العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر

الشبح

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
9 مارس 2008
المشاركات
6,967
التفاعل
25,919 131 0
الدولة
Morocco
1 - العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر

تطرح العلاقات المغربية العثمانية إشكالية مزدوجة فمن جهة:

هناك قلة المصادر و التي يوجد غالبها في الأرشيف العثماني، ومن جهة ثانية نوع المقاربة التي يمكن تبنيها من أجل فهم هذه العلاقات.1

إن علاقات المغرب مع الدولة العثمانية تكتسي أهمية خاصة، باعتبار أن المغرب ظل البلد الوحيد من بلدان العالم العربي الذي أفلت من الخضوع للإمبراطورية التركية2، كما أن المغرب كان يمثل مسرحا للصراع بين المسيحية ممثلة في الدول الأوربية، والإسلام ممثلا في دولة الخلافة العثمانية 3.

وتزداد أهمية العلاقة المغربية العثمانية بالنظر إلى التقارب المذهبي والديني الذي ميز الطرفين (الانتماء إلى المذهب السني).

كيف يمكن إدراك هذه العلاقات الغنية والمعقدة إلى درجة التناقض؟ والتي تشوبها أحيانا صراعات لكن تفضي أحيانا أخرى إلى نوع من الثقة المتبادلة5 ؟وما هي الميكانيزمات التي تحكمت في هذه التناقضات؟وكيف تطورت العلاقات بين الطرفين ؟.

لا يمكن فهم طبيعة العلاقات المغربية العثمانية إلا في ظل نوعية العلاقات التي ربطت دار الإسلام / دار الإسلام6، فالمغرب والدولة العثمانية ينتميان إلى نفس المنظومة الدينية والمذهبية (إسلامية سنية) وهو الأمر الذي يعطي لموضوع العلاقات المغربية العثمانية تميزا عن نوعية العلاقات التي جمعته مع الدول الأوربية.7

وإذا كان كل من الشرفاء المغاربة والعثمانيين اكتسبوا حظوة ونفوذا على أساس قيامهما بالجهاد ضد الكافر، فقد حاول كل طرف فرض هيمنته على الطرف الآخر تحت هذا الشعار، لكن الفرق هو أن العثمانيين بفضل ما توفر لهم من موارد وإمكانات دخلوا عالم الإمبراطوريات بخلاف المغرب، فالدولة العثمانية استطاعت أن ترقى إلى المستوى الآخر الأوربي، وظل المغرب حبيس مشاكله الداخلية، ويبقى السؤال المطروح هو لماذا لم تعمل الإمبراطورية العثمانية على إخضاع المغرب بدعوى وحدة الأمة؟.

هل الأمر يتعلق بما يفرضه الامتثال للشريعة الإسلامية، والمتمثل في أن الفتح لا يمكن أن يشمل دار الإسلام وأن الحرب لا يمكن أن تكون موجهة سوى ضد الكفار كما ذهب إلى ذلك الأستاذ بنحادة، والحال أن المغرب الاقصى بلد إسلامي8 أم أن الأمر تحكمت فيه عوامل أخرى؟

للجواب على هذه الإشكالية لابد من العودة إلى أواخر القرن الخامس عشر، حيث عرف عالم البحر الأبيض المتوسط مرحلة مهمة جدا تجلت في بدء التفوق الأوربي في مجال التقنيات الحربية والبحرية، وهو الأمر الذي ساهم في تغيير ميزان القوى بين الضفتين دار الإسلام ودار الحرب.9

وكان من نتائج هذا التفوق احتلال الإسبان والبرتغاليين للسواحل الأطلسية والمتوسطية في الشمال الإفريقى وإذا كان المغرب قد استطاع التصدي للحملة الإيبرية على شواطئه بفضل الدولة السعدية الناشئة، فان بلدان شمال إفريقيا الأخرى اختارت حلا مغايرا تجلى في استقدام قوة خارجية عن البلاد وهي القوة التركية، فأمام الصعوبات التي وجدها عروج بعد فشله في استخلاص قلعة الجزائر بعث بوفد إلى استانبول سنة 1519 محملا بالهدايا والبيعة للسلطان سليم الأول هذه البيعة التي لم يتردد السلطان العثماني في قبولها لأنها فتحت الطريق لهم بسهولة للوصول إلى الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط .10

ومقابل البيعة المذكورة تم تعيين خير الدين بعد مقتل أخيه عروج حاكما على جزائر الغرب، ومن ثم أصبحت شرعية الحاكم في الجزائر مرتبطة بالباب العالي11.

ومن هنا يمكننا القول أن البدايات الأولى للعثمانيين بالشمال الإفريقي كانت نتيجة عملية الاستنجاد المقرونة بالبيعة الطوعية، وليست ناتجة عن الحرب والغزو، فالإدارة العثمانية لم يكن في نيتها ضم شمال إفريقيا بالقوة لأسباب مالية وعسكرية وطبيعية.

وبعد ضم خير الدين بمساعدة الأتراك تونس، بقي المغرب البلد الوحيد في الغرب الإسلامي الذي أفلت من التبعية العثمانية، ومن ثم يمكن تفسير طابع التوتر والحذر الذي ميز علاقات الدولتين .12

لقد أملت الوضعية السابقة الذكر على السلاطين المغاربة نهج سياسة لم تراعي كثيرا وضعية الانتماء لنفس الدار، لكن السياسة التي تمكن المغرب من الحفاظ على استقلاله عن الأتراك، ومن ثم تراوحت هذه العلاقة بين الحدة والتوتر من جهة، وبين التقارب والتعاون من جهة أخرى 13.

ونشير هنا إلى أن العثمانيين حاولوا منذ البداية إتباع سياسة الاحتواء اتجاه السلاطين السعديين الأوائل، وهذا ما تؤكده مضامين الرسائل العثمانية التي كانت تجس نبض هؤلاء من خلال طبيعة المخاطبة التي لم تكن تحمل أكثر من صفة لحاكم ولاية فاس، وهو ما كان يعتبر من منظور العثمانيين أن المغرب ولاية تابعة لهم14، ويتجلى ذلك أيضا في السفارة العثمانية إلى محمد الشيخ حين اقترحت عليه المساعدة لمحاربة المسيحيين مقابل الخطبة باسم السلطان العثماني15، والتي إن تحققت تعني ضمنيا تبعية المغرب للباب العالي.

ولعل هذه المحاولات العثمانية تنم عن وسيلة ذكية كانت تتوخى من ورائها تكرار النموذج الجزائري بالمغرب وهو ما رفضه السلطان المغربي، مما أغضب الباب العالي الذي دبر مؤامرة اغتياله.

وقد تريث العثمانيون خلال فترة حكم السلطان عبد الله الغالب، إذ رفضوا دعم أخيه عبد الملك السعدي(1576/1578) الذي التجأ إلى الأراضي الجزائرية ( إني لا أعينك على فتنة المسلمين ...).

وقد تحكمت في مواقف عبد الله الغالب( 1557/1574) معطيات الصراع العثماني الأوربي، لكن وفاته جاءت قبل أن تكتمل سفارته إلى استانبول بقيادة التمكروتي16، ولعل وعي العثمانيين أدى بهم إلى المراهنة على التدخل في الصراع الداخلي لصالح عبد الملك ضد المتوكل(1574/1576)، فدعموه بحملة انتهت بدخوله فاس، وفرار المتوكل الذي لجأ إلى نجدة الملك البرتغالي .

وقد أغدق عبد الملك على الأتراك أموالا كثيرة، وحملهم بأنواع من الهدايا مكافأة لهم، كما استمر في بعث الهدايا إلى العاصمة القسطنطينية، وكان يلقي الخطبة باسم السلطان العثماني، ويسك النقود باسمه، وهذه كلها مظاهر تؤكد التبعية للباب العالي، كما أن الرسائل العثمانية للسلطان عبد الملك كانت تحضه على الجهاد والتعاون مع أمير ايالة الجزائر17، وقد ظل الباب العالي مساندا لعبد الملك السعدي، وهو ما يتجلى في مشاركة الأتراك في معركة واد المخازن بغض النظر عن طبيعة وحجم هذه المشاركة.

لكن سرعان ما ستتغير الوضعية بعد انتصار السعديين في معركة واد المخازن، فرغم أن المنصور (1578/1603) استمر في بعث الهدايا إلى الباب العالي، فقد دشن من جهة ملامح سياسة تختلف عن سابقه، فقد تلقب بالخليفة وأصبحت الخطبة تلقى باسمه، وكان هذا تأكيدا من احمد المنصور على استقلالية المغرب عن الباب العالي18.

وقد استغل احمد المنصور الأوضاع الدولية لصالحه، ولعب بالورقة الاسبانية الرابحة، وهو الشيء الذي فطن له سيلفا الذي بعث رسالة إلى الملك فيليب الثاني سنة 1583 يقول فيها( إن إمبراطور المغرب يسخر منا فهو متأرجح بين مصانعتنا ومصانعة الأتراك، فعندما يطالبه صاحب الجلالة بالعرائش يقول هيا بنا إلى الجزائر، وعندما يهدده الأتراك يقول هيا بنا إلى اسبانيا)19.

ولا شك أن التخوف العثماني من إمكانية قيام تحالف سعدي اسباني يعتبر في نظرنا من الأسباب التي جعلت العثمانيين لم يسعوا بتاتا إلى القيام بغزو شامل للمغرب، والدخول في مغامرة ليست مضمونة النتائج، خصوصا مع الوعي العثماني بان القوى الأوربية لن تقف صامتة إزاء مثل هذا المشروع الذي يهدد طموحاتها في السيطرة على الموارد الإفريقية انطلاقا من السواحل الأطلسية، كما نعتقد أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسمح الأوربيون لقوة بحرية واحدة بالسيطرة على منافذ الطرق التجارية المتوسطية والأطلسية في آن واحد.

كما أن بعد مسافة المغرب الأقصى عن استانبول ووعورة تضاريس المنطقة وحتمية التحالف المغربي الأوروبي في مثل هذه الحالة قد يجعل المهمة صعبة إن لم نقل مستحيلة.

كما أن هذه الفترة تزامنت مع بداية التراجع العثماني عن مخططاتها التوسعية في غرب البحر الأبيض المتوسط خصوصا بعد فشل حملة مالطا، وتولي سليم الثاني(1566/1574) السلطة، حيث بدأ العثمانيون عزوفا عن المجابهات مع الأوربيين وتوجهوا شرق الإمبراطورية20، ولعل ما يبرز هذا التراجع عدم تلقي المورسكيين أثناء محنتهم بالأندلس أي مساندة عثمانية خلال سنة 1568م، فقد كانوا منشغلين بحملة قبرص.

وقد ازداد هذا التراجع بعد حملة ليبانتو الفاشلة سنة1571م على البندقية، فقد شكلت هذه المعركة بداية نهاية التفوق العثماني في حوض البحر الأبيض المتوسـط، وإن استطاعت الدولة العثمانية إعادة هيبتها عبـر انتصارها في حلق الوادي فإنها اعتمدت في ذلك على الدعم المحلي الكبير للجزائريين والتونسيين21.

ولا شك أن المواجهات الثلاث السابقة قد استنزفت إلى حد كبير الدولة العثمانية ماديا وعسكريا، فكانت مضطرة إلى الدخول في مفاوضات مع اسبانيا لتحقيق الهدنة (وهذا ما حصل) والتفرغ لمواجهة الصفويين والروس والثورات الداخلية.

هذه الهدنة مع الأسبان أدت إلى تخفيف الحدة بين الطرفين، وهو ما يعني استحالة التصعيد العثماني بالتفكير في غزو المغرب.

وساهمت هذه الهدنة من جانب آخر في توتر العلاقات بين ولايات الشمال الافريقى عموما والسلطة المركزية العثمانية، إذ يبدو أن الولاة الجزائريين لم يكونوا راضين على هذه الهدنة، ويتجلى ذلك في استمرار تحرشاتهم ضد السفن الاسبانية في البحر الأبيض المتوسط وامتناعهم عن أداء مستحقاتهم المالية لاستانبول22. وهو الأمر الذي دعا إلى إقرار تجزيء ولايات الشمال الإفريقي، ومع ذلك ظلت التوترات مستمرة بينهما.

يمكن القول أن السلام العثماني الاسباني خدم بشكل كبير النزعة الاستقلالية في بلدان شمال إفريقيا التابعة للباب العالي .

لا شك أن الظروف السابقة والتي تزامنت مع مشاكل العثمانيين على الواجهة الصفوية وعلى واجهة أوروبا الشرقية، توضح أن غزو المغرب لم يكن ليحقق أي نفع للدولة العثمانية سوى إلحاق مزيد من الاستنزاف والضرر بها.

في ظل المعطيات المذكورة يمكننا التأكيد أن الرهان العثماني حول ضم المغرب كان يتوخى النموذج الجزائري، أي أن الباب العالي كان يسعى إلى أخذها برغبة ومباركة من السلاطين المغاربة وهو ما لم يحصل أبدا .

وبالمقابل ألا يمكننا الحديث عن أطماع للشرفاء السعديين ومن بعدهم العلويين في التوسع على حساب الأراضي التركية بالمغرب الأوسط ، خاصة وأن الشريف السعدي كان قد نظم حملات وصلت إلى حد تلمسان، الأمر الذي أدى بالأتراك العثمانيين إلى نهج خطاب المهادنة (عزل أمير الجزائر)، ألا يفسر هذا الخطاب التخوف العثماني من خطر التوسع السعدي؟.

أليست فكرة رسم الحدود بين البلدين والتي طرحها العثمانيون تدخل في إطار هذا التخوف؟ وكيف لا تتناقض فكرة الحدود مع الأعراف التي يؤطرها مبدأ وحدة دارا لإسلام ؟

والى أي حد تجيب مسألة الحدود التي طرحها العثمانيون على إشكالية عدم ضم الأتراك للمغرب!؟ بمعنى آخر أن من يطرح مسألة الحدود لا يمكن أن يفكر في الغزو؟ .

تؤكد مجموعة من الكتابات التاريخية أن فكرة الحدود السياسية دخيلة على المنطقة المغاربية، وأن الفهم الذي كان سائدا خلال هذه الفترة هو أن دار الإسلام مجال جغرافي وفضاء حضاري يحق للمسلم أن يستوطن في مختلف جهاته، و أن الحدود لا يمكن أن تكون إلا بين دار الإسلام ودار الحرب23.

فإلى أي حد يمكن اعتبار فكرة ترسيم الحدود سلوكا جديدا في تاريخ العلاقات المغربية العثمانية؟

لقد كان الباب العالي يتخوف كثيرا من مسألة التوسع المغربي على الواجهة الغربية الجزائرية، خصوصا وأنهم يتمتعون بالشرعية الجهادية التي منحتهم تعاطفا من القبائل الجزائرية، بالإضافة إلى شرعية النسب الشريف الذي أعطاهم الأولوية لدى العامة.

لذا حرص العثمانيون على عنصر الحدود، فكيف تم إقرار هذا العنصر في العلاقات المغربية بالأتراك في المغرب الأقصى ؟ .

لقد كان المغرب دائما يسعى إلى توسيع نفوذه شرقا، وهذا ما تجلى في كثرة الحملات العسكرية خصوصا في بدايات الحكم العلوي، وهو ما كانت السلطة التركية على وعي كبير به، لذلك كان الأتراك هم السباقين لطرح مسألة الحدود بين الطرفين، متجاوزين بذلك الفكرة السائدة عن رفض الإسلام تقسيم تراب البلدان الإسلامية، وقد استطاعت البعثة التركية إقناع الشريف محمد العلوي (1636/1664) بفكرة رسم الحدود بين المغرب والولاية التركية، وانتزعوا منه أول تعهد مكتوب بذلك، لكن الملوك العلويين ظلوا مقتنعين بإمكانية ضم مناطق على الواجهة الشرقية، وهو ما تجلى في كثرة الحملات خصوصا في عهد المولى الرشيد (1666/1672) والمولى إسماعيل (1672/1727)، في حين لوح الأتراك الجزائريون بورقة الحدود، واعتمدوها كسبيل لإيقاف هذه التهديدات23.

ويوحي التمسك التركي بواد تافنا كحد فاصل بين الطرفين اعتبار هؤلاء الاتفاق مع المولى محمد حجة قانونية أشهروها في وجه المولى إسماعيل 24.

خلاصة الأمر يمكننا القول أن الأتراك حاولوا منذ العهد السعدي تطويق موقف الشرفاء بخطة الحدود المرسومة، حتى يمكن حصر نفوذهم بالمغرب الأقصى، وإن كانوا فشلوا في بداية الأمر مع السعديين فإنهم نجحوا مع العلويين.

والواقع أن طموحات الشرفاء كانت تهدف إلى إحياء مشروع الإمبراطورية الموحدية الكبرى وقد يكون إحساسهم بالانتماء لآل البيت الدافع الأساسي لهذا المشروع وهو الأحقية في الخلافة الإسلامية...ولعل هذا ما جعل البعض يعتبر الصراع بين السعديين والعثمانيين صراعا حول الخلافة فهي تتجاوز بذلك مسألة الحدود .25

فالعماري يرى أن الخلاف بين الشرفاء والأتراك لم يكن في عمقه يدور حول مشكلة الحدود، وإنما كان يدور حول مسالتين أساسيتين:

أولا: أحقية الخلافة التي كان السعديون والعلويين يعتبرون أنفسهم أحق بها من الأتراك وينظرون إلى هؤلاء كمغتصبين للخلافة.

ثانيا: وحدة المغرب العربي التي كانت تبدو ضرورة تاريخية وقومية.26

لقد كانت السلطة العثمانية على وعي بهذين المبدأين....لذلك حاول الأتراك تطويق موقف الشرفاء بخطة سياسة الحدود.

وهذا يعني أن العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين تحكم فيها بقوة الصراع حول أحقية الخلافة، فالعثمانيون امتلكوا مفاتيح الكعبة بتأييد شريف مكة أبو البركات27، فأصبح السلطان حامي الحرمين الشريفين وراعيا للحجاج المسلمين، بالإضافة إلى ذلك أصبحت الدولة العثمانية الحامل لراية الجهاد خصوصا بعد عجز المماليك عن مواجهة الإفرنج فتقوضت بذلك زعامتهم نهائيا كحماة للإسلام28.

ومن هنا اكتسب العثمانيون أحقية الزعامة والقيادة، ومنحهم ذلك تأييد الزعامات المحلية في غالبية البلاد العربية، ومنها المغرب وهكذا نجد على سبيل المثال الفقيه ابن أبي محلي يصف السلطان أحمد العثماني بملك البحرين وإمام الحرمين الشريفين، ويرى في العثمانيين عصابة الجهاد في الحروب ولذلك استنفرهم للجهاد ضد من كان يسميهم عبدة الصليب،29 كما أن الحجري أيضا خصص للأتراك مكانة متميزة في رحلته(ناصر الدين على القوم الكافرين ) إذ تحدث بإعجاب كبير عن دولتهم ودورهم في صيانة دار الإسلام، واعتبرهم القوة الوحيدة القادرة على مواجهة المد الأوربي ( وكل واحد من السلاطين النصارى يرتعد ويخاف من سلاطين الإسلام والدين المجاهدين في سبيل رب العالمين ....وهم السلاطين الفضلا العظما ..العثمانيون التركيون ..).30

وإذ كان السلاطين المغاربة يشتركون مع العثمانيين في القيام بواجب الجهاد، فإنهم ارتكزوا على النسب الشريف الذي له دلالة خاصة في مسألة شرعية الخلافة، لكن التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة هو لماذا كان السلاطين الأشراف يلجئون في بعض الأحيان إلى الدعاء للعثمانيين على المنابر؟ ومن ثم نتساءل هل كان هذا الاعتراف وسيلة لقطع الطريق على أي تدخل عثماني محتمل؟ أم أنه ناجم عن قناعة حقيقية بوجوب وحدة دار الإسلام . ؟

إن الصراع حول الخلافة تحكم في كثير من الأحيان في نوعية العلاقات بين الطرفين إلى حد كبير ونذكر على سبيل المثال:

* اتخاذ المنصور لقب الخليفة وأمير المؤمنين بعد توليه السلطة، مما أثار حفيظة العثمانيين خاصة عندما استقبل سفارة من ملك بورنو إدريس ألوما الذي بحث عن دعم عسكري لمواجهة أعدائه الصونغاي. يقول المؤرخ الفشتالي :

" … ورد الرسول(من ملك بورنو)...إلى الأبواب العلية المشرفة، فوافق أمير المؤمنين بحضرته العلية مراكش دار الخلافة، فأزاح اللبس وبين الغرض، فصدع لهم أمير المؤمنين … وطالبهم بالمبايعة له والدخول في دعوته المباركة التي أوجب الله عليهم … وقرر لهم … أن الجهاد الذي ينقلونه ويظهرون الميل إليه، لا يتم لهم فرصة ولا يكتب إليهم عمله، ما لم يستندوا في أمرهم إلى إمام الجماعة الذي اختصه الله إلى يوم الدين بوصفه الشريف … وعلق لهم أيده الله الإمداد على الوفاء بهذا الشرط فالتزمه الرسول" وموازاة مع ذلك قام الأتراك بتقديم الدعم العسكري لإمبراطورية الصونغاي، وهذا لا شك يدخل في إطار الصراع الخفي حول الخلافة و أحقية زعامة العالم الإسلامي .31

ونجد هذا الصراع الخفي حتى في رحلة سفير السعدييين التمكروتي التي دونها بعد سفارته إلى استانبول، إذ يقول (والترك جاروا على أهل تلك البلاد وأفسدوها، وضيقوا على أهلها في أرضهم وديارهم وأموالهم..إلى غير ذلك من الذل و الإهانة ..هذا وأهل افريقية...في كثرة اشتياقهم وحنينهم إلى حكم موالينا الشرفاء، تالله لقد كنا من تحدثنا معه من خيار أهل تونس وأعيان مصر الذين لقيناهم بالقسطنطينية يبكون على ذلك ...ويودون لو وجدوا سبيلا إلى الانتقال إلى المغرب والتخلص إليه لاشتروه بالدنيا وما فيها ..)32

إن هذا الموقف يوضح ما كان بين الكيانين من تنافس وصراع حول ولايات الشمال الإفريقي، وكان خطاب التمكروتي أكثر وضوحا في مسألة الأحقية في الخلافة، يقول( والعثمانيون من جملة..الموالي الذين دافع الله بهم على المسلمين، وجعلهم حصنا وسورا للإسلام،، وإن كان أكثرهم وأكثر أتباعهم ممن يصدق عليه قوله صلى الله عليه وسلم "إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر" وإنما كانوا حملوا الإمارة وقلدوا الأمر في الحقيقة نيابة وأمانة يؤدونها إلى من هو أحق بها .. وهم موالينا الشرفاء ملوك بلاد المغرب الذين شرفت بهم الإمامة والخلافة، وكل مسلم لا يقول عكس هذا ولا خلافه .. وقد اجتمع المسلمون على أن الإمامة لا تنعقد إلا لمن هو من صحيح قريش، لقوله صلى الله عليه وسلم "الخلافة في قريش" وكون ملوك المغرب أولى بهم من غيرهم)33

من هذه النصوص نستنتج أن التمكروتي لم ينكر دور العثمانيين في نشر الإسلام، لكنه ينتقل إلى مستوى ثان في التحليل، وهو أن العثمانيين جائرون لم يلتزموا العدل بين الرعية، ثم ينتقل إلى المقصود وهو من الأحق بالخلافة؟

فالتمكروتى كفقيه كان واعيا بضرورة التبعية لسلطة سياسية واحدة وهي الخلافة الإسلامية التي كان يراها من حق الشرفاء السعديين وحدهم.34

ولعل مسألة تشوف سكان شمال إفريقيا إلى حكم شرفاء المغرب تثير أكثر من سؤال، فإذا كان الأمر كذلك يتساءل الدكتور الغاشى لماذا لم يتوجه سكان هذه المناطق إلى طلب التدخل المغربي بدل التدخل العثماني لمواجهة الغزو الايبري ؟ ثم هل يتطابق تصريح التمكروتي مع أهداف وحقيقة مهمته الدبلوماسية ؟ 35

ولعل هذا ما دفع الدكتور حسن إبراهيم شحادة إلى الاعتقاد بان الرحلة كانت تعكس العلاقات المغربية العثمانية خلال فترة حكم المولى إسماعيل والتي تزامنت مع فترة كتابة النسخة المتداولة حاليا، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد بان الرحلة قد خضعت لبعض التغييرات.36

ومهما يكن فان هذا يعكس بوضوح الصراع الخفي حول موضوع شرعية الخلافة بين العثمانيين والمغاربة.
 
رد: العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر

لكن لي ملاحظة

الجزائر وان كانت تابعة اسميا للباب العالي الا انها استفادت من تحرير كامل سواحلها من الاسبان بفضل المساعدات التركية مع العلم ان بابا عروج لم يكن من التابعية العثمانية وانما فكر في بيعة السلطان الركي لما احس بالعجز عن مقاعرة الاسبان
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
رد: العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر

اتمنا ان يتم مناقشة الموضوع بعيد عن الاستفزاز
هذا الموضوع يعكس بعض كلام المؤرخين الذين انو يعتبرون الدولة العثمانية دولة محتلة واحتلت شمال افريقيا
 
رد: العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر

و الله يا اخواني الموضوع لا يتحدث ابدا عن احتلال..بل بالعكس يؤكد على ان دول شمال افريقيا هي من استنجدت بالاتراك لحمايتهم ..
 
رد: العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر

لكن لي ملاحظة

الجزائر وان كانت تابعة اسميا للباب العالي الا انها استفادت من تحرير كامل سواحلها من الاسبان بفضل المساعدات التركية مع العلم ان بابا عروج لم يكن من التابعية العثمانية وانما فكر في بيعة السلطان الركي لما احس بالعجز عن مقاعرة الاسبان

التبعية كانت نسبية لان الدول التابعة للخلافة كانت تتمتع باستقلال ذاتي..
اقترح عليك اخي الكريم قرائة هذا الموضوع عن السياسة العثمانية تجاه الاحتلال الفرنسي للجزائر
 
رد: العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر

هناك كذالك معلومات لا يعرفها عدد من المغاربة وهي ان (الوطاسيين) رغم انهم كانو من اضعف الدول التي حكمت المغرب (الجزء الشمالي فقط) كانوا يخطبون في المنابر للخليفة العثماني و يضربون السكة باسمه..وكذاك فعل السلطان عبد الملك حينما استولى على حكم ابن اخيه الخائن (المتوكل) .
 
رد: العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر

ويقال ان السعديين منعوا الاسطول العثماني من المرور الى الاطلسي والوصول الى امريكا التي كانت تسمى في الخرائط العثمانية بولاية انتيليا antilia velayet
 
رد: العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر

ويقال ان السعديين منعوا الاسطول العثماني من المرور الى الاطلسي والوصول الى امريكا التي كانت تسمى في الخرائط العثمانية بولاية انتيليا antilia velayet

نعم يا اخي يقال..لكن لا اظن ان ذالك صحيح..
لان المغاربة كانوا يفضلون وضع يدهم في يد الاتراك لانهم مسلمون سنييون مثلهم افضل ان يضعوها في يد اسبانيا و ارووبا المسيحية
 
الدولة العثمانية دولة اسلامية سنية يكفينها فخرا وقوفها بوجه البرتغاليين الذين ارادو احتلال الحرم المكي الشريف
 
بالفعل كنت دائما أتسائل عن السبب الرئيسي وراء عدم امتداد الامبراطورية العثمانية الى المغرب الأقصى أن ذاك
هل معركة واد المخازن وسمعتها على المغرب أم أنه هذا الأخير كان دولة قوية و متلاحمة ويصعب ضمها ؟
لكن يبقى الأمر غير محدد
شكرا مرة أخرى على مجهوداتك الجبارة
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
بالفعل كنت دائما أتسائل عن السبب الرئيسي وراء عدم امتداد الامبراطورية العثمانية الى المغرب الأقصى أن ذاك
هل معركة واد المخازن وصمعتها على المغرب أم أنه هذا الأخير كان دولة قوية و متلاحمة ويصعب ضمها ؟
لكن يبقى الأمر غير محدد
شكرا مرة أخرى على مجهوداتك الجبارة

الأمر فصله ابن خلدون في نشوء الدول و توسعها
الدولة العثمانية بوصولها الى تلمسان فقدت القدرة الى التمدد لأنها وصلت لاقصى اتساعها ولم تكسب اي ارض جديدة بعد نهاية حكم سليمان القانوني
 
الأمر فصله ابن خلدون في نشوء الدول و توسعها
الدولة العثمانية بوصولها الى تلمسان فقدت القدرة الى التمدد لأنها وصلت لاقصى اتساعها ولم تكسب اي ارض جديدة بعد نهاية حكم سليمان القانوني

تلخيص السبب فيما ذكرت انتقاص من المغاربة .. الاتراك فعلوا كل ما بوسعهم من اجل (ضم) المغرب الى الخلافة و احتلوا العاصمة فاس مرتين و حينما فشلوا عسكريا راهنوا على السياسة حينما دعمو عبد الملك و احمد المنصور ضد بن اخيهما المتوكل .. لكن حينما وطد احمد المنصور دعائم ملكه صار يلعب على الحبلين من اجل المافظة على استقلال المغرب
ما لا يفهمه الكثيرون من الاخوة هو ان مفهوم (الاستقلال الوطني) مفهوم متجذر في المغرب و ليس وليد50 سنة أو 60 سنة أو حتى مئة سنة .. ومن لا يصدق ما عليه الا ان يقرأ رسالة السلطان عبد الحفيظ الى الفرنسين قبيل توقيع الحماية و لذلك يقول المؤرخون ان بلدين في العالم العربي فقط من يتوفر فيهما مبدأ (الدولة/ الأمة) هما المغرب و مصر
 
التعديل الأخير:
1 - العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر

تطرح العلاقات المغربية العثمانية إشكالية مزدوجة فمن جهة:

هناك قلة المصادر و التي يوجد غالبها في الأرشيف العثماني، ومن جهة ثانية نوع المقاربة التي يمكن تبنيها من أجل فهم هذه العلاقات.1

إن علاقات المغرب مع الدولة العثمانية تكتسي أهمية خاصة، باعتبار أن المغرب ظل البلد الوحيد من بلدان العالم العربي الذي أفلت من الخضوع للإمبراطورية التركية2، كما أن المغرب كان يمثل مسرحا للصراع بين المسيحية ممثلة في الدول الأوربية، والإسلام ممثلا في دولة الخلافة العثمانية 3.

وتزداد أهمية العلاقة المغربية العثمانية بالنظر إلى التقارب المذهبي والديني الذي ميز الطرفين (الانتماء إلى المذهب السني).

كيف يمكن إدراك هذه العلاقات الغنية والمعقدة إلى درجة التناقض؟ والتي تشوبها أحيانا صراعات لكن تفضي أحيانا أخرى إلى نوع من الثقة المتبادلة5 ؟وما هي الميكانيزمات التي تحكمت في هذه التناقضات؟وكيف تطورت العلاقات بين الطرفين ؟.

لا يمكن فهم طبيعة العلاقات المغربية العثمانية إلا في ظل نوعية العلاقات التي ربطت دار الإسلام / دار الإسلام6، فالمغرب والدولة العثمانية ينتميان إلى نفس المنظومة الدينية والمذهبية (إسلامية سنية) وهو الأمر الذي يعطي لموضوع العلاقات المغربية العثمانية تميزا عن نوعية العلاقات التي جمعته مع الدول الأوربية.7

وإذا كان كل من الشرفاء المغاربة والعثمانيين اكتسبوا حظوة ونفوذا على أساس قيامهما بالجهاد ضد الكافر، فقد حاول كل طرف فرض هيمنته على الطرف الآخر تحت هذا الشعار، لكن الفرق هو أن العثمانيين بفضل ما توفر لهم من موارد وإمكانات دخلوا عالم الإمبراطوريات بخلاف المغرب، فالدولة العثمانية استطاعت أن ترقى إلى المستوى الآخر الأوربي، وظل المغرب حبيس مشاكله الداخلية، ويبقى السؤال المطروح هو لماذا لم تعمل الإمبراطورية العثمانية على إخضاع المغرب بدعوى وحدة الأمة؟.

هل الأمر يتعلق بما يفرضه الامتثال للشريعة الإسلامية، والمتمثل في أن الفتح لا يمكن أن يشمل دار الإسلام وأن الحرب لا يمكن أن تكون موجهة سوى ضد الكفار كما ذهب إلى ذلك الأستاذ بنحادة، والحال أن المغرب الاقصى بلد إسلامي8 أم أن الأمر تحكمت فيه عوامل أخرى؟

للجواب على هذه الإشكالية لابد من العودة إلى أواخر القرن الخامس عشر، حيث عرف عالم البحر الأبيض المتوسط مرحلة مهمة جدا تجلت في بدء التفوق الأوربي في مجال التقنيات الحربية والبحرية، وهو الأمر الذي ساهم في تغيير ميزان القوى بين الضفتين دار الإسلام ودار الحرب.9

وكان من نتائج هذا التفوق احتلال الإسبان والبرتغاليين للسواحل الأطلسية والمتوسطية في الشمال الإفريقى وإذا كان المغرب قد استطاع التصدي للحملة الإيبرية على شواطئه بفضل الدولة السعدية الناشئة، فان بلدان شمال إفريقيا الأخرى اختارت حلا مغايرا تجلى في استقدام قوة خارجية عن البلاد وهي القوة التركية، فأمام الصعوبات التي وجدها عروج بعد فشله في استخلاص قلعة الجزائر بعث بوفد إلى استانبول سنة 1519 محملا بالهدايا والبيعة للسلطان سليم الأول هذه البيعة التي لم يتردد السلطان العثماني في قبولها لأنها فتحت الطريق لهم بسهولة للوصول إلى الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط .10

ومقابل البيعة المذكورة تم تعيين خير الدين بعد مقتل أخيه عروج حاكما على جزائر الغرب، ومن ثم أصبحت شرعية الحاكم في الجزائر مرتبطة بالباب العالي11.

ومن هنا يمكننا القول أن البدايات الأولى للعثمانيين بالشمال الإفريقي كانت نتيجة عملية الاستنجاد المقرونة بالبيعة الطوعية، وليست ناتجة عن الحرب والغزو، فالإدارة العثمانية لم يكن في نيتها ضم شمال إفريقيا بالقوة لأسباب مالية وعسكرية وطبيعية.

وبعد ضم خير الدين بمساعدة الأتراك تونس، بقي المغرب البلد الوحيد في الغرب الإسلامي الذي أفلت من التبعية العثمانية، ومن ثم يمكن تفسير طابع التوتر والحذر الذي ميز علاقات الدولتين .12

لقد أملت الوضعية السابقة الذكر على السلاطين المغاربة نهج سياسة لم تراعي كثيرا وضعية الانتماء لنفس الدار، لكن السياسة التي تمكن المغرب من الحفاظ على استقلاله عن الأتراك، ومن ثم تراوحت هذه العلاقة بين الحدة والتوتر من جهة، وبين التقارب والتعاون من جهة أخرى 13.

ونشير هنا إلى أن العثمانيين حاولوا منذ البداية إتباع سياسة الاحتواء اتجاه السلاطين السعديين الأوائل، وهذا ما تؤكده مضامين الرسائل العثمانية التي كانت تجس نبض هؤلاء من خلال طبيعة المخاطبة التي لم تكن تحمل أكثر من صفة لحاكم ولاية فاس، وهو ما كان يعتبر من منظور العثمانيين أن المغرب ولاية تابعة لهم14، ويتجلى ذلك أيضا في السفارة العثمانية إلى محمد الشيخ حين اقترحت عليه المساعدة لمحاربة المسيحيين مقابل الخطبة باسم السلطان العثماني15، والتي إن تحققت تعني ضمنيا تبعية المغرب للباب العالي.

ولعل هذه المحاولات العثمانية تنم عن وسيلة ذكية كانت تتوخى من ورائها تكرار النموذج الجزائري بالمغرب وهو ما رفضه السلطان المغربي، مما أغضب الباب العالي الذي دبر مؤامرة اغتياله.

وقد تريث العثمانيون خلال فترة حكم السلطان عبد الله الغالب، إذ رفضوا دعم أخيه عبد الملك السعدي(1576/1578) الذي التجأ إلى الأراضي الجزائرية ( إني لا أعينك على فتنة المسلمين ...).

وقد تحكمت في مواقف عبد الله الغالب( 1557/1574) معطيات الصراع العثماني الأوربي، لكن وفاته جاءت قبل أن تكتمل سفارته إلى استانبول بقيادة التمكروتي16، ولعل وعي العثمانيين أدى بهم إلى المراهنة على التدخل في الصراع الداخلي لصالح عبد الملك ضد المتوكل(1574/1576)، فدعموه بحملة انتهت بدخوله فاس، وفرار المتوكل الذي لجأ إلى نجدة الملك البرتغالي .

وقد أغدق عبد الملك على الأتراك أموالا كثيرة، وحملهم بأنواع من الهدايا مكافأة لهم، كما استمر في بعث الهدايا إلى العاصمة القسطنطينية، وكان يلقي الخطبة باسم السلطان العثماني، ويسك النقود باسمه، وهذه كلها مظاهر تؤكد التبعية للباب العالي، كما أن الرسائل العثمانية للسلطان عبد الملك كانت تحضه على الجهاد والتعاون مع أمير ايالة الجزائر17، وقد ظل الباب العالي مساندا لعبد الملك السعدي، وهو ما يتجلى في مشاركة الأتراك في معركة واد المخازن بغض النظر عن طبيعة وحجم هذه المشاركة.

لكن سرعان ما ستتغير الوضعية بعد انتصار السعديين في معركة واد المخازن، فرغم أن المنصور (1578/1603) استمر في بعث الهدايا إلى الباب العالي، فقد دشن من جهة ملامح سياسة تختلف عن سابقه، فقد تلقب بالخليفة وأصبحت الخطبة تلقى باسمه، وكان هذا تأكيدا من احمد المنصور على استقلالية المغرب عن الباب العالي18.

وقد استغل احمد المنصور الأوضاع الدولية لصالحه، ولعب بالورقة الاسبانية الرابحة، وهو الشيء الذي فطن له سيلفا الذي بعث رسالة إلى الملك فيليب الثاني سنة 1583 يقول فيها( إن إمبراطور المغرب يسخر منا فهو متأرجح بين مصانعتنا ومصانعة الأتراك، فعندما يطالبه صاحب الجلالة بالعرائش يقول هيا بنا إلى الجزائر، وعندما يهدده الأتراك يقول هيا بنا إلى اسبانيا)19.

ولا شك أن التخوف العثماني من إمكانية قيام تحالف سعدي اسباني يعتبر في نظرنا من الأسباب التي جعلت العثمانيين لم يسعوا بتاتا إلى القيام بغزو شامل للمغرب، والدخول في مغامرة ليست مضمونة النتائج، خصوصا مع الوعي العثماني بان القوى الأوربية لن تقف صامتة إزاء مثل هذا المشروع الذي يهدد طموحاتها في السيطرة على الموارد الإفريقية انطلاقا من السواحل الأطلسية، كما نعتقد أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسمح الأوربيون لقوة بحرية واحدة بالسيطرة على منافذ الطرق التجارية المتوسطية والأطلسية في آن واحد.

كما أن بعد مسافة المغرب الأقصى عن استانبول ووعورة تضاريس المنطقة وحتمية التحالف المغربي الأوروبي في مثل هذه الحالة قد يجعل المهمة صعبة إن لم نقل مستحيلة.

كما أن هذه الفترة تزامنت مع بداية التراجع العثماني عن مخططاتها التوسعية في غرب البحر الأبيض المتوسط خصوصا بعد فشل حملة مالطا، وتولي سليم الثاني(1566/1574) السلطة، حيث بدأ العثمانيون عزوفا عن المجابهات مع الأوربيين وتوجهوا شرق الإمبراطورية20، ولعل ما يبرز هذا التراجع عدم تلقي المورسكيين أثناء محنتهم بالأندلس أي مساندة عثمانية خلال سنة 1568م، فقد كانوا منشغلين بحملة قبرص.

وقد ازداد هذا التراجع بعد حملة ليبانتو الفاشلة سنة1571م على البندقية، فقد شكلت هذه المعركة بداية نهاية التفوق العثماني في حوض البحر الأبيض المتوسـط، وإن استطاعت الدولة العثمانية إعادة هيبتها عبـر انتصارها في حلق الوادي فإنها اعتمدت في ذلك على الدعم المحلي الكبير للجزائريين والتونسيين21.

ولا شك أن المواجهات الثلاث السابقة قد استنزفت إلى حد كبير الدولة العثمانية ماديا وعسكريا، فكانت مضطرة إلى الدخول في مفاوضات مع اسبانيا لتحقيق الهدنة (وهذا ما حصل) والتفرغ لمواجهة الصفويين والروس والثورات الداخلية.

هذه الهدنة مع الأسبان أدت إلى تخفيف الحدة بين الطرفين، وهو ما يعني استحالة التصعيد العثماني بالتفكير في غزو المغرب.

وساهمت هذه الهدنة من جانب آخر في توتر العلاقات بين ولايات الشمال الافريقى عموما والسلطة المركزية العثمانية، إذ يبدو أن الولاة الجزائريين لم يكونوا راضين على هذه الهدنة، ويتجلى ذلك في استمرار تحرشاتهم ضد السفن الاسبانية في البحر الأبيض المتوسط وامتناعهم عن أداء مستحقاتهم المالية لاستانبول22. وهو الأمر الذي دعا إلى إقرار تجزيء ولايات الشمال الإفريقي، ومع ذلك ظلت التوترات مستمرة بينهما.

يمكن القول أن السلام العثماني الاسباني خدم بشكل كبير النزعة الاستقلالية في بلدان شمال إفريقيا التابعة للباب العالي .

لا شك أن الظروف السابقة والتي تزامنت مع مشاكل العثمانيين على الواجهة الصفوية وعلى واجهة أوروبا الشرقية، توضح أن غزو المغرب لم يكن ليحقق أي نفع للدولة العثمانية سوى إلحاق مزيد من الاستنزاف والضرر بها.

في ظل المعطيات المذكورة يمكننا التأكيد أن الرهان العثماني حول ضم المغرب كان يتوخى النموذج الجزائري، أي أن الباب العالي كان يسعى إلى أخذها برغبة ومباركة من السلاطين المغاربة وهو ما لم يحصل أبدا .

وبالمقابل ألا يمكننا الحديث عن أطماع للشرفاء السعديين ومن بعدهم العلويين في التوسع على حساب الأراضي التركية بالمغرب الأوسط ، خاصة وأن الشريف السعدي كان قد نظم حملات وصلت إلى حد تلمسان، الأمر الذي أدى بالأتراك العثمانيين إلى نهج خطاب المهادنة (عزل أمير الجزائر)، ألا يفسر هذا الخطاب التخوف العثماني من خطر التوسع السعدي؟.

أليست فكرة رسم الحدود بين البلدين والتي طرحها العثمانيون تدخل في إطار هذا التخوف؟ وكيف لا تتناقض فكرة الحدود مع الأعراف التي يؤطرها مبدأ وحدة دارا لإسلام ؟

والى أي حد تجيب مسألة الحدود التي طرحها العثمانيون على إشكالية عدم ضم الأتراك للمغرب!؟ بمعنى آخر أن من يطرح مسألة الحدود لا يمكن أن يفكر في الغزو؟ .

تؤكد مجموعة من الكتابات التاريخية أن فكرة الحدود السياسية دخيلة على المنطقة المغاربية، وأن الفهم الذي كان سائدا خلال هذه الفترة هو أن دار الإسلام مجال جغرافي وفضاء حضاري يحق للمسلم أن يستوطن في مختلف جهاته، و أن الحدود لا يمكن أن تكون إلا بين دار الإسلام ودار الحرب23.

فإلى أي حد يمكن اعتبار فكرة ترسيم الحدود سلوكا جديدا في تاريخ العلاقات المغربية العثمانية؟

لقد كان الباب العالي يتخوف كثيرا من مسألة التوسع المغربي على الواجهة الغربية الجزائرية، خصوصا وأنهم يتمتعون بالشرعية الجهادية التي منحتهم تعاطفا من القبائل الجزائرية، بالإضافة إلى شرعية النسب الشريف الذي أعطاهم الأولوية لدى العامة.

لذا حرص العثمانيون على عنصر الحدود، فكيف تم إقرار هذا العنصر في العلاقات المغربية بالأتراك في المغرب الأقصى ؟ .

لقد كان المغرب دائما يسعى إلى توسيع نفوذه شرقا، وهذا ما تجلى في كثرة الحملات العسكرية خصوصا في بدايات الحكم العلوي، وهو ما كانت السلطة التركية على وعي كبير به، لذلك كان الأتراك هم السباقين لطرح مسألة الحدود بين الطرفين، متجاوزين بذلك الفكرة السائدة عن رفض الإسلام تقسيم تراب البلدان الإسلامية، وقد استطاعت البعثة التركية إقناع الشريف محمد العلوي (1636/1664) بفكرة رسم الحدود بين المغرب والولاية التركية، وانتزعوا منه أول تعهد مكتوب بذلك، لكن الملوك العلويين ظلوا مقتنعين بإمكانية ضم مناطق على الواجهة الشرقية، وهو ما تجلى في كثرة الحملات خصوصا في عهد المولى الرشيد (1666/1672) والمولى إسماعيل (1672/1727)، في حين لوح الأتراك الجزائريون بورقة الحدود، واعتمدوها كسبيل لإيقاف هذه التهديدات23.

ويوحي التمسك التركي بواد تافنا كحد فاصل بين الطرفين اعتبار هؤلاء الاتفاق مع المولى محمد حجة قانونية أشهروها في وجه المولى إسماعيل 24.

خلاصة الأمر يمكننا القول أن الأتراك حاولوا منذ العهد السعدي تطويق موقف الشرفاء بخطة الحدود المرسومة، حتى يمكن حصر نفوذهم بالمغرب الأقصى، وإن كانوا فشلوا في بداية الأمر مع السعديين فإنهم نجحوا مع العلويين.

والواقع أن طموحات الشرفاء كانت تهدف إلى إحياء مشروع الإمبراطورية الموحدية الكبرى وقد يكون إحساسهم بالانتماء لآل البيت الدافع الأساسي لهذا المشروع وهو الأحقية في الخلافة الإسلامية...ولعل هذا ما جعل البعض يعتبر الصراع بين السعديين والعثمانيين صراعا حول الخلافة فهي تتجاوز بذلك مسألة الحدود .25

فالعماري يرى أن الخلاف بين الشرفاء والأتراك لم يكن في عمقه يدور حول مشكلة الحدود، وإنما كان يدور حول مسالتين أساسيتين:

أولا: أحقية الخلافة التي كان السعديون والعلويين يعتبرون أنفسهم أحق بها من الأتراك وينظرون إلى هؤلاء كمغتصبين للخلافة.

ثانيا: وحدة المغرب العربي التي كانت تبدو ضرورة تاريخية وقومية.26

لقد كانت السلطة العثمانية على وعي بهذين المبدأين....لذلك حاول الأتراك تطويق موقف الشرفاء بخطة سياسة الحدود.

وهذا يعني أن العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين تحكم فيها بقوة الصراع حول أحقية الخلافة، فالعثمانيون امتلكوا مفاتيح الكعبة بتأييد شريف مكة أبو البركات27، فأصبح السلطان حامي الحرمين الشريفين وراعيا للحجاج المسلمين، بالإضافة إلى ذلك أصبحت الدولة العثمانية الحامل لراية الجهاد خصوصا بعد عجز المماليك عن مواجهة الإفرنج فتقوضت بذلك زعامتهم نهائيا كحماة للإسلام28.

ومن هنا اكتسب العثمانيون أحقية الزعامة والقيادة، ومنحهم ذلك تأييد الزعامات المحلية في غالبية البلاد العربية، ومنها المغرب وهكذا نجد على سبيل المثال الفقيه ابن أبي محلي يصف السلطان أحمد العثماني بملك البحرين وإمام الحرمين الشريفين، ويرى في العثمانيين عصابة الجهاد في الحروب ولذلك استنفرهم للجهاد ضد من كان يسميهم عبدة الصليب،29 كما أن الحجري أيضا خصص للأتراك مكانة متميزة في رحلته(ناصر الدين على القوم الكافرين ) إذ تحدث بإعجاب كبير عن دولتهم ودورهم في صيانة دار الإسلام، واعتبرهم القوة الوحيدة القادرة على مواجهة المد الأوربي ( وكل واحد من السلاطين النصارى يرتعد ويخاف من سلاطين الإسلام والدين المجاهدين في سبيل رب العالمين ....وهم السلاطين الفضلا العظما ..العثمانيون التركيون ..).30

وإذ كان السلاطين المغاربة يشتركون مع العثمانيين في القيام بواجب الجهاد، فإنهم ارتكزوا على النسب الشريف الذي له دلالة خاصة في مسألة شرعية الخلافة، لكن التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة هو لماذا كان السلاطين الأشراف يلجئون في بعض الأحيان إلى الدعاء للعثمانيين على المنابر؟ ومن ثم نتساءل هل كان هذا الاعتراف وسيلة لقطع الطريق على أي تدخل عثماني محتمل؟ أم أنه ناجم عن قناعة حقيقية بوجوب وحدة دار الإسلام . ؟

إن الصراع حول الخلافة تحكم في كثير من الأحيان في نوعية العلاقات بين الطرفين إلى حد كبير ونذكر على سبيل المثال:

* اتخاذ المنصور لقب الخليفة وأمير المؤمنين بعد توليه السلطة، مما أثار حفيظة العثمانيين خاصة عندما استقبل سفارة من ملك بورنو إدريس ألوما الذي بحث عن دعم عسكري لمواجهة أعدائه الصونغاي. يقول المؤرخ الفشتالي :

" … ورد الرسول(من ملك بورنو)...إلى الأبواب العلية المشرفة، فوافق أمير المؤمنين بحضرته العلية مراكش دار الخلافة، فأزاح اللبس وبين الغرض، فصدع لهم أمير المؤمنين … وطالبهم بالمبايعة له والدخول في دعوته المباركة التي أوجب الله عليهم … وقرر لهم … أن الجهاد الذي ينقلونه ويظهرون الميل إليه، لا يتم لهم فرصة ولا يكتب إليهم عمله، ما لم يستندوا في أمرهم إلى إمام الجماعة الذي اختصه الله إلى يوم الدين بوصفه الشريف … وعلق لهم أيده الله الإمداد على الوفاء بهذا الشرط فالتزمه الرسول" وموازاة مع ذلك قام الأتراك بتقديم الدعم العسكري لإمبراطورية الصونغاي، وهذا لا شك يدخل في إطار الصراع الخفي حول الخلافة و أحقية زعامة العالم الإسلامي .31

ونجد هذا الصراع الخفي حتى في رحلة سفير السعدييين التمكروتي التي دونها بعد سفارته إلى استانبول، إذ يقول (والترك جاروا على أهل تلك البلاد وأفسدوها، وضيقوا على أهلها في أرضهم وديارهم وأموالهم..إلى غير ذلك من الذل و الإهانة ..هذا وأهل افريقية...في كثرة اشتياقهم وحنينهم إلى حكم موالينا الشرفاء، تالله لقد كنا من تحدثنا معه من خيار أهل تونس وأعيان مصر الذين لقيناهم بالقسطنطينية يبكون على ذلك ...ويودون لو وجدوا سبيلا إلى الانتقال إلى المغرب والتخلص إليه لاشتروه بالدنيا وما فيها ..)32

إن هذا الموقف يوضح ما كان بين الكيانين من تنافس وصراع حول ولايات الشمال الإفريقي، وكان خطاب التمكروتي أكثر وضوحا في مسألة الأحقية في الخلافة، يقول( والعثمانيون من جملة..الموالي الذين دافع الله بهم على المسلمين، وجعلهم حصنا وسورا للإسلام،، وإن كان أكثرهم وأكثر أتباعهم ممن يصدق عليه قوله صلى الله عليه وسلم "إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر" وإنما كانوا حملوا الإمارة وقلدوا الأمر في الحقيقة نيابة وأمانة يؤدونها إلى من هو أحق بها .. وهم موالينا الشرفاء ملوك بلاد المغرب الذين شرفت بهم الإمامة والخلافة، وكل مسلم لا يقول عكس هذا ولا خلافه .. وقد اجتمع المسلمون على أن الإمامة لا تنعقد إلا لمن هو من صحيح قريش، لقوله صلى الله عليه وسلم "الخلافة في قريش" وكون ملوك المغرب أولى بهم من غيرهم)33

من هذه النصوص نستنتج أن التمكروتي لم ينكر دور العثمانيين في نشر الإسلام، لكنه ينتقل إلى مستوى ثان في التحليل، وهو أن العثمانيين جائرون لم يلتزموا العدل بين الرعية، ثم ينتقل إلى المقصود وهو من الأحق بالخلافة؟

فالتمكروتى كفقيه كان واعيا بضرورة التبعية لسلطة سياسية واحدة وهي الخلافة الإسلامية التي كان يراها من حق الشرفاء السعديين وحدهم.34

ولعل مسألة تشوف سكان شمال إفريقيا إلى حكم شرفاء المغرب تثير أكثر من سؤال، فإذا كان الأمر كذلك يتساءل الدكتور الغاشى لماذا لم يتوجه سكان هذه المناطق إلى طلب التدخل المغربي بدل التدخل العثماني لمواجهة الغزو الايبري ؟ ثم هل يتطابق تصريح التمكروتي مع أهداف وحقيقة مهمته الدبلوماسية ؟ 35

ولعل هذا ما دفع الدكتور حسن إبراهيم شحادة إلى الاعتقاد بان الرحلة كانت تعكس العلاقات المغربية العثمانية خلال فترة حكم المولى إسماعيل والتي تزامنت مع فترة كتابة النسخة المتداولة حاليا، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد بان الرحلة قد خضعت لبعض التغييرات.36

ومهما يكن فان هذا يعكس بوضوح الصراع الخفي حول موضوع شرعية الخلافة بين العثمانيين والمغاربة.

اخيرا وبعد فراق طويل عاد الشبح
كم اشتقت الى هذه المواضيع الجميله
لي عودة قريبا ان شاء الله
تقييم اخي محمد
وشكرا
 
رد: العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر

ويقال ان السعديين منعوا الاسطول العثماني من المرور الى الاطلسي والوصول الى امريكا التي كانت تسمى في الخرائط العثمانية بولاية انتيليا antilia velayet


مرحبا اخي الكريم

الدولة العثمانية بعد هزيمتها امام التحالف البابوي و الاسباني و البندقية اصبح اسطولها محصور ضمنا في شرق و جنوب المتوسط لذلك فالحديث عن غزو العالم الجديد من قبل العثمانيين مبالغة كبيرة و التحجج بمنع اسطول قادر على غزو العالم الجديد ذريعة ينقصها الكثير من المنطق

بالتوفيق
 
الدولة العثمانية دولة اسلامية سنية يكفينها فخرا وقوفها بوجه البرتغاليين الذين ارادو احتلال الحرم المكي الشريف


مرحبا اخي الكريم

على هذا القياس
فيكفي فخرا الدول المغربية المتعاقبة وقوفها في وجه المد الصليبي و ابقاء نداء الاسلام في الاندلس "ارض الثغور اقدس عند الله من اي بقعة سواها " سبع قرون دون مساعدة من احد بالاضافة الى حصر الفاطميين في مصر بوصول الدولة الموحدية الى ليبيا مما افقد الفاطميين خزانهم البشري من قبائل كتامة الامر الذي اضطرهم لاستقدام المماليك لتكون نهايتهم دون نسيان المدد الموصول لصلاح الدين في حربه ضد الصليبيين
اما في ما يخص العثمانيين فيكفينا فخرا وقوفنا في وجه الروس في حربهم مع الاتراك و افشال مخططاتهم لفتح جبهة اخرى غير القرم و مساعدة الليبيين في حربهم مع الولايات المتحدة بمنع حملتهم من تجاوز المضيق

بالتوفيق
 
تلخيص السبب فيما ذكرت انتقاص من المغاربة .. الاتراك فعلوا كل ما بوسعهم من اجل (ضم) المغرب الى الخلافة و احتلوا العاصمة فاس مرتين و حينما فشلوا عسكريا راهنوا على السياسة حينما دعمو عبد الملك و احمد المنصور ضد بن اخيهما المتوكل .. لكن حينما وطد احمد المنصور دعائم ملكه صار يلعب على الحبلين من اجل المافظة على استقلال المغرب
ما لا يفهمه الكثيرون من الاخوة هو ان مفهوم (الاستقلال الوطني) مفهوم متجذر في المغرب و ليس وليد50 سنة أو 60 سنة أو حتى مئة سنة .. ومن لا يصدق ما عليه الا ان يقرأ رسالة السلطان عبد الحفيظ الى الفرنسين قبيل توقيع الحماية و لذلك يقول المؤرخون ان بلدين في العالم العربي فقط من يتوفر فيهما مبدأ (الدولة/ الأمة) هما المغرب و مصر


مرحبا اخي الكريم محمد

بداية موضوع منمق و غني كعادة مواضيعك الهاذفة
فعلا الاتراك فعلو ما بوسعهم لضم المغرب لدولتهم لكن الامر لم يكن عبارة عن تمدد من جانب واحد بل كان اقرب لحالة البحر في مده وجزره فتارة الحدود تتقلص غربا الى وجدة و تارة العكس فعند الاحتلال الفرنسي للجزائر كان واد تافنة هو الحد بين الدولة العلوية و ايالة الجزائر العثمانية

بالتوفيق
 
اخيرا وبعد فراق طويل عاد الشبح
كم اشتقت الى هذه المواضيع الجميله
لي عودة قريبا ان شاء الله
تقييم اخي محمد
وشكرا

بارك الله فيك اخي ابو قحط .. مرورك يشرفني اخي الحبيب
 
مرحبا اخي الكريم محمد

بداية موضوع منمق و غني كعادة مواضيعك الهاذفة
فعلا الاتراك فعلو ما بوسعهم لضم المغرب لدولتهم لكن الامر لم يكن عبارة عن تمدد من جانب واحد بل كان اقرب لحالة البحر في مده وجزره فتارة الحدود تتقلص غربا الى وجدة و تارة العكس فعند الاحتلال الفرنسي للجزائر كان واد تافنة هو الحد بين الدولة العلوية و ايالة الجزائر العثمانية

بالتوفيق

مما لا شك فيه اخي الموريسكي .. و دخول الجيش المغربي لتلمسان في 1551 ثم محاصرة مستغانم دليل على ذلك .. ولا تنسى انه في وقت من الاوقات كان الاتراك يرفضون ترسيم الحدود لإتخاذ هذا الامر كذريعة لتوسيع نفوذهم داخل المغرب من الجهة الشرقية .. لكن في فترة ما أصبحت هي من يدعو الى ضرورة ترسيم الحدود بين الإمبراطورية العثمانية و الامبراطورية المغربية.. وربما تكون هذه هي اخر ملامح الصراع الظاهر بين القوتين .. حيث حافظا على ميزان القوى بينهما والمغرب اتجه الى الجنوب الشرقي حيث السودان الغربي فوسع نفوذه هناك في عهد السعديين الى ان وصل حدود صعيد مصر حسب المؤرخين.

العلاقة بين العثمانيين لم تكن فقط علاقة حرب كما يظن البعض بل كانت علاقات تعاون حقيقية .. اقام المغاربة و العثمانيين مصانع سلاح مشتركة خصوصا فيما يتعلق بالمدافع, أكثر من ذلك وقفت الامبراطورية المغربية مع الإمبراطورية العثمانية في جميع حروبها على الاقل سياسيا بقطعها العلاقات مع روسيا القيصرية او كذلك فرنسا في فترة الحملة على مصر و غيرهما .. كلامي هذا الهدف منه ان اقول انه و رغم ان المغرب لم يدخل في الخلافة الإسلامية رسميا الا انه وقف مع اخوانه المسلمين في المشرق سواء ايام العثمانين او حتى قبلهم
 
مما لا شك فيه اخي الموريسكي .. و دخول الجيش المغربي لتلمسان في 1551 ثم محاصرة مستغانم دليل على ذلك .. ولا تنسى انه في وقت من الاوقات كان الاتراك يرفضون ترسيم الحدود لإتخاذ هذا الامر كذريعة لتوسيع نفوذهم داخل المغرب من الجهة الشرقية .. لكن في فترة ما أصبحت هي من يدعو الى ضرورة ترسيم الحدود بين الإمبراطورية العثمانية و الامبراطورية المغربية.. وربما تكون هذه هي اخر ملامح الصراع الظاهر بين القوتين .. حيث حافظا على ميزان القوى بينهما والمغرب اتجه الى الجنوب الشرقي حيث السودان الغربي فوسع نفوذه هناك في عهد السعديين الى ان وصل حدود صعيد مصر حسب المؤرخين.

العلاقة بين العثمانيين لم تكن فقط علاقة حرب كما يظن البعض بل كانت علاقات تعاون حقيقية .. اقام المغاربة و العثمانيين مصانع سلاح مشتركة خصوصا فيما يتعلق بالمدافع, أكثر من ذلك وقفت الامبراطورية المغربية مع الإمبراطورية العثمانية في جميع حروبها على الاقل سياسيا بقطعها العلاقات مع روسيا القيصرية او كذلك فرنسا في فترة الحملة على مصر و غيرهما .. كلامي هذا الهدف منه ان اقول انه و رغم ان المغرب لم يدخل في الخلافة الإسلامية رسميا الا انه وقف مع اخوانه المسلمين في المشرق سواء ايام العثمانين او حتى قبلهم


مرحبا اخي محمد

ما ضلل بالاحمر عليه الكثير من الجدل
فالخلافة في الاسلام تحتاج الى العديد من الشروط لتصح و الدولة العثمانية لم تستوفيها في الحقيقة
لكن هذا المصطلح درج على لسان العرب بحكم ان معظم البلاد العربية كانت تحت حكم الاتراك لكنه كان غائبا بالمرة من قاموس باقي العالم الاسلامي كالجزر الاسياوية و العالم الهندي و اسيا الوسطى و المغرب و مجال نفوذه

كمعلومة لطيفة عند بيعة محمد الخامس سلطانا على المغرب ارسل له السلطان العثماني بخفي الرسول صلى الله عليه و سلم و خطاب بيعة بالخلافة من منفاه بايطاليا فهل يجعل هذا الدولة العلوية دولة خلافة ؟ رغم النسب الشريف للسلاطين العلويين الا ان الشروط في هذه الحالة لم تستوفى ايضا

بالتوفيق
 
عودة
أعلى