برامج تحديث سلاح الجو الأسرائيلي...
تسعى اسرائيل في شكل دائم الى تطوير سلاحها
الجوي الذي تعتبره ذراعها الضاربة وعنصر القوة الأساسي في قواتها العسكرية.
وخلال السنوات القليلة الماضية، قامت بعدد من الخطوات لتعزيز فعالية هذا
السلاح، من أهمها قرار شراء طائرات أف-35 أيه F-35A الأميركية الجديدة،
وبرامج لتحديث طائرات أف-15 F-15 واف-16 F-16 الموجودة قي ترسانتها.
بعد دراسة طويلة بخصوص
الجيل الجديد من الطائرات المقاتلة، اختارت إسرائيل مقاتلة أف-35 أيه F-35A
الأميركية من أجل تحديث سلاحها الجوي. وفي ايار 2008، تقدمت برسالة الى
الحكومة الأميركية تطلب فيها رسميا شراء 25 طائرة أف-35 كدفعة أولى يضاف
اليها حق شراء 50 طائرة أخرى في وقت لاحق. يذكر أن النموذج أيه A خاص
بالإقلاع والهبوط التقليدي، علما أن شركة لوكهيد مارتن Lockheed Martin
الأميركية، المتعاقد الرئيسي لتطوير هذه الطائرة، تطور نماذج أخرى خاصة
بسلاحي البحرية ومشاة البحرية الأميركية ذات إقلاع وهبوط قصير. وكانت
إسرائيل أول دولة خارج الولايات المتحدة توصي رسميا على هذه الطائرة، التي
تعد خليفة ال أف-16 F-16 الشهيرة، مع أن دولا غربية عدة تشترك في برنامج
تطويرها. وفي ذلك الوقت، كان يتوقع بدء تسلم هذه الطائرات في العام 2015،
الا أن آخر الأنباء أشارت الى تأجيل بدء التسليم الى فترة 2018، بسبب تأخر
البرنامج نفسه في الولايات المتحدة، وخلافات بينها وبين إسرائيل حول دمج
معدات إسرائيلية في الطائرة.
وبعد ذلك، في أيلول
2010، وافقت اللجنة المالية في الكنيست الإسرائيلي على عملية شراء 20 طائرة
بكلفة 75،2 مليار دولار، والتي تشمل كلفة قطع الغيار، وصيانة وتدريب،
ومشبهات. ويعود خفض العدد الأولي الى ارتفاع كلفة الطائرة بين عامي 2008
و2010.
ورغم خفض العدد، فان
قرار سلاح الجو اقتناء هذه الطائرة لاقى انتقادات كبيرة في العديد من
الأوساط الإسرائيلية. فقد أشارت الدراسات الى أن اقتناء 100 طائرة من هذا
النوع سيكلف ما لا يقل عن 15 مليار دولار، أي نحو 150 مليون دولار لكل
طائرة. ومع أن هذه المبالغ ستقتطع من المساعدات السنوية الأميركية لإسرائيل
طوال ثمانية سنوات، الا أن الخشية كبيرة في أن يبتلع برنامج الأف-35 F-35
نسبة عالية من هذه المساعدات التي ستبلغ 1،3 مليار دولار سنويا في العام
2012.
نموذج إسرائيلي خاص
من ناحية أخرى، دارت
مشاورات مكثفة بين الجانبين الإسرائيلي والأميركي حول مواصفات النموذج
الإسرائيلي من الطائرة، ونسبة اشتماله على أنظمة إسرائيلية الصنع. وحسب
المعلومات المتوافرة، فان التعديلات التي تنوي إسرائيل إدخالها تشمل أنظمة
القيادة والتحكم والاتصال، وأنظمة الحرب الالكترونية، والتسليح.
وبالنسبة الى أنظمة
القيادة والتحكم والاتصال، فإنها ستسمح بدمج الطائرة الجديدة في شبكة
القوات الإسرائيلية المدمجة، بحيث تتمكن القوات الجوية من العمل بتنسيق
كامل ودقيق مع القوات البرية والبحرية. ويتضمن ذلك تزويد الطائرة بأنظمة
نقل معلومات، ووصلات اتصال بالأقمار الاصطناعية، وأجهزة راديوية جو-أرض
محلية الصنع.
وبالنسبة الى أنظمة
الحرب الالكترونية، فستكون خاصة بإسرائيل، مما يسمح لها بالتجاوب بسرعة مع
التهديدات المعادية. وتصر إسرائيل على دمج أنظمتها الالكترونية الخاصة، رغم
أن هذا الأجراء يكلفها أكثر من مجرد شراء الأنظمة الأميركية القياسية.
ويعود ذلك الى اعتقادها بأن هذه القدرات توفر لها تفوقا خاصا في ميدان
المعركة.
وبالانتقال الى التسليح،
أشارت بعض المصادر الى أن إسرائيل قد تزود الطائرة بصواريخ جو-جو من نوع
بايتون 6 Python 6 المعروفة بنموذجها أرض-جو باسم ستونر Stunner. وتقوم كل
من شركة رافاييل Rafael الإسرائيلية ورايثيون Raytheon الأميركية بتطويرها
بموجب برنامج مشترك. ومن المعروف أن طائرات "أف-35" الأميركية ستزود مبدئيا
بصواريخ قصيرة المدى من نوع أيه أي ام-9 أكس AIM-9X للمدى القصير و أمرام
AMRAAM للمدى المتوسط، الا أن صواريخ ستونر قد تحل بمفردها محل الصاروخين
الآنفي الذكر. ويجري تطوير صاروخ ستونر حاليا ليقوم باعتراض الصواريخ
البالستية المتوسطة المدى، على أن يبدأ دخول الخدمة في العام 2013. إلا أن
تاريخ تطوير النموذج جو-جو غير معروف بالتحديد، وقد يستغرق وقتا أطول، لكن
مطوريه أخذوا في الحسبان إمكانية حمله وتشغيله من طائرات أف-35 أيه F-35A.
ومن الأسلحة الإسرائيلية
الأخرى التي يدرس دمجها بالطائرة عائلة الصواريخ جو-أرض الموجهة طراز
سبايك Spike التي طورتها شركة رافاييل Rafael . وثمة نماذج زنة 900 كلغ
و450 كلغ من السلاح، يمكن حملها في الحجرات الداخلية للطائرة للمحافظة على
مزايا الخفاء من الرادار التي تتمتع بها طائرة أف-35 F-35. وتنوي رافاييل
Rafael تطوير نموذج بوزن 250 كلغ من السلاح، بحيث يمكن حمل عدد أكبر من
الصواريخ في الطلعة الواحدة.
تجدر الإشارة أن عددا من
الشركات الإسرائيلية، منها البيت سيستمز Elbit Systems وتاديران Tadiran
قد فازت بالفعل بعقود تطوير وتصنيع مكونات من النموذج الدولي من طائرة
أف-35 F-35 في نموذجها الدولي.
قدرات وتساؤلات
تقول أوساط سلاح الجو
الإسرائيلي أن طائرة أف-35 F-35 تتميز بقدرات غير موجودة حاليا. إذ يمكنها
الطيران الى أي مكان، حتى في أصعب البيئات القتالية، والعودة دون أن يكتشف
الخصم حتى وجودها. ويعود ذلك الى اشتمالها على مزايا الخفاء Stealth.
ويشيرون الى أن قدرتها الداخلية على حمل الوقود يشابه قدرة طائرة أف-16
F-16 عند حملها وقودا في الخزانات الداخلية والخارجية والهيكلية معا. وهكذا
يتاح للطائرة ضرب أهداف بعيدة بأمان.
وفي هذا السياق، تشير
هذه الأوساط أن رادار الطائرة قادر على كشف أهداف أرضية دقيقة من مسافات
طويلة، مثل عمليات إطلاق الصواريخ والقذائف الصاروخية. وأنظمة الطائرة
الالكترونية مدمجة بشكل كامل، تتيح سرعة التعامل معه، قبل أن يتاح له تغيير
مكانه أو الاحتماء. وتعتبر أن هذه الميزة بالغة الأهمية في ساحة المعركة
العصرية.
وفي المقابل، تعتبر
أوساطا أخرى أن كلفة الطائرة الخيالية ستضغط بقوة على ميزانية المشتريات
الأميركية، بحيث تعيق برامج اقتناء وتحديث هامة، مثل استبدال أسطول طائرات
النقل هيركيوليز Hercules المتقادمة، وتحديث حوامات سي اتش 53 CH-53
ومشاريع أخرى.
Israeli Air Force CH-53D
وتزداد التساؤلات حول
العدد الذي ستستطيع إسرائيل شراءه. وخلال السنوات المقبلة، فان العدد
المتواضع الذي سيدخل الخدمة لن يكفي للقيام بالمهمات المطلوبة أو المنتظرة
منها.
ونظرا الى هذه
الاعتبارات، وفي شكل متواز، تعمل إسرائيل على عدة برامج لتحديث أسطولها من
طائرات أف-15 و F-15وأف-16 F-16 التي تشكل عماد قواتها الجوية الحالية.
69 Squadron F-15I Ra'ams at Red Flag 04-3
تحديث ال "F-15"
F-15I
تسلمت إسرائيل منذ أواخر
السبعينات من القرن الماضي عدة نماذج من طائرة أف-15 F-15. ويمكن تقسيم
النماذج الى ثلاثة أجيال. الجيل الأول مكون من نماذج أ وب A/B وهذا الأخير
مزود بمقعدين، ولدى إسرائيل نحو 30 منها، والجيل الثاني مكون من نماذج سي
ودي C/D، وهناك نحو 27 منها، وأخيرا الجيل الثالث المعروف برمز آي I، وهناك
25 طائرة من هذا الطراز الأخير. وفي الأصل، كان الجيلين الأول والثاني
مخصصان لمهمات التفوق الجوي، بينما الجيل الثالث مخصص لمهمات الهجوم جو-أرض
البعيد المدى، مع احتفاظه بقدرات جو-جو.
F-15I
ومنذ مطلع القرن، شرعت
إسرائيل في تحديث الجيلين الأول والثاني، بحيث تتمكن من تنفيذ مهمات
جو-أرض. وتمثلت التحسينات في عمرة الهياكل كي تخدم فترة أطول، وإضافة
إمكانية إطلاق صواريخ من طرازي بوباي Popeye الإسرائيلية البعيدة المدى،
وجدام JDAM الأميركية الموجهة بالأقمار الصناعية، الى جانب صواريخ جو-جو من
طراز أمرام AMRAAM. وفي آخر المعلومات أن التحسينات ستشمل أيضا الأنظمة
الرادارية، دون أن تتضح طبيعة هذه التحسينات بالتفصيل. كذلك ثمة تفكير في
إسرائيل في شراء طائرات أف-15 أميركية مستعملة في حال قررت الولايات
المتحدة الاستغناء عنها. من ناحية أخرى، تبدي إسرائيل اهتماما بطراز أف-15
أس أي سايلنت ايغل F-15 SE Silent Eagle الذي عرضته شركة بوينغ Boeing
الأميركية في العام 2009. ويشتمل على تحسينات كثيرة من حيث القدرة على حمل
الوقود والأسلحة، والبصمة الرادارية، والأنظمة الالكترونية. وفي حال لم
تتمكن إسرائيل من اقتناء أعداد كافية من طائرات أف-35 الجديدة، فان النموذج
الجديد من الأف-15 قد يفي بالغرض.
popeye israel missile
تحديث ال "F-16"
وفي سياق متصل، تقوم
إسرائيل بتحديث اسطولها من مقاتلات أف-16، الذي يبلغ أكثر من 300 طائرة.
وقد دخل الجيل الأول الخدمة منذ العام 1980، ويعرف بالنموذج أيه وبي.
وتستخدم أكثر من 100طائرة من هذا الجيل أساسا للتدريب، الى جانب احتفاظها
بقدرات قتالية. أما الجيل الثاني المعروف بنموذج سي ودي C/D وهذا الأخير
مزود بمقعدين، فقد دخل الخدمة منذ العام 1987، ولدى إسرائيل نحو 125 طائرة
من هذا الجيل.
وتتمتع بقدرات أفضل
لتنفيذ مهمات الدعم جو-أرض. ويخضع هذا الجيل حاليا لبرنامج تحسينات يشمل
أنظمة الطيران والاتصال والتسليح لجعلها اقرب الى الجيل الثالث. أما الجيل
الثالث المعروف برمز آي I، فهو الأحدث، ويشكل حاليا عماد القوة الجوية
الإسرائيلية التي تملك نحو 100 منه بدأت تسلمها في العام 2004. وقامت
إسرائيل بتعديلات عدة على هذه الطائرة التي تنتجها شركة لوكهيد مارتين
Lockheed Martin الأميركية. وتشمل التعديلات اضافة خزانات وقود هيكلية تتيح
لها مدى عمل شبيه بطائرات أف-15، ومحرك متقدم من صنع شركة برات أند ويتتني
Pratt & Whitneyالأميركية، أنظمة الكترونية من صنع إسرائيلي، منها
خوذة تصويب للصواريخ جو-جو، وأنظمة ملاحية متقدمة، وإمكانية استخدام تشكيلة
واسعة من الأسلحة جو-أرض.
Israeli F-16 Loaded for Bear
تطوير أسطول الطائرات غير المقودة
هذا وسعت إسرائيل الى
تطوير أسطولها من الطائرات غير المقودة المعروفة برمز UAV التي تتيح لها
تنفيذ العديد من المهمات دون تعريض حياة الطيارين الى خطر، وبكلفة اقل
بكثير من الطائرات المقاتلة المقودة. وقد أدخلت الى الخدمة خلال السنوات
القليلة الماضية نماذج عدة، منها طائرات هيرميس Hermes وهيرون Heron وايتان
Eitan. وهذه الأخيرة التي دخلت الخدمة في العام 2010 مخصصة للمهمات ذات
الطابع الاستراتيجي وفي إمكانها العمل على مسافات بعيدة جدا وطوال 24 ساعة.
وللدلالة على الدمج الحاصل بين الطائرات المقودة وغير المقودة، فان السرب
الأول من طائرات ايتان يعمل من قاعدة تل نوف الجوية، جنبا الى جنب مع
طائرات أف-15.
Skylark 1
وبالنسبة الى العربات
الجوية الأصغر حجما، فقد أدخلت الى الخدمة عربة سكايلارك Skylark التي تعمل
بالتنسيق الدقيق مع القوات البرية، الى جانب طائرات سيرشر Searcher
الصالحة للمهمات التكتيكية.
المهمات الخاصة
أدخلت إسرائيل الى
الخدمة منذ العام 2005 طرازين جديدين من طائرات المهمات الخاصة، تعتمد على
هيكل طائرات رجال الأعمال غولفستريم في Gulfstream V، لكنها معدلة للمهمات
العسكرية. الطراز الأول يعرف باسم جي-550 أيتام G-550 Eitam، وهو مخصص
لمهمات الإنذار الجوي المبكر، وهناك خمس طائرات من هذا النوع قيد الخدمة
حلت محل طائرات هوكآي Hawkeye . أما الثاني، فيعرف بجي-500 شافيت G-500
Shavit وهو مخصص لمهمات التنصت والاستعلام الالكترونية. ولدى إسرائيل ثلاث
منها.
في الخلاصة أن سلاح الجو
الإسرائيلي يخضع لبرامج تحديث مستمرة، بغية إبقائه في حالة جهوزية وفعالية
عالية. وتعتبر بعض الأوساط أن أكثر ما يهدده في المرحلة المقبلة هو
الارتفاع المطرد في أسعار أنظمة التسليح الجديدة التي تضغط على ميزانيته
الى جانب حصول عدد من الدول العربية على طائرات حربية غربية متقدمة.
تم بحمد الله
field marshal