ولد محمد علي جناح ـ مؤسس جمهورية باكستان وأبرز شخصيات شبه القارة الهندية في النصف الأول من القرن العشرين ـ يوم 25 / كانون الأول / 1876 ، في مدينة كراتشي لعائلة غنية مشهورة تعمل في التجارة ، وتلقى تعليمه الأولي في مدرسة الإسلام ثم في مدرسة البعثة المسيحية ، وفي عام 1893 التحق بكلية "لينكولن إن" لدراسة القانون في لندن، اِنجلترا، وتخرج عام 1896 ، ليصبح أصغر هندي يتخرج في هذه الكلية.
وفور تخرجه ، عمل محمد علي جناح بمهنة المحاماة ، وبعد ثلاث سنوات أصبح واحدا من أكثر محامي كراتشي شهرة ، لامتلاكه مهارات الدفاع ، واعتماده على قدرته البلاغيّة العالية للفوز في العديد من القضايا التي تولاها ، كما عرف عنه ذكاؤه وجرأته وجديته .
وفي عام 1905 بدأت أولى خطوات محمد علي جناح في عالم السياسة حيث التحق بحزب المؤتمر الوطني الهندي ، وفي العام نفسه سافر إلى لندن ليثير المسألة الهندية في عاصمة الامبراطورية ، مطالبا باستقلالها عن الاستعمار البريطاني ، وقد كان ذلك أثناء الانتخابات البرلمانية العامة التي كانت تشهدها بريطانيا آنذاك ، ليضع المسالة الهندية في دائرة اهتمامات الاحزاب السياسية وعموم الشعب البريطاني ، وبعد عام من عودته الى الهند ، عمل سكرتيرا لرئيس حزب المؤتمر الوطني الهندي دادابهاي نواروجي رئيس حزب المؤتمر الوطنيّ الهنديّ ، الذي كان اكبر منظّمة سياسيّة تعمل من اجل استقلال الهند .
وقد ألقى جناح أول خطاب سياسي له في مدينة كلكتا عام 1906 ، دعا فيه إلى استقلال الهند ، وفي عام 1910 انتخب محمد علي جناح عضوا في المجلس التشريعي الجديد ، وكان صوته هو الأبرز داخل المجلس مطالبا بالاستقلال وداعيا إلى الوحدة بين الطوائف المختلفة ، وظل عضوا فاعلا بهذا المجلس طيلة أربعة عقود .
وفي 1913 ربطَ جناح العصبة المسلمة بحزب المؤتمر ، وفي عام 1916 اُنتخب رئِيسا للعصبة المسلمة ، وفي عام 1919 أَصبح ممثل مسلمي بومباي في المجلس التشريعيّ الإمبراطوريّ ، الذي كان مجلسا تشريعيّا وطنيّا ذا سلطة محدودة تحت اشراف الحكومة الاِستعماريّة البريطانيّة.
في عام 1920 اعلن المؤتمر الوطنيّ الهنديّ عن بداية حملة عامة لمقاطعة البريطانيين في الهند ، هنا اختلف محمد علي جناح مع توجهات هذه الحركة واستقال من حزب المؤتمر ، وقطع علاقته بحزب المؤتمر الوطني الهندي متفرغا لقيادة العصبة الإسلامية ، ومتبنيا فكرة التعاون المعتدل مع البريطانيّين والتحويل التدريجيّ للسلطة في الهند الى ايدي الهنود ، مواصلا في نفس الوقت الدعوة الى اتحاد المسلمين والهندوس في دولة واحدة .
وفي عام 1929 أصدر بيانا سياسيا مهما تضمن 14 بندا طالب فيها بتخصيص ثلث مقاعد المجلس التشريعي المركزي للمسلمين ، ووضع تشريع دستوري يتضمن حماية دينهم ولغتهم وثقافتهم ، ولكن ذلك لم يكن كافيا في نظر فريق من زعماء الأقلية المسلمة في الهند ، الذين اعلنوا استياءهم من بعض توجهات محمد علي جناح السياسية .
كانت الاختلافات بين حزب المؤتمر والعصبة المسلمة عميقا ، وكان هناك خلاف عميق بين جناح وبين المهاتما غاندي ، قائد حزب المؤتمر ، وقد برزت هذه الاختلافات بوضوح في مؤتمر الطاوِلَة المستديرة في لندن عام 1930، حيث اجتمع زعماء هنود وبريطانيون لمناقشة مستقبل الهند السياسي .
بعد هذا المؤتمر ، شعر محمد علي جناح بشدة الضغوط عليه من المسلمين والهندوس معا ، فقرر تعليق انشطته السياسية ، والبقاء في انكلترا عاكفا على دراسة القانون هناك ، الى عام 1934 عندما عاد الى الهند ، وقد صمم على الانخراط في النشاط السياسي ، ولكن ضمن توجهات جديدة هذه المرة .
منحت حكومة الهند البريطانية عام 1935 صلاحيات اوسع إلى الحكومات الإقليميّة الهندية، وفي اِنتخابات 1937 العامّة ، ربح حزب المؤتمر أغلبيّة في سبعة مقاطعات من اصل احد عشر مقاطعة ، وقد رفض المؤتمر تشكيل حكومات إئتلاف مع العصبة المسلمة .
وسرعان ما اكتشف معظم المسلمون ـ بمرارة والم ـ أَن لا سلطة تشريعية تستطيع أن تحمِيهم في الهند المتحدة، حيث الهنود يكونون أغلبية ساحقة ، وتوصل محمد علي جناح الى قناعة باستحالة بقاء المسلمين والهندوس معا في دولة مركزية واحدة بعد استقلال الهند عن بريطانيا ، ونيجة لهذه القناعة ، فقد طالب جناح اولا ـ في اجتماع العصبة الإسلامية الذي عقد في ذلك العام 1937 ـ بالاستقلال التام للمسلمين ضمن اتحاد فدرالي هندي إسلامي ، ثم صعّد مطالبه في اجتماع العصبة في لاهور في اذار / عام 1940 ودعا إلى تقسيم شبه القارة الهندية إلى كيانين هما الهند وباكستان ـ وتعني في العربية الارض الطاهرة ـ على أن تضم الأخيرة كل مسلمي الهند .
وفي عام 1944 ، ارسل جناح رسالة إلى المهاتما غاندي يوضح له فيها رؤيته لهذه القضية جاء فيها : (( نحن نصر ونتمسك بأن يكون المسلمون والهندوس أمتين كبيرتين ، وذلك طبقا لأي تعريف أو معيار للأمة ، نحن أمة لمائة مليون مسلم ، وعلاوة على هذا نحن أمة ذات أمور متميزة في الثقافة والحضارة واللغة والأدب والفن والهندسة المعمارية والأسماء والمصطلحات الخاصة والشعور بالقيم والعدل والتاريخ والملكات والطموح ، وباختصار لنا وجهة نظرنا المتميزة عن الحياة ، ووفقا لجميع مبادئ القانون الدولي نحن أمة )) .
وقد لقيت هذه الدعوة قبولا واسعا لدى مسلمي الهند ، وفي عام 1946 وافقت عليها بريطانيا ، وفي 14 أغسطس/ آب 1947 ، أعلن محمد علي جناح قيام جمهورية باكستان الإسلامية وأصبح أول رئيس لهذه الجمهورية الوليدة ، ولكن ذلك الإعلان لم يمر بسلام ، فبعد شهور قليلة ، اندلعت أول حرب بين الهند وباكستان في محاولة من كلا البلدين لبسط سيطرته على كشمير التي اعلن حاكمها الهندوسي ضمها الى الهند رغم كون اكثرية سكانها من المسلمين الذين كانوا يرغبون في الانضمام الى الباكستان ، وقد تدخل العديد من قبائل قندهار الأفغانية بإيعاز من محمد علي جناح لنصرة المسلمين الكشميريين والوقوف معهم في مطالبهم.
لم يستمر محمد علي جناح ـ الذي منحه المؤتمر التأسيسي الاول في الباكستان لقب قائد عظيم Quaid-I-Azam رسميا ـ في الحكم طويلا ، فقد توفي في أيلول 1948 عن عمر ناهز الاثنين والسبعين عاما، والحرب لازالت مشتعلة بين الهند والباكستان ، بعد ان اصبح الاب المؤسس لواحدة من اكبر الدول الاسلامية في العالم .
وفي معرض تقييم ما قام به محمد علي جناح ، يأخذ عليه البعض ما يعتبرونه تسرعا في السعي باتجاه الانفصال عن الهند وتقسيم شبه القارة الهندية على أسس دينية وثقافية، وهو ما أدى بحسب رأيهم إلى اندلاع النزاعات الحدودية بين الدولتين التي نالتا استقلالهما بعد كفاح دام مرير ، ودخولهما في سباق تسلح لا ينتهي ، الأمر الذي عاد بعواقب وخيمة على اقتصاديات البلدين ، في حين كان بإمكانهما الاستفادة من الإمكانات الاقتصادية الهائلة لأرضيهما لو أمكن لهما الاتفاق على صيغة للتعايش معا ،أما البعض الآخر فيرى أن ما قام به محمد علي جناح ونجح في تنفيذه من تقسيم شبه القارة الهندية ، أراح الأقلية المسلمة التي كانت تعيش في الهند قبل نزوحها إلى باكستان من تعصب الهندوس ضدهم .
وقد خلف جناح في قيادة الجمهورية الاسلامية الوليدة رئيس الوزراء لياقت خان الذي بدأ عهده بتنفيذ قرار الأمم المتحدة الصادر في الأول من كانون الثاني 1949 والخاص بوقف إطلاق النار في كشمير .
وفور تخرجه ، عمل محمد علي جناح بمهنة المحاماة ، وبعد ثلاث سنوات أصبح واحدا من أكثر محامي كراتشي شهرة ، لامتلاكه مهارات الدفاع ، واعتماده على قدرته البلاغيّة العالية للفوز في العديد من القضايا التي تولاها ، كما عرف عنه ذكاؤه وجرأته وجديته .
وفي عام 1905 بدأت أولى خطوات محمد علي جناح في عالم السياسة حيث التحق بحزب المؤتمر الوطني الهندي ، وفي العام نفسه سافر إلى لندن ليثير المسألة الهندية في عاصمة الامبراطورية ، مطالبا باستقلالها عن الاستعمار البريطاني ، وقد كان ذلك أثناء الانتخابات البرلمانية العامة التي كانت تشهدها بريطانيا آنذاك ، ليضع المسالة الهندية في دائرة اهتمامات الاحزاب السياسية وعموم الشعب البريطاني ، وبعد عام من عودته الى الهند ، عمل سكرتيرا لرئيس حزب المؤتمر الوطني الهندي دادابهاي نواروجي رئيس حزب المؤتمر الوطنيّ الهنديّ ، الذي كان اكبر منظّمة سياسيّة تعمل من اجل استقلال الهند .
وقد ألقى جناح أول خطاب سياسي له في مدينة كلكتا عام 1906 ، دعا فيه إلى استقلال الهند ، وفي عام 1910 انتخب محمد علي جناح عضوا في المجلس التشريعي الجديد ، وكان صوته هو الأبرز داخل المجلس مطالبا بالاستقلال وداعيا إلى الوحدة بين الطوائف المختلفة ، وظل عضوا فاعلا بهذا المجلس طيلة أربعة عقود .
وفي 1913 ربطَ جناح العصبة المسلمة بحزب المؤتمر ، وفي عام 1916 اُنتخب رئِيسا للعصبة المسلمة ، وفي عام 1919 أَصبح ممثل مسلمي بومباي في المجلس التشريعيّ الإمبراطوريّ ، الذي كان مجلسا تشريعيّا وطنيّا ذا سلطة محدودة تحت اشراف الحكومة الاِستعماريّة البريطانيّة.
في عام 1920 اعلن المؤتمر الوطنيّ الهنديّ عن بداية حملة عامة لمقاطعة البريطانيين في الهند ، هنا اختلف محمد علي جناح مع توجهات هذه الحركة واستقال من حزب المؤتمر ، وقطع علاقته بحزب المؤتمر الوطني الهندي متفرغا لقيادة العصبة الإسلامية ، ومتبنيا فكرة التعاون المعتدل مع البريطانيّين والتحويل التدريجيّ للسلطة في الهند الى ايدي الهنود ، مواصلا في نفس الوقت الدعوة الى اتحاد المسلمين والهندوس في دولة واحدة .
وفي عام 1929 أصدر بيانا سياسيا مهما تضمن 14 بندا طالب فيها بتخصيص ثلث مقاعد المجلس التشريعي المركزي للمسلمين ، ووضع تشريع دستوري يتضمن حماية دينهم ولغتهم وثقافتهم ، ولكن ذلك لم يكن كافيا في نظر فريق من زعماء الأقلية المسلمة في الهند ، الذين اعلنوا استياءهم من بعض توجهات محمد علي جناح السياسية .
كانت الاختلافات بين حزب المؤتمر والعصبة المسلمة عميقا ، وكان هناك خلاف عميق بين جناح وبين المهاتما غاندي ، قائد حزب المؤتمر ، وقد برزت هذه الاختلافات بوضوح في مؤتمر الطاوِلَة المستديرة في لندن عام 1930، حيث اجتمع زعماء هنود وبريطانيون لمناقشة مستقبل الهند السياسي .
بعد هذا المؤتمر ، شعر محمد علي جناح بشدة الضغوط عليه من المسلمين والهندوس معا ، فقرر تعليق انشطته السياسية ، والبقاء في انكلترا عاكفا على دراسة القانون هناك ، الى عام 1934 عندما عاد الى الهند ، وقد صمم على الانخراط في النشاط السياسي ، ولكن ضمن توجهات جديدة هذه المرة .
منحت حكومة الهند البريطانية عام 1935 صلاحيات اوسع إلى الحكومات الإقليميّة الهندية، وفي اِنتخابات 1937 العامّة ، ربح حزب المؤتمر أغلبيّة في سبعة مقاطعات من اصل احد عشر مقاطعة ، وقد رفض المؤتمر تشكيل حكومات إئتلاف مع العصبة المسلمة .
وسرعان ما اكتشف معظم المسلمون ـ بمرارة والم ـ أَن لا سلطة تشريعية تستطيع أن تحمِيهم في الهند المتحدة، حيث الهنود يكونون أغلبية ساحقة ، وتوصل محمد علي جناح الى قناعة باستحالة بقاء المسلمين والهندوس معا في دولة مركزية واحدة بعد استقلال الهند عن بريطانيا ، ونيجة لهذه القناعة ، فقد طالب جناح اولا ـ في اجتماع العصبة الإسلامية الذي عقد في ذلك العام 1937 ـ بالاستقلال التام للمسلمين ضمن اتحاد فدرالي هندي إسلامي ، ثم صعّد مطالبه في اجتماع العصبة في لاهور في اذار / عام 1940 ودعا إلى تقسيم شبه القارة الهندية إلى كيانين هما الهند وباكستان ـ وتعني في العربية الارض الطاهرة ـ على أن تضم الأخيرة كل مسلمي الهند .
وفي عام 1944 ، ارسل جناح رسالة إلى المهاتما غاندي يوضح له فيها رؤيته لهذه القضية جاء فيها : (( نحن نصر ونتمسك بأن يكون المسلمون والهندوس أمتين كبيرتين ، وذلك طبقا لأي تعريف أو معيار للأمة ، نحن أمة لمائة مليون مسلم ، وعلاوة على هذا نحن أمة ذات أمور متميزة في الثقافة والحضارة واللغة والأدب والفن والهندسة المعمارية والأسماء والمصطلحات الخاصة والشعور بالقيم والعدل والتاريخ والملكات والطموح ، وباختصار لنا وجهة نظرنا المتميزة عن الحياة ، ووفقا لجميع مبادئ القانون الدولي نحن أمة )) .
وقد لقيت هذه الدعوة قبولا واسعا لدى مسلمي الهند ، وفي عام 1946 وافقت عليها بريطانيا ، وفي 14 أغسطس/ آب 1947 ، أعلن محمد علي جناح قيام جمهورية باكستان الإسلامية وأصبح أول رئيس لهذه الجمهورية الوليدة ، ولكن ذلك الإعلان لم يمر بسلام ، فبعد شهور قليلة ، اندلعت أول حرب بين الهند وباكستان في محاولة من كلا البلدين لبسط سيطرته على كشمير التي اعلن حاكمها الهندوسي ضمها الى الهند رغم كون اكثرية سكانها من المسلمين الذين كانوا يرغبون في الانضمام الى الباكستان ، وقد تدخل العديد من قبائل قندهار الأفغانية بإيعاز من محمد علي جناح لنصرة المسلمين الكشميريين والوقوف معهم في مطالبهم.
لم يستمر محمد علي جناح ـ الذي منحه المؤتمر التأسيسي الاول في الباكستان لقب قائد عظيم Quaid-I-Azam رسميا ـ في الحكم طويلا ، فقد توفي في أيلول 1948 عن عمر ناهز الاثنين والسبعين عاما، والحرب لازالت مشتعلة بين الهند والباكستان ، بعد ان اصبح الاب المؤسس لواحدة من اكبر الدول الاسلامية في العالم .
وفي معرض تقييم ما قام به محمد علي جناح ، يأخذ عليه البعض ما يعتبرونه تسرعا في السعي باتجاه الانفصال عن الهند وتقسيم شبه القارة الهندية على أسس دينية وثقافية، وهو ما أدى بحسب رأيهم إلى اندلاع النزاعات الحدودية بين الدولتين التي نالتا استقلالهما بعد كفاح دام مرير ، ودخولهما في سباق تسلح لا ينتهي ، الأمر الذي عاد بعواقب وخيمة على اقتصاديات البلدين ، في حين كان بإمكانهما الاستفادة من الإمكانات الاقتصادية الهائلة لأرضيهما لو أمكن لهما الاتفاق على صيغة للتعايش معا ،أما البعض الآخر فيرى أن ما قام به محمد علي جناح ونجح في تنفيذه من تقسيم شبه القارة الهندية ، أراح الأقلية المسلمة التي كانت تعيش في الهند قبل نزوحها إلى باكستان من تعصب الهندوس ضدهم .
وقد خلف جناح في قيادة الجمهورية الاسلامية الوليدة رئيس الوزراء لياقت خان الذي بدأ عهده بتنفيذ قرار الأمم المتحدة الصادر في الأول من كانون الثاني 1949 والخاص بوقف إطلاق النار في كشمير .