ماذا يحدث فى الصومال

sword1988

عضو
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
821
التفاعل
729 0 0





  • أرض الصومال: استقرار مقابل قلاقل الجنوب





تعيش أرض الصومال -مناطق شمال غرب الصومال- حالة من الاستقرار السياسي والأمني، رغم ما يقابلها في الجهة الجنوبية من خريطة الصومال من انفلات أمني حرمها نعمة الاستقرار طيلة العقدين الأخيرين.
واستقلت مناطق شمال الصومال عن المستعمر البريطاني في 26 يونيو/حزيران 1960، لتعلن بعد أربعة أيام مناطق جنوب الصومال استقلالها أيضاً عن المستعمر الإيطالي، واندمجا في يوليو/تموز من العام نفسه ليصبحا جمهورية الصومال الديمقراطية برئاسة آدم عبد الله حسن.
وبمثل ما كانت مناطق شمالي الصومال سبّاقة في نيل الاستقلال، سارعت بعد انهيار جمهورية الصومال المركزية عام 1991 إلى بناء كيان سياسي يلبي طموحاتها ويساهم في استقرارها السياسي والأمني.
وعلى الرغم من تحدي عدم اعتراف المجتمع الدولي بأرض الصومال، إلا أن هذه الأخيرة نجحت في بسط أمنها وإعادة مؤسسات الحكم إلى مجراها الطبيعي مما جعلها ملاذاً آمناً يلجأ إليه الصوماليون هرباً من هول الحرب والدمار الذي تشهده المناطق الجنوبية.
ولكن أرض الصومال رغم استقرارها، تواجه بؤرا من التوتر تؤججها نزاعات حدودية مع حكومة بونتلاند أدى إلى خروج ولاية "خاتمة" بإقليم سول وولاية "إدارة أودل" على الحدود مع الجيبوتي عن عباءة جمهورية أرض الصومال.
وحدة
وقال أمين الإعلام بقصر الرئاسة في جمهورية أرض الصومال، عبد الله محمد طاهر -في تصريح للجزيرة نت- إن السرّ وراء استقرار المنطقة يكمن في وحدة مواقف شعب أرض الصومال وإرادته القوية تجاه تقرير المصير وفك الارتباط والاستقلال عن الصومال، مشيرا إلى أنهم يرفضون العيش في ظل نظام أذاقهم الويلات والمآسي في ثمانينيات القرن الماضي.

وأضاف محمد طاهر أن التفاف الجماهير من مثقفين وسياسيين وفئات الشعب بمختلف توجهاتهم الفكرية والسياسية حول نظام الحكم في أرض الصومال، هو الدافع القوي لاستقرار المنطقة سياسياً، وضبط الأمن إلى درجة جعل عاصمة أرض الصومال (هرجيسا) محل ثقة المؤسسات الدولية والأممية.
وأكد أيضا -للجزيرة نت- أنه إذا ما استمرت جماهير أرض الصومال في دعم القادة والوقوف إلى جانب السلطة فسيؤدي ذلك إلى تحقيق أمنية الاعتراف الدولي وتصبح أرض الصومال بعدها كياناً مستقلا يعيد التوازن لمنطقة القرن الأفريقي المضطربة.
بدوره يرى مدير مركز بدر للدراسات المستقبلية والاستشارات بهرجيسا، عبد الغني حسين محمد بدر أن شيوخ القبائل هم السند والداعم الحقيقي لاستقرار المنطقة سياسياً، وقال إنهم يفضلون دائماً خيارات السلم وينبذون الأساليب القائمة على العنف.
وأضاف بدر قائلا إن "شيوخ القبائل (الأعيان والوجهاء) في أرض الصومال يتمتعون بحصانة اجتماعية تعطي مواقفهم قوة تمكنهم من تمرير قراراتهم التي كثيراً ما تميل نحو الوفاق الوطني، وعدم المساس بأمن واستقرار أرض الصومال. وهو ما جعل أرض الصومال متماسكة تستعصي على التفكك."
العامل البشري
من جانبه يرى الكاتب الصحفي الأستاذ محمد عمر أحمد أن مناطق شمال الصومال تملك رصيداً هائلاً من العامل البشري المتعلم القادر على العطاء الإيجابي، وكادراً مؤهلاً لقيادة دفة الحكم، وقال إن قطاعا كبيرا من حملة الشهادات العليا وأساتذة الجامعات والعلماء والخبراء والمستشارين في الجمهورية الصومالية سابقاً ينتمون إلى منطقة شمال الصومال (أرض الصومال حاليا) وهو ما أدى إلى استقرار المنطقة.
ويذكر أن جمهورية أرض الصومال أعلنت انفصالها من جانب واحد في 18 مايو/أيار 1991، بعد انهيار الحكومة المركزية في الصومال، وتبلغ مساحتها 137600 كيلومتر مربع، وعاصمتها هرجيسا، ومن أشهر مدنها بربرة، الميناء الرئيسي لجمهورية أرض الصومال، وبورما الواقعة في الغرب، وبرعو الواقعة في الشرق. ويبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين ونصف المليون حسب إحصائيات عام 2008. ولها علم ونشيد وطني وعملة وطنية تسمى بـ"شلن صوماليلاند".
وتنظم أرض الصومال انتخابات رئاسية وبرلمانية وبلدية، ويقر دستور الجمهورية بالتداول السلمي للسلطة وإجراء انتخابات عامة بعد انتهاء الفترة الرئاسية، وتولى رئاسة أرض الصومال كل من عبد الرحمن أحمد علي تور أول رئيس للجمهورية، ومحمد حاج إبراهيم عجال، وطاهر ريالي كاهن، وأحمد محمد محمود سيلانيو الرئيس الحالي.




قوات إثيوبية تزحف نحو معاقل الشباب
ذكر شهود عيان أن مئات من القوات الإثيوبية مدججة بأسلحة ثقيلة تقدمت صباح اليوم السبت باتجاه وسط الصومال للهجوم على المعقل الرئيسي لـ حركة الشباب المجاهدين المعارضة في المنطقة.
وأضاف الشهود أن شاحنات عسكرية إثيوبية دخلت مدينة دوسمارب الخاضعة لسيطرة مسلحين تابعين للحكومة المركزية بالصومال، وأكدوا أن هدف القوات في الوقت الحالي هو الوصول إلى مدينة البور التي تعتبر المعقل الرئيسي لعناصر الشباب المجاهدين.
وقال عبد الله أحمد من مدينة دوسمارب إن حوالي 50 شاحنة إثيوبية دخلت المنطقة صباح اليوم السبت.
من جهته، أكد قائد حركة الشباب المجاهدين بالمنطقة، الشيخ عدن فراي تحركات القوات الإثيوبية، وقال إن مقاتلي الحركة على استعداد لصد أي هجوم.
وكانت القوات الإثيوبية قد تمكنت من السيطرة على مدينتين هامتين كانتا خاضعتين لسيطرة الشباب، هما بيدوا وهودور بجنوب الصومال، وذلك منذ دخول هذه القوات لهذا البلد الواقع في القرن الأفريقي الذي يشهد حربا أهلية منذ عشرين سنة.
وقال بيان على موقع تابع لحركة الشباب على الإنترنت في وقت سابق إن مقاتلي الحركة انسحبوا من هودور ضمن تكتيك عسكري، مشيرا إلى أن الإثيوبيين سيواجهون تفجيرات وهجمات لا تتوقف من الكر والفر.
وحتى بداية العام الجاري، سيطر عناصر حركة الشباب على معظم جنوب ووسط الصومال، لكنهم يخشون من فقدان جزء من هذه المناطق أمام القوات الكينية التي دخلت البلد في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقد أرغمت القوات الموالية للحكومة الصومالية الانتقالية والاتحاد الأفريقي في أغسطس/ آب الماضي عناصر حركة الشباب على الانسحاب من مواقعهم في العاصمة مقديشو ثم التخلي بعد ستة أشهر من ذلك عن بيدوا للقوات الإثيوبية التي دخلت إلى الصومال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد القوات الكينية لدعم القوات الحكومية والأفريقية ضد المعارضة الصومالية المسلحة.
ولكن بالرغم من النكسات العسكرية الأخيرة يحذر الخبراء من أن عناصر الشباب ما زالوا بعيدين عن الهزيمة وقد يلجؤون من الآن فصاعدا إلى أسلوب حرب العصابات.
يشار إلى أن القوات الإثيوبية اجتاحت الصومال في ديسمبر/كانون الأول 2006 وهزمت اتحاد المحاكم الإسلامية التي كانت تحكم جنوب ووسط الصومال حينها لكنها دخلت في مواجهات دامية مع مقاتلي اتحاد المحاكم والشباب المجاهدين بعد إعادة تنظيم صفوفهم، لتنسحب مطلع 2009 بعد اتفاق الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله يوسف واتحاد المحاكم في جيبوتي.
 
رد: ماذا يحدث فى الصومال

تشهد الساحة الصومالية تطورات سياسية جديدة ومتلاحقة تؤذن بوجود اهتمام دولي بالأزمة الصومالية. ويتجلى هذا الاهتمام بالدخول التركي على خط الأزمة ومؤتمر لندن الذي شاركت فيه أربعون دولة بالإضافة إلى التطورات العسكرية على الأرض. فهل نحن أمام منعطف جديد يأخذ هذا البلد إلى الاستقرار أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تحريكا للأزمة باتجاه أخر لضمان استمرارها وإدخال البلاد في دوامة جديدة؟
top-page.gif

الاهتمام البريطاني
أن تتداعى أربعون دولة في العاصمة البريطانية لندن لمناقشة المعضلة الصومالية لهو أمر جديد في بلد عانى من الإهمال والتجاهل لأكثر من عشرين عاما، لكن ما الذي جعل بريطانيا التي عرفت بتحاشيها الاقتراب من الأزمة الصومالية الملتهبة رغم ماضيها الاستعماري لشمال البلد تخوض في غمار هذه المشكلة رغم فشل محاولات ومؤتمرات سابقة؟

"
التحرك البريطاني لم يكن وليد اليوم وليس قرارا فرديا اتخذته فجأة، وإنما هناك توافق بين اللاعبين الدوليين والإقليميين لقلب المعادلة القائمة منذ سنوات استعدادا لاستحقاقات ما بعد الفترة الانتقالية
"
منذ أن أعلنت بريطانيا عزمها استضافة المؤتمر حول الصومال قامت الحكومة البريطانية بعدد من الخطوات بشكل مباشر، من أهمها الزيارة التي قام بها وزير الخارجية وليام هيغ إلى العاصمة الصومالية مقديشو، حيث التقى بالزعماء الصوماليين ومن بينهم عمدة مقديشو محمود ترسن البريطاني الجنسية.
وكانت الزيارة إيذانا باهتمام بريطاني في القضية الصومالية بعد أن اكتفت الدول الأوروبية لسنين بسماع التقارير التي تعدها المستعمرة السابقة إيطاليا. وقد شهدت العاصمة البريطانية لقاءات مكثفة جمعت المسؤولين في الحكومة البريطانية مع قيادات الجالية الصومالية بهدف الاستكشاف وإعدادهم لدور بريطاني محتمل في بلد الأصل.
وكان من بين الأسباب التي روّج لها عمدة مقديشو أنه أقنع هيغ بأن من الضرورة بمكان أن تقوم بريطانيا بالمساهمة في استقرار الصومال قبل أن تصل إليها النيران باعتبار أن العشرات من البريطانيين يقاتلون إلى جانب حركة الشباب. كما أن المملكة المتحدة تؤوي عشرات آلاف من الصوماليين، لذا فإن عليها القيام بعمل استباقي للدفاع عن نفسها من خلال تمكين حكومة قوية في الصومال.
وهذا الأمر رغم تشدق العديد من المسؤولين الصوماليين إلا أنه ليس سببا جوهريا برأيي في التعاطي البريطاني. فمن خلال المتابعة لما يجري على الأرض من تغيرات كبيرة يدرك المرء أن التحرك البريطاني لم يكن وليد اليوم وليس قرارا فرديا اتخذته فجأة، وإنما هناك توافق بين اللاعبين الدوليين والإقليميين لقلب المعادلة القائمة منذ سنوات استعدادا لاستحقاقات ما بعد أغسطس/آب القادم، حيث من المفترض أن تنتهي الفترة الانتقالية للنظام الصومالي بالإضافة إلى قطع الطريق عن تأثيرات تركيا الصاعدة في الساحة الصومالية.
وتأتي التطورات المتلاحقة على الأرض ترجمة لهذا التوافق، حيث اجتاحت القوات الكينية الجنوب الصومالي كما قامت القوات الإثيوبية بنفس الأمر في المناطق الغربية والوسطى معقل حركة الشباب.
وحسب رأي المراقبين فإن كينيا التي عرفت بتحفظها عن الخوض في المستنقع الصومالي لم تقم بهذه الخطوة لمنع الشباب من اختطاف السياح على أراضيها كما قالت فحسب، بل هناك أسباب أخرى خفية لم تعلن عنها، ومن أهمها في رأيي ما يصب في خانة هذا التوافق المذكور أعلاه لتغيير قواعد اللعبة بتمويل ومباركة غربية، أضف إلى ذلك أن كينيا سوف تمر بها خطوط الأنابيب النفطية التي ستنقل الذهب الأسود من دولة جنوب السودان الفتية إلى مدينة لامو الكينية القريبة من السواحل الصومالية.
top-page.gif

العامل التركي
لقد شكل دخول تركيا على الساحة الصومالية بقوة فتحا للشعب الصومالي الذي عانى من الإهمال فترة من الزمن، كما أحدث مفاجأة لدى اللاعبين الإقليميين والدوليين والفرقاء الصوماليين على حد سواء. فتركيا الصاعدة سياسيا واقتصاديا وضعت كل ثقلها في محاولة لانتشال الصومال من كبوته وكانت مقاربتها مختلفة عن كل المبادرات التي عرفها الصومال.

وقد ترجمت عمليا على الأرض رؤيتها المتمثلة في المزاوجة بين العمل الإغاثي الحقيقي والنهوض بالبنية التحية في سابقة هي الأولى من نوعها في الصومال، حيث نشطت جمعياتها الخيرية في مخيمات اللاجئين وجلبت آلاف الأطنان من المساعدات.
كما أرسلت عشرات الأطباء الذين لم يقتصر عملهم على العاصمة بل غطوا معظم المناطق الصومالية بما فيها الولايات المستقرة مثل بونتلاند وأرض الصومال، مما أكسبهم احتراما لدى عامة الناس خاصة وأن المساعدات التركية تمت بإشراف وتنفيذ مؤسسات تركية محترمة بعيدا عن الفساد المستشري في السماسرة الصوماليين والهيئات المسترزقة.
لكن ما ميز المبادرة التركية أنها لم تكن مجرد مساعدات غذائية وطبية رغم أهميتهما، إنما كانت هناك رغبة في تشييد البنية التحتية المدمرة منذ عقود والتي لم يفكر أحد فيها، فبدأت ببناء المستشفيات والمدارس ووعدت بتنفيذ مشاريع عملاقة من شأنها أن تعيد الصومال إلى حظيرة العالم المتمدن.
ثم أتبعت هذا كله ببدء تأهيل كادر علمي، حيث فتحت الجامعات التركية أبوابها للطلاب الصوماليين الذين حصّل المئات منهم منحا جامعية على حساب تركيا، في محاولة منها لإيجاد جيل جديد يحمل الثقافة التركية ويساهم في بناء مستقبل الصومال.
ولم تقف عند هذا الحد، بل قامت شركة الطيران التركية بربط الصومال بالعالم لتكون أول شركة عالمية تهبط في مطار مقديشو المهجور لتنهي بذلك الخرافة السائدة المتمثلة بالدولة الفاشلة الأكثر خطورة على مستوى العالم والتي يتحاشى الجميع الاقتراب منها.
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أرفع مسؤول تطأ قدماه أرض الصومال منذ انزلاق هذا البلد إلى هاوية الفوضى قبل عقدين. وسبق لتركيا أن عقدت مؤتمرا في إسطنبول في 2010 والذي دعا لأول مرة قطاعات من المجتمع لم تدع قبلا في المؤتمرات السياسية وعلى رأسهم رجال الأعمال.
"
يبدوا أن تركيا عازمة على مواصلة دعمها للصومال بغية الوصول به إلى بر الأمان لما يصب في مصلحة كلا البلدين بغض النظر عن الموقف الدولي الذي يحاول أن يبقي الصومال رهنا لأمزجة الدول الإقليمية
"

لكن الاهتمام التركي فاجأ المجتمع الدولي والساسة الصوماليين، لأن الزعماء المحليين لم يروا من قبل مثل هذا النوع من الطرح الجريء المنصب على معالجة الأزمة من جذورها، لأنهم تعودوا على مشاريع شخصية أو فئوية يجنون من ورائها الملايين في الوقت الذي أحس اللاعبون الدوليون والإقليميون بأن تركيا سوف تستحوذ على هذه البلد الإستراتيجي والذي يملك ثروات هائلة غير مستغلة.
لذا فإن العالم بدأ يهتم بالشأن الصومالي ليس حبا له وإنما غيرة من تركيا الصاعدة أو خوفا من أن تستأثر أنقرة به وبثرواته بعد الاستقرار، حيث شهدنا زيارات لمسؤولين لم يسبق أن فكروا بهذا البلد من قبل.
ويبدو أن تركيا عازمة على مواصلة دعمها للصومال بغية الوصول به إلى بر الأمان لما يصبّ في مصلحة كلا البلدين بغض النظر عن الموقف الدولي الذي يحاول أن يبقي الصومال رهنا لأمزجة الدول الإقليمية، وقد أعلنت عن مؤتمر جديد يعقد على أراضيها. وتستند تركيا في حماسها إلى الدعم والترحيب الذي تتلقاه من الجمهور الصومالي الذي ملّ من الفوضى.
ولهذا فإن مراقبين صوماليين يرون أن التحركات الداخلية (الاجتياح الإثيوبي والكيني) والخارجية (مؤتمر لندن) يهدفان إلى قطع الطريق على التحركات التركية قبل أن يتمكن العثمانيون الجدد من تثبيت أقدامهم على الأرض.
top-page.gif

قصة الثروات
قد يستغرب المرء من أن في هذا البلد ثروات يسيل لها لعاب الطامعين، إلا أن الدراسات الجيولوجية تشير إلى وجود ثروات كبيرة في الصومال وقد رفضت حكومة سياد بري إبرام اتفاقات مع شركات غربية بسبب رغبة تلك الشركات في أخذ حصة الأسد من النفط الذي سيتم التنقيب عنه. وهناك اعتقاد سائد لدى الصوماليين أن الشركات الأميركية تعرف ما تحتويه الصومال وبالتالي فإن إدامة الاحتراب والفوضى كانت أمرا مطلوبا أميركيا لمنع الدول الأخرى من الاقتراب من هذا الاحتياط.

وقد بدأت بالفعل شركة كندية التنقيب عن النفط في ولاية بونتلاند، حيث تحدث المسؤولون في هذه الولاية عن قرب استخراج النفط بالقرب من بوصاصو دون أن يكون لأية حكومة مركزية سلطة، مما يثير قلقا حول توزيع العائدات في بلد أصبحت فيه لكل محافظة إدارة خاصة لا تعدو أن تكون تقنينا للدور العشائري.
وهذه السابقة -رغم أن لا أحد ضد التنقيب بحد ذاته- إلا أنها تحمل مخاطر الانفراد بالبت في قضايا مصيرية مثل التنقيب عن النفط، وقد يكون هذا التكريس مقدمة لسياسة التعامل مع الأقاليم التي أصبحت تتوالد في الساحة الصومالية في الآونة الأخيرة.
وفي هذا السياق يمكن قراءة إصرار الدول المؤثرة في القرار الصومالي على تجاوز المرحلة الانتقالية لكي يصار إلى نظام دائم يمكن عقد اتفاقات طويلة الأجل معه خاصة في مجال الثروات الطبيعية، علما أن الساسة الحاليين معروفون بقصر نظرهم في مآلات ما يقدمون عليه مما يثير مخاوف حقيقية من أن يتم بيع البلاد بثمن بخس.
وهناك من المراقبين من يربط هذه التحركات كلها بقرب البلد من باب المندب مع احتمال نشوب حرب مع إيران وإغلاق مضيق هرمز وبالتالي هناك ضرورة لتأمين هذا الممر الإستراتيجي عن طريق السيطرة على الصومال، وهو قد يبدو بعيدا لكنه غير مستبعد.
وبعيدا عن كل تلك الاحتمالات فإن مما لا شك فيه أن ربيع الثورات العربية وما تبعه من فوز الإسلاميين في عدد من الدول يدفع الكثير إلى مراجعة حساباتهم ليدركوا أن سياسة إبقاء الصومال دولة فاشلة ومرتعا للتدخلات الإقليمية قد لا تكون مستساغة لدى القوى الصاعدة، وعلى رأسهم مصر التي من المؤمل أن تكون الصومال في صلب اهتماماتها في إطار علاقاتها الإفريقية باعتبارات لها علاقة بالمحافظة على مصالحها الإستراتيجية الحيوية.
top-page.gif

سمات المرحلة القادمة
ونتيجة لكل تلك التفاعلات والتحركات، فإنه يمكن الحديث عن سمات المرحلة القادمة كما يلي:
أولا: إنهاء المرحلة الانتقالية في أغسطس/آب القادم، حيث أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون صراحة أن العالم لن يسمح باستمرارها، كما هددت كل من يقف في طريق هذا التحول.

"
ثمة مخاوف حقيقية من أن يوضع الصومال تحت الوصاية إذا فشلت خطة خريطة الطريق، خاصة بعد أن راجت ورقة منسوبة إلى إيطاليا مفادها أن إدارة البلاد ستؤول إلى الأمم المتحدة
"

ثانيا: التخلص من حركة الشباب التي يرى البعض أنها كانت ورقة مطلوبة لتبرير الاستيلاء على هذا البلد وحرق أوراق الإسلام السياسي في الصومال، خاصة بعد إعلان الحركة على الملأ انضمامها تحت لواء القاعدة حيث اجتاحت كينيا وإثيوبيا مناطق نفوذها دون أن يبكي عليها أحد في هذه المرة بسبب سياستها وتصرفاتها، على عكس ما حدث أيام المحاكم الإسلامية.
ثالثا: تشجيع الأقاليم المستقلة لخلق كيانات هزيلة يمكن السيطرة عليها وهو أمر يثير الاستغراب، حيث تمول مثلا سفارات دول أجنبية الإعلان عن أقاليم وولايات افتراضية لا وجود لأصحابها إلا في فنادق الدول المجاورة.
رابعا: زيادة القوات الإفريقية لتكون القوة الضاربة الوحيدة على الأرض مع حديث عن توسيع مهامها.
وهناك في الواقع مخاوف حقيقية من أن يوضع الصومال تحت الوصاية إذا فشلت خطة خريطة الطريق المزمع تنفيذها وأخفق الساسة الصوماليون في إنتاج نظام مقبول، خاصة بعد أن راجت ورقة منسوبة إلى إيطاليا -لم تثبت صحتها- وتم تداولها على نطاق واسع مفادها أن إدارة البلاد ستؤول إلى الأمم المتحدة.
وخلاصة القول إن الصوماليين يتمنون أن تستقر بلادهم بعد أن ملوا من العنف والفوضى والاغتراب لكن بعيدا عن الاستغلال والطمع في ثرواتهم، وهو أمر ليس بالمستحيل رغم التجارب المريرة التي مروا بها. كما أنهم يستبشرون خيرا بربيع الثورات العربية أملا في أن يسفر عن اهتمام عربي في بلد ما فتئوا يصفونه بـ"الشقيق" دون أن يقدموا له شيئا يذكر.
 
رد: ماذا يحدث فى الصومال

قديما اعتبرها المصريون القدماء أرض الآلهة والعطور وحديثا احتلها البريطانيون لموقعها الإستراتيجي في القرن الأفريقي حيث تتحكم في أمن الممرات البحرية عبر خليج عدن، وفي الطريق إلى الهند جوهرة التاج البريطاني. إنها أرض الصومال أو "صوماليلاند" التي أعلنت استقلالها من طرف واحد في 18 مايو/ آيار 1991 أي في أعقاب انهيار نظام حكم محمد سياد بري في الصومال.
وتمارس أرض الصومال منذ ذلك الحين مهام وسلطات الدولة المستقلة، بالرغم من غياب الاعتراف القانوني بها، فلها علم ونشيد وطني وتأشيرة دخول ومؤسسات للحكم والإدارة. وتحاول النخبة الحاكمة بذل كل ما في وسعها للحصول على المشروعية الدولية.
فهي تارة تخاطب الغرب بلغة الديمقراطية وحقوق الإنسان وتارة أخرى تذكر الولايات المتحدة بأهميتها الإستراتيجية في إطار الحملة الأميركية لمحاربة الإرهاب، بل وتعرض عليها استضافة قاعدة عسكرية للأسطول الأميركي في ميناء بربرة.
ولعل ما يثير الدهشة والاستغراب في هذا السياق هو غياب الموقف العربي بشقيه الرسمي والشعبي، وتجاهل ما يحدث في الإقليم الذي بدأ يولي وجهه شطر أطراف إقليمية ودولية غير عربية ليحقق هدفه المبتغى بالحصول على الاعتراف الدولي.
فما هي أهمية هذا الإقليم من الناحية الجيوسياسية ؟ وما هي خطورة توجهه نحو أطراف أفريقية ودولية غير عربية؟ وما هي ملامح وآفاق التطور السياسي على ضوء التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها؟
النشأة والتطور
تكتسب "أرض الصومال" أهمية إستراتيجية بالغة حيث ورثت نفس الحدود الجغرافية التي رسمت لها زمن الاحتلال البريطاني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وتقدر المساحة الإجمالية للإقليم بنحو (137600 كم2 ) كما أن له سواحل بحرية على امتداد نحو(850 كم ). وطبقا لتقديرات عام 2008 يبلغ عدد سكان أرض الصومال خمسة ملايين نسمة ينقسمون حسب الأصول العشائرية إلى ثلاث عشائر أساسية هي: الإسحاق والداروود والدر. وتعد هرغيسا حاضرة الإقليم وأكبر مدنه، في حين تعد بربرة الميناء التجاري الأول.
"
يشير كثير من الكتاب والمراقبين إلى تجربة أرض الصومال بعد إعلان انفصالها وما حققته من سلام واستقرار باعتبارها نموذجا يحتذى وقصة نجاح حقيقية في تبني حلول ذاتية للمشكلات الوطنية على أساس المصالحة والتوفيق
"ويشير كثير من الكتاب والمراقبين إلى تجربة أرض الصومال بعد إعلان انفصالها وما حققته من سلام واستقرار باعتبارها نموذجا يحتذى وقصة نجاح حقيقية في تبني حلول ذاتية للمشكلات الوطنية. ولعل النقطة الحاسمة في التطور السياسي للإقليم في مرحلة ما بعد 1991 هي لجوء مقاتلي الحركة الوطنية الصومالية والتي تسيطر عليها عشائر الإسحاق إلى تبني سياسة المصالحة والتوفيق.
ففي مؤتمر المصالحة الأول الذي عقد في مدينة بربرة خلال الفترة من 15 إلى 27 فبراير/ شباط 1991 كان الهدف الأسمى للمجتمعين هو إعادة بناء الثقة بين عشائر الإسحاق والعشائر الشمالية الأخرى التي ارتبطت بنظام سياد بري. وقد مهد هذا المؤتمر الأول الطريق أمام المصالحة الكبرى التي أقرها مؤتمر"بوراو" خلال الفترة من 27 أبريل/ نيسان إلى 18 مايو/ آيار 1991، إذ اتفق زعماء العشائر الشمالية ومقاتلو الحركة الوطنية الصومالية بعد مداولات استمرت شهرين على ضرورة بناء مؤسسات الإقليم وتنميته من خلال فك الارتباط مع باقي أجزاء الوطن الصومالي، وهو ما يعني من الناحية العملية إعلان الاستقلال من طرف واحد.
وعلى أي حال فقد أضحت الحركة الوطنية الصومالية بزعامة عبد الرحمن أحمد على تور بمثابة جهاز الدولة الوليدة حيث منحت سلطة الإدارة الانتقالية لمدة عامين. غير أن الرئيس الانتقالي عبد الرحمن تور أظهر عجزا واضحا في قيادة الإقليم لعدة أمور لعل من أبرزها: عدم إيمان بعض قادة حزبه بفكرة الانفصال أو الخوف من تبعات إعلان الاستقلال. بالإضافة إلي ظهور الانقسامات في صفوف الحركة الوطنية الصومالية والتي اتخذت في بعض المواقف طابعا صراعيا عنيفا. عندئذ تدخلت عشائر الشمال الأخرى غير الإسحاق وأسهمت في التوصل إلى حل تفاوضي بالنسبة للمشكلات موضوع الصراع. بيد أن تشكيل مجلس زعماء العشائر "غورتي" أصبح أحد الملامح الفارقة للتطور السياسي لإقليم أرض الصومال في مرحلة ما بعد 1991.
ومن الأمور الجديرة بالاعتبار هنا انعقاد مؤتمر "بوروما" للمصالحة الوطنية والذي استمر زهاء خمسة أشهر بمشاركة خمسمائة من السياسيين وزعماء العشائر ورجال الأعمال والقادة الدينيين وممثلي جماعات المجتمع المدني. وقد أسفر المؤتمر عن انتقال سلمي للسلطة في مايو/ آيار 1993. فقد تشكلت إدارة مدنية برئاسة محمد إبراهيم عقال، وهو من الإسحاق المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، كما شغل منصب رئيس وزراء الصومال قبل انقلاب سياد بري عام 1969.
وقد استطاع مؤتمر "بوروما" أن يصل إلى صيغة توفيقية للحكم في الإقليم تأخذ بعين الاعتبار قضايا اقتسام السلطة والمطالب العشائرية ومقتضيات الديمقراطية بمفهومها الغربي. ويلاحظ أن أول دستور مكتوب للإقليم عام 2001 قد أقر هذه الصيغة الهجين لنظام الحكم. وبعد وفاة الرئيس المؤسس محمد إبراهيم عقال في مايو/ آيار 2002 أجريت انتخابات رئاسية تعددية في أبريل/ نيسان 2003 فاز بها طاهر رايلي كاهن بفارق ضئيل بلغ نحو ثمانين صوتا من إجمالي نحو نصف مليون ناخب.
ولا تزال أرض الصومال تواجه مشكلة تأجيل الانتخابات الرئاسية التي حان موعدها منذ أبريل/ نيسان العام الماضي. ويحرص مجلس زعماء العشائر الشيوخ على التأجيل حرصا على استكمال كافة الإجراءات التي تضمن نزاهة وشفافية الانتخابات القادمة.
الاعتبارات الجيوسياسية
استطاعت أرض الصومال منذ إعلان استقلالها من جانب واحد عام 1991 أن تطرح صورة مغايرة لنمطية القوالب الجامدة المتعلقة بالفشل أو المرض الصومالي. إنها إحدى قصص النجاح القليلة في شرق أفريقيا. فقد استطاعت من خلال تجربتها في المصالحة الوطنية أن تعتمد على مواردها الذاتية دون تدخل خارجي. ويكفى أن نشير إلي دور الجالية الصومالية في الشتات والتي تسهم من خلال تحويلاتها المالية بنحو (500) مليون دولار سنويا، وهو ما يشكل أكبر مصدر للحصول على العملة الصعبة في أرض الصومال.
وبرؤية مقارنة فإن جميع مؤتمرات المصالحة الوطنية في جنوب الصومال جاءت برعاية أطراف خارجية وبدعم وتمويل من جهات دولية مانحة وهو ما يجعل تأثير هذه الأطراف طاغيا ومؤثرا على مسار ومآلات المصالحة الوطنية. أما أرض الصومال فقد اهتمت ومنذ البداية بمفهوم المصالحة وبناء الثقة. ويمكن أن نشير إلي عدد من الاعتبارات ذات الأهمية الإستراتيجية التي تؤثر على طبيعة ومستقبل التطور السياسي لهذا الإقليم:
"
أهمية الموقع الإستراتيجي لأرض الصومال على خليج عدن وارتباطه بمنظومة أمن البحر الأحمر جعل البعض يغض الطرف عن مسألة المشروعية الدولية ويتعاون مع سلطات الإقليم
"أولا: أهمية الموقع الاستراتيجي على خليج عدن وارتباطه بمنظومة أمن البحر الأحمر جعل البعض يغض الطرف عن مسألة المشروعية الدولية ويتعاون مع سلطات الإقليم. وهنا يمكن أن نشير إلى طبيعة التفاعلات الإثيوبية واليمنية والأميركية مع أرض الصومال بغرض ضمان أمن الممرات البحرية قبالة السواحل الصومالية.
ثانيا: يوفر ميناء بربرة منفذا بحريا ذا أهمية إستراتيجية، وعليه فقد اقترحت بعض الدراسات التي أشرفت عليها وزارة الدفاع الأميركية ضرورة الاعتراف بأرض الصومال دولة مستقلة وذلك للتخلص من أزمة جنوب الصومال المستعصية. أي أن الإغراء الجيوسياسي قد يتفوق على الاعتبارات السياسية الضيقة التي تطرحها الدول الكبرى في ممانعتها الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة.
ثالثا: يساعد اكتشاف النفط في أرض الصومال على دعم توجهها الانفصالي، ويساعد في عملية بناء مؤسساتها الوطنية دون الحاجة إلي استجداء الأطراف الخارجية. وبالفعل بدأت إدارة الإقليم بجعل الاستثمار في قطاعها النفطي أحد الأولويات الكبرى.
ومن اللافت للنظر أن الرئيس طاهر رايلي كاهن قد زار واشنطن كما قامت مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية السابقة بزيارة أرض الصومال العام الماضي. وعليه يرى البعض أنه في ضوء تفاقم مشكلة القرصنة الدولية في المحيط الهندي واستعصاء أزمة الصومال على التسوية، قد يكون المخرج هو التعامل المباشر مع أرض الصومال باعتبارها أحد أعضاء الأسرة الدولية.
العرب ومأزق أرض الصومال
يبدو أن الخطاب الرسمي العربي أسير صياغة تقليدية متكررة منذ عام1991 والتي لا تخلو منها أجندة أي قمة عربية. إذ يتم الاكتفاء بالموقف القولي والمساندة المعنوية للصومال في محنته. إن فشل النظام العربي في إعادة ترتيب أولوياته جعله يفرط بشكل غير مبرر في مقتضيات أمنه القومي ولاسيما في مناطق الأطراف والتماس مع دول الجوار الجغرافي.
ولا أدل على ذلك الفشل والتخبط العربي من الموقف إزاء أرض الصومال. إذ تمسك الجميع بذريعة عدم مساندة الانفصال والوقوف إلى جانب وحدة الصومال. ومما زاد الطين بلة أن المجتمع المدني العربي بمؤسساته وهيئاته المختلفة غض الطرف هو الآخر عما يحدث في أرض الصومال التي طالبت العرب غير مرة بمد يد العون لها في مجالات التعليم والصحة ومحاربة الفقر وما إلى ذلك.
وربما تفيد عملية المقاربة في الموقف العربي إزاء أحداث غزة الأخيرة، بغض الطرف عن اختلاف السياق والموضوع في توضيح ما نرمي إليه. إنها تطرح إشكالية السياسي والإنساني في قضية المساعدات والعون الأهلي، فهل يمكن القول بأن مد يد العون العربي لشعب أرض الصومال يعني بالضرورة اعترافا باستقلال الإقليم!
"
الخطاب الرسمي العربي إزاء أرض الصومال يكتفي بالموقف القولي والمساندة المعنوية للصومال عموما في محنته, ويتذرع بعدم مساندة الانفصال, والمجتمع المدني العربي يغض الطرف عن تخفيف معاناة أهل أرض الصومال
"لقد حضر الرئيس طاهر رايلي وقادة المعارضة احتفالا أقيم بالعاصمة هرغيسا بمناسبة افتتاح محطة إذاعية تابعة لصوت أميركا في الإقليم. وقد جاء ذلك في إطار فعالية ثقافية بعنوان "حرية الصحافة والديمقراطية". وفي مناسبة أخرى تدخلت إسرائيل عبر سفيرها في أديس أبابا للمساعدة في إجراء عملية جراحية في القلب لأحد أطفال أرض الصومال في إسرائيل. ولعل ذلك كله يدفع بالإقليم لكي يتخلى عن توجهاته العروبية والقومية ويرتمي في أحضان أطراف غير عربية متربصة.
ومن جهة أخرى فإن إثيوبيا تقيم علاقات دبلوماسية واقتصادية بأرض الصومال حيث تستخدم ميناء بربرة في حركتها التجارية كما تقوم شركة الطيران الإثيوبية منذ عام 2001 برحلات منتظمة بين أديس أبابا وهرغيسا. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل افتتحت إثيوبيا مكتبا دبلوماسيا لها في هرجيسا رفعته عام 2006 إلى درجة السفارة. ويبدو أن المصلحة الإثيوبية تتمثل في مساندة كل من أرض الصومال وبونت لاند والحيلولة دون وجود دولة صومالية موحدة وقوية.
وعلى الرغم من أن جيبوتي شأنها شان إثيوبيا تقبل جوازات سفر أرض الصومال، ولديها علاقات أشبه بالدبلوماسية مع حكومة هرجيسا، فإن ثمة توترا يشوب العلاقة بين الطرفين نتيجة دور جيبوتي في مؤتمرات المصالحة الصومالية ودعم حكومة شيخ شريف.
وعليه فإن الجميع يتحرك في شرق أفريقيا إلا نحن العرب فنرفع لواء الصمت ونحسبه لنا وجاء.
الآفاق والسيناريوهات
إننا أمام نموذجين مختلفين من حيث التطور السياسي في مرحلة ما بعد عام 1991 في الصومال. فقد برزت أرض الصومال بتجربتها المتميزة في الحوار الوطني وبناء السلم الأهلي لتغطى على نموذج الصراع والفوضى وحرب الكل ضد الكل الذي شهدته باقي الأراضي الصومالية. وعليه فقد رأى الكثيرون إمكانية تطبيق تجربة أرض الصومال في المواقف الصراعية الأفريقية بما فيها الصومال نفسه.
وأيا كان الأمر، فإن هذه الصورة المتفائلة لمستقبل أرض الصومال تعترضها تحديات جسام لعل من أبرزها ضعف وهشاشة مؤسسات الإقليم وفقدانها الدعم والمساعدة الدولية نظرا لغياب الاعتراف الدولي.

وتطرح أزمة الانتخابات الرئاسية الحالية وتأجيلها المستمر مدى خطورة هذا التحدي. ومن جهة ثانية فإن الصراع الحدودي مع إقليم بونت لاند الذي يتمتع بحكم ذاتي قد يدفع بالطرفين إلى صراع مفتوح، وهو ما يهدد استقرار وأمن أرض الصومال ويعيد الأوضاع إلي نقطة الصفر مرة أخرى. ومن جهة ثالثة فإن عدم الاعتراف الدولي يحرم سلطات أرض الصومال من الحصول علي دعم المؤسسات السياسية والاقتصادية الدولية. إنها باختصار شديد تعيد تجربة أقاليم مثل أبخازيا وأوسيتيا ولكن في إطار واقعنا العربي والأفريقي.
وعلى ضوء ذلك يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات مستقبلية تحكم عملية التطور السياسي في إقليم أرض الصومال:
"
يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات مستقبلية تحكم عملية التطور السياسي في إقليم أرض الصومال: الأول الحصول على الاعتراف الدولي, والثاني عودة الحرب والصراع المفتوح في الإقليم, والثالث بقاء الأوضاع على ما هي عليه
"السيناريو الأول: الحصول على الاعتراف الدولي. إذ قد تدفع بعض الأطراف الدولية الفاعلة مثل الولايات المتحدة باتجاه القبول باستقلال الإقليم نظرا لأهميته الجيوسياسية . عندئذ قد يعيد الاتحاد الأفريقي النظر في سياسته الخاصة بالاعتراف من خلال القول بأن أرض الصومال تمثل تكريسا للحدود الاستعمارية. غير أن هذا الاحتمال صعب التحقيق لأنه سوف يمثل سابقة خطيرة في التفاعلات الدولية الأفريقية.
السيناريو الثاني: عودة الحرب والصراع المفتوح في الإقليم. ويمكن أن يتحقق ذلك في حالة تطور الخلاف الحدودي بين أرض الصومال وإقليم بونت لاند المجاور. ومن الملاحظ أن التوجه العام في بونت لاند الذي تقطنه أغلبية من الدارود هو المحافظة على وحدة الصومال بأي شكل من الأشكال.
السيناريو الثالث: بقاء الأوضاع على ما هي عليه. ويبدو ذلك أمرا محتملا في ظل غياب الإرادة الدولية لتسوية أزمة الصومال المستعصية، وميل كثير من الأطراف الدولية للتعامل مع أرض الصومال باعتبارها كيانا مستقلا من الناحية الواقعية.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بعد ذلك كله يتعلق بأهل الصومال الكبير. فهل يمكنهم من خلال موروثهم الحضاري والتاريخي أن يجندوا إمكاناتهم وقدراتهم الذاتية في التخطيط لبناء مستقبلهم، وجعل نموذج وحدتهم جاذبا لكافة الأطراف. هذا هو التحدي.
 
عودة
أعلى