحقها.
وقد أثر هذا الفكر الإستراتيجي الخاطئ على تنظيم القوات الفرنسية المدافعة عن خط ماجينو وتكوينها وأدى إلى إهمال التشكيلات المدرعة والميكانيكية وإهمال تطوير القوات الجوية وقوات الإبرار الجوي.
دار نقاش طويل بين مؤيدي خط التحصينات المنيع وبين معارضيه من المدرسة الفرنسية وعلى رأسهم بول رينو Renault وشارل ديجولDegaulle حيث عارضا فكرة بناء الدفاعات المحصنة الثابتة وآمناً بضرورة صناعة الدبابات والطائرات والأخذ بعقيدة الحرب الميكانيكية.
استند الفريق الأول الذي يؤيد حرب الدفاعات الثابتة إلى نجاح فرنسا في التمسك بخط من الأسلاك والخنادق المانعة ممتد إلى مسافة 400 ميل أوقف تقدم الجيش الألماني لمدة أربعة أيام وقد ترتب على صمود هذا الخط فشل عقيدة الألمان الهجومية ومن المؤكد أن إنشاء خط حصين على طول الحدود الفرنسية سيكون أفضل دفاعياً.
وقد ساعد على الاقتناع بهذه النظرية الدفاعية الفرنسية أن القيادة العليا الفرنسية قد تأثرت لحمامات الدم التي شهدتها البلاد خلال الحرب العالمية الأولى من عام 1914 إلى 1918 وكان من نتائجها أن صار الرأي العام الفرنسي على درجة عالية من الحساسية لفقد الأرواح موقنة إنها إن تكررت فستكون النتيجة مأساة هي نهاية فرنسا وأصبح البرلمان الفرنسي أكثر ميلاً وقناعة للأخذ بالدفاعات المحصنة. التي توفر للجنود الفرنسيين الصمود والثبات. وازدادت هذه القناعة بعد الكلمة التي ألقاها وزير الحربية الفرنسي أندريه ماجينو Andre Maginotأمام البرلمان الفرنسي والتي كان نصها
اقتباس:
مهما تصورنا أن المرء يستطيع تجهيز نفسه لمعركة مستقبلية إلا هناك ضرورة ملحة تبقى وهي حماية أرض الوطن من الاحتلال ونحن نعلم أن المصائب يمكن أن تأتي مجتمعة لذا لا يستطيع النصر أن يُعوض آثارها المدمرة والتحصينات الدفاعية التي نريد إنشاءها لتأمين الحدود هدفها الرئيسي سد الطريق أمام الاحتلال المحتمل
وعندما عرض ماجينو فكرته العبقرية عن بناء خط ماجينو الحصين الذي لا يخترق كان الانطباع القوي أنه لا مناص من تعويض النقص البشري إلا بالدفاعات المحصنة التي توفر الحماية لأرواح آلاف الجنود الفرنسيي كما توفر الوقت اللازم للقوات الفرنسية لاستكمال إجراءات الفتح واتخاذ الأوضاع المناسبة أمام جحافل التشكيلات الألمانية المهاجمة.
تقرر البدء في بناء خط ماجينو خلال خمس مراحل رئيسية كما صوت مجلس الشيوخ الفرنسي على ما سُمي بـقانون ماجينو Maginat Law، الذي يسمح بتخصيص 2.9 بليون فرنك فرنسي لتشييد الحصون التي تم بناؤها على طول الحدود الألمانية والإيطالية.
المراحل الرئيسية لتشييد خط ماجينو
اتُخذ القرار الوطني ببناء خط ماجينو وتحول الحلم إلى حقيقة وتم هذا البناء الفريد خلال خمس مراحل رئيسية كالتالي:
المرحلة الأولى/ 1919- يوليه 1922
كانت نقطة البداية هي وضع الدراسات العسكرية والفنية اللازمة للتأكد من سلامة الفكر والتحقق من الاختيار المناسب لأنواع التحصينات الدفاعية ومدى تناسبها مع الدراسة التكتيكية والطبوغرافية للأرض وسيقام عليها البناء ووضعها في الخط الدفاعي الحصين أو ما أُطلق عليه بعد ذلك خط ماجينو.
بناءً على ذلك تشكلت لجنتان على النحو التالي:
اللجنة الأولى/"لجنة الخليج" عام 1920
قامت هذه اللجنة بالدراسة الطبوغرافية والتكتيكية للأرض على امتداد حدود فرنسا الشرقية وحددت أهم الهيئات والطرق والاتجاهات المحتملة لتقدم العدو وأعماله المنتظرة.
اللجنة الثانية/ "لجنة دي جينيه" عام 1922
وهي لجنة فنية هندسية لدراسة كافة التحصينات السابقة وتطويرها بما يتناسب مع المطالب التي حددتها اللجنة الأولى وبما يحقق الهدف من إنشاء هذه التحصينات.
المرحلة الثانية/ أغسطس 1922-1925
نظراً لضخامة الاعتمادات المالية المخصصة للمشروع شُكلت اللجنة الإقليمية وأعقبتها لجنة جديدة سُميت "لجنة الدفاع عن الحدود" برئاسة الجنرال جيليومات وكان الهدف من هذه اللجان هو دراسة تقارير اللجان السابقة في المرحلة الأولى ووضع التصور النهائي لما سيكون عليه خط ماجينو.
وقد قررت هذه اللجان إنشاء ثلاث مناطق هي ميتز Metz، لوتير Lauter، بلفور Belfort، وأوصت اللجان بأن تكون التحصينات والمنشآت ذات تقنية عالية.
المرحلة الثالثة/ عام 1925-1936
مرحلة البناء والتشييد للتحصينات الدفاعية الثابتة وتشكلت لهذه المهمة اللجنة التنظيمية الإقليمية للتحصينات وكانت مهمتها الاختيار الدقيق لأماكن التحصينات واختيار النموذج المناسب مما أعد في المرحلة السابقة بعد تطويره بواسطة لجنة الدفاع عن الحدود.
أما تصميم الأسلحة والمعدات وتصنيعها بما يتناسب مع الهدف الرئيسي من هذه التحصينات فقد أُسندت المسؤولية المباشرة لمدير المدفعية الفرنسي وقد واكب بدء التشييد الفعلي فترة رواج اقتصادي عظيم لفرنسا وكان ذلك عام 1929 ما ساعد على تنفيذ هذه المرحلة على النحو التالي:
الانتهاء من التشييد وبناء التحصينات الدفاعية المستديمة على طول خط ماجينو كالآتي:
عام 1930: إنشاء الدشم والملاجئ الحصينة.
عام 1931: أعمال الحفر وإقامة البنية التحتية.
عام 1932: أعمال الحفر في دشم الأسلحة وإنشاء القواعد الخرسانية للأسلحة.
عام 1933: إنشاء الجزء الأكبر من مرابض نيران المدفعية وخليج النيران لأسلحة المشاة في النطاق الخارجي الدفاعي.
عام 1934: إنشاء المعسكرات وأماكن مبيت الأفراد قوات الحصون وإقامة محطات توليد الكهرباء وتركيب المصاعد الكهربائية ونظام التهوية.
عام 1935: استكمال المنشآت الداخلية والتجهيزات الخاصة بالإنذار والحريق والاتصالات والإضاءة، وإقامة الموانع المضادة للدبابات، على امتداد الخط، والبدء في بناء التحصينات على الاتجاه الشمالي على الحدود البلجيكية.
عام 1936: تكثيف الدفاعات بوضع المزيد من الموانع والدفاعات المضادة للدبابات، واستكمال شبكة الصرف الصحي وتطويرها، وتخفيف عوامل الرطوبة.
إجمالي الإنشاءات والأعمال الهندسية
22 دشمة خرسانية كبيرة.
108 دشمة خرسانية.
410 دشمة للمشاة، ملاجئ للاحتياط، نقطة ملاحظة.
(2) موقع حصين للدبابات
23 موقعاً.
(3) تركيبات أسلحة
تركيب 339 قطعة مدفعية مختلفة الأعيرة.
أبنية وحوائط مختلفة الأعيرة
صب 1.5 مليون متر مكعب من الحوائط الخرسانية المسلحة
100 كم من الدهاليز والأروقة والأنفاق تحت الأرض
وضع 152 برج متحرك وتركيبها.
بناء 1536 فرن لصهر المعادن.
............
المرحلة الرابعة/ عام 1936-1939
أول ما قدم في هذه المرحلة اختيار الأفراد وتنظيم قوات الدفاع عن خط ماجينو وتدريبها وقد أُطلق عليها حامية الحصون وهي تتألف من وحدات من المشاة والمدفعية والمهندسين والفنيين المنوط بهم تشغيل الماكينات وأجهزة نقل الحركة في المركبات والعناية بالطاقة الكهربائية.
ولكن حدث ما هو أهم من ذلك ففي عام 1935 خرقت ألمانيا بنود اتفاقية فرساي وأعادت نظام الخدمة العسكرية وأعاد هتلر الانتشار العسكري في أرض الراين المنزوع سلاحها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى لم يكن لمعسكر الحلفاء رد فعل مناسب لما فعل هتلر وأعلنت بلجيكا الحياد ما أثار خوف القيادة الفرنسية من هجوم ألماني عن طريق الأراضي البلجيكية.
كان من نتائج ذلك القرار الفرنسي بأن يدخل بناء الدشم على الاتجاه الشمالي الغربي تحت مسمى جبهات جديدة ضمن المرحلة الرابعة في مواقع أُطلق عليها "ثغرة الثار ومنطقة أخرى أُطلق عليها هاي فوسجاس كما شملت كذلك محاور التقدم باتجاه الحدود البلجيكية.
المرحلة الخامسة والأخيرة/ عام 1939-1940
كانت المهمة الرئيسية في هذه المرحلة هي تقوية الدفاعات والتحصينات بما يحقق تنفيذ مبادئ الدفاع الثابت وهي ثبات الدفاع/ الدفاع ضد هجمات المشاة والدبابات/ الدفاع ضد الضربات الجوية /استخدام الموانع والتحصينات الدفاعية لصد الهجوم الألماني/ وإمكانية القيام بالضربات المضادة.
وقد حققت هذه المرحلة استكمال بناء خط ماجينو وزيادة كثافة الموانع المضادة للدبابات على المواقع الأمامية في مواجهة خط سيجفريد كما أُنشئ موقع ثانٍ على مسافة 25 كم من الموقع الأول لم يكن في كفاءة الموقع الأول نظراً للظروف الاقتصادية المتردية التي تمر بها فرنسا مع استكمال الدفاعات الدائرية عن مدينة باريس
التعديل الأخير: