قد يختلف المتخصصون حول الخصائص التي يجب أن تتمتع بها صواريخ الجيل الرابع جو - جو قصيرة المدى. ولكن يتفق معظم هؤلاء المتخصصين على أن هذا النوع من الصواريخ يجب أن يتمتع بعدة خصائص أهمها خفة الحركة العالية (Agility) أو القدرة الكبيرة على المناورة وذلك من خلال الجمع بين استخدام تقنية توجيه الدفع (Thrust Vectoring) للمحرك الصاروخي و -أو استخدام التحكم الايروديناميكي المتقدم، والقدرة على إطلاق وتتبع الصاروخ في حالات انحراف الهدف بعيدا عن خط البصر (Off-bore sight) وذلك باستخدام منظار التسديد المركب على خوذة الطيار (Helmet Mounted Sight - HMS)، واستخدام نظم البحث المتقدمة التي لها مقاومة عالية للإجراءات المضادة للأشعة تحت الحمراء، وأخيراً أن تتمتع تلك الصواريخ بقدرة كبيرة على تدمير الأهداف المعادية (Lethality).
بالرغم من أن معظم الخبراء العسكريين قد تنبأ بأن القتال الجوي القريب، أو ما يطلق عليه Dog fight، سيكون محدودا للغاية وأشاروا في هذا الصدد إلى أن معظم الخسائر التي تمت أثناء حرب الخليج الثانية أو الحرب فوق كوسوفو كانت نتيجة لاستخدام أسلحة موجهة متوسطة المدى... بالرغم من ذلك فما تزال بعض الدول، مثل إسرائيل، تركز على تنمية مهارات القتال القريب، كما أن تقريرا صادرا عن وزارة الدفاع الأمريكية قد أشار إلى أن ما يقرب من 25% من القتال جو-جو قد ينتهي باستخدام تكتيكات وأسلحة القتال داخل مجال الرؤية المباشرة للطيار (Within Visual Range -WVR) أو القتال القريب.
يعتمد اختيار الصاروخ جو - جو على نوع الطائرة المقاتلة وهو مايجعل اختيار حزمة تجهيزات وتسليح الطائرة المقاتلة أمرا بالغ الصعوبة والحرج. ينظر الكثير من مخططي القوات الجوية إلى الصواريخ قصيرة المدى على أنها سلاح احتياطي، بينما ينظر هؤلاء إلى نوع صواريخ الاشتباك خارج مدى الرؤية البصرية جو - جو (Beyond Visual Range Air to Air Missile - BVRAAM) على أنها العامل الحاكم عند التخطيط لتوفير طائرات القتال. بالرغم من ذلك فإن الصواريخ جو - جو قصيرة المدى التي على وشك دخول الخدمة من المتوقع أن تؤثر على إعادة النظر إلى القتال القريب حيث سيصبح هذا النوع من الاشتباكات أكثر تدميرا، وأسرع، وهو ماسيجعل الفرق القتالي بين الطائرات المقاتلة الصغيرة والرخيصة نسبيا وبين الطائرات متعددة المهام الأكبر والأعلى ثمنا، ضئيلا. قد تكون الطائرة الأصغر حجما في هذا النوع من الاشتباكات لها ميزة نظرا لصعوبة رؤيتها أثناء القتال القريب حيث سيصبح الطيار الذي يرى خصمه أولاً قادرا على تدميره بهذه الأنواع الجديدة من الصواريخ القاتلة التي تعني أن إطلاق الصاروخ معناه تدمير الخصم.
بالنسبة للجيل الرابع من الصواريخ جو-جو قصيرة المدى جاء التقدم التقني الكبير من الاتحاد السوفييتي سابقا الذي قام بتطوير الصاروخ فيمبل آر - 73 (المعروف لدى دول حلف الناتو باسم AA-11 ARCHER) الذي هو فعلا جيل متقدم عن الصواريخ الغربية من هذا النوع وتم الإعلان عن هذا الصاروخ في عام 1986 ومازال هذا الصاروخ فعالا بدرجة كبيرة حتى الآن. لقد كان الدافع نحو قيام الاتحاد السوفييتي بتطوير الصاروخ R - 73 هو الاعتقاد السائد في ذلك الوقت أن الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الناتو تقوم بتطوير الجيل التالي للصواريخ (سايد ويندر) تحت برامج سرية بينما في حقيقة الأمر كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها مشغولة ومهتمة بتطوير صواريخ الاشتباك مع ما هو خارج مجال الرؤية المباشرة (BVRAAM) وهو الصاروخ المتقدم متوسط المدى جو - جو (الذي يشار إليه اختصارا بالأحرف AMRAAM) طراز AIM - 120 على حساب تطوير صواريخ الاشتباك مع أهداف داخل مجال الرؤية المباشر (WVR).
لقد حقق الروس بذلك سبقاً في هذا المجال ولحق بهم في منتصف التسعينات الإسرائيليون حيث قاموا بتطوير الصاروخ بايثون 4 (PYTHON 4) ثم بعد ذلك تم تطوير الصاروخ الأمريكي سايد ويندر AIM - 9X. لقد تميز الصاروخ الروسي R - 73 أيضا بتكامله مع جهاز التسديد المركب على خوذة الطيار (HMS) مما يتيح الاشتباك مع الأهداف البعيدة عن خط البصر. وإذا أخذ في الاعتبار أن هذا الصاروخ يتم استخدامه مع عائلة الطائرات MIG - 29 وعائلة الطائرات Su - 27 اللتين تتميزان بقدرتهما العالية على المناورة فلا شك أن صدمة دول حلف الناتو كانت كبيرة نتيجة لمدى تقدم هذا الصاروخ.
تم فيما بعد تطوير نسخ جديدة للصاروخ R - 73 لها قدرة أكبر على الاشتباك مع الأهداف التي تبعد أكثر (من النسخ السابقة) عن خط البصر (حتى 60 درجة) وإذا تم الربط بين القدرات وقدرة الطائرات Su - 30 MK المجهزة بتقنية توجيه الدفع (Thrust - Vectoring) فإن التهديد يصبح خطيرا. لقد قلل بعض الخبراء من أهمية الأداء العالي الذي أظهرته عائلة طائرات السوخوي خلال معارض الطيران الدولية معللين ذلك بأن تلك المناورات العالية التي قامت بها تلك الطائرات هي لأغراض العرض فقط وليس لها أهمية أثناء القتال الحقيقي. بالرغم من تلك الإدعاءات فإن المناصرين لتلك الطائرة يقولون إن الجمع بين منظار التسديد المركب في خوذة الطيار (HMS) والصاروخ R - 73 يتيح لطيار الطائرة السوخوي وقتا كافيا ليرى ويطلق صاروخه خلال مناورة ما بعد التوقف. لقد كشفت محاكاة سرية تمت في الولايات المتحدة الأمريكية أنه يمكن لقائد الطائرة Su- 30 MK المجهزة بنظام توجيه الدفع أن يطلق صاروخاً موجهاً بالرادار، ثم يقلل من تسارعه ويغير اتجاهه ثم بعد ذلك يطلق صاروخا قصير المدى طراز R-73، وفي مثل تلك الحالة سيمكن لهذا الطيار في كل مرة أن يتفوق على أي طائرة أمريكية من النوع F-15C. ومن المعروف أن الطائرات سوخوي طراز Su- 30MK تم تصديرها لكل من الهند والصين وهي معروضة حاليا في السوق العالمي.
السوق العالمي للصواريخ قصيرة المدى والعوامل المؤثرة فيها
يمكن القول إن السوق العالمي لصواريخ الاشتباك داخل مجال الرؤية المباشرة (WVR) يرتبط ارتباطا كبيرا بالسوق العالمي للطائرات المقاتلة حيث يرتبط كل عقد جديد لتصدير طائرة مقاتلة سواء كانت يورفايتر، رافال، جريبن، F-16،F/A-18 أو Su - 27 .. يرتبط إلى حد كبير باختيار محدد لنظم تسليحها يتوافق مع قدرات وخصائص الطائرة.
بالرغم من الطبيعة المقيدة لتلك السوق، حيث من غير المتوقع أن يتم شراء طائرة مقاتلة بدون تسليح والأعداد التي قد يظهرها الاستعراض السريع لتلك السوق إلا أن هناك عدداً من العوامل الأخرى يلزم أخذها في الاعتبار.
بالرغم من أن الصراعات الحديثة (والمتوقعة وآخرها الحرب الأنجلو أمريكية ضد العراق والحرب ضد ما يسمى بالإرهاب) تميزت بعدم وجود قتال جو - جو حتى الآن إلا أنه كان هناك تحوُّل من المعارك داخل مجال الرؤية المباشرة (WVR) إلى الاشتباك على المدى الطويل. لقد كان لاستخدام طائرات الإنذار المبكر المحمول جوا (AWACS) مع الرادارات المتقدمة للطائرات المقاتلة والصواريخ أثرهما الكبير في سيادة الصواريخ المتقدمة جو - جو متوسطة المدى (AMRAAM) في المعارك الجوية منذ منتصف فترة التسعينات.
قد يتغير هذا الموقف قريبا حيث من المتوقع مع دخول الجيل الجديد من الصواريخ قصيرة المدى طراز AIM - 9X أن تظهر موجة من الإقبال على شراء تلك الصواريخ نظرا لأن القوات الجوية حول العالم ستحاول الحصول على أحدث أجيال صواريخ الاشتباك داخل مجال الرؤية المباشرة (WVR) وحتى يحدث ذلك سيظل الاهتمام مركزا على صواريخ الاشتباك خارج مدى الرؤية المباشرة (BVRAAM).
لقد أدى نجاح القوات الجوية للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الحليفة لها إلى تعزيز تلك النظرة ولكن في حالة نشوب صراع بين قوتين جويتين متماثلتين يتم فيه اللجوء إلى الجيل الرابع من الصواريخ قصيرة المدى فلا شك أن تلك النظرة ستتغير.
أدى التخفيض المستمر في ميزانية الدفاع إلى ركود سوق السلاح عموما وحتى في مناطق الصراع الساخنة مثل منطقة الشرق الأوسط وبالرغم من خطورتها ولكن لا تهدد بقيام حرب تقليدية شاملة بين دولتين من دول المنطقة، بينما قد يؤدي الموقف في آسيا بين باكستان والهند والصين إلى نشاط محدود في تلك السوق. في أوربا تخضع ميزانيات الدفاع لقيود صارمة كما أن الفرق الكبير بين سعر صاروخ الجيل الثالث قصير المدى وصاروخ الجيل التالي، الذي سيحتاج بالضرورة إلى منظار التسديد المركب في خوذة الطيار (HMS) وتكامله مع الطائرة المقاتلة التي تم اختيارها، قد يجعل بعض الدول تفضل استخدام صاروخ الجيل الثالث الذي يمكنه الاشتباك في جميع الاتجاهات إذا كانت ميزانيتها لا تسمح بشراء صاروخ الجيل الرابع، الذي يمكن إطلاقه على الأهداف التي تنحرف بعيدا عن خط البصر، ولكن لا تسمح بتوفير منظار التسديد المركب في خوذة الطيار (HMS).
نظراً لأن الصواريخ قصيرة المدى الحديثة لها موثوقية وعمر افتراضي أكبر من سابقتها (يصل العمر الافتراضي للصاروخ AIM - 9X إلى عشر سنوات) فإن ذلك يحد من تكرار طلبها، كما أنها، مثلها في ذلك مثل باقي الأصناف العسكرية، لا يتم طلبها لتحل محل سابقتها على أساس صاروخ بدلا من صاروخ. بالإضافة إلى ما سبق فإنه بالرغم من أن القوات الجوية لدول كثيرة مازالت تنظر إلى الرمايه الحية على أساس أنها التدريب الواقعي إلا أن نمو التدريب على أجهزة المحاكاة والرماية في الميادين المصغرة قد جذب الأنظار بعيدا عن التدريب باستخدام الرماية الحية، وهذا الاتجاه من البديهي أنه يحد من طلب تلك الصواريخ.
يقول المتخصصون: إن الاعتماد على الصفقات المستقلة (أي التي لا تعتمد على تصدير طائرات مقاتلة) التي تسعى بعض الشركات المنتجة للصواريخ جو - جو قصيرة المدى إلى تحقيقها ما هو، إلى حد كبير، إلا سراب. بالرغم من انتهاء الحرب الباردة إلا أن اختيار الصاروخ سيظل مرتبطا إلى حد بعيد باختيار الطائرة المقاتلة. يعتمد الاختيار الحر للصاروخ المستخدم كتسليح للطائرات على سببين فقط هما سبب سياسي وآخر اقتصادي وكلاهما مرتبط بالآخر، نظرا لأن أي صاروخ يتم التعاقد عليه يكون غالبا ضمن حزمة متكاملة للتسليح مكملة لعقد الطائرات وفي تلك الحالة فإن أي اختيار حر آخر للصاروخ سيكون مرتفع الثمن بالإضافة إلى المخاطر التي قد تحيط به من الناحية الفنية عند تكامله مع الطائرة. لذلك فغالبا ما تكون الضرورة السياسية متوفرة في مثل تلك الحالات حيث تكون الحكومة قد وازنت بين المخاطر نتيجة لاعتمادها على مصدر واحد للتسليح أو أن تلك الحكومة ستقوم بتطوير قطاعها الصناعي الخاص بالإنتاج الحربي.
بالرغم من تلك المحاذير التي تم تناولها فيما سبق إلا أنه توجد اتجاهات ومظاهر مشجعة يمكن رصدها. على سبيل المثال تقدر بعض المصادر أن السوق العالمي يمكن أن يستوعب ما تقدر قيمته ب12 بليون دولار خلال السنوات العشر القادمة من الصواريخ جو - جو قصيرة المدى ومتوسطة المدى معا. تظهر دراسة الموجودات من صواريخ الأجيال المختلفة في مختلف أنحاء العالم أنه مازالت توجد صواريخ جو - جو قصيرة المدى من الجيل الثاني والثالث مع القوات الجوية لبعض الدول، أما صواريخ الجيل الأول فيمكن القول بأنها مازالت موجودة مع القوات الجوية لعدد قليل من دول العالم الثالث، كما تظهر أن الصاروخ الروسي قصير المدى من الجيل الرابع طراز R - 73 يحتل المرتبة الأولى من حيث أعداده الموجودة في الخدمة حتى الآن وذلك لتصديره مع صفقات الطائرات ميج - 29 وسوخوي -27 منذ انتهاء فترة الحرب الباردة.
أدى تفوق الصاروخ الروسي R - 73 في السوق العالمي إلى قيام الدول الغربية بتطوير وتسويق الجيل الرابع من الصواريخ قصيرة المدى كبديل غربي للصاروخ الروسي. في هذا المجال حقق الصاروخ الإسرائيلي بايثون - 4 (PYTHON4) بعض النجاح الملحوظ حيث قامت دولة شيلي بشرائه وهناك بعض التقارير التي تفيد أن سنغافورة قد وقعت عقدا لشراء هذا الصاروخ كما قامت شركة لوكهيد مارتن بتسويق هذا الصاروخ في الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما يعتبر نجاحا كبيرا لشركة رافائيل الإسرائيلية حيث سيفتح ذلك المجال أمام تسويق هذا الصاروخ مع الطائرات F-16.
حقق الصاروخ الأوروبي قصير المدى جو - جو الذي تنتجه شركة MBDA البريطانية نجاحا كبيرا لأنه يعتبر أول صاروخ جو- جو صناعة أوربية يتم استخدامه مع طائرة مقاتلة صناعة أمريكية وهي الطائرة F/A-18 التي تستخدمها القوات الملكية الجوية الاسترالية وهو ما يعتبر اختراقا لسوق كانت تحتكرها فيما سبق الولايات المتحدة الأمريكية. بالنسبة للصاروخ الأمريكي قصير المدى طراز AIM- 9X الذي تنتجه شركة رايثون فلا شك أنه سيستفيد من استخدامه مع اسطول الطائرات المقاتلة المستخدمة مع القوات الجوية الأمريكية مما سيوفر له ميزة نسبية في أي عقود أمريكية يتم توقيعها لبيع طائرات مقاتلة ولقد تم تحقيق أول عقوده الخارجية مع كوريا الجنوبية عندما اختارت الطائرة F-15 K التي تنتجها شركة بوينج.
بالنسبة للصاروخ الأوربي جو- جو قصير المدى IRIS-T الذي تنتجه شركة BGT الأوربية المشتركة فإنه بالرغم من أنه قد ضمن تسويقه في أوربا إلا أنه، نتيجة لأنه دخل الخدمة في عام 2004، يلزم بذل جهد للحاق بالصواريخ التي سبقته في السوق العالمي. في جنوب أفريقيا قامت شركة دينيل- كنترون (Denel/ Kentron) بتطوير الصاروخ جو-جو قصير المدى إيه- دارتر (A- DARTER) وهو صاروخ له سمعة طيبة ومن الممكن أن يجد سوقا لدى الدول التي لاترغب في ربط نفسها مع أوربا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو روسيا.
يوحي وجود تلك الأنواع المختلفة من الصواريخ بأن سوق صواريخ الاشتباك داخل مدى البصر (WVR) يمكن أن ينفتح تدريجيا ويشهد منافسة متزايدة. قد يظل اختيار الطائرة المقاتلة هو العامل الحاسم في اختيار الصاروخ ولكن يوجد حاليا دافع أقوى لعرض صواريخ بديلة، خصوصا إذا كانت الطائرة المقاتلة نفسها هي نتيجة لبرامج تطوير قامت بها عدة دول ويتم تسويقها بواسطة مجموعة شركات متعددة الجنسيات. قد تؤدي المنافسة الشديدة في هذا المجال إلى أن تكون الطائرة المقاتلة وصواريخها حزمة واحدة.
قد يكون أفضل مثال على ذلك هو تسويق الطائرة الأمريكية المقاتلة الهجومية المشتركة (JSF) طراز F - 35 حيث من الممكن أن يلعب اشتراك كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية في هذا البرنامج دورا هاما في أوروبا بخصوص اختيار الصاروخ جو - جو مما سيوفر لشركة MBDA باباً أمامياً في مبيعات التصدير للطائرة المشتركة المقاتلة الهجومية (JSF) ليس فقط مع الصاروخ المتقدم جو - جو قصير المدى (ASRAAM) ولكن أيضا مع صاروخ الاشتباك جو - جو خارج مدى البصر (BVRAAM) من النوع متيور (METEOR) (بالرغم من خروج هذا عن موضوع المقال).
ونظرا لاشتراك المملكة المتحدة القوي في هذا البرنامج فمن المحتمل أن يتم تكامل الصاروخ المتقدم قصير المدى جو - جو (ASRAAM) مع تلك الطائرة في مرحلة مبكرة مما سيوفر سوقا كبيرة لهذا الصاروخ (من المتوقع بيع 3000 طائرة في مختلف أنحاء العالم بالإضافة إلى 3000 طائرة سيتم شراؤها بواسطة كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة) حيث سيتم الاختيار بين الصاروخ AIM- 9X والصاروخ المتقدم قصير المدى جو-جو (ASRAAM).
صواريخ الجيل الرابع جو - جو
قصيرة المدى الموجودة في السوق
سنتناول فيما يلي وصفا مختصرا لصواريخ الاشتباك داخل مدى الرؤية المباشرة (WVR) الموجودة في السوق العالمية، التي من المتوقع أن تكون بينها منافسة شديدة
*الصاروخ AIM-9X الذي تنتجه شركة رايثون الأمريكية:
تم تطوير هذا الصاروخ من عائلة الصواريخ جو - جو سايد ويندر، التي يرجع تاريخ دخولها الخدمة إلى فترة الخمسينات، ويعتبر الصاروخ AIM - 9X هو آخر أجيال تلك العائلة. بعد اكتشاف الأداء المتفوق للصاروخ الروسي طراز R - 73 قام الأمريكيون بإعادة النظر في أهمية أسلحة الاشتباك داخل مجال الرؤية المباشرة (WVR) وبناء على ذلك تم توقيع عقد لتطوير الصاروخ AIM - 9X في عام 1996. لتقليل النفقات والوقت قررت شركة رايثون استخدام مكونات سبق تجربتها وأثبتت كفاءتها.
يتميز الصاروخ AIM - 9X بأن الزعانف الأمامية والأجنحة الخلفية أصغر من مثيلاتها المستخدمة مع الأجيال السابقة لهذا الصاروخ، مع استخدام تقنية توجية الدفع لعادم المحرك الصاروخي وذلك لتحقيق درجة عالية من المناورة للصاروخ. يستخدم باحث الصاروخ مصفوفة مكونة من 128×128 عنصرا وذلك لتصوير الهدف كما أنها يتميز بمقاومة الإجراءات المعادية باستخدام الأشعة تحت الحمراء.
يمكن لهذا الصاروخ العمل على زواية حتى 90 درجة بعيدا عن خط البصر إذا تم استخدامه مع نظام التنبيه المشترك المركب على خوذة الطيار وهو ما يتيح الاشتباك الفوري مع الأهداف المعادية التي تكون قد تخلصت من الاشتباك وفي مرحلة الهروب، حيث يمكن للصاروخ -نتيجة لخفة حركته- الدوران حتى 180 درجة في الحال تقريبا. يقوم أيضا نظام التنبيه المشترك المركب على الخوذة بعرض رسم توضيحي يبين مجال إطلاق النيران حيث يوضح المجال الذي يمكن أن يعمل فيه السلاح بكفاءة عالية مما يقلل من النيران عديمة الفائدة. يقول المسئولون في شركة رايث إن النظام الأمريكي المشترك للتنبيه يتميز بخصائص لايتمتع بها جهاز التسديد المركب على الخوذة الروسي من حيث تدفق المعلومات على الشاشة كما يتم تمييز الأهداف عن طريق رموز للتنبيه وذلك بواسطة نظام البحث وتتبع الأهداف بالرادار أو الأشعة تحت الحمراء التي تقوم بتوجيه عيني الطيار على الهدف.
تم تسليم أول صاروخ من هذا النوع إلى القوات البحرية الأمريكية في شهر مايو لعام 2002 حيث يتم استخدامه مع الطائرات F/A-18C/D والطائرات F-15C الموجودة على حاملات الطائرات كمرحلة أولى. ومن المتوقع أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بشراء مايزيد عن 10000 صاروخ لصالح القوات الجوية والقوات البحرية حيث سيتم تقسيمها مناصفة بين تلك القوات.
تم اختيار الصاروخ AIM-9X بواسطة كوريا الجنوبية حيث تم توقيع أول عقد لتصدير هذا الصاروخ للخارج وسيتم استخدامه لتسليح الطائرات الموجودة مع القوات الجوية الكورية الجنوبية. أبدت دول أخرى اهتمامها بهذا الصاروخ، منها: بلجيكا، الدنمرك، فلندا، هولندا، النرويج، البرتغال وتركيا. تتوقع شركة رايثون أن تصل مبيعات هذا الصاروخ في مختلف أنحاء العالم إلى 5000 صاروخ وذلك نظراً للكميات الضخمة من الصواريخ سايدويندر الموجودة في مختلف أنحاء العالم مما يوفر لهذا الصاروخ ميزة كبيرة عند التفكير في استبدال هذه الكميات من الصواريخ الحديثة بالصواريخ القديمة..
*الصاروخ المتقدم قصير المدى جو - جو من شركة MBDA:
تم تطوير هذا الصاروخ أصلا في إطار ما كان يعتقد أنه عمل مشترك بين ضفتي الأطلنطي لتطوير الصواريخ جو -جو للاشتباك خارج مجال الرؤية BVRAAM وداخل مجال الرؤية WVRAAM ونتيجة لذلك كان يعرف في الولايات المتحدة الأمريكية تحت اسم AIM 132. تم دخول هذا الصاروخ الخدمة مع القوات الجوية الملكية في يناير لعام 2002 حيث يتم استخدامه مع الطائرة (تورنادو اف -3) وتأخر دخول هذا الصاروخ للخدمة لمدة عام تقريبا وذلك لحدوث خلافات بين وزارة الدفاع البريطانية وشركة MBDA أثناء المناقشات التي سبقت توقيع العقد في عام 2001.
يتميز الصاروخ المتقدم قصير المدى جو - جو - جو (ASRAAM) بالسرعة العالية وحاسب آلي متقدم وقدرته على الارتباط بالهدف بعد اطلاقه. يستخدم باحث الصاروخ مصفوفة من عناصر اكتشاف الأشعة تحت الحمراء تتكون من 128×128 عنصرا تستخدم أيضا مع الصاروخ AIM-9X. يمكن للصاروخ ان يشتبك مع الأهداف الموجودة في أي مكان في نصف الكرة الأمامي مع قدرته على الاشتباك مع الأهداف التي تنحرف بزاوية 90 درجة عن محور خط البصر، كما أن محركه الصاروخي الكبير يوفر له القدرة على تتبع الهدف مما يحقق منطقة (لاهروب) (No escape zone) أكبر في المرحلة النهائية للاشتباك. يدعي مصممو الصاروخ أن الباحث المستخدم معه متقدم بدرجة يمكنه معها التقاط الجزء من الطائرة الذي سيصيبه، وبذلك يمكن تصنيف هذا الصاروخ على أنه من النوع الذي يصيب الهدف ليدمره، كما أن رأسه الحربية مزودة بصمام تقاربي (Proximity Fuse).
من النقط المثيرة في الصاروخ المتقدم قصير المدى (ASRAAM) أن مطلب كل القوات الجوية الملكية البريطانية وحل شركة MBDA (لتحقيق ذلك المطلب) يختلف بدرجة ما عن الصواريخ قصيرة المدى جدا التي لها درجة عالية من خفة الحركة مثل 73 -R الروسي وبايثون 4 الإسرائيلي من حيث تكتيكات القتال الجوي، فقد أخذت المطالب عند التصميم في اعتبارها الطائرة الأوربية يورو فايتر وبذلك حاول التصميم أن يدفع بعيدا إلى أكبر حد ممكن منطقة الاشتباك عن الطائره فقد أفاد مسئولو شركة MBDA أن شكل الاشتباك قد تحرك من نمط ما يسمى بقتال السكين (Fight-knife) إلى شكل آخر يتم فيه محاولة تدمير الخصم على أبعد مسافة ممكنة، وقد روعي ذلك في تصميم الصاروخ المتقدم قصير المدى (ASRAAM) الذي يوفر محركه دفعاً أكبر يزيد بمقدار 70% عن الصواريخ المناظرة وذلك بالإضافة إلى تحسين خفة حركته.
في نفس الوقت الذي يتمتع به الصاروخ المتقدم قصير المدى (ASRAAM) بالمدى الطويل نسيبا إلا أنه يتمتع بخصائص أخرى هامة مثل خفة الحركة وبالرغم من أن الميزة الأخيرة لا يمكن مقارنتها مع الصواريخ المماثلة الأخرى إلا أن مسئولي الشركة يقولون إن خفة الحركة العالية عند خط البصر قد تكون لها عيوبها حيث من الممكن أن يتم ربط الصاروخ على أحد الأهداف الصديقة.
تم تكامل هذا الصارخ مع الطائرة تورنادو اف - 3 في المرحلة الأولى ثم بعد ذلك سيتم استخدامه مع اسطول طائرات القوات الجوية الملكية البريطانية بما فيها الطائرة جاجوار (تم فعلا تجهيزها لاستقبال هذا الصاروخ) والطائرة يوروفايتر، كما أن هذا الصاروخ سيتم تكامله مع الطائرات المشتركة الهجومية المقاتلة (JSF) طراز F-35 التي ستستخدمها المملكة المتحدة لأن خاصية الربط على الهدف بعد الإطلاق ستوفر ميزة إمكانية قيام الطيار بفتح أبواب حارات السلاح لحظياً ليتم إطلاق الصاروخ. سيتم أيضاً استخدام هذا الصاروخ مع الطائرات 18 -A-F الموجودة مع القوات الجوية الملكية البريطانية وهو ما سيوفر لشركة MBDA إمكانية تصدير هذا الصاروخ لحائزي تلك الطائرة مثل أسبانيا وكندا وهو ما يفتح أسواقا جديدة لهذا الصاروخ.
*الصاروخ الأوربي T- IRIS من شركة BGT:
تم تطوير هذا الصاروخ بواسطة مجموعة شركات دولية حيث تقوم الشركة الألمانية التي يشار إليها اختصاراً بالأحرف BGT بمهام المقاول الرئيسي يشمل برنامج الصاروخ T -IRIS الذي تقوده ألمانيا (نظام التصوير الحراري بالأشعة تحت الحمراء وتوجيه الدفع في مؤخرة الصاروخ) استغلال بعض الدروس المستفادة من الصاروخ الروسي 73- R التي ورثتها ألمانيا من ألمانيا الشرقية سابقا. يتميز هذا الصاروخ بوجود باحث متقدم يعمل بالتصوير الحراري بالأشعة تحت الحمراء HR -Red Infra Imaging واستخدام تقنية توجيه الدفع مما يوفر للصاروخ درجة عالية من خفة الحركة كما أن مداه يصل إلى 12 كيلومترا. من المخطط أن يكون لهذا الصاروخ القدرة على الاشتباك مع الأهداف التي تبعد عن خط البصر ب 90 درجة تقريباً ومن المتوقع أن يكون قد دخل الخدمة. تم تصميم هيكل الصاروخ بحيث يعمل على زيادة الرفع وإطالة المدى كما أن قطر الصاروخ يصل إلى 5 بوصات (127 ملم) وهو قطر الصاروخ سايد ويندر الذي كان الاعتقاد السائد في أول الأمر أنه تحديث له. سيتم تكامل الصاروخ T- IRIS مع الطائرات التماثلية القديمة بالإضافة إلى الطائرات الرقمية الحديثة كما سيتم توافقه مع نظام التسديد المركب على خوذة الطيار
HMS)- Sight (Hilmet Mounted
بالرغم من أن شركة BGT الألمانية هي التي تقود تنفيذ هذا البرنامج؛ إلا أن شركات أخرى من كل من اليونان إيطاليا، النرويج والسويد تقوم بالمشاركة في تنفيذه. طبقا للخطط الحالية سيتم استخدام هذا الصاروخ مع الطائرات اليونانية من الأنواع 4E - F، 16 -F ويوروفايتر (في حالة توقيع العقد) والطائرات الإيطالية من الأنواع AMX, F-16 ويوروفايتر والطائرة النرويجية F-16 بينما في ألمانيا سيتم استخدام هذا الصاروخ كسلاح نمطي للاشتباك داخل مرمى البصر (WVR) ومن المتوقع أن تصل مطالبها إلى 2560 صاروخاً تقول أيضاً شركة BGT أن هذا الصاروخ سيتوافق مع الطائرة المقاتلة الهجومية (JSF) طراز 35 -F التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن الأمريكية . تقوم سويسرا حاليا هذا الصاروخ الأمريكي 9x - AJM بينما تقوم أسبانيا بتقييمه مع الصاروخ البريطاني المتقدم قصير المدى (ASRAAM)،
*الصاروخ الإسرائيلي بايثون 4 الذي تنتجه شركة رافائيل:
تم تطوير وإنتاج هذا الصاروخ بواسطة شركة رافائيل الإسرائيلية ويعتبر هذا الصاروخ هو أول صاروخ منافس للصاروخ الروسي 73-R حيث اعتبرت إسرائيل الصاروخ الروسي تهديداً خطيرا لها. يتميز هذا الصاروخ بقدرة متفوقة على المناورة حيث يتم استخدام 18 سطحا للتحكم يتم استغلالها في المناورة للاشتباك مع الهدف. وتمتد منطقة اللاهروب القاتلة له إلى ثلاثة أميال أمام الطائرة المقاتلة. يستخدم هذا الصاروخ 4 وحدات لمقاومة الإجراءات المضادة للأشعة تحت الحمراء وذلك لمواجهة المشعلات التي قد تستخدم لهذا الغرض. ولكن تفصيلات الباحث المستخدم غير واضحة وإن كان يُعتقد على نطاق واسع أنه من النوع الذي يستخدم التصوير الحراري بالأشعة تحت الحمراء أو قريباً من ذلك. تَستخدم تقنية خفة الحركة والمناورة نظاماً متقدما للتهديف بحيث يمكن للصاروخ أن يطير في دائرة المطاردة وتتبع الهدف قبل أن يصطدم به ويفجره، ويصل مدى هذا الصاروخ طبقا لما أعلنته الشركة المنتجة إلى 15 كيلومتراً (3،9 ميل).
في بيان عملي لقدرات هذا الصاروخ تم إجراء محاكاة للقتال القريب مع طائرات مقاتلة من البحرية الأمريكية قام فيها طيارون إسرائيليون باستخدام الصاروخ بايثون 4 وخوذة العرض والتسديد (DASH - Sight Helmet And Display) من الجيل الثالث التي تنتجها شركة البت الإسرائيلية. في هذا البيان سجل الطيارون الإسرائيليون لصالحهم 220 نقطة من مجموع 240 نقطة وهو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى التعجيل بتطوير الاشتباك القريب باستخدام الصاروخ 9X- AIM ونظام التنبيه المشترك المركب في خوذة الطيار ) JHMCS) .
يعتبر الصاروخ بايثون 4 أيضاً أساس الصاروخ جو - جو الموجه بالرادار من النوع دربي (DERBY) وهو صاروخ كان فيما سبق سريا وتم تحقيق نتائج جيدة لتصديره لأمريكا اللاتينية حيث قامت كل من تشيلي والإكوادور بشرائه كما أن سنغافورة قامت بشرائه ولكن لم يعلن عن ذلك . في عام 1998 وقعت شركة لوكهيد مارتن اتفاقية مع شركة رافائيل الإسرائيلية تغطي التسويق الدولي المشترك وتطوير هذا الصاروخ.
*الصاورخ الروسي 73- R الذي تنتجه شركة فيمبل:
يعتبر هذ الصاروخ بداية الثورة في تقنية الصواريخ خفيفة الحركة للقتال القريب ولقد دخل الخدمة في عام 1986 ومازال ينظر إليه على أنه صاروخ خطير للغاية، وتوجد نسخ أكثر تطورا من تلك النسخة سواء تحت التطوير أو في مرحلة التصميم.
وتتميز تلك النسخ بأن لها أوضاعا قتالية يمكن فيها أن تشتبك مع الأهداف التي تبعد كثيرا عن خط البصر كما أن لها خفة حركة أكبر.
يصل مدى الصاوخ R-73 إلى 30 كيلومتراً ويستخدم محركا صاروخيا يعمل بالوقود الصاروخي الجاف. كانت النسخ الأولى تتيح إمكانية الاشتباك مع الأهداف التي تنحرف بزاوية 45 درجة عن محور الطائرة وتم تطوير نسخ متقدمة يمكنها الاشتباك مع الاهداف التي تنحرف حتى 60 درجة. تفيد التقارير أن شركة فيمبل تقوم بتطوير جيل تالٍ للصاروخ R-73 تحت اسم K-30 وتفيد المعلومات أن هذا الصاروخ الأخير سيكون قابلا بشكل كامل للتوجيه وسيحتوي على وسيلة للتحكم في الذيل. وعلى عكس الصاروخ R- 73 لن يحتوي على أسطح تحكم أمامية. من المحتمل أن يتم تطوير هذا الصاروخ في شكل نسختين يتم توجيه إحداهما باستخدام التصوير الحراري بالأشعة تحت الحمراء والنسخة الأخرى باستخدام التوجيه بالرادار السلبي (أي يتم توجيهه على انبعاثات الرادار من الهدف).
*الصاروخ A- DARTER الذي تنتجه شركة كنترون- دينيل من جنوب أفريقيا:
بالرغم من انتهاء العزلة الدولية مازالت أفريقيا مستمرة في تطوير أسلحتها الوطنية الجديدة. ومن أحدث الأمثلة على ذلك الصاروخA- DARTER الذي يتميز بخفة حركته العالية وبقدرته على الاشتباك داخل مدى الرؤية المباشرة (WVR) مع الأهداف التي تنحرف كثيرا عن خط البصر. اعتمد تصميم هذا الصاروخ على الخبرة الكبيرة التي اكتسبتها شركة كنترون في تصميم عائلة الصواريخ جو - جو دارتر وستقوم جنوب أفرقيا بتجهز طائراتها المقاتلة الجديدة من النوع جريبن عند دخولها الخدمة بهذا الصاروخ.
لايستخدم هذا الصاروخ الأجنحة ولكنه يستخدم الزعانف على الذيل ومحركاً صاروخياً يستخدم تقنية توجيه الدفع مما يحقق معدل دوران يصل تسارعه إلى 100 مثل تسارع الجاذبية الأرضية (100 G). تقول الشركة المنتجة إن قدرات هذا الصاروخ تتفوق على قدرات الصاروخ بايثون 4. تأمل الشركة في تحقيق ما حققته إسرائيل بالنسبة لتسويق صاروخها بايثون 4 وتركز جهودها على الدول التي قد تفضل مصدرا مستقلا. ومن الدول التي قد تقبل على شراء هذا الصاروخ تلك الدول التي تستخدم طائرات الميراج أو الدول غير الأوروبية التي قد تستخدم طائرات جريبن.
وماذا بعد...؟
هل سيستمر هذا الاتجاه نحو خفة الحركة العالية وتحقيق سبق كشف الأهداف المعادية والسبق في تدميرها أو ستطلب القوت الجوية أن تتحرك منطقة الاشتباك داخل مدى الرؤية المباشرة بعيدا عن طياريها؟
إذا تتبعنا الزمن الذي يستغرقه القتال باستخدام الأجيال المتعاقبة للصواريخ جو - جو قصيرة المدى، نجد أنه يتجه نحو القِصَر، وهو ما يمكن معه التنبؤ بأن القتال باستخدام صواريخ الجيل الرابع سينتهي خلال ثوان معدودة. يقول المتخصصون إن النجاة في المستقبل من أي قتال في الجو ستعتمد ببساطة شديدة على عدم الدخول في قتال قريب جداً أو ما يمكن أن يقال عليه (قتال متلاحم).
مع ظهور الجيل الرابع من صواريخ الاشتباك داخل مجال الرؤية (WVR) والصواريخ جو -جو للاشتباك خارج مجال الرؤية (BVRAAM) التي تستخدم تقنية الرام جت (RAMJET) (تقنية استغلال الهواء الجوي لأكسدة الوقود الصاروخي وذلك لإطالة مدى الصواريخ باستخدام نفس وزن المادة الدافعة) فمن المتوقع ألاّ يستطيع الطيار أن يتفوق على مناورة الصاروخ ولذلك فمن المتوقع أن يتجه الاهتمام إلى تحسين الإجراءات المضادة ليس فقط باستخدام ما يسمى بنظم القتل الناعم SOFTKILL مثل المشعلات ووسائل الخداع ولكن أيضاً باحتمال استخدام اسلحة الليزر الصغيرة المتينة وذلك لتعمية أو تدمير الإسلحة المهاجمة).
من المتوقع أن يؤدي ظهور الطائرات المقاتلة التي تستخدام تقنية توجية الدفع مثل المقاتلة الروسية (SU-30 MK) والمقاتلة الأمريكية (F22) إلى توفير ميزة كبيرة لمثل تلك الطائرات في قدرتها على التخلص من القذيفة الحرجة الأولى . من المعروف أيضاً أن الروس قد قاموا بتطوير القواذف التي يتم استخدامها مع صواريخ الجيل الرابع لاستخدامها في الاشتباك مع الأهداف التي تهاجم من الخلف وهو ما سيوفر للطائرة منطقة قتل من جميع الاتجاهات في حالات الاشتباك القريب.
في الوقت الذي قد يكون فيه استخدام توجيه الدفع مع الطائرة نفسها إحدى الطرق لزيادة فرصة الطيار لتحقيق القدرة على النجاة فإن الطريقة الأخرى يمكن أن تكون خطوة إلى الأمام نحو التغيير الجذري لتحقيق هذا المفهوم وذلك بالتحلص من الطيار نهائيا. لاشك أن منطقة اللاهروب تتوقف إلى حد كبير على قدرة الطيار على تحمل الإجهادات الكبيرة الناتجة عن التسارع الكبير أثناء القيام بالمناورات الحادة (قدرة الطيار على تحمل g) ولذلك يتجه تفكير بعض المخططين العسكريين إلى التخلص من الطيار. لقد أصبح استخدام الطائرة بدون طيار من النوع بريديتور المسلحة بالصواريخ هيل فاير في مهام جو - أرض حقيقة واقعة. وإذا أخذنا في اعتبارنا أنه يتم تطوير طائرات القتال غير المأهولة بحيث يتبع نفس نهج تسليح الطائرات المأهولة فإنه يمكن توقع أن نرى تحركات جادة في هذا الاتجاه.
في الولايات المتحدة الأمريكية من المنتظر أن يؤدي تطوير النماذج التجريبية لطائرات القتال غير المأهولة (من الأنواع X-47 - X-45) إلى إنتاج طائرات هجومية غير مأهولة. في حالة مهاجمة مثل تلك الطائرات غير المأهولة بواسطة طائرات مقاتلة فمن المنطقي أن يتم تسليح الطائرات الأولى بصواريخ للقتال القريب. وإذا تقدمنا خطوة أبعد في هذا الاتجاه وتم تصميم طائرة قتال غير مأهولة خاصة بالقتال القريب فمن الممكن أن يؤدي التخلص من الطيار إلى التحرر من القيود المفروضة على المناورات الحادة، وبالتالي تصميم طائرة تتفوق على صواريخ الجيل الرابع من حيث قدرتها على المناورة ومن ثم إحياء معركة القتال القريب مرة أخرى.
لاشك أن ذلك قد يثير تساؤلا عن الفترة التي قد يستغرقها هذا التطوير؟ ولكن بعض المسؤولين في شركة رايثون يقولون أنهم فعلا يدرسون وسائل الدفاع الذاتي لطائرة القتال غير المأهولة، بينما يقول المسؤولون في شركة MBDA أنهم بالرغم من إهمالهم لهذا المفهوم إلا أن صاروخهم من النوع المتقدم قصير المدى (ASRAAM) ليس عليه قيود بالنسبة لتحمله أحمال التسارع العالية، ويتقبل زيادة أي إضافة لقدرات أخرى مستقبلية، وبالتالي يمكن استخدامه ضد طائرات القتال بدون طيار المستقبلية التي لها درجات عالية من المناورة.