بسم الله الرحمن الرحيم
حاملات الطائرات ودورها في الحروب الحديثة
إستراتيجيا
الكاتب: مقدم ركن / مجاهد علي السهاقي
إن حاملة الطائرات هي قبل كل شي وسيلة مثلى لزج القوات في مناطق الاشتباك
البعيدة ، باستخدام الوسائط الجوية والتي تعتبر الأساس في ذلك ، ولهذا
السبب كانت المجموعة الجوية في حاملة الطائرات هي التشكيل المتكامل لفرض
السيطرة على المجال الجوي ، وتوجيه الضربات القوية المكثفة على إلى المواقع
الأرضية ، وتتمتع المجموعة بقدرات على الاستطلاع وإعادة التزود بالوقود
جواً ، وتمتاز طائرات الحاملة بمجال عمل واسع
وبامتلاكها
جميع الأسلحة اللازمة لأداء مهامها ، ولا سيما الصواريخ الجوالة ،
والقنابل الموجهة بدقة بفضل جهاز ليزري أو بالأشعة تحت الحمراء ، ومختلف
أنواع صواريخ الدفاع الجوي وصواريخ جو/ أرض أحياناً ، والتي يمكن تزويدها
برؤوس نووية .
حالياً تعتبر حاملات
الطائرات المجهزة بمنجنيق لقذف الطائرات وكابل لإيقافها هي الوحيدة القادرة
على حمل مثل تلك المجموعة الجوية ، مع العلم أن أنواع الحاملات الأخرى لا
يمكنها سوى حمل أعداد قليلة من الحوامات أو الطائرات الصغيرة ذات (الإقلاع
والهبوط العموديين) مثل طائرات " هارير"
وهذه
الطائرات ذات كفاءة محدودة على الرغم من التقدم التقني الذي يسمح بتحسينها
، إلا أنها ستظل ذات كفاءات أدنى بشكل ملحوظ عن كفاءة الطائرات المقاتلة
التقليدية .
كما أن الفاعلية الحربية لحاملة الحوامات أو الطائرات
الصغيرة ذات الإقلاع والهبوط العموديين ليست في مستوى فاعلية حاملة
الطائرات المخصصة للسيطرة على بقعة من مستوى مسرح العمليات الذي يصبح أكثر
فأكثر ميداناً لمشاركة مختلف أصناف الأسلحة البرية والبحرية والجوية ،
وحاملات الحوامات ذات طلعات جوية يومية محددة ( من 15- 30 طلعة يومياً )
والفاعلية العملياتية لتلك الطلعات أدنى وأضعف ، بينما قدرة حاملة الطائرات
الحديثة مثل الحاملة الفرنسية " تشارل ديغول "
حاملات الطائرات ودورها في الحروب الحديثة
إستراتيجيا
الكاتب: مقدم ركن / مجاهد علي السهاقي
إن حاملة الطائرات هي قبل كل شي وسيلة مثلى لزج القوات في مناطق الاشتباك
البعيدة ، باستخدام الوسائط الجوية والتي تعتبر الأساس في ذلك ، ولهذا
السبب كانت المجموعة الجوية في حاملة الطائرات هي التشكيل المتكامل لفرض
السيطرة على المجال الجوي ، وتوجيه الضربات القوية المكثفة على إلى المواقع
الأرضية ، وتتمتع المجموعة بقدرات على الاستطلاع وإعادة التزود بالوقود
جواً ، وتمتاز طائرات الحاملة بمجال عمل واسع
وبامتلاكها
جميع الأسلحة اللازمة لأداء مهامها ، ولا سيما الصواريخ الجوالة ،
والقنابل الموجهة بدقة بفضل جهاز ليزري أو بالأشعة تحت الحمراء ، ومختلف
أنواع صواريخ الدفاع الجوي وصواريخ جو/ أرض أحياناً ، والتي يمكن تزويدها
برؤوس نووية .
حالياً تعتبر حاملات
الطائرات المجهزة بمنجنيق لقذف الطائرات وكابل لإيقافها هي الوحيدة القادرة
على حمل مثل تلك المجموعة الجوية ، مع العلم أن أنواع الحاملات الأخرى لا
يمكنها سوى حمل أعداد قليلة من الحوامات أو الطائرات الصغيرة ذات (الإقلاع
والهبوط العموديين) مثل طائرات " هارير"
وهذه
الطائرات ذات كفاءة محدودة على الرغم من التقدم التقني الذي يسمح بتحسينها
، إلا أنها ستظل ذات كفاءات أدنى بشكل ملحوظ عن كفاءة الطائرات المقاتلة
التقليدية .
كما أن الفاعلية الحربية لحاملة الحوامات أو الطائرات
الصغيرة ذات الإقلاع والهبوط العموديين ليست في مستوى فاعلية حاملة
الطائرات المخصصة للسيطرة على بقعة من مستوى مسرح العمليات الذي يصبح أكثر
فأكثر ميداناً لمشاركة مختلف أصناف الأسلحة البرية والبحرية والجوية ،
وحاملات الحوامات ذات طلعات جوية يومية محددة ( من 15- 30 طلعة يومياً )
والفاعلية العملياتية لتلك الطلعات أدنى وأضعف ، بينما قدرة حاملة الطائرات
الحديثة مثل الحاملة الفرنسية " تشارل ديغول "
تصل من(40-80 طلعة في اليوم ) .
يمكن نشر حاملات الطائرات ومجموعاتها الجوية " طائراتها "
ضمن
مجموعة بحرية جوية تشكل قوة مترابطة ومتكاملة من السفن والغواصات
والطائرات ، وهذه الوسائط المرافقة تمنح الثقة والاطمئنان لحاملة الطائرات
في تحركاتها ، وتسهم في النشاط العملياتي للمجموعة ككل :
السيطرة على المجال الجوي ، زج القوة من خلال ضربات بالصواريخ
الجوالة ، الدعم التمويني والبشري لمجموعة القوات .... الخ .
ويتكيف
تركيب تلك المجموعة مع كل عملية تبعاً للمهمة ونوع التهديد، وتضم تلك
التركيبة عموماً إضافةً إلى حاملة الطائرات : غواصة نووية
هجومية ، 3 إلى 6 فرقاطات (زنة 4000-6000 طن ) ، ووسائط دعم تمويني
(لوجستي) ، وسفن إمداد ، وسفن تحوي ورشات إصلاح ، وتشمل كذلك طائرات خاصة
بالدوريات البحرية وعند الحاجة قوة خاصة بحرب الألغام .
ولما
كانت تلك المجموعة البحرية الجوية تتمتع باستقلال كبير في مجال الإمداد
والتموين اللوجستي فإن بوسعها التمركز في أحد المواقع لفترة طويلة جداً ،
قد تصل إلى عام كامل ، بعيداً عن موطنها الأصلي ، كما تتميز بأنها شديدة
الصلابة في مسرح العمليات تجاه أي عمل إرهابي أو هجوم صاروخي ، وهي بذلك
أصلب من المنشآت البرية بفضل حركيتها التي تجعلها عصية على الإصابة .
عند
بدء العمليات تكون المجموعة قادرة على العمل بصورة مستمرة خلال (4-6) أشهر
حسب كثافة النشاط الجوي بغية تحقيق السيطرة على المجال البحري لمسرح
العمليات ، وذلك تمهيداً لكل عملية زج للقوات حيال مجمل التهديدات
( الصادرة عن سفن السطح أو الطائرات والغواصات والألغام البحرية
) .
كما أن المجموعة تقدم للمناورة الجوية المشتركة
بين الجيوش مساهمة ذات ردود فعل قوية ومرونة كبيرة في
الاستخدام ، محققةً مسافة حتى 500كم داخل الأراضي المعادية ، وتنفيذ مهام
الضرب في العمق ، ودعم القوات البرية ومساندة العمليات البرمائية ، وعمليات
إحراز التفوق الجوي المحلي .
الفائدة العملياتية
إن
إنعدام الاستقرار الإقليمي وتعدد بؤر الأزمات التي يظهر معظمها بعيداً عن
الشواطئ قد ترجمت في السنوات الأخيرة باستخدام متزايد للقوات البحرية ،
ولاسيما في الإستراتيجية الوقائية وإستراتيجية الأعمال العسكرية ، وأبرزت
المجموعة البحرية الجوية خلالها مزايا كثيرة مثل :
سرعة نشر القوات ،
وردود الفعل ومرونة الاستخدام ، وهي جميعاً مطلوبة في هذه الأجواء
الإستراتيجية الجديدة " إن هذه الوسيلة في زج القوة إلى مسارح قتال بعيدة
تمنح السلطة السياسية قدرة على العمل بأساليب متنوعة "، وتسهل تلك القدرة
حرية الحركة بموجب التشريع القانوني المتعلق بالمياه الدولية ، ويتيح ذلك
للمجموعة البحرية الجوية المزاوجة على أكمل وجه بين القدرة والمجال
والديمومة قبل الإقدام على نشر قوةٍ ما على أراضي أجنبية من أجل أعمال
قتالية متوقعة ، ووجود تلك المجموعة في منطقة النزاع يشكل إشارة قوية إلى
الإرادة السياسية لدولة ما ، دون أن يفرض ذلك إشكالاًً صريحاً على البلدان
المجاورة .
ويأخذ العمل العسكري للمجموعة البحرية الجوية
العديد من الأشكال تبعاً لبعد مسرح العمليات ، ونوع وطبيعة وحجم القوة
الأخرى الداخلة في النزاع .
ومن هنا يمكن إيجاز أهم فوائد وجود مثل هذه الحاملات والمجموعات البحرية الجوية في الآتي :
-
في المرحلة الأولى تحرز المجموعة التفوق المحلي الأول بحراً وجواً
في مسرح متفاوت البعد عن الموطن الأصلي ، وتُستقدم إلى المنطقة مساعدة
إضافية لفرض السيطرة على سماء المعركة ، والتي من دونها تصبح كل مناورة
برية محفوفة بالمخاطر الجمة ، وفي أثناء انتشار القوات على البر فإنها
غالباً ما تقدم الدعم الممكن للجند مما يتيح لهم خوض القتال دون انتظار
إنزال وسائط المدفعية الثقيلة .
- في المرحلة
الثانية تشارك المجموعة في الحملة الجوية مكملةً الدور الذي يقوم
به الطيران ذو القواعد الأرضية ، والذي يمتلك القدرة على القيام بعدد كبير
من الطلعات – تبلغ نحو 1000 طلعة في بعض الحالات – في اليوم وذلك مما
تتطلبه النزاعات الحديثة .
- حسب الوضع الجغرافي
يمكن للمجموعة العمل لإكمال ما تقوم به الوحدات الأخرى وذلك بفضل
حركيتها التي تتيح لها تنويع موقف انطلاق الضربات واتخاذ أفضل المواقع
للتمركز تبعاً لتطور القتال البري ولنوعية الأهداف المراد التعامل معها ،
وطبيعة المهام والقيود التي تفرضها الأحوال الجوية من خلال قربها ودنوها من
مناطق القتال ، وتعد الأفضل تمركزاً لتنفيذ المهام السانحة التي لا
تُفوَّت ، ومنها النجدة والإغاثة والإنقاذ .
-
بالنسبة لفك الاشتباك بين القوات في البر يأخذ دورها الأهمية نفسها
التي كانت تتمتع بها في المرحلة الأولى : فهي تزرع الطمأنينة في نفوس
الوحدات التي قد تواجه صعوبات في ضمان حمايتها الذاتية .
-
بعد نحو ستة أشهر – حسب كثافة العمليات الجوية وشدتها – على
الحاملة العودة إلى قاعدتها الأساسية لقضاء فترة تخضع فيها للصيانة وإعادة
التأهيل لمعداتها ( المنجنيقات وأجهزة الدفع ) وغيرها .
وقد
أثبتت الخبرة المكتسبة من الأزمات الأخيرة أن الحاملات كانت أول الواصلين
إلى ساحة القتال وجاهزة للتدخل وتنفيذ مهامها في أي وقت .
الدروس المستخلصة من النزاعات الحديثة
خلال ثلاثين عاماً أتاحت الحاملتان " فوش
، وكليم نسو"
لفرنسا ضمان الوجود المستمر لمجموعة بحرية جوية في الساحة العالمية
بفضل التناوب المستمر بين هاتين الحاملتين .
وخلال
الأزمات العديدة في المحيط الهندي ولبنان والخليج والبوسنة أثبتت المجموعة
البحرية الجوية أن قدرتها على الإبحار خلال أقل من 72 ساعة ابتداءً من
وضعية الاستنفار العادي ، كانت عاملاً حاسماً في سرعة انتشارها دون قيود
دبلوماسية ، لتكون عملياتية على الفور بعد وصولها إلى مسرح القتال .
أثناء
المواجهة بين إيران والعراق في أواخر الثمانينات كان هناك دور لحاملة
الطائرات الفرنسية أسهم دون أدنى شك في جعل إيران تكف في حينه عن التعرض
للسفن التجارية الفرنسية خشية تعرض أراضيها للمعاملة بالمثل .
في
بداية اشتباك القوات الفرنسية في البوسنة كانت حاملة الطائرات – أيضاً –
هي التي ضمنت تقديم الدعم الجوي ، بانتظار أن يسفر الموقف بعد أشهر من
المفاوضات عن الاتفاقات الدبلوماسية اللازمة لنشر الطائرات في القواعد
الأرضية .
وفي نزاع كوسوفو وصلت الحاملة الفرنسية " فوش" أولاً
إلى المنطقة قبل نشوب العمليات ، وتمكنت من التمركز في موقع مناسب جداً قرب
الأهداف المتوقعة مباشرة ، وهذا النزاع الواقع في قلب أوربا نفسها أثبت
نجاحاً في التمكن من وضع سلاح الجو قيد الاستخدام انطلاقاً من البحر ، وذلك
على الرغم من قرب الأراضي الفرنسية ، وكثرة القواعد الجوية الحليفة
القريبة من منطقة العمليات .
هذه الميزات كانت وراء النسبة
المتدنية جداً (20%) من مهام الطيران ، التي تم إلغاؤها ، وهي النسبة
الأدنى في قوات حلف الأطلسي – ووراء المردود الكبير الذي أحرزه الطيران
المحمول -إذا ما أخذنا في حسابنا علاوةً على ذلك – معدل نجاح الضربات التي
نفذتها طائرات السوبراتندار (75%) ، وعدد ساعات الطيران المنفذة .
ولذلك
كان من الأفضل استخدام المجموعة الجوية المحمولة على متن الحاملة " فوش"
لتنفيذ المهام الحساسة والتي تتضمن الدعم الجوي وعمليات النجدة والإغاثة
والإنقاذ .
وتجدر الإشارة خصوصاً إلى قدرة عمل المجموعة الجوية
المحمولة دون إعادة التزود بالوقود في الجو ، فهو أمر مهم لأنه يتيح تجنب
الاستعانة بطائرات التزود بالوقود جواً الثقيلة المتخصصة ذات القواعد
الأرضية .
وتمثل حاملة الطائرات قاعدة جوية حقيقية متنقلة ، كما
أثبتت نجاحاً بما تتمتع به من مدى عمل لوجستي تضيفه على مجموعتها الجوية
المحمولة بفضل ورشات الصيانة وخزانات الوقود وأجهزتها الملاحية التي تتمتع
بها .
يتبع
يمكن نشر حاملات الطائرات ومجموعاتها الجوية " طائراتها "
ضمن
مجموعة بحرية جوية تشكل قوة مترابطة ومتكاملة من السفن والغواصات
والطائرات ، وهذه الوسائط المرافقة تمنح الثقة والاطمئنان لحاملة الطائرات
في تحركاتها ، وتسهم في النشاط العملياتي للمجموعة ككل :
السيطرة على المجال الجوي ، زج القوة من خلال ضربات بالصواريخ
الجوالة ، الدعم التمويني والبشري لمجموعة القوات .... الخ .
ويتكيف
تركيب تلك المجموعة مع كل عملية تبعاً للمهمة ونوع التهديد، وتضم تلك
التركيبة عموماً إضافةً إلى حاملة الطائرات : غواصة نووية
هجومية ، 3 إلى 6 فرقاطات (زنة 4000-6000 طن ) ، ووسائط دعم تمويني
(لوجستي) ، وسفن إمداد ، وسفن تحوي ورشات إصلاح ، وتشمل كذلك طائرات خاصة
بالدوريات البحرية وعند الحاجة قوة خاصة بحرب الألغام .
ولما
كانت تلك المجموعة البحرية الجوية تتمتع باستقلال كبير في مجال الإمداد
والتموين اللوجستي فإن بوسعها التمركز في أحد المواقع لفترة طويلة جداً ،
قد تصل إلى عام كامل ، بعيداً عن موطنها الأصلي ، كما تتميز بأنها شديدة
الصلابة في مسرح العمليات تجاه أي عمل إرهابي أو هجوم صاروخي ، وهي بذلك
أصلب من المنشآت البرية بفضل حركيتها التي تجعلها عصية على الإصابة .
عند
بدء العمليات تكون المجموعة قادرة على العمل بصورة مستمرة خلال (4-6) أشهر
حسب كثافة النشاط الجوي بغية تحقيق السيطرة على المجال البحري لمسرح
العمليات ، وذلك تمهيداً لكل عملية زج للقوات حيال مجمل التهديدات
( الصادرة عن سفن السطح أو الطائرات والغواصات والألغام البحرية
) .
كما أن المجموعة تقدم للمناورة الجوية المشتركة
بين الجيوش مساهمة ذات ردود فعل قوية ومرونة كبيرة في
الاستخدام ، محققةً مسافة حتى 500كم داخل الأراضي المعادية ، وتنفيذ مهام
الضرب في العمق ، ودعم القوات البرية ومساندة العمليات البرمائية ، وعمليات
إحراز التفوق الجوي المحلي .
الفائدة العملياتية
إن
إنعدام الاستقرار الإقليمي وتعدد بؤر الأزمات التي يظهر معظمها بعيداً عن
الشواطئ قد ترجمت في السنوات الأخيرة باستخدام متزايد للقوات البحرية ،
ولاسيما في الإستراتيجية الوقائية وإستراتيجية الأعمال العسكرية ، وأبرزت
المجموعة البحرية الجوية خلالها مزايا كثيرة مثل :
سرعة نشر القوات ،
وردود الفعل ومرونة الاستخدام ، وهي جميعاً مطلوبة في هذه الأجواء
الإستراتيجية الجديدة " إن هذه الوسيلة في زج القوة إلى مسارح قتال بعيدة
تمنح السلطة السياسية قدرة على العمل بأساليب متنوعة "، وتسهل تلك القدرة
حرية الحركة بموجب التشريع القانوني المتعلق بالمياه الدولية ، ويتيح ذلك
للمجموعة البحرية الجوية المزاوجة على أكمل وجه بين القدرة والمجال
والديمومة قبل الإقدام على نشر قوةٍ ما على أراضي أجنبية من أجل أعمال
قتالية متوقعة ، ووجود تلك المجموعة في منطقة النزاع يشكل إشارة قوية إلى
الإرادة السياسية لدولة ما ، دون أن يفرض ذلك إشكالاًً صريحاً على البلدان
المجاورة .
ويأخذ العمل العسكري للمجموعة البحرية الجوية
العديد من الأشكال تبعاً لبعد مسرح العمليات ، ونوع وطبيعة وحجم القوة
الأخرى الداخلة في النزاع .
ومن هنا يمكن إيجاز أهم فوائد وجود مثل هذه الحاملات والمجموعات البحرية الجوية في الآتي :
-
في المرحلة الأولى تحرز المجموعة التفوق المحلي الأول بحراً وجواً
في مسرح متفاوت البعد عن الموطن الأصلي ، وتُستقدم إلى المنطقة مساعدة
إضافية لفرض السيطرة على سماء المعركة ، والتي من دونها تصبح كل مناورة
برية محفوفة بالمخاطر الجمة ، وفي أثناء انتشار القوات على البر فإنها
غالباً ما تقدم الدعم الممكن للجند مما يتيح لهم خوض القتال دون انتظار
إنزال وسائط المدفعية الثقيلة .
- في المرحلة
الثانية تشارك المجموعة في الحملة الجوية مكملةً الدور الذي يقوم
به الطيران ذو القواعد الأرضية ، والذي يمتلك القدرة على القيام بعدد كبير
من الطلعات – تبلغ نحو 1000 طلعة في بعض الحالات – في اليوم وذلك مما
تتطلبه النزاعات الحديثة .
- حسب الوضع الجغرافي
يمكن للمجموعة العمل لإكمال ما تقوم به الوحدات الأخرى وذلك بفضل
حركيتها التي تتيح لها تنويع موقف انطلاق الضربات واتخاذ أفضل المواقع
للتمركز تبعاً لتطور القتال البري ولنوعية الأهداف المراد التعامل معها ،
وطبيعة المهام والقيود التي تفرضها الأحوال الجوية من خلال قربها ودنوها من
مناطق القتال ، وتعد الأفضل تمركزاً لتنفيذ المهام السانحة التي لا
تُفوَّت ، ومنها النجدة والإغاثة والإنقاذ .
-
بالنسبة لفك الاشتباك بين القوات في البر يأخذ دورها الأهمية نفسها
التي كانت تتمتع بها في المرحلة الأولى : فهي تزرع الطمأنينة في نفوس
الوحدات التي قد تواجه صعوبات في ضمان حمايتها الذاتية .
-
بعد نحو ستة أشهر – حسب كثافة العمليات الجوية وشدتها – على
الحاملة العودة إلى قاعدتها الأساسية لقضاء فترة تخضع فيها للصيانة وإعادة
التأهيل لمعداتها ( المنجنيقات وأجهزة الدفع ) وغيرها .
وقد
أثبتت الخبرة المكتسبة من الأزمات الأخيرة أن الحاملات كانت أول الواصلين
إلى ساحة القتال وجاهزة للتدخل وتنفيذ مهامها في أي وقت .
الدروس المستخلصة من النزاعات الحديثة
خلال ثلاثين عاماً أتاحت الحاملتان " فوش
، وكليم نسو"
لفرنسا ضمان الوجود المستمر لمجموعة بحرية جوية في الساحة العالمية
بفضل التناوب المستمر بين هاتين الحاملتين .
وخلال
الأزمات العديدة في المحيط الهندي ولبنان والخليج والبوسنة أثبتت المجموعة
البحرية الجوية أن قدرتها على الإبحار خلال أقل من 72 ساعة ابتداءً من
وضعية الاستنفار العادي ، كانت عاملاً حاسماً في سرعة انتشارها دون قيود
دبلوماسية ، لتكون عملياتية على الفور بعد وصولها إلى مسرح القتال .
أثناء
المواجهة بين إيران والعراق في أواخر الثمانينات كان هناك دور لحاملة
الطائرات الفرنسية أسهم دون أدنى شك في جعل إيران تكف في حينه عن التعرض
للسفن التجارية الفرنسية خشية تعرض أراضيها للمعاملة بالمثل .
في
بداية اشتباك القوات الفرنسية في البوسنة كانت حاملة الطائرات – أيضاً –
هي التي ضمنت تقديم الدعم الجوي ، بانتظار أن يسفر الموقف بعد أشهر من
المفاوضات عن الاتفاقات الدبلوماسية اللازمة لنشر الطائرات في القواعد
الأرضية .
وفي نزاع كوسوفو وصلت الحاملة الفرنسية " فوش" أولاً
إلى المنطقة قبل نشوب العمليات ، وتمكنت من التمركز في موقع مناسب جداً قرب
الأهداف المتوقعة مباشرة ، وهذا النزاع الواقع في قلب أوربا نفسها أثبت
نجاحاً في التمكن من وضع سلاح الجو قيد الاستخدام انطلاقاً من البحر ، وذلك
على الرغم من قرب الأراضي الفرنسية ، وكثرة القواعد الجوية الحليفة
القريبة من منطقة العمليات .
هذه الميزات كانت وراء النسبة
المتدنية جداً (20%) من مهام الطيران ، التي تم إلغاؤها ، وهي النسبة
الأدنى في قوات حلف الأطلسي – ووراء المردود الكبير الذي أحرزه الطيران
المحمول -إذا ما أخذنا في حسابنا علاوةً على ذلك – معدل نجاح الضربات التي
نفذتها طائرات السوبراتندار (75%) ، وعدد ساعات الطيران المنفذة .
ولذلك
كان من الأفضل استخدام المجموعة الجوية المحمولة على متن الحاملة " فوش"
لتنفيذ المهام الحساسة والتي تتضمن الدعم الجوي وعمليات النجدة والإغاثة
والإنقاذ .
وتجدر الإشارة خصوصاً إلى قدرة عمل المجموعة الجوية
المحمولة دون إعادة التزود بالوقود في الجو ، فهو أمر مهم لأنه يتيح تجنب
الاستعانة بطائرات التزود بالوقود جواً الثقيلة المتخصصة ذات القواعد
الأرضية .
وتمثل حاملة الطائرات قاعدة جوية حقيقية متنقلة ، كما
أثبتت نجاحاً بما تتمتع به من مدى عمل لوجستي تضيفه على مجموعتها الجوية
المحمولة بفضل ورشات الصيانة وخزانات الوقود وأجهزتها الملاحية التي تتمتع
بها .
يتبع