الحروب البيلوجية في العصور القديمه
تسميم المياه الجوفية، قذف العقارب، نشر الطاعون، وارسال الحيوانات المشتعلة ليست إلا بعض من الاساليب التي استعملها الانسان في العصور الماضية، قبل 3000 عاماً.
النابالم هواشهر الاسلحة المخيفة اليوم، غير ان الاسكندر المقدوني هو اول من استعمله في عام 320 قبل ميلاد المسيح مستخدما القطران. حسب الاساطير الفارسية امر الاسكندر المقدوني ببناء 1000 حصان حديدي ممتلئ بالقطران، عندما واجه الملك الهندي بيروس وفيلته المائتين. ومن خلال عجلات حديدية تدحرجت الاحصنة على الجيش المعادي ناشرة اللهب حواليها بشكل ادى الى اظهار ساحة المعركة وكـأنها كتلة واحدة من اللهب، ليعم الفزع والرعب في جيش العدو. لقد انتصر اسكندر بالرغم من التفوق العددي عليه.
الاسطورة الاغريقية عن هركليس وهيدرا اول ذكر لحرب بيلوجية في الادب الغربي. حسب هذه الاسطورة عاشت هيدرا في الاراضي النائية من اليونان. هيدرا كانت حية سامة ذات عدة رؤوس، تستطيع النمو من جديد اذا ماجرى قطعها. هركليس استخدم سهام مطلية بالسم من اجل اجبار الحية على الخروج من مكمنها. بعد ذلك قطع رأسها ثم احرق مكانه حتى لاينمو بديل له، ليستخدم الرأس المقطوع كمصدر للسم لسهامه. لقد اصبح لديه رصيد لاينضب من السم. والحرب التي جرت بين اليونانيين والترويانير عام 1250 قبل ميلاد المسيح، استخدم به السهام المغمسة بسم الحيات. ومهما كان فأن هذه الاساطير تشير الى ان الشعوب القديمة كانت تعلم عن السموم الحيوانية والنباتية وكانت تستخدمها.
الحلم يعطي اكسير الشفاء
اعظم قائد عسكري عرفه التاريخ كان بلاشك اسكندر المقدوني الذي انتقل من انتصار الى اخر عام 326 قبل المسيح. هذا القائد وقع في أزمة بعد انتصاره على مملكة الفرس ووصوله الى مدينة قلعة هارماتيليس المنقرضة اليوم وتقع في باكستان الحالية. هنا تقابل مع 3000 جندي من رماة السهام. المؤرخ السيسيلياني (من جزيرة سيسيليا، ايطاليا اليوم) ديودوروس كتب مفصلا عن كيفية معاناة جنود الاسكندر عند اصابتهم بسهام العدو. الجندي يتشنج فورا ليصاب بعد ذلك بآلام شديدة يتبعه تقلص عضلي. الجلد يصبح بارد ورمادي. المصاب يتقيأ سائل اصفر. سائل اسود يخرج من الجرح وحول الجرح ينتشر اللون الاخضر\الاحمر الفاقع ليصاب المرء بالموت. حتى جرح طفيف يؤدي الى الموت.
عندما رأى اسكندر كيف يموت جنوده مثل الذباب تأثر تأثرا شديدا. في الليل حلم بحية تحمل بفمها نبتة. في اليوم الثاني وجد النبتة نفسها التي رآها بحلمه، ليصنع منها ضمادا لجراح احد جنرالاته، وحتى شرابا من النبتة نفسها. بفضل هذا العلاج شفي الجنرال والجنود الاخرين. والمهم ان هذا المخرج ادى الى استسلام الاعداء.
بعد 250 عاما خُطف يوليوس قيصر، الذي سيصبح قيصرا على روما، من قبل قراصنة البحرفي البحر الكاريبي. القراصنة ابحروا الى المدينة الرومانية ميليتوس وطالبوا بفدية هائلة. السجين المشهور استطاع ارسال رسالة سرية الى سكان المدينة طالبهم فيها بارسال فدية مضاعفة وكمية كبيرة من الطعام والشراب تكفي لحفلة ضخمة. لقد طلب ان يكون الشراب مضافا اليه مخدر معروف لدى الرومان يستحضر من نبتة آلرونا، وايضا جرة كبيرة يخفى فيها سيف.
القراصنة كانوا فرحين للغاية من انتصارهم بالحصول على الفدية المضاعفة الغير متوقعة. لقد بدؤا الاحتفال بالنصر وسريعا اصبحوا يتساقطون واحدا آثر الاخر الى حين جاء سكان المدينة بمراكبهم ليقتلوهم بالسيف المخفي.
الماء والطاعون
قطع الماء عن المحاصرين كان من افضل الاسلحة عبر العصور من اجل فرض الاستسلام على الاعداء، غير انه في عام 590 قبل الميلاد اضيفت اليه خطوة اخرى في اليونان، عندما قام التحالف بين المدن ضد مدينة كريستا بقطع الماء عن المدينة. كان الصراع من اجل السيطرة على ثروات آبولو. بعد قطع الماء بضعة ايام اعُيد فتحها ولكن مخلوطة مع عصير نبتة سامة. النتيجة كانت ان السكان تمرغوا من الالم واصيبوا بالاسهال الشديد ولم يعودوا يستطيعون القتال او الصمود. جنود التحالف دخلوا المدينة بدون اي قتال على الاطلاق.
غير ان اكثر الامثلة وحشية على الحرب البيلوجية ذات الخسائر الهائلة بين المدنيين، ارتكبت من قبل المنغول عام 1346 ميلادي. لقد قام المنغوليين بقذف جثة مصابة بالطاعون بواسطة المنجنيق عبر اسوار مدينة كافا (حاليا فيدوسيا في اوكرانيا). هذه الحادثة ادت الى انتشار وباء الطاعون في انحاء واسعة من اوروبا واستمر الوباء الى عام 1352 وتسبب في وفاة حوالي 25 مليون انسان.
قنابل من الحشرات
الحرب البيلوجية بدأت على الاغلب في بدايات العصر الحجري (4000-1700) قبل ميلاد المسيح على شكل خلايا النحل التي قذفت على مغارات الاعداء. هذا الاسلوب عاش فترة طويلة من العصور. كان النحل عند الرومان احد الاساليب المفضلة، اذ تقذف مجموعات النحل بواسطة المنتجنيق على تجمع الاعداء. عام 198-199 ميلادي اضطر القيصر الروماني سيبتيميوس سيفيريوس الى الغاء محاولته باحتلال بعض القلاع في اراضي مابين النهرين بسبب الحشرات. اذ ان المدافعين عن القلاع قاموا بقذف الرومان باوعية فخارية ممتلئة بالعقارب والنحل والحشرات مما يعيش عادة في الصحراء. الحشرات هاجمت الرومان بعنف حسب مذكرات المؤرخ الروماني هيروديانوس.
الثعابين كانت ايضا فعالة في الحروب الامر الذي اثبته القائد الفينيقي هانيبال عام 190-184 قبل المسيح. في احد المواقع العسكرية البحرية مع الملك يمونيس، ملك بيرغامون من اسيا الصغرى، كانت قوات هانيبال قليلة العدد، غير انه جمع الكثير من الثعابين في اواني فخارية امطرها على اسطول العدو بواسطة المناجيق. عندما اجتاحت الفوضي بحارة السفن المعادية تمكن هانيبال من الاستيلاء على سفن الاعداء.
حتى الخنازير استُخدمت في الحرب، على الاقل لمرة واحدة عندما اصبحوا "طوربيدات حية". حدث ذلك عام 270 قبل ميلاد المسيح عندما قام اليونانيون المحاصرون في مدينة ميغارا بمسح الخنازير بمراهم دهنية ثم اشعلوا النار فيها واطلقوها باتجاه الاعداء. الخنازير الصارخة والراكضة بجنون تجاه الاعداء الراكبين على الافيال، افزعت الافيال واضطرتها الى الهرب بكل الاتجاهات مما انقذ المدينة.
البحارة مشاعل حية
على الاغلب كانت عبقرية اليونان الحربية هي التي اعطت اسم "النار الاغريقية" التي استعملت فيما بعد من قبل الرومان عام 673 ميلادية ضد جيوش المسلمين. هذا السلاح اعطى الامكانية للرومان لفك سبع سنوات من الحصار على مدينة القسطنطينية (استنبول اليوم).
بواسطة ثمرة "القرع" قذف البيزنطيين النار على السفن. بحارة المسلمين تحولوا الى مشاعل حية من النار، والسفن اصبحت تحترق. يُعتقد ان حوالي 3000 بحار لقى حتفه في هذه الموقعة. مكونات النار الاغريقية كانت تحاط بسرية كبيرة، واستخدمت في البحر والبر بنجاح كبير فترة طويلة الى عام 1200، حيث اختفت طريقة الصنع للابد.
بالرغم من ان القدماء لم يكن عندهم معلومات عن الجراثيم والكيمياء كالتي نملكها اليوم إلا انهم كانوا يملكون خبرتهم من الحياة التي علمتهم ان الانسان تنتقل اليه الامراض من الحيوانات او الانسان او الحشرات. خبرتهم هي التي علمتهم ان يرموا الجثة المريضة على الاعداء وان يغطسوا الاسهم بالسم.
صناعة الاكاسير والمضادات السمية
الملك ميزريداتيس ملك البونتوس، الذي عاش عام 132-63 قبل ميلاد المسيح، كان موسوسا بالخوف من الموت بالسم. كان اعدائه كثيرين. فبالاضافة الى الرومان اعدائه التقليدين كان محاطا بالكثيرين الذين يكرهوه لشدته وقساوته وجرائمه.
ميزراتيس لايذهب للنوم اذا لم يكن حرسه بالقرب منه، وهم ليسوا من البشر بل ثور، ووعل و حصان. كان يثق بهم اكثر من البشر اذ لايسمحوا لااحد بدخول الغرفة بدون ايقاظه. في النهار كان يحيط به حكماؤه من رجال الدين "الشامان" هذه العادة التي لازالت حية حتى اليوم عند الحكام الشرقيين. كان الشامان متخصصين بالسموم.
كل يوم يأخذ الملك جرعة صغيرة من السم لمعرفتهم بأن ذلك يحمي من التسمم. ومن اجل الوصول الى ترياق شامل لكل السموم كان الملك يجري تجارب على العبيد. اولا يسمح بقرصهم من قبل الكائنات السامة، وبعد ذلك يجرعهم مختلف السوائل لرؤية مدى تأثيرها على السم. بعد هذه التجارب توصل الى افضل كوكتيل لترياق مضاد للسموم مؤلف من 54 مضاد للسم مخلوطة مع العسل، لاستعماله الشخصي.
بعد خسارة الملك ثلاث مواقع عسكرية مع الرومان حاول الانتحار بالسم، ولكن لم يمت بسبب الجرعات اليومية التي يتناولها من السم، لذلك امر احد حراسه بأن يقتله. بعد ذلك انتشر ترياقه الشهيرتحت اسم "ترياق ميزريداتيس" ليصل الى حكماء الرومان، الذين اضافوا اليه عشر مكونات جديدة من بينها حية مهروسة، والافيون.
عن:
Adrienne Mayor: Greek Fire, Poison Arrows and Scorpion Bombs: Biological and Chemical warfare in the Ancient World
تسميم المياه الجوفية، قذف العقارب، نشر الطاعون، وارسال الحيوانات المشتعلة ليست إلا بعض من الاساليب التي استعملها الانسان في العصور الماضية، قبل 3000 عاماً.
النابالم هواشهر الاسلحة المخيفة اليوم، غير ان الاسكندر المقدوني هو اول من استعمله في عام 320 قبل ميلاد المسيح مستخدما القطران. حسب الاساطير الفارسية امر الاسكندر المقدوني ببناء 1000 حصان حديدي ممتلئ بالقطران، عندما واجه الملك الهندي بيروس وفيلته المائتين. ومن خلال عجلات حديدية تدحرجت الاحصنة على الجيش المعادي ناشرة اللهب حواليها بشكل ادى الى اظهار ساحة المعركة وكـأنها كتلة واحدة من اللهب، ليعم الفزع والرعب في جيش العدو. لقد انتصر اسكندر بالرغم من التفوق العددي عليه.
الاسطورة الاغريقية عن هركليس وهيدرا اول ذكر لحرب بيلوجية في الادب الغربي. حسب هذه الاسطورة عاشت هيدرا في الاراضي النائية من اليونان. هيدرا كانت حية سامة ذات عدة رؤوس، تستطيع النمو من جديد اذا ماجرى قطعها. هركليس استخدم سهام مطلية بالسم من اجل اجبار الحية على الخروج من مكمنها. بعد ذلك قطع رأسها ثم احرق مكانه حتى لاينمو بديل له، ليستخدم الرأس المقطوع كمصدر للسم لسهامه. لقد اصبح لديه رصيد لاينضب من السم. والحرب التي جرت بين اليونانيين والترويانير عام 1250 قبل ميلاد المسيح، استخدم به السهام المغمسة بسم الحيات. ومهما كان فأن هذه الاساطير تشير الى ان الشعوب القديمة كانت تعلم عن السموم الحيوانية والنباتية وكانت تستخدمها.
الحلم يعطي اكسير الشفاء
اعظم قائد عسكري عرفه التاريخ كان بلاشك اسكندر المقدوني الذي انتقل من انتصار الى اخر عام 326 قبل المسيح. هذا القائد وقع في أزمة بعد انتصاره على مملكة الفرس ووصوله الى مدينة قلعة هارماتيليس المنقرضة اليوم وتقع في باكستان الحالية. هنا تقابل مع 3000 جندي من رماة السهام. المؤرخ السيسيلياني (من جزيرة سيسيليا، ايطاليا اليوم) ديودوروس كتب مفصلا عن كيفية معاناة جنود الاسكندر عند اصابتهم بسهام العدو. الجندي يتشنج فورا ليصاب بعد ذلك بآلام شديدة يتبعه تقلص عضلي. الجلد يصبح بارد ورمادي. المصاب يتقيأ سائل اصفر. سائل اسود يخرج من الجرح وحول الجرح ينتشر اللون الاخضر\الاحمر الفاقع ليصاب المرء بالموت. حتى جرح طفيف يؤدي الى الموت.
عندما رأى اسكندر كيف يموت جنوده مثل الذباب تأثر تأثرا شديدا. في الليل حلم بحية تحمل بفمها نبتة. في اليوم الثاني وجد النبتة نفسها التي رآها بحلمه، ليصنع منها ضمادا لجراح احد جنرالاته، وحتى شرابا من النبتة نفسها. بفضل هذا العلاج شفي الجنرال والجنود الاخرين. والمهم ان هذا المخرج ادى الى استسلام الاعداء.
بعد 250 عاما خُطف يوليوس قيصر، الذي سيصبح قيصرا على روما، من قبل قراصنة البحرفي البحر الكاريبي. القراصنة ابحروا الى المدينة الرومانية ميليتوس وطالبوا بفدية هائلة. السجين المشهور استطاع ارسال رسالة سرية الى سكان المدينة طالبهم فيها بارسال فدية مضاعفة وكمية كبيرة من الطعام والشراب تكفي لحفلة ضخمة. لقد طلب ان يكون الشراب مضافا اليه مخدر معروف لدى الرومان يستحضر من نبتة آلرونا، وايضا جرة كبيرة يخفى فيها سيف.
القراصنة كانوا فرحين للغاية من انتصارهم بالحصول على الفدية المضاعفة الغير متوقعة. لقد بدؤا الاحتفال بالنصر وسريعا اصبحوا يتساقطون واحدا آثر الاخر الى حين جاء سكان المدينة بمراكبهم ليقتلوهم بالسيف المخفي.
الماء والطاعون
قطع الماء عن المحاصرين كان من افضل الاسلحة عبر العصور من اجل فرض الاستسلام على الاعداء، غير انه في عام 590 قبل الميلاد اضيفت اليه خطوة اخرى في اليونان، عندما قام التحالف بين المدن ضد مدينة كريستا بقطع الماء عن المدينة. كان الصراع من اجل السيطرة على ثروات آبولو. بعد قطع الماء بضعة ايام اعُيد فتحها ولكن مخلوطة مع عصير نبتة سامة. النتيجة كانت ان السكان تمرغوا من الالم واصيبوا بالاسهال الشديد ولم يعودوا يستطيعون القتال او الصمود. جنود التحالف دخلوا المدينة بدون اي قتال على الاطلاق.
غير ان اكثر الامثلة وحشية على الحرب البيلوجية ذات الخسائر الهائلة بين المدنيين، ارتكبت من قبل المنغول عام 1346 ميلادي. لقد قام المنغوليين بقذف جثة مصابة بالطاعون بواسطة المنجنيق عبر اسوار مدينة كافا (حاليا فيدوسيا في اوكرانيا). هذه الحادثة ادت الى انتشار وباء الطاعون في انحاء واسعة من اوروبا واستمر الوباء الى عام 1352 وتسبب في وفاة حوالي 25 مليون انسان.
قنابل من الحشرات
الحرب البيلوجية بدأت على الاغلب في بدايات العصر الحجري (4000-1700) قبل ميلاد المسيح على شكل خلايا النحل التي قذفت على مغارات الاعداء. هذا الاسلوب عاش فترة طويلة من العصور. كان النحل عند الرومان احد الاساليب المفضلة، اذ تقذف مجموعات النحل بواسطة المنتجنيق على تجمع الاعداء. عام 198-199 ميلادي اضطر القيصر الروماني سيبتيميوس سيفيريوس الى الغاء محاولته باحتلال بعض القلاع في اراضي مابين النهرين بسبب الحشرات. اذ ان المدافعين عن القلاع قاموا بقذف الرومان باوعية فخارية ممتلئة بالعقارب والنحل والحشرات مما يعيش عادة في الصحراء. الحشرات هاجمت الرومان بعنف حسب مذكرات المؤرخ الروماني هيروديانوس.
الثعابين كانت ايضا فعالة في الحروب الامر الذي اثبته القائد الفينيقي هانيبال عام 190-184 قبل المسيح. في احد المواقع العسكرية البحرية مع الملك يمونيس، ملك بيرغامون من اسيا الصغرى، كانت قوات هانيبال قليلة العدد، غير انه جمع الكثير من الثعابين في اواني فخارية امطرها على اسطول العدو بواسطة المناجيق. عندما اجتاحت الفوضي بحارة السفن المعادية تمكن هانيبال من الاستيلاء على سفن الاعداء.
حتى الخنازير استُخدمت في الحرب، على الاقل لمرة واحدة عندما اصبحوا "طوربيدات حية". حدث ذلك عام 270 قبل ميلاد المسيح عندما قام اليونانيون المحاصرون في مدينة ميغارا بمسح الخنازير بمراهم دهنية ثم اشعلوا النار فيها واطلقوها باتجاه الاعداء. الخنازير الصارخة والراكضة بجنون تجاه الاعداء الراكبين على الافيال، افزعت الافيال واضطرتها الى الهرب بكل الاتجاهات مما انقذ المدينة.
البحارة مشاعل حية
على الاغلب كانت عبقرية اليونان الحربية هي التي اعطت اسم "النار الاغريقية" التي استعملت فيما بعد من قبل الرومان عام 673 ميلادية ضد جيوش المسلمين. هذا السلاح اعطى الامكانية للرومان لفك سبع سنوات من الحصار على مدينة القسطنطينية (استنبول اليوم).
بواسطة ثمرة "القرع" قذف البيزنطيين النار على السفن. بحارة المسلمين تحولوا الى مشاعل حية من النار، والسفن اصبحت تحترق. يُعتقد ان حوالي 3000 بحار لقى حتفه في هذه الموقعة. مكونات النار الاغريقية كانت تحاط بسرية كبيرة، واستخدمت في البحر والبر بنجاح كبير فترة طويلة الى عام 1200، حيث اختفت طريقة الصنع للابد.
بالرغم من ان القدماء لم يكن عندهم معلومات عن الجراثيم والكيمياء كالتي نملكها اليوم إلا انهم كانوا يملكون خبرتهم من الحياة التي علمتهم ان الانسان تنتقل اليه الامراض من الحيوانات او الانسان او الحشرات. خبرتهم هي التي علمتهم ان يرموا الجثة المريضة على الاعداء وان يغطسوا الاسهم بالسم.
صناعة الاكاسير والمضادات السمية
الملك ميزريداتيس ملك البونتوس، الذي عاش عام 132-63 قبل ميلاد المسيح، كان موسوسا بالخوف من الموت بالسم. كان اعدائه كثيرين. فبالاضافة الى الرومان اعدائه التقليدين كان محاطا بالكثيرين الذين يكرهوه لشدته وقساوته وجرائمه.
ميزراتيس لايذهب للنوم اذا لم يكن حرسه بالقرب منه، وهم ليسوا من البشر بل ثور، ووعل و حصان. كان يثق بهم اكثر من البشر اذ لايسمحوا لااحد بدخول الغرفة بدون ايقاظه. في النهار كان يحيط به حكماؤه من رجال الدين "الشامان" هذه العادة التي لازالت حية حتى اليوم عند الحكام الشرقيين. كان الشامان متخصصين بالسموم.
كل يوم يأخذ الملك جرعة صغيرة من السم لمعرفتهم بأن ذلك يحمي من التسمم. ومن اجل الوصول الى ترياق شامل لكل السموم كان الملك يجري تجارب على العبيد. اولا يسمح بقرصهم من قبل الكائنات السامة، وبعد ذلك يجرعهم مختلف السوائل لرؤية مدى تأثيرها على السم. بعد هذه التجارب توصل الى افضل كوكتيل لترياق مضاد للسموم مؤلف من 54 مضاد للسم مخلوطة مع العسل، لاستعماله الشخصي.
بعد خسارة الملك ثلاث مواقع عسكرية مع الرومان حاول الانتحار بالسم، ولكن لم يمت بسبب الجرعات اليومية التي يتناولها من السم، لذلك امر احد حراسه بأن يقتله. بعد ذلك انتشر ترياقه الشهيرتحت اسم "ترياق ميزريداتيس" ليصل الى حكماء الرومان، الذين اضافوا اليه عشر مكونات جديدة من بينها حية مهروسة، والافيون.
عن:
Adrienne Mayor: Greek Fire, Poison Arrows and Scorpion Bombs: Biological and Chemical warfare in the Ancient World