تعليق كاتب على موقع العربيه عن شعور قطر بالنقص
آخر تحديث: الاثنين 9 جمادي الأول 1435هـ - 10 مارس 2014م KSA 04:05 - GMT 01:05
عقدة نابليون القطرية
الاثنين 9 جمادي الأول 1435هـ - 10 مارس 2014م
فيصل عباس
يطلق علماء النفس اسم «عقدة نابليون» أو «عقدة الرجل القصير» على الرجل قصير القامة الذي يبالغ في حدة تصرفاته وعدوانيته، ويفسرون ذلك بأنه نوع من التعويض على قصر قامته.
ولعل الكثيرين بيننا يعرفون أشخاصاً يعانون من هذه العقدة، ولكن عند مراقبة تصرفات بعض الدول، مثل قطر، يحق للمرء أن يتساءل ما إذا كانت هذه النظرية تنطبق أيضاً على الدول كما تنطبق على الأشخاص.
تعتبر قطر، التي حصلت على استقلالها عام 1971، دولة صغيرة نسبياً من حيث المساحة، لكنها خلال أربعة عقود ونيف شهدت تغيراً جذرياً إذ رأت نفسها تتحول من واحدة من أفقر الدول في المنطقة إلى واحدة من أغنى دول العالم.
لكن وبالتزامن مع ازدهارها الاقتصادي، يرى العديد من المحللين السياسيين أن قطر، وعبر سنوات تطورها، غدت تعاني من هاجس «البحث عن دور» بشكل مرض.
خالف تعرف
وهكذا، وضمن إطار رغبتها في التميز، ورغبة في دخول نادي اللاعبين الدوليين، غالباً ما اتسمت سياسة قطر الخارجية بكونها مثيرة للجدل.
ومع الأسف، فإن أكثر المتضررين سلباً من تلك القرارات المؤذية كانت الدول الخليجية المجاورة لقطر، وخصوصاً السعودية.
بناء على ذلك، فإنه يمكن للمرء أن يتفهم بشكل تام القرار الأخير الذي اتخذته المملكة العربية السعودية (وجارتها فيه زميلتاها في مجلس التعاون الخليجي، مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة) باستدعاء سفرائها من الدوحة، رغم شكوك البعض في أن يؤدي هذا الإجراء إلى شفاء قطر مما يمكن أن يعتبر حالة مستعصية من «عقدة الدول الصغيرة».
لكن ما لا يمكن تفهمه، هو ردة الفعل القطرية على هذا الإعلان الثلاثي المشترك. فقد زعمت قطر أنها «فوجئت» بالقرار تماماً كما زعمت أن الاختلاف مع الدول المجاورة كان حول «عدد من القضايا خارج مجلس التعاون الخليجي».
ولعل أقل ما يمكن أن يقال في رد الفعل القطري هو أنه لا يمكن تصديقه، خصوصاً أن العديد من التقارير ربطت القرار بتدخل قطر الدائم في الشؤون الداخلية لزميلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي.
سياسة خارجية مثيرة للجدل
بدأت الأسئلة تثار حول سياسة قطر الخارجية تحديداً خلال عهد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (بين الأعوام 1995 و2013)، وما زال العديد من القرارات التي اتخذت في تلك الفترة تحير الخبراء والمحللين.
على سبيل المثال، دعمت قطر ميليشيا حزب الله اللبنانية الموالية لإيران واستمرت في دعمها حتى بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني (المدعوم من السعودية) رفيق الحريري، وهو أمر يُتهم حزب الله رسمياً بارتكابه، بالإضافة إلى دعم قطر لهذه المجموعة الشيعية المسلحة بعد سيطرتها العسكرية على بيروت في عام 2008.
كما أن الدوحة دعمت بشكل مشين الرئيس السوري بشار الأسد حتى قيام الثورة ضده في سوريا في عام 2011. ففي الفترة التي تلت اغتيال الحريري، سخرت قطر الكثير من أموالها وعلاقاتها في سبيل تحسين صورة الأسد، كما ساهمت في تخفيف الضغوط الدولية على نظامه من خلال تنسيق الجهود مع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.
ولم تنقلب قطر ضد الأسد إلا بعد رده العنيف على الثورة التي قامت ضده في عام 2011، ولكن، عندما قادت السعودية جهود دعم المعارضة السورية، أصرت قطر على دعم الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل جبهة النصرة، متجاهلة نصيحة السعودية، لا بل إنها أصرت على عرقلة جهود أعضاء الائتلاف السوري المعارض الذين لم يحظوا بموافقتها أو ما كانوا يدينون بالولاء للدوحة.
أضف إلى ذلك أن قطر دعمت طوال سنوات الديكتاتور الليبي المثير للجدل معمر القذافي، الذي اتهم بأمور كثيرة بينها التآمر لمحاولة اغتيال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وفي هذا المجال تقول مصادر واسعة الاطلاع في الرياض أنه بعد الإطاحة بالقذافي في عام 2011، حصلت المملكة على تسجيلات صوتية تحتوي على حوار بين مسؤولين قطريين كبار يناقشون فيه دعمهم لمحاولة الإطاحة بالحكم في المملكة.
وتشير تقارير غير مؤكدة أن هذه التسجيلات تعود إلى أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة وإلى وزير خارجيته السابق الشيخ حمد بن جاسم.
ولا يمكن اعتبار هذا الأمر حادثة معزولة إذا ما تم ربطها بالدور الذي قامت به قطر في اليمن، حيث قامت بتقديم الدعم المالي إلى بعض أبناء قبيلة الأحمر والمجموعات الموالية للإخوان المسلمين، وحيث لا يزال الحوثيون يشكلون مصدراً دائماً لعدم الاستقرار في اليمن والحدود الجنوبية للمملكة.
كما تستمر قطر في دعم تنظيم الإخوان المسلمين (الذي قررت المملكة أخيراً اعتباره تنظيماً إرهابياً)، علماً أن دعم قطر للإخوان المسلمين جعل دولة الإمارات العربية المتحدة تقدم احتجاجاً رسمياً حول ذلك ضمن جهود الإمارات منع تكوين خلايا تابعة للإخوان على أراضيها.
العجز عن الوفاء
عندما تخلى أمير قطر الشيخ حمد طواعية عن الحكم لصالح ابنه الشيخ تميم في يونيو 2013 أمل الكثير من المراقبين أن يؤسس ذلك لعصر جديد من التفاهم والتعاون في منطقة الخليج.
وبالفعل، ساد هذا الانطباع عند قيام الشيخ تميم بزيارته الأولى إلى الرياض في شهر أغسطس الماضي، ثم عاد الشيخ تميم إلى الرياض في نوفمبر ووقع على اتفاقية مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتشير التقارير إلى أن الاتفاقية تضمنت ثلاثة بنود:
1- قطع جميع العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وتنظيم الإخوان المسلمين.
2- عدم إعطاء الداعية المصري يوسف القرضاوي أي منبر.
3- الحد من حركة الناشطين الإيرانيين بين دول مجلس التعاون الخليجي.
ولكن رغم موافقة قطر مجدداً على هذه البنود خلال قمة الكويت لدول مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر، فإنها عجزت عن الوفاء في أي من التزاماتها، وهو أمر يرسخ الاعتقاد أن الدوحة ما زالت خاضعة لحكم حرسها القديم وأن الشيخ تميم لا يعتزم إجراء أية تعديلات على سياسة قطر الخارجية المثيرة للجدل.
وفي حال كان ذلك صحيحاً، فلا شك أنه يحق للمرء أن يسأل: إن كانت هذه تصرفات دولة صديقة، من بحاجة لأعداء؟
نقلاً عن "الرؤية"
http://www.alarabiya.net/ar/politics/2014/03/10/عقدة-نابليون-القطرية.html