كلما ذكرت راجمات الصواريخ الميدانية الحديثة وإمكانياتها المتطورة وقدراتها العالية على إطلاق النيران توارت المدفعيات خجلا وتواضعاً، ولكن ليس كلما يذكر عن قدرات وأداء الراجمات واقعياً، خاصة في لحظات المعارك والقتال الضاري حتى لو تم إبراز بعض هذه القدرات في رمايات تجريبية، فالراجمات لها قدرات على إضعاف العدو وتشتيت قواته لكنها تنطوي على عيوب لا يمكن إخفاؤها.
استخدمت البحرية البريطانية في عام 1806م بعض القذائف السريعة في حرب النرويج وكان ذلك بداية لاستخدام هذا النوع من القذائف، أو ما يعرف اليوم بالراجمات الصاروخية. وأول قذائف أمريكية سريعة ظهرت عام 1846م ولكن تضاءلت أهميتها مع تطور المدافع وزيادة معدلات إطلاقها ودقة أجهزة التوجيه. ومع بداية الحرب العالمية الثانية صمم الألمان أول راجمات صاروخية تقترب كثيراً من الراجمات الحالية وكانت من عيار 210مم مزودة بست أنابيب ويبلغ مداها 12كم، واستخدمت هذه الراجمات بشدة في الهجوم الألماني على الأراضي السوفيتية سنة 1941م مما دفع الروس إلى استيعاب الفكرة وتطويرها إلى راجمات بسعات وسرعة اكبر، فكانت راجمات مكونة من 18 أنبوبة عيار 130مم ومداها 6كم وأعطت تأثيراً أكبر في ذلك الوقت لإنتاجها النيراني السريع. ثم طور الروس عيار 140مم بـ18 أنبوبة ومدى 8 كم ثم أعيرة 200 ،240 ،280مم ليصل مدى الأخيرة إلى حوالي20 كم، وفي عام 1970م أنتجت معظم دول أوروبا راجمات صاروخية من عيار 280مم يصل مداها إلى 40كم لكن ظهرت المشكلة الأولى وهي الإمداد بالذخيرة.. واهتدى المصممون إلى تطوير التلقيم وجعله يتم بالحاوية نفسها لزيادة السرعة.
وظائف الراجمات
تستخدم هذه الراجمات لإنتاج الستائر النيرانية والغلالات المتقدمة والمتقهقرة لغمر منطقة معينة محدودة المساحة بالنيران المتواصلة تتجمع بها حشود العدو وذلك بغرض القضاء عليها في فترة زمنية قصيرة لا تتيح لها الهرب، ويمتاز قصف الراجمات عن قصف المدفعية أن تلك الحشود ستتفرق بعد طلقة المدفعية الأولى، وتزداد الحاجة لمثل هذا القصف السريع المتواصل في أحوال تجمع قوات العدو لعبور ثغرات الموانع وفي المراحل الأولى لإنشاء رؤوس الكباري والشواطئ وتستخدم أيضا لقصف المطارات ومراكز القيادة والتجمعات الإدارية والإمداد والتموين.
مميزات الأداء
تمتاز الراجمات الصاروخية بمعدل عالٍ جداً من إنتاج النيران بأقل عدد ممكن من العناصر البشرية. حيث يستطيع طاقم من ثلاثة أفراد استخدام ست راجمات بإنتاج نيران يعادل القصف النيراني الناتج من كتيبة مدفعية متوسطة بالإضافة إلى أن سرعة القصف لا تمكن أجهزة الرصد المعادية من اكتشاف مواقع الراجمات حيث تغادر موقعها عقب كل إطلاق. وتمتاز أيضا بالمدى الكبير الذي تستطيع أن تصل إليه والذي وصل إلى اكثر من 30كم مما يحقق الضرب في عمق تجمعات العدو، وحالياً توجد راجمات عيار 400مم يصل مداها إلى 200كم تزود برؤوس حربية متعددة ومتنوعة تنقسم فوق الأهداف إلى مقذوفات ذكية تبحث عن أهداف لتدميرها. كما أن تكلفة إنتاج الراجمات اقل بكثير من المدفعية (باستثناء راجمات الصواريخ الموجهة مثلا ضد الدبابات).
عيوب وسلبيات
معظم العيوب تتركز في مشاكل الاستخدام الميداني ففي حالة عدم وجود معلومات مؤكدة عن مواقع العدو وإطلاق قذائف متتالية... سنكتشف أننا أهدرنا القذائف ولكن بعد فوات الأوان. وفي المسافات الكبيرة قد لا تستطيع الراجمات تصحيح ضربها وأحياناً يكون حجم الهدف اقل من القذائف الصاروخية التي تم إلقاؤها عليه مما يعتبر إهدارا في القذائف والمجهود، وتزيد الخسارة إذا اكتشفنا بعد إطلاق هذا الجحيم أن الهدف كان هيكليا! ومن المشاكل الكبيرة أيضاً عملية تلقيم الراجمة حيث نحتاج إلى استعاضة القذائف في وقت قصير بكميات كبيرة مما يلقي عبئاً كبيراً على الإمداد لتأمين احتياجات الراجمات، وكم من مرة توقفت هذه الراجمات بعد نفاد ذخيرتها وعجزت وحدات الإمداد عن تزويدها بالذخيرة في الوقت المناسب ومجاراة معدلات استهلاكها.
الحل الأمثل
ويعتبر اشتراك المدفعيات والراجمات الصاروخية سويا والتنسيق بينهما هو الأفضل لتنفيذ المهام القتالية المطلوبة وذلك بتحقيق الاستفادة القصوى من مميزات كل منهما، حيث يخصص للراجمات ضرب الأهداف المتجمعة لفترات قصيرة في المساحات المحدودة لإجهاض أي استعدادات يجريها العدو.. وتغطي المدفعيات فترات إعادة ملء وتعبئة الراجمات، وكلما كانت الجبهة واسعة ومترامية وغير مركزة القوات كان دور المدفعيات ابرز بعكس الجبهات الضيقة والنقاط المتمركزة الكبيرة التي تخصص للراجمات، ومن الأمثلة العلمية لتلاحم واشتراك الاثنين معا ما حدث في حرب أكتوبر من ضرب النقط الحصينة بالراجمات ومنع العدو من عرقلة العبور المصري الكبير على جبهة العبور بامتداد 170كم والذي تم بالمدفعيات المختلفة بأكثر من 2000 قطعة مدفعية ولفترة مهدت لعبور فرق المشاة الميكانيكية بدون تدخل قوي من خطوط الدفاعات الإسرائيلية، كما أن أكبر خسائر بشرية منيت بها القوات الإسرائيلية كانت من ضرب الراجمات للقوات المتجمعة في منطقة الثغرة قبل وقف إطلاق النار مباشرة.
وفي حرب الخليج الأخيرة أطلقت الراجمات الصاروخية النيران الكثيفة التي أعاقت القوات العراقية من التصدي للهجوم البري بجانب القصف المدفعي المتنوع الأعيرة من المدافع ذاتية الحركة ومدفعية الدبابات.
وفي حرب الخليج الأخيرة أطلقت الراجمات الصاروخية النيران الكثيفة التي أعاقت القوات العراقية من التصدي للهجوم البري بجانب القصف المدفعي المتنوع الأعيرة من المدافع ذاتية الحركة ومدفعية الدبابات.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: