إعداد الدولة للحرب

althqeel

عضو
إنضم
1 يونيو 2008
المشاركات
63
التفاعل
0 0 0
p046_1_1.jpg

الإعداد العسكري



يعتبر الإعداد العسكري أمراً حيوياً بالنسبة لكل دولة، لأن القوات المسلحة هي المسؤولة عن حماية حدود الدولة، وصيانة مبادئها ومعتقداتها ومصادرها الاقتصادية، وهي الحصن الذي تتقي به أعداءها، لذلك فإن إعداد القوات المسلحة يتطلب عناية فائقة من حيث التنظيم والإعداد والتدريب والتسليح، والعمل على مسايرة ما يحدث من تطور في جيوش العالم. ولا شك أن العناية بالفرد جسمياً وروحياً وأخلاقياً تعد من الأساسيات التي لاتقل أهمية عن التدريب والتسليح.

وقد اهتمت القيادة الإسلامية بذلك، مما أدى إلى تجهيزها لجيش لم تعرف الدنيا له نظيراً في الشجاعة والتضحية والبسالة والإقدام؛ والجدير بالذكر أن الله قد فرض الجهاد على هذه الأمة بعد أن ترسخ الإيمان العميق في قلوب المسلمين بإدراك وعد الله لمن يقاتل في سبيله ثم يقتل، حيث قال الله تعالى:
BRAKET_R.GIF
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين.
BRAKET_L.GIF
(1).

والإعداد العسكري يتطلب إعداد جيش يقظ وحريص وعلى درجة استعداد عالية ومتأهب لرد أي عدوان، وأن تعمل الأمة بكل فئاتها وأفرادها على رعاية جيشها بقلوبها، وإحاطته بعنايتها، وأن تمده بكل عون، وأن يكون هناك تعاون كامل بين الجيش والشعب؛ ذلك أنه كلما كان الجيش الدولة قوياً، عاد عليها ذلك بمكاسب لا حصر لها، حيث يهابها أعداؤها، وتكون لها كلمة مسموعة في المحيط الدولي، وتصبح ذات مكانةٍ مرموقة لها اعتبار في المحافل الدولية.
ولكل دولة استراتيجية عسكرية تستمد منها عقيدتها العسكرية، التي تعد على أساسها القوات المسلحة للدولة بكافة أفرعها، وكما يُعدُّ الشعب عسكرياً؛ واعتماداً على هذه العقيدة تتحدد أسس التعبئة العسكرية والتخطيط الاستراتيجي لإعداد القوات المسلحة من حيث الإعداد المادي والعسكري والتسليحي. كما يتطلب الإعداد العسكري، إعداد مسارح العمليات المحتملة لخوض الحرب مع الأعداء المتوقعين. ويتطلب الإعداد السليم إشراك كافة أجهزة الدولة فيه، ومن ثم تتحقق للدولة الجاهزية المطلوبة من الداخل وعلى حدود أعدائها. وسنعرف من خلال العناصر التالية تفاصيل الإعداد العسكري على مستوى الدولة حتى تكون جاهزة لردع العدوان وحماية حدودها.

إعداد الدولة عسكرياً

عنصر أساسي من عناصر الإعداد الشامل؛ ويتمثل الإعداد العسكري في القوة الظاهرة التي تتكون من الرجال والسلاح. وإعداد الرجال وتهيئتهم أمر يستلزم وجود السلاح والقدرة على استخدامه. ولقد حث الإسلام على الإعداد -بكل ما عنته كلمة الإعداد من معنى ليكون- المسلمون قوة ترهب أعداءهم، حيث قال الله تعالى:
BRAKET_R.GIF
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون
BRAKET_L.GIF
(2). وهذا أمر بالإعداد العسكري، وهو واجب حتمي، فالقرآن الكريم وضع أصول النظم الحربية لما قبل المعركة وللمعركة ذاتها وما بعدها، ولم يترك طريقاً يؤدي إلى الانتصار والفوز إلا حث عليه وأمر به، لذلك يجب الاهتمام بالتعليم والتدريب وإقامة المصانع الحربية وإيجاد الخبرات العسكرية والكفايات الازمة.

ولابد أن يكون الإعداد العسكري صالحاً للزمان والمكان الذي ستخوض فيه الدولة معاركها المستقبلية، ففي كل يوم تطالعنا الدنيا بأخبار جديدة في الاختراع والابتكار وإنتاج الإسلحة المتطورة. وقد أشار القرآن الكريم -بصورة مجملة- إلى متطلبات القتال، كصناعة الأسلحة والذخائر حيث قال الله تعالى:(وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون)(3)، وقال تعالى:(وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون)(4). وإقامة المصانع الحربية في بلاد المسلمين أصبحت من أهم حاجات العصر، وفتح المدارس والكليات العسكرية والمعاهد الفنية من ضروريات الإعداد العسكري بل هي واجب من الواجبات التي لا يتحقق الإعداد إلا بها.
ويجب إعداد الدولة عسكرياً في وقت مبكر، وبناء على تخطيط دقيق بعيد المدى، وليس قبل نشوب الحرب، لأنه قد تتعرض الدولة لقطع الموارد عنها، وقد تضطر إلى شرائها بثمن أكبر، وقد يستعمل الأعداء السلاح الاقتصادي ضد الدولة. وفضلاً عن إعداد أجهزة الدولة ومؤسساتها فلا بد أيضاً من إعداد القوى البشرية لأنها تعد (من أهم عناصر إعداد الدولة عسكرياً للحرب. ويتضمن إعداد القوة البشرية للحرب كلاً من : القوات العاملة، والقوات التي تعبأ عند قيام الحرب. فيحدد حجم القوات العاملة التي تكفي لصد العدوان، ويحدد لها مناطق تمركزها وقت السلم، ومستويات اكتفائها الذاتي، وكفاءتها القتالية المطلوبة، وأساليب استكمالها، وخطط فتحها، واتخاذ أوضاعها الدفاعية أو الهجومية)(5).
وهذا يتطلب تأهيل الجبهة الداخلية عسكرياً، وهي التي تتمثل في أفراد الشعب لكونهم الخط الثاني الذي يقف وراء القوات المسلحة لدعمها ومساندتها. وتتضافر جميع أجهزة الدولة لتهيئة الشعب لتحمل مشاق الحرب.

الإعداد العسكري للشعب

إن إعداد الشعب عسكرياً، يتطلب في البداية إعداده سياسياً ومعنوياً - وهو ما سبق أن عرضناه في الحلقات السابقة - التي اتضح من خلالها أن الشعب إذا لم يكن مقتنعاً بأهمية معركته، وأهمية وقوفه صفاً وحداً خلف قيادته السياسية، وحساسية دوره في دعم العمل العسكري من خلال الارتفاع بمعدلات الإنتاج وتطويره للأحسن، وثقته التامة بقواته المسلحة وبعدالة قضيته، وأن المعركة ليست معركة جيش، إنما هي بالضرورة معركة شعب بأكمله ومعركة أمة بأسرها؛ فسيكون من الصعب إعداده عسكرياً.
ويعتمد الإعداد العسكري للشعب على العوامل التالية (6) :
أ. تدريب القوات الاحتياطية للحفاظ على كفاءتها القتالية، مع وضع نظام جيد وسريع لاستدعائها.
ب. تشجيع الشباب على القيام بالمناشط شبه العسكرية، مثل: المعسكرات الكشفية، والقيام ببعض أعمال الحراسة للمنشآت الحيوية، والدعوة إلى زيارة الوحدات والمواقع العسكرية، وحضور بعض المشروعات التكتيكية لوحدات القوات المسلحة؛ بهدف غرس حب الوطن والشجاعة والإقدام في قلوبهم، وتحبيب عمليات الفداء والبطولة إلى نفوسهم.
ج . تعديل المناهج الدراسية في المدارس لإدخال بعض الموضوعات العسكرية المناسبة لتدريب وتعويد الشباب على الانضباط والعمل الجماعي، والانصياع إلى أولى الأمر؛ فضلاً عن الإحساس بالوطنية، وتنمية المهارات الحسية والجسمانية لاكتساب القوة مع منح مزايا مادية وأدبية للمتفوقين.
د. إجراء بعض التمارين والتدريبات العسكرية في المؤسسات المختلفة المدنية، مع التدريبات على أعمال الحراسة والدفاع المدني.
ومن خلال إعداد الشعب عسكرياً، يمكن تكوين خطوط بشرية صالحة عسكرياً كاحتياطيات جاهزة لدعم القوات المسلحة أثناء عملياتها الحربية، حتى يمكن سد النقص لما يحدث من قتلى وإصابات، كما تؤدي إلى توفير العناصر اللازمة لتأمين المؤسسات والمنشآت الحيوية، وحماية الاقتصاد الوطني من أي تخريب أو تهديد داخلي.
ومن أهم عوامل الإعداد العسكري إعداد الشباب، وذلك بتربية الناشئة تربية إسلامية صحيحة وغرس الفضائل فيهم، وتنشئتهم على الاعتزاز بدنينهم وحب أوطانهم، وبغض كل مايرد عليهم من خارج بيئتهم مما ليس فيه فائدة، ونبذ العادات السيئة والتقاليد المستوردة المخالفة لدينهم وقيمهم. ولنعلم أنه بدون تنمية الجانب الديني والأخلاقي في شبابنا، سيكون من الصعب تأهيلهم وإعدادهم عسكرياً، ذلك أن تنمية سلوك الفرد وفقاً لما نشأ عليه أيسر بكثير من تغيير هذا السلوك أو تبديله .

التعبئة العسكرية أساس الإعداد العسكري

تعد التعبئة العسكرية عاملاً مهماً وحيوياً، حيث تتطلب تضافر جهود الدولة ككل وليس فقط القوات المسلحة، ولكن الكلمة العليا في شؤون الحرب تكون للقيادة السياسية لأن الذين يخوضون الحرب هم الأكثر علماً وخبرة بمطالبها. لذلك يجب على القيادة السياسية الاستجابة لمطالبهم وعدم عرقلة أعمالهم.
(ولا تستطيع أية دولة - مهما كانت قدراتها الاقتصادية مرتفعة - أن تحتفظ بقواتها المسلحة كاملة الحجم طيلة الوقت، إذ إن في ذلك عبئاً ضخماً على اقتصاد الدولة وتأثيراً كبيراً على سير الحياة فيها، لذلك تعمد أغلب الدول إلى الاحتفاظ زمن السلم بحجم من القوات قادر على مواجهة الأحداث المفاجئة، مع وضع نظام دقيق وسليم لتعبئة الحجم اللازم لاستكمال القوات المسلحة زمن الحرب. ولا شك أن لكل دولة ظروفها الخاصة التي تحدد حجم هذا الجزء أو ذلك، ذلك أن الأمر يحتاج إلى موازنة عدة أمور قبل إقرار حجم القوات المسلحة في السلم وحجمها أثناء الحرب)(7).
وتعتمد التعبئة العسكرية على الاستخدام الصحيح للعوامل العسكرية والسياسية والمعنوية، نظراً لأن إعداد القوات المسلحة إعداداً كاملاً يتطلب الاهتمام بالعوامل الاقتصادية وإعدادها لتأمين التموين والتسليح، وحساب العوامل المعنوية، وإعداد السكان عسكرياً واقتصادياً، وشرح هدف السياسة لهم حتى يصلوا لمرحلة تفوق حالة العدو.
هذا وإن حجم القوات المسلحة زمن السلم يجب أن يتضمن القوى القادرة على بدء العمليات الحربية مباشرة، دون الحاجة إلى وقت طويل للانتشار ورفع الجاهزية، وخاصة في القوة الجوية والدفاع الجوي وتشكيلات القوى البشرية الموجودة قرب حدود الدولة وفي مسرح العمليات الرئيسي والقادر على بدء العمل مباشرة وصد العدوان وإتاحة الوقت اللازم للتعبئة وانتشار باقي تشكيلات القوات المسلحة ودفعها إلى مسرح العمليات. وأما حجم القوات المسلحة زمن الحرب فيتحدد على ضوء الأهداف السياسية والعسكرية للدولة والمهام المطلوب تحقيقها بالحرب، وكذلك على ضوء حجم وقدرات العدو المنتظر ونسبة التفوق المطلوبة لمواجهته ومدة استمرار العمليات وحجم الخسائر المتوقعة(8).
وحيث إن الاحتفاظ بأحجام كبيرة من القوات المسلحة يؤثر على استنزاف موارد الدولة الاقتصادية والبشرية، لذلك يجب وضع نظام دقيق للتعبئة قادر على الانتقال بالقوات المسلحة من حالة السلم إلى حالة الحرب في أقل وقت وبأفضل طريقة. وتدخل خطة التعبئة للقوات المسلحة ضمن خطة التعبئة العامة للدولة، كما أنها تتمشى مع اتجاهاتها وأهدافها. ولضمان تنفيذ خطة التعبئة بسرعة وبدقة، يجب وضع خطة متكاملة للاستدعاء وتجهيز مناطق ومراكز لتعبئة الأفراد يسهل الوصول إليها، مع توفير وسائل المواصلات للانتقال، وإعداد المخازن والمستودعات للأسلحة والمعدات، وعمل أوقات خلال العام لإجراء التجارب على تنفيذ خطة التعبئة، حتى يمكن تلافي نقاط الضعف وتطوير الخطط وتحسينها. وتعد خطة التعبئة لرفع درجة استعداد القوات المسلحة من أهم الخطط التي تعدها قيادة القوات المسلحة خلال السلم، حتى تضمن سرعة التنفيذ ودقة الأداء عند إعلان التعبئة زمن الحرب أو في الظروف الطارئة.

التدريب والإعداد القتالي
للقوات المسلحة

التدريب عنصر أساسي من عناصر تحقيق النصر في المعركة، حيث إن الجيش الذي لا يتم إعداده وتدريبه جيداً لن يحقق نصراً، حتى ولو كان متفوقاً على عدوه في القوة والعتاد، لأن الفرد إذا لم يتدرب في ظروف تشبه ظروف المعركة الحقيقية، ويتحمل مشاقها أثناء التدريب، فلن يتحمل خوض معركة، وبقدر ما يبذل من عرق في التدريب أثناء السلم، يتوافر الدم وقت الحرب.
و(يعد التدريب القتالي من أهم واجبات السلم، وهو أساس إعدادها للحرب، فالتدريب الشاق الجيد، المبني على أسس سليمة، هو حجر الزاوية في تكوين قوات قادرة على الدخول في القتال أو مواجهة أي موقف، وبالتالي تحقيق حماية الدولة ضد أي عدوان؛ لذلك فإن من أهم الخطط السنوية للقوات المسلحة، خطة التدريب القتالي التي تهدف إلى تطوير الكفاءة القتالية والاستعداد القتالي لمختلف وحدات الفروع الرئيسية وتشكيلاتها، وكذا أجهزة القيادة العامة)(9).
ويجب التركيز في التدريب على العناية باللياقة البدنية لتقوية الأجسام، وتعويد الجنود على تحمل الشدائد، وكذا تأهيلهم عقلياً ليجيدوا التخطيط وحسن التصرف في مواجهة المواقف الطارئة، وإعدادهم روحياً لتتحسن صلتهم بالله وليعظم توكلهم عليه، ولنغرس في قلوبهم أن النصر من عند الله، وأن العدد والعتاد والتدريب والاستعداد... كلها وسائل فقط توصل إلى النصر بعد مشيئة الله وارادته.
ويجب أن تعد خطة التدريب متكاملة، وأن تراعى فيها الأسس التالية:
(1) مهام العمليات المتوقعة .
(2) العدو المحتمل وأساليبه القتالية .
(3) طبيعة مسرح العمليات.
يجب إعداد القادة للحرب، بحيث يكون لديهم القدرة على التوجيه والإشراف والتنسيق والقيادة والسيطرة، إذ (القيادة هي القدرة المتوافرة لدى الشخص "القائد" والدافعة للآخرين على تنفيذ أوامره، بعيداً عن أي أثر للسلطة وما يترتب عليها من إكراه. ولكي تؤدي القيادة دورها في تحقيق أهداف الجماعة، لابد من توافر شرطين مهمين فيمن يتولى قيادة الجماعة، هما:
(1) الكفاءة القيادية. وذلك من خلال توافر العديد من الصفات القيادية الموروثة والمكتسبة، التي تمنحه القدرة على التأثير على سلوك الآخرين.
(2) تمتعه بحب مرؤوسيه من خلال صفاته القيادية وقدرته على التأثير في سلوكهم)(10).
وجدير بالذكر أن النصر في المعركة يعتمد، بعد عون الله تعالى أولاً وأخيراً، على إعداد الجندي، وتأهيله على سلاحه، بحيث يمكنه استخدامه تلقائياً - إذا كان سلاحاً فردياً - أما إذا كان ضمن طاقم، فيجب أن يكون هناك تفاهم كامل بين أفراد الطاقم، وهذا يجري أثناء التدريب الفردي، ثم يأتي التدريب الجماعي - الذي يبدأ من مستوى الحضيرة حتى أعلى مستوى - للتدريب على العمل كفريق واحد ضمن مستوى التشكيلات؛ ثم يأتي بعد ذلك تدريب الأسلحة المشتركة بين القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي. ومن الضروري أن يتم هذا التدريب في ظروف تشابه ظروف الحرب الحقيقية؛ مع التركيز على التدريب في ظروف استخدام أسلحة التدريب الشامل.

الجاهزية القتالية والتأمين الشامل للقوات المسلحة

الجاهزية القتالية هي الوصول بالقوات المسلحة إلى قدرة قتالية محسوبة، بالمقارنة مع القوات المضادة، بحيث تستطيع أن تخوض الحرب ولديها الكفاية من الأفراد والأسلحة والمعدات التي تصل إلى نسبة (100%) أو أكثر، وتكون قادرة على استمرار المحافظة على هذه النسبة أثناء المعركة بعملية الإمداد المستمر للبقاء على درجة الجاهزية بأعلى معدلها، خصوصاً أنها عامل مهم يؤثر على الروح المعنوية إيجاباً وسلباً. (وقد عني الإسلام أشد العناية باتخاذ الحيطة والحذر، وهو ما يسمى في العلم العسكري بدرجة الاستعداد العالية لحرمان العدو من المفاجأة، ولوقاية المسلمين من آثار الحرب المدمرة)(11)، لذلك اهتم الإسلام بالجاهزية العالية للقوات وجعل قضية اليقظة والحذر قضية حياة أو موت، كما حذر من الاستهانة بالعدو ومن الاغترار بالقوة، لأن كل ذلك يؤدي إلى إهمال الحذر.
أ. وتقودنا النظرة العلمية والعملية للحذر إلى عدة جوانب إيجابية، هي مقومات الحذر ومتطلباته، وهي من صميم أركان العقيدة العسكرية الإسلامية، وهي كالتالي(12):
(1) وسائل الإنذار المبكر وإجراءات الاستخبارات والاستطلاع والأمن، التي توفر للمسلمين أمرين، هما:
- الحصول مبكراً على المعلومات عن العدو ونواياه واستعداداته العدوانية..
- حرمان العدو من الحصول على المعلومات عن الأمة وعن جيشها.
(2) الحراسة المستمرة لحدود البلاد ومواقع الجيش والمنشآت الحيوية في أنحاء البلاد. بهدف وقايتها من الأعمال العدوانية والتخريبية، ورد العدوان عنها حال وقوعه، حتى يصل الدعم من القوة الرئيسية.
(3) الاحتفاظ بصفة مستديمة بأجزاء من القوات المسلحة على درجة استعداد عالية جداً، للعمل الفوري دون أدنى حاجة إلى إجراءات أو وقت للاستعداد للقتال وهو مايسمى (بدرجة الاستعداد القصوى).
(4) وجود قوات مسلحة عاملة على درجة عالية من التنظيم والتدريب والتسلح وغيرها من مقومات الكفاءة القتالية العالية، وهذه هي القوة الأساسية التي تقاتل العدو المهاجم.
(5) وجود نظام دقيق يكفل التعبئة السريعة للقوات الاحتياطية التي هي الرصيد الرئيسي الذي يدعم القوات العاملة وقت الحرب.
(6) إعداد الأمة للحرب من جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومن هنا (يعد تأمين الجاهزية القتالية للقوات المسلحة من أهم واجبات الاستراتيجية العسكرية؛ وجاهزية القوات هو وضعها في الحالة التي تمكنها من صد أي هجوم مفاجئ للعدو وإحباطه تحت أي نوع من الظروف ومن أي اتجاه... وتعد القوات المسلحة على درجة عالية من الجاهزية القتالية إذا كان مستوى تدريبها عالياً، وأسلحتها ومعداتها القتالية على درجة عالية من الصلاحية ... ونظام السيطرة والقيادة والقيادة فيها على مستوى عالٍ من الكفاءة، ومناطق عملياتها معدة مسبقاً)(13).
ويعد تنظيم درجات الاستعداد القتالي من أهم عوامل الجاهزية القتالية، ويجب أن تتوافر قوات جاهزة ليلاً ونهاراً، مع توافر نظام إنذار كامل يساعد بقية القوات التي في وقت الراحة على الدخول في القتال بطريقة منظمة وفي توقيتات محددة.
حالات الجاهزية القتالية (14):
(1) حالة الجاهزية القتالية العادية (اليومية).
(2) حالة الجاهزية القتالية العالية.
(3) حالة الجاهزية القتالية الكاملة .
ومن الواضح أن المعلومات الصحيحة التي تصل في الوقت المناسب، من أهم العوامل تأثيراً على رفع درجة جاهزية القوات، كما أن كفاءة وسائل الاتصال ومنظومة الإنذار تؤثر بشدة على التوقيت المناسب لرفع درجة الجاهزية .
كما (يعد التأمين الشامل للقوات المسلحة من المهام الرئيسية للاستراتيجية العسكرية، ويقع على وزارة الدفاع، وبعض أجهزة الدولة في سبيل تلبية المطالب الإدارية والفنية للقوات المسلحة. والعامل الرئيسي في تأمين مطالب القوات المسلحة من الاحتياجات، هو تحديد مطالبها بدقة. ويؤثر على هذه المطالب بعض العوامل، مثل... طبيعة الصراع المنتظر وشدته، والمدة المتوقعة لاستمراره، وقوة العدو، وطبيعة مسرح العمليات)(15).
إعداد مسرح العمليات وتجهيزه
تعد أرض الدولة كلها مسرح عمليات، نظراً للتطور في الأسلحة والمعدات؛ ولكن تختلف أهمية كل منطقة حسب تهديد العدو، وحسب مدى تأثير هذه المنطقة على الأهداف الحيوية في الدولة؛ ولذلك يقسم مسرح العمليات إلى اتجاهات رئيسية واتجاهات ثانوية، حتى يتم تركيز القوات حسب حجمها في الاتجاهات الأكثر تهديداً، مع الاحتفاظ باحتياطيات لتغطية الاتجاهات الأقل تهديداً عند حدوث مواقف طارئة.
ويحتاج مسرح العمليات إلى تجهيزات هندسية متعددة، تشمل: تجهيز المواقع والعوائق، مراكز القيادة، والطرق، والمطاردات، والقواعد البحرية، ومواقع أجهزة الإنذار ومواقع محصنة للدفاع الجوي.. وهذا كله يتطلب تضافر كافة جهود الدولة وتعاونها، والعمل على إعداد مسرح العمليات خلال السلم، حيث يحتاج إلى مدد زمنية طويلة وإمكانات مادية كثيرة، مع العمل على التعديل والتطوير حسب الموقف والأسلحة المستخدمة.
ب. (يعد مسرح العمليات أكثر العوامل تأثيراً على إعداد القوات المسلحة وأسلوب تنفيذها لمهامها القتالية؛ والهدف من تجهيز مسرح العمليات هو اتاحة الظروف المناسبة لسرعة وسرية انتشار القوات على الاتجاهات المختلفة، مع توفير أكبر قدر من الوقاية لها - وخاصة ضد تأثير أسلحة التدمير الشامل - كما يهدف إلى إتاحة أنسب الظروف للاستخدام المؤثر لجميع أسلحة ومعدات القتال، مع تحقيق إخفاء وتمويه القوات وإعاقة أعمال العدو)(16).
و(تتولى أجهزة الدولة المدنية - الاقتصادية والفنية والهندسية - القيام بإعداد سائر الأراضي للحرب بمعرفة القيادة العامة للقوات المسلحة، وبالاتفاق والتخطيط معها وبإشرافها. ويمكن بصورة عامة اعتبار النواحي الآتية هي النواحي الرئيسة لإعداد أرض الدولة للحرب)(17):
(1) شبكة المطارات .
(2) القواعد البحرية والموانيء .
(3) شبكة الطرق البرية .
(4) الجسور والأنفاق .
(5) شبكة المياه والوقود .
(6) المستودعات والمخازن الرئيسة .
وخير مثال نستطيع أن نستدل به على إعداد مسرح العمليات هو حرب شهر رمضان المبارك (أكتوبر 1973م)، حيث تم إعداده إعداداً مثالياً بناءً على دراسة دقيقة لإمكانات العدو، حيث كان العدو يتمتع بالسيادة الجوية والأسلحة بعيدة المدى، ولذلك تم التركيز على تحصين الطائرات في دشم، وتجهيز مناطق الهبوط والإقلاع وتمهيد ممرات احتياطية وبديلة، وتجهيز مواقع محصنة للدفاع الجوي على امتداد الجبهة مما قضى على التفوق الجوي للعدو. كذلك تم تجهيز طرق عديدة من الجبهة وإليها، بحيث تسهل عملية المناورة للقوات وتحريك الاحتياط. ولم يتم هذا العمل كله قبل الهجوم مباشرة، بل تم على أوقات - خلال خمس سنوات - مما كان له الأثر الأكبر في تحقيق النصر وعبور خط بارليف وتحطيم أسطورة العدو .
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
موضوع جميل جدا
يا رت تعدعمنا بمصدر الموضوع اخي الكريم
 
ومن مظاهر إعداد الدولة هو

إعداد الدولة إقتصاديا للحرب بتوفير التموين وإمدادات الغذاء والطاقة والمياه للشعب وقت الحرب بتوفير إحتياطي إستراتيجي

إعداد الشعب نفسيا عن طريق الإعلام لدخول الحرب وكذلك بواسطة الخطاب السياسي

ومن المظاهر المهمة جدا إعداد الدولة لمواجهة خطر الشائعات وقت الحرب
 
الحرب تبي جيش من الرجال لايعرف الخيانه
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى