شكلت مناسبة الذكرى المائة لخضوع المغرب للإستعمارين الفرنسي والإسباني فرصة للحديث عن المآسي التي لحقت الشعب المغربي طيلة النصف الأول من القرن العشرين 1912-1956، جراء ذلك الاحتلال، من تقتيل لأبنائه ونهب لخيراته. كما هيئت حلول الذكرى 91 لحرب الريف، وأساسا معركة أنوال الخالدة ضد الجيش الإسباني، والذكرى 87 لمعركة وادي ورغة ضد القوات الفرنسية، مناسبة للحديث مجددا عن هذا الاستعمار وخاصة أبشع ممارساته وعلى رأسها استعمال الغازات السامة ضد منطقة الريف.
ويشهد العالم خلال العقدين الأخيرين انتعاش ثقافة مطالبة الدول الاستعمارية من قبل الشعوب التي خضعت للقهر والسلب للتعويض عن أضرار ذلك الاحتلال. ويعتبر المغرب من الدول القلائل في العالم الذي تلتزم سلطاته وأغلبية أحزابه السياسية الصمت تجاه هذا الموضوع، باستثناء مبادرات محدودة من هيئات المجتمع المدني.
وتبقى المفارقة أن هذه المطالبة تركز فقط على استعمال اسبانيا للغازات السامة دون المطالبة بمحاسبتها عن الحقبة الاستعمارية بالكامل، لكن المفارقة الكبرى هو الصمت تجاه جرائم فرنسا وكأن هناك استعمار إيجابي وآخر سلبي، بل لا يتردد بعض المؤرخين في التنويه بالماريشال ليوطي واعتباره باني المغرب الحديث.
ومن أسباب تحفظ الدولة المغربية وأغلبية الأحزاب على مطالبة اسبانيا وفرنسا بالتعويض، هو دور المؤسسة الملكية أنذاك المتمثل في توقيع السلطان عبد الحفيظ على وثيقة الاستعمار سنة 1912 ، ثم الدور السلبي للسلطان يوسف في تأييد حرب البلدين للقضاء على حركات مناهضة الاستعمار.
و لعل دور السلطانين الذي يبقى مرفوضا ومدانا لا يجب أن يكون حاجزا نفسيا في فتح هذا الملف الشائك، فإذا كان السلطان يوسف قد انحاز للمستعمر، فالسلطان محمد الخامس وقف الى جانب الشعب المغربي في نضالاته من أجل التحرر.
ويحتم الواقع، علاوة على الواجب، التحلي بالشجاعة في معالجة ملف الاستعمار، بدءا من توقف بعض المؤرخين عن الترويج لأطروحة "ليوطي باني المغرب الحديث"، والتساؤل عن أي بناء هذا الذي كلف المئات الآلاف من أبناء الشعبي المغربي حياتهم؟ ويغدو بناء على ذلك، اعتبار فرنسا مسؤولة على تداعيات استعمارها ويتعين عليها كذلك الى جانب إسبانيا كدولة أن تعتذر للشعب المغربي وتقوم بتعويضه.
وتفيد الوقائع التاريخية أن اسبانيا كانت على وشك مغادرة شمال المغرب في بداية سنة 1925 بعد سلسلة الهزائم التي تعرضت لها، وأبرزها أنوال سنة 1921، وتقلص نفوذها في بداية 1925 في مدينتي تطوان والعرائش و سبتة ومليلية. وبادرت فرنسا بجيش يتجاوز قوامه 200 ألف جندي، كأكبر إنزال شهده المغرب في تاريخه، لمحاربة ثورة الريف بقيادة محمد ابن عبد الكريم الخطابي خوفا من انهيار الاستعمار الفرنسي في مجموع شمال إفريقيا كما يؤكد ذلك الماريشال ليوطي في وثيقة وجهها الى حكومة باريس وقتها.
وتؤكد وثيقة موجودة في أرشيف عصبة الأمم المتحدة حينها، على تنديد الخطابي بفرنسا سنة 1925 ، بسبب استعمالها للغازات السامة ضد الريفيين خاصة منطقة الجنوب الريفي التي لم تكن القوات الإسبانية تصلها. كما أن مذكرات بعض الضباط الفرنسيين والإسبان تؤكد استعمال فرنسا لغاز "موتارد" علاوة على استعمال اسبانيا للغاز نفسه المستقدم من المانيا.
ولعل هذه الاعتبارات كلها يلزم عنها مطالب وخطوات بعينها وأبرزها :
-أن ينكب المؤرخون المغاربة على دراسة دقيقة لتاريخ الاستعمار الفرنسي والإسباني بعيدا عن بعض الأطروحات التمجيدية عن قصد أو بدونه "كليوطي باني المغرب الحديث"، أو محاولة تبرير دور مؤسسات دون أخرى.
- أن تعي الجمعيات المدنية والسياسية أنها مطالبة بالإستمرار في إرساء ثقافة إجبار المستعمر على التعويض عن الأضرار التي ألحقها بالشعب المغربي الذي تعرض للغزو والسلب، لكن دون تمييز بين فرنسا واسبانيا، فالدولتان استعماريتان ويجب تحميلهما معا المسؤولية التاريخية والمعنوية والمادية.
- ضرورة تحلي اسبانيا وفرنسا بالشجاعة الكافية لفتح هذا الملف وتقديم الاعتذار للشعب المغربي وتعويضه عن الجرائم التي تعرض لها بالمساهمة في نمائه.
http://www.alifpost.com/noticias/noticia.php?idnoticia=2295
ويشهد العالم خلال العقدين الأخيرين انتعاش ثقافة مطالبة الدول الاستعمارية من قبل الشعوب التي خضعت للقهر والسلب للتعويض عن أضرار ذلك الاحتلال. ويعتبر المغرب من الدول القلائل في العالم الذي تلتزم سلطاته وأغلبية أحزابه السياسية الصمت تجاه هذا الموضوع، باستثناء مبادرات محدودة من هيئات المجتمع المدني.
وتبقى المفارقة أن هذه المطالبة تركز فقط على استعمال اسبانيا للغازات السامة دون المطالبة بمحاسبتها عن الحقبة الاستعمارية بالكامل، لكن المفارقة الكبرى هو الصمت تجاه جرائم فرنسا وكأن هناك استعمار إيجابي وآخر سلبي، بل لا يتردد بعض المؤرخين في التنويه بالماريشال ليوطي واعتباره باني المغرب الحديث.
ومن أسباب تحفظ الدولة المغربية وأغلبية الأحزاب على مطالبة اسبانيا وفرنسا بالتعويض، هو دور المؤسسة الملكية أنذاك المتمثل في توقيع السلطان عبد الحفيظ على وثيقة الاستعمار سنة 1912 ، ثم الدور السلبي للسلطان يوسف في تأييد حرب البلدين للقضاء على حركات مناهضة الاستعمار.
و لعل دور السلطانين الذي يبقى مرفوضا ومدانا لا يجب أن يكون حاجزا نفسيا في فتح هذا الملف الشائك، فإذا كان السلطان يوسف قد انحاز للمستعمر، فالسلطان محمد الخامس وقف الى جانب الشعب المغربي في نضالاته من أجل التحرر.
ويحتم الواقع، علاوة على الواجب، التحلي بالشجاعة في معالجة ملف الاستعمار، بدءا من توقف بعض المؤرخين عن الترويج لأطروحة "ليوطي باني المغرب الحديث"، والتساؤل عن أي بناء هذا الذي كلف المئات الآلاف من أبناء الشعبي المغربي حياتهم؟ ويغدو بناء على ذلك، اعتبار فرنسا مسؤولة على تداعيات استعمارها ويتعين عليها كذلك الى جانب إسبانيا كدولة أن تعتذر للشعب المغربي وتقوم بتعويضه.
وتفيد الوقائع التاريخية أن اسبانيا كانت على وشك مغادرة شمال المغرب في بداية سنة 1925 بعد سلسلة الهزائم التي تعرضت لها، وأبرزها أنوال سنة 1921، وتقلص نفوذها في بداية 1925 في مدينتي تطوان والعرائش و سبتة ومليلية. وبادرت فرنسا بجيش يتجاوز قوامه 200 ألف جندي، كأكبر إنزال شهده المغرب في تاريخه، لمحاربة ثورة الريف بقيادة محمد ابن عبد الكريم الخطابي خوفا من انهيار الاستعمار الفرنسي في مجموع شمال إفريقيا كما يؤكد ذلك الماريشال ليوطي في وثيقة وجهها الى حكومة باريس وقتها.
وتؤكد وثيقة موجودة في أرشيف عصبة الأمم المتحدة حينها، على تنديد الخطابي بفرنسا سنة 1925 ، بسبب استعمالها للغازات السامة ضد الريفيين خاصة منطقة الجنوب الريفي التي لم تكن القوات الإسبانية تصلها. كما أن مذكرات بعض الضباط الفرنسيين والإسبان تؤكد استعمال فرنسا لغاز "موتارد" علاوة على استعمال اسبانيا للغاز نفسه المستقدم من المانيا.
ولعل هذه الاعتبارات كلها يلزم عنها مطالب وخطوات بعينها وأبرزها :
-أن ينكب المؤرخون المغاربة على دراسة دقيقة لتاريخ الاستعمار الفرنسي والإسباني بعيدا عن بعض الأطروحات التمجيدية عن قصد أو بدونه "كليوطي باني المغرب الحديث"، أو محاولة تبرير دور مؤسسات دون أخرى.
- أن تعي الجمعيات المدنية والسياسية أنها مطالبة بالإستمرار في إرساء ثقافة إجبار المستعمر على التعويض عن الأضرار التي ألحقها بالشعب المغربي الذي تعرض للغزو والسلب، لكن دون تمييز بين فرنسا واسبانيا، فالدولتان استعماريتان ويجب تحميلهما معا المسؤولية التاريخية والمعنوية والمادية.
- ضرورة تحلي اسبانيا وفرنسا بالشجاعة الكافية لفتح هذا الملف وتقديم الاعتذار للشعب المغربي وتعويضه عن الجرائم التي تعرض لها بالمساهمة في نمائه.
http://www.alifpost.com/noticias/noticia.php?idnoticia=2295