- تاسيس المدينة - الاهمية السياسية والاقتصادية للمدينة في العالم القديم - بداية العلاقة مع الدولة الرومانية وتحول المدينة الى مستعمرة رومانية حرة- اذينة و زنوبيا اميرا تدمر- وضعية الامبراطوريتان الرومانية والفارسية العسكرية والسياسية والاقتصادية عند وصول اذينة للسلطة في تدمر - سابور الاولى امبراطور فارس الساسانية - فاليريان امبراطور روما - اضطهاد المسيحين خلال عهد فاليريان قبل الحرب الفارسية - الرومان يعبرون الفرات وبداية الحرب مع فارس - الرومان يخسرون الحرب واسر فاليريان امبراطور روما - جالينوس امبراطور روما الجديد - تدمر تستعد للحرب مع فارس - اذينة قائدا اعلى لمجموعة فيالق الشرق الرومانية واعلان الحرب على فارس - اذينة امير تدمر يعبر الفرات الى فارس - سقوط حران ونصيبين وبلاد النهرين - اذينة يعلن نفسه ملك تدمر - جالينوس يعترف باذينة ملك على تدمر وقائدا اعلى للفيالق الشرق - الشعب الروماني يرفض قرارت جالينوس بخصوص تدمر - اذينة يحاصر كتزيفون عاصمة الفرس - قيادة القوات الرومانية في سوريا تعلن العصيان ضد الامبراطور وعودة اذينة من فارس لاخماد نار الثورة - اذينة يقضي على تمرد القوات الرومانية في سوريا - ايمليانوس حاكم {{ برايفكتوس ايجبتوس }} مصر يعلن عصيانه - جالينوس امبراطور روما يعجز عن قمع تمرد ايمليانوس في مصر وهجوم قبائل السكيث على الحدود الشمالية للبلقان و تمرد القوات الرومانية في غاليا - جالينوس يمنح اذينة لقب اغسطس ويعلنه شريكا في الحكم - الحرب على فارس وحصار كيتزيفون العاصمة للمرة الثانية - الغوط ينهبون اسيا الصغرى - الامبراطور اذينة يغادر فارس لانقاذ اسيا الصغرى - طرد الغوط من اسيا الصغرى ومقتل اذينة
الجزء الثاني :
- زنوبيا زوجة اذينة وعقبات الصعود الى السلطة - زنوبيا ملكة تدمر - زنوبيا تعلن استقلالها عن روما - الصراع مع روما - موت الامبراطور جالينوس وصعود كلوديوس غوتيكوس قاهر الغوط - مجلس الشيوخ الروماني يعلن زنوبيا ملكتا على الشرق - كلوديوس يدخل الحرب ضد الغوط وترك زنوبيا تدير شوؤن الشرق - سياسة زنوبيا في الشرق - زنوبيا تجتل مصر و تخسرها من جديد - سياسة زنوبيا اتجاه الرعايا غير التدمرين في الشرق - زنوبيا تدخل مصر للمرة الثانية وهزيمة الرومان - تحصين الحدود الشرقية مع فارس وسياسة التوسع في اسيا الصغرى - زنوبيا تعلن انفصالها النهائي عن روما - وفاة الامبراطور كلوديوس وصعود اوريليانوس -شخصية ارويليان وسياسته الاصلاحية - الحرب مع الجرمان وتامين حدود الامبراطورية الشمالية - اوريليان يعطي الاولوية لاستعادة الشرق وياجل استعادة غاليا - الحرب ضد القوط - التخلي عني داسيا وبدء الاستعداد للحرب ضد تدمر - ارويليان يعبر البوسفور واستعادة المقاطعات الرومانية في اسيا الصغرى - التربيون العسكري ماركوس بروبوس ينتزع مصر من قبضة زنوبيا - معركة انطاكية وانهزام زنوبيا - هزيمة حمص و انفتاح الطريق نحو تدمر - حصار تدمر - زنوبيا ترفض التسليم - خروج زنوبيا من تدمر واسرها - تدمر تسلم - روما تعيد لتدمر حقوقها السابقة - اوريليان في حمص وبدء محاكمة المتمردين - اوريليان يغادر الى روما وثورة تدمر - عودة ارويليان وتدمير تدمر - عبور الفرات و تاديب الفرس -اوريليان في مصر وقمع ثورة انصار زنوبيا - اوريليان في غاليا و قمع التمرد - احتفالات اوريليان بنصر في روما - اوريليان يدافع عن زنوبيا في مجلس الشيوخ - روما تعيد لزنوبيا حقوق المواطنة الرومانية - موت زنوبيا في تيفولي ايطاليا -
في شرق سوريا ومن اعالي الفرات تمتد واحدة من اكثر الصحاري القاحلة في العالم ، هنا وحسب النصوص العبرية القديمة قام سليمان ببناء مدينة اطلق عليها اسم tadmor كما وردت في النصوص العبرية و toedmor كما سماها الاغريق و palmyra اي مدينة النخيل كما عرفت في لغة الرومان اللاتينية ....تختلف النصوص التاريخية القديمة والحديثة حول اصول تاريخ تاسيس تدمر وتسميتها ، حيث ينكر المؤرخ الروماني بلين الاصغر في مؤلفه litteras المراسلات ، حقيقة تاسيس سليمان لمدينة تدمر و حيث يعتبر نص بلين الذي يتناول انكار تاسيس سليمان لتدمر اكثر النصوص التي تستند عليها الدراسات التاريخية التي تنكر ما جاء في التلموذ اليهودي ، ومن بين هؤلاء المؤرخ P. Hardouin الذي يقول في مؤلفه {{ التاريخ الامبراطوري }} ان مدينة تدمر التي وردت في التلموذ ليست هي مدينة تدمر السورية ، بل هي مدينة اخرى في فلسطين قد اندثرت اثارها الحالية اليوم ، ويستند هاردوين في نظيرته على اساس ان تدمر السوريا كانت مدينة صحراوية خارج نطاق مدينة دمشق في حين ورد في التلموذ ان تدمر العبرية كانت من المدن المجاورة لدمشق ، الامر الثاني الذي يستند اليه هاردوين هو ان النص الذي ورد في التلموذ يقول ان سليمان اسس كل من مدن Gazer ، Bethhoron ، Baalath ، Palmira على التوالي في ارض الصحراء الفلسطينية ، في حين تقبع تدمر السورية في اعماق صحراء البادية ....
موقع المدن التي اسسها سليمان :
نلاحظ ان تدمر العبرية تقع الى جنوب البحر الميت بعكس تدمر السورية تماما
نص التلموذ :
17 So Solomon built Gazer, and Bethhoron the nether, 18 And Baalath, and Palmira, in the land of the wilderness. 19
ملاحظة : هناك العديد من النظريات التي تنتقد راي المؤرخ الروماني بلين الصغير و هاردوين والتي حاولت اثبات ان مؤسس تدمر هو سليمان انطلاقا من النصوص العبرية ، الى اننا ارتئينا عدم التطرق اليها نظرا لعدم وجود اهمية كبيرة في ذكرها بالنسبة للموضوع او القارء خاصة ان الموضوع تاريخي -عسكري - سياسي ولا اهمية لنا باقحام الدراسات الانثربولجية فيه ........
الاهمية السياسية والاقتصادية للمدينة في العالم القديم :
تعتبر مدينة تدمر واحدة من اهم مدن العالم والشرق القديم ، فرغم تموقع هذه المدينة في منطقة صحراوية قاحلة يصعب فيها بناء اي شكل من اشكال الحضارة او الحياة المدنية المستقرة ، الى ان هذه المدينة حظيت بي ميزة ونقمة استراتجية نادرة في قلب الصحراء السورية افضت عليها اهمية كبيرة لا تقل عن الاهمية التي تمنحها اليوم ثروات الصحراء العربية لبعض الدول العربية الحديثة ، تمركزت تدمر في وسط العالم القديم بين سوريا و بابل القديمة حيث برزت و اعتبرت وبسرعة منذ تاسيسها وخاصة بعد تدهور و سقوط الامبراطورية السلوقية في يد روما المحور الاقتصادي والتجاري للعالم القديم نظرا لوجدها على مفترق ممر الحرير القديم الذي تعبره القوافل التجارية القادمة من شرق المتوسط الى بلاد فارس وقلب اسيا ، فمن حدود الصحراء التدمرية القديمة كانت تمر القوافل التجارية الغنية المحملة من الشرق البعيد الى الغرب بسلعها الثمينة كالعطور والبخور والتوابل والاحجار الكريمة والذهب ذات الاهمية الكبيرة بالنسبة للامبراطورية الرومانية التي عرفها عنها انها صاحبة اكبر مجتمع استهلاكي في التاريخ القديم و الى غاية القرن 19 م ......... اضافة الى هذا فقد شكلت تدمر ملتقى القوافل القادمة من مصر وشمال افريقيا و اوربا ومركزا لبيع منتجات روما التي تصدر الى الشرق وبلاد فارس وهو ماجعل من تدمر سوقا دولية للتجارة العالمية القديمة بين الشرق والغرب وخاصتا ان العلاقة الدولية القديمة بين الشرق والغرب والتي كانت في تدهور مستمر بين روما وفارس كانت تفرض قيام وسيط تجاري كبير بين هاتين القوتان المتصارعتان يضمن سلامة التجارة والاقتصادي الدولي القديم من الانهيار في خضم الصراع بين عملاقي الشرق والغرب ، ويضاف الى اهمية موقع تدمر المركزي في قلب العالم القديم في ادارة التجارة الدولية القديم انه و منذ سقوط الامبراطورية الفرعونية القديمة بيد الفرس ثم الاغريق سقطت خطوط تجارة البحر الاحمر الدولية مع الشرق بيد الحضارت العربية الناشئة في جنوب بلاد الجزيرة العربية كحضارات معين وسباء والقطبانيين والحميرين و التي اطلق عليها الرومان اسم بلاد العرب السعيدة arabia felix بسبب ثرائها الفاحش نتيجة سيطرتها على خطوط التجارة البحرية الدولية ، وقد حاول الرومان منذ عهد الامبراطور اغسطس قيصر فرض هيمنة روما على جنوب الجزيرة العربية وكسر احتكار العرب للتجارة البحرية مع الشرق بنقل موانىء البحر الاحمر الى سواحل ولاية مصر الرومانية لسيطرة على الملاحة داخل البحر الاحمر خاصة وان الرومان كانو يستفيدون كثيرا من الضرائب والرسوم الجمركية التي كانت تدفعها السفن التجارية الراسية في موانئهم والقادمة من الشرق ، كما كانت السيطرة على مضائق البحر الاحمر استراتيجة بالغة الاهمية بالنسبة لروما اذا كانت تعني تحرر التجارة الرومانية مع اسيا من الخضوع للاشراف وسيطرة الامبراطورية البارثية التي كانت تعبرها خطوط التجارة البرية الى اسيا والصين ، وفي عام 24 ق م سير ال praefectus aegypti اي حاكم مصر ايليوس غالوس الحملة العسكرية الرومانية على جنوب الجزيرة العربية لاخضاع امارة سباء العربية و السيطرة على مضائق البحر الاحمر خاصة باب المندب وسواحل مملكة النوبة المجاورة ، لكسر الاحتكار العربي للتجارة ، وعلى الرغم من هزيمة الرومان بسبب الطبيعة الصحراوية القاسية للبلاد العربية ، الى ان الرومان سرعان ماحققو بسياسة ما عجزو عن تحقيقه بقوة السيف ، حيث ان كرم العرب واعجابهم بحضارة الرومان حقق بسلام ما فشلت السياسة الرومانية تحقيقه بالحرب ، فسرعان ما توطت اواصر الصداقة بين امراء سباء وحمير مع روما وتخلو لروما طائعين عن السطيرة على المضائق البحرية في البحر الاحمر وبذالك قضى اغسطس على اهمية طريق التوابل القديم ، خاصة وان الرومان كانو قد فرضوا سيطرتهم العسكرية فعليا على ميناء عدن وجزر البحر الاحمر كارخبيل سقومطراي {{ دهلك حاليا }} حيث كانت تتمركز هناك اكبر قاعدة لاسطول البحر الاحمر الروماني خارج قاعدة ميوس هورموس بمصر على البحر الاحمر ، ومن هنا نجد سقوط طريق التجارة البحري بيد الرومان واحتكارهم له ، تارك منفذا دوليا واحدا للتجارة العالمية لم يكون خاضعا للسيطرة روما المباشرة وهو اللامر الذي عكس اهمية تدمر بالنسبة لروما وخطورتها في نفس الوقت .... اما من الناحية السياسية فان وقوع تدمر بين اكبر قوتين في العالم القديم روما وامبراطوريات فارس المتعاقبة ، عكس اهمية هذه المدينة السياسية بالنسبة للسياسة الرومانية في الشرق الاوسط ، فمنذ ان ورثت روما ادارة شؤون الشرق الاوسط خلال حملة لوكولس على ارمينيا 69 ق م و اخضاع التاج الارميني لروما عام 65 ق م، ودخول بومبي الى سوريا السلقوية 63 ق م بداء اصطدام الرومان مع الامبراطوريات الفارسية المتتالية ، بسب سيطرتها على اراضي تقع مباشرة خلف حدود مقاطعات روما الشرقية واحتفاظها بتاثير ثقافي وسياسي كبير على الدويلات المحلية ومشايخ القبائل العربية ، وفي الواقع اصبح الخوف من خطر الامبراطوريات الفارسية جوهر السايسة الرومانية في الشرق الاوسط والتي اصبحت تشكل تهديدا مستمرا على المقاطعات الشرقية كسوريا ومقاطعات اعالي الفرات ، خاصة بعد حملة كراسوس الفاشلة ضد بارثيا عام 53 ق م ، والتي ظهرت بارثيا على اثرها كقوى عسكرية كبرى مكافئة وقادرة على هزم فيالق روما ، غير انه ومنذ استيلاء اكتافيوس اغسطس قيصر على السلطة الشبه المطلقة في روما عام 31 ق م وتغير النظام السياسي و الذي نجم عنه اخماد نار الحروب الاهلية في روما ، تغير ميزان القوى في الشرق الاوسط لصالح روما من جديد بسبب الاصلاحات العسكرية والادارية التي ادخلها اكتافيان على المقاطعات الادارية و المنظومة العسكرية الرومانية ، بدت السياسة الرومانية في الشرق الاوسط التي رسمها اكتافيان على انها برنامج سياسي بعيد المدى اعتمد جوهرها على محاصرة وتطويق الامبراطورية البارثية سياسيا وعدم محاربتها عسكريا في حروب مباشرة بهدف اضعافها وكسر تهديدها لحدود روما الشرقية وعدم ادخال روما في حروب تتجاوز قدرتها الاقتصادية خاصة ان اهم طرق التجارة الدولية القديمة كان يمر ضمن اراضي بارثيا وهو الامر الذي ادركت روما خطورته في وقت مبكر ، لذا نجد اسراع روما للسيطرة على مضائق البحر الاحمر لتامين منافذ التجارة البحرية مع الشرق في حال اي صراع مسلح مع بارثيا ، وحرمان بارثيا من استخدام ورقة خطوط التجارة الشرقية لضغط على روما وتهديد اقتصادها ، وقد ارتكزت سياسية اغسطس الاساسية في تطويق الامبراطورية البارثية على زرع مجموعة من الدويلات العميلة او الفاصلة بين حدود روما و فارس والتي تشكل مراكز متقدمة لدفاع عن ولايات روما الشرقية وتهديدا مستمرا لبارثيا ، اضافة للعمل على تسوية النزعات مع بارثيا عن طريق الدبلوماسية مع استخدام التهديد العسكري باكتساح بارثيا لقبول التحكيمات التي تفرضها روما على دويلات الشرق الاوسط ، ولهذا السبب نجد تدخل الرومان في تسير شؤون المملكة الارمنية حتى منذ زمن بومبيوس العظيم الذي رفض ضم ارمينيا الى الامبراطورية مستفيدا من تركها حاجزا بين روما وفارس والتي شكلت محور سياسة الحصار الرومانية ، الى انه ومنذ زمن اغسطس تحولت ارمينيا الى دولة عميلة تدور مباشرتا في فلك روما ، فنجد تدخل وحرص اغسطس المباشر على تسوية مسائل الوراثة للعرش الارميني بما يخدم مصالح روما و العمل على منع جلوس اي ملك معادي لسياسة روما في الشرق الاوسط على عرش ارمينيا اضافة الى العمل على جعل ارمينيا شوكة في حلق بارثيا بوضع قواعد شبه دائمة تابعة للفايلق الرومانية في سوريا واسيا الصغرى على اراضيها واقحام الجيش الارميني في كل حروب روما مع بارثيا ، على الرغم من ان ارمينيا كانت دولة بارثية الجنس والثقافة ، وعلى الرغم من الطموحات التوسعية للكثير من القادة العسكريين الرومان و مستشاري اغسطس الى ان اغسطس ظل وافيا لسياسته التي تشبه سياسة الحرب الباردة في الفكر الحديث ، حيث كان يرى اغسطس ان التهديد البارثي لروما تهديد غير جدي خاصة ان النزاعات الداخلية والصراع على عرش الامبراطورية البارثية داخل السلالة الارشاقية ، كان عاملا اخر في انهاك قوى بارثيا ومنعها من تهديد روما ، وهو الامر الذي انعكس على سياسته في الاعتراف برسم الحدود لاول مرة بين فارس وروما خلال مؤتمر ارمينيا 19 ق م الذي عقد بين غايوس تبيريوس والملك البارثي Phraates والذي انتهى بعقد معاهدة على قدم المساواة بين روما وبارثيا اعترف فيها بالفرات حدا فاصلا بين الامبراطوريتان ، وهو الامر الذي رفض بومبي منحه للبارثيين في ما مضى ، و ابتداء من توقيع اتفاقية رسم الحدود بين روما وبارثيا زادت الاهمية العسكرية لمقاطعة سوريا الداخلية و الفنيقية Provincia Syria Phoenicia - Provincia Syria Coele، والتي اصبحت بشكل رسمي ضمن المقاطعات البرايطورية التي تخضع لحاكم عسكري من طبقة الفرسان ordo equester برتبة pro praetore او proconsul يتم تعيينه من طرف الامبراطور ولا يخضع لسلطة مجلس الشيوخ ، ونظر لزيادة الاهمية العسكرية التي اصحبت تحتلها سوريا ضمن المقطعات الشرقية ، تما نشر 4 فيالق دائمة على الحدود السورية البارثية ، لمراقبة تحركت البارثين على الحدود وتامين المقاطعات الداخلية في فلسطين واليهودية من عمليات العصيان المسلح التي كانت تشنها العصابات اليهودية ، كما مثلت تلك القواعد العسكرية في سوريا خط الدفاع المتقدم عن مقاطعة مصر مخزن القمح الروماني ، لقد كانت سياسة روما بنشر القواعد العسكرية في كل من سوريا واسيا الصغرى رسالة الى كل من بارثيا ، ان روما قادرة على نقل الحرب اليها في اي وقت ، وانها لن تتسامح مع البارثين باي عمل يقومون به ضد مقاطعتها في سوريا اوضد حلفائها في ارمينيا واسيا الصغرى ، كما اوحت تلك السياسة للارمينيا ان روما لن تسمح بابقاء اي كيان سياسي معادي لسياسيتها في الشرق الاوسط ، و وسلية ضغط مستمرة في وجه ملوك ارمينيا الضعاف لاجبارهم على الرضوخ لسياسة روما ، هكذا ضمنت سياسة اغسطس لروما عقود من السلام على حدودها الشرقية وجنبتها ويلات من الحروب المكلفة في الارواح والاموال ، كما حققت هذه السياسة تعايش نسبيا بين الامبراطورية البارثية والرومانية ، فخلال اتفاق ترسيم الحدود بين روما وبارثيا ، وافقت بارثيا على اعادة الاعلام والشعارات العسكرية insignia للفيالق الرومانية التي انهزمت في معركة حران - كرهاي 53 ق م خلال حملة كراسوس الفاشلة ، كما وافق البارثيين على الافراج عن الاسرى ممن كانوا لايزالون على قيد الحياة ، وقد كان هذا الانتصار على طاولة المفاوضات لا يقل اهمية على الانتصارات في المعارك {{ الاتفاق تما بعد الحملة العسكرية التي قادها تيبريوس بقيادة مجموعة فيالق البلقان ضد مملكة ارمينيا لاعادة تنصيب تيغران الثاني ملكا على ارمينيا عام 21 ق م -سنتطرق للامر بتفصيل في موضوع تاريخ الرومان }}، حيث هللت لهذا الانتصارا حتى العناصر الرومانية المتطرفة والمعادية لحكم اغسطس وقر مجلس الشيوخ اقامة الاحتفالات بنصر في روما ، على ان اغسطس رغم انه استثمر هذه الدعاية في سياسته الداخلية مع روما الى انه رفض الاحتفال بموكب النصر ، لانه احس بكل تواضع ان ماحققه هو انتصار هادىء ، حيث كان ينتظر وبهدوء اليوم الذي ياتي فيه ويضم بارثيا اخر معقل معادي لوحدة الامبراطورية ووحدة الحضارة الغربية الى روما ،ولكن احداث التاريخ لم تمهله كما كادت تنسف سياسته التي رسمها في الشرق الاوسط ، كما اعفت هذه الاحداث البارثين من مغبة مواجهة حاسمة و مباشرة مع اغسطس ، فسرعان ماعادت القلائل ومنذ عام 6 ق م الى ارمينيا عندما استطعت العناصر الوطنية الموالية الى بارثيا الوصول الى السلطة وطرد الملك الارميني Artavazde الثالث الموالي لروما ، واثر حركة التمرد في ارمينيا وجلوس تيغران 4 الموالي لبارثيا على عرش ارمينيا ، ادرك اغسطس خطورة الموقف فارسل حفيده جايوس قيصر عام 1 م على راس الفيالق الرومانية في الشرق ، مخولا اياه السلطلة البروقنصلية المطلقة ، وصل جايوس قيصر الى سوريا ، مخولا بالسلطة البروقنصلية والقنصلية العليا consularis potestas على كامل حكام الولايات الشرقية وقادة الفيالق في الشرق ، وفي عام 1 م باشر مهمته القنصيلة في الشرق بتوجه نحو ارمينيا ، في بداية الامر ادرك ملك البارثيين Phraatès V خطورة تحرك الرومان على الحدود ، ففضل مفاوضات الرومان على تسوية الملف الارميني دبلوماسيا عوض الدخول في مواجهة مباشرة مع روما ، بعد سلسلة من المفاوضات بين الطرفين الروماني والبارثي اتفقت الدولتان في لقاء بين الملك البارثي و المبعوث الروماني جايوس قيصر تما على ضفاف الفرات ، على اعادة تجديد اتفاقية ترسيم الحدود عند نهر الفرات كحد فاصل بين الامبراطوريتان ، وعلى احقية الامبراطورية الرومانية في تعيين ملوك ارمينيا ، الاتفاق كان دليل على حسن نية الطرفان في رغبة تجنب الصراع المسلح ، كما كان دليلا باعتراف روما بسيادة بارثيا كدولة على قدم المساواة مع روما ، الى ان للعناصر الوطنية في ارمينيا راي اخر ، في عام 1 م وبعد شهور من الاتفاق الرومانو-بارثي ، ثارت العناصر الوطنية في كل ارمينيا ضد الملك Ariobarzaneالثاني الذي نصبته روما مؤخرا ، مما استدعى تدخل القوات الرومانية في الشرق ضد ارمينيا ، وبعد سلسلة من المعارك استطاعت القوات الرومانية بقيادة جايوس قيصر عام 4 م من اخماد التمرد مؤقتا وتنصيب Ariobarzane III ابن الملك السابق على عرش ارمينيا لكن بعد ان دفع جايوس قيصر حياته لهذا النصر ، لكن بعد عامين من تولي Ariobarzane III عرش ارمينيا عادت رياح الثورة لتهب ضد التواجد الروماني عام 6 م واعادة اشعال المنطقة ، بدعم خفي من الدولة البارثية التي كانت طوال الوقت وراء سياسة تاليب العناصر الوطنية ضد سياسة التواجد الروماني في ارمينيا ، وادراكا من روما بسياسة البارثيين في الشرق الاوسط ، كان الرومان بقيادة الجنرال اجرييبا قد سبقوا ان اعادو ضم مملكة البوسفور على البحر الاسود {{ شبه جزيرة القرم }} الى الامبراطورية الرومانية عام 16 ق م ، وبذالك ضمن الرومان مصدرا غنيا بالقمح الجيد {{ القمح الاوكراني حاليا }} ليسد حاجيات فيالق الشرق ويوفر عليها مشكلة نقل الغذاء ، وفي نفس الوقت هياء هذا العمل لروما ان تلعب دور رجل البوليس في المنطقة و اتمام السيطرة على منطقة البحر الاسود لضمان ابقاء السيطرة الرومانية على ارمينيا ، بعد وفاة اغسطس عام 14 م وصل تيبريوس طوال فترة حكمه السياسة التي رسمها اغسطس لروما في الشرق الاوسط بتجنب الحرب مع بارثيا والعمل على محصارتها استراتيجيا ، حيث قام تيبريوس عام 17 م بانهاء سيادة مملكة كبادوكيا جنوب غرب ارمينيا بعد فاة ملكها ارخيلاووس ، وتحويلها الى مقاطعة رومانية تتبع المقاطعات البرايطورية ، وانشاء قاعدتين عسكريتين دائمتين في المنطقة تواجد بها الفيلقين السابع عشر apollinaris و الفيلق الثاني عشر fulminata في اطار سياسة تطويق بارثيا ومراقبة المملكة الارمينية ، التي كانت لا تزال في حالة اضطراب دائم {{ ازمة عام 32 م بين روما وبارثيا حول مسالة العرش الارميني سنتطرق اليها في موضوع تاريخ الرومان }} ، بعد وفاة تيبريوس عام 37 م جلس على كرس الامبراطورية ، الامبراطور كاليجولا ، وهو شخص اقل قدرة وكفاءة ممن سبقوه في ادارة دفة السياسة الرومانية عرف بمجونه واضطرابه العقلي وصراعاته الداخلية مع مؤسسات الدولة الدستورية ، اضافة الى تاثير نزعاته الفردية على توجيه دفة السياسة الخارجية الرومانية ، على الرغم من ان ولع الامبراطور المجنون ومجونه لم يمهله الوقت الكافي ، للتوجه والنظر في مشاكل روما الخارجية واعادة رسمها ، كما ان صراعات كاليجولا مع مجلس الشيوخ ومحاولته فرض نظام اتوقراطي مطلق جعل السياسة الخارجية في منىء عن اهتمامته المباشرة ، على انه بتولي كاليجولا السلطة في روما لم يكن الامر افضل في بارثيا ففي عام 38 م توفي الملك البارثي Artaban تاركا وراءه Gotarzes II الذي تولى العرش بعد ابيه وافتتح عهده بسياسة تطهير دموية ضد كل منافسيه على العرش ، سياسة لم تختلف كثيرا عن السياسة التي انتهجها كاليجولا في روما ، لكنه وبرغم من ذالك فقد ساهمت سلسلة الفضائح التي اشعالها كل من كاليجولا و Gotarzes II ، في روما وبارثيا على تخفيض حدة التوتر بين الدولتان حول مسائل الشرق الاوسط ، والتركيز اكثر على اعادة اصلاح او تقويم الوضع الداخلي لكلتا الامبراطوريتان ، الى انه و مهما يقال عن كاليجولا وعدم اهتمامه الجدي بسياسة روما الخارجية ، الى ان الانعكاسات السلبية لسياسته الداخلية مع روما ومحاولته فرض سلطة مطلقة في الامبراطورية كان لها بالغ الاثر في توجيه سياسة روما الخارجية اواخر عهد كاليجولا خاصة في مايتعلق بمسائل الشرق الاوسط ، ففي عام 39 م وجه الامبراطور الى الحاكم اليهودي هيرود انتيباس حاكم الجليل تهمة التامر مع البارثين لاشعال الثورة ضد روما ، وكان الاتهام كافيلا بنفي انتيباس و ضم الجليل الى هيرود اجريبا ملك اليهودية الذي كان وراء تدبير هذا الاتهام مستغلا ضعف الامبراطورالعقلي وميوله الى التشكيك بكل ما يحيط به ، و بحلول عام 40 م وصل الامبراطور المريض سلسلة تصفياته السياسية التي طالت ملوك الدول العميلة التابعة لروما التي لم يكن ملوكها يروقو الى كاليجولا من وجهة نظره الشخصية فقط ، حيث قام في نفس العام باستدعاء ملك موريطانيا بطليموس الى روما وتصفيته ، ثم استدعاء ملك ارمينيا ميثراديتس الى روما وسجنه ، وهو ما ادى الى اندلاع عصيان شامل في ارمينيا ضد روما ، عصيان حاول البارثيين استغلاله الى ابعد الحدود ، حيث ارسلت بارثيا ولاول مرة منذ اتفاقية ترسيم الحدود جيوشها الى ارمينيا بحجة اخماد العصيان وحالة الفوضى المنتشرة في البلاد ومنعها من تجاوز حدود بارثيا ، وقد كان تدخل الجيوش البارثية في ارمينيا بطريقة مباشرة تهديدا بفقدان ارمينيا ...في عام 41 م قام الحرس البرايطوري Praetoriani باغتيال الامبراطور كاليجولا ، ورفع عمه كلوديوس الى كرسي الامبراطورية ، في سابقة خطيرة كانت بداية لتجاوزات قوات الحرس البرايطوري للتقاليد الدستورية في روما ، ترك كاليجولا خلفه تركتا ثقيلة تحمل اعبائها الامبراطور كلوديوس ، و الذي حاول استرضاء الراي العام الروماني والقيادات العسكرية بانتهاج سياسة توسعية اختلفت كليا عن السياسة التي رسمها اغسطس لروما ، سياسة فرضتها الظروف التي نجمت عن فترة حكم كاليجولا ، و كانت اشبه بتصريح صريح بالعودة للسياسة التوسعية التي انتهجتها روما خلال العهد الجمهوري ، فا في عام 43 م باشر كلوديوس برنامجه السياسي بضم شبه الجزيرة البريطانية الى روما ، في خطوة كانت تهدف بشكل صريح الى كسب تاييد القيادات العسكرية التي عارضت جلوس كلوديوس على كرسي الحكم بطريقة تعترض مع التقاليد الدستورية ، اضافة الى رغبة الرومان منذ عهد يوليوس قيصر في تامين مناجم الحديد الغنية في بريطانيا ، اما في شمال افريقيا فقد ترك اغتيال كاليجولا ، لبطليموس ملك موريطانيا البلاد في حالة من الفوضى والاضطراب ، استدعت تدخل القوات الرومانية للقضاء على حركات التمرد ، وبعد عامين من القتال المرير استطاعت القوات الرومانية تحييد البلاد وتحويلها الى مقاطعة رومانية Provincia Mauretania Caesariensis و Provincia Mauretania Tingitana ......... لكن على الرغم من انه قد يبدو من الوهلة الاولى ان سياسة روما في عهد كلوديوس كانت بداية العودة الى تنفيذ البرامج التوسعية التي كان قد سبق لاغسطس ايقافها بعد هزيمة روما في معركة تويتبورج عام 9 م بجرمانيا ، الى ان دراسة تاريخ الامبراطورية في عهد كلوديوس ، يوضح لنا جليا ان سياسة كلوديوس الشرق الاوسطية لم تختلف كثيرا ولم تخرج عن الاطار السياسي الذي حدده اغسطس لروما وخلفائه باتباعه في معالجة قضايا الشرق الاوسط ، حيث حاول كلوديوس منذ البداية مواصلة استراتيجية اغسطس في تطويق الامبراطورية البارثية ونشر الدول العميلة العازلة على حدود روما الشرقية ، ولم يحاول انتهاج سياسة الضم و الالحاق لتلك الممالك العميلة بالامبراطورية الى في ظروف خاصة ، حيث بادر منذ عام 46 م الى العمل على حل مشكلة الوراثة التي سادت البيت المالك في تراكيا بعد اغتيال ملكها Rhémétalcès IIIوبعد فشل الحلول السلمية في حل المشكل التراكي ، قام سلميا وبدون اي مقاومة بتحويل هذه المملكة العميلة Roman vassal and Client State والمهمة على البحر الاسود الى مقاطعة رومانية ، تحت امرة حاكم بدرجة وكيل امبراطوري procurator ، وهو نفس الاجراء الذي كرر تطبيقه مع مملكة يهودا بفلسطين بعد موت ملكها هيرودس اجريبا ، والواقع ان كلوديوس كان قد عيينه ملكا على اليهودية بعد توسيع رقعة الدولة اليهودية بضم الجليل و السامرة اليها في عهد كاليجولا ، وكان الهدف من ذالك هو شكر هيرودس اجريبيا على موقفه المؤيد لكلوديوس ودعمه له للجلوس على الكرسي البرايطوري ، اضافة الى الرغبة في كسب ود اليهود اتجاه روما ، بعد ما لحقهم من اذى في عهد سلفه كاليجولا ، خاصة وان مسالة تامر اليهود مع البارثيين لطرد الرومان من الشرق الاوسط واستخدام البارثيين للعناصر اليهودية المتطرفة والمعادية للوجود الروماني في فلسطين والسلالة الهيرودية الموالية لهم ، لم تكن مجرد وشاية ابتدعها هيرودس لينال من خصم هيرود انتيباس حاكم الجليل ، بل كانت واقعا ادركه الرومان منذ احتلال البارثيين لسوريا خلال الحرب الاهلية القيصرية و حملات مارك انطوني ضد بارثيا ، في عام 44 م حاول ملك اليهودية هيرود اجريبا اتباع سياسة اكثر استقلالية عن اسياده الرومان حيث قام بمعاودة الاتصال بملوك الدول المجاورة وعلى راسهم حكام الدولة البارثية ، وعقد مؤتمر مع ممثلي هؤلاء الملوك في طبريا ، الامر الذي اعتبره ال legatus pro praetore او الحاكم العسكري لسوريا ، لوسيوس فيتليوس Lucius Vitellius ، تهديدا ضد مصالح الامبرطورية في المنطقة ، وبعد 3 سنوات على حكم هيرودس اجريبيا لمملكة يهودا و خوفا من التقارب اليهودي - البارثي ، اعطى الامبراطور كلوديوس في عام 44 م اوامره باغتيال هيرودس و رفض الاعتراف بابنه هيرودس اجريبيا الثاني ملكا على اليهودية ، بل القيام بتحويل مملكة يهودا الى مقاطعة رومانية تحت اسم المقاطعة اليهودية provincia judaea تحت امرة حاكم بدرجة procurator اي وكيل امبراطوري ...............
يتبع .............الاهمية السياسية والاقتصادية للمدينة في العالم القديم :
تما التحديث ..........قد يظهر ان هناك خروج عن محتوى الموضوع الى انه وجب توضيح ولو باختصار لاسس السياسة الرومانية في الشرق الاوسط لفهم اهمية تدمر بالنسبة لروما...
اما في ما يتعلق بالمشكل الارميني والقضية الاهم بالنسبة لروما في الشرق الاوسط ، فقد حاول كلوديوس منذ جلوسه على الكرسي الامبراطوري ، اصلاح اثار الانعكاسات السلبية التي انتجتها سياسة خلفه كاليجولا ، في ادراة مسائل الشرق الاوسط ، فا في عام 41 م ، اطلق كلوديوس صراح الملك الارميني ميثرادتس ، واعاد تنصيبه على عرش ارمينيا ، رغم معارضة نبلاء ارمينيا المدعومين من بارثيا للتدخل الروماني السافر في شوؤن الداخلية للمملكة الارمينية ، وكان ذالك بداية لعودة الحرب الاهلية في ارمينيا ، الذي قام نبلائها هذه المرة بخلع ميثرادتس وطلب دخول الجيوش البارثية لارمينيا ، بهدف حماية ارمينيا ........في روما ادرك كلوديوس ان الصراعات الداخلية ، في بارثيا ، ستحول دون اي تدخل بارثي مباشر في ارمينيا ، فاعطى اوامره لل legatus pro praetore الجديد لسوريا ، Cassius Longinus ، بعبور الفرات و التوجه لارمينيا لقمع التمرد الارميني ، لكن في عام 51 م وبالقرب من نهر Corma وعلى اثر اغتيال الامير البارثي Vardanes المنافس على عرش بارثيا ، استطاع الملك البارثي Gotarzes الثاني اعادة ترتيب اوضاع المملكة البارثية الداخلية ، ودحر الفيالق الرومانية في ارمينيا ، في ما بدى لاول مرة سقوطا مطلقا لارمينيا بيد البارثيين ، لكن في بارثيا نفسها لم يدم حكم الملك Gotarzes بعد انتصاره على الرومان الى اشهر قليلة وتوفي على اثر مرض اصابه او مؤامرة تمت ضده ، تاركا وراءه العرش للملك Vonones II الذي كان في نفس الوقت ملكا لميديا ، والذي لم يدم حكمه لبارثيا هو الاخر الى اشهر قليلة وسرعان ما تنازل عن عرش بارثيا لاخيه Vologases I ....لكن في عهد الملك Vologases I نجد شعور متجداد بالقوة والاستقرار يظهر على الامبراطورية البارثية ، الذي اتبع ملكها الجديد سياسة الاصلاح الاقتصادي بنقل مراكز القوة الاقتصادية والسياسة من المدن القديمة المهددة كسلوقية ، الى مجموعة من المدن الجديدة في قلب بلاد ما بين النهرين مثل مدن Vologasia و hatra بهدف اعادة تنشيط اقتصاد بلاد مابين النهرين الذي انهكته وقوضته الصراعات المستمرة مع الامبراطورية الرومانية ، خاصة وان اهمية طريق الحرير القديم العابر لبارثيا كان فقد اهميته الاقتصادية بعد سيطرة روما على طريق التجارة البحري العابر للبحر الاحمر مما شكل ضربة موجعة للاقتصاد البارثي ، وبتزامن مع سياسة الاصلاح الاقتصادي التي انتهجها البارثيين زمن Vologases I نجد تركيزا من البارثين على اعادة بناء الالة العسكرية البارثية ، التي اصبحت و لاول مرة منذ انتصارها على روما في كراهاي عام 53 ق م ، قادرة على المبادرة بالهجوم على ولايات روما وحلفائها في الشرق الاوسط والتدخل في شؤونهم ، وهو الامر الذي سيبادر به البارثيين مباشرة في اواخر حكم السلالة اليولية-كلودية في روما ، زمن الامبراطور نيرون........... بداية منذ عام 52 م و تحت ذريعة تحرير ارمينيا من حكم شقيقه ميثرادتس الاستبدادي ، تدخل ملك ايبريا القوقازية Pharasmanes في المملكة الارمينية والتي كانت له اطماع توسيعية في المنطقة ، مستغلا عجز الامبراطوريتان الرومانية والبارثية على المحافظة على مكتسبتهما الاقليمية في القوقاز ، وسريعا حققت الجيوش الايبرية بقيادة Rhadamistus انتصارات باهرة على الجيوش الارمينية والحامية الرومانية بقيادة Caelius Pollio بدخولها الى Artaxata و Tigranocerta اهم المدن الارمينية والقضاء على ميثرادتس ، لكن مباشرتا بعد ان دخلت الجيوش الايبرية الى ارمينيا ، اعطى كلوديوس اوامره الى Ummidius Quadratus ال legatus pro praetore الجديد في سوريا بتحرك نحو ارمينيا ، لكن على غرار المرات السابقة كان الرد البارثي على الامبراطورية الرومانية مغايرا هذه المرة ، فقد دخلت الجيوش البارثية ارمينيا مباشرتا عام 52 بعد اجتياحها من طرف Rhadamistus ، وقامت بقطع الطريق في وجه تدخل القوات الرومانية في الشرق ، بل تعدى الامر هذه المرة من مجرد كونه تدخل عسكري بارثي في ارمينيا ، على غرار ما حدث عام 40 م ، الى تصعيد جدي في طبيعة العلاقة مع روما ، اذا قام البارثيين هذه المرة وخلافا لاتفاقية ترسيم الحدود الموقعة مع روما عام 19 ق م ، بتنصيب ملك على ارمينيا هو اخ للملك البارثي ، متجاوزين بذالك اتفاقية الحدود ، التي تنص في احد بنودها على احقية روما في تعيين ملوك ارمينيا ،