ايران الهدف القادم
الأعمى فقط من لا يرى أن الحكومة الأمريكية تحضر للهجوم على إيران. فوفقاً للبروفسور ميشال شوسودفسكي "الاستعدادات الأمريكية للحرب ضد إيران بمشاركة حلف الناتو وإسرائيل بدأت من مايو \أيار من عام 2003"
من الثابت أن الولايات المتحدة قامت بنشر وتوجيه صواريخها على إيران في الدول العربية التابعة لها، الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، كما أن هناك شكاً في نشر تلك الصواريخ في الدول الأخرى العميلة لها في الشرق الأوسط، كما قامت واشنطن بتعزيز القوى الجوية للمملكة العربية السعودية، وقامت بنشر تسعة آلاف جندي في إسرائيل للمشاركة في المناورات الهادفة إلى اختبار القدرات العسكرية للدفاعات الجوية الإسرائيلية. وحيث أن إيران لا تشكل أي تهديد إلا إذا ما هوجمت، فهذه الإستعدادات الحربية إشارة إلى نيّة واشنطن لمهاجمة إيران.
إشارة أخرى إلى وضع واشنطن الحرب على إيران على جدول أعمالها هو رفع اللهجة الأمريكية وتشويه صورة إيران من خلال وسائل الإعلام، من خلال استطلاعات الرأي التي تقوم واشنطن بدراستها فإن سياسة واشنطن النشيطة في البروباغندا التي تتبناها والتي تظهر إيران بمظهر الساعي للحصول على اسلحة نووية قد نجحت، وأن استطلاعات الرأي تشير إلى دعم نصف الرأي العام الأمريكي تقريباً لشن هجوم عسكري على إيران لمنعها من امتلاك أسلحة نووية، أما نحن الذين نحاول أن نوقظ وننشر الوعي لدى الرأي العام نصطدم بعقلية الأخ الأكبر الذي يريد أن يسيطر ويفرض رأيه على أخوته.
بما أن تقارير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذريّة الذين عملو على الارض في إيران كانت واضحة تماماً وتشير إلى عدم وجود أدلّة إلى محاولة إيران لتحويل اليورانيوم المخصب من برنامجها النووي إلى قنابل وبالتالي أن الضجيج الصاخب للمحافظين الجدد في واشنطن من خلال وسائل إعلامه لا أساس له، وهو يذكرنا بنفس الضجيج الصاخب الذي رافق إدعاءات واشنطن امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل فبناء على كذبة مات كل أولئك الجنود الأمريكيون في العراق.
إذا لم تكن الحرب هي الوسيلة الوحيدة لردع إيران من صنع السلاح النووي هي الحرب، فلم إذاً تلك الإستعدادات الحربية؟
برأيي، فإن دافع الحرب على إيران له ثلاثة عوامل:
الأول هو عقيدة المحافظين الجدد الذين يمسكون بالسلطة وهي التي تدفع الولايات المتحدة لفرض هيمنتها العسكرية والإقتصادية للسيطرة على العالم هذا الهدف يجاري الغطرسة الأمريكية التي تخدم الربح والقوة التي تفرضها.
العامل الثاني: هو القضاء على كل أشكال الدعم للمقاومة الفلسطينية وحزب الله في جنوب لبنان. وبالتالي فرض أهدف إسرائيل التوسعية على كل فلسطين وتأمين موارد المياه في جنوب لبنان، فالقضاء على إيران يزيل العقبات التي تحول دون تنفيذ إسرائيل لأطماعها التوسعية.
العامل الثالث: هو ردع أو على الإقل إبطاء صعود الصين كقوة عسكرية واقتصادية عظمى من خلال التحكم بموارد الطاقة التي تغذيها، الإستثمارات الصينية للحقول النفطية في شرق ليبيا هي التي أدت للحركة المفاجئة التي قامت بها الولايات المتحدة ودماها في حلف النيتو ضد ليبيا، كما أن الإستثمارات النفطية الصينية في إفريقيا هي التي دفعت إدارة بوش إلى تأسيس إلى قيادة الجيوش الأمريكية في إفريقيا والتي تهدف إلى مقاومة النفوذ الصيني الإقتصادي من خلال النفوذ الأمريكي العسكري. الصين من جهة أخرى تمتلك استثمارات كبيرة جداً في مجال الطاقة في إيران والتي تشكل نسبة كبيرة من وارداتها النفطية، منع الصين من الوصول إلى تلك الموارد هي الوسيلة لكبح جماح الصين لنقل الصراع إلى عقر دارها.
ما نشهده هو تكرار سياسة واشنطن تجاه اليابان في الثلاثينيات من القرن المنصرم، وهي التي دفعت اليابان لمهاجمة بيرل هاربر، حيث قامت الولايات المتحدة بتجميد الأرصدة المالية اليابانية وتقييد وصول اليابان إلى موارد النفط والمواد الخام بغرض كبح جماح إندفاع اليابان الإقتصادي ما كانت نتيجته الحرب وهجوم اليابان على بيرل هاربر.
بالرغم من غطرستها، فإن واشنطن تدرك مدى ضعف أسطولها الخامس المرابط في الخليج الفارسي ولن تجازف بخسارته وتعريض حياة عشرين ألفاً من قواتها البحرية إلا إذا كسبت ذريعة لهجوم نووي على إيران، ومن شأن هجوم كهذا تنبيه الصين وروسيا إلى أنهما قد يواجهان نفس المصير وبالتالي فإن العواقب ستكون أن العالم سيواجه مخاطر التعرض لهرمجيدون نووية مبنية على مبدأ التدمير المتبادل المبدأ الذي كان سائداً أيام الإتحاد السوفيتي.
واشنطن ستحصل علينا جميعنا من خلال حصد رؤسنا، أي منطق في إعلان واشنطن أن "آسيا-المحيط الهادئ" وبحر الصين الجنوبي على أنها مناطق المصلحة الوطنية الأمريكية؟ سيكون هذا نفس منطق إعلان الصين أن خليج المكسيك والبحر المتوسط هي مناطق مصلحة وطنية صينية!!
قامت واشنطن بإرسال 2500 جندي من مشاة البحرية إلى أستراليا واعدةً بنشر المزيد، لماذا تفعل هذا؟ حماية إستراليا من الصين أو لاحتلال أستراليا؟ أم تطويق الصين بـ 2500 مارينز؟ لن يعني للصين أي شيء فيما لو نشرت واشنطن 25 ألف جندي فكيف بـ2500؟
عندما تفكر ملياً فيها فإن تصريحات واشنطن ليست سوى استفزازات سخيفة لا طائل منها تجاه أكبر دائن تجاري للولايات المتحدة، ماذا سيحدث لو ان سياسات الولايات المتحدة الغبية وحلفائها الدمى دفعت الصين إلى القلق من إستيلائهم على ما قيمته تريليون دولار من سندات الخزينة الأمريكية، هل ستسحب الصين ودائعها من البنوك الأمريكية والبريطانية الضعيفة أصلاً؟ هل ستقرر الصين الضرب أولاً؟ ليس من خلال الأسلحة النووية بل من خلال بيع السندات الأمريكية ذات قيمة تريليون دولار دفعة واحدة؟
ستكون هذه الضربة أرخص كلفة من الحرب!
المجلس الاحتياطي الفدرالي سيقوم مباشرة بطبع تريليون دولار أخرى لشراء السندات وإلا فإن الولايات المتحدة ستواجه ارتفاع معدلات الفائدة، ماذا ستفعل الصين بعملات ورقية مطبوعة حديثاً، برأيي فإن الصين ستدفع بها دفعة واحدة إلى أسواق العملات، فمجلس النقد الاحتياطي لا يستطيع أن يطبع جنيهات استرلينية، يورو، وين ياباني وفرنكات سويسرية وروبلات روسية لشراء العملة الحديثة.
الدولار الأمريكي سيتعرض للضرب وسفقد قيمته. أسعار الواردات الأمريكية سترتفع بشكل كبير- والتي اليوم تشمل كل شيء يستهلكه الأمريكيون يصنعه الخارج- 90٪ من الشركات المنهكة من ارتفاع الفوائد على القروض ستواجه صعوبة كبيرة في دفع مستحقاتها وستجد نفسها في ورطة ما سيضطرها إلى الإفلاس وتسريح موظفيها، ما سيزيد الضغط على الدولار، التودد لأعداء واشنطن سيأخذ مدى أكبر، كما أن هروب بقية العالم من التعامل بالدولار سيزيد من احتمالات نشوب نزاعات نووية.
فإذا لم تطلق الصواريخ فإن الأمريكيين سيستيقظون في اليوم التالي في بلد من بلدان العالم الثالث، وإذا تم إطلاق تلك الصواريخ فإن قلة من الأمريكيين سيستيقظون.
يتعين علينا كأمريكيين أن نسأل أنفسنا عن السبب، لم حكومتنا مستفزة بهذا الشكل تجاه الإسلام، روسيا والصين وحتى إيران؟ مصلحة من يخدم هذا الوضع؟ بالتأكيد ليس مصلحتنا؟
من المستفيد من حكومتنا المفلسة التي تشعل مزيداً من الحروب، والتي تختار هذه المرة بلاداً ليست ضعيفة كالعراق وليبيا بل دولاً قوية كالصين وروسيا؟ هل يظن هؤلاء الأغبياء في واشنطن أن حكومة روسيا لا تعرف لماذا تُحاصر روسيا بقواعد الصواريخ وأنظمة الرادارات المتطورة؟ هل سيظن الأغبياء في واشنطن أن روسيا ستصدق كذبة أن تلك الصورايخ موجهة نحو إيران؟ فقط الغبي الوحيد الذي سيصدق هذه الكذبة هو الأمريكي الذي يشاهد الفوكس نيوز على شاشة تلفازه ويعتقد أن القضية هي قضية أسلحة نووية إيرانية.
كم سيطول أكثر صبر الحكومة الروسية على اللجنة الوطنية الأمريكية لرعاية الديمقراطية، وهي واجهة من ولجهات وكالة الإستخبارات الأمريكية CIA والتي تمول بعضاً من كبار أحزاب المعارضة ومنها ديمير كارا-ميرزا، بوريس نيمستوف، وألكسي نافالني، الذين ينظمون احتجاجات في كل انتخابات يفوز بها حزب بوتين زاعمين وبدون أي دليل على تزوير الإنتخابات ليوفرو دعاية لواشنطن والتي من دون شك تدفع بسخاء؟
في الولايات المتحدة أمثال هؤلاء الناشطين يعلنون كمتطرفين محليين ويتعرضون لمعاملة سيئة، في أمريكا حتى النشطاء والمناهضين للحروب يتعرضون لغزوات منظمة على منازلهم من قبل مكتب التحقيق الفدراليّ وتحقيقات مع هيئات المحلفين الكبرى.
ما أعنيه هو أن تلك الدولة الإجرامية التي تدعى روسيا هي دولة أكثر ديمقراطية وتسامحاً من الولايات المتحدة، أو جدلاً الدمى التي تتحكم بها في أوروبا والمملكة المتحدة.
أين علينا أن ننطلق من هنا؟ يتعين على الأمريكيين أن يستيقظوا، مباريات كرة القدم، الإباحيات ومراكز التسوق العملاقة شيء، ونهاية البشرية في كارثة نووية شيء آخر تماماً، هذه هي الحقيقة في واشنطن "حكومة تمثيلية" تمثل فقط مصالح قلّة من الأقوياء، بالتأكيد ليس الشعب الأمريكي هو من يسيطر على الحكومة الأمريكية. هذا هو السبب الرئيسي في أن الحكومة الأمريكية لا تفيد الشعب الأمريكي.
المرشحين الحاليين للرئاسة الأمريكية فيما عدا رون بول. يمثلون مصالح المسيطرين، الحرب والاحتيال المالي هما القيم الوحيدة المتبقية من القيم الأمريكية.
هل سيلمع الأمريكيين مرة أخرى صورة الديمقراطية من خلال المشاركة في الإنتخابات المزورة المقبلة؟
إذا كان لديك نيّة في التصوت، صوت لرون بول أو لمرشح لحزب ثالث أثبت لهم أنك لا تدعم الكذب وهذا النظام.
توقف عن مشاهدة تلفازهم، وقراءة صحفهم وإنفاق المال عليهم لأنك إن فعلت أياً من هذا فأنت تدعم الشر.
بول كريغ روبرتس
مساعد وزير الخزانة السابق في إدارة ريغان، محرر مشارك في صحيفة وول ستريت جورنال، شغل مناصب أكاديمية عدّة بما فيها كرسيّ وليم سايمون، ومركز الدراسات الأستراتيجية والدولية في جامعة جورج تاون، زميل أبحاق في معهد هوفر، جامعة ستانفورد، حصل على وسام جوقة الشرف الفرنسي من قبل الرئيس الفرنسي ميتيران، مؤلف لعدد من الكتب الهامة.
http://www.paulcraigroberts.org/
ترجمة توفيق قربة
الأعمى فقط من لا يرى أن الحكومة الأمريكية تحضر للهجوم على إيران. فوفقاً للبروفسور ميشال شوسودفسكي "الاستعدادات الأمريكية للحرب ضد إيران بمشاركة حلف الناتو وإسرائيل بدأت من مايو \أيار من عام 2003"
من الثابت أن الولايات المتحدة قامت بنشر وتوجيه صواريخها على إيران في الدول العربية التابعة لها، الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، كما أن هناك شكاً في نشر تلك الصواريخ في الدول الأخرى العميلة لها في الشرق الأوسط، كما قامت واشنطن بتعزيز القوى الجوية للمملكة العربية السعودية، وقامت بنشر تسعة آلاف جندي في إسرائيل للمشاركة في المناورات الهادفة إلى اختبار القدرات العسكرية للدفاعات الجوية الإسرائيلية. وحيث أن إيران لا تشكل أي تهديد إلا إذا ما هوجمت، فهذه الإستعدادات الحربية إشارة إلى نيّة واشنطن لمهاجمة إيران.
إشارة أخرى إلى وضع واشنطن الحرب على إيران على جدول أعمالها هو رفع اللهجة الأمريكية وتشويه صورة إيران من خلال وسائل الإعلام، من خلال استطلاعات الرأي التي تقوم واشنطن بدراستها فإن سياسة واشنطن النشيطة في البروباغندا التي تتبناها والتي تظهر إيران بمظهر الساعي للحصول على اسلحة نووية قد نجحت، وأن استطلاعات الرأي تشير إلى دعم نصف الرأي العام الأمريكي تقريباً لشن هجوم عسكري على إيران لمنعها من امتلاك أسلحة نووية، أما نحن الذين نحاول أن نوقظ وننشر الوعي لدى الرأي العام نصطدم بعقلية الأخ الأكبر الذي يريد أن يسيطر ويفرض رأيه على أخوته.
بما أن تقارير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذريّة الذين عملو على الارض في إيران كانت واضحة تماماً وتشير إلى عدم وجود أدلّة إلى محاولة إيران لتحويل اليورانيوم المخصب من برنامجها النووي إلى قنابل وبالتالي أن الضجيج الصاخب للمحافظين الجدد في واشنطن من خلال وسائل إعلامه لا أساس له، وهو يذكرنا بنفس الضجيج الصاخب الذي رافق إدعاءات واشنطن امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل فبناء على كذبة مات كل أولئك الجنود الأمريكيون في العراق.
إذا لم تكن الحرب هي الوسيلة الوحيدة لردع إيران من صنع السلاح النووي هي الحرب، فلم إذاً تلك الإستعدادات الحربية؟
برأيي، فإن دافع الحرب على إيران له ثلاثة عوامل:
الأول هو عقيدة المحافظين الجدد الذين يمسكون بالسلطة وهي التي تدفع الولايات المتحدة لفرض هيمنتها العسكرية والإقتصادية للسيطرة على العالم هذا الهدف يجاري الغطرسة الأمريكية التي تخدم الربح والقوة التي تفرضها.
العامل الثاني: هو القضاء على كل أشكال الدعم للمقاومة الفلسطينية وحزب الله في جنوب لبنان. وبالتالي فرض أهدف إسرائيل التوسعية على كل فلسطين وتأمين موارد المياه في جنوب لبنان، فالقضاء على إيران يزيل العقبات التي تحول دون تنفيذ إسرائيل لأطماعها التوسعية.
العامل الثالث: هو ردع أو على الإقل إبطاء صعود الصين كقوة عسكرية واقتصادية عظمى من خلال التحكم بموارد الطاقة التي تغذيها، الإستثمارات الصينية للحقول النفطية في شرق ليبيا هي التي أدت للحركة المفاجئة التي قامت بها الولايات المتحدة ودماها في حلف النيتو ضد ليبيا، كما أن الإستثمارات النفطية الصينية في إفريقيا هي التي دفعت إدارة بوش إلى تأسيس إلى قيادة الجيوش الأمريكية في إفريقيا والتي تهدف إلى مقاومة النفوذ الصيني الإقتصادي من خلال النفوذ الأمريكي العسكري. الصين من جهة أخرى تمتلك استثمارات كبيرة جداً في مجال الطاقة في إيران والتي تشكل نسبة كبيرة من وارداتها النفطية، منع الصين من الوصول إلى تلك الموارد هي الوسيلة لكبح جماح الصين لنقل الصراع إلى عقر دارها.
ما نشهده هو تكرار سياسة واشنطن تجاه اليابان في الثلاثينيات من القرن المنصرم، وهي التي دفعت اليابان لمهاجمة بيرل هاربر، حيث قامت الولايات المتحدة بتجميد الأرصدة المالية اليابانية وتقييد وصول اليابان إلى موارد النفط والمواد الخام بغرض كبح جماح إندفاع اليابان الإقتصادي ما كانت نتيجته الحرب وهجوم اليابان على بيرل هاربر.
بالرغم من غطرستها، فإن واشنطن تدرك مدى ضعف أسطولها الخامس المرابط في الخليج الفارسي ولن تجازف بخسارته وتعريض حياة عشرين ألفاً من قواتها البحرية إلا إذا كسبت ذريعة لهجوم نووي على إيران، ومن شأن هجوم كهذا تنبيه الصين وروسيا إلى أنهما قد يواجهان نفس المصير وبالتالي فإن العواقب ستكون أن العالم سيواجه مخاطر التعرض لهرمجيدون نووية مبنية على مبدأ التدمير المتبادل المبدأ الذي كان سائداً أيام الإتحاد السوفيتي.
واشنطن ستحصل علينا جميعنا من خلال حصد رؤسنا، أي منطق في إعلان واشنطن أن "آسيا-المحيط الهادئ" وبحر الصين الجنوبي على أنها مناطق المصلحة الوطنية الأمريكية؟ سيكون هذا نفس منطق إعلان الصين أن خليج المكسيك والبحر المتوسط هي مناطق مصلحة وطنية صينية!!
قامت واشنطن بإرسال 2500 جندي من مشاة البحرية إلى أستراليا واعدةً بنشر المزيد، لماذا تفعل هذا؟ حماية إستراليا من الصين أو لاحتلال أستراليا؟ أم تطويق الصين بـ 2500 مارينز؟ لن يعني للصين أي شيء فيما لو نشرت واشنطن 25 ألف جندي فكيف بـ2500؟
عندما تفكر ملياً فيها فإن تصريحات واشنطن ليست سوى استفزازات سخيفة لا طائل منها تجاه أكبر دائن تجاري للولايات المتحدة، ماذا سيحدث لو ان سياسات الولايات المتحدة الغبية وحلفائها الدمى دفعت الصين إلى القلق من إستيلائهم على ما قيمته تريليون دولار من سندات الخزينة الأمريكية، هل ستسحب الصين ودائعها من البنوك الأمريكية والبريطانية الضعيفة أصلاً؟ هل ستقرر الصين الضرب أولاً؟ ليس من خلال الأسلحة النووية بل من خلال بيع السندات الأمريكية ذات قيمة تريليون دولار دفعة واحدة؟
ستكون هذه الضربة أرخص كلفة من الحرب!
المجلس الاحتياطي الفدرالي سيقوم مباشرة بطبع تريليون دولار أخرى لشراء السندات وإلا فإن الولايات المتحدة ستواجه ارتفاع معدلات الفائدة، ماذا ستفعل الصين بعملات ورقية مطبوعة حديثاً، برأيي فإن الصين ستدفع بها دفعة واحدة إلى أسواق العملات، فمجلس النقد الاحتياطي لا يستطيع أن يطبع جنيهات استرلينية، يورو، وين ياباني وفرنكات سويسرية وروبلات روسية لشراء العملة الحديثة.
الدولار الأمريكي سيتعرض للضرب وسفقد قيمته. أسعار الواردات الأمريكية سترتفع بشكل كبير- والتي اليوم تشمل كل شيء يستهلكه الأمريكيون يصنعه الخارج- 90٪ من الشركات المنهكة من ارتفاع الفوائد على القروض ستواجه صعوبة كبيرة في دفع مستحقاتها وستجد نفسها في ورطة ما سيضطرها إلى الإفلاس وتسريح موظفيها، ما سيزيد الضغط على الدولار، التودد لأعداء واشنطن سيأخذ مدى أكبر، كما أن هروب بقية العالم من التعامل بالدولار سيزيد من احتمالات نشوب نزاعات نووية.
فإذا لم تطلق الصواريخ فإن الأمريكيين سيستيقظون في اليوم التالي في بلد من بلدان العالم الثالث، وإذا تم إطلاق تلك الصواريخ فإن قلة من الأمريكيين سيستيقظون.
يتعين علينا كأمريكيين أن نسأل أنفسنا عن السبب، لم حكومتنا مستفزة بهذا الشكل تجاه الإسلام، روسيا والصين وحتى إيران؟ مصلحة من يخدم هذا الوضع؟ بالتأكيد ليس مصلحتنا؟
من المستفيد من حكومتنا المفلسة التي تشعل مزيداً من الحروب، والتي تختار هذه المرة بلاداً ليست ضعيفة كالعراق وليبيا بل دولاً قوية كالصين وروسيا؟ هل يظن هؤلاء الأغبياء في واشنطن أن حكومة روسيا لا تعرف لماذا تُحاصر روسيا بقواعد الصواريخ وأنظمة الرادارات المتطورة؟ هل سيظن الأغبياء في واشنطن أن روسيا ستصدق كذبة أن تلك الصورايخ موجهة نحو إيران؟ فقط الغبي الوحيد الذي سيصدق هذه الكذبة هو الأمريكي الذي يشاهد الفوكس نيوز على شاشة تلفازه ويعتقد أن القضية هي قضية أسلحة نووية إيرانية.
كم سيطول أكثر صبر الحكومة الروسية على اللجنة الوطنية الأمريكية لرعاية الديمقراطية، وهي واجهة من ولجهات وكالة الإستخبارات الأمريكية CIA والتي تمول بعضاً من كبار أحزاب المعارضة ومنها ديمير كارا-ميرزا، بوريس نيمستوف، وألكسي نافالني، الذين ينظمون احتجاجات في كل انتخابات يفوز بها حزب بوتين زاعمين وبدون أي دليل على تزوير الإنتخابات ليوفرو دعاية لواشنطن والتي من دون شك تدفع بسخاء؟
في الولايات المتحدة أمثال هؤلاء الناشطين يعلنون كمتطرفين محليين ويتعرضون لمعاملة سيئة، في أمريكا حتى النشطاء والمناهضين للحروب يتعرضون لغزوات منظمة على منازلهم من قبل مكتب التحقيق الفدراليّ وتحقيقات مع هيئات المحلفين الكبرى.
ما أعنيه هو أن تلك الدولة الإجرامية التي تدعى روسيا هي دولة أكثر ديمقراطية وتسامحاً من الولايات المتحدة، أو جدلاً الدمى التي تتحكم بها في أوروبا والمملكة المتحدة.
أين علينا أن ننطلق من هنا؟ يتعين على الأمريكيين أن يستيقظوا، مباريات كرة القدم، الإباحيات ومراكز التسوق العملاقة شيء، ونهاية البشرية في كارثة نووية شيء آخر تماماً، هذه هي الحقيقة في واشنطن "حكومة تمثيلية" تمثل فقط مصالح قلّة من الأقوياء، بالتأكيد ليس الشعب الأمريكي هو من يسيطر على الحكومة الأمريكية. هذا هو السبب الرئيسي في أن الحكومة الأمريكية لا تفيد الشعب الأمريكي.
المرشحين الحاليين للرئاسة الأمريكية فيما عدا رون بول. يمثلون مصالح المسيطرين، الحرب والاحتيال المالي هما القيم الوحيدة المتبقية من القيم الأمريكية.
هل سيلمع الأمريكيين مرة أخرى صورة الديمقراطية من خلال المشاركة في الإنتخابات المزورة المقبلة؟
إذا كان لديك نيّة في التصوت، صوت لرون بول أو لمرشح لحزب ثالث أثبت لهم أنك لا تدعم الكذب وهذا النظام.
توقف عن مشاهدة تلفازهم، وقراءة صحفهم وإنفاق المال عليهم لأنك إن فعلت أياً من هذا فأنت تدعم الشر.
بول كريغ روبرتس
مساعد وزير الخزانة السابق في إدارة ريغان، محرر مشارك في صحيفة وول ستريت جورنال، شغل مناصب أكاديمية عدّة بما فيها كرسيّ وليم سايمون، ومركز الدراسات الأستراتيجية والدولية في جامعة جورج تاون، زميل أبحاق في معهد هوفر، جامعة ستانفورد، حصل على وسام جوقة الشرف الفرنسي من قبل الرئيس الفرنسي ميتيران، مؤلف لعدد من الكتب الهامة.
http://www.paulcraigroberts.org/
ترجمة توفيق قربة