ماذا لو قامت الحرب بين مصر وإسرائيل؟
http://www.alwafd.org/حوارات-وملفات/93-ملفات محلية/205645-ماذا-لو-قامت-الحرب-بين-مصر-وإسرائيل؟
محمد شعبان-أمانى زكى-سعيد السبكي
منذ 36 دقيقة 45 ثانية
إسرائيل تدق طبول الحرب مع مصر، وتحدد سيناء ميدان المعركة القادمة بينهما، فلم يعد الأمر مقصورا على مجرد التلويح بشن هجمات على سيناء،
كما كان يحدث في الماضي، لكن تل أبيب تشعر بالرعب من وجود عناصر جهادية في شبه الجزيرة، وتزعم أن القيادة في مصر عاجزة عن السيطرة عليها، حتى أن الأصوات المتشددة في الحكومة تصرخ طالبة التدخل العسكري في الوقت الذي أرسل فيه المشير طنطاوي رسالة تهديد واضحة، مفادها أن القوات المسلحة ستقطع قدم من يحاول الاعتداء علينا أو الاقتراب من حدودنا.
التسريبات الواردة من إسرائيل تؤكد أن هناك حالة من الغليان داخل الأوساط السياسية في تل أبيب بعد الثورة، خاصة بعد سيطرة الإسلاميين على البرلمان، ووقف إمدادها بالغاز الطبيعي، كما أن المجتمع الإسرائيلي يعانى مشاكل داخلية دفعت القيادة هناك إلى التصعيد مع مصر للهروب منها، حتى أن الأصوات التى كانت مع التهدئة في البداية اختفت ولم يعد لها اى تأثير.
البداية كشفت عنها صحيفة «هاآرتس» العبرية، مؤكدة أنه في بداية إبريل الماضي أرسلت تل أبيب رسالة تهديد إلى المجلس العسكري حذرت فيها من أنها ستتحرك ضد المسلحين في سيناء ما لم تقم الحكومة المصرية بدورها في تأمين الحدود المشتركة، وهو ما زاد حالة التوتر بين البلدين، وأخرج الصراع بينهما من مرحلة الكتمان إلى العلنية، حيث خرج بعدها المشير طنطاوي ليهدد بقطع قدم من يفكر في الاقتراب من الحدود.
وبعد تصريح المشير مباشرة هدد رئيس الاستخبارات الإسرائيلية بإعادة احتلال سيناء، بدعوى أنها أصبحت مرتعا للخلايا الإرهابية التى تهدد امن إسرائيل، وادعى أنه تم الكشف عن أكثر من عشر خلايا إرهابية وإحباطها، وسار رئيس الكنيست الإسرائيلى روبى ريفلين، على نفس الطريق قائلا إن «الحرب مع مصر حتمية».
وعقب التهديدات قامت وحدات من الجيش المصرى ضمن الأعداد المتفق عليها في اتفاقية السلام بإعادة انتشارها ورفعت درجة الاستعداد وهو ما ردت عليه إسرائيل حسب ما أكدته تقارير إسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلى يشهد تطورات وتعزيزات كبيرة وأعادت قوات الجيش تجميع العديد من الوحدات العسكرية التى كانت تعمل في الحدود مع مصر والتي تم تفكيكها منذ أكثر من 7 سنوات بعد الهدوء الذي شهدته الجبهة المصرية طوال أيام مبارك.
الأخطر من ذلك ما قالته الدراسة التى أعدها الخبير العسكري «إيهود عليم» أن إسرائيل تعد بالفعل خطة الآن لإعادة احتلال سيناء ولكن الخطة تتوقف على شخصية الرئيس القادم في مصر ومدى توافقه مع إسرائيل وتضمنت الدراسة تفاصيل الخطة التى أعدها الجيش الإسرائيلي لتحقيق هدفه والتي تشمل إعادة احتلال غزة وغلق معبر رفح، بالإضافة إلى عمل منطقة فاصلة في صحراء النقب وشمال سيناء واستهداف القوات الجوية المصرية وضرب الداخل المصرى لإضعاف قدرة الجيش على الصمود.
وذكرت الدراسة عيوب الخطة الإسرائيلية التى من الممكن أن يتم إدخال تعديلات عليها إمكانية قيام الجيش المصرى بتوجيه المصرى ضربات إلى إسرائيل من خلال صواريخ ارض أرض المصرية وقدرة الطيران الحربي على عمل ضربات جوية إلى الداخل الإسرائيلى وشن حرب بيولوجية بأسلحة كيماوية، وأكدت الدراسة أن خطة الجيش الإسرائيلى تجاهلت قدرة المصريين على عبور قناة السويس والانتشار في سيناء بشكل سريع.
المجتمع الإسرائيلي نفسه بدأ يتفاعل مع التصريحات الساخنة خاصة أن هناك عددا كبيرا من وسائل الإعلام الإسرائيلية بدأ يروج لشائعة أن سيناء ليست مصرية وعلى رأسها موقع «إسرائيل وطنى» الذى أكد أنه ليس هناك صلة بين مصر وإسرائيل.
وزعم الموقع أنه فى عام 1906 وأثناء حكم الانجليز لمصر اجبروا الحكومة العثمانية على التخلى عن سيناء، مطالبا الحكومة الإسرائيلية بالنظر فى أمر سيناء، وإلزام مصر بإعادتها الى إسرائيل.
الجيش الإسرائيلى نفسه يحضر لسيناريو الحرب، فالچنرال دران هارئيل قائد المنطقة الجنوبية العسكرية فى إسرائيل، قال إن «سيناء لم تعد آمنة بسبب التنظيمات الارهابية وعلينا ان ندافع عن الخطر الذى يواجهنا».
فى الوقت الذى تعالت فيه الأصوات التي تطالب بشن الجيش الإسرائيلى الحرب على سيناء حاول رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن يطلق تصريحات اكثر عقلانية رغم زعمه بوجود تنظيمات فلسطينية تستخدم لتهريب الأسلحة ولكنه وجه رسالة الى الرئيس المصرى المنتخب بضرورة احترام معاهدة السلام كونه مصلحة مصرية كما هو مصلحة إسرائيلية.
اللواء عصام شلتوت الخبير الاستراتيجى قال إن احتمالية قيام الحرب مع إسرائيل لن تكون بسبب قضية تصدير الغاز، فمصر لديها مستحقات مالية لدى شركة الغاز لم تحصل عليها، وبالتالى فقضية إسرائيل مع شركة غاز شرق المتوسط وليس مصر التى أوقفت ضخ الغاز الى الشركة.
وأضاف ان الحرب بين مصر وإسرائيل تبدو قائمة وستظل قائمة، لكن الخوف من أن يستغل الجانب الإسرائيلى الأحداث الموجودة فى مصر، ويتصور ان الجيش فى حالة من الضعف بسبب انشغاله بالجبهة الداخلية، ويجر المنطقة كلها الى حالة حرب ويجب ان يكون الجيش على اعتاب استعداد خاصة ان إسرائيل تهدد باحتلال سيناء وتطلق مزاعم كاذبة والخطأ الذى وقعنا فيه أيام الرئيس المخلوع مبارك أنه لم يخلق كثافة سكانية فى سيناء حتى أصبحت خاوية ويجب تدارك الأمر بأسرع وقت، وإعادة تأهيلها خاصة أن إسرائيل تخشى من مصر بعد الثورة، لكن حتى الآن الجانب المصرى ومرشحو الرئاسة اعلنوا التزامهم بالاتفاقيات ومنها اتفاقية السلام وهذا يبدد مخاوفها.
وأكد اللواء حسام سويلم الخبير العسكرى ان الحكومة الإسرائيلية منقسمة بسبب الحرب على مصر، فالتيار المتشدد داخلها يرى ان هناك تسريبا لعناصر المقاومة الى سيناء لضرب اهداف فى شمال ايلات، كما انهم يشعرون بمخاوف من الإسلاميين الذين هددوا بقطع العلاقات، ويرون ان مصلحة إسرائيل القيام بعمليات استباقية للسيطرة على سيناء بالكامل وإزالة المخاوف.
وأضاف أن التيار العقلانى داخل الحكومة المصرية لا يريد التصعيد خاصة أنهم يواجهون تحديا مع إيران ومن الممكن ان تحدث حرب بينهما، ويطالب أصحاب هذا الاتجاه بإجراءات رقابية على سيناء، ويبحثون مسألة التشاور الأمنى خاصة أنه ليس فى مصلحة إسرائيل الدخول فى حرب مع مصر الآن وقال ان مصر تعلم المخططات جيدا والقوات الموجودة فى سيناء قادرة على صد أى هجوم وأى اعتداء سوف يواجه بحسم شديد.
وأكد المستشار حسن عمر خبير القانون الدولى أن المواجهة بين مصر وإسرائيل حتمية خاصة انها علاج للمشاكل والقضايا الداخلية التى تعانى منها مصر فلو أعلنت الحرب سيتوحد جميع طوائف الشعب خلف المجلس العسكرى وهو نفس ما تفعله إسرائيل فكلما عانت من مشاكل داخلية تلوح بالحرب لتوحد المجتمع داخلها خاصة ومصر لو دخلت مواجهة خارجية مع إسرائيل ستتوحد الطاقات والجهود وتظهرها ويعمل المجتمع على البناء بشكل جيد.
محمد شعبان
الحروب .. أداة لتوحيد الشتات الإسرائيلى
قد ينظر البعض إلى المجتمع الإسرائيلى من الخارج بعين الحسرة على فرقتنا وتوحدهم وقوتهم، ولكن هى ليست الحقيقة لأن المجتمع الإسرائيلى منذ نشأته وحتى الآن صورة حية للصراع الداخلي سواء كان دينيا أو سياسيا أو اجتماعيا, فلا يوجد في إسرائيل جنس واحد, أو لغة واحدة, أو شعب واحد, بل لغات وشعوب وأجناس, وحدتهم فكرة قيام الدولة, لذلك يلجأ ساسة إسرائيل إلي شن حروب سياسية وعسكرية في محاولة منهم لتوحيد صفوفهم في الداخل.
فالصراع الداخلى الإسرائيلى ينحصر بين المتدينين أنفسهم من يهود الشرق الفقراء المسحوقين بلا أمل «السفارد» والغرب «الاشكناز», الأمر الذي قادهم في نهاية المطاف إلي صراع سياسي وصدام في الفكر الديني.
فالمجتمع الإسرائيلي عبارة عن مجموعة من المهاجرين، ووحدتهم ظاهرية، بجانب الاستقطاب الطبقي الحاد، الذى ينتج عنه فجوة بين النخبة الغنية والفئات المطحونة وهى أعمق من مصر لذلك يعتبر المتابعون للمجتمع الإسرائيلى أن الأزمات الداخلية لديهم اقتصادياً وسياسياً ونفسياً، تقود إلى تعميق التمزق والاغتراب اللذين يوصلان في أقصى حالاتهما إلى الإرهاب والعنف والفاشية والنازية مما يهدد مجتمعهم نفسه.
فعندما أقيمت دولة إسرائيل وعد مؤسسوها ببناء إطار اجتماعي يضمن توفير الخدمات الأساسية لسكانها إلا أن إسرائيل حاليا هي دولة يزداد الاغنياء فيها غنى ويزداد الفقراء فقرا. فنسبة الفقراء 75% في إسرائيل وهم فقراء عاملون ومعاشاتهم لا تكفي لسد احتياجاتهم. بعكس الصورة التى تصل إلينا وكأنهم ينعمون فى الحرير ولكن مشكلاتهم الاجتماعية قادرة على الانفجار بثورة قد تطيح بإسرائيل، وبدا ذلك واضحا في حادث السفارة الإسرائيلية عندما اندلعت مظاهرات اجتماعية داخل إسرائيل تطالب بحقوق الفقراء فما كان لإسرائيل إلا اختلاق أزمة على الحدود المصرية وضرب الجنود لإثارة أزمة مع مصر ليتراجع الثوار الإسرائيليون عن مطالبهم وهو ما حدث بالفعل فى ذك الوقت.
والملاحظة الأجدر هو عدم قدرة الإسرائيليين على رؤية بعض المتناقضات لديهم ففى ظل مشاكلهم الداخلية والاحتلال. بينما تصر إسرائيل على بناء العديد من المستوطنات الجديدة، وفى الوقت الذى تعاني جميع المدن الإسرائيلية نقصا حادا في المساكن، تفضل الحكومة الإسرائيلية البناء في الضفة الغربية بدلا من تل أبيب،ولذا فإن سكان المدن الإسرائيلية يدفعون ثمن تركيز الحكومات الإسرائيلية على تحسين وضع المعيشة في المستوطنات دون الاهتمام بمستوى المعيشة في المناطق الاخرى. وهو ما يرسخ نفس الاتجاه الذى نفسره عن أسباب لجوء إسرائيل إلى الحروب الخارجية.
فالمعاناة من الاحتلال ليست محصورة على الفلسطينيين فقط ولكنهم يدفعون ثمنه بشكل مباشر. إن الاحتلال عبء ثقيل على الإسرائيليين ايضا ولكن أكثرهم لا يدركون مدى تأثيره على حياتهم اليومية ويتحدون بشكل إجبارى.
حتى أن الإسرائيليين عبر انتخاباتهم يختارون من يعدهم بالأمن ويخيفهم من حرية فلسطين والعرب ويعيشون فى وهم الدولة الآمنة، ولكن بعد أن يفقدوا جميع الأسس الاجتماعية والأخلاقية، ربما لا يدرك الإسرائيليون حتى الآن أن الصراع الحالي في إسرائيل ليس من أجل تخفيض أسعار البيوت أو الطعام فقط ولكنه في نهاية الأمر سيكون بين من يريد دولة ديمقراطية تقوم على أسس اجتماعية وأخلاقية وبين من يرى بالصين وأشكالها من الحكومات الدكتاتورية مثالا يقتدى به. وهذا هو ملخص مجموعة آراء من اساتذة الإسرائيليات.
وأجمع عدد منهم على أن الخلافات والتناثر بين المجتمع يجعل الساسة يخوضون حروبا متكررة كل فترة ليتم جمع شتاتهم ضد أعدائهم وهو ربما يحدث فى الفترة القادمة نظرا للظروف الحرجة التى تعانيها إسرائيل داخليا والفرصة أيضا متاحة لدى الجانب المصرى، فالمجتمع متفكك وفى أعقاب ثورة لم تكتمل ونظام يترنح يجعل إسرائيل تفكر فى اقتحام الآمن المصرى وتهدده بضرب عصفورين بحجر وهى كسب اراض مصرية وتهدئة وتوحيد شعبها.
ويرى الدكتور إبراهيم البحراوى أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة عين شمس وأستاذ اللغة العبرية ان منهج اثارة خلافات مع الخارج من جانب إسرائيل هو مستقر فى السياسة الصهيونية وذلك من قبل نشأة الدولة، حيث اعتمدت فى ذلك الوقت على إثارة القلائل للجاليات اليهودية بالدولة الاوربية لتدفعها الى الالتحاق بالمشروع الصهيونى وهذا ما كان يحدث منذ 64 عاما.
وأضاف البحراوى: هذا يتم إما بافتعال حروب أو أزمات مع الجيران أو استفزاز الدولة المجاورة لاشعال الموقف للتغطية على المشاكل الداخلية التى تقسم المجتمع مما يجعلهم فى حالة استنفار دائم حول فكرة الوحدة من أجل مواجهة الغير.
بينما استبعد الدكتور عماد جاد المتخصص بالدراسات الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية أن تفكر إسرائيل حاليا فى خوض حرب مع مصر لتوحيد شعبها داخليا كسبب فرعى للحرب موضحا أن الحرب مكلفة ويصعب عيها أن تضع نفسها فى مواجهة مع مصر، ومن الممكن أن يقتصر الأمر على بعض المناورات السياسية فقط لأن الحرب ليست سهلة.
وقال: ربما يحافظون على التوتر الموجود فقط، وفى هذا الوقت سيكون شعارهم لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وهى طبيعة كل الشعوب والبشر فى حال مواجهة مخاطر خارجية، وهى أساليب النظم السلطوية التى تعد إسرائيل واحدة منها.
أمانى زكى
بمساعدة أثيوبيا وجنوب السودان
حصار مصر مائيا من بوابة أفريقيا
لم يكن رفع بعض مشجعى فريق الملعب المالى علم إسرائيل فى مباراتهما مع النادى الأهلى وبعد إحراز هدف الفريق الوحيد سوى دلالة واضحة على نجاح إسرائيل فى اختراق افريقيا والوصول الى الهدف الذى تسعى إليه طوال الوقت وهو تهديد الأمن المصرى من خلال خلق صراعات فى دول الجنوب الأفريقى واكتساب أرضية كبيرة فى دول حوض النيل لتهديد الأمن المائى المصرى.
فنظام مبارك أهمل الملف الأفريقى ولم يقترب منه ومنذ ان تعرض الرئيس المخلوع لحادث الاغتيال الشهير فى اديس بابا لم يعد ينظر اليها وقطع خطوط الود والاتصال بينهما وترك الملف كله فى ايدى رئيس مخابراته عمر سليمان الذى فشل كثيرا فى إدارة الملف حتى أن مبارك كان يرفض تقديم المساعدات وينظر باستعلاء إلى المطالب التى تقدم له من قادة تلك الدول.
ووجدت إسرائيل التركة الأفريقية سهلة بعد انسحاب مصر وكان من الطبيعى أن تستخدم هذا السلاح لحصار مصر وتهديد أمنها القومى فتوغلت فى أفريقيا وقدمت مشاريع ضخمة ومدت دول حوض النيل التى كانت تعيش بدون كهرباء معظم أوقات اليوم بتكنولوجيا ضخمه تمكنها من استغلال المياه الموجودة لديها فى بناء سدود تؤثر على حصة مصر المائية، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل دعمت معظم دول الجنوب الأفريقى بأسلحة متطورة وبناء مشاريع زراعية حتى تصبح تل أبيب اللاعب الرئيسى فى المنطقة الأفريقية.
والغريب أن مصر بعد الثورة لم تتغير ولم تنتبه إلى خطورة ما يجرى وكرر المجلس العسكرى نفس أخطاء الماضى ولم يستطع مد جسور التواصل مع دول الجنوب الافريقى ورغم ان القوى السياسية انتبهت الى خطورة ما يجرى ونظمت ما يسمى بوفد الدبلوماسية الشعبية لتثبت لقادة الدول أن قلب مصر ينبض بحب شعوبها كانت استجابة بعض الدول عظيمة الى حد تأكيدهم أنهم على استعداد لإعادة شحن علاقتهم بالنظام المصرى إلا ان المجلس العسكرى والحكومات التى جاءت بعد الثورة لم ينظروا الى الملف وتركوه فى أدراج النسيان باستثناء بعد الزيارات القليلة التى قام بها رئيس الوزراء السابق عصام شرف الى بعض دول الجنوب.
صحيفة «معاريف» الإسرائيلية كشفت عن بعض جوانب التغلغل الإسرائيلى فى دول افريقيا وأشارت فى تقرير لها ان الخارجية الإسرائيلية نجحت فى تطويق مصر فى أفريقيا فى وقت وجيز عن طريق عقد اتفاقيات أمنية مع نائب الرئيس البوروندى ونائب وزير الخارجية الانجولى والرئيس الأوغندى ورئيس وزراء كينيا ووزير الداخلية ووزير المياه والطاقة الكينيين.
وقالت الصحيفة: إن تل ابيب اتفقت مع كينيا على مواجهة الجماعات المتطرفة فى الصومال، كما أشارت الى أن اسرائيل تسلح عددا من الدول الافريقية وبدأت تدرب جيوشا أخرى من بينها الجيش الكينى والأوغندى والجنوب السودانى حتى يمكنها ان تواجه صعود التيارات الإسلامية فى شمال افريقيا
أما الدلالة الأبرز على تمكن إسرائيل من السيطرة على ملف أفريقيا الذى بدأت العمل به منذ ما يقرب من 50 عاما انها تقيم علاقات دبلوماسية مع 46 دولة أفريقية من مجموع دول القارة التى يبلغ عددها 53 دولة كما ان وزير الخارجية «افيجدروا ليبرمان» قام بزيارات الى عدد من تلك الدول لرسم شكل خريطة التعاون السياسي والاقتصادى بينهما.
الدكتور نور أحمد عبد المنعم خبير الشئون الافريقية قال: إن الدور الإسرائيلى فى دول الجنوب الأفريقى له أبعاد يحكمها المصالح القومية وتأمين أمنها القومى لها بدعم دول الحوض للتأثير على الأمن القومى المصرى من الاتجاه الجنوبى وكلما تعاظم دور إسرائيل فى أفريقيا، تعرض الدور المصرى للخطر.
وقال إن الدور الإسرائيلى الأساسى ينبع من إطار افكار استراتيجية تمولها المنظمة الصهيونية المكلفة بإنشاء وطن قومى لليهود وهذا الدور يكمن فى استراتيجية الحركة الصهيونية فى توفير إيرادات مائية من دول حوض النيل لتصل الى اسرائيل وبطبيعة الحال لابد أن تمتد خطوط الاتصال الى الاراضى المصرية، فإسرائيل ترى أن لدى مصر وفرة من المياه لذلك طلبت من مصر الاستغناء عن حصة من المياه الموجودة لديها عن طريق توصيلها من خلال ترعة لتصل الى اراضيها بنسبه تصل الى 1% من حصة مصر المائية البالغة 55 مليار متر مكعب أى تحصل على 55 مليون متر مكعب أو نسبة 1% من الإيرادات المائية التى تصل حصتها الى 84 مليار متر مكعب أى تحصل على 840 مليون متر مكعب.
مؤكدا أن إسرائيل تنفذ خطتها فى دول حوض النيل لتصل الى ذلك المخطط بالإشارة الي تنفيذ بعض المشاريع الزراعية، وكان آخر ما تم الاتفاق عليه فى زيارة وزير الخارجية الإسرائيلى الى اثيوبيا هو عمل مركز بحوث البساتين لتوزيع الزهور على كل دول العالم المختلفة.
وأكد نور ان اسرائيل تدعم بشدة دولة جنوب السودان الجديدة من النواحى الأمنية والاقتصادية لأنها محورها فى تنفيذ مخطط السيطرة على أفريقيا والسيطرة على مصر خاصة ان لديها أكبر حصة من المياه وتستطيع التأثير على مصر بشكل كبير خاصة أن الاتفاقيات التى تم توقيعها مع السودان قبل ذلك يجب أن تعيد التفاوض مع الدول الجديدة.
وحذر من استمرار مصر على سياساتها مع دول أفريقيا بنفس الاساليب السابقة ولكن يجب دعمها باستثمارات ومشاريع وخبراء لتفويت الفرصة على اسرائيل.
وقالت الدكتورة حورية مجاهد استاذ العلوم السياسية والمتخصصة فى ملف دول أفريقيا أن ما تقوم بعمله إسرائيل يمثل خطورة على مصر خاصة أن دول افريقيا تمثل عمقا استراتيجيا لمصر وبعدا مهما للتوجهات السياسية، فإسرائيل تبذل كل جهدها لتنال ثقه الأفارقة والسؤال الذى يفرض نفسه: لماذا لم نبدأ تحركات قوية ناحية دول حوض النيل، فطيلة السنوات السابقة كانت افريقيا منسية ولكن الآن الوضع تغير تماما، فوزارة الخارجية عليها الآن أن تتحمل دورها فى دعم تلك الدول فإسرائيل تلعب بشكل مباشر فى دول الجنوب والتأثير فى الأمن القومى المصرى وفى تصورى - والحديث للدكتورة حورية - ان أثيوبيا وجنوب السودان هما محور إسرائيل فى حصار مصر مائيا.
محمد شعبان
خبراء أكدوا أن التصعيد لن يصل إلى استخدام السلاح
اشتعال الحرب «الكلامية» مع إسرائيل
الحرب الباردة والمناورات السياسية، مصطلحات تستخدم للتعبير عن حالة الصراع والتوتر التى توجد في ظل غياب المواجهات العسكرية بين دولتين يعترف العالم عسكريا لهما بالندية، وتلك الحرب بدأتها إسرائيل منذ فترة وخاضها المجلس العسكري بمجرد جلوسه على عجلة قيادة مصر.
ورقة الصدام مع إسرائيل صعدت سياسيا في الفترة الأخيرة من المجلس العسكري لتخفف من حدة الغضب الداخلي حتي يخرج خروجا آمنا.. وبدا ذلك واضحا في قضية الغاز التي يتم توظيفها للدخول في حرب كلامية مع إسرائيل.
وتباينت الآراء السياسية حول إمكانية اللجوء إلى اختلاق أزمة مع عدو مصر الأول إسرائيل، لكسب الود الشعبي، فهناك من يؤيد للاحتمال، مستندا إلى صعود التيار الإسلامى واحتمالية تولى رئيس إسلامي حكم مصر بما ينهى اتفاقية كامب ديفيد، إضافة إلى المساس بتصدير الغاز إلى تل أبيب، ولا يستبعد رأي آخر اللجوء الي التهديد بالحرب والحشد على الحدود ولا تصل إلى الحرب ذاتها، وهناك اتجاه ثالث رفض الفكرة من أساسها قائلا: إن السلطة لا تسعى لتوريط مصر في أمر لا يحمد عقباه.
الدكتور طارق زيدان، رئيس حزب الثورة المصرية، يري أن الأحداث الداخلية في مصر تستدعى أن تفكر إسرائيل بشكل جدي في دخول حرب معنا، لأنه لو شعرت إسرائيل بالانقسامات الداخلية التى نعانيها، وأننا وصلنا إلى هذا الحد من الضعف، لن تتوقف عن محاولة التسلل إلى مصر، ولن يقتصر الأمر على سيناء فقط هذه المرة بل ستطمع في المزيد.
وأضاف زيدان أن احتمال الدخول في حرب مع إسرائيل وارد وهو سيناريو مطروح، حتى أن هناك أصواتا بإسرائيل تطالب بذلك، لأن إسرائيل لديها عوامل تجعلها تفكر كثيرا في الدخول الحرب، أهمها تصاعد التيار الديني في مصر، والتصريحات العنترية الصادرة عن الإدارة المصرية التى قد يستغلها الجانب الإسرائيلي في دخول معارك حربية، وأخيرا قضية منع تصدير الغاز.
وأوضح زيدان أنه رغم استبعاد فكرة دخول مصر الحرب حتى يكسب المجلس العسكري البقاء في السلطة، لكن هناك سيناريو آخر، وهو التورط في تصريحات من قبل البعض قد تصل إلى التأهب للدخول في حرب مع الجانب الإسرائيلي، وربما تكون صفقة معهم أيضا حتى يكسب المجلس ود الشعب المصرى من الداخل ويظل في الحكم، ولكنه في النهاية لن يدخل في حرب، في حين يظهر كأنه البطل والشجاع الذي حمى مصر واتخذ قرار حرب مع عدو مصر الأول، وهذا الوضع سيؤدى إلى توحد الشعب حوله وسيستغل المجلس العسكري هذا الموقف سياسيا.
فيما اختلف السعيد كامل، رئيس حزب الجبهة الديمقراطي، مع زيدان موضحا أن المجلس العسكري ليس في حاجة إلى الحرب مع إسرائيل لكي يكسب أرضية شعبية من خلالها، فلديه أوراق كثيرة للبقاء في الحكم, مضيفا أن قضية الغاز كانت ذات أبعاد تجارية لا سياسية.
ورغم ذلك يرى كامل أن كل الفصائل في مصر تحاول ركوب الموجة والاستفادة من الأحداث، التي ستنتهي الي لا شيء.
وأضاف أن مصر الآن مسرح كبير لكل من يرى في نفسه إمكانية التمثيل يتقدم للعمل، ومن يأمل في كسب الود يعتلي خشبة المسرح ويستعرض الأدوات لتكون مغرية للجمهور، وجميع الأطراف تحاول الآن إلقاء اللوم على بعضها البعض، والمسار السياسي بشكل عام يريد أن يحمل وجهة مختلفة.
ويرى كامل أنه في حالة الهجوم من الجانب الإسرائيلي، فالقوات المسلحة ستستطيع الرد على هذه الضربات، وفى نفس الوقت لن تجرؤ إسرائيل على توريط نفسها مع دولة في حجم مصر, وفى أسوأ الظروف لو حدث هذا الأمر فنحن نحتاج إلى التكاتف والتوحد والتنسيق فيما بيننا للعبور إلى بر الأمان.
واتفق أحمد بهاء الدين شعبان، أحد مؤسسى حزب الاشتراكى المصرى، مع كامل مؤكدا أن ما يصدر من تصريحات من الجانبين المصرى والاسرائيلى في الفترة الأخيرة ما هو إلا حركات سياسية لم تعد تنطلي على أحد – على حد تعبيره – وهو صورة مكررة مما حدث في قضية التمويل الأجنبي، لكن في نفس الوقت كل تصريح له سقف لا يمكن الخروج عن نطاقه، حتى لا ندمر كل شيء، ويرى شعبان أن ما يحدث عبارة فقط عن مناورات سياسية ليس أكثر من ذلك.
وأضاف أحمد خيري، المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، أن مسألة تصاعد وتيرة الصراع بين مصر وإسرائيل حتى تصل إلى حرب مستبعدة ولكنها قد تستغل سياسيا، وهذا الأمر يذكرنا بما تم بين تركيا وإسرائيل وما حدث من مناورات لكي يكسب الجانب التركي شعبية، والتكتيك السياسي يتغير هنا من دولة إلى أخرى، فما يصلح مع تركيا صعب أن يحدث في مصر والعكس.
ومن الناحية الاقتصادية يرى الخبير الاقتصادي رشاد عبده، أن علم الاستراتيجية يضع فيه كل الاحتمالات، حتى لو كانت نسبتها ضئيلة للغاية، ولابد من الاستعداد حتى لا يكون عنصر المفاجأة هو الحاكم للأمر، ويحبط كل التحركات، ويأخذ الطرف الآخر في ذلك الوقت المبادرة للهجوم.
وأضاف عبده أن ما حدث في موقف الغاز قد ينتج عنه بالفعل مناوشات على الحدود، وهذا أمر محتمل وطبيعي للغاية ومرتبط بالتخوف الإسرائيلى من ثورة مصر وصعود التيار الإسلامى وقدرتهم حاليا على المطالبة بقطع العلاقات بين البلدين وتحطيم ما بنوه مع الرئيس السابق مبارك.
ويضيف أنه فى حالة الحروب لابد أن الدولة تراعى الظروف الاقتصادية، وفى دولة كمصر نجد أنها دولة غير منتجة وخاصة في الآلات الحربية والأجهزة الحربية تحديدا، ففي هذه الحالة سنلجأ إلى الاستيراد من الخارج وهذا الأمر يحتاج إلى عملة صعبة، والعملة الصعبة أصبحت متدنية فقد تضاءلت من 36.1 مليار جنيه إلى 14.6 مليار خلال عام واحد، وأي دولة ليست لديها عملة صعبة ليس لديها مخزون غذائي و لا تستطيع إطعام شعبها.
وأشار «عبده» إلى أن البنك الدولي صرح منذ وقت قريب بأنه لو استمر الأمر في مصر على هذا المنوال، فستدخل مصر على مجاعة حقيقية، وما دامت لا تقدر على إطعام نفسها فكيف ستشترى سلاحا؟.
أماني زكى
أكبر مجمع استخباراتي للتجسس علي مصر عبر رفح
«المخلب الأحمر» .. عيون «الموساد» لاختراق الأراضي المصرية
بعد أن لعب «الفيس بوك» ووسائط الاتصال الحديثة دورا رئيسيا فى تحريك ثورة يناير، وتعالت أصوات فى مصر بعد الثورة تنادى بإعادة النظر فى اتفاقية السلام مع إسرئيل، بجانب امتداد المد الثورى الى عدد من دول المنطقة، تصاعد الخوف الإسرئيلى تجاه مصر، وأصبحت ترقب عن قرب مُتغيرات وتحركات الساحة المصرية على مدار الساعة، وزاد من مخاوفها ما رصدته من نشاط مصرى فى بناء عدد من القرى الذكية للتكنولوجيا، فأصبحت تقارير عملائها حول مصر لا تكفى، وتوجهت عيون الموساد لاختراق ومعرفة كل ما يدور فى مصر عبر التنصت على المُكالمات الهاتفية وتسجيلها.. مُتابعة رسائل البريد الاليكترونى مُراقبة دوائر شبكات الإنترنت وتنزيل البيانات الإلكترونية التي تُرسل من خلال الأقمار الاصطناعية.. وكذلك إخضاع المعلومات التى تحملها كابلات الاتصالات البحرية التى توجد فى مُحيط البحر الأبيض المتوسط للرقابة المُستمرة، بالإضافة الي رصد الاتصالات والمُكاتبات بين الحكومة المصرية والعالم الخارجى وعمل تقارير دورية عن مُنظمات ومؤسسات المُجتمع المدنى.
وصارت تلك التحركات أهم أهداف حكومة تل أبيب من مصر فى تلك الفترة، وجندت لتحقيقها عددا من الأجهزة الأمنية، التى تتعاون الآن على قدم وساق لبناء أكبر مُجمع استخباراتى عسكرى، أو بمعنى أدق «قاعدة تجسُس تكنولوجية» حديثة في المنطقة الواقعة بين مدينة «بئر السبع» جنوب فلسطين المُحتلة وبين وقرى «اللقية» و«أم بطين» القريبة من حدود مصر، وذلك على مساحة مبانٍ تُقدر من حيث المبدأ بحوالى 700 ألف متر مربع، وهذا المجمع ستصب فيه المعلومات الاستخباراتية التى سيتم جمعها من مصر، عبر زرع أجهزة إرسال دقيقة فى أماكن متفرقة بأراضى سيناء ورفح، وسيتم الاعتماد على الوحدات العسكرية الإسرائيلية المتمركزة في منطقة جنوب الدولة العبريّة لمُراقبة الحدود مع مصر، وأخطر هذه الوحدات هى وحدة (أدوم) أو ما يسمى بـ(المخلب الأحمر)، والتى ستقود عمليات التجسس الجديدة على مصر.
وسيتم تنفيذ «المخلب الاحمر» استناداً إلى تقارير أمنية لجهاز الاستخبارات «الموساد»، تزعم أن مصر تسعى لبناء مزيد من القُرى الذكية التكنولوجية، وأن عددا من شركات تقنية المعلومات ساعدت حركة «حماس» الفلسطينية على إقامة شبكة اتصالات مُتطورة داخل قطاع غزة، وذلك على درجة عالية من التطور كالتى يستخدمها حزب الله اللبنانى، وورد بأحد هذه التقارير الذى اطلعت عليها «الوفد»: إن زيادة انتشار الإخوان المسلمين في مصر، ومُطالبة الشارع المصرى من وقت لآخر بقطع العلاقات المصرية مع إسرائيل، يستوجب مُتابعة دقيقة لما يدور على كافة محاور الساحة المصرية، خاصة بعد أن فقدت إسرائيل نظاماً حافظ على السلام لسنوات طويلة «نظام مبارك»، وتمكن بقدر كبير من تحجيم العداء تجاه إسرائيل.
وشددت تقارير الموساد على ان «الساسة الجُدد فى مصر» بعد ثورة 25 يناير من الضرورى ان يكونوا محل مُتابعة من جانب إسرائيل أكثر من سابقيهم فى نظام مبارك، لأنهم تحت ضغوط رأى عام مصرى كسر حاجز الخوف، وأصبحت الجرأة سمة شعبية تساعد على نمو «الشوفونية» المصرية، والتى من الممكن ان تؤدى لأنواع من التطرف، وخلق تيارات سياسية يمينية جديدة، بل ليس من المُستبعد ان تُشكل ثقافة عدائية شديدة الخطورة على إسرائيل.
كما أشار التقرير الاستخباراتى الى احد المتعاونين والذى أطلق عليه اسم « صديق لإسرائيل تم القبض عليه فى دولة مجاورة «مصر» ملمحا الى «الأردني بشار إبراهيم أبو زيد» الذى تزامن وقت التحقيقات معه الكشف عن وجود منطقة عسكرية حصينة إسرائيلية مواجهة لهوائيات شركة اتصالات مصرية بزاوية 75 درجة مع برج «العوجة»، إلا أنه لم يكن فى حينه معلوم ماهية هذه المنطقة العسكرية، كما يُحذر التقرير من احتمال وجود خطة لقتل الإسرائيلي الهارب «أوفير هراري» الذى تتهمه مصر بالتخابر ضدها.
وفي هذا السياق أشار موقع الدفاع الإسرئيلى وهو لسان حال جهاز الأمن والدفاع الإسرائيلى المعنى بقضايا الاستخبارات،الي أن إسرائيل تعمل بجدية على إنشاء المجمع الاستخباراتي العسكري على مساحة كبيرة بالقرب من مدينة بئر السبع في الجنوب، ونوه تقرير للخبير الأمريكى «جميس بميارد» فى شئون الاستخبارات بالتعاون الوثيق بين إسرائيل ووكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) فيما يختص بمنطقة الشرق الأوسط فى الفترة الحالية، ومصر على وجه الأخص، وهو الامر الذى يؤكد وجود أصابع ودعم أمريكى كبير لاستكمال هذا المجمع الاستخبارتى واتمام عملية «المخلب الأحمر»، أو كما يطلق عليه رجال الموساد «عيون الجنوب».
ووفقا لما تسرب من معلومات أمنية من إسرائيل، ستتم الاستعانة فى هذا المجمع بعدد من المُجندات الإسرائيليات، وهن خبراء في التمويه، وسيكون دورهن مُراقبة أى تحركات مشبوهة على المناطق الحدودية بين مصر إسرائيل، كما ستتعاون الوحدة الميدانية المعروفة باسم Nachshol للعمل فى هذا المجمع الاستخباراتى، وإمداده بتقارير شبه يومية عن العُمق المصرى، كما يتم تدريب فرق من المجندات الشابات على الدخول فى مواجهات عسكرية إذا لزم الأمر، وتنتمى المجندات الى وحدة الاستطلاع القتالية Nachshol، وهى الوحدة التى اهتمت إسرائيل بتدريبها على عمليات قتالية خاصة منذ عام 2006، وتعمل هذه الفرق حالياً تحت قيادة ضابط قائد سرية يُدعى «الكابتن دانا بن عزرا»، المُكلف بإحباط أى عملية استطلاعية قد يقوم بها أفراد من جانب مصر.
ولقد بدأت أعمال تجريبية بالفعل لمحطة الاستخبارات الإسرائيلية للتجسُس على مصر وذلك بنشر أجهزة استشعار على طول الحدود مع مصر للمُراقبة، ورصد ما يحدُث في صحراء سيناء، على عُمق يصل الى حوالى ثلاثة آلاف متر داخل الأراضي المصرية، وهو الأمر الذى سيُمكن المخابرات الإسرائيلية من معرفة ما يحدُث في عمق الأراضي المصرية، باستخدام أعداد كبيرة من أجهزة الاستشعار والتتبع والمُراقبة.
وستعتمد محطة الاستخبارات فى مراقبة المناطق الحدودية والجغرافية وجمع المعلومات الاستخباراتية على نوع جديد من السيارات التى قامت شركة « فورد» بتصنيعها خصيصاً لأغراض التجسس فى المناطق الصحراوية الوعرة، وتتميز بقدراتها العالية فى جمع المعلومات الاستخباراتية بالرصد الميداني والتصوير والتسجيل الجغرافي، وتتبع هذه السيارة الوحدة العسكرية (أدوم) تحت قيادة ضابط التسليح برتبة مقدم يُدعي «يوسي فلافو»، وتتضمن السيارة أجهزة تصوير واستشعار ذات دقة عالية، ويؤكد الخبراء أنها مركبة مُختلفة تماماً لأنها مُغلقة وذات قدرات فائقة، ومزودة بمُحرك ديزل، وناقل يتكون من عدد 6 سرعات يدوية، وقوة دفع رباعية، وهى تفوق قدرات السيارات من نوع هامر، وستشهد الايام القادمة نشاطا وتحركات غير مسبوقة بالمناطق الحدودية الإسرائيلية مع مصر، كنوع من تجريب التعامل مع شبكة التجسس والرصد، وتقديم المعلومات والتقارير للمجمع الاستخباراتى الجديد، خاصة أن مزاعم مخاوف إسرائيل من سيناء هى الباعث والدافع المعلن للنشاط السرى.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - ماذا لو قامت الحرب بين مصر وإسرائيل؟
http://www.alwafd.org/حوارات-وملفات/93-ملفات محلية/205645-ماذا-لو-قامت-الحرب-بين-مصر-وإسرائيل؟
محمد شعبان-أمانى زكى-سعيد السبكي
منذ 36 دقيقة 45 ثانية
إسرائيل تدق طبول الحرب مع مصر، وتحدد سيناء ميدان المعركة القادمة بينهما، فلم يعد الأمر مقصورا على مجرد التلويح بشن هجمات على سيناء،
كما كان يحدث في الماضي، لكن تل أبيب تشعر بالرعب من وجود عناصر جهادية في شبه الجزيرة، وتزعم أن القيادة في مصر عاجزة عن السيطرة عليها، حتى أن الأصوات المتشددة في الحكومة تصرخ طالبة التدخل العسكري في الوقت الذي أرسل فيه المشير طنطاوي رسالة تهديد واضحة، مفادها أن القوات المسلحة ستقطع قدم من يحاول الاعتداء علينا أو الاقتراب من حدودنا.
التسريبات الواردة من إسرائيل تؤكد أن هناك حالة من الغليان داخل الأوساط السياسية في تل أبيب بعد الثورة، خاصة بعد سيطرة الإسلاميين على البرلمان، ووقف إمدادها بالغاز الطبيعي، كما أن المجتمع الإسرائيلي يعانى مشاكل داخلية دفعت القيادة هناك إلى التصعيد مع مصر للهروب منها، حتى أن الأصوات التى كانت مع التهدئة في البداية اختفت ولم يعد لها اى تأثير.
البداية كشفت عنها صحيفة «هاآرتس» العبرية، مؤكدة أنه في بداية إبريل الماضي أرسلت تل أبيب رسالة تهديد إلى المجلس العسكري حذرت فيها من أنها ستتحرك ضد المسلحين في سيناء ما لم تقم الحكومة المصرية بدورها في تأمين الحدود المشتركة، وهو ما زاد حالة التوتر بين البلدين، وأخرج الصراع بينهما من مرحلة الكتمان إلى العلنية، حيث خرج بعدها المشير طنطاوي ليهدد بقطع قدم من يفكر في الاقتراب من الحدود.
وبعد تصريح المشير مباشرة هدد رئيس الاستخبارات الإسرائيلية بإعادة احتلال سيناء، بدعوى أنها أصبحت مرتعا للخلايا الإرهابية التى تهدد امن إسرائيل، وادعى أنه تم الكشف عن أكثر من عشر خلايا إرهابية وإحباطها، وسار رئيس الكنيست الإسرائيلى روبى ريفلين، على نفس الطريق قائلا إن «الحرب مع مصر حتمية».
وعقب التهديدات قامت وحدات من الجيش المصرى ضمن الأعداد المتفق عليها في اتفاقية السلام بإعادة انتشارها ورفعت درجة الاستعداد وهو ما ردت عليه إسرائيل حسب ما أكدته تقارير إسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلى يشهد تطورات وتعزيزات كبيرة وأعادت قوات الجيش تجميع العديد من الوحدات العسكرية التى كانت تعمل في الحدود مع مصر والتي تم تفكيكها منذ أكثر من 7 سنوات بعد الهدوء الذي شهدته الجبهة المصرية طوال أيام مبارك.
الأخطر من ذلك ما قالته الدراسة التى أعدها الخبير العسكري «إيهود عليم» أن إسرائيل تعد بالفعل خطة الآن لإعادة احتلال سيناء ولكن الخطة تتوقف على شخصية الرئيس القادم في مصر ومدى توافقه مع إسرائيل وتضمنت الدراسة تفاصيل الخطة التى أعدها الجيش الإسرائيلي لتحقيق هدفه والتي تشمل إعادة احتلال غزة وغلق معبر رفح، بالإضافة إلى عمل منطقة فاصلة في صحراء النقب وشمال سيناء واستهداف القوات الجوية المصرية وضرب الداخل المصرى لإضعاف قدرة الجيش على الصمود.
وذكرت الدراسة عيوب الخطة الإسرائيلية التى من الممكن أن يتم إدخال تعديلات عليها إمكانية قيام الجيش المصرى بتوجيه المصرى ضربات إلى إسرائيل من خلال صواريخ ارض أرض المصرية وقدرة الطيران الحربي على عمل ضربات جوية إلى الداخل الإسرائيلى وشن حرب بيولوجية بأسلحة كيماوية، وأكدت الدراسة أن خطة الجيش الإسرائيلى تجاهلت قدرة المصريين على عبور قناة السويس والانتشار في سيناء بشكل سريع.
المجتمع الإسرائيلي نفسه بدأ يتفاعل مع التصريحات الساخنة خاصة أن هناك عددا كبيرا من وسائل الإعلام الإسرائيلية بدأ يروج لشائعة أن سيناء ليست مصرية وعلى رأسها موقع «إسرائيل وطنى» الذى أكد أنه ليس هناك صلة بين مصر وإسرائيل.
وزعم الموقع أنه فى عام 1906 وأثناء حكم الانجليز لمصر اجبروا الحكومة العثمانية على التخلى عن سيناء، مطالبا الحكومة الإسرائيلية بالنظر فى أمر سيناء، وإلزام مصر بإعادتها الى إسرائيل.
الجيش الإسرائيلى نفسه يحضر لسيناريو الحرب، فالچنرال دران هارئيل قائد المنطقة الجنوبية العسكرية فى إسرائيل، قال إن «سيناء لم تعد آمنة بسبب التنظيمات الارهابية وعلينا ان ندافع عن الخطر الذى يواجهنا».
فى الوقت الذى تعالت فيه الأصوات التي تطالب بشن الجيش الإسرائيلى الحرب على سيناء حاول رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن يطلق تصريحات اكثر عقلانية رغم زعمه بوجود تنظيمات فلسطينية تستخدم لتهريب الأسلحة ولكنه وجه رسالة الى الرئيس المصرى المنتخب بضرورة احترام معاهدة السلام كونه مصلحة مصرية كما هو مصلحة إسرائيلية.
اللواء عصام شلتوت الخبير الاستراتيجى قال إن احتمالية قيام الحرب مع إسرائيل لن تكون بسبب قضية تصدير الغاز، فمصر لديها مستحقات مالية لدى شركة الغاز لم تحصل عليها، وبالتالى فقضية إسرائيل مع شركة غاز شرق المتوسط وليس مصر التى أوقفت ضخ الغاز الى الشركة.
وأضاف ان الحرب بين مصر وإسرائيل تبدو قائمة وستظل قائمة، لكن الخوف من أن يستغل الجانب الإسرائيلى الأحداث الموجودة فى مصر، ويتصور ان الجيش فى حالة من الضعف بسبب انشغاله بالجبهة الداخلية، ويجر المنطقة كلها الى حالة حرب ويجب ان يكون الجيش على اعتاب استعداد خاصة ان إسرائيل تهدد باحتلال سيناء وتطلق مزاعم كاذبة والخطأ الذى وقعنا فيه أيام الرئيس المخلوع مبارك أنه لم يخلق كثافة سكانية فى سيناء حتى أصبحت خاوية ويجب تدارك الأمر بأسرع وقت، وإعادة تأهيلها خاصة أن إسرائيل تخشى من مصر بعد الثورة، لكن حتى الآن الجانب المصرى ومرشحو الرئاسة اعلنوا التزامهم بالاتفاقيات ومنها اتفاقية السلام وهذا يبدد مخاوفها.
وأكد اللواء حسام سويلم الخبير العسكرى ان الحكومة الإسرائيلية منقسمة بسبب الحرب على مصر، فالتيار المتشدد داخلها يرى ان هناك تسريبا لعناصر المقاومة الى سيناء لضرب اهداف فى شمال ايلات، كما انهم يشعرون بمخاوف من الإسلاميين الذين هددوا بقطع العلاقات، ويرون ان مصلحة إسرائيل القيام بعمليات استباقية للسيطرة على سيناء بالكامل وإزالة المخاوف.
وأضاف أن التيار العقلانى داخل الحكومة المصرية لا يريد التصعيد خاصة أنهم يواجهون تحديا مع إيران ومن الممكن ان تحدث حرب بينهما، ويطالب أصحاب هذا الاتجاه بإجراءات رقابية على سيناء، ويبحثون مسألة التشاور الأمنى خاصة أنه ليس فى مصلحة إسرائيل الدخول فى حرب مع مصر الآن وقال ان مصر تعلم المخططات جيدا والقوات الموجودة فى سيناء قادرة على صد أى هجوم وأى اعتداء سوف يواجه بحسم شديد.
وأكد المستشار حسن عمر خبير القانون الدولى أن المواجهة بين مصر وإسرائيل حتمية خاصة انها علاج للمشاكل والقضايا الداخلية التى تعانى منها مصر فلو أعلنت الحرب سيتوحد جميع طوائف الشعب خلف المجلس العسكرى وهو نفس ما تفعله إسرائيل فكلما عانت من مشاكل داخلية تلوح بالحرب لتوحد المجتمع داخلها خاصة ومصر لو دخلت مواجهة خارجية مع إسرائيل ستتوحد الطاقات والجهود وتظهرها ويعمل المجتمع على البناء بشكل جيد.
محمد شعبان
الحروب .. أداة لتوحيد الشتات الإسرائيلى
قد ينظر البعض إلى المجتمع الإسرائيلى من الخارج بعين الحسرة على فرقتنا وتوحدهم وقوتهم، ولكن هى ليست الحقيقة لأن المجتمع الإسرائيلى منذ نشأته وحتى الآن صورة حية للصراع الداخلي سواء كان دينيا أو سياسيا أو اجتماعيا, فلا يوجد في إسرائيل جنس واحد, أو لغة واحدة, أو شعب واحد, بل لغات وشعوب وأجناس, وحدتهم فكرة قيام الدولة, لذلك يلجأ ساسة إسرائيل إلي شن حروب سياسية وعسكرية في محاولة منهم لتوحيد صفوفهم في الداخل.
فالصراع الداخلى الإسرائيلى ينحصر بين المتدينين أنفسهم من يهود الشرق الفقراء المسحوقين بلا أمل «السفارد» والغرب «الاشكناز», الأمر الذي قادهم في نهاية المطاف إلي صراع سياسي وصدام في الفكر الديني.
فالمجتمع الإسرائيلي عبارة عن مجموعة من المهاجرين، ووحدتهم ظاهرية، بجانب الاستقطاب الطبقي الحاد، الذى ينتج عنه فجوة بين النخبة الغنية والفئات المطحونة وهى أعمق من مصر لذلك يعتبر المتابعون للمجتمع الإسرائيلى أن الأزمات الداخلية لديهم اقتصادياً وسياسياً ونفسياً، تقود إلى تعميق التمزق والاغتراب اللذين يوصلان في أقصى حالاتهما إلى الإرهاب والعنف والفاشية والنازية مما يهدد مجتمعهم نفسه.
فعندما أقيمت دولة إسرائيل وعد مؤسسوها ببناء إطار اجتماعي يضمن توفير الخدمات الأساسية لسكانها إلا أن إسرائيل حاليا هي دولة يزداد الاغنياء فيها غنى ويزداد الفقراء فقرا. فنسبة الفقراء 75% في إسرائيل وهم فقراء عاملون ومعاشاتهم لا تكفي لسد احتياجاتهم. بعكس الصورة التى تصل إلينا وكأنهم ينعمون فى الحرير ولكن مشكلاتهم الاجتماعية قادرة على الانفجار بثورة قد تطيح بإسرائيل، وبدا ذلك واضحا في حادث السفارة الإسرائيلية عندما اندلعت مظاهرات اجتماعية داخل إسرائيل تطالب بحقوق الفقراء فما كان لإسرائيل إلا اختلاق أزمة على الحدود المصرية وضرب الجنود لإثارة أزمة مع مصر ليتراجع الثوار الإسرائيليون عن مطالبهم وهو ما حدث بالفعل فى ذك الوقت.
والملاحظة الأجدر هو عدم قدرة الإسرائيليين على رؤية بعض المتناقضات لديهم ففى ظل مشاكلهم الداخلية والاحتلال. بينما تصر إسرائيل على بناء العديد من المستوطنات الجديدة، وفى الوقت الذى تعاني جميع المدن الإسرائيلية نقصا حادا في المساكن، تفضل الحكومة الإسرائيلية البناء في الضفة الغربية بدلا من تل أبيب،ولذا فإن سكان المدن الإسرائيلية يدفعون ثمن تركيز الحكومات الإسرائيلية على تحسين وضع المعيشة في المستوطنات دون الاهتمام بمستوى المعيشة في المناطق الاخرى. وهو ما يرسخ نفس الاتجاه الذى نفسره عن أسباب لجوء إسرائيل إلى الحروب الخارجية.
فالمعاناة من الاحتلال ليست محصورة على الفلسطينيين فقط ولكنهم يدفعون ثمنه بشكل مباشر. إن الاحتلال عبء ثقيل على الإسرائيليين ايضا ولكن أكثرهم لا يدركون مدى تأثيره على حياتهم اليومية ويتحدون بشكل إجبارى.
حتى أن الإسرائيليين عبر انتخاباتهم يختارون من يعدهم بالأمن ويخيفهم من حرية فلسطين والعرب ويعيشون فى وهم الدولة الآمنة، ولكن بعد أن يفقدوا جميع الأسس الاجتماعية والأخلاقية، ربما لا يدرك الإسرائيليون حتى الآن أن الصراع الحالي في إسرائيل ليس من أجل تخفيض أسعار البيوت أو الطعام فقط ولكنه في نهاية الأمر سيكون بين من يريد دولة ديمقراطية تقوم على أسس اجتماعية وأخلاقية وبين من يرى بالصين وأشكالها من الحكومات الدكتاتورية مثالا يقتدى به. وهذا هو ملخص مجموعة آراء من اساتذة الإسرائيليات.
وأجمع عدد منهم على أن الخلافات والتناثر بين المجتمع يجعل الساسة يخوضون حروبا متكررة كل فترة ليتم جمع شتاتهم ضد أعدائهم وهو ربما يحدث فى الفترة القادمة نظرا للظروف الحرجة التى تعانيها إسرائيل داخليا والفرصة أيضا متاحة لدى الجانب المصرى، فالمجتمع متفكك وفى أعقاب ثورة لم تكتمل ونظام يترنح يجعل إسرائيل تفكر فى اقتحام الآمن المصرى وتهدده بضرب عصفورين بحجر وهى كسب اراض مصرية وتهدئة وتوحيد شعبها.
ويرى الدكتور إبراهيم البحراوى أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة عين شمس وأستاذ اللغة العبرية ان منهج اثارة خلافات مع الخارج من جانب إسرائيل هو مستقر فى السياسة الصهيونية وذلك من قبل نشأة الدولة، حيث اعتمدت فى ذلك الوقت على إثارة القلائل للجاليات اليهودية بالدولة الاوربية لتدفعها الى الالتحاق بالمشروع الصهيونى وهذا ما كان يحدث منذ 64 عاما.
وأضاف البحراوى: هذا يتم إما بافتعال حروب أو أزمات مع الجيران أو استفزاز الدولة المجاورة لاشعال الموقف للتغطية على المشاكل الداخلية التى تقسم المجتمع مما يجعلهم فى حالة استنفار دائم حول فكرة الوحدة من أجل مواجهة الغير.
بينما استبعد الدكتور عماد جاد المتخصص بالدراسات الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية أن تفكر إسرائيل حاليا فى خوض حرب مع مصر لتوحيد شعبها داخليا كسبب فرعى للحرب موضحا أن الحرب مكلفة ويصعب عيها أن تضع نفسها فى مواجهة مع مصر، ومن الممكن أن يقتصر الأمر على بعض المناورات السياسية فقط لأن الحرب ليست سهلة.
وقال: ربما يحافظون على التوتر الموجود فقط، وفى هذا الوقت سيكون شعارهم لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وهى طبيعة كل الشعوب والبشر فى حال مواجهة مخاطر خارجية، وهى أساليب النظم السلطوية التى تعد إسرائيل واحدة منها.
أمانى زكى
بمساعدة أثيوبيا وجنوب السودان
حصار مصر مائيا من بوابة أفريقيا
لم يكن رفع بعض مشجعى فريق الملعب المالى علم إسرائيل فى مباراتهما مع النادى الأهلى وبعد إحراز هدف الفريق الوحيد سوى دلالة واضحة على نجاح إسرائيل فى اختراق افريقيا والوصول الى الهدف الذى تسعى إليه طوال الوقت وهو تهديد الأمن المصرى من خلال خلق صراعات فى دول الجنوب الأفريقى واكتساب أرضية كبيرة فى دول حوض النيل لتهديد الأمن المائى المصرى.
فنظام مبارك أهمل الملف الأفريقى ولم يقترب منه ومنذ ان تعرض الرئيس المخلوع لحادث الاغتيال الشهير فى اديس بابا لم يعد ينظر اليها وقطع خطوط الود والاتصال بينهما وترك الملف كله فى ايدى رئيس مخابراته عمر سليمان الذى فشل كثيرا فى إدارة الملف حتى أن مبارك كان يرفض تقديم المساعدات وينظر باستعلاء إلى المطالب التى تقدم له من قادة تلك الدول.
ووجدت إسرائيل التركة الأفريقية سهلة بعد انسحاب مصر وكان من الطبيعى أن تستخدم هذا السلاح لحصار مصر وتهديد أمنها القومى فتوغلت فى أفريقيا وقدمت مشاريع ضخمة ومدت دول حوض النيل التى كانت تعيش بدون كهرباء معظم أوقات اليوم بتكنولوجيا ضخمه تمكنها من استغلال المياه الموجودة لديها فى بناء سدود تؤثر على حصة مصر المائية، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل دعمت معظم دول الجنوب الأفريقى بأسلحة متطورة وبناء مشاريع زراعية حتى تصبح تل أبيب اللاعب الرئيسى فى المنطقة الأفريقية.
والغريب أن مصر بعد الثورة لم تتغير ولم تنتبه إلى خطورة ما يجرى وكرر المجلس العسكرى نفس أخطاء الماضى ولم يستطع مد جسور التواصل مع دول الجنوب الافريقى ورغم ان القوى السياسية انتبهت الى خطورة ما يجرى ونظمت ما يسمى بوفد الدبلوماسية الشعبية لتثبت لقادة الدول أن قلب مصر ينبض بحب شعوبها كانت استجابة بعض الدول عظيمة الى حد تأكيدهم أنهم على استعداد لإعادة شحن علاقتهم بالنظام المصرى إلا ان المجلس العسكرى والحكومات التى جاءت بعد الثورة لم ينظروا الى الملف وتركوه فى أدراج النسيان باستثناء بعد الزيارات القليلة التى قام بها رئيس الوزراء السابق عصام شرف الى بعض دول الجنوب.
صحيفة «معاريف» الإسرائيلية كشفت عن بعض جوانب التغلغل الإسرائيلى فى دول افريقيا وأشارت فى تقرير لها ان الخارجية الإسرائيلية نجحت فى تطويق مصر فى أفريقيا فى وقت وجيز عن طريق عقد اتفاقيات أمنية مع نائب الرئيس البوروندى ونائب وزير الخارجية الانجولى والرئيس الأوغندى ورئيس وزراء كينيا ووزير الداخلية ووزير المياه والطاقة الكينيين.
وقالت الصحيفة: إن تل ابيب اتفقت مع كينيا على مواجهة الجماعات المتطرفة فى الصومال، كما أشارت الى أن اسرائيل تسلح عددا من الدول الافريقية وبدأت تدرب جيوشا أخرى من بينها الجيش الكينى والأوغندى والجنوب السودانى حتى يمكنها ان تواجه صعود التيارات الإسلامية فى شمال افريقيا
أما الدلالة الأبرز على تمكن إسرائيل من السيطرة على ملف أفريقيا الذى بدأت العمل به منذ ما يقرب من 50 عاما انها تقيم علاقات دبلوماسية مع 46 دولة أفريقية من مجموع دول القارة التى يبلغ عددها 53 دولة كما ان وزير الخارجية «افيجدروا ليبرمان» قام بزيارات الى عدد من تلك الدول لرسم شكل خريطة التعاون السياسي والاقتصادى بينهما.
الدكتور نور أحمد عبد المنعم خبير الشئون الافريقية قال: إن الدور الإسرائيلى فى دول الجنوب الأفريقى له أبعاد يحكمها المصالح القومية وتأمين أمنها القومى لها بدعم دول الحوض للتأثير على الأمن القومى المصرى من الاتجاه الجنوبى وكلما تعاظم دور إسرائيل فى أفريقيا، تعرض الدور المصرى للخطر.
وقال إن الدور الإسرائيلى الأساسى ينبع من إطار افكار استراتيجية تمولها المنظمة الصهيونية المكلفة بإنشاء وطن قومى لليهود وهذا الدور يكمن فى استراتيجية الحركة الصهيونية فى توفير إيرادات مائية من دول حوض النيل لتصل الى اسرائيل وبطبيعة الحال لابد أن تمتد خطوط الاتصال الى الاراضى المصرية، فإسرائيل ترى أن لدى مصر وفرة من المياه لذلك طلبت من مصر الاستغناء عن حصة من المياه الموجودة لديها عن طريق توصيلها من خلال ترعة لتصل الى اراضيها بنسبه تصل الى 1% من حصة مصر المائية البالغة 55 مليار متر مكعب أى تحصل على 55 مليون متر مكعب أو نسبة 1% من الإيرادات المائية التى تصل حصتها الى 84 مليار متر مكعب أى تحصل على 840 مليون متر مكعب.
مؤكدا أن إسرائيل تنفذ خطتها فى دول حوض النيل لتصل الى ذلك المخطط بالإشارة الي تنفيذ بعض المشاريع الزراعية، وكان آخر ما تم الاتفاق عليه فى زيارة وزير الخارجية الإسرائيلى الى اثيوبيا هو عمل مركز بحوث البساتين لتوزيع الزهور على كل دول العالم المختلفة.
وأكد نور ان اسرائيل تدعم بشدة دولة جنوب السودان الجديدة من النواحى الأمنية والاقتصادية لأنها محورها فى تنفيذ مخطط السيطرة على أفريقيا والسيطرة على مصر خاصة ان لديها أكبر حصة من المياه وتستطيع التأثير على مصر بشكل كبير خاصة أن الاتفاقيات التى تم توقيعها مع السودان قبل ذلك يجب أن تعيد التفاوض مع الدول الجديدة.
وحذر من استمرار مصر على سياساتها مع دول أفريقيا بنفس الاساليب السابقة ولكن يجب دعمها باستثمارات ومشاريع وخبراء لتفويت الفرصة على اسرائيل.
وقالت الدكتورة حورية مجاهد استاذ العلوم السياسية والمتخصصة فى ملف دول أفريقيا أن ما تقوم بعمله إسرائيل يمثل خطورة على مصر خاصة أن دول افريقيا تمثل عمقا استراتيجيا لمصر وبعدا مهما للتوجهات السياسية، فإسرائيل تبذل كل جهدها لتنال ثقه الأفارقة والسؤال الذى يفرض نفسه: لماذا لم نبدأ تحركات قوية ناحية دول حوض النيل، فطيلة السنوات السابقة كانت افريقيا منسية ولكن الآن الوضع تغير تماما، فوزارة الخارجية عليها الآن أن تتحمل دورها فى دعم تلك الدول فإسرائيل تلعب بشكل مباشر فى دول الجنوب والتأثير فى الأمن القومى المصرى وفى تصورى - والحديث للدكتورة حورية - ان أثيوبيا وجنوب السودان هما محور إسرائيل فى حصار مصر مائيا.
محمد شعبان
خبراء أكدوا أن التصعيد لن يصل إلى استخدام السلاح
اشتعال الحرب «الكلامية» مع إسرائيل
الحرب الباردة والمناورات السياسية، مصطلحات تستخدم للتعبير عن حالة الصراع والتوتر التى توجد في ظل غياب المواجهات العسكرية بين دولتين يعترف العالم عسكريا لهما بالندية، وتلك الحرب بدأتها إسرائيل منذ فترة وخاضها المجلس العسكري بمجرد جلوسه على عجلة قيادة مصر.
ورقة الصدام مع إسرائيل صعدت سياسيا في الفترة الأخيرة من المجلس العسكري لتخفف من حدة الغضب الداخلي حتي يخرج خروجا آمنا.. وبدا ذلك واضحا في قضية الغاز التي يتم توظيفها للدخول في حرب كلامية مع إسرائيل.
وتباينت الآراء السياسية حول إمكانية اللجوء إلى اختلاق أزمة مع عدو مصر الأول إسرائيل، لكسب الود الشعبي، فهناك من يؤيد للاحتمال، مستندا إلى صعود التيار الإسلامى واحتمالية تولى رئيس إسلامي حكم مصر بما ينهى اتفاقية كامب ديفيد، إضافة إلى المساس بتصدير الغاز إلى تل أبيب، ولا يستبعد رأي آخر اللجوء الي التهديد بالحرب والحشد على الحدود ولا تصل إلى الحرب ذاتها، وهناك اتجاه ثالث رفض الفكرة من أساسها قائلا: إن السلطة لا تسعى لتوريط مصر في أمر لا يحمد عقباه.
الدكتور طارق زيدان، رئيس حزب الثورة المصرية، يري أن الأحداث الداخلية في مصر تستدعى أن تفكر إسرائيل بشكل جدي في دخول حرب معنا، لأنه لو شعرت إسرائيل بالانقسامات الداخلية التى نعانيها، وأننا وصلنا إلى هذا الحد من الضعف، لن تتوقف عن محاولة التسلل إلى مصر، ولن يقتصر الأمر على سيناء فقط هذه المرة بل ستطمع في المزيد.
وأضاف زيدان أن احتمال الدخول في حرب مع إسرائيل وارد وهو سيناريو مطروح، حتى أن هناك أصواتا بإسرائيل تطالب بذلك، لأن إسرائيل لديها عوامل تجعلها تفكر كثيرا في الدخول الحرب، أهمها تصاعد التيار الديني في مصر، والتصريحات العنترية الصادرة عن الإدارة المصرية التى قد يستغلها الجانب الإسرائيلي في دخول معارك حربية، وأخيرا قضية منع تصدير الغاز.
وأوضح زيدان أنه رغم استبعاد فكرة دخول مصر الحرب حتى يكسب المجلس العسكري البقاء في السلطة، لكن هناك سيناريو آخر، وهو التورط في تصريحات من قبل البعض قد تصل إلى التأهب للدخول في حرب مع الجانب الإسرائيلي، وربما تكون صفقة معهم أيضا حتى يكسب المجلس ود الشعب المصرى من الداخل ويظل في الحكم، ولكنه في النهاية لن يدخل في حرب، في حين يظهر كأنه البطل والشجاع الذي حمى مصر واتخذ قرار حرب مع عدو مصر الأول، وهذا الوضع سيؤدى إلى توحد الشعب حوله وسيستغل المجلس العسكري هذا الموقف سياسيا.
فيما اختلف السعيد كامل، رئيس حزب الجبهة الديمقراطي، مع زيدان موضحا أن المجلس العسكري ليس في حاجة إلى الحرب مع إسرائيل لكي يكسب أرضية شعبية من خلالها، فلديه أوراق كثيرة للبقاء في الحكم, مضيفا أن قضية الغاز كانت ذات أبعاد تجارية لا سياسية.
ورغم ذلك يرى كامل أن كل الفصائل في مصر تحاول ركوب الموجة والاستفادة من الأحداث، التي ستنتهي الي لا شيء.
وأضاف أن مصر الآن مسرح كبير لكل من يرى في نفسه إمكانية التمثيل يتقدم للعمل، ومن يأمل في كسب الود يعتلي خشبة المسرح ويستعرض الأدوات لتكون مغرية للجمهور، وجميع الأطراف تحاول الآن إلقاء اللوم على بعضها البعض، والمسار السياسي بشكل عام يريد أن يحمل وجهة مختلفة.
ويرى كامل أنه في حالة الهجوم من الجانب الإسرائيلي، فالقوات المسلحة ستستطيع الرد على هذه الضربات، وفى نفس الوقت لن تجرؤ إسرائيل على توريط نفسها مع دولة في حجم مصر, وفى أسوأ الظروف لو حدث هذا الأمر فنحن نحتاج إلى التكاتف والتوحد والتنسيق فيما بيننا للعبور إلى بر الأمان.
واتفق أحمد بهاء الدين شعبان، أحد مؤسسى حزب الاشتراكى المصرى، مع كامل مؤكدا أن ما يصدر من تصريحات من الجانبين المصرى والاسرائيلى في الفترة الأخيرة ما هو إلا حركات سياسية لم تعد تنطلي على أحد – على حد تعبيره – وهو صورة مكررة مما حدث في قضية التمويل الأجنبي، لكن في نفس الوقت كل تصريح له سقف لا يمكن الخروج عن نطاقه، حتى لا ندمر كل شيء، ويرى شعبان أن ما يحدث عبارة فقط عن مناورات سياسية ليس أكثر من ذلك.
وأضاف أحمد خيري، المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، أن مسألة تصاعد وتيرة الصراع بين مصر وإسرائيل حتى تصل إلى حرب مستبعدة ولكنها قد تستغل سياسيا، وهذا الأمر يذكرنا بما تم بين تركيا وإسرائيل وما حدث من مناورات لكي يكسب الجانب التركي شعبية، والتكتيك السياسي يتغير هنا من دولة إلى أخرى، فما يصلح مع تركيا صعب أن يحدث في مصر والعكس.
ومن الناحية الاقتصادية يرى الخبير الاقتصادي رشاد عبده، أن علم الاستراتيجية يضع فيه كل الاحتمالات، حتى لو كانت نسبتها ضئيلة للغاية، ولابد من الاستعداد حتى لا يكون عنصر المفاجأة هو الحاكم للأمر، ويحبط كل التحركات، ويأخذ الطرف الآخر في ذلك الوقت المبادرة للهجوم.
وأضاف عبده أن ما حدث في موقف الغاز قد ينتج عنه بالفعل مناوشات على الحدود، وهذا أمر محتمل وطبيعي للغاية ومرتبط بالتخوف الإسرائيلى من ثورة مصر وصعود التيار الإسلامى وقدرتهم حاليا على المطالبة بقطع العلاقات بين البلدين وتحطيم ما بنوه مع الرئيس السابق مبارك.
ويضيف أنه فى حالة الحروب لابد أن الدولة تراعى الظروف الاقتصادية، وفى دولة كمصر نجد أنها دولة غير منتجة وخاصة في الآلات الحربية والأجهزة الحربية تحديدا، ففي هذه الحالة سنلجأ إلى الاستيراد من الخارج وهذا الأمر يحتاج إلى عملة صعبة، والعملة الصعبة أصبحت متدنية فقد تضاءلت من 36.1 مليار جنيه إلى 14.6 مليار خلال عام واحد، وأي دولة ليست لديها عملة صعبة ليس لديها مخزون غذائي و لا تستطيع إطعام شعبها.
وأشار «عبده» إلى أن البنك الدولي صرح منذ وقت قريب بأنه لو استمر الأمر في مصر على هذا المنوال، فستدخل مصر على مجاعة حقيقية، وما دامت لا تقدر على إطعام نفسها فكيف ستشترى سلاحا؟.
أماني زكى
أكبر مجمع استخباراتي للتجسس علي مصر عبر رفح
«المخلب الأحمر» .. عيون «الموساد» لاختراق الأراضي المصرية
بعد أن لعب «الفيس بوك» ووسائط الاتصال الحديثة دورا رئيسيا فى تحريك ثورة يناير، وتعالت أصوات فى مصر بعد الثورة تنادى بإعادة النظر فى اتفاقية السلام مع إسرئيل، بجانب امتداد المد الثورى الى عدد من دول المنطقة، تصاعد الخوف الإسرئيلى تجاه مصر، وأصبحت ترقب عن قرب مُتغيرات وتحركات الساحة المصرية على مدار الساعة، وزاد من مخاوفها ما رصدته من نشاط مصرى فى بناء عدد من القرى الذكية للتكنولوجيا، فأصبحت تقارير عملائها حول مصر لا تكفى، وتوجهت عيون الموساد لاختراق ومعرفة كل ما يدور فى مصر عبر التنصت على المُكالمات الهاتفية وتسجيلها.. مُتابعة رسائل البريد الاليكترونى مُراقبة دوائر شبكات الإنترنت وتنزيل البيانات الإلكترونية التي تُرسل من خلال الأقمار الاصطناعية.. وكذلك إخضاع المعلومات التى تحملها كابلات الاتصالات البحرية التى توجد فى مُحيط البحر الأبيض المتوسط للرقابة المُستمرة، بالإضافة الي رصد الاتصالات والمُكاتبات بين الحكومة المصرية والعالم الخارجى وعمل تقارير دورية عن مُنظمات ومؤسسات المُجتمع المدنى.
وصارت تلك التحركات أهم أهداف حكومة تل أبيب من مصر فى تلك الفترة، وجندت لتحقيقها عددا من الأجهزة الأمنية، التى تتعاون الآن على قدم وساق لبناء أكبر مُجمع استخباراتى عسكرى، أو بمعنى أدق «قاعدة تجسُس تكنولوجية» حديثة في المنطقة الواقعة بين مدينة «بئر السبع» جنوب فلسطين المُحتلة وبين وقرى «اللقية» و«أم بطين» القريبة من حدود مصر، وذلك على مساحة مبانٍ تُقدر من حيث المبدأ بحوالى 700 ألف متر مربع، وهذا المجمع ستصب فيه المعلومات الاستخباراتية التى سيتم جمعها من مصر، عبر زرع أجهزة إرسال دقيقة فى أماكن متفرقة بأراضى سيناء ورفح، وسيتم الاعتماد على الوحدات العسكرية الإسرائيلية المتمركزة في منطقة جنوب الدولة العبريّة لمُراقبة الحدود مع مصر، وأخطر هذه الوحدات هى وحدة (أدوم) أو ما يسمى بـ(المخلب الأحمر)، والتى ستقود عمليات التجسس الجديدة على مصر.
وسيتم تنفيذ «المخلب الاحمر» استناداً إلى تقارير أمنية لجهاز الاستخبارات «الموساد»، تزعم أن مصر تسعى لبناء مزيد من القُرى الذكية التكنولوجية، وأن عددا من شركات تقنية المعلومات ساعدت حركة «حماس» الفلسطينية على إقامة شبكة اتصالات مُتطورة داخل قطاع غزة، وذلك على درجة عالية من التطور كالتى يستخدمها حزب الله اللبنانى، وورد بأحد هذه التقارير الذى اطلعت عليها «الوفد»: إن زيادة انتشار الإخوان المسلمين في مصر، ومُطالبة الشارع المصرى من وقت لآخر بقطع العلاقات المصرية مع إسرائيل، يستوجب مُتابعة دقيقة لما يدور على كافة محاور الساحة المصرية، خاصة بعد أن فقدت إسرائيل نظاماً حافظ على السلام لسنوات طويلة «نظام مبارك»، وتمكن بقدر كبير من تحجيم العداء تجاه إسرائيل.
وشددت تقارير الموساد على ان «الساسة الجُدد فى مصر» بعد ثورة 25 يناير من الضرورى ان يكونوا محل مُتابعة من جانب إسرائيل أكثر من سابقيهم فى نظام مبارك، لأنهم تحت ضغوط رأى عام مصرى كسر حاجز الخوف، وأصبحت الجرأة سمة شعبية تساعد على نمو «الشوفونية» المصرية، والتى من الممكن ان تؤدى لأنواع من التطرف، وخلق تيارات سياسية يمينية جديدة، بل ليس من المُستبعد ان تُشكل ثقافة عدائية شديدة الخطورة على إسرائيل.
كما أشار التقرير الاستخباراتى الى احد المتعاونين والذى أطلق عليه اسم « صديق لإسرائيل تم القبض عليه فى دولة مجاورة «مصر» ملمحا الى «الأردني بشار إبراهيم أبو زيد» الذى تزامن وقت التحقيقات معه الكشف عن وجود منطقة عسكرية حصينة إسرائيلية مواجهة لهوائيات شركة اتصالات مصرية بزاوية 75 درجة مع برج «العوجة»، إلا أنه لم يكن فى حينه معلوم ماهية هذه المنطقة العسكرية، كما يُحذر التقرير من احتمال وجود خطة لقتل الإسرائيلي الهارب «أوفير هراري» الذى تتهمه مصر بالتخابر ضدها.
وفي هذا السياق أشار موقع الدفاع الإسرئيلى وهو لسان حال جهاز الأمن والدفاع الإسرائيلى المعنى بقضايا الاستخبارات،الي أن إسرائيل تعمل بجدية على إنشاء المجمع الاستخباراتي العسكري على مساحة كبيرة بالقرب من مدينة بئر السبع في الجنوب، ونوه تقرير للخبير الأمريكى «جميس بميارد» فى شئون الاستخبارات بالتعاون الوثيق بين إسرائيل ووكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) فيما يختص بمنطقة الشرق الأوسط فى الفترة الحالية، ومصر على وجه الأخص، وهو الامر الذى يؤكد وجود أصابع ودعم أمريكى كبير لاستكمال هذا المجمع الاستخبارتى واتمام عملية «المخلب الأحمر»، أو كما يطلق عليه رجال الموساد «عيون الجنوب».
ووفقا لما تسرب من معلومات أمنية من إسرائيل، ستتم الاستعانة فى هذا المجمع بعدد من المُجندات الإسرائيليات، وهن خبراء في التمويه، وسيكون دورهن مُراقبة أى تحركات مشبوهة على المناطق الحدودية بين مصر إسرائيل، كما ستتعاون الوحدة الميدانية المعروفة باسم Nachshol للعمل فى هذا المجمع الاستخباراتى، وإمداده بتقارير شبه يومية عن العُمق المصرى، كما يتم تدريب فرق من المجندات الشابات على الدخول فى مواجهات عسكرية إذا لزم الأمر، وتنتمى المجندات الى وحدة الاستطلاع القتالية Nachshol، وهى الوحدة التى اهتمت إسرائيل بتدريبها على عمليات قتالية خاصة منذ عام 2006، وتعمل هذه الفرق حالياً تحت قيادة ضابط قائد سرية يُدعى «الكابتن دانا بن عزرا»، المُكلف بإحباط أى عملية استطلاعية قد يقوم بها أفراد من جانب مصر.
ولقد بدأت أعمال تجريبية بالفعل لمحطة الاستخبارات الإسرائيلية للتجسُس على مصر وذلك بنشر أجهزة استشعار على طول الحدود مع مصر للمُراقبة، ورصد ما يحدُث في صحراء سيناء، على عُمق يصل الى حوالى ثلاثة آلاف متر داخل الأراضي المصرية، وهو الأمر الذى سيُمكن المخابرات الإسرائيلية من معرفة ما يحدُث في عمق الأراضي المصرية، باستخدام أعداد كبيرة من أجهزة الاستشعار والتتبع والمُراقبة.
وستعتمد محطة الاستخبارات فى مراقبة المناطق الحدودية والجغرافية وجمع المعلومات الاستخباراتية على نوع جديد من السيارات التى قامت شركة « فورد» بتصنيعها خصيصاً لأغراض التجسس فى المناطق الصحراوية الوعرة، وتتميز بقدراتها العالية فى جمع المعلومات الاستخباراتية بالرصد الميداني والتصوير والتسجيل الجغرافي، وتتبع هذه السيارة الوحدة العسكرية (أدوم) تحت قيادة ضابط التسليح برتبة مقدم يُدعي «يوسي فلافو»، وتتضمن السيارة أجهزة تصوير واستشعار ذات دقة عالية، ويؤكد الخبراء أنها مركبة مُختلفة تماماً لأنها مُغلقة وذات قدرات فائقة، ومزودة بمُحرك ديزل، وناقل يتكون من عدد 6 سرعات يدوية، وقوة دفع رباعية، وهى تفوق قدرات السيارات من نوع هامر، وستشهد الايام القادمة نشاطا وتحركات غير مسبوقة بالمناطق الحدودية الإسرائيلية مع مصر، كنوع من تجريب التعامل مع شبكة التجسس والرصد، وتقديم المعلومات والتقارير للمجمع الاستخباراتى الجديد، خاصة أن مزاعم مخاوف إسرائيل من سيناء هى الباعث والدافع المعلن للنشاط السرى.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - ماذا لو قامت الحرب بين مصر وإسرائيل؟