العلاء بن الحضرمي هو أول من ركب البحر غازيا في الإسلام
الكاتب: الشيخ محمد الفاضل بن عاشور (رحمه الله تعالى) ظهر الإسلام في أرض هي جزيرة بين البحار، وسطع نوره بين أمة عرفت البحر ومارسته، واتخذته طريقا للتجارة، وسبيلا للغزو، ووسيلة للمعاش، فمن الواضح الضروري أن يكون لغزاة البحر في الإسلام، وللأساطيل وآثارها في تكوين الدولة وشد أزرها، ما لم تزل معالمه قائمة، وشواهده ماثلة، بحيث يغني فيه العيان عن البيان. ولكن المهم وراء ذلك هو البحث عن أولية الحياة البحرية في الإسلام، وكيف نشأت متسلسلة على الحياة البحرية للعرب في الجاهلية ومتولدة منها في الأطوار الأولى لدولة الإسلام العربية قبل أن تتعاون أمم العرب والعجم على النهضة بعبء الحضارة الإسلامية وتتكاتف على احتمال أمانة الرسالة. فقد احتفظ تاريخ ظهور الإسلام بذكريات عزيزة راسخة في قرارته، من حديث البحر ورجاله وأساطيله، وشرف البحر بما شرفت به أولية الرسالة الطاهرة، وكتب في صحيفة ما ابتلي به السابقون من المؤمنين، من ابتلاء بالهجرة. فأول ما عرفت الهجرة في الإسلام كان البحر طريقها، والسفينة مطيتها، يوم كانت بلاد الحبشة أرض الهجرة الأولى للمسلمين، وقد اشتد بهم الأذى في مكة، فسافرت منهم طائفة إلى الحبشة، في سفينة اخترقت بهم البحر الأحمر، وكانوا خمسة عشر بين رجال ونساء ثم رجعوا إلى البلد الحرام فلم يلبثوا أن عادوا مخترقين البحر مرة ثانية، في عدد وافر، يناهز المائة، فأقاموا عشر سنين. وصادف أن خرج أثناء ذلك جماعة من الأشعريين، من اليمن في سفينة يريدون الحجاز، فاضطرب البحر بسفينتهم، وألقتهم الرياح إلى العدوة الحبشية، فالتقوا بإخوانهم المهاجرين من قريش، وأقاموا بالحبشة، ولم يرجعوا إلا في العام السابع من هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. وهؤلاء السادة هم الذين عرفوا في لسان علماء السنة بأهل السفينة، ولهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان" وإن دينا يكون البحر أول طريقي هجرته زمن الدعوة والابتلاء، لحقيق بأن يهرع إلى البحر، موجدا منه لنفسه طريقا زمن التوسع والفتح، لاسيما وباب الغزو البحري مفتوح في الإسلام من عهد البعثة على لسان الوحي فقد ورد في حديث البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى الهاجرة يوما في بيت عبادة بن الصامت الأنصاري رضي الله عنه فنام فلما استيقظ استيقظ ضاحكا، فقالت زوجة عبادة أم حرام بنت ملحان: "ما يضحكك يا رسول الله؟" قال: "عجبت من قوم من أمتي عرضوا على غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة". قالت: "ادع الله أن يجعلني منهم"، قال: "أنت مع الأولين"، وأعاد ذلك مرتين أو ثلاثا. وقد بقي من يومئذ هذا الأمل مكنونا في نفوس المسلمين، ومضت الغزوات النبوية برية لم تخرج إلى البحر، ولم تعتد بلاد العرب، واستمر الأمل العزيز مكنونا كذلك، في خلافة الصديق رضي الله عنه إذ لم تزايل غزواته إلى الشام الطريق البري الذي ابتدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلكه بنفسه من تبوك. حتى إذا أفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه واتسعت الفتوح وتعددت مسالكها، بدأ الأمل المكنون يتطلع إلى البروز، فبدأ التردد، ثم ظهر الجدال، ثم آل الأمر إلى المحاولات. وكذلك المعارضة الشديدة في ذلك، تبدو من أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لشدة حذره على المسلمين، ولما كان يعلم من ضعف استعدادهم يومئذ بالنسبة إلى أعدائهم الذين كانت بيدهم أهم القواعد البحرية، فكان يرى من الجرأة المذمومة أن يغرر بالمسلمين تغريرا قد يحتمل سوء مغبته، وهو الراعي المسؤول، كما علل بذلك ابن خلدون. أما الساعي لتحقيق فكرة الغزوات البحرية، فقد كان يضطلع بزعامته صحابيان جليلان من عمال سيدنا عمر، هما العلاء بن الحضرمي عامل البحرين على المحيط الهندي، ومعاوية بن أبي سفيان، عامل الشام على البحر الأبيض المتوسط. أما العلاء فقد جمع جنده من البحرين بدون إذن الخليفة، وعبر بهم البحر إلى شواطئ البلاد الفارسية، وقصد عاصمة الفرس يومئذ وهي مدينة إصطخر، فكانت لهم مواقع عظيمة، أحرقت فيها سفن المسلمين، وحوصروا، وسدت عليهم مسالك الرجوع، وبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فاشتد غضبه، وعزل العلاء، وأنجد الجيش المحصور بمدد من البصرة فك عنهم حصارهم، وخاض معارك جديدة حمدت آثارها. وبهذا يتبين أن العلاء بن الحضرمي هو أول من ركب البحر غازيا في الإسلام وبذلك جزم المقريزي، إلا أن جمهور الأدباء والمؤرخين لا يعدونها في الأوليات فيقولون: أول من ركب البحر معاوية بن أبي سفيان، ولعل ضعف أثر هذه الغزوة، وخلوها عن إذن الخليفة هو الذي دعاهم إلى ذلك. وأما معاوية فقد كان محل عمله بالشام منتهيا إلى حدود الروم، وكانت مملكة الروم الشرقية هي التي بقيت تناهض سطوة الإسلام، بعد القضاء على مملكة الفرس في موقعة القادسية الحاسمة، وكانت عاصمة المملكة مدينة قسطنطينية قبلة أنظار العالم، بعد سقوط روما، فكان معاوية يلح على عمر رضي الله عنهما في غزوة بلاد الروم بحرا، ويذكر له قرب مواقع المسلمين من مواقع الروم، وإزاء هذا الإلحاح رأى أمير المؤمنين أن يوجد لديه شيئا يعتمد عليه للخروج من تردده، فكتب إلى عامله على مصر: عمرو بن العاص، يستوصفه البحر، فأجابه عمرو بكتابه المشهور، مؤكدا ما في نفس أمير المؤمنين من مخاوف، وعلى ذلك اعتمد عمر ورفض إلحاح معاوية رفضا باتا، جاعلا له من قصة العلاء بن الحضرمي عبرة. وسكت معاوية رضي الله عنه من إلحاحه بقية الخلافة العمرية، حتى إذا صارت الخلافة إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، أعاد استئذانه فأعرض كما أعرض الخليفة من قبله، حتى إذا تكرر إلحاح معاوية أجابه: على شرط أن لا ينتخب الناس لذلك، ولا يقرع بينهم، ولكن يخيرهم فمن تطوع بالغزو في البحر وجهه. وبهذه الصورة تكونت أول غزوة بحرية رسمية في الإسلام سنة 28، وكانت وجهتهم الأولى جزيرة قبرص فتوجه إليها أسطول الشام، الذي جهزه معاوية بقيادة عامله على البحر عبد الله بن قيس الجاسي، وأسطول مصر بقيادة عبد الله بن أبي السرح، فاتح إفريقية، والتقى الأسطولان على قبرص فنصبا حصارا لم يرفع إلا بمعاهدة صلحية تضمنت إلزام أهل جزيرة قبرص بدفع جزية سنوية وإباحة طريقهم لقوات الإسلام إلى سواحل الروم، وإنذار المسلمين بكل خطر يتهددهم من الروم. وكان ممن ركب البحر في هذه الغزوة عبادة بن الصامت، وزوجه أم حرام بنت ملحان رضي الله عنهما، وهي التي تلقت من النبي صلى الله عليه وسلم البشارة بغزو البحر وأنها من أول من ركبه، وفي هذه الغزوة استشهدت ودفنت بجزيرة قبرص، وضريحها معروف فيها إلى اليوم. وبهذه الغزوة فتح للأسطولين الإسلاميين: أسطول مصر وأسطول الشام، طريق صولتهما بالبحر فكانت لهما مواقع مهمة كموقعة ذات الصواري التي انتصروا فيها على ملك الروم قسطنطين سنة 31 وفتح قبرص بعد انتقاض الهدنة سنة 33 وحصار القسطنطينية سنة 50 حتى أن عبد الله بن قيس الجاسي غزا بعد حصار قبرص، خمسين غزاة بحرية، صيفا وشتاء لم ينكب أسطوله ولم يغرق من جيشه أحد في البحر، حتى قتل شهيدا مغدورا في بعض استطلاعاته بشواطئ بلاد الروم. المصدر : مجلة الزيتونة
رد: أعلام الشوكة البحرية للإسلام _ العلاء بن الحضرمي هو أول من ركب البحر غازيا في الإسلام
ماريكم اخوان فهل هو تصويب لخطاء شائع
ان الخليفة معاوية ابن ابي سفيان رضي الله عنهما هو اول من غزى بحريا
وليس العلاء ابن الحضرمي رضي الله عنه
ماذا ترون
?
بقلم: د.محمد عمارة تناولنا في العدد الماضي السير الذاتية لعشرة من كتَّاب الوحي الثمانية والعشرين الذين دونوا القرآن الكريم، وفي هذا العدد نستعرض سِيَر الكتَّاب الثمانية عشر الباقين؛ لنكشف عن المقام العالي لأصحاب هذا الديوان، والذي قام أصحابه على تحقيق المشيئة الإلهية في حفظ القرآن الكريم! 11- عبدالله بن رواحة (ت 8هـ/ 629م): هو أبو محمد عبدالله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي.. كان يكتب في الجاهلية، أسلم وشهد «بيعة العقبة» التي تعاقد فيها الأنصار مع الرسول [ على إقامة الدولة الإسلامية بالمدينة، قبل الهجرة بعام، وهو أحد النقباء الاثني عشر الذين مثلوا قيادة الأنصار بدولة المدينة؛ مؤسسة الوزراء، مع المهاجرين الأولين؛ مؤسسة الأمراء. شهد «بدراً» و«أُحداً» و«الخندق» و«الحديبية»، واستخلفه الرسول [ على المدينة في إحدى غزواته، وكان أحد الأمراء في واقعة مؤتة بالشام (8هـ/ 629م)، واستشهد فيها وكان شاعراً راجزاً. 12- شرحبيل بن حسنة (50ق.هـ - 18هـ/ 574 - 639م): هو شرحبيل بن عبدالله بن المطاع بن الغطريف الكندي، حليف بني زهرة.. من الصحابة القادة، أسلم بمكة، وهاجر إلى الحبشة، وغزا مع رسول الله [، وكان رسول النبي [ إلى مصر، وتوفي النبي [ وهو في مصر. وهو قائد فتوحات الأردن، في عهد أبي بكر الصديق ]، وتوفي بطاعون «عمواس»، على عهد عمر بن الخطاب ] سنة 18 هـ/ 639م. 13- معاوية بن أبي سفيان (20ق.هـ - 60هـ/ 603 - 680م): هو معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي الأموي.. أحد كبار دهاة العرب، ولد بمكة، وكان كاتباً حاسباً فصيحاً حليماً وقوراً. أسلم يوم «فتح مكة» سنة 8 هـ/ 629م، فاتخذه الرسول [ واحداً من كُتَّابه، ولقد ولاه أبوبكر الصديق قيادة جيش تحت إمرة أخيه يزيد بن أبي سفيان، فكان مع المقدمة في فتح مدن صيدان، وعرفة، وجبيل، وبيروت، وولاه عمر بن الخطاب على الأردن، فدمشق، وجمع له عثمان بن عفان ولاية الشام، فلما تولى علي بن أبي طالب الخلافة عزله. وبعد استشهاد علي بن أبي طالب، اجتمع الأمر لمعاوية، فكان تأسيس الدولة الأموية سنة 41هـ/ 661م. وله في كتب الحديث النبوي 130 حديثاً. 14- عبدالله بن الأرقم (44هـ/ 664م): هو عبدالله بن الأرقم بن عبد يغوث، القرشي الزهري.. من الكُتَّاب الرؤساء، وخال النبي [، أسلم يوم «فتح مكة» سنة 8هـ/ 629م، وأصبح من كُتاب النبي [، كما كتب لأبي بكر الصديق ولعمر بن الخطاب، وسنتين من خلافة عثمان بن عفان. 15- ثابت بن قيس (12هـ/ 633م): هو ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري الخزرجي.. كان خطيب رسول الله [، شهد «أُحداً» وما بعدها من المشاهد، واستشهد يوم «اليمامة» في قتال مسيلمة الكذاب والمرتدين على عهد أبي بكر الصديق. وفيه قال الرسول [ عندما زاره وهو عليل: «أذهب الباس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس». 16- عامر بن فهيرة (ت 4هـ / 625م): هو أبو عمرو عامر بن فهيرة، مولى أبي بكر الصديق، كان مولَّداً من مولَّدي الأزد.. من السابقين إلى الإسلام، أسلم قبل دخول الرسول [ دار الأرقم بن أبي الأرقم، وكان حسن الإسلام، وعُذِّب في الله، وهو مملوك للطفيل بن عبدالله، أخي عائشة لأمها، فاشتراه أبو بكر الصديق وأعتقه. وكان عامر هو الذي يروح بغنم أبي بكر الصديق إلى غار «ثور»، فيسقي الرسول [ وأبا بكر اللبن، إبان هجرتهما من مكة إلى المدينة. ولقد هاجر مع الرسول وأبي بكر، فأردفه أبو بكر خلفه على راحلته. ولقد شهد «بدراً» و«أحداً»، واستشهد يوم «بئر معونة» سنة 4هـ/ 625م، وهو ابن أربعين عاماً. 17- حنظلة بن أبي عامر الأسدي (ت 3هـ / 624م): هو حنظلة بن أبي عامر الراهب بن صيفي بن النعمان بن مالك بن أمية بن صبية بن زيد بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة، أنصاري أوسي، ثم من بني عمرو بن عوف. من سادات المسلمين وفضلائهم، عُرف بغِسِّيل الملائكة، لقول رسول الله [ فيه عند استشهاده يوم «أُحد» (3هـ - 624م): «إن صاحبكم لتغسله الملائكة».. وكان قد خرج من بيته مسرعاً إلى القتال، فانخرط فيه، واستشهد، وهو جُنُب، لم يتريث حتى يغتسل من جنابته.. فغسلته الملائكة! 18- مصقب بن أبي فاطمة الدوسي (ت 40هـ/ 660م): هو مصقب بن أبي فاطمة الدوسي الأزدي.. من السابقين إلى الإسلام والذين هاجرو إلى الحبشة، ومنها عاد إلى المدينة، وشهد غزوة «بدر» سنة 2هـ. وتولى القيام على خاتم رسول الله [، وعلى خاتم الراشد الثالث عثمان بن عفان، كما تولى ولاية بيت المال لأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب. وله في كتب الحديث النبوي سبعة أحاديث. 19- خالد بن الوليد (ت 21هـ/ 642م): هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي.. كان من أشراف قريش وفرسانها في الجاهلية، يلي أيمنَّة الخيل. أسلم سنة 7هـ/ 628م قبل «فتح مكة»، فسُرَّ رسول الله [ بإسلامه وولاه على الخيل، وقاد العديد من معارك الإسلام، ضد المرتدين، وضد الفرس، والروم، في عهد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب. وكان كاتباً.. خطيباً.. فصيحاً. وروى له المحدثون في كتب الحديث النبوي ثمانية عشر حديثاً. 20- عمرو بن العاص (50ق.هـ - 43هـ/ 574 - 664م): هو أبو عبدالله عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي.. أحد عظماء العرب ودهاتهم وأولي الرأي والحزم والمكيدة فيهم، كان في الجاهلية من الأشداء على الإسلام والمسلمين، ثم أسلم في هدنة «الحديبية»، سنة 7هـ - 628م، تولى إمارة الجيش في «ذات السلاسل»، واستعمله على عُمان، وكان من قادة الفتوحات للشام - على عهد عمر بن الخطاب - وهو قائد فتح مصر، الذي فتح الإسكندرية، عاصمة الإمبراطورية الرومانية في الشرق. وكان أحد البلغاء الفصحاء، وله في كتب الحديث النبوي 39 حديثاً. 21- محمد بن مسلمة الأوسي (35ق.هـ - 43هـ/ 589 - 663م): هو أبوعبدالرحمن محمد بن مسلمة الأنصاري الأوسي الحارثي.. من الأمراء والقادة، شهد «بدراً» والمشاهد كلها - إلا غزوة «تبوك» - واستخلفه الرسول [ على المدينة أثناء خروجه لبعض الغزوات. وتولى ولاية الصدقات على عهد عمر بن الخطاب، كما تولى لعمر الكشف والتفتيش والمراقبة لأمور الولاة في البلاد. 22- المغيرة بن شعبة (20ق.هـ - 20هـ / 603 - 670م): هو أبو عبدالله المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي.. أحد دهاة العرب وقادتهم وولاتهم، أسلم سنة 5هـ/ 626م، وشهد «الحديبية» و«اليمامة» وفتوح الشام، وذهبت عينه في موقعة «اليرموك»، وشهد فتوح القادسية ونهاوند وهمدان وغيرها. وأثناء ولايته لعمر بن الخطاب ولعثمان بن عفان على البصرة والكوفة قاد الفتح لعدة بلاد. واعتزل الفتنة بين علي ومعاوية، ثم ولي الكوفة لمعاوية حتى وفاته. وله في كتب الحديث 136 حديثاً. 23 - عبدالله بن أبي سرح (ت 37هـ - 657م): هو عبدالله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري، من بني عامر بن لؤي.. من مكة، أسلم قبل فتحها، وكان على ميمنة عمرو بن العاص في فتح مصر، وهو فاتح إفريقية - من طرابلس إلى طنجة - تولى إمارة مصر بعد عمرو بن العاص اثني عشر عاماً. وغزا الروم بحراً، وظفر بهم في معركة «ذات الصواري» سنة 34هـ/ 654م. 24- سعيد بن العاص (3 - 59هـ / 624 - 679م): هو سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي.. تربى في حِجر عمر بن الخطاب، وأصبح من الولاة الأمراء الفاتحين، وهو فاتح طبرستان، وأحد الذين شاركوا في كتابة المصحف الإمام على عهد عثمان بن عفان، وكان كاتباً خطيباً فصيحاً. 25- أبان بن سعيد (ت 13هـ/ 634م): هو أبو الوليد أبان بن سعيد بن العاص الأموي.. من أشراف قريش، وكبار الصحابة وكتَّاب الوحي، أسلم سنة 7هـ/ 628م، بعد أن كان شديد الخصومة للإسلام والمسلمين. ولاه رسول الله [ عاملاً على البحرين، وعاد إلى المدينة عقب وفاة الرسول [ واستشهد بموقعة «أجنادين» بأرض الشام، في خلافة أبي بكر الصديق. 26- العلاء الحضرمي (ت 21هـ/ 640م): هو العلاء بن عبدالله الحضرمي، أصله من حضرموت ببلاد اليمن، ولد ونشأ بمكة حيث سكن أبوه، وصار من رجال الفتوحات في صدر الإسلام. تولى ولاية البحرين لرسول الله [ سنة 8 هـ - 629م، مع ولاية الصدقة والأموال فيها، وكتب له رسول الله [ الكتاب الذي فصَّل فيه فرائض الصدقات والزكوات. وكان أول من فتح جزيرة بأرض فارس في الإسلام سنة 14هـ/ 635م، ويقال: إنه أول قائد مسلم ركب البحر غازياً في سبيل الله. واستمر والياً على البحرين إلى عهد عمر بن الخطاب، حيث وجهه إلى البصرة، فتوفي وهو في الطريق إليها. 27- جهيم بن الصلت: هو جهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي.. أسلم عام خبير سنة 7هـ/ 628م، وأعطاه الرسول [ من غنائم «خيبر» ثلاثين وسقاً. 28- حبان بن سعيد بن العاص(1). هكذا رأينا - ونرى - أن أهل هذا «الديوان» الذين تخصصوا في تدوين الوحي القرآني، لم يكونوا مجرد كُتَّاب يحسنون صناعة الكتابة والتدوين، وإنما كانوا - مع ذلك وفوقه - قادة مقدمين في: - السبق إلى الإسلام. - والتضحية بالنفس والنفيس في سبيل الله. - وإقامة الدين. - وإزالة الشرك والوثنية. - وتأسيس الدولة. - وفتح الفتوح التي حررت أوطان الشرق وضمائر شعوبه من قهر الروم والفرس. - والقيام على الحكم والتدبير للولايات الإدارية والمالية والحربية في الدولة. - والبراعة في العلم والفتيا والقضاء ورواية الحديث النبوي الشريف(2). هكذا كان كتَّاب الوحي القرآني الذين حققوا إرادة الله سبحانه وتعالى في حفظ هذا الذكر الحكيم.> الهامشان (1) لم أعثر له على ترجمة في المصادر التي تيسر لي الاطلاع عليها. (2) انظر: عبدالحق الكتاني: «نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب الإدارية»، جـ1، ص 114 - 117، طبعة دار الكتاب العربي، بيروت. - والسيوطي: «الإتقان في علوم القرآن»، مرجع سابق، ص 58، 60. - وأمين الخولي: «عن القرآن الكريم»، ص 28، 29. - و«مونتجمري وات»: «الإسلام والمسيحية في العالم المعاصر»، ص 22 - 23. - وابن الأثير: «أسد الغابة في معرفة الصحابة»، طبعة دار الشعب القاهرة. - والزركلي - خير الدين - «الأعلام». محاسبة النفس عصمت عمر عادةً ما يحاسب الإنسان غيره؛ لأننا دائماً ننظر إلى الآخرين ولا ننظر إلى أنفسنا، مع أنّ الإنسان ليس مسؤولاً عن الآخرين، بل هو مسؤول عن نفسه، فعليه أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب الآخرين. يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {يّا أّيٍَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا \تَّقٍوا پلَّهّ $ّلًتّنظٍرً نّفًسِ مَّا قّدَّمّتً لٌغّدُ $ّاتَّقٍوا پلَّهّ إنَّ پلَّهّ خّبٌيرِ بٌمّا تّعًمّلٍونّ >18< $ّلا تّكٍونٍوا كّالَّذٌينّ نّسٍوا پلَّهّ فّأّنسّاهٍمً أّنفٍسّهٍمً أٍوًلّئٌكّ هٍمٍ پًفّاسٌقٍونّ >19< لا يّسًتّوٌي أّصًحّابٍ پنَّارٌ $ّأّصًحّابٍ پًجّنَّةٌ أّصًحّابٍ پًجّنَّةٌ هٍمٍ پًفّائٌزٍونّ >20<}(الحشر). قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ»؛ أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادّخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم. وفي الحديث، عن أنس بن مالك عن رسول الله [ قال: «الكيِّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني»(رواه الإمام أحمد والترمذي)، وروى الإمام أحمد في كتاب «الزهد» عن عمر بن الخطاب ] أنه قال: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غداً، أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزيّنوا للعرض الأكبر».. {يّوًمّئٌذُ تٍعًرّضٍونّ لا تّخًفّى» مٌنكٍمً خّافٌيّةِ >18<}(الحاقة). وترك محاسبة النفس وإهمالها، له أضرار عظيمة، قال ابن القيم يرحمه الله: «وأضر ما عليه: الإهمال، وترك المحاسبة والاسترسال، وتسهيل الأمور وتمشيتها، فإن هذا يؤول به إلى الهلاك، وهذه حال أهل الغرور، يغمض عينيه عن العواقب ويمشي الحال ويتكل على العفو، فيهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة، وإذا فعل ذلك سهل عليه مواقعة الذنوب وأَنِس بها، وعسر عليه فطامها، ولو حضره رشده لعلم أن الحمية أسهل من الفطام وترك المألوف والمعتاد».