الاتحاد الخليجى تاريخ وواقع وتحديات سوريا وايران

sword1988

عضو
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
821
التفاعل
729 0 0







عندما تداعت دول الخليج إلى تأسيس مجلسها في عام 1981، كانت الأوضاع مشابهة لما هي عليه اليوم: مخاوف جماعية من الجار الإيراني. كان كالغوريلا العملاقة، يضرب على صدره مهددا جيرانه عرب الخليج في وقت احتدمت فيه المعارك بينه وبين الغوريلا الثانية، عراق صدام حسين. وكانت المظاهرات في شوارع طهران وبيانات رجال الثورة تهدد، صراحة، السعودية والإمارات والبحرين، وسبقت الحرب تهديدات العراق المبطنة للكويت والسعودية.
لم يكن هناك من خيار سوى التفكير في جبهة موحدة؛ فوُلد مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أبوظبي. وجاء الاحتجاج الأول من صدام وليس من آية الله الخميني، لكن صدام لم يكن في موقع يسمح له بتخويف أحد؛ حيث بدأت القوات الإيرانية تصد هجماته وتنطلق باتجاه قطع البصرة عن طريق العاصمة بغداد. فوُلد مجلس التعاون في وقت انشغل فيه الوحشان بالحرب.
بالأمس، في الثمانينات، كانت طهران خطرة على الخليج، اليوم أصبحت أخطر. غادر الحكم رجال الثورة القدامى الذين صهرهم الحكم والزمن والتجربة، مثل هاشمي رفسنجاني وخاتمي وموسوي، وحتى المرشد آية الله خامنئي فقد الكثير من قدسيته وقدره. الذي يحكم العاصمة الآن عسكر، قادة الحرس الثوري، وأمثال قاسمي سليماني، قائد فيلق القدس. خلال السنوات العشر الماضية نجح هؤلاء في تطويق الحكم في الداخل بإقصاء القياديين القدامى، وتهميش القوى الدينية والشبابية التي ليست في معسكرهم. وبتنا نعيش نتائج انقلاب بطيء تبدلت فيه الوجوه والقيادات. محور سياسة نظام طهران الحديدي الانقلابي يقوم على سياسة توسع خارجية في اتجاه العراق والخليج وما وراءهما. ومعركة السلاح النووي ليست مجرد استعراض بل جزء من سياسة جادة مبنية على فرض دور مهيمن لطهران المتطرفة في المنطقة.
أما ما علاقة ذلك بالدعوة إلى بناء اتحاد خليجي، فالحقيقة أنه يمثل القصة كلها تقريبا. دول الخليج تشعر بقلق أكبر بسبب تعاظم عدوانية إيران، كما نرى سعيها إلى الهيمنة على العراق وحتى الشواطئ اللبنانية. ودخولها في اليمن عبر الحوثيين يبين سياسة محاصرة جلية. ومع تعاظم شهية الجارة إيران تتناقص رغبة المدافع الرئيسي عن منطقة البترول الخليجي، أي الولايات المتحدة، بعد فشلها في العراق، وانشغالها بقضاياها الاقتصادية. وليس أمام الدول الخليجية الست، التي تمثل المجلس القديم، سوى أن تواجه الحقيقة المخيفة بنفسها. سيأتي يوم تفاجئ فيه إيران دولة خليجية بمعركة تحت ذريعة ما، وقد تتلكأ واشنطن في خوض المواجهة. هنا هل سيكون المجلس بلغة «التعاون» ملزما بالدفاع المشترك، أم أن كل دولة لذاتها في ظروف تزداد تعقيدا، داخلية وخارجية؟
الاتحاد الخليجي الكونفدرالي رسالة صريحة للإيرانيين وغيرهم أن أي استهداف لدولة هو استهداف لدول «الاتحاد». وتجربة البحرين مهمة؛ حيث إن معظم دول الخليج فضلت المشاركة شكليا بالحضور أمام عدسات المصورين ورفضت إرسال قوات لمساندة البحرين لحظة الحسم. للاتحاد كمصطلح ومعنى دلالات مهمة في وقت بالغ الحساسية.
ومن الطبيعي أن يقلق التوجه نحو صيغة اندماجية البعض في الداخل في عدد من الدول الخليجية خشية إلغاء الهوية وخصوصيات الدولة الواحدة المستقلة لصالح الدول الأكبر، السعودية تحديدا. وبعضهم يخاف أن يكون الاتحاد تذكرة إلحاق بدولة كالسعودية. وهذا أمر مستحيل بوجود نظام يحدد علاقة الدول ببعضها، كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي الذي لم يلغِ حقوق أي من دوله وأبقى على جيوشها. وهناك من حافظ على عملته، وكلهم تمسكوا بلغاتهم، ولم يتنازل أي منهم عن برلمانه، ولم تصبح بروكسل إلا عاصمة إدارية.
في تصوري لن يتغير شيء كثير عند الانتقال من «التعاون» إلى «الاتحاد» سوى المعاني السياسية والإحساس بالجبهة الواحدة. وأعتقد أن دول الخليج كلها تشعر من تجربة زواج ثلاثة عقود أنه زواج مصلحة مشتركة، وتعرف أن في الجوار دولة لا تتوانى عن افتراس الدول في لحظات مضطربة أو في جنح الليل.
بعد تجربة ثلاثين عاما، حافظت البحرين على حقوق المرأة والحريات، والكويت ببرلمانها الصاخب، وقطر تنام كل ليلة على قاعدتين أميركيتين وثيرتين ولم يحاسبها أحد على علاقتها بإسرائيل، والإمارات بانفتاحها. وسلطنة عمان استمرت تتعامل مع إيران سياسيا واقتصاديا. ولا أتصور أن هناك من يريد تغيير هذا الخليج المتنوع مهما سُمي الزواج.
وأكد مصدر مسؤول في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، أن قوات درع الجزيرة الخليجية لم تتحرك من مواقعها إلى مناطق قريبة من سوريا، مشيرا إلى أن ما حدث في مدينة تبوك شمال السعودية هو مجرد تعزيزات أمنية وصفها بـ«الروتينية» السنوية، متمثلة في إعادة تشكيل القوات السعودية داخل المملكة.
وقال المصدر المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن دول مجلس التعاون الخليجي ما زالت تعمل على الضغط الدبلوماسي والسياسي تجاه القيادة السورية، حيث إن الدعوة إلى التدخل في سوريا هي من الناحية السياسية وليست العسكرية».
ولفت المصدر المسؤول في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، إلى أن دولة قطر تسعى لتحريك المجتمع الدولي من أجل التدخل الأمني، غير أن دول الخليج، بما فيها السعودية، لن تتحرك إلا ضمن مقررات دولية، بحسب قوله.
جاء ذلك على هامش أعمال الاجتماع الأول للهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لدول التعاون الخليجي في دورتها الـ15، الذي انطلق يوم أمس في قصر الضيافة بجدة، حيث شهد جلسات عمل تناولت إقرار جدول الأعمال والتصديق على محضر الاجتماع الثالث من الدورة الـ14، والإحاطة بما تمت موافقة المجلس الأعلى عليه من دراسات قدمتها الهيئة الاستشارية في دورتها السابقة.
كما تضمنت جلسات العمل النظر في تشكيل لجان لدراسة ما أحيل إلى الهيئة الاستشارية من المواضيع المتمثلة في استراتيجية للشباب وتعزيز روح المواطنة، والتوظيف لدول مجلس التعاون الخليجي في القطاعين الحكومي والأهلي، وإنشاء هيئة خليجية موحدة للطيران المدني لدول المجلس، ودراسة الأمراض غير المعدية في دول الخليج، إلى جانب دراسة ضرورات الكونفدرالية الخليجية في ضوء النظام الأساسي لدول مجلس التعاون.
وفي هذا الشأن، كشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي، عن تشكيل هيئة تحوي ثلاثة أعضاء من كل دولة خليجية، حيث قامت بمناقشات أولية للمقترحات المقدمة من قبل دول الخليج حول الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد لتحقيق مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وقال في تصريح خص به «الشرق الأوسط»: «تم الإعداد والاتفاق على أسلوب لدراسة كل المقترحات والآراء المقدمة لتحقيق هذه الرغبة، إذ إن الهيئة المشكلة قدمت تقريرها الأولي إلى المجلس الوزاري لتستمر في دراستها من أجل الوصول إلى توصيات يتم رفعها للمجلس الأعلى ضمن اللقاء التشاوري المزمع انعقاده خلال شهر مايو (أيار) المقبل، وسيكون القرار النهائي بشأن تكوين الاتحاد الخليجي لدى قادة دول مجلس التعاون».
وأبان أن المعوقات التي تقف أمام تحقيق هذا الأمر تخص تنفيذ بعض القرارات التي من شأنها أن تؤدي إلى استكمال الاتحاد الجمركي بين دول الخليج، مشيرا إلى أن تلك المعوقات تتم دراستها والتعامل معها من خلال هيئة مؤلفة من مديري عموم الجمارك بدول مجلس التعاون الخليجي سيبدأ عملها ابتداء من شهر يونيو (حزيران) المقبل.
واستطرد في القول: «ستتعامل تلك الهيئة مع المعوقات التي في طريقها إلى الحل، وتهدف لمعالجة كل المعوقات مع نهاية عام 2014»، مفيدا بأن مجمل هذه المعوقات تتلخص في وجود أفكار مقدمة من بعض الدول الخليجية بشأن توزيع الحصيلة الجمركية وحماية الوكيل وقضايا أخرى متعلقة بالسلع تعد «فنية» وليست سياسية، تفرض على الفنيين في الوقت الحالي معالجتها وتقديم توصيات حولها. في حين اعترف الدكتور محمد الرشيد، رئيس الدورة الـ15 للهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بتخوف بعض الدول الخليجية من إنشاء اتحاد خليجي، مما قد يفقدها الكثير من المزايا، إلا أنه ذكر أن عدم اتحاد دول الخليج سيفقدها كل المزايا.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك معوقات كثيرة أمام إنشاء اتحاد خليجي، ولكن التغلب عليها وتذليلها ليس صعبا، ولا سيما أن التئام دول الخليج بات أمرا ملحا وضروريا في ظل ما تشهده المنطقة العربية من قلاقل واضطرابات».
وأفاد بأن الدول الأوروبية التي شكلت الاتحاد الأوروبي تختلف في لغاتها ومستوياتها الاقتصادية والمعيشية، وعلى الرغم من ذلك تمكنت من تشكيل اتحادها، مؤكدا في الوقت نفسه أن دول الخليج لا تعاني من هذا التباين الكبير، فضلا عن قدرتها على الاتحاد في أمور كثيرة، من ضمنها قضايا الدفاع والقضايا الأمنية وتنسيق سياستها الخارجية.
وحول نظام إعادة تدوير التوظيف بين دول مجلس التعاون الخليجي، أوضح محمد الرشيد أن الدول الخليجية ستستوعب البطالة الموجودة في السعودية، ولا سيما أن الأخيرة تملك كوادر مؤهلة يمكن تصديرها إلى تلك الدول.
وتابع: «الكثير من دول الخليج تستعين بكوادر من غير دول مجلس التعاون الخليجي، ولو تم تسهيل إعادة تدوير التوظيف بين الدول الخليجية فإن السعوديين سيحلون محل هذه الكوادر»، مؤكدا في الوقت نفسه أن المملكة ستكون مصدرة للموظفين أكثر من كونها مستقبلة لهم، بحسب وصفه.
من جهته، أعلن عبد الله بشارة، عضو الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لدول التعاون الخليجي، وجود تصميم للخروج من البطء الذي اتسمت به مسيرة مجلس التعاون الخليجي، واصفا مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بالـ«نسيم البناء» الذي مس الجميع، وأجبرهم على تدارس كيفية التعامل معه، وفتح أجواء في المنطقة والعالم لمناقشة هذا المقترح، وخلق زخما، سواء للذين يريدونه أو الذين يريدون أن يقروه أو من يريدون تأجيله.
وأضاف: «نحن في الهيئة جزء من مسيرة المجلس، والآن نتدارس هذا الوضع المستجد في المنطقة للخروج من التعاون إلى مسيرة فصل آخر نسميه اتحادا أو اتحادا مرنا أو كونفدرالية، فليس مهما الاسم بقدر أننا سنخرج من فصل إلى آخر، ولا أحد يستطيع أن يدير ظهره لهذا الواقع الجديد، وسنتلمس الأفكار في هذا الشأن ونقدم المرئيات للمجلس الوزاري، ليكون أبرز ما نناقشه هو دارسة العوائق التي أخرت مسيرة مجلس التعاون».
وشدد على ضرورة نهوض المجلس والتعامل مع المستجدات والمخاطر الإقليمية الكثيرة التي تهدد الأمن، إضافة إلى مخاطر أخرى تهدد النهج المعتدل، مبينا أن مسألة انضمام كل من الأردن والمغرب إلى دول مجلس التعاون الخليجي ليست مطروحة على جدول الأعمال.





اتحاد دول الخليج العربي وتحمل المخاطر







تنقسم النخبة في الخليج تجاه النظر إلى الأفكار المطروحة للدخول في اتحاد لدول الخليج، وتطوير الموجود وهو مجلس التعاون إلى اتحاد، إلى أكثرية مرحبة، وأقلية غير متحمسة، وكلا الفريقين سوف ينشط في المقبل من الأيام لطرح أفكارهم على الغير، وقد طرحت الفكرة برمتها في إطار تجمع محدود من الخبراء اجتمعوا تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون في الرياض الأسبوع الماضي.
فكرة الاتحاد طرحها الملك عبد الله بن عبد العزيز على قادة دول مجلس التعاون في القمة الأخيرة التي عقدت في الرياض في ديسمبر (كانون الأول) 2011، ومن وقتها والحديث يدور، بين متحمس ومتريث.
الجزء المتريث أو غير المتحمس منقسم إلى ثلاثة تيارات على الأقل، بعضه يرى أن فترة مجلس التعاون ما زالت لم تنقض، وبقوانين وقرارات مجلس التعاون تمت مواجهة الأزمات التي مرت في الخليج وعلى رأسها حدثان كبيران هما احتلال العراق للكويت وأيضا الاضطرابات السياسية في البحرين، وقد واجهها مجلس التعاون بنجاح كلي أو نسبي، وهذا يعني أن قدرته على الفعل قائمة، وأن أي اتحاد الآن سوف يواجه صعوبات لا داعي لفتح ملفاتها. أما التيار الثاني فإنه يرى أن هناك (مكتسبات) شعبية في بعض دول الخليج لم تتحقق حتى الآن في البعض الآخر، وأن أي اتحاد قد يطيح أو يقلل من تلك المكتسبات، وهو تيار قد يركب قطار الاتحاد عندما يتأكد أن مكتسبات المجتمعات الخليجية المحلية لن تتأثر بالدخول في الاتحاد، وهذا قد يأتي بعد فتح باب النقاش للتصور شبه النهائي لشكل الاتحاد المطلوب. أما التيار الثالث فيرى أن في الاتحاد خطرا عليه، حيث إن قوته النسبية في الدولة الخليجية الصغيرة، هذه أو تلك سوف تذوب في بحر الأغلبية، وهو تيار قد تتخيله هواجس ليست محلية فقط، ولكن خارجية ربما.
الأكثرية ترى أن التحمس لوحدة الخليج طبيعي، حيث تتماثل الأنسجة الاجتماعية والثقافية إلى حد كبير، كما أن المصالح متشابكة، وأن مجلس التعاون بصيغته الحالية قد استنفد أغراضه، وقد كانت نجاحاته محصورة في المواقف السياسية الحادة، ولكنه أقل من طموحات الناس في القرن الواحد والعشرين.
مثل هذا النقاش قابل إعلان مجلس التعاون بتشكك البعض في البداية من الهدف من إقامته، وتبين لاحقا أن كل ما أثير من مخاوف حوله في ثمانينات القرن الماضي، هي مخاوف متخيلة، بل إن الكثير من المزايا الإيجابية قد تحققت في المسيرة، وقد يصدق ذلك على دعوة الاتحاد الجديدة.
من هنا ترى قطاعات واسعة من النخب في الخليج أن في نقل التعاون إلى الاتحاد مخرجا استراتيجيا لما يحيط بدول الخليج من مخاطر مستجدة، وهي مخاطر داخلية وخارجية على السواء، في ظل المتغيرات العميقة التي تضرب بقوة الإقليم العربي والعلاقات الدولية، وقد نظم البعض نفسه من خلال تجمعات للمجتمع المدني للدعوة إلى الاتحاد على الصعيد الشعبي، الأمر الذي لم يحدث عند إنشاء مجلس التعاون.
أما الأسباب المحبذة للاتحاد، فإنني أراها في متغيرات خمسة:
أولا: تغير قواعد اللعبة الدولية، فالقوى العالمية التي تعاقبت على حفظ الأمن في الخليج هي قوتان: بريطانيا ومن ثم أميركا، كلتاهما تراجعت عن الساحة الدولية، على الأقل من حيث القوة الخشنة، فآخر استخدام للقوة الخشنة لأميركا كان في العراق وأفغانستان، وتضررت القوة الأميركية ضررا كبيرا اقتصاديا ودبلوماسيا، من ذلك الاستخدام المباشر للقوة. عاش الخليج على أمن ما يعرف بـ«برتش راج» أي النفوذ البريطاني لأكثر من قرن ونصف القرن من الزمن، تراجع تدريجيا حتى السبعينات من القرن الماضي، حيث استقلت دول الخليج الصغيرة، ثم تحول الأمر بعد فراغ أمني حاول شاه إيران أن يملأه، وكان سريعا عاصفا وقصيرا في الزمن، عاد الخليج من جديد إلى ما سمي بـ«أميركن راج» أي النفوذ الأميركي، ولكن سرعان ما أخذت أميركا المقعد الخلفي في الصراعات النشطة، والمثال على ذلك معركة تحرير ليبيا من التسلط الجنوني للقذافي.
إذن قواعد اللعبة قد تغيرت وتتغير بسرعة شديدة، فلا مجال للاعتماد على تحالفات خارجية لا يستطيع أحد المراهنة عليها لفترة طويلة، من هنا وجب التفكير فيما يمكن أن يسمى تجميع السيادات في الخليج من أجل تحقيق المصالح وليس درء المخاطر فقط.
ثانيا: لعب النفط في دول الخليج العربي دورا مزدوجا، هو خليط من الدفع بالتفكيك إلى الدفع بالتجميع، في بداية تدفق النفط اختلفت دول الخليج فيما بينها على الحدود، بسبب وجود أو عدم وجود النفط، وظهرت شرور كثيرة نتيجة هذا التنازع، منها التدخلات الخارجية ومنها نوازع التفكيك المحلية التي جعلت كل إمارة تسعى للاستحواذ على هذا الجزء أو ذاك من الحدود، أما وقد استقرت معظم الحدود بفضل حكمة رجال تاريخيين ولم يبق من الأمر إلا النزر اليسير، فإن النفط عاد ليلعب دور التجميع، كون القوى الخارجية والإقليمية شرهة للاستحواذ على قسم كبير من ثروات النفط، ودخلت دول الخليج في السبعينات متعاونة من أجل معركة (التأميم) النفطي ونجحت فيها وهي تدخل الآن معركة وجب أن تكون جماعية للحفاظ على الثروة ومن حيث الاستخدام الأفضل لها ومن حيث حمايتها من الأطماع الخارجية.
من نافلة القول إنه في ضوء تراجع وتغيير قواعد اللعبة في العالم، فإن القوى الإقليمية لن تجد أمامها رادعا يخفض من توقعات طموحاتها في التوسع غير أن تجابه بستار من الوحدة. بجانب تحقيق ذلك الهدف الاستراتيجي فإن تجميع الموارد يعني فيما يعنيه استخداما أفضل لها من حيث توفير الطاقة والمياه وتجويد التعليم وفتح سوق واسعة للمبادرين الخليجيين الذين تتسع دائرتهم للاستثمار الأجدى.
ثالثا: التغير في المحيط العربي الذي ركن كثيرا على توافق إقليمي تقوده دول عربية كبيرة، فلم تعد مصر بقادرة على لعب دور من أي نوع، ومن المحتمل تعطل الدور المصري في الإطار العربي لفترة قد تطول، كما أن العراق في شقاق قد يقود إلى تفتيت العراق، واليمن يدخل أيضا في نفق قد يخرج منه بشرور تصيب الجوار، وسوريا تواجه منعطفا سوف تخرج منه - إن خرجت - بجروح غائرة تعطل أي دور لها كما عرف في العقود الأربعة السابقة. إن ربيع العرب الذي تتدحرج نتائجه كسيل منهمر في عدد من الأودية الجافة يجعل منطقة الخليج مكشوفة الظهر، وبلا ظهير عربي، كل ذلك معطوف على الدور الذي اضطرت إليه كلاعب أساسي في صيرورة تدحرج كرة الربيع العربي من مصر إلى ليبيا إلى اليمن إلى سوريا أخيرا، قابلة للدور الذي قامت به، كما يقول أعداؤها، أو مضطرة لاتقاء المخاطر، هذا الدور رتب أي القوة الناعمة الخليجية، سوف يترتب عليه استحقاقات كثيرة، قد تنوء بها منفردة كل دولة على حدة، بل وقد يتعرض استقرارها إلى الاضطراب إن بقيت في نفس المكان التي هي فيه.
رابعا: قد يكون من تناقض الأقدار أن الوحدة العربية التي طالبت بها النخب العربية منذ منتصف القرن الماضي وكانت حلما لأجيال متعاقبة، أن تحققها في زمن التفكيك دول الخليج، وهو إنجاز يضاف إلى الإنجاز الذي حققه رجال تاريخيون في الوحدة، منهم الملك المرحوم عبد العزيز ورجاله الذين حققوا وحدة الجزيرة، والمرحوم الشيخ زايد بن سلطان ورجاله الذين حققوا وحدة دولة الإمارات، وأيضا توافق الرجال الستة الذين أنشأوا مجلس التعاون. كل ذلك يعني أن طلاب الوحدة هم من يحققها على الأرض وليس من يتحدث عنها في الإذاعات.
خامسا: ليس هناك نموذج معين لدول الخليج العربية المتحدة، فهناك عدد من التجارب الوحدوية في العالم التي لا تكاد تشابه إحداها الأخرى، وللمقارنة فإن (النفودس) في كلمة كونفدرالية تعني باللاتينية (تحالف الأغيار) فمتى ما توفر تحالف المنسجمين توفرت الوحدة بشكل أفضل وعبر الجميع من الاختلاف إلى التجانس، لا شك لدى كثير من العقلاء يرى أن الطريق إلى دول الخليج العربي المتحدة، ليس سهلا ولا مفروشا بالورود، فهناك مطالب لتعديلات في الهياكل السياسية والاقتصادية واجب تنفيذها، وهناك حساسيات مطلوب تجاوزها، وهناك أدوار سياسية مطلوب القيام بها ولا تترك لرجال إدارة والبيروقراطيين، ولكن يتصدى لها رجال سياسة لديهم القدرة على رؤية ثاقبة تنقذ أوطانهم من الخلل، وقد يتجرعون المر في سبيل تفادي الأمر!
آخر الكلام:
يلعب الرجال في التاريخ دورين، الأول المجهض لتطلعات شعبه والمتعسف والأناني الذي يرى العالم من منظور شخصيته المليئة بجنون العظمة، والثاني رجال بناة يحترمهم التاريخ لأنهم قدموا إصلاحات لشعوبهم، حتى لو كانوا في إطار الحكام التقليديين، بطرس الأكبر في روسيا والذي اعترفت له الثورة البلشفية المضادة لكل أفكار الحكم الملكي، بالريادة فقط لأنه لم يكن مشحونا بجنون العظمة أو الأنانية!
 
رد: الاتحاد الخليجى تاريخ وواقع وتحديات سوريا وايران

إيران أصبحت جاراً صعب التعامل معه.. ومساعد وزير الخارجية: طهران سلبت العرب دورهم فى الحضارة الفارسية وعلاقتها بمصر متوترة حتى الان








small11200822234749.jpg
أعلن مجموعة من المشاركين فى مؤتمر مستقبل عروبة أمن الخليج، أن دولة إيران أصبحت جارا صعبا للدول العربية، وغير محتمل سياسيا فى ظل امتداد أزمة الحضارة الفارسية، والعمل على طمس العربية مؤكدين على دورها الحيوى فى المقاومة الإسرائيلية، والتى يجب أن تمر وفق المصالح العربية الإيرانية المشتركة، مطالبين بضرورة وضع حلول مشتركة لأزمة منطقة الأحواز، وجزر الإمارات والمتنازع عليها بين إيران ودول الخليج.

فمن جانبه، قال الدكتور محمد نعمان جلال مساعد وزير الخارجية سابقا، وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن القوى الرئيسية التى مثلت تهديدا لأمن الخليج العربى منذ القدم تتمثل فى قوتين الأولى قوة إقليمية، وهى الدولة الفارسية وخليفتها إيران الحديثة، والثانية قوة عبر البحار، وهى الدولة الرومانية وخليفتها بريطانيا والولايات المتحدة فى العصر الحديث.


وقال نعمان، خلال كلمته عن مستقبل عروبة وأمن الخليج، فى ظل الثورات العربية فى مؤتمر مستقبل عروبة وأمن الخليج، والذى ينعقد بالعاصمة البحرينية المنامة، على مدار ثلاثة أيام إن مصر وإيران دولتان مهمتان فى منطقة الشرق الأوسط، ويمثلان الثقل السياسى الأهم فى المنطقة ومع ذلك فإن علاقات هاتين الدولتين على مدى التاريخ القديم وحتى الجديد وصولا إلى مرحلة ما بعد الثورة شابتها الكثير من الشوائب، موضحا أن ثمة عنصرا مهما من عناصر الشخصية الفارسية يمثل خطورة فيما يتعلق بمصر، ودول الخليج العربى وهو المتعلق بالشيفونية( النزعة الوطنية المتطرفة) الإيرانية التى ترى الفرس أفضل الشعوب وتسعى للهيمنة على الآخرين.


وأضاف أنه رغم خضوع فارس للدولة الإسلامية والعقيدة الإسلامية، سعى حكامها ومفكروها لكى ينسبوا كل الإنجازات العربية للفرس، حيث صدر كتاب فى عهد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ووزعته سفاراتها فى مختلف دول العالم ينسب إنجازات الحضارة الإسلامية إلى أنفسهم وينسون مساهمات الشعوب الأخرى، سواء العرب أو من آسيا الوسطى، التى ينسب إليها أهم علماء الحديث النبوى مثل البخارى وغيره.


وأوضح أن مساهمة الفرس فى الحضارة العربية الإسلامية، لم تتم بصفتهم فرسا، وإنما بصفتهم مسلمين ينتسبون للحضارة العربية الإسلامية، إذ أن معظم كتاباتهم باللغة العربية، التى كانت لغة الحضارة الإسلامية آنذاك، وكانوا يعيشون فى بغداد عاصمة الدولة العباسية.


وأضاف أن الأزمة بين كل من الخليج وإيران أزمة سياسية تاريخية، إلا أنها تثبت كل يوم أنها جار صعب التعامل معه، بل ولم يعد يطاق سياسيا على الأقل حتى الآن، قائلا إن تصعيد إيران فى الملف النووى، والمستمر على مدار العشرة سنوات الماضية، يجر المنطقة العربية بأكملها إلى صدام هى فى غنى عنه حاليا، لافتا إلى أن التمسك بصغائر الخلافات والمتمثل فى تسمية الخليج على سبيل المثال، حيث تتمسك إيران باسم الخليج الفارسى، أمام تمسك الدول الخليجية باسم الخليج العربى، هو تمسك سيختفى باختفاء الخليج جغرافياً لافتا إلى أن الجغرافيا المكانية لدول الخليج مع إيران كان يجب أن تعمل على حل المشاكل، إلا أن الأزمات السياسية المتعاقبة، مازالت تدمر العلاقة بينهم.


وفى نفس السياق، تحدث أحمد المولى، رئيس المكتب السياسى لحركة النضال العربى لتحرير الأحواز، ورئيس دائرة العلاقات العربية لمنظمة حزم الأحوازية، عن انسجام مشروع الدولة الشيعية الكبرى، مع الرؤية الأمريكية والغربية فى المنطقة العربية، قائلا إنه "يتمحور فى فصل قوة المال العربى عن القوة البشرية العربية، من خلال حاجز بشرى نقيض يستند إلى إثارة الحرب الطائفية فى المنطقة، والتى لا يستطيع أحد أن يتنبأ متى يمكن أن تنتهى فيما إذا احتدمت.


وأضاف أن السياسة نوعان، سياسة مستبصرة فاعلة، وسياسة ردات الفعل، ولا يمكننا نحن كدول عربية أن نحافظ على مستقبل أوطاننا إلا من خلال سياسات فاعلة مبنية على أساس استشراق المستقبل، وقد لا نلام إن كانت قدراتنا المادية والبشرية لا تسمح لنا بانتهاج السياسات الفاعلة، ولكن المستقبل سوف يحاسبنا على عدم بناء مشروع يحفظ أمن شعوبنا العربية، ونحن نمتلك كل القدرات لمثل هذه المشاريع السياسية التى تعتبر فى النظر الاستراتيجى أكثر أمنا، وأفضل من شراء الأسلحة.


وأوضح أن بناء الوحدة الوطنية، وتكاتف أبناء الشعب العربى، هو أيضا سلاح قادر على أن يصمد، ويرد أى استهداف لمصالح الأمة مهما كانت الأطراف التى تستهدفنا تتفوق علينا بقدراتها العسكرية، موضحا أن ليس فقط مشاريع التنمية والبنى التحتية تحتاج إلى رأس مال قادر على تنفيذها على الأرض، بل إن مشاريع التنمية البشرية والسياسية هى أيضا تحتاج لرأس مال ليتم تنفيذها.


وأضاف محمد عباس، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لافتا إلى أن إيران تمثل قوة إقليمية، لا يمكن تجاهلها فى إقليم الشرق الأوسط لاعتبارات استراتيجية، وحضارية واقتصادية وغيرها، وبالتالى فإن الدعوات التى تطرح لفرض عزلة على إيران وتحجيم موقعها فى الإقليم لا تتسامح مع المعطيات الموجودة على أرض الواقع.


وبذلك لا يمكن مصادرة حق إيران فى امتلاك برنامج نووى، طالما أنه للأغراض السلمية، وطالما أن إيران لا تستخدمه لتصعيد تهديداتها لدول مجلس التعاون الخليجى أو لإحداث خلل فى توازن القوى الاستراتيجية لصالحها، وأن لكل الدول الحق فى امتلاك برنامج للأغراض السلمية لافتا إلى أن إيران تتصرف بمنطق الدولة التى تعى مصالحها، وليس الثورة التى تنتهج سياسات ذات طابع طائفى، قائلا إنه من الصحيح أنها أحيانا تسقط بعدا مذهبيا، على تفاعلاتها مع بعض قضايا الإقليم، لاسيما فى العراق والبحرين، لكن الصحيح أيضا هو أن تضع مصالحها فى المقام الأول حتى لو تعارضت مع أيديولوجيتها.
 
رد: الاتحاد الخليجى تاريخ وواقع وتحديات سوريا وايران

موضوع رائع اخي فعلا استمتعت بالقراءة :sheikh[1]:
 
رد: الاتحاد الخليجى تاريخ وواقع وتحديات سوريا وايران

539362_253533418071184_100002435825017_533896_938099349_n.jpg
 
رد: الاتحاد الخليجى تاريخ وواقع وتحديات سوريا وايران

مستهلش تقييم
 
رد: الاتحاد الخليجى تاريخ وواقع وتحديات سوريا وايران

ارجو ضم الاردن والمغرب للاتحاد
 
عودة
أعلى