بسم الله الرحمن الرحيم
اطلعت علي دراسة وثائقية لاتفاقية الصبيحية وودت أن أشارك بها الإخوان وما دفعني لذلك أنني لم يكن عندي أي علم بها قبل ذلك وأيضا قلة المصادر التي تشير إليها وفي سطور بسيطة وهذه الدراسة تسلط عليها كثيرا من الضوء
وهذه الاتفاقية جاءت محصلة لانهاء الصراع بين الدولة العثمانية وبريطانيا في الخليج العربي بداية من عام 1871 بحملة مدحت باشا وانتهت بتوقيع الاتفاقية الانجلو-عثمانية 1913 ثم ترتب عليها اتفاقية الصبيحية عام 1914
وقد استغل ابن سعود مفاوضات بريطانيا والدولة العثمانية عام 1913 لتقسيم الحدود في شبه الجزيرة العربية واستولي علي الاحساء ومع ذلك وقعت الاتفاقية معتبرة ان نجد والإحساء تابعة للدولة العثمانية وأن حاكمها سنجق عثماني
واجتمع ابن سعود بالمعتمد البريطاني في الكويت سرا في الاحساءيومي15-16 ديسمبر1913 وطلب منه مساعدة بريطانيا نتيجة ما رأه منها مع الكويت والبحرين ولكن بريطانيا تخلت عنه حفاظا علي مصالحها لأن اتفاقية1913 والتي حددت أن الأراضي جنوب الكويت أرض عثمانية وأن هذا الاجتماع سيثير شكوك الدولة العثمانية ومنهنا بدأ السلطان العثماني بالدخول في مفاوضات مباشرة مع ابن سعود واستطاعت المخابرات البريطانية التوصل إلي الشروط التي حاول السلطان العثماني فرضها علي ابن سعود وهي:
1- إعادة ادخال الحاميات العثمانية إلي الإحساء وساحلها كما كان سابقا
2- تعيين القضاة والموظفين القضائيين العثمانيين بمجب فرمانات صادرة عن السلطان
3- دفع ابن سعود عوائد سنوية مقدارها 3000 جنيه عثماني
4- إحالة كل الاتصالات من الحكومات الأجنبية أو ممثليها علي السلطات العثمانية لاتخاذ ما يلزم بشأنها
5- استبعاد جميع التجار والوكلاء الأجانب من المنطقة
6- تعهد ابن سعود بعدم منح امتيازات لأية شركة أجنبية لبناء السكك الحديد أو خدمة السيارات
وهذا مقابل اعتراف السلطان العثماني بالامر الواقع في نجد والإحساء بتسمية ابن سعود متصرفا لتلك المنطفة ونتيجة لتعارض هذه الشروط مع مصالح بريطانيا خاصة البند رقم 4&5 ومن ثم قررت بريطانيا التدخل بشكل غير مباشر من خلال تغلغلهم في دوائر صنع القرار بإجراء مفاوضات غير رسمية بالاضافة لتدخل بعض الشيوخ والأعيان العرب مثل الشيخ طالب النقيب الشيخ مبارك بإشراف بريطانيا والدولة العثمانية أدت في النهاية إلي عقد اتفاقية الصبيحية وكن قبل النظر لبنودها لابد من التعرف علي ظروف عقدها داخليا وخارجيا
أولا الظروف الداخلية
1- لم تحاول الدولة العثمانية استعادة الإحساء لعدم جدواها
2- استعادة الإحساء يتطلب إرسال حملة عسكرية مما يعني ايجاد نفقات مالية ضخمة في وقت كانت الدولة العثمانية تمر بأزمة مالية خانقة وتحاول الحصول علي قروض من الدول الاوربية
3- أن إرسال حملة عسكرية صغيرة قد يؤدي إلي الفشل مما يؤثر سلبا علي سمعة الدولة العثمانية
4- في حالة نجاح هذه الحملة فغن بقاء قوات صغيرة في منطقة قبائلها قوية مثل العجمان والمطير والمرة وهم يميلون للإستقلال والثورة والمقاومة ظامر محفوف بالمخاطر
5- كان معظم الجنود الذين كانوا تحت تصرف الدولة العثمانية من العرب وخاصة العراق
6- زادت الخلافات بين العرب والاتحاديين الذين نادوا بالقومية التركية وفرض آراهم وقوميتهم علي العرب
7- تزايد الخلافات بين الدولة العثمانية وقبائل المنتق في جنوب العراق والتي كانت تعتمد عليهم الدولة العثمانية في ارسال حملاتها إلي الإحساء
8- لم تكن هناك فائدة من الإحساء فالدولة العثمانية لا تجني منها ضرائب ولا تأخذ منها جنود للخدمة العسكرية
9- كان جيش الدولة العثمانية في العراق مشغولا في ذلك الوقت بإخماد الفتن في مناطق أخري كالموصل والبصرة ضد قبائل المنتق
ثانيا الدوافع الخارجية
1- استنزاف جبهة البلقان وخروج الدولة العثمانية بخسائر كبيرة مادية وسياسية وعسكرية
2- الضغط الروسي في الشمال
3- تسوية الحدود وعقد اتفاقية 1913 & 1914 بين الدولة العثمانية وبريطانيا لاستقرار منطقة الخليج والجزيرة العربية
4- المحادثات البريطانية الألمانية لتسوية مشكلة سكة حديد بغداد
5- محادثات بين ادوارد غري وزير خارجية بريطانيا وحقي باشا وزير خارجية الدولة العثمانية لحل المشكلة
6- معارضة بريطانيا استخدام القوة العسكرية ضد ابن سعود وحثها علي ايجاد حل سلمي كما منعت حملة عسكرية لمحاصرة ميناء العقير بحجة الحفاظ علي مياه الخليج العربي
7- فشلت الدولة العثمانية في ارسال جنودا علي سفينة روسية بقيادة والي البصرة سليمان شفيق باشا إذ ما دخلت هذه القوات البصرة حتي تفشت فيها الأوبئة وتم توزيعها علي المستشفيات
وبناءا علي ذلك اتخذت الدولة العثمانية سياسة سلمية تجاه ابن سعود وبالمفاوضات حتي تم التوصل لاجتماع الصبيحية للتفاوض النهائي في ابريل 1914
وكان يمثل الوفد العثماني السيد طالب بك نقيب زاده رئيسا والبكباشي بهاء الدين بك وعمر فوزي بك رئيسي أركان بغداد والبصرة وسامي أفندي متصرف الإحساء ويرافقه محامي من البصرة ويمثل ابن سعود عبد الوهاب المنديل وعبد اللطيف المنديل وانتهت المفاوضات إلي الآتي:
1- تبقي ولاية نجد تحت حكم ابن سعود ويخلفه أبناؤه في حكمها بفرمان سلطاني شريطة أن يظل مخلصا للحكومة العثمانية
2- أن يقوم ابن سعود بتعيين موظف عسكري عثماني علي أن يكون مقره في المكان الذي يريده ابن سعود وان يستخدم مدربين عسكريين عثمانيين إن شاء
3- أن يتمركز جنود عثمانيون وجندرمة في المدن والمواني
4- أن يدير ابن سعود الجمارك والعوائد والمواني والفنارات طبقا للأنظمة العثمانية
5- يرسل إلي الأستانة عشر الايرادات المحلية والفائض من المعونة السلطانية
6- يرفع العلم العثماني علي المباني والسفن
7- أن توجه طلبات الأسلحة إليوزارة الحربية في الاستانة
8- ألا يسمح للوالي ابن سعود بالمداخلة في الشئون الخارجية أو المعاهدات الدولية أو منح امتيازات للأجانب
9- أن يكون اتصال ابن سعود بوزارتي الداخلية والحربية العثمانيتين مباشرة
10- إقامة مكاتب بريد في ولاية نجد وتكون الطوابع عثمانية
11- في حالة نشوب حربب بين الدولة العثمانية ودولة أجنبية إذا طلبت الحكومة من ابن سعود قوة تتعاون مع قواتها فعلي اعداد قوة كافية بإمداداتها ومؤنها ويستجيب للطلب في الحال حسب قوته وامكانياته
وبناءا علي هذا الإتفاق صدر فرمان عثماني في 8يوليو 1914 منح فيه ابن سعود لقب باشا ووالي نجد والأحساء وأنه يمنحه سلطة تجنيد الجنود وتسليحهم والمحافظة علي الأمن والنظام وإجراء العدل بين القبائل واكتسلب ولائها للسلطان العثماني