[SIZE="5"]قصه دخول الميراج الي مصر
طلب مقاتلة الميراج الليبيِ
فوراً بعد استلامه الحكم في ليبيا بعد انقلاب عسكري ضدّ الملكِ إدريس في سبتمبر/أيلولِ 1969، بدأ الزعيم الليبي الجديد، مُعمّر القذافي ببناء قوّاته المُسَلَّحةِ, و في خلال شهور قليلة فقط أجبر الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة على سَحْب قوَّاتهم من البلادِ؛ تاركه بِضْعَة طائرات مقاتله و طائرات للنقل تم بِيعَها إلى تركيا لاحقا ، وأصبحتْ ليبيا بلاد مصدّرة للنفط أيضاً والذي أرتفع سعرَ نفطِه بشكل ملحوظ .
بينما القوَّات الأمريكية والبريطانية الأخيرة ما كَانتْ لتَترْك ليبيا قبل مارس/آذارِ 1970، في نوفمبر/تشرين الثّاني 1969 بَدأَ القذافي المفاوضاتَ مَع فرنسا لشراء كميات كبيره من الأسلحة الفرنسية المتقدمة حيث كان يحلم بتكوين جيش ليبي قوي مزود باسلحه متقدمه و خاصة في مجال القوات الجوية.
و كان اكبر اتفاقيه بين ليبيا و فرنسا هي الاتفاق على تزويد ليبيا بأكثر من 50 طائره مقاتله قاذفه من نوع ميراج 5 الفرنسية الشهيرة و المعروفة بقوتها و تقدمها و حسن مناورتها الجوية و هي مطابقه للموجودة في سلاح الجوي الإسرائيلي, و قام بالصفقة وقتها طيار مصري أرسله الزعيم جمال عبد الناصر مع مجموعة طيارين مصريين آخرين لمساعده ليبيا في التعاقد و التوقيع على الصفقة نظرا لعدم وجود كوادر ليبية فنيه وقتها للتعامل مع مثل هذه الأمور.
ليبيا كَانتْ - بعد لبنان - ثاني بلد عربي تطَلَب طائراتِ الميراج الفرنسية في هذا الوقت، لكن بالتأكيد الزبونَ العربي الوحيدَ الأكبر في هذا الوقت: العقد وقّعَ في يناير 1970 مُتضمّنِ الأتي (أعداد الطائرات بالتقريب و ليست دقيقة):
العدد : النوع أرقام الطائرات
- 32 ميراج 5 موديل اعتراضيه مزوّده بالرادار 101 حتى 132
- 15 ميراج 5 موديل اعتراضيه ثنائيه المقعد للتدريب المتقدم 201 حتى 215
- 4 ميراجِ 5 موديل استطلاع و تصوير جوي 301 حتى 310
- 50 ميراج 5 موديل قاذفات مقاتلة للضرب على أهداف أرضيه 401 حتى 453
تَضمّنَ الطلبُ الليبيُ أيضا أجهزة محاكيه وكميةَ هائلةَ مِنْ قطعِ الغيار و أجهزة و معدات خدمه أرضية مُخْتَلِفة، و ذخائر و صواريخ و قنابل للطائرات الجديدة.
ومن المهم هنا الاشارة الي ان الطائرات التي وصلت ليبيا كانت نفس الطائرات المفترض توجهها الي اسرائيل عام 1967 وبسبب بدء اسرائيل القتال في 5 يونيو فقد نفذ الرئيس الفرنسي تهديده بمعاقبه الدوله البادئه بالقتال وتم حرمان اسرائيل من سربين من الميراج استعاضت عنهم لاحقا بطائرات سكاي هوك والفانتوم الامريكيه ، وكانت المواصفات الفنيه للطائرات الميراج والتي طلبتها اسرائيل وتم تحميلها علي الطائرة اعلي مستوي بمراحل من المواصفات الفنيه العاديه التي تصدرها فرنسا ، ومن المحتمل ان يكون الرئيس الفرنسي قد عمد الي توجيه نفس الطائرات المتقدمه الي ليبيا لكي يزيد من عقاب اسرائيل علي بدءها الحرب .
وتسلمت ليبيا بناء على الصفقة طائرات ميراج 5 من موديل الميراج المقاتلة القاذفة و تم طلب في ما بعد سرب أخر إضافي من المقاتلات الميراج 5 الاعتراضية, و لقد كانت الميراج 5 الليبي مجهزة برادار حديث و متقدم للسيطرة على ضرب النار (مكانه بارز و مميز تحت كابينة القيادة للطيار)، وخزّانات وقود إضافية تحت الاجنحه لإطالة مدي الطائرة. و تم تزويد المقاتلات بمدفعين 30 مليمتر مداهما 1200 متر للدفاع عن نفسها، و كان تسليح المقاتلات بصواريخ فرنسيه جو- جو مضادة للطائرات من نوع ماترا (Matra R 530) و 8 قنابل زنة 250 كجم أو 2 قنابل 400 كجم أو 32 صاروخ للهجوم الأرضي.
لكن في الاساس اعتمدت التشكيلات القاذفه علي المدفع فقط في عمليات القتال الجوي واستعاضت عن الصواريخ جو-جو بحموله اخري من القنابل
و لقد كان التطوير في هيكل الطائرات الميراج 5 الليبية ذو أهميه في تحسين قدرات الطائرة في الطيران على الارتفاعات المنخفضة جدا و زيادة سرعتها و قدرات المناورة للطائرة و أيضا زيادة حمولة الطائرة من القنابل و الذخائر المختلفة و زيادة فعاليه المدافع الرشاشة في الطائرة و أضافه رادار جديد زاد من قدرات التصويب و دقة الرماية للطائرة المعدلة الجديدة, كما تم إضافة كاميرات تصوير متقدمه في الطائرات الميراج 5 المخصصة للاستطلاع و التصوير الجوي لاستطلاع مواقع العدو و تصويرها قبل أي هجوم مخطط على هذه المواقع .
بالرغم من أن طائراتِ الميراج الأولى لَمْ تَصلْ ليبيا قبل 1971 (حيث دخلت الخدمةَ فعلياً) فقد تم طَيَرَاْن طائراتِ ميراج ِ في الأوقاتِ السابقةِ. بين 28 أغسطس و4 سبتمبر 1970، فقد طار تشكيل من خمسة طائرات فرنسيه ثنائيه المقاعد صُبِغتَ بالعلاماتِ الليبيةِ للعرض في الذكرى الأولى للجمهوريةِ العربيةِ الليبية. و هذه الطائرات طارت بواسطه الأطقمِ المُخْتَلَطةِ فوق طرابلس في هذه المناسبةِ، مَع كل طيار مصري في كابينة القيادة الأماميةِ طيار فرنسي في المؤخّرةِ.
السبب الرئيسي لظهورِ الطيارين المصريينِ في طائراتِ الميراج الليبيةِ كَانتْ الحقيقة بأنّ في ذلك الوقت هؤلاء الطيارين أُمِروا بذلك حيث ذهب بعض الطيارين المصريين من القوات الجوية المصرية (10 طيارين – 6 طيارين ثم 4 طيارين في ما بعد) من أطقم القاذفات المصرية الميج 17 و السوخوي 7 لفرنسا بأوراق سفر ليبيه حتى يتم تدريبهم على الميراج الليبي على أنهم طيارين من ليبيا و ليسوا مصريين و باقي طياري مصر تم تدريبهم بعد ذلك في ليبيا و لقد سافر الفوج الأول من الطيارين المصريين إلا فرنسا في أواخر عام 1971 أما باقي الطيارين فقد سافروا لليبيا في عام 1972 (لحق بهم أسرهم بعد ذلك في ليبيا) حيث إن معظم الطيارين المصريين قد تم تدريبهم في ليبيا ،حيث أن القوات الجوية الليبية وقتها كانت في طور التكوين و عدد أفرادها بالكاد 400 ضابطَ و ليس كلهم طيارين
و بشكل واضح الليبيون لم يكن عندهم طيارين ذو كفاءه مماثله للمصريين للطيران بالميراج الجديدة.
قبل وصولِ المقاتلات الميراج الجديدة إلي ليبيا ، تم تجهيز قاعدة رئيسيه للصيانة و تدريب الأطقمِ وتخزينِ الأسلحةِ, و كَانَ المطار المختار لها في ليبيا هو القاعدة الكبيرة عقبة بن نافع (هذه القاعدة هي القاعدة الأمريكية هويلس سابقا) بقيادة الطيار صالح عبد الله و قائد القوات الجوية الليبية وقتها كان الطيار صالح الفرجاني و هذه قاعدة كبيره و مجهزة بناها الأمريكان في ليبيا على الطراز الأمريكي لبناء القواعد الجوية وكانت مؤجرة من ليبيا وقت الحكم الملكي قبل ثورة الفاتح، وأثناء عام 1972 وصل أيضاً عدد مِنْ الطيارين الباكستانيينِ لدَعْم تدريب طياري الميراج الليبيينِ والمصريينِ في ليبيا بشكل مكثف وسري جدا و نظرا لان باكستان كانت تمتلك هذا النوع من الطائرات وقتها (كانت تملك وقتها باكستان حوالي سربين من الميراج 5) و الحق أن طياري باكستان كان عندهم خبره عاليه بالطيران و على دراية كبيره و محترفين.
لكن ظل التدريب الخاص بالمصريين مقتصر علي المدربين الفرنسيين والذين كانوا اعلي مستوي من المدربين الباكستانيين والذين هم في الاصل طياري قليلي الخبرة وتم ارسالهم الي ليبيا للتدريب ولاكتساب خبرة من المدربين الفرنسيين وبدعوي انهم مدربين ويتلقون مرتباتهم من الحكومه الليبيه
بصيفِ 1973 أصبح معلوم للجميع أن طائرات الميراج الليبية موجودة و عامله في القوات الجوية المصرية ، و إسرائيل احتجت و طالبت فرنسا أَنْ تَتوقّفَ عن تَصدير المقاتلات إلى ليبيا. الفرنسيون احتجوا أيضاً، رسمياً و تم التَهديد بتَوَقُّف التسليمِ إذا أيّ طائرات ميراج سَتُرسلُ إلى مصر.
لكن كان ذلك متأخّر جداً، على أية حال، ولا الليبيون ولا المصريون كَانوا يهتموا خصوصاً مِنْ التهديداتِ الفرنسيةِ السياسيه بينما كان التهديد مستمر كان القذافي يرسل المقاتلات الإضافية إلى مصر.
طبقاً للتقارير الغير مؤكّدةِ أصبح يوجد في مصر ما يقارب 19 طائرةِ ميراج مصريهِ، وهذه تَضمّنتْ كُلّ قاذفات الميراج المقاتلة المزوّدة بالرادار المتقدم بالاضافه لطائرتي استطلاع ميراج أيضا و كلهم بطيارين مصريين
في حديث مع احد الصحف الغربيةِ، ذَكرَ الزعيمَ الليبيَ بأنّ طائراتَ الميراج الخاصة بالقوة الجويةِ العربيةِ الليبيةِ كَانتْ تستَعملُ لتَدريب طياري القوات الجويةِ المصريينِ ، وكَانتْ تحت سيطرتِه الكاملة و الحقيقة المعروفه حاليا انه من أول يوم لوصول الطائرات لمصر كُلّ طائرات الميراج الليبية كَانتْ تحت السيطرةِ الكاملةِ للقوات الجويةِ المصريةِ و من الواضح انه يظهر بأن المشروعِ الكاملِ لشراء الميراج مِن قِبل ليبيا كان بتدبير و إدارة مصريه كاملة من البداية للحصول على سلاح غربي متقدم يوازي ما هو موجود عند إسرائيل و لبناء القوات الجوية المصرية على أعلى مستوى للتجهيز لحرب أكتوبر و بدلاً مِنْ الطيارين الليبيين ذَهبَ طيارونُ مصريون إلى فرنسا بجوازاتِ السفر الليبيةِ للتَدْريب على الميراج 5 الجديدة وأكملَ الطيارونُ المصريونُ الأوائلُ تدريبهم في فرنسا في أكتوبر 1971.
وتم أخيار الطيارين من مصر على أساس الخبرة و الكفاءة الكبيرة و عدد ساعات الطيران العالية (حوالي 1500 ساعة طيران في المتوسط لكل طيار مصري ذهب للتدريب على الميراج) و تم اختيارهم من أطقم قتال القاذفات المقاتله من نوع السوخوي 7 و الميج 17 نظرا لان الموديل الذي سيطيرون عليه كان الموديل القاذف من الميراج و بالتالي فلديهم خبره كبيره في هذا المجال و من هؤلاء الطيارين من شارك في حرب الاستنزاف ضد إسرائيل و اشتبك مع القوات الجوية الاسرائيليه و قصف مواقع دفاع جوي إسرائيلي مثل مواقع نظام هوك للدفاع الجوي أي أن الطيارين المصريين كان عندهم خبره قتاليه كبيره جدا, أيضا سافر لليبيا أطقم المهندسين و الفنيين المصريين للتدريب على إصلاح و تسليح و صيانة الطائرة الميراج الجديدة.
كان هناك اختلاف شاسع بين الطائرات الروسية مثل السوخوي 7 و الميج 17 الروسيتين والميراج الفرنسي و كَانَت السوخوي 7 و الميج 17 لديها محرّك جيد لكن حمولة صغيره جدا، مع قابليةَ مناورة ممتازه أما جسم و هيكل الطائرة الميج 17 كان قوي جدا و يتحمل الإصابات المباشرة مقارنه بالميراج و صيانه الميج سهلة جدا و غير مكلفة بالإضافة
و الميج 17 كانت مسلحه بثلاث مدافع رشاشة قوية جدا منها مدفع ذو عيار 37 ملم والمدفعين الاخرين من عيار 23 ملم. الميراج لها قابليةُ مناورة جيدةُ جدا و تسارع أفضل بمراحل عن الميج ، ورؤية ممتازة للطيار من كابينة القيادة،
وهندسة طيران أفضل بكثير بالاضافه للحمولة الكبيرة من الذخيرة المتنوعة من قنابل و صواريخ و مدى عمل الطائرة الكبير جدا (و هذا ما كان ينقص القوات الجوية المصرية) و تقنية في أجهزة الطيران و الملاحة و مدى رأي أوسع و اكبر لكابينة الطيار و لقد كانت التعديلات الإسرائيلية على الميراج التي ذهبت لليبيا تعديلات مهمة جدا و ممتازة و مناسبة جدا لأجواء و ظروف القتال في المنطقة و ظروف الصراع العربي الإسرائيلي على مستوى القوات الجوية.
إحدى الروايات المثيرةِ حين كان الطيارين المصريينِ يتدُرّبون على طائراتِ الميراج في فرنسا كَانَت هناك مُناقشةِ مَع عِدّة طيارين منهم و المفترض أنهم من ليبيا و كان معهم مترجم لغوي فرنسي تكلم ببعض الكلمات الروسية، واثنان مِنْ طلابِه وَجدوا هذا مضحكا جداً. المدرب الفرنسي فطن إلا هذا الأمر و وَجدَه لا يتماشي ذلك مع الليبيين الذين لا يُمْكِنُ أَنْ يَتكلّموا اللغة الروسية، ثمّ في ذلك الوقت ما كان هناك تعاونَ عسكري بين ليبيا والإتحاد السّوفيتي نهائيا ولذلك سَألَ نفسه ما الذي جعل هؤلاء الطيارين يَتعلّمونَ اللغة الروسية على الأغلب عَرفَ المدربَ الفرنسيَ بالضبط من كان يدرب فقد أيقن انه يدرب مصريين و مع ذلك وَجدَ الفرنسيون أنفسهم تحت ضغطَ لتسليمِ طائراتِ الميراج إلى ليبيا حسب الاتفاق و الصفقة المبرمة – ومصر بعد ذلك و سبحان الله مصرف الأمور.
من الأمور الأخرى انه كان الطيارين المصريين في ليبيا عندما يسال احدهم من قبل الفرنسيين عن عدد ساعات طيرانه فكان إجابتهم المتفق عليها بين الجميع انه لا يتعدى 500 ساعة طيران و هذا رقم ضعيف للطيار يدل على انه طيار مبتدأ و لكن مع طيران الطيارين الفرنسيين مع المصريين ثبت للفرنسيين أنهم أمام طيارين أقوياء و عدد ساعات طيرانهم أعلى بكثير من ما يقولونه و أن لديهم خبره كبيره بالطيران على القاذفات و استيعابهم كبير للميراج بخلاف نظرائهم الليبيين و لوحظ أيضا أن الطيارين المصريين كانوا على علاقة ود و تفاهم و تقارب كبير مع الفرنسيين و على الجانب الأخر كانت نفس العلاقة من الود و التفاهم و التقارب بين الطيارين الليبيين و الباكستانيين, و الحقيقة أن الطيارين الفرنسيين كانوا في غاية التفاهم و التعاون التام مع نظرائهم المصريين و قدموا لهم كل المراجع و الكتب العلمية التي تتحدث و تشرح الطائرة الميراج بكل تفصيل و قدم الفرنسيين كل الدعم الكامل و الخبرة للمصريين في التدريب و قدم الفرنسيين كل النصح و الإرشاد للمصريين في أسلوب ضرب الممرات و القواعد الجوية خاصة و استخدام ذخائر الميراج و قنابلها أفضل استخدام و لقد نصح احد الطيارين الفرنسيين احد الطيارين المصريين أن قنابل الميراج الحالية الموجودة في ليبيا غير مخصصه لضرب ممرات المطارات و لن تكون مؤثره جدا في هذه العملية و لقد أيقن الطيار الفرنسي أن المصريين لابد وانهم سيضربون المطارات الاسرائيليه في بدايه الحرب القادمه لتحييد السلاح الجوي الاسرائيلي
و اظهر المصريين تفوق كبير في استخدام الميراج في ليبيا و قاموا بمهمات عده لصالح القوات الجوية الليبية في اعتراض بعض الطائرات الأمريكيه التي كانت تدخل للأجواء الليبية من فتره لأخرى على سبيل المناوشة وذلك بناء علي اوامر شخصيه من الرئيس القذافي والذي كان يزور السرب المصري علي فترات للاطمئنان علي التدريب .
من الأمور الواجب ذكرها أيضا انه في فترة تواجد و تدريب الطيارين المصريين على الميراج في ليبيا انه كان من وقت لأخر يتم تدريب أطقم طياري الميج 21 المصرية على الطيران مع الميراج و التدريب على الاشتباك معها في قتال جوي متلاحم و استيعاب تكتيكاتها في الطيران و التدريب المكثف على الاشتباك معها و لقد استفاد كثيرا الطيارين المصريين في أسراب الميج 21 من هذا التدريب المكثف لمواجهة الميراج الإسرائيلي و إسقاطها, أيضا
ولاول مرة تدرب طياري الميراج المصريين بشكل علمي ممتاز و منظم على تكتيكات الاشتباك الجوي بشكل منهجي علمي و تعلموا الكثير من تكتيكات القتال الجوي و القتال المتلاحم من الفرنسيين الذين كانوا يدونون كل الفنون القتالية في شكل سيناريوهات منظمه و معروفه و يتدربون عليها نظريا وعمليا مما اكسب الطيارين المصريين فنون قتاليه جديدة و أساليب قتاليه غربيه لم يكن يعرفوها من قبل و تختلف عن ما كانوا يعرفونه من تكتيكات و أساليب القتال الروسية حيث ان الروس لم يكونوا يعلمون الطيارين المصريين كل فنون القتال الجوي.
ويروي اللواء طيار محمد عكاشة انه تم إعداد الطيارين و الفنيين المصريين في أول الأمر على الأرض و إعطائهم فكرة عن الطائرة كتلقين مبدئي أولي ثم بدا التدريب على الطيران على الميراج 5 مع الطيارين الفرنسيين على طائرات التدريب الثنائية المقعد ثم بعد هذا تم تدريب الطيارين المصريين على الطيران المنفرد بالطائرات مع طائرات ميراج أخرى يقودها الفرنسيون و بعدها تم التدريب على القتال الجوي و تكتيكات القتال و الهجوم الأرضي و استخدام الذخائر المختلفة للميراج 5.
المقاتلة الميراج 5 لديها ُ إمكانية هجومِ ضعف السوخوي 7 واربع اضعاف الميج 17 الروسي و إمكانات هجومِ أعظمِ لدرجة كبيرة. و لكن الطائرة كَانتْ تَفتقرُ إلى القذائفِ جو جو الجيدةِ فقط ماعدا صاروخ ماترا ، الذي كَان السلاحَ الرئيسيَ للميراج كصاروخ جو – جو بالاضافه للمدفعين للدفاع عن نفسها، الليبيون أنفسهم لم يكن عِنْدَهُمْ قذائفَ أخرى. والصاروخ الفرنسي الجديد المتقدم ماترا 500 مازالَ في مرحلة التطويرِ ولن يَدْخلَ خدمةَ لسَنَوات ِبعيده.
شرارة الميراج-السرب 69 المصري
في صيفِ 1973 كان قد تم دخول المقاتلة الفرنسية المتقدمة الميراج 5 في الخدمةِ الكاملةِ بالقوات الجويةِ المصريةِ وعليها العلم المصري كمقاتله قاذفه للهجوم الأرضي فقط, و وصل بها الطيارين المصريين بالطيران المباشر من ليبيا لمصر بعد إتمام حوالي 10 أشهر من التدريب على الطائرة الجديدة و عمل حوالي 100 ساعة طيران لكل طيار عليها مع كميات من قطع الغيار و الذخائر، وارتبطت أسم الميراج بأسم السرب 69 ميراج سربِ مستقلِ، تواجدت في قاعدة طنطا الجوية في مصر.
و أطقم الطيارين المصريون دُرّبوا في قاعدة طنطا, و لقد كانت كميات الذخائر و قطع الغيار محدودة نوعا ما للسرب المصري الجديد و لا تكفي لعمليات حربية كثيرة.
هذا السرب مكون من التّالي:
القائد العقيد طيار: زين الدين عبد الجواد
طيارون برتبةِ المقدّمِ: أحمد محمد ، هاشم داود ، محمد داود ، محمد عبد المنعم زكي عكاشه ، أحمد رمزي ، عباس شافعي وآخرون من أبطال القوات الجوية المصرية.
طيارون برتبةِ الرائدِ: حيدر دبوس ,علي شهاب الدين ، حمدي عبد الحميد عقيل، محمود عزّت، عبد الهادي حسن ، محمد أمين إبراهيم، و آخرون من الإبطال.
طيارون: مجد الدين رفعت ، محمد أحمد، محمد رضا أحمد ، خالد أحمد محمود عمر، طارق أحمد ، محمد فتحي رفعت ، عصام أحمد محمد سيد، و آخرون من الأبطال.
كما وصل إلي مصر أيضا في نوفمبر 73 سرب ميراج ليبي أخر بطيارين ليبيين في قاعدة جناكليس ثم نقل بعدها الي طنطا
و لم يشترك في أي عمليات حربيه نهائيا خلال الحرب و بعد نهاية الحرب قام هذا السرب بعمليات تدريب مع السرب المصري في طنطا قبل عودته لليبيا.
حرب أكتوبر
السرب 69 أشترك في حرب أكتوبرِ 1973، و لكن ليس في أول أيام الحرب و من الملاحظ قبل سرد عمليات السرب المصري في حرب أكتوبر أنها تتسم بأنها قليله جدا و من الواضح أن القيادة المصرية السياسية لم تعتمد كثيرا على السرب في العمليات اليومية للحرب و كانت تدخره لعمليات محدده بعيدة المدى لضرب العمق الإسرائيلي و تهديده بقوة و التلويح به وقت اللزوم في معركتها السياسية و لكن في النهاية كانت عمليات السرب 69 قليلة جدا و محدودة في حرب أكتوبر بشكل أثار حفيظة وحنق طياري السرب لرغبتهم في الاشتراك في الحرب بشكل أكثر فعالية.
السرب 69 كان مخطط له ضرب مطار حتسور في عمق إسرائيل في أول يوم للحرب وتم دراسه الموقف بالتفصيل وخطوط السير المحدده ، لكن ثبت نظريا ان السرب يمكنه الوصول للمطار والعوده لكن في حاله حدوث اي اشتباك جوي وهو امر وارد جدا ، فأن حاله الوقود في الطائرات لن تسمح لهم بالعوده الي المطار ، مما ادي الي عمل تدريب مشابه لنفس خط السير تجاه الحدود الليبيه ، وثبت ان الطائرات لن تستطيع الوصول الي مطاراتنا في حاله حدوث اي اشتباك وما يستتبعه من زياده استهلاك الوقود بشكل رهيب للمناوره .
وقاعده حاتسور ومع قاعده حاتسريم ورامات دافيد تشكل عماد القواعد الجويه الاسرائيليه والتخطيط لضربها كان رائعا لانها سوف تؤثر كثيرا علي المعنويات الاسرائيليه لقدرتنا علي قصف مطارات العمق الاسرائيلي وايضا فأنها ستدفع القوات الجويه الاسرائيليه الي سحب اسراب فانتوم من مطارات الجبهه المتقدمه الي مطارات العمق مما كان سيخدم اكثر القوات العربيه في جبهه قناه السويس والجولان .
ونظرا لاقتناع قياده القوات الجويه باستحاله قصف حاتسريم جوا ، فقد تم تغيير الهدف ليكون مطار العريس كهدف مبدئي للهجوم .
يوميات السرب 69 الميراج المصري في حرب أكتوبر 1973:
يوم 6 أكتوبر: لم يقم السرب بأي عمليات حربية في هذا اليوم الأول للحرب، حيث تم اصدار الامر للطيارين بالغاء مهمتهم وهم في طائراتهم قبل دقائق من الاقلاع ، وتابع الطياريون نتائج الضربه الجويه ونجاحها ، وتوقع ان يشاركوا في الضربه الثانيه قبل اخر ضوء لكنها الغيت ، وبسبب الغاء الضربه الثانيه أستطاعت القوات الجويه الاسرائيليه اعتراض تشكيلات الهيلكوبتر التي تحمل رجال الصاعقه وبدون حمايه مقاتله واستطاعوا اسقاط 25 طائرة هيلكوبتر مصريه بحمولتها من رجال الصاعقه
يوم 7 أكتوبر: تم ضرب السرب في قاعدة طنطا بأربع طائرات إسرائيلي في غاره على المطار و لم يقم السرب بأي عمليات حربيه في هذا اليوم و لم يتوقف المطار عن العمل بسبب هذه الغارة.
يوم 8 أكتوبر: تم الاغاره على السرب في مطار طنطا و تم صد الهجوم الإسرائيلي هذه المرة بواسطة الدفاع الجوي النشيط عن القاعدة و تم إسقاط إحدي الطائرات الإسرائيلي.
يوم 9 أكتوبر: قام السرب بعملية إغاره و ضرب مركز إعاقة و تشويش إسرائيلي في المحور الشمالي و تدميره.
يوم 10-11 أكتوبر: لا يوجد أي عمليات للسرب في هذا اليوم.
يوم 12 أكتوبر: قام السرب بطلعة استطلاع واحده فقط بطائرة واحده فقط للمحور الشمالي
يوم 13 أكتوبر: قام السرب بقصف سرية دبابات إسرائيلي في شمال مدينة القنطرة.
يوم 14 أكتوبر: و أثناء معركة المنصورة الشهيرة تم ضرب السرب في مطار طنطا بواسطة 16 طائره فانتوم إسرائيلي على موجتين كل موجه مكونه من 8 طائرات على التوالي, و لوحظ في هذه الغارة اختلاف أسلوب طيران و عمل الطيارين عن ما سبق و من الواضح أن الطيارين لم يكونوا اسرائييلين علي الاطلاق ، فتكتيك الهجوم مغاي تماما لتكتيك الهجوم الاسرائيلي والذي حفظه الطيارون المصريين تماما بناء علي خبرة حرب الاستنزاف ، ولم تؤدي تلك الغارة الي تعطيل المطار ، بل اصابات فرعيه غير مؤثرة علي الاطلاق .
يوم 15- 16-17 أكتوبر: لم يقم السرب بأي عمليات حربيه.
يوم 18 أكتوبر: تم التخطيط لضرب مطار العريش الهام جدا لإسرائيل و الذي كانت تهبط فيه الإمدادات التي تصل إسرائيل من أمريكا للجبهة المصرية فئ سيناء, وضعت الخطة للهجوم ب 6 طائرات ميراج بقيادة (رائد طيار حيدر دبوس) و تم الاستعداد و توزيع الأدوار و الانطلاق في حدود الساعة الرابعة ظهرا ل 6 طائرات ميراج مصري لضرب مطار العريش, و لكن تم اعتراض العملية من قبل 4 طائرات ميراج إسرائيلي قبل الوصول للهدف بوقت قليل جدا, و لقد كان تشكيل الهجوم مكون من 4 طائرات ميراج مصريه في الأمام و طائرتين في الخلف على بعد حوالي 3 كيلومتر للحماية, و انقض الميراج الإسرائيلي من الأعلى على الطائرات المصرية و اضطر طياري الميراج المصري لإلقاء الحمولة من القنابل و التسلق للاشتباك مع الميراج الإسرائيلي, و سقطت طائرة مصريه واحده في الماء بعد إلقاء الحمولة مباشره بسبب خلل حدث لجسم الطائرة ادى لاصطدام مقدمتها بالماء واستشهاد النقيب رفعت علي الفور و تسلقت 5 طائرات مصريه لمواجهة 4 طائرات إسرائيليه في الجو و حدث اختلاط بينهم و لم يعد احد يميز طائرات الفريق الأخر لتشابهها معا و أضطر كل فريق للانفصال عن الاشتباك لتمييز طائراته و انسحبت الطائرات المصرية و قد سقطت طائره أخرى في الماء بسبب خطا من الطيار المصري حيث لامس جناح طائرته الماء و سقطت طائره ثالثه هي طائرة قائد التشكيل حيدر دبوس عند الانسحاب بصاروخ إسرائيلي أطلق عليها و أصابها من الخلف و عادت 3 طائرات فقط للقاعدة في طنطا.
يوم 19 أكتوبر: قام السرب بقصف القوات الإسرائيلية في ثغرة الدفرسوار و تم ضرب قوات بريه إسرائيلية ب 3 طائرات ميراج مصري و عادوا سالمين.
يوم 20 – 21 أكتوبر: لم يقم السرب بأي عمليات حربيه.
يوم 22 أكتوبر: قام السرب بضرب القوات الاسرائيليه و تم إسقاط طائره واحده و فشلت المهمة نتيجة تداخل و اعتراض الطائرات الإسرائيلي للهجوم و عادت الطائرات للمطار.
و هكذا انتهى دور سرب الميراج المصري في حرب أكتوبر 1973
الخلاف مَع ليبيا
مباشرة بعد نهايةِ حرب أكتوبرِ، 1973، حدث خلاف حول طائرات الميراج الليبية التي أعطيت للقوات الجوية المصرية في الحرب و أصبحَت المسألة خلافِ بين الدولتين المجاورتين على مستوى القيادة السياسة, الرئيس الليبي وَجدَ نَتائِجَ الحربِ محدودةَ بشكل عامِّ ووجدها فرصةِ لانتقاد مصر وسوريا لأهدافِهم المحدودةِ وإنجازاتِهم العسكرية المحدودة من وجهة نظره، بالإضافة إلى الأردن لعدم دخول الحرب ضد إسرائيل. و وصف القذافي الحرب بأنها لا شيء أكثر من محاولة لتَعديل الوضع الراهنِ و لكن بجبن، وأنْ الحرب تَكُونَ لا شيءَ حتى يتم تحرير الأرض كلية بالعمليات العسكرية. و عندما حدثت مفاوضات وقف إطلاق النارَ بَدأ القذافي يغضبَ أكثر و ينتقد الرئيس المصري محمد أنور السادات.
من الواجب ذكر انه في بداية حرب أكتوبر 1973 و في الأيام الأولى للمعركة أرسلت ليبيا إلا مصر اثنين من الضباط الطيارين الليبيين بالسيارات لقاعدة طنطا الجوية مباشرة للتفاوض على إرجاع طائرات الميراج الليبية لليبيا رغم أن الطيارين المصريين اخبروهم أن الحرب قد بدأت و سير العمليات العسكرية على أشده على الجبهتين المصرية و السورية و لا يصح سحب الطائرات الآن في هذه الأوقات العصيبة و رغم ذلك أصر الضابطين الليبيين على إرجاع الطائرات رغم كل النقاش بينهم و بين الطيارين المصريين في قاعدة طنطا الذي وصل إلا حد العراك بالأيدي بين احد الضابطين الليبيين و احد الطيارين المصريين, و بعد انتهاء الحرب حاول الليبيين مرة أخرى الهبوط بطائرة نقل عسكريه كبيرة في مطار طنطا الحربي لتفكيك طائرات الميراج الليبي بالقوة و لقد تم إغلاق ممرات الإقلاع و الهبوط أكثر من مرة لمنع طائرة النقل الليبية من الهبوط في مطار طنطا.
وهذه هي القصّةِ الحقيقيةِ لأداء السرب 69, سرب الميراج المصري في حرب أكتوبر 1973.
طلب مقاتلة الميراج الليبيِ
فوراً بعد استلامه الحكم في ليبيا بعد انقلاب عسكري ضدّ الملكِ إدريس في سبتمبر/أيلولِ 1969، بدأ الزعيم الليبي الجديد، مُعمّر القذافي ببناء قوّاته المُسَلَّحةِ, و في خلال شهور قليلة فقط أجبر الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة على سَحْب قوَّاتهم من البلادِ؛ تاركه بِضْعَة طائرات مقاتله و طائرات للنقل تم بِيعَها إلى تركيا لاحقا ، وأصبحتْ ليبيا بلاد مصدّرة للنفط أيضاً والذي أرتفع سعرَ نفطِه بشكل ملحوظ .
بينما القوَّات الأمريكية والبريطانية الأخيرة ما كَانتْ لتَترْك ليبيا قبل مارس/آذارِ 1970، في نوفمبر/تشرين الثّاني 1969 بَدأَ القذافي المفاوضاتَ مَع فرنسا لشراء كميات كبيره من الأسلحة الفرنسية المتقدمة حيث كان يحلم بتكوين جيش ليبي قوي مزود باسلحه متقدمه و خاصة في مجال القوات الجوية.
و كان اكبر اتفاقيه بين ليبيا و فرنسا هي الاتفاق على تزويد ليبيا بأكثر من 50 طائره مقاتله قاذفه من نوع ميراج 5 الفرنسية الشهيرة و المعروفة بقوتها و تقدمها و حسن مناورتها الجوية و هي مطابقه للموجودة في سلاح الجوي الإسرائيلي, و قام بالصفقة وقتها طيار مصري أرسله الزعيم جمال عبد الناصر مع مجموعة طيارين مصريين آخرين لمساعده ليبيا في التعاقد و التوقيع على الصفقة نظرا لعدم وجود كوادر ليبية فنيه وقتها للتعامل مع مثل هذه الأمور.
ليبيا كَانتْ - بعد لبنان - ثاني بلد عربي تطَلَب طائراتِ الميراج الفرنسية في هذا الوقت، لكن بالتأكيد الزبونَ العربي الوحيدَ الأكبر في هذا الوقت: العقد وقّعَ في يناير 1970 مُتضمّنِ الأتي (أعداد الطائرات بالتقريب و ليست دقيقة):
العدد : النوع أرقام الطائرات
- 32 ميراج 5 موديل اعتراضيه مزوّده بالرادار 101 حتى 132
- 15 ميراج 5 موديل اعتراضيه ثنائيه المقعد للتدريب المتقدم 201 حتى 215
- 4 ميراجِ 5 موديل استطلاع و تصوير جوي 301 حتى 310
- 50 ميراج 5 موديل قاذفات مقاتلة للضرب على أهداف أرضيه 401 حتى 453
تَضمّنَ الطلبُ الليبيُ أيضا أجهزة محاكيه وكميةَ هائلةَ مِنْ قطعِ الغيار و أجهزة و معدات خدمه أرضية مُخْتَلِفة، و ذخائر و صواريخ و قنابل للطائرات الجديدة.
ومن المهم هنا الاشارة الي ان الطائرات التي وصلت ليبيا كانت نفس الطائرات المفترض توجهها الي اسرائيل عام 1967 وبسبب بدء اسرائيل القتال في 5 يونيو فقد نفذ الرئيس الفرنسي تهديده بمعاقبه الدوله البادئه بالقتال وتم حرمان اسرائيل من سربين من الميراج استعاضت عنهم لاحقا بطائرات سكاي هوك والفانتوم الامريكيه ، وكانت المواصفات الفنيه للطائرات الميراج والتي طلبتها اسرائيل وتم تحميلها علي الطائرة اعلي مستوي بمراحل من المواصفات الفنيه العاديه التي تصدرها فرنسا ، ومن المحتمل ان يكون الرئيس الفرنسي قد عمد الي توجيه نفس الطائرات المتقدمه الي ليبيا لكي يزيد من عقاب اسرائيل علي بدءها الحرب .
وتسلمت ليبيا بناء على الصفقة طائرات ميراج 5 من موديل الميراج المقاتلة القاذفة و تم طلب في ما بعد سرب أخر إضافي من المقاتلات الميراج 5 الاعتراضية, و لقد كانت الميراج 5 الليبي مجهزة برادار حديث و متقدم للسيطرة على ضرب النار (مكانه بارز و مميز تحت كابينة القيادة للطيار)، وخزّانات وقود إضافية تحت الاجنحه لإطالة مدي الطائرة. و تم تزويد المقاتلات بمدفعين 30 مليمتر مداهما 1200 متر للدفاع عن نفسها، و كان تسليح المقاتلات بصواريخ فرنسيه جو- جو مضادة للطائرات من نوع ماترا (Matra R 530) و 8 قنابل زنة 250 كجم أو 2 قنابل 400 كجم أو 32 صاروخ للهجوم الأرضي.
لكن في الاساس اعتمدت التشكيلات القاذفه علي المدفع فقط في عمليات القتال الجوي واستعاضت عن الصواريخ جو-جو بحموله اخري من القنابل
و لقد كان التطوير في هيكل الطائرات الميراج 5 الليبية ذو أهميه في تحسين قدرات الطائرة في الطيران على الارتفاعات المنخفضة جدا و زيادة سرعتها و قدرات المناورة للطائرة و أيضا زيادة حمولة الطائرة من القنابل و الذخائر المختلفة و زيادة فعاليه المدافع الرشاشة في الطائرة و أضافه رادار جديد زاد من قدرات التصويب و دقة الرماية للطائرة المعدلة الجديدة, كما تم إضافة كاميرات تصوير متقدمه في الطائرات الميراج 5 المخصصة للاستطلاع و التصوير الجوي لاستطلاع مواقع العدو و تصويرها قبل أي هجوم مخطط على هذه المواقع .
بالرغم من أن طائراتِ الميراج الأولى لَمْ تَصلْ ليبيا قبل 1971 (حيث دخلت الخدمةَ فعلياً) فقد تم طَيَرَاْن طائراتِ ميراج ِ في الأوقاتِ السابقةِ. بين 28 أغسطس و4 سبتمبر 1970، فقد طار تشكيل من خمسة طائرات فرنسيه ثنائيه المقاعد صُبِغتَ بالعلاماتِ الليبيةِ للعرض في الذكرى الأولى للجمهوريةِ العربيةِ الليبية. و هذه الطائرات طارت بواسطه الأطقمِ المُخْتَلَطةِ فوق طرابلس في هذه المناسبةِ، مَع كل طيار مصري في كابينة القيادة الأماميةِ طيار فرنسي في المؤخّرةِ.
السبب الرئيسي لظهورِ الطيارين المصريينِ في طائراتِ الميراج الليبيةِ كَانتْ الحقيقة بأنّ في ذلك الوقت هؤلاء الطيارين أُمِروا بذلك حيث ذهب بعض الطيارين المصريين من القوات الجوية المصرية (10 طيارين – 6 طيارين ثم 4 طيارين في ما بعد) من أطقم القاذفات المصرية الميج 17 و السوخوي 7 لفرنسا بأوراق سفر ليبيه حتى يتم تدريبهم على الميراج الليبي على أنهم طيارين من ليبيا و ليسوا مصريين و باقي طياري مصر تم تدريبهم بعد ذلك في ليبيا و لقد سافر الفوج الأول من الطيارين المصريين إلا فرنسا في أواخر عام 1971 أما باقي الطيارين فقد سافروا لليبيا في عام 1972 (لحق بهم أسرهم بعد ذلك في ليبيا) حيث إن معظم الطيارين المصريين قد تم تدريبهم في ليبيا ،حيث أن القوات الجوية الليبية وقتها كانت في طور التكوين و عدد أفرادها بالكاد 400 ضابطَ و ليس كلهم طيارين
و بشكل واضح الليبيون لم يكن عندهم طيارين ذو كفاءه مماثله للمصريين للطيران بالميراج الجديدة.
قبل وصولِ المقاتلات الميراج الجديدة إلي ليبيا ، تم تجهيز قاعدة رئيسيه للصيانة و تدريب الأطقمِ وتخزينِ الأسلحةِ, و كَانَ المطار المختار لها في ليبيا هو القاعدة الكبيرة عقبة بن نافع (هذه القاعدة هي القاعدة الأمريكية هويلس سابقا) بقيادة الطيار صالح عبد الله و قائد القوات الجوية الليبية وقتها كان الطيار صالح الفرجاني و هذه قاعدة كبيره و مجهزة بناها الأمريكان في ليبيا على الطراز الأمريكي لبناء القواعد الجوية وكانت مؤجرة من ليبيا وقت الحكم الملكي قبل ثورة الفاتح، وأثناء عام 1972 وصل أيضاً عدد مِنْ الطيارين الباكستانيينِ لدَعْم تدريب طياري الميراج الليبيينِ والمصريينِ في ليبيا بشكل مكثف وسري جدا و نظرا لان باكستان كانت تمتلك هذا النوع من الطائرات وقتها (كانت تملك وقتها باكستان حوالي سربين من الميراج 5) و الحق أن طياري باكستان كان عندهم خبره عاليه بالطيران و على دراية كبيره و محترفين.
لكن ظل التدريب الخاص بالمصريين مقتصر علي المدربين الفرنسيين والذين كانوا اعلي مستوي من المدربين الباكستانيين والذين هم في الاصل طياري قليلي الخبرة وتم ارسالهم الي ليبيا للتدريب ولاكتساب خبرة من المدربين الفرنسيين وبدعوي انهم مدربين ويتلقون مرتباتهم من الحكومه الليبيه
بصيفِ 1973 أصبح معلوم للجميع أن طائرات الميراج الليبية موجودة و عامله في القوات الجوية المصرية ، و إسرائيل احتجت و طالبت فرنسا أَنْ تَتوقّفَ عن تَصدير المقاتلات إلى ليبيا. الفرنسيون احتجوا أيضاً، رسمياً و تم التَهديد بتَوَقُّف التسليمِ إذا أيّ طائرات ميراج سَتُرسلُ إلى مصر.
لكن كان ذلك متأخّر جداً، على أية حال، ولا الليبيون ولا المصريون كَانوا يهتموا خصوصاً مِنْ التهديداتِ الفرنسيةِ السياسيه بينما كان التهديد مستمر كان القذافي يرسل المقاتلات الإضافية إلى مصر.
طبقاً للتقارير الغير مؤكّدةِ أصبح يوجد في مصر ما يقارب 19 طائرةِ ميراج مصريهِ، وهذه تَضمّنتْ كُلّ قاذفات الميراج المقاتلة المزوّدة بالرادار المتقدم بالاضافه لطائرتي استطلاع ميراج أيضا و كلهم بطيارين مصريين
في حديث مع احد الصحف الغربيةِ، ذَكرَ الزعيمَ الليبيَ بأنّ طائراتَ الميراج الخاصة بالقوة الجويةِ العربيةِ الليبيةِ كَانتْ تستَعملُ لتَدريب طياري القوات الجويةِ المصريينِ ، وكَانتْ تحت سيطرتِه الكاملة و الحقيقة المعروفه حاليا انه من أول يوم لوصول الطائرات لمصر كُلّ طائرات الميراج الليبية كَانتْ تحت السيطرةِ الكاملةِ للقوات الجويةِ المصريةِ و من الواضح انه يظهر بأن المشروعِ الكاملِ لشراء الميراج مِن قِبل ليبيا كان بتدبير و إدارة مصريه كاملة من البداية للحصول على سلاح غربي متقدم يوازي ما هو موجود عند إسرائيل و لبناء القوات الجوية المصرية على أعلى مستوى للتجهيز لحرب أكتوبر و بدلاً مِنْ الطيارين الليبيين ذَهبَ طيارونُ مصريون إلى فرنسا بجوازاتِ السفر الليبيةِ للتَدْريب على الميراج 5 الجديدة وأكملَ الطيارونُ المصريونُ الأوائلُ تدريبهم في فرنسا في أكتوبر 1971.
وتم أخيار الطيارين من مصر على أساس الخبرة و الكفاءة الكبيرة و عدد ساعات الطيران العالية (حوالي 1500 ساعة طيران في المتوسط لكل طيار مصري ذهب للتدريب على الميراج) و تم اختيارهم من أطقم قتال القاذفات المقاتله من نوع السوخوي 7 و الميج 17 نظرا لان الموديل الذي سيطيرون عليه كان الموديل القاذف من الميراج و بالتالي فلديهم خبره كبيره في هذا المجال و من هؤلاء الطيارين من شارك في حرب الاستنزاف ضد إسرائيل و اشتبك مع القوات الجوية الاسرائيليه و قصف مواقع دفاع جوي إسرائيلي مثل مواقع نظام هوك للدفاع الجوي أي أن الطيارين المصريين كان عندهم خبره قتاليه كبيره جدا, أيضا سافر لليبيا أطقم المهندسين و الفنيين المصريين للتدريب على إصلاح و تسليح و صيانة الطائرة الميراج الجديدة.
كان هناك اختلاف شاسع بين الطائرات الروسية مثل السوخوي 7 و الميج 17 الروسيتين والميراج الفرنسي و كَانَت السوخوي 7 و الميج 17 لديها محرّك جيد لكن حمولة صغيره جدا، مع قابليةَ مناورة ممتازه أما جسم و هيكل الطائرة الميج 17 كان قوي جدا و يتحمل الإصابات المباشرة مقارنه بالميراج و صيانه الميج سهلة جدا و غير مكلفة بالإضافة
و الميج 17 كانت مسلحه بثلاث مدافع رشاشة قوية جدا منها مدفع ذو عيار 37 ملم والمدفعين الاخرين من عيار 23 ملم. الميراج لها قابليةُ مناورة جيدةُ جدا و تسارع أفضل بمراحل عن الميج ، ورؤية ممتازة للطيار من كابينة القيادة،
وهندسة طيران أفضل بكثير بالاضافه للحمولة الكبيرة من الذخيرة المتنوعة من قنابل و صواريخ و مدى عمل الطائرة الكبير جدا (و هذا ما كان ينقص القوات الجوية المصرية) و تقنية في أجهزة الطيران و الملاحة و مدى رأي أوسع و اكبر لكابينة الطيار و لقد كانت التعديلات الإسرائيلية على الميراج التي ذهبت لليبيا تعديلات مهمة جدا و ممتازة و مناسبة جدا لأجواء و ظروف القتال في المنطقة و ظروف الصراع العربي الإسرائيلي على مستوى القوات الجوية.
إحدى الروايات المثيرةِ حين كان الطيارين المصريينِ يتدُرّبون على طائراتِ الميراج في فرنسا كَانَت هناك مُناقشةِ مَع عِدّة طيارين منهم و المفترض أنهم من ليبيا و كان معهم مترجم لغوي فرنسي تكلم ببعض الكلمات الروسية، واثنان مِنْ طلابِه وَجدوا هذا مضحكا جداً. المدرب الفرنسي فطن إلا هذا الأمر و وَجدَه لا يتماشي ذلك مع الليبيين الذين لا يُمْكِنُ أَنْ يَتكلّموا اللغة الروسية، ثمّ في ذلك الوقت ما كان هناك تعاونَ عسكري بين ليبيا والإتحاد السّوفيتي نهائيا ولذلك سَألَ نفسه ما الذي جعل هؤلاء الطيارين يَتعلّمونَ اللغة الروسية على الأغلب عَرفَ المدربَ الفرنسيَ بالضبط من كان يدرب فقد أيقن انه يدرب مصريين و مع ذلك وَجدَ الفرنسيون أنفسهم تحت ضغطَ لتسليمِ طائراتِ الميراج إلى ليبيا حسب الاتفاق و الصفقة المبرمة – ومصر بعد ذلك و سبحان الله مصرف الأمور.
من الأمور الأخرى انه كان الطيارين المصريين في ليبيا عندما يسال احدهم من قبل الفرنسيين عن عدد ساعات طيرانه فكان إجابتهم المتفق عليها بين الجميع انه لا يتعدى 500 ساعة طيران و هذا رقم ضعيف للطيار يدل على انه طيار مبتدأ و لكن مع طيران الطيارين الفرنسيين مع المصريين ثبت للفرنسيين أنهم أمام طيارين أقوياء و عدد ساعات طيرانهم أعلى بكثير من ما يقولونه و أن لديهم خبره كبيره بالطيران على القاذفات و استيعابهم كبير للميراج بخلاف نظرائهم الليبيين و لوحظ أيضا أن الطيارين المصريين كانوا على علاقة ود و تفاهم و تقارب كبير مع الفرنسيين و على الجانب الأخر كانت نفس العلاقة من الود و التفاهم و التقارب بين الطيارين الليبيين و الباكستانيين, و الحقيقة أن الطيارين الفرنسيين كانوا في غاية التفاهم و التعاون التام مع نظرائهم المصريين و قدموا لهم كل المراجع و الكتب العلمية التي تتحدث و تشرح الطائرة الميراج بكل تفصيل و قدم الفرنسيين كل الدعم الكامل و الخبرة للمصريين في التدريب و قدم الفرنسيين كل النصح و الإرشاد للمصريين في أسلوب ضرب الممرات و القواعد الجوية خاصة و استخدام ذخائر الميراج و قنابلها أفضل استخدام و لقد نصح احد الطيارين الفرنسيين احد الطيارين المصريين أن قنابل الميراج الحالية الموجودة في ليبيا غير مخصصه لضرب ممرات المطارات و لن تكون مؤثره جدا في هذه العملية و لقد أيقن الطيار الفرنسي أن المصريين لابد وانهم سيضربون المطارات الاسرائيليه في بدايه الحرب القادمه لتحييد السلاح الجوي الاسرائيلي
و اظهر المصريين تفوق كبير في استخدام الميراج في ليبيا و قاموا بمهمات عده لصالح القوات الجوية الليبية في اعتراض بعض الطائرات الأمريكيه التي كانت تدخل للأجواء الليبية من فتره لأخرى على سبيل المناوشة وذلك بناء علي اوامر شخصيه من الرئيس القذافي والذي كان يزور السرب المصري علي فترات للاطمئنان علي التدريب .
من الأمور الواجب ذكرها أيضا انه في فترة تواجد و تدريب الطيارين المصريين على الميراج في ليبيا انه كان من وقت لأخر يتم تدريب أطقم طياري الميج 21 المصرية على الطيران مع الميراج و التدريب على الاشتباك معها في قتال جوي متلاحم و استيعاب تكتيكاتها في الطيران و التدريب المكثف على الاشتباك معها و لقد استفاد كثيرا الطيارين المصريين في أسراب الميج 21 من هذا التدريب المكثف لمواجهة الميراج الإسرائيلي و إسقاطها, أيضا
ولاول مرة تدرب طياري الميراج المصريين بشكل علمي ممتاز و منظم على تكتيكات الاشتباك الجوي بشكل منهجي علمي و تعلموا الكثير من تكتيكات القتال الجوي و القتال المتلاحم من الفرنسيين الذين كانوا يدونون كل الفنون القتالية في شكل سيناريوهات منظمه و معروفه و يتدربون عليها نظريا وعمليا مما اكسب الطيارين المصريين فنون قتاليه جديدة و أساليب قتاليه غربيه لم يكن يعرفوها من قبل و تختلف عن ما كانوا يعرفونه من تكتيكات و أساليب القتال الروسية حيث ان الروس لم يكونوا يعلمون الطيارين المصريين كل فنون القتال الجوي.
ويروي اللواء طيار محمد عكاشة انه تم إعداد الطيارين و الفنيين المصريين في أول الأمر على الأرض و إعطائهم فكرة عن الطائرة كتلقين مبدئي أولي ثم بدا التدريب على الطيران على الميراج 5 مع الطيارين الفرنسيين على طائرات التدريب الثنائية المقعد ثم بعد هذا تم تدريب الطيارين المصريين على الطيران المنفرد بالطائرات مع طائرات ميراج أخرى يقودها الفرنسيون و بعدها تم التدريب على القتال الجوي و تكتيكات القتال و الهجوم الأرضي و استخدام الذخائر المختلفة للميراج 5.
المقاتلة الميراج 5 لديها ُ إمكانية هجومِ ضعف السوخوي 7 واربع اضعاف الميج 17 الروسي و إمكانات هجومِ أعظمِ لدرجة كبيرة. و لكن الطائرة كَانتْ تَفتقرُ إلى القذائفِ جو جو الجيدةِ فقط ماعدا صاروخ ماترا ، الذي كَان السلاحَ الرئيسيَ للميراج كصاروخ جو – جو بالاضافه للمدفعين للدفاع عن نفسها، الليبيون أنفسهم لم يكن عِنْدَهُمْ قذائفَ أخرى. والصاروخ الفرنسي الجديد المتقدم ماترا 500 مازالَ في مرحلة التطويرِ ولن يَدْخلَ خدمةَ لسَنَوات ِبعيده.
شرارة الميراج-السرب 69 المصري
في صيفِ 1973 كان قد تم دخول المقاتلة الفرنسية المتقدمة الميراج 5 في الخدمةِ الكاملةِ بالقوات الجويةِ المصريةِ وعليها العلم المصري كمقاتله قاذفه للهجوم الأرضي فقط, و وصل بها الطيارين المصريين بالطيران المباشر من ليبيا لمصر بعد إتمام حوالي 10 أشهر من التدريب على الطائرة الجديدة و عمل حوالي 100 ساعة طيران لكل طيار عليها مع كميات من قطع الغيار و الذخائر، وارتبطت أسم الميراج بأسم السرب 69 ميراج سربِ مستقلِ، تواجدت في قاعدة طنطا الجوية في مصر.
و أطقم الطيارين المصريون دُرّبوا في قاعدة طنطا, و لقد كانت كميات الذخائر و قطع الغيار محدودة نوعا ما للسرب المصري الجديد و لا تكفي لعمليات حربية كثيرة.
هذا السرب مكون من التّالي:
القائد العقيد طيار: زين الدين عبد الجواد
طيارون برتبةِ المقدّمِ: أحمد محمد ، هاشم داود ، محمد داود ، محمد عبد المنعم زكي عكاشه ، أحمد رمزي ، عباس شافعي وآخرون من أبطال القوات الجوية المصرية.
طيارون برتبةِ الرائدِ: حيدر دبوس ,علي شهاب الدين ، حمدي عبد الحميد عقيل، محمود عزّت، عبد الهادي حسن ، محمد أمين إبراهيم، و آخرون من الإبطال.
طيارون: مجد الدين رفعت ، محمد أحمد، محمد رضا أحمد ، خالد أحمد محمود عمر، طارق أحمد ، محمد فتحي رفعت ، عصام أحمد محمد سيد، و آخرون من الأبطال.
كما وصل إلي مصر أيضا في نوفمبر 73 سرب ميراج ليبي أخر بطيارين ليبيين في قاعدة جناكليس ثم نقل بعدها الي طنطا
و لم يشترك في أي عمليات حربيه نهائيا خلال الحرب و بعد نهاية الحرب قام هذا السرب بعمليات تدريب مع السرب المصري في طنطا قبل عودته لليبيا.
حرب أكتوبر
السرب 69 أشترك في حرب أكتوبرِ 1973، و لكن ليس في أول أيام الحرب و من الملاحظ قبل سرد عمليات السرب المصري في حرب أكتوبر أنها تتسم بأنها قليله جدا و من الواضح أن القيادة المصرية السياسية لم تعتمد كثيرا على السرب في العمليات اليومية للحرب و كانت تدخره لعمليات محدده بعيدة المدى لضرب العمق الإسرائيلي و تهديده بقوة و التلويح به وقت اللزوم في معركتها السياسية و لكن في النهاية كانت عمليات السرب 69 قليلة جدا و محدودة في حرب أكتوبر بشكل أثار حفيظة وحنق طياري السرب لرغبتهم في الاشتراك في الحرب بشكل أكثر فعالية.
السرب 69 كان مخطط له ضرب مطار حتسور في عمق إسرائيل في أول يوم للحرب وتم دراسه الموقف بالتفصيل وخطوط السير المحدده ، لكن ثبت نظريا ان السرب يمكنه الوصول للمطار والعوده لكن في حاله حدوث اي اشتباك جوي وهو امر وارد جدا ، فأن حاله الوقود في الطائرات لن تسمح لهم بالعوده الي المطار ، مما ادي الي عمل تدريب مشابه لنفس خط السير تجاه الحدود الليبيه ، وثبت ان الطائرات لن تستطيع الوصول الي مطاراتنا في حاله حدوث اي اشتباك وما يستتبعه من زياده استهلاك الوقود بشكل رهيب للمناوره .
وقاعده حاتسور ومع قاعده حاتسريم ورامات دافيد تشكل عماد القواعد الجويه الاسرائيليه والتخطيط لضربها كان رائعا لانها سوف تؤثر كثيرا علي المعنويات الاسرائيليه لقدرتنا علي قصف مطارات العمق الاسرائيلي وايضا فأنها ستدفع القوات الجويه الاسرائيليه الي سحب اسراب فانتوم من مطارات الجبهه المتقدمه الي مطارات العمق مما كان سيخدم اكثر القوات العربيه في جبهه قناه السويس والجولان .
ونظرا لاقتناع قياده القوات الجويه باستحاله قصف حاتسريم جوا ، فقد تم تغيير الهدف ليكون مطار العريس كهدف مبدئي للهجوم .
يوميات السرب 69 الميراج المصري في حرب أكتوبر 1973:
يوم 6 أكتوبر: لم يقم السرب بأي عمليات حربية في هذا اليوم الأول للحرب، حيث تم اصدار الامر للطيارين بالغاء مهمتهم وهم في طائراتهم قبل دقائق من الاقلاع ، وتابع الطياريون نتائج الضربه الجويه ونجاحها ، وتوقع ان يشاركوا في الضربه الثانيه قبل اخر ضوء لكنها الغيت ، وبسبب الغاء الضربه الثانيه أستطاعت القوات الجويه الاسرائيليه اعتراض تشكيلات الهيلكوبتر التي تحمل رجال الصاعقه وبدون حمايه مقاتله واستطاعوا اسقاط 25 طائرة هيلكوبتر مصريه بحمولتها من رجال الصاعقه
يوم 7 أكتوبر: تم ضرب السرب في قاعدة طنطا بأربع طائرات إسرائيلي في غاره على المطار و لم يقم السرب بأي عمليات حربيه في هذا اليوم و لم يتوقف المطار عن العمل بسبب هذه الغارة.
يوم 8 أكتوبر: تم الاغاره على السرب في مطار طنطا و تم صد الهجوم الإسرائيلي هذه المرة بواسطة الدفاع الجوي النشيط عن القاعدة و تم إسقاط إحدي الطائرات الإسرائيلي.
يوم 9 أكتوبر: قام السرب بعملية إغاره و ضرب مركز إعاقة و تشويش إسرائيلي في المحور الشمالي و تدميره.
يوم 10-11 أكتوبر: لا يوجد أي عمليات للسرب في هذا اليوم.
يوم 12 أكتوبر: قام السرب بطلعة استطلاع واحده فقط بطائرة واحده فقط للمحور الشمالي
يوم 13 أكتوبر: قام السرب بقصف سرية دبابات إسرائيلي في شمال مدينة القنطرة.
يوم 14 أكتوبر: و أثناء معركة المنصورة الشهيرة تم ضرب السرب في مطار طنطا بواسطة 16 طائره فانتوم إسرائيلي على موجتين كل موجه مكونه من 8 طائرات على التوالي, و لوحظ في هذه الغارة اختلاف أسلوب طيران و عمل الطيارين عن ما سبق و من الواضح أن الطيارين لم يكونوا اسرائييلين علي الاطلاق ، فتكتيك الهجوم مغاي تماما لتكتيك الهجوم الاسرائيلي والذي حفظه الطيارون المصريين تماما بناء علي خبرة حرب الاستنزاف ، ولم تؤدي تلك الغارة الي تعطيل المطار ، بل اصابات فرعيه غير مؤثرة علي الاطلاق .
يوم 15- 16-17 أكتوبر: لم يقم السرب بأي عمليات حربيه.
يوم 18 أكتوبر: تم التخطيط لضرب مطار العريش الهام جدا لإسرائيل و الذي كانت تهبط فيه الإمدادات التي تصل إسرائيل من أمريكا للجبهة المصرية فئ سيناء, وضعت الخطة للهجوم ب 6 طائرات ميراج بقيادة (رائد طيار حيدر دبوس) و تم الاستعداد و توزيع الأدوار و الانطلاق في حدود الساعة الرابعة ظهرا ل 6 طائرات ميراج مصري لضرب مطار العريش, و لكن تم اعتراض العملية من قبل 4 طائرات ميراج إسرائيلي قبل الوصول للهدف بوقت قليل جدا, و لقد كان تشكيل الهجوم مكون من 4 طائرات ميراج مصريه في الأمام و طائرتين في الخلف على بعد حوالي 3 كيلومتر للحماية, و انقض الميراج الإسرائيلي من الأعلى على الطائرات المصرية و اضطر طياري الميراج المصري لإلقاء الحمولة من القنابل و التسلق للاشتباك مع الميراج الإسرائيلي, و سقطت طائرة مصريه واحده في الماء بعد إلقاء الحمولة مباشره بسبب خلل حدث لجسم الطائرة ادى لاصطدام مقدمتها بالماء واستشهاد النقيب رفعت علي الفور و تسلقت 5 طائرات مصريه لمواجهة 4 طائرات إسرائيليه في الجو و حدث اختلاط بينهم و لم يعد احد يميز طائرات الفريق الأخر لتشابهها معا و أضطر كل فريق للانفصال عن الاشتباك لتمييز طائراته و انسحبت الطائرات المصرية و قد سقطت طائره أخرى في الماء بسبب خطا من الطيار المصري حيث لامس جناح طائرته الماء و سقطت طائره ثالثه هي طائرة قائد التشكيل حيدر دبوس عند الانسحاب بصاروخ إسرائيلي أطلق عليها و أصابها من الخلف و عادت 3 طائرات فقط للقاعدة في طنطا.
يوم 19 أكتوبر: قام السرب بقصف القوات الإسرائيلية في ثغرة الدفرسوار و تم ضرب قوات بريه إسرائيلية ب 3 طائرات ميراج مصري و عادوا سالمين.
يوم 20 – 21 أكتوبر: لم يقم السرب بأي عمليات حربيه.
يوم 22 أكتوبر: قام السرب بضرب القوات الاسرائيليه و تم إسقاط طائره واحده و فشلت المهمة نتيجة تداخل و اعتراض الطائرات الإسرائيلي للهجوم و عادت الطائرات للمطار.
و هكذا انتهى دور سرب الميراج المصري في حرب أكتوبر 1973
الخلاف مَع ليبيا
مباشرة بعد نهايةِ حرب أكتوبرِ، 1973، حدث خلاف حول طائرات الميراج الليبية التي أعطيت للقوات الجوية المصرية في الحرب و أصبحَت المسألة خلافِ بين الدولتين المجاورتين على مستوى القيادة السياسة, الرئيس الليبي وَجدَ نَتائِجَ الحربِ محدودةَ بشكل عامِّ ووجدها فرصةِ لانتقاد مصر وسوريا لأهدافِهم المحدودةِ وإنجازاتِهم العسكرية المحدودة من وجهة نظره، بالإضافة إلى الأردن لعدم دخول الحرب ضد إسرائيل. و وصف القذافي الحرب بأنها لا شيء أكثر من محاولة لتَعديل الوضع الراهنِ و لكن بجبن، وأنْ الحرب تَكُونَ لا شيءَ حتى يتم تحرير الأرض كلية بالعمليات العسكرية. و عندما حدثت مفاوضات وقف إطلاق النارَ بَدأ القذافي يغضبَ أكثر و ينتقد الرئيس المصري محمد أنور السادات.
من الواجب ذكر انه في بداية حرب أكتوبر 1973 و في الأيام الأولى للمعركة أرسلت ليبيا إلا مصر اثنين من الضباط الطيارين الليبيين بالسيارات لقاعدة طنطا الجوية مباشرة للتفاوض على إرجاع طائرات الميراج الليبية لليبيا رغم أن الطيارين المصريين اخبروهم أن الحرب قد بدأت و سير العمليات العسكرية على أشده على الجبهتين المصرية و السورية و لا يصح سحب الطائرات الآن في هذه الأوقات العصيبة و رغم ذلك أصر الضابطين الليبيين على إرجاع الطائرات رغم كل النقاش بينهم و بين الطيارين المصريين في قاعدة طنطا الذي وصل إلا حد العراك بالأيدي بين احد الضابطين الليبيين و احد الطيارين المصريين, و بعد انتهاء الحرب حاول الليبيين مرة أخرى الهبوط بطائرة نقل عسكريه كبيرة في مطار طنطا الحربي لتفكيك طائرات الميراج الليبي بالقوة و لقد تم إغلاق ممرات الإقلاع و الهبوط أكثر من مرة لمنع طائرة النقل الليبية من الهبوط في مطار طنطا.
وهذه هي القصّةِ الحقيقيةِ لأداء السرب 69, سرب الميراج المصري في حرب أكتوبر 1973.
[/COL
OR]
[/SIZE]