لغة الجسد في القرآن الكريم/د. عبد القادر مغدير

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,784
التفاعل
17,903 114 0

لغة الجسد في القرآن الكريم

الدكتور عبد القادر مغدير


لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وكلفه بعمارة الأرض، ولذلك زوده بالأدوات التي تمكنه من التواصل مع العوالم المحيطة به، وأولى هذه الأدوات وأهمها اللغة بنوعيها الشفهية وغير الشفهية. ما من شك في أن الاتصالات البشرية حدثت وتحدث باستخدام الحركات المختلفة للرأس، أو اليدين، أو العينين، أو غيرها من أعضاء الجسد. ولقد باتت هذه الحركات لغة حقيقية يتم بها الاتصال، وتبنى عليها أحكام، وتتخذ بسببها مواقف، وتنجز بها أعمال، وتعطل بها مصالح، وتقرر بها مصائر قال الشاعر: نظرة فابتسامة فموعد فلقاء .
لقد تطورات اللغات الإنسانية، وتطورت معها وسائل التواصل إلا أن الإنسان لا ولن يستطيع الاستغناء عن لغة الجسد التي حباه الله بها، فهو يستخدمها مع كل حرف يصدره، أو كلمة يقولها، أو عبارة ينشئها، فهي كالملح في الطعام، لا يكون له طعم إلا به، وكذلك لغة الجسد، بدونها يغدو الكلام جافا، أو مبهما، أو خاليا من الذوق، يقولون: السكوت علامة الرضا، وهذا صحيح في وضعية معينة يدركها الناظر، ولكن قد يكون السكوت علامة للحزن والاكتئاب، أو علامة للغضب قبل انفجاره، أو علامة للخوف، أو... أو الخ.
ولَما كانت هذه اللغة، أي لغة الجسد ضرورية ومهمة في حياة الإنسان، بل في عالم المال والأعمال فقد صارت تعلم للعمال والموظفين في كل المجالات، وخصوصا في الأعمال التي تتطلب احتكاكا بالجمهور كالفنادق، والمطارات، ومحطات القاطرات والسيارات، والمستشفيات، وغيرها، بل صارت لغة الدعاية والإعلان، فكل صورة إعلانية لا تنفك تشتمل على إشارات غير شفهية تغزو "لا شعور" المتلقي. ولقد صارت هذه اللغة معيار نجاح الشركات والمؤسسات الاقتصادية الصغرى والكبرى، يتوقف نجاحها على حُسْن توظيف وتفعيل هذه اللغة بدءا من مكان العمل، وانتهاء بالعاملين والموظفين.
إن القرآن الكريم هو حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، وكتابه الذي أنزله بالحق والميزان، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وهو المعجزة الخالدة التي حبا الله بها هذه الأمة، فنزل بلغتها، وجعلها خير أمة أخرجت للناس إن هي أذعنت لهذا القرآن، وحكمته في حياتها.
إن القرآن الكريم باعتباره كتاب دعوة وإرشاد، وتعليم وتوجيه فقد استخدم أساليب شتى، ووسائل مختلفة لإقناع الإنسان، وصده عن غيه، ورده إلى هذا الدين ردا جميلا. من هذه الوسائل لغة الجسد، وأقصد بها الإشارات غير الشفوية التي نجدها مبثوثة هنا وهناك في آي القرآن الكريم، في أساليبه الخبرية أو الإنشائية. ما من شك في أن هذه الإشارات تحمل في طياتها دلالات محددة يجب على القارئ الواعي أن يسبر غورها، ويستخرج مكنونها، ويصل إلى مداها.
إن ما دفعني إلى دراسة لغة الجسد في القرآن الكريم ما يأتي:
ـ قراءتي لكتاب "لغة الجسد" لـ"آلن بيز، تعريب سمير شيخاني.
ـ حبي للقرآن الكريم، ويقيني أنه لا توجد ظاهرة في الكون تتعلق بالإنسان إلا وقد تعرض لها القرآن بشكل أو بآخر.
ـ علمي بأن القرآن الكريم استخدم كل وسائل الاتصال البشري بغية التبليغ والإقناع.
ولقد اتبعت في دراسة هذه الإشارات غير الشفوية الخطوات الآتية:
ـ استخراج الآيات التي تحتوي إشارات غير شفهية.
ـ معرفة آراء المفسرين حولها.
ـ استخراج الدلالات والمعاني التي تحملها.
ـ عرضها بأسلوب سهل وميسر.
وأنا لا أدعي أنني قد وقفت على كل الآيات التي تحمل إيماءات، فقد يكون قد فاتني الكثير منها، كما أنني لا أزعم أنني قد أتيت بجديد؛ لأني كجالب تمر إلى هجر، ولكن حسبي أني أفردت لهذه الظاهرة بحثا، وبوبته بطريقتي، وصغته بأسلوبي.

الإيماءات المذكورة في القرآن ودلالاتها:

1 ـ سد الأذن بالأصبع:

إنَّ وضع رأس الأصبع في الأذن لكفها عن السماع يحمل دلالتين اثنتين هما:
إحداهما: الامتناع عن سماع الأصوات القوية الشديدة المزعجة، وهذا ما نجده في قوله تعالى: " يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ " [البقرة: 19]. قال أحمد[1] بن المنير: "إنهم يبالغون في إدخال أصابعهم في آذانهم فوق العادة المعتادة في ذلك فرارا من شدة الصوت".
وأخراهما: الامتناع عن الاستماع لدعوة الحق، وهذا يتجلى في قوله سبحانه: " جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا " [نوح:7]. قال الزمخشري[2]: "سدوا مسامعهم عن استماع الدعوة".

2 ـ تغطية الإنسان رأسه بثيابه:

قد يكون ذلك لأشياء كثيرة، قد يكون لتجنب البرد، أو الحر، أو خوفا من شخص لا يريده أن يراه، أو المزح، أو الاستهزاء، وقد يكون كراهة النظر إلى وجه من ينصحه ويرشده، وهذا ما نجده في قوله تعالى: " وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا " [نوح:7]. قال الزمخشري[3]:" واستغشوا ثيابهم "، وتغطوا بها، كأنهم طلبوا أن تغشاهم ثيابهم، أو تغشيهم لئلا يبصروه كراهة النظر إلى وجه من ينصحهم في دين الله، وقيل: لئلا يعرفهم".

3 ـ الإشارة:

قد تكون بالسبابة، وقد تكون بالعينين. وفي قوله تعالى: " فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ " [مريم:29] أي: أشارت إلى ابنها عيسى الرضيع عليه السلام أن يتكلم ليدافع عنها وعن شرفها، وليثبت لهم أنه من الله، وليس كما يزعمون أو يظنون. ولا ندري هذه الإشارة أو الإيماءة: أكانت بالعينين أم بالأصبع أم بماذا؟ المهم أن الإيماءة قد حصلت، والاستجابة لها قد وقعت، وعيسى عليه السلام قد تكلم، والحجة قد ثبتت، والمعجزة قد تحققت، والظانون قد بهتوا، قال تعالى: " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا..." [مريم:30 وما بعدها]. قال السدي: "لما أشارت إليه غضبوا، وقالوا: لسخريتها بنا أشد علينا من زناها". يفهم من كلام السدي أن الإشارة قد تحمل معنى السخرية، وذلك إذا كانت لشيء مستحيل الوقوع، كأن تأتي إلى بئر غائرة وعميقة، وتسأل عمن حفرها، فيشير صاحبها إلى ابنه الصغير الذي لا يتأتى له فعل ذلك حقيقة.

4 ـ ستر العورة بأي شيء:

إذا تكشفت عورة الإنسان، وكان في مكان عام بحيث يراه الناس لجأ إلى سترها بأي شيء، وإن لم يجد فبيديه، أو أوى إلى أي مكان يستره، وهذا ما نجده في قوله تعالى: " وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ " [طه من الآية 121] فآدم وحواء حينما انكشفت سوآتهما لم يستسلما للأمر الواقع، بل حاولا سترها، قال الزمخشري[4]: "أي: يلزقان الورق بسوآتهما للتستر". إذن في الآية إيماءة إلى الحياء والتستر.

5 ـ طأطأة الرأس:

إن الإنسان يطأطئ رأسه لله سبحانه خضوعا وتذللا، ولمن هو أعلى منه رتبة ومنزلة كحاكم وغيره ولاء وطاعة. وقد ينحني برأسه إلى الأسفل تفكرا وتدبرا، أو حياء وخجلا، أو شعورا بالذنب والندم، أو تعبا وشقاء، أو ذلا وانكسارا، أو انخزالا وانبهاتا، وهذا ما حدث لقوم إبراهيم عليه السلام حين كسر جميع أصناهم، وعلق الفأس في رقبة كبيرهم، فلما سألوه عن الفاعل، " قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ " [الأنبياء:63]، حين ذلك أطرقوا برؤوسهم؛ لأنهم أحسوا بأنهم على خطأ، وهو على صواب، وأن هذه الأصنام التي لا تدافع عن نفسها ليست جديرة بأن تعبد من دون الله، قال تعالى: " ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ " [الأنبياء: 65]. قال الزمخشري[5]: "نكسته: قلبته، فجعلت أسفله أعلاه، وانتكس: انقلب، أي: استقاموا حين رجعوا إلى أنفسهم، وجاءوا بالفكرة الصالحة، ثم انتكسوا وانقلبوا عن تلك الحالة، أو قُلِبوا على رؤوسهم حقيقة لفرط إطراقهم خجلا وانكسارا وانخزالا مما بهتهم به إبراهيم".

6 ـ المشية:
للإنسان مشيات عديدة، كل مشية في حد ذاتها رسالة يقرأها ويفسرها من ينظر إليه.
ـ مشية اللين: قد يمشي الإنسان مشية لينة هينة، وذلك إذا كان مهموما، أو محزونا، أو مهزوما، أو ضعيفا بدنيا أو نفسيا، أو لأنه من أصحاب الوقار والتواضع، فلا يختال في مشيته ولا يتكبر، تواضعا لله، ورحمة بالناس. وهذا المعنى نجده في عدة آيات:
أ ـ قال تعالى: " وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا " [الفرقان: 63] وقال الزمخشري[6]: " هونا ": حال أو صفة للمشي بمعنى: هينين، أو مشيا هينا، والهون: الرفق واللين، والمعنى: أنهم يمشون بسكينة ووقار وتواضع".
ب ـ قال تعالى: " وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ " [لقمان: 19]، قال الزمخشري[7]: "واعدل فيه حتى يكون مشيا بين مشيين: لا تدب دبيب المتماوتين، وتثب وثيب الشطار".
ـ مشية الحياء: قد تكون المشية إيماءة إلى الحياء أو الخجل، كما حكى الله سبحانه عن ابنة شعيب فقال: " فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء " [القصص: 25] قال الزمخشري[8]: " في موضع الحال، أي: مستحيية متخفرة[9]، وقيل: قد استترت بكم درعها".
ـ مشية الخيلاء: هي مشية الجبابرة والمتكبرين والمتغطرسين الذين يستصغرون من حولهم، ويحتقرونهم، قال تعالى: " وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً "[الإسراء:37]، فقد تضمنت هذه الآية نهيا عن المشية التي فيها مرح وتكبر، ووصفت هذه المشية بأن فيها تطاول وتعال، وفيها دك للأرض، قال الزمخشري[10]: "لن تجعل فيها خرقا بدوسك لها وشدة وطأتك بتطاولك، وهو تهكم بالمختال"، وقال[11] أيضا: "ولا يضربون بأقدامهم، ولا يخفقون بنعالهم أشرا وبطرا". .
وقد تكون هذه المشية لإغاظة المتعالين والمتكبرين، وهذه المشية محمودة، ولا إثم فيها، وقد فعلها أبو دجانة في غزوة أحد؛ إذ وضع عصابته الحمراء، وأخذ يتبختر في مشيته أمام الأعداء، فاستهجنها الصحابة رضوان الله عليهم، وأخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: " إن الله يبغض هذه المشية إلا في هذا الموطن ". وقد يمشي هذه المشية الواثقون من أنفسهم الذين يريدون أن يثبتوا لغيرهم أنهم ليسوا أقل منهم مكانة وقيمة.

7 ـ لطم الوجه براحة اليد:

هذه الإيماءة قد تدل على الخجل والحياء، أوالتعجب والاستغراب، وقد استخدمتها امرأة إبراهيم عليه السلام حينما بشرت بالولد، وهي عجوز عقيم، قال تعالى:
" وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ * فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ "
[الذاريات: 28-29]،
قال الزمخشري[12]: "قال الحسن: أقبلت إلى بيتها، وكانت في زاوية تنظر إليهم؛ لأنها وجدت حرارة الدم، فلطمت وجهها من الحياء. " فصكت "أي فلطمت ببسط يديها، وقيل: فضربت بأطراف أصابعها جبهتها فعل المتعجب".

8 ـ امتناع الضيف عن الأكل:

لا يمتنع الضيف عن الطعام إلا إذا كان مريضا، أو أن الطعام لم يعجبه، أو أنه لم يسترح للأكل مع الحاضرين، أو أنه لا يحب الأكل في جماعة، أو أنه تعود الأكل في وضعية معينة، أو أنه يرى نفسه أعلى من أن يأكل مع هؤلاء، أو أنه يرفض الأكل حتى يقضى غرضه، إن كان صُلحا، أو خِطبة، أو شفاعة أو غيرها. وعدم أكل الضيف يجعل المضيف في حيرة من أمره، وقد يبعث في نفسه الخوف والقلق، وهذا ما حصل لإبراهيم عليه السلام، حين جاءه الملائكة، وهو لا يعرفهم، فاستضافهم وذبح لهم، وحين قدم إليهم الأكل امتنعوا، فخاف، قال تعالى: " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * .إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ " [الذاريات: 24-28]، قال الزمخشري[13]: "فأوجس: فأضمر، وإنما خافهم؛ لأنهم لم يتحرموا بطعامه، فظن أنهم يريدون به سوءا".

9 ـ رفع الثوب اتقاء البلل:

عادة ما يلجأ الإنسان إلى رفع ثيابه السفلى إلى الأعلى إن كان يريد أن يلج ماء أو يتخطاه، وذلك لئلا تتبلل، وهذا عين ما حصل لبلقيس حينما دخلت الصرح[14] رفعت ذيل ثوبها حتى لا يصيبه البلل؛ لأنها ظنته ماء قال تعالى: " قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ" [النمل: 44] ، قال الشيخ الشعراوي[15]: "حسبته لجة" ظنته ماء، والإنسان إذا رأى أمامه ماء أو بللا يرفع ثيابه بعملية آلية قسرية حتى لا يصيبه البلل؛ لذلك كشفت عن ساقيها يعني: رفعت ذيل ثوبها".

10 ـ الإعراض عن الغير:

للإعراض عن الناس إيماءات متقاربة كلها تلتقي عند وجه الإنسان، وهي ثلاث:
ـ الإعراض بالوجه فقط: يستخدم الإنسان هذه الإيماءة ليشعر من أمامه بأنه لا يرغب في الحديث معه، أو الاستماع إليه، إما تكبرا عليه واحتقارا له، أو استثقالا له، وقد نهانا الله سبحانه عن ذلك في قوله تعالى: " وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ " [لقمان: 18]، قال الزمخشري[16]: "أقبل على الناس بوجهك تواضعا، ولا تولهم وجهك وصفحته، كما يفعل المتكبرون"..
ـ الإعراض بالوجه والنأي بالجنب: إذا لم يرغب الإنسان فيمن أو فيما أمامه أعرض عنه أي: انحرف عنه بجنبه، ولم يباشره بوجهه تعبيرا منه عن رفضه له، وزهده فيه، أو استغنائه عنه، قال تعالى: " وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ " [الإسراء: 83]، قال الزمخشري[17]: "كأنه مستغن عنه، مستبد بنفسه، ونأى بجانبه: تأكيد للإعراض، لأن الإعراض عن الشيء أن يوليه عرض وجهه، والنأي بالجانب: أن يلوي عنه عطفه، ويوليه ظهره، وأراد الاستكبار؛ لأن ذلك عادة المستكبرين. إذن من الإيماءات المصاحبة للإعراض بالوجه النأي بالجنب.
ـ الإعراض بالوجه وإدارة الظهر: الاستدارة بالظهر تومئ إلى الهرب أو الخوف، ونجد هذه الإيماءة في قوله تعالى: " وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ " [القصص: 31 ]، إذن موسى عليه السلام كان مقبلا ، فحينما خاف أدار وجهه، وهرب ، ولذلك أمره الله سبحانه بأن يرجع إلى هيئته الأولى، ولا يخاف.

11 ـ الابتسام:

ما أكثر الابتسامات التي ترتسم على وجوه الذين نقابلهم أو نراهم، ولكنها ليست متساوية في دلالاتها، فقد تدل على الفرحة والسرور، أو الخجل والحياء، أو الغضب والانفعال، أو الغموض كما هو على وجه الموناليزا[18]، وقد تكون الابتسامة عريضة ساخرة، أو بائسة تعيسة، أو زائفة مضللة. إذن يعبر الابتسام عن طائفة كبيرة من المشاعر. وهو ظاهرة إيجابية وطبيعية تبعث على الراحة والعافية. قال آلن بيز[19]: "اضحك وكن معافى".
قال تعالى: " فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا " [النمل: 19]. في هذه الآية جمع بين إيماءتين اثنتين هما التبسم والضحك. قال الزمخشري[20]: تبسم شارعا في الضحك وآخذا فيه، يعني: أنه قد تجاوز حد التبسم إلى الضحك" ثم ذكر بأن سبب ضحكه شيئان هما:
ـ إعجابه بما دل من قولها علة ظهور رحمته ورحمة جنوده وشفقتهم، وعلى شهرة حاله وحالهم في باب التقوى.
ـ سروره بما آتاه الله مما لم يؤت أحدا، وإن إدراكه بسمعه ما همس به بعض النمل، ومن إحاطته بمعناه، ولذلك اشتمل دعاؤه على استيزاع الله شكر ما أنعم به عليه من ذلك، وعلى استيفاقه[21] لزيادة العمل الصالح والتقوى".

12 ـ جرح اليد بالسكين للدهشة:

قال تعالى: " فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ " [يوسف: 31]. لقد أحبت زليخة امرأة العزيز يوسف عليه السلام، وانتشر خبر ذلك بين النساء، فأرادت أن تبين لهن بأنها معذورة في حبها؛ لأن جمال يوسف لا يقاوم، فعزمتهن وأعطتهن سكاكين، وطلبت من يوسف عليه السلام أن يخرج عليهن، فلما رأينه أبهرهن جماله الرائع، وحسنه الفائق فقطعن أيديهن. قال الزمخشري[22]:"أعتدت لهن نمارق يتكئن عليها والسكاكين في أيديهن، وقصدت بتلك الهيئة أن يدهشن عند رؤيته، ويُشغلن عن نفوسهن فتقع أيديهن على أيديهن فيقطعنها".
قال ابن كثير[23]: "وجعلن يقطعن أيديهن دهشا برؤيته، وهن يظنن أنهن يقطعن الأترج بالسكاكين، والمراد أنهن حززن أيديهن بها". وقال مجاهد[24]: قطعنها حتى ألقينها". وقال الشعراوي[25]: "وهل هناك تصوير يوضح ما حدث لهن من ذهول أدق من هذا القول؟". إذن امرأة العزيز بذكائها ودهائها استخدمت لغة الجسد لتقول للنساء اللائي عزمتهن بأنه لا لوم عليها، فيوسف جدير بما فعلت".

13 ـ غلق الباب:

غلق الباب يحمل عدة إشارات، فقد يغلق بقوة في حال الغضب والانفعال، وقد يغلق برفق في حال تسلل حتى لا يشعر به أحد؛ لأنه سارق، أو لأنه خائف إن كان ابنا أو ما كان في حكمه، أو خائف من الإزعاج إن كان ضيفا أو نحوه، أو حرصا على راحة النائمين إن كان أبا أو أما أو نحوهما، وقد تكون تفسيرات أخرى لم أهتد إليها. وغلق الباب لذاته كفعل إيماءة قد تعني الرغبة في الاحتجاب عن العالم الخارجي، أو الرغبة في التستر والتخفي؛ أو حب الخلوة والانعزال، أو التفكر والتدبر، أو حب الهدوء والسكون، أو الشعور بالأمان والاطمئنان. وفي قصة يوسف قال تعالى:" وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ " [يوسف:23]. و" غلقت " بالتضعيف للمبالغة في إغلاق الأبواب وإحكامها، أي: أحكمت إغلاقها لتأمن على نفسها من الداخلين؛ لأن من يفعل الشيء القبيح يعلم قبح ما يفعل، ولذلك يحاول أن لا يراه أحد، وأيضا تريد أن تشعره بالأمان بأن ما سيفعله لا يطلع عليه أحد من أهل القصر، أو أنها تريد إخافته ومحاصرته ليعلم بأن لا خيار له إلا فعل ما تريد، أو أنها تريد أن تهيئ لنفسها بيئة مناسبة للإغواء والجذب، وله مناخا ملائما للانجذاب والتأثر. وكلها إيماءات يعوزها المقام، ويقتضيها معنى " غلَّقت ".

14 ـ الجري نحو الباب:

إيماءة توحي باللهفة والشوق لمعرفة القادم، وإن عرف فهي توحي بحبه والرغبة في لقائه، أو في حب ما يجلبه، وكذلك يفعل الأطفال وهو ينتظرون أحد محبيهم كآبائهم أو ما شابه؛ لأنهم يشعرون معهم بالأمان، ولأنهم يوفرون لهم ما يرغبون في من ألعاب ومقتنيات، ولأنهم يأخذون إلى حيث يحبون ويرغبون، وغيرها من التفسيرات الممكنة. في قصة يوسف الوضع مختلف قال تعالى: " وَاسْتَبَقَا البَابَ " [يوسف: 25] من؟ إنهما يوسف وامرأة العزيز. لماذا؟ يوسف يريد الفرار من موقف لا يرغب فيه، وامرأة العزيز تريد أن تمنعه من الخروج لتحقق ما أضمرته وعزمت عليه. إذن حملت الآية معنيين مختلفين لإيماءة واحدة، اختلفتا باختلاف النية والقصد، وحدد ذلك السياق، قال تعالى: " وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ " [يوسف: 25]".

15 ـ تمزيق ثوب الغير:

هذه إيماءة توحي بأشياء كثيرة منها: رغبة الغالب المسيطر في إذلال مغلوبه، وإشعاره بالذلة والمهانة، أو محاولة الضعيف المهزوم التخلص من القوي بأية طريقة ولو بتمزيق ثيابه، أو علامة على المقاومة وعدم الاستسلام، أو الرغبة في كشف عورة الطرف الآخر حبا في الاستمتاع والتلذذ بفعل التمزيق، وبجسمه المكشوف. وقد يكون التمزيق رغبة في منع شخص من الهرب والفرار كما هو الحال في قوله تعالى: " وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ " [يوسف: 25] تريده أن يبقى ولا يخرج، وهو يريد أن يخرج ولا يبقى، ولذلك كان التمزيق من الخلف، قال الزمخشري[26]: "فأسرع يريد الباب ليخرج، وأسرعت وراءه لتمنعه الخروج".

16 ـ شم شيء لشخص غائب:

إن الثوب الملبوس يحمل رائحة لابسه، والاحتفاظ به احتفاظ برائحة لابسه، وهذا لا يفعله الإنسان إلا مع من يحب أو يكره، والهدف واحد وهو عدم نسيانه. وفي قصة يوسف قال تعالى: " فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا " [يوسف: 96]. جاء البشير وهو أحد إخوة يوسف بقميص يحمل رائحة يوسف لأبيه الكفيف ليبشره بأن يوسف حي وسيلقاه، ودليله قميص يوسف الزكي برائحته التي لم ينسها الأب مع أن مدة الفراق كانت طويلة، بل إن الأب قد اشتم رائحة يوسف قبل أن يقبل البشير قال تعالى: " قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون " [يوسف: 95]. وفي ذلك إشارة إلى أن المحب لا ينسى رائحة من يحب ولو طال الزمن، فكيف إن كان أبا أو أما.

17 ـ المسافة بين الجالسين:

إن المساحة القريبة من الإنسان والمحيطة به، يعتبرها الإنسان من ممتلكاته الخاصة، ولذلك يدافع عنها بقوة، ولا يسمح لأي إنسان أن يقربها أو يقتحمها إلا برضاه، والأشخاص الوحيدون المسموح لهم بدخولها هم القريبون منه عاطفيا، كالوالدين، والزوجة، والأولاد، والإخوة، والأصدقاء، ولذا نجد يوسف عليه السلام يقرب والديه بعد معانقتهما، ويجلسهما إلى جنبه على العرش كدلالة على الحفاوة، والقرب، والمساواة في المنزلة والمكانة، قال تعالى: " وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ " [يوسف:100] ، في هذه الآية ثلاث إيماءات: أولاهما: الجلوس على العرش،
و" العرش "هو سرير الملك الذي يدير منه الحاكم أمور الحكم. وفي هذا إشارة إلى المكانة المرموقة التي وصل إليها يوسف عليه السلام. ثانيتها: " رفع " وتدل على علو العرش وارتفاعه، وهذا يجعل الجالس عليه يشعر بالرفعة والقدرة على السيطرة، ويشعر من يقف بين يديه بالانخفاض والانكسار.
والأخيرة: رفع أبويه على العرش، وفي ذلك دلالة على إكرامه لوالديه وتقديره لهما، قال الشعراوي[27]: "وقد رفع يوسف أبويه على العرش؛ لأنه لم يحب التميز عنهم، وهذا سلوك يدل على المحبة والتقدير والإكرام".

18 ـ خفض الجسد:

أو الانحناء مظهر من مظاهر التقدير والاحترام، أو الرهبة والخوف، أو الطاعة والولاء. وفي قصة يوسف ذكر الله سبحانه أن آل يعقوب قد سجدوا ليوسف، كما سجد الملائكة لآدم عليه السلام طاعة لله سبحانه، قال تعالى: " وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا " [يوسف: 100]، وقال الشعراوي[28]: "وهم حين سجدوا ليوسف؛ هل فعلوا ذلك بدون لم الله؟ طبعا لا". إذن سجود الملائكة لآدم، وسجود آل يعقوب ليوسف هو شكر لله، وبعلم الله. وقال الزمخشري[29]: "كانت السجدة عندهم جارية مجرى التحية والتكرمة، كالقيام، والمصافحة، وتقبيل اليد، ونحوها مما جرت به عادة الناس؛ من أفعال شهرت للتعظيم والتوقير". وقال آلن بيز[30]: "تاريخيا استخدم خفض علو جسد الشخص أمام شخص آخر كوسيلة لإظهار العلاقات التابعة".

19 ـ عبوس الوجه:

قد يكون الإنسان عابس الوجه إذا كان حزينا، أو مهموما، أو كئيبا، أو مريضا، أو مهزوما، أو غاضبا، أو عاشقا مكسورا، أو منبوذا، وقد يستخدم الإنسان العبوس كوسيلة للرفض والإعراض، قال تعالى: " عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الْأَعْمَى " عبس: 1-2]، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان مع صناديد قريش يدعوهم للإسلام، وجاءه ابن أم مكتوم الأعمى وطلب منه أن يعلمه مما علمه الله، وهو لا يعلم أنه مشغول بالقوم، فعبس وأعرض عنه[31].

20 ـ خفض الصوت:

قد يخفض الإنسان صوته إذا كان مريضا، أو خائفا، أو وقورا، أو حييا، أو رزينا وثابتا، قال تعالى: " وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ " [لقمان: 19] قال الزمخشري: "وأنقص منه وأقصر" لماذا؟ لأن غض الصوت إيماءة إلى الوقار والحياء والرزانة، ورفع الصوت قد يدل على التسلط والتجبر، أو العنجهية والاحتقار، أو التفاهة الحقارة، والإزعاج والإقلاق، والله سبحانه شبه الصوت المنكر بصوت الحمار فقال: " إن أنكر الأصوات لصوت الحمير "؛ لأن النفوس تستحوشه وتنفر منه.

الخاتمة
لقد توصلت من خلال هذه الدراسة للنتائج الآتية:
1 ـ إن لغة القرآن شاملة لوسائل التبليغ والاتصال، ومنها لغة الجسد أو الإيماءات التي زخر بها القرآن الكريم.
2 ـ إن لغة الجسد في القرآن الكريم غنية بدلالاتها ورسائلها التي ينبغي أن تراعى الدقة في تفسيرها، وذلك بحسن قراءتها، ووضعها في السياق الذي وردت فيه.
3 ـ إن لغة الجسد لا تقل أهمية عن اللغة المنطوقة، ولذلك لا ينبغي الاستغناء عنها، أو تجاهلها أو إهمالها، أو التقليل من أهميتها.
4 ـ إن لغة الجسد في القرآن الكريم تحتاج إلى حس عال، وإدراك كبير لفهمها فهما صحيحا، بعيدا عن التأويلات الخاطئة، والتفسيرات العشوائية.
5 ـ إن لغة الجسد واللغة المنطوقة تجدهما متعانقين في السياق القرآني، لا تنفك إحداهما عن الأخرى، بل تتزاحمان لتؤديا رسالة واحدة.
6 ـ تنوع المضامين الدلالية التي تحملها لغة الجسد في القرآن الكريم.
7 ـ إن لغة الجسد قادرة على مخاطبة العقل، وتحريك العواطف، ودغدغة المشاعر، وتوصيل الرسالة الربانية إلى المخاطب بأسلوب سهل وسلس.
8 ـ إن لغة الجسد من الأساليب التي استخدمها القرآن في سرد قصصه، وإصدار أوامره ونواهيه.
9 ـ إن الإيماءة كالكلمة لا تفهم فهما صحيحا ودقيقا إلا في السياق الذي وردت فيه.
ما ذكرته من الإيماءات هو غيض من فيض، وقطرة من بحر مما هو في القرآن الكريم من الإشارت غير الشفوية، فقد تجاوزت الكثير منها حبا في الاختصار، وطلبا للتركيز، وإن وفقني الله سبحانه فسأجمع كل الإيماءات وأخرجها في كتاب إن شاء الله.
وأخيرا أرجو من القارئ الكريم أن يتسع صدره لزلاتي أو هفواتي، فما قصدت إلا الصواب، وقد بذلت جهدي ليكون عملي صائبا.

بتصرف بسيط جدا عن رابطة أدباء الشام

الهوامش

[1] يراجع الانتصاف بحاشية الكشاف: 1/91.
[2] تفسير الكشاف: 4/604.
[3] المصدر السابق: 4/604.
[4] المصدر السابق: 3/91.
[5] المصدر السابق:3/122.
[6] المصدر السابق: 3/283.
[7] المصدر السابق. 3/383.
[8] المصدر السابق: 3/388
[9] "الخَفَر بالتحريك : شدة الحياء". لسان العرب لابن منظور: 4/253 (مادة خفر)
[10] تفسير الكشاف: 2/641.
[11] المصدر السابق: 3/283.
[12] المصدر السابق: 4/392.
[13] المصدر السابق: 4/392.
[14] تفسير الشعراوي: 17/10792: " وهو القصر المشيد الفخم، أو البهو الكبير الذي يجلس فيه الملوك"
[15] المصدر السابق: 17/10792
[16] المصدر السابق: 3/482.
[17] تفسير الكشاف: 3/662.
[18] لوحة الفنان الإيطالي ليوناردو دي فانشي المعروفة بالجوكندة.
[19] لغة الجسد: تعريب سمير شيخاني: ص 177.
[20] المصدر السابق: 3/345-346.
[21] استوفقت الله: سألته التوفيق. الصحاح (مادة وفق).
[22] يراجع الكشاف: 3/445.
[23] تفسير القرآن العظيم لابن كثير: 2/494.
[24] قول مجاهد ذكره القرطبي في تفسيره: 5/164، وابن كثير في تفسيره: 2/494.
[25] تفسير الشعراوي: 11/6935.
[26] تفسير الكشاف: 2/441.
[27] تفسير الشعراوي: 12/7077.
[28] المصدر السابق: 12/7079.
[29] تفسير الكشاف: 2/486.
[30] لغة الجسد: ص 120.
[31] تفسير الكشاف: 4/687.

 
عودة
أعلى