تعتبر المدفعية أكبر صانع للضحايا في حروب القرن العشرين السابقة، ولم ينحسر دور المدفعية مطلقا بظهور الأسلحة الصاروخية التكتيكية كوسائط نيران أساسية في ميدان المعركة, وإنما أصاب تطور المدفعية بعض الجمود، ولم تتغير منذ الحرب العالمية الثانية حتى منتصف الخمسينيات، حيث اتجه كلا حلفي الناتو ووارسو نحو التأكيد على الأسلحة النووية بدلا من التقليدية، وفي تلك الفترة نسقت كميات كبيرة من المدافع، خاصة من القوات السوفييتية. أدى إدخال السلاح الصاروخي النووي، خاصة في المستويات التكتيكية إلى التحسين المستمر لوسائط الصراع المسلح، ووضعت أمام المدفعية متطلبات جديدة لتطويرها اللاحق، تتلخص أهم هذه المتطلبات في زيادة مدى الرمي، وقدرة المناورة، وإنتاجية النيران، وخفة الوزن، وتأمين الحماية لأفراد الطاقم من تأثير الأسلحة التقليدية بشكل عام والأسلحة النووية بشكل خاص.
من أهم التحسينات التي أجريت على المدفعية من أجل زيادة قدرتها على المناورة، إعطاء المدفع إمكانية الحركة الذاتية، دون الحاجة إلى القطر، وذلك بتركيبه على عربات مدرعة مجنزرة، وهذه الميزة تمكن المدفعية من مرافقة الدبابات في الميدان، وتمكنها أيضا من التمتع بسرعة رد الفعل، حيث تستطيع فتح النيران من الحركة أو بعد نحو دقيقة من الوقوف، ويستطيع بعضها تنفيذ الرماية الدائرية، والمناورة مباشرة بعد الرمي (اتباع تكتيك أطلق وانسحب)، وقابلية التمويه بسهولة، بينما يحتاج المدفع المقطور إلى نحو نصف ساعة لتجهيزه بعد الوقوف، وتقدم المدافع الذاتية الحركة الحماية للأطقم من شظايا الأسلحة الخفيفة، وبعضها يقدم الحماية ضد الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
أولا: المدفعية الذاتية الحركة S.P.A
بدأ تطوير المدفعية الذاتية الحركة عشية الحرب العالمية الثانية وفي أثنائها، حيث ركبت المدافع على هياكل الدبابات لتسمح للدعم الناري بالمحافظة على مرافقة الهجوم المدرع السريع. ودخل المدفع السوفييتي ذاتي الحركة سو – 14 المركب على الدبابة ت – 35 في المعركة في عام 1940، كما دخل المدفع الأمريكي الذاتي الحركة م – 7 المركب على الدبابة م2 في الخدمة عام 1942. استمر تطوير المدافع الذاتية الحركة بعد الحرب العالمية الثانية بوتائر عالية، وتم تصنيعها بأعداد كبيرة، ودخلت في تسليح القوات المسلحة في معظم دول العالم، وحلت محل المدفعية المقطورة، وبالرغم من ذلك فقد أبقت غالبية الدول على قطع من المدفعية المتطورة حتى الآن. يصنف الأمريكيون المدفعية ضمن صنفين أساسيين، مدفعية الدعم القريب، ومدفعية الدعم العام، وتنفذ مدفعية الدعم القريب مهام الدعم الناري المباشر للوحدات المقاتلة على الخطوط الأمامية، وتدمير الأغراض على الخطوط الدفاعية الثانية. وفي الدعم العام تسيطر المدفعية على المناطق حتى عمق 30 كم، بينما تسيطر الصواريخ على المسافات الأبعد من ذلك، وفي السنوات الأخيرة جرب رجال المدفعية إيصال طلقات المدفع إلى مسافات أبعد، من خلال الطاقة الذاتية العالية والقذائف الصاروخية، لكنهم قابلوا بعض المشكلات في دقة الرمي، والمردود، وفي تمزق السبطانات، وانفجار الضغط الزائد على الطاقم.
su-14
طورت بريطانيا مدفعيتها، وأنتجت في نهاية الحرب العالمية الثانية المدفع الذاتي الحركة طراز «ارشر» عيار 76.2 ملم،
ارشر
وفي الستينيات أنتجت المدفع الذاتي الحركة طراز «أبوت – ف ف – 433» عيار 105 ملم.
ابوت
وتقوم الآن كل من بريطانيا، وألمانيا الغربية، وإيطاليا بإنتاج مدفع جديد متطور من عيار 155 ملم، سيدخل الخدمة بنموذجين، الأول مقطور طرازه «ف ن – 70»، والثاني ذاتي الحركة طراز «س ب – 70». في فرنسا تم تركيب المدفع عيار 105 ملم على هيكل الدبابة إم إكس 13 في بداية الخمسينيات. وإنتاج مدفع ذاتي الحركة إم إكس – 105، وفي نهاية السبعينيات تم تطوير الدبابة ذاتها، ليركب عليها مدفع من عيار 155 ملم. وأنتج المدفع إم إكس – ج سي ت.
GCT 155MM
وتقوم فرنسا حاليا بتطوير مدفع حديث من عيار 155 ملم باسم «ت. د». استمر الاتحاد السوفييتي في الخمسينيات في أعمال البحث الخاصة بتطوير مدفعية الميدان السوفييتية، وأسفرت الأعمال التجريبية لتركيب المدافع على قاعدة متحركة عن ظهور المدفع الذاتي الحركة سو – 100 عيار 100 في منتصف الخمسينيات والذي لا يزال قيد الاستخدام.
S-100
وتتابع ظهور الطرازات الأخرى من مختلف العيارات، وتم إنتاج المدفع الخفيف ذاتي الحركة «أ – و– 57» من عيار 57 ملم، الذي يزن نحو 3 أطنان، والمدفع «أ سو – 85» من عيار 85 ملم الذي يزن نحو 14 طنا. وزودت قوات الدفاع الجوي بهذين الطرازين، لسهولة نقلهما جوا الجوي بهذين الطرازين، لسهولة نقلهما جوا إلى أرض المعركة، وإنزالهما من طائرات النقل العسكرية بالمظلات.
ASU-57
ASU-85
كما تم إنتاج المدافع من عيار 122 ملم بنموذجين، المقطور من طراز «د – 74»، وذاتي الحركة من طراز «سو – 122» والمدافع 152 ملم بنموذجين أيضا، المقطور من طراز «د – 20»، وذاتي الحركة من طراز «سو – 152». وتم تطوير وسائط القطر بحيث استخدمت القاطرات المجنزرة للقطر في ميدان المعركة، وعربات القطر على عجلات للمسافات البعيدة. ووضعت المدافع القذافة الجديدة من العيارين في تسليح وحدات المدفعية ضمن قوام تشكيلات القوات المدرعة والميكانيكية،
D-74
D-20
لزيادة مدى نيرانها، وقدرتها على المناورة، ولزيادة فعالية مدفعية هذه التشكيلات. إن استخدام الدبابات الكثيف في الأعمال القتالية، وزيادة سماكة درعها، وقدرتها العالية على الحركة والمناورة، يتطلب تطوير المدفعية «م/ د» لزيادة قدرتها على خرق الدروع، وذلك بزيادة السرعة الابتدائية للطلقة، وباستخدام القذائف ذات الحشوة الجوفاء، وباستخدام السبطانات القصيرة والمدافع عديمة التراجع، وبتركيب هذه المدافع على هياكل الدبابات لتكون ذاتية الحركة، وأدى ذلك إلى الحصول على مدافع ثقيلة من أجل الوصول إلى سرعة ابتدائية عالية وقوة نفاذ للطلقة. من هذا العرض نرى أن المدفعية تطورت بشكل ملموس منذ الحرب العالمية الثانية حتى يومنا هذا. لكن التطورات التي حصلت في ذخائر المدفعية، ومنظومات قيادة نيرانها كانت أكبر وأوسع، وأدت إلى زيادة دقة رمايات المدفعية وفعاليتها، وتعدد أوجه استخدامها. وأصبحت المدفعية قادرة على إطلاق القذائف الشديدة الانفجار وذات الحشوة الجوفاء، والدخانية، والمضادة للدروع والأشخاص، باستخدام التوجيه الليزري، واللاسلكي، والأشعة تحت الحمراء، وباستخدام مبدأ التوجيه الذاتي إلى الهدف عند الانطلاق، أو في المرحلة النهائية من طيران القذيفة على محركها. يستخدم الأمريكان حاليا القذائف م – 546 المضادة للأشخاص التي تحتوي القذيفة منها على 8000 شظية سهمية. والقذائف «م – 413»، و»م – 444» التي تحتوي على رمانات صغيرة ضد الأشخاص. وأعار الأمريكان اهتماما خاصا لتطوير (القذائف التقليدية المحسنة) التي هي عبارة عن حواضن تقذف ذخائر صغيرة أو عناصر استشعار، من هذه القذائف ما يحمل 88 لغما ثنائي الغرض، بحشوة مختلطة فعالة ضد الدروع الخفيفة والعربات والأشخاص، ومنها ما يحمل 9 ألغام مغناطيسية ضد الدرع، وباستطاعتها، كما يقال، إيقاف أية دبابة في الوقت الحاضر، وإذا لم تنفجر هذه الألغام على أهدافها، فإنها تدمر نفسها ذاتيا بعد فترة معينة من الزمن. في الجانب الآخر، عمل السوفييت أيضا على تطوير ذخائر المدفعية، واستخدموا منجزات العلم لرفع مستوى (القذائف التقليدية المحسنة). نظرا للتطور الكبير الذي حصل في المدفعية من حيث قدرة المناورة العالية وإنتاجية النيران الغزيرة وقدرتها، تطلب ذلك تزويدها بوسائط الاستطلاع البصرية والصوتية والرادارية، وبوسائط الاتصال الموثوقة، وتم تزويد وحدات المدفعية بأجهزة الرؤية الليلية، وقوائس المسافة المختلفة، والليزرية منها، ووسائط الربط الطبوغرافي الجيوديزي، وبأجهزة التسديد المتطورة التي تعتمد على الحواسب الإلكترونية، وذلك للإسراع في عملية إعداد عناصر الرمي، وتحقيق دقة النيران وفعاليتها، بغض النظر عن الوقت من اليوم، والفصل من السنة، وحالة الجو.
ثانيا: المدفعية الصاروخية الميدانية
لقد حاصرت التكنولوجيا العصرية المدفعية من عدة اتجاهات، ومن هذه الاتجاهات المهمة المدفعية الصاروخية المعروفة باسم أرغن ستالين، وكانت القذائف الصاروخية من أوائل أنواع المدفعية المتطورة، وكان يجدد تطويرها من جيل لآخر في محاولات مستمرة للاستفادة من ميزاتها، خصوصا إمكانية إطلاقها من قواذف خفيفة رخيصة نسبيا. لقد لعب الهجوم بالصواريخ الكثيفة دورا مهما في مبدأ قوة النيران السوفييتية منذ الحرب العالمية الثانية، باستخدام نظام كاتيوشا، إلا أن هذه النظم كانت تعاني مشكلة دقة الإصابة، خاصة عند الرمي على المسافات البعيدة، لذلك كانت تستخدم من مسافات قريبة لإشباع منطقة محددة بالنيران، والآن تجاوزت المدفعية الصاروخية مشكلة الدقة، وأصبح في الإمكان مقارنتها بأفضل أنواع المدافع التقليدية، وذلك بفضل استخدام مجموعة من تقنيات الصنع الحديثة. يملك السوفييت عدة طرازات مختلفة من راجمات الصواريخ من عيار 122 ملم حتى 250 ملم، مركبة على شكل مجموعات حتى 40 صاروخا، لكن الأكثر شيوعا منها عيار 122 ملم طراز ب م – 21 ذو 40 سكة توجيه صواريخ، يبلغ مدى إطلاقها 21 كم، ويمكن أن ينفذ الإطلاق بفصيلة واحدة خلال زمن أقل من دقيقة واحدة، أو ينفذ على رشقات منتخبة، ويمكن إعادة تذخير قاعدة الإطلاق خلال 10 دقائق.
مقذوف غراد
طبعا اشهر من نار على علم
BM-21 GRAD
وكذلك تنتج ألمانيا الغربية المدفعية الصاروخية من طراز لارس معتمدة على خبرتها المكتسبة من الحرب العالمية الثانية، وهو من عيار 100 ملم، يركب على العربة 36 صاروخا، ويبلغ مدى الرمي 10 – 12 كم.
B
LARS
من أهم التحسينات التي أجريت على المدفعية من أجل زيادة قدرتها على المناورة، إعطاء المدفع إمكانية الحركة الذاتية، دون الحاجة إلى القطر، وذلك بتركيبه على عربات مدرعة مجنزرة، وهذه الميزة تمكن المدفعية من مرافقة الدبابات في الميدان، وتمكنها أيضا من التمتع بسرعة رد الفعل، حيث تستطيع فتح النيران من الحركة أو بعد نحو دقيقة من الوقوف، ويستطيع بعضها تنفيذ الرماية الدائرية، والمناورة مباشرة بعد الرمي (اتباع تكتيك أطلق وانسحب)، وقابلية التمويه بسهولة، بينما يحتاج المدفع المقطور إلى نحو نصف ساعة لتجهيزه بعد الوقوف، وتقدم المدافع الذاتية الحركة الحماية للأطقم من شظايا الأسلحة الخفيفة، وبعضها يقدم الحماية ضد الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
أولا: المدفعية الذاتية الحركة S.P.A
بدأ تطوير المدفعية الذاتية الحركة عشية الحرب العالمية الثانية وفي أثنائها، حيث ركبت المدافع على هياكل الدبابات لتسمح للدعم الناري بالمحافظة على مرافقة الهجوم المدرع السريع. ودخل المدفع السوفييتي ذاتي الحركة سو – 14 المركب على الدبابة ت – 35 في المعركة في عام 1940، كما دخل المدفع الأمريكي الذاتي الحركة م – 7 المركب على الدبابة م2 في الخدمة عام 1942. استمر تطوير المدافع الذاتية الحركة بعد الحرب العالمية الثانية بوتائر عالية، وتم تصنيعها بأعداد كبيرة، ودخلت في تسليح القوات المسلحة في معظم دول العالم، وحلت محل المدفعية المقطورة، وبالرغم من ذلك فقد أبقت غالبية الدول على قطع من المدفعية المتطورة حتى الآن. يصنف الأمريكيون المدفعية ضمن صنفين أساسيين، مدفعية الدعم القريب، ومدفعية الدعم العام، وتنفذ مدفعية الدعم القريب مهام الدعم الناري المباشر للوحدات المقاتلة على الخطوط الأمامية، وتدمير الأغراض على الخطوط الدفاعية الثانية. وفي الدعم العام تسيطر المدفعية على المناطق حتى عمق 30 كم، بينما تسيطر الصواريخ على المسافات الأبعد من ذلك، وفي السنوات الأخيرة جرب رجال المدفعية إيصال طلقات المدفع إلى مسافات أبعد، من خلال الطاقة الذاتية العالية والقذائف الصاروخية، لكنهم قابلوا بعض المشكلات في دقة الرمي، والمردود، وفي تمزق السبطانات، وانفجار الضغط الزائد على الطاقم.
su-14
طورت بريطانيا مدفعيتها، وأنتجت في نهاية الحرب العالمية الثانية المدفع الذاتي الحركة طراز «ارشر» عيار 76.2 ملم،
ارشر
وفي الستينيات أنتجت المدفع الذاتي الحركة طراز «أبوت – ف ف – 433» عيار 105 ملم.
ابوت
وتقوم الآن كل من بريطانيا، وألمانيا الغربية، وإيطاليا بإنتاج مدفع جديد متطور من عيار 155 ملم، سيدخل الخدمة بنموذجين، الأول مقطور طرازه «ف ن – 70»، والثاني ذاتي الحركة طراز «س ب – 70». في فرنسا تم تركيب المدفع عيار 105 ملم على هيكل الدبابة إم إكس 13 في بداية الخمسينيات. وإنتاج مدفع ذاتي الحركة إم إكس – 105، وفي نهاية السبعينيات تم تطوير الدبابة ذاتها، ليركب عليها مدفع من عيار 155 ملم. وأنتج المدفع إم إكس – ج سي ت.
GCT 155MM
وتقوم فرنسا حاليا بتطوير مدفع حديث من عيار 155 ملم باسم «ت. د». استمر الاتحاد السوفييتي في الخمسينيات في أعمال البحث الخاصة بتطوير مدفعية الميدان السوفييتية، وأسفرت الأعمال التجريبية لتركيب المدافع على قاعدة متحركة عن ظهور المدفع الذاتي الحركة سو – 100 عيار 100 في منتصف الخمسينيات والذي لا يزال قيد الاستخدام.
S-100
وتتابع ظهور الطرازات الأخرى من مختلف العيارات، وتم إنتاج المدفع الخفيف ذاتي الحركة «أ – و– 57» من عيار 57 ملم، الذي يزن نحو 3 أطنان، والمدفع «أ سو – 85» من عيار 85 ملم الذي يزن نحو 14 طنا. وزودت قوات الدفاع الجوي بهذين الطرازين، لسهولة نقلهما جوا الجوي بهذين الطرازين، لسهولة نقلهما جوا إلى أرض المعركة، وإنزالهما من طائرات النقل العسكرية بالمظلات.
ASU-57
ASU-85
كما تم إنتاج المدافع من عيار 122 ملم بنموذجين، المقطور من طراز «د – 74»، وذاتي الحركة من طراز «سو – 122» والمدافع 152 ملم بنموذجين أيضا، المقطور من طراز «د – 20»، وذاتي الحركة من طراز «سو – 152». وتم تطوير وسائط القطر بحيث استخدمت القاطرات المجنزرة للقطر في ميدان المعركة، وعربات القطر على عجلات للمسافات البعيدة. ووضعت المدافع القذافة الجديدة من العيارين في تسليح وحدات المدفعية ضمن قوام تشكيلات القوات المدرعة والميكانيكية،
D-74
D-20
لزيادة مدى نيرانها، وقدرتها على المناورة، ولزيادة فعالية مدفعية هذه التشكيلات. إن استخدام الدبابات الكثيف في الأعمال القتالية، وزيادة سماكة درعها، وقدرتها العالية على الحركة والمناورة، يتطلب تطوير المدفعية «م/ د» لزيادة قدرتها على خرق الدروع، وذلك بزيادة السرعة الابتدائية للطلقة، وباستخدام القذائف ذات الحشوة الجوفاء، وباستخدام السبطانات القصيرة والمدافع عديمة التراجع، وبتركيب هذه المدافع على هياكل الدبابات لتكون ذاتية الحركة، وأدى ذلك إلى الحصول على مدافع ثقيلة من أجل الوصول إلى سرعة ابتدائية عالية وقوة نفاذ للطلقة. من هذا العرض نرى أن المدفعية تطورت بشكل ملموس منذ الحرب العالمية الثانية حتى يومنا هذا. لكن التطورات التي حصلت في ذخائر المدفعية، ومنظومات قيادة نيرانها كانت أكبر وأوسع، وأدت إلى زيادة دقة رمايات المدفعية وفعاليتها، وتعدد أوجه استخدامها. وأصبحت المدفعية قادرة على إطلاق القذائف الشديدة الانفجار وذات الحشوة الجوفاء، والدخانية، والمضادة للدروع والأشخاص، باستخدام التوجيه الليزري، واللاسلكي، والأشعة تحت الحمراء، وباستخدام مبدأ التوجيه الذاتي إلى الهدف عند الانطلاق، أو في المرحلة النهائية من طيران القذيفة على محركها. يستخدم الأمريكان حاليا القذائف م – 546 المضادة للأشخاص التي تحتوي القذيفة منها على 8000 شظية سهمية. والقذائف «م – 413»، و»م – 444» التي تحتوي على رمانات صغيرة ضد الأشخاص. وأعار الأمريكان اهتماما خاصا لتطوير (القذائف التقليدية المحسنة) التي هي عبارة عن حواضن تقذف ذخائر صغيرة أو عناصر استشعار، من هذه القذائف ما يحمل 88 لغما ثنائي الغرض، بحشوة مختلطة فعالة ضد الدروع الخفيفة والعربات والأشخاص، ومنها ما يحمل 9 ألغام مغناطيسية ضد الدرع، وباستطاعتها، كما يقال، إيقاف أية دبابة في الوقت الحاضر، وإذا لم تنفجر هذه الألغام على أهدافها، فإنها تدمر نفسها ذاتيا بعد فترة معينة من الزمن. في الجانب الآخر، عمل السوفييت أيضا على تطوير ذخائر المدفعية، واستخدموا منجزات العلم لرفع مستوى (القذائف التقليدية المحسنة). نظرا للتطور الكبير الذي حصل في المدفعية من حيث قدرة المناورة العالية وإنتاجية النيران الغزيرة وقدرتها، تطلب ذلك تزويدها بوسائط الاستطلاع البصرية والصوتية والرادارية، وبوسائط الاتصال الموثوقة، وتم تزويد وحدات المدفعية بأجهزة الرؤية الليلية، وقوائس المسافة المختلفة، والليزرية منها، ووسائط الربط الطبوغرافي الجيوديزي، وبأجهزة التسديد المتطورة التي تعتمد على الحواسب الإلكترونية، وذلك للإسراع في عملية إعداد عناصر الرمي، وتحقيق دقة النيران وفعاليتها، بغض النظر عن الوقت من اليوم، والفصل من السنة، وحالة الجو.
ثانيا: المدفعية الصاروخية الميدانية
لقد حاصرت التكنولوجيا العصرية المدفعية من عدة اتجاهات، ومن هذه الاتجاهات المهمة المدفعية الصاروخية المعروفة باسم أرغن ستالين، وكانت القذائف الصاروخية من أوائل أنواع المدفعية المتطورة، وكان يجدد تطويرها من جيل لآخر في محاولات مستمرة للاستفادة من ميزاتها، خصوصا إمكانية إطلاقها من قواذف خفيفة رخيصة نسبيا. لقد لعب الهجوم بالصواريخ الكثيفة دورا مهما في مبدأ قوة النيران السوفييتية منذ الحرب العالمية الثانية، باستخدام نظام كاتيوشا، إلا أن هذه النظم كانت تعاني مشكلة دقة الإصابة، خاصة عند الرمي على المسافات البعيدة، لذلك كانت تستخدم من مسافات قريبة لإشباع منطقة محددة بالنيران، والآن تجاوزت المدفعية الصاروخية مشكلة الدقة، وأصبح في الإمكان مقارنتها بأفضل أنواع المدافع التقليدية، وذلك بفضل استخدام مجموعة من تقنيات الصنع الحديثة. يملك السوفييت عدة طرازات مختلفة من راجمات الصواريخ من عيار 122 ملم حتى 250 ملم، مركبة على شكل مجموعات حتى 40 صاروخا، لكن الأكثر شيوعا منها عيار 122 ملم طراز ب م – 21 ذو 40 سكة توجيه صواريخ، يبلغ مدى إطلاقها 21 كم، ويمكن أن ينفذ الإطلاق بفصيلة واحدة خلال زمن أقل من دقيقة واحدة، أو ينفذ على رشقات منتخبة، ويمكن إعادة تذخير قاعدة الإطلاق خلال 10 دقائق.
مقذوف غراد
طبعا اشهر من نار على علم
BM-21 GRAD
وكذلك تنتج ألمانيا الغربية المدفعية الصاروخية من طراز لارس معتمدة على خبرتها المكتسبة من الحرب العالمية الثانية، وهو من عيار 100 ملم، يركب على العربة 36 صاروخا، ويبلغ مدى الرمي 10 – 12 كم.
B
LARS