سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة/كريم رمضان

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
23,873
التفاعل
19,697 129 0

سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة

كريم رمضان

الشهيد البطل اللواء أحمد عبود الزمر


روى الإمام البخارى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال عن معاملة الشهداء : ” لا تغسلوهم فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكا يوم القيامة
وأمر عليه الصلاة والسلام بدفن شهداء غزوة ( أحد ) في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم

ولد اللواء / أحمد عبود الزمر في شهر أكتوبر 1928 بالقاهرة ونال الشهادة في التاسع عشر من نفس الشهر عام 1973 ، وكأنه على موعد مع القدر في هذا الشهر .

يعد البطل من نجوم العسكرية المصرية على إمتداد سبعة عسر عاما ، خاض خلالها كل حروب مصر ، فقد شارك في صد العدوان الثلاثي عام 1956 ، وأشترك في حرب يونيو 67 ونجح في أن يكبد العدو خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات في معركة ( رأس العش ) ……

ففي الأول من يوليو 1967 ، في منطقة ( رأس العش ) حيث موقع الشهيد وفرقته المكونة من ثلاثين مقاتلا ، بدأت معركة شرسة في محاولة من إحدى قوات العدو الإسرائيلي المدرعة إحكام السيطرة على الضفة الشرقية للقناة من خلال القضاء على فرقة الشهيد .

وعلى الفور أصدر البطل / أحمد عبود الزمر أوامره للرجال بالتصدي لمدرعات العدو ومنعها مهما كان الثمن ، فتشتعل نيران الغيرة والحماسة في نفوس الرجال وينطلق الجميع في بسالة نادرة رغم عدم التكافؤ الواضح بين عدو يزهو بقوته ونصره الزائف وبين رجال لا يمتلكون إلا أسلحة خفيفة وصدور ممتلئة بالإيمان بنصر الله .

ولإن الله لا ينسى عباده المؤمنين المجاهدين ، فما هى إلا ساعات حتى أرتدت قوات العدو الإسرائيلي مذعورة ، بعد أن تكبدت خسائر هائلة من القتال مع أسود الصاعقة المصرية .

ولكن العدو الإسرائيلي لم يستسلم ، وقرر الإنتقام من هذا الموقع وتدميره ليكون بمثابة إنذار أخير للقوات المصرية التى تحاول التصدي لقواته المدرعة ، ومع النسمات الأولى لفجر الثاني من يوليو 1967 تقدمت المدرعات الإسرائيلية مدعمة بنيران المدفعية والطيران .

إلا أن رجال الفرقة المصرية بقيادة البطل / أحمد عبود الزمر لم ينهاروا وتواثبوا في خفة النمور وجرأة الأسود بين قذائف المدفعية وهدير الدبابات ليحولوا المنطقة إلى كتلة مشتعلة من الحديد الملتهب ، وتتعاظم خسائر العدو وتبوء كل محاولاته للسيطرة على الموقع بالفشل ، فينسحب شرقا بعد أن تلقى درسا قاسيا في فنون القتال الحقيق على أيدي أبناء مصر الأوفياء

ومع بداية معارك أكتوبر المجيدة ، ومثله مثل كل أبناء مصر ، كان الشهيد / أحمد عبود الزمر متعطشا لقتال العدو الإسرائيلي ، وكانت مهمة فرقته ( الفرقة 23 مشاة ميكانيكي ) بمنطقة ثغرة الأختراق بالدفرسوار ، هى العمل كاحتياطي تعبوي للجيش الثاني الميداني .

وفي النصف الثاني من شهر أكتوبر ، دارت معارك رهيبة قاسية لم تشهد سيناء مثيلا لها ، حيث هاجم اللواء ( 14 ) مدرع الإسرائيلي في الساعة الثانية بعد منتصف الليل قواتنا غرب القناة ، فصدرت الأوامر للبطل / أحمد عبود الزمر بتنفيذ مجموعة من الضربات والهجمات المضادة ضد قوات العدو في ثغرة الإختراق بالدفرسوار .

ومع أول ضوء لفجر اليوم التالي ، يتسابق الجميع قادة وضباط وجنود لتدمير دبابات العدو الإسرائيلي ، ومع تطور القتال وأشتعاله يدفع العدو الإسرائيلي بالمزيد من قواته داخل الثغرة ، فيصبح أجمالي قواته ( ثلاثة ألوية مدرعة ،لواء مشاة ميكانيكي ،بالإضافة إلى لواء مظلات ) ، وعلى الرغم من التفوق الصارخ لقوات العدو مقارنة بالقوات المصرية إلا أن رجال مصر الأبطال نجحوا في إيقاف تقدم العدو ومحاصرته تماما .

ولمدة تزيد على 36 ساعة متصلة ، أستمر الموقع والقوة المصرية الحامية له بقيادة البطل / أحمد عبود الزمر صامدًا ، رغم الحصار ونيران الطيران والمدفعية والهجمات المستمرة من دبابات العدو .
ولكن هذا الصمود لم يخدع قائد محنك مثل بطلنا / أحمد عبود الزمر ، فالفرقة التى يقودها لن تتحمل أكثر ، ولأن مصلحة الوطن أغلى من أى أعتبار فقد أراد البطل المناورة بقواته لوضعها في موقف أفضل ، فأمر بتكوين مجموعات سيطرة تنسحب لموقع خلفي وتركز الدفاعات عليه بدلا مما ستتعرض له تلك القوات مع الهجوم الكبير المتوقع من قوات العدو الإسرائيلي .

وهكذا أشرف لواء أركان حرب / أحمد عبود الزمر بنفسه على خروج مجموعات الجنود أثناء الليل شارحا لقادتها أسلوب السير وكيفية تركيز الدفاعات في الموقع الجديد .

وظل البطل / أحمد عبود الزمر مع من تبقى من قواته للعمل كموقع تعطيلي لإيقاف العدو حتى تُستكمل الدفاعات في الموقع الخلفي الجديد ، ضاربا أروع الأمثلة في المساواة بين القائد ورجاله ، رابطا مصيره بمصير جنوده ، موجها كل جهده لإنجاح المعركة ، رافضا أن يعيش هو ويموت أحد رجاله الذين أبقاهم في الموقع التعطيلي .

لقد فضل البطل الموت على الإرتداد ، ظل يقاتل بسلاحه الشخصي ويواجه نيران العدو مع رجاله الشجعان أكثر من أربع ساعات في معركة غير متكافئة ، حتى نجحت سرية دبابات معادية في الوصول إلى مركز قيادة البطل ، وتنطلق القذائف ليصاب البطل لواء أركان حرب / أحمد عبود الزمر وبعض من رجاله فيلقى ربه شهيدا ، ضاربا المثل في التضحية والفداء نحو الوطن الغالي .. مصر.

عن موقع المؤرخ

يتبع
 

سلسلة فرسان حرب أكتوبر

العميد يسرى عمارة

الكاتب:كريم رمضان


هو العميد يسري عمارة وكان وقت الحرب برتبة نقيب وهو البطل الذى آسر عساف ياجوري أشهر آسير إسرائيلي في حرب أكتوبر حيا على ارض المعركة بالرغم من اصابته، كما سبق له الاشتراك مع اسرة التشكيل في حرب الإستنزاف في آسر اول ضابط إسرائيلي واسمه (دان افيدان شمعون).

عبر النقيب يسري عمارة يوم السادس من أكتوبر قناة السويس ضمن الفرقة الثانية مشاة بالجيش الثاني تحت قيادة العميد حسن ابو سعدة وكانت الفرقة تدمر كل شئ امامها من اجل تحقيق النصر واسترداد الأرض.

وفي صباح 8 أكتوبر ثالث أيام القتال حاول اللواء 190 مدرع الإسرائيلى (دبابات هذا اللواء كانت تتراوح ما بين 75 حتى 100 دبابة) القيام بهجوم مضاد واختراق القوات المصرية والوصول الى النقط القوية التى لم تسقط بعد ومنها نقطة الفردان.

وكان قرار قائد الفرقة الثانية العميد حسن ابو سعدة يعتبر أسلوبا جديدا لتدمير العدو وهو جذب قواته المدرعة إلى أرض قتال داخل رأس كوبرى الفرقة والسماح لها باختراق الموقع الدفاعى الامامى والتقدم حتى مسافة 3 كيلومتر من القناة ، وكان هذا القرار خطيرا ـ وعلى مسئوليته الشخصية ـ.

وفي لحظة فريدة لم تحدث من قبل ولن تحدث مرة آخرى تم تحويل المنطقة الى كتلة من النيران وكأنها قطعة من الجحيم، وكانت المفأجاة مذهلة مما ساعد على النجاح، وفي أقل من نصف ساعة اسفرت المعركة عن تدمير 73 دبابة للعدو.

وبعد المعركة صدرت الأوامر بتطوير القتال والإتجاه نحو الشرق وتدمير اي مدرعة اسرائيلية او افراد ومنعهم من التقدم لقناة السويس مرة آخرى حتى لو اضطر الامر الى منعهم بصدور عارية.

واثناء التحرك نحو الشرق احس النقيب يسري عمارة برعشه فى يده اليسرى ووجد دماء غزيره على ملابسه، واكتشف انه أصيب دون ان يشعر، وتم ايقاف المركبة والتفت حوله فوجد الاسرائيلي الذى اطلق النار عليه وفي بسالة نادرة قفز نحوه النقيب يسري وجرى باتجاهه بلا اى مبالاة برغم انه حتى لو كان الجندي الاسرائيلي اطلق طلقة عشوائية لكان قتله بلا شك.

الا ان بسالة النقيب يسرى اصابت الجندي الاسرائيلي بالذعر ووصل اليه النقيب يسري وفي لحظة كان قد اخرج خزينة البندقية الالية وهي مملوءة بالرصاص وضربه بشده على رأسه فسقط على الأرض وسقط النقيب يسري عماره بجانبه من شدة الإعياء.

وعقب إفاقته واصلت الفرقة التقدم وعند طريق شرق الفردان لاحظ النقيب يسري وكانت يده اليسرى قد تورمت وأمتلأ جرحه بالرمال مجموعة من الجنود الإسرائيليين يختبئون خلف طريق الأسفلت، ووجد أحدهم وهو يستعد لإطلاق النار فتم التعامل معه وأجبروا على الاستسلام وكانوا اربعة وتم تجريدهم من السلاح وعرف أحدهم نفسه بأنه قائد، فتم تجريده من سلاحه ومعاملته بإحترام وفق التعليمات المشددة بضرورة معاملة أي أسير معاملة حسنة طالما انه لا يقاوم وتم تسليم هذا القائد مع أول ضوء يوم 9 أكتوبر، … وكان هذا القائد هو العقيد عساف ياجوري قائد اللواء 190 مدرع.

وقد أصدر قائد الفرقة تحية لأبطال الفرقة الثانية مشاة، حيا فيها النقيب الجريح يسري عمارة ومجموعته التى أسرت قائد اللواء الاسرائيلي المدرع 190.

عن موقع المؤرخ
 
سلسلة فرسان حرب أكتوبر/البطل محمد عبد العاطي


سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة
البطل محمد عبد العاطي رحمه الله
الكاتب: كريم رمضان


من مواليد قرية “فيشة قش” بمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية عام 1950، حاصل على دبلوم في الزراعة، التحق بالقوات المسلحة في 15 نوفمبر 1969 بعد النكسة بعامين. أنضم عبد العاطي في البداية لسلاح الصاعقة ثم أنتقل إلى سلاح المدفعية وتخصص في الصواريخ المضادة للدبابات وبالتحديد صواريخ روسية الصنع أسمها الروسي “مالوتكا” والمصري “فهد” وكانت وقتها أحدث صواريخ مضادة للدبابات تنضم لترسانة الأسلحة المصرية، وكان مداها يصل لثلاثة كيلو مترات.
ولأن الصاروخ “فهد” ليس صاروخا عاديا بل يتطلب جندي مدرب ذو مميزات خاصة من الاستعداد والحساسية وقوة التحمل والأعصاب واليقظة نظرًا لأن الجندي يكون مسؤولا عن إعداد الصاروخ وتوجيهه ثم إطلاقه والتحكم في مساره حتى وصوله إلى الهدف وتدميره، لذلك كانت الاختبارات تتم بصورة شاقة ومكثفة.
وينتقل عبد العاطي إلى الكيلو 26 بطريق السويس لعمل أول تجربة رماية بالصاروخ “فهد” في الميدان ضمن مجموعة من خمس كتائب، وكان ترتيبه الأول على جميع الرماة، واستطاع تدمير أول هدف حقيقي بهذا النوع من الصواريخ في مصر.
وتم اختياره لأول بيان عملي على هذا الصاروخ أمام قائد سلاح المدفعية اللواء سعيد الماحي، وتفوق والتحق بعدها بمدفعية الفرقة 16 مشاة بمنطقة بلبيس، التي كانت تدعم الفرقة بأكملها أثناء العمليات، وبعد عملية ناجحة لإطلاق الصاروخ تم تكليفه بالإشراف على أول طاقم صواريخ ضمن الأسلحة المضادة للدبابات في مشروع الرماية الذي حضره قيادات الجيش المصري بعدها تمت ترقيته إلى رتبة رقيب مجند.
في 28 سبتمبر 1973 حصل عبد العاطي على اجازة لمدة 38 ساعة فقط، وعاد في أول أكتوبر إلى منطقة فايد حيث كان الجنود يستعدون لصدور الأوامر بالتحرك.
وبحلول يوم السادس من أكتوبر بدأت القوات المصرية في العبور، وكان عبد العاطي هو أول فرد من اللواء 112 مشاة (الكتيبة 35 مقذوفات) يتسلق الساتر الترابي وبعد لحظات بدأ سلاح الجو الإسرائيلي يدخل المعركة والقيام بغارات منخفضة لإرهاب الجنود فما كان من الجنود المصريين إلا أن أسقطوا أربع طائرات إسرائيلية بالأسلحة الخفيفة!.
وفي يوم 8 أكتوبر أنطلق اللواء 112 مشاة للأمام في محاولة لمباغتة القوات الإسرائيلية التي بدأت في التحرك على بعد 80 كيلومترًا باللواء 190 المصحوب بقوات ضاربة مدعومًا بغطاء جوي.
في هذا اليوم أطلق عبد العاطي أول صاروخ في المعركة ونجح في إصابة الدبابة الأولى، ثم أطلق زميله بيومي قائد الطاقم المجاور صاروخا فأصاب الدبابة المجاورة لها، وتابع هو وزميله بيومي الإصابة حتى وصل رصيده إلى 13 دبابة ورصيد بيومي إلى 7 دبابات في نصف ساعة فقط، ومع تلك الخسائر الضخمة قررت القوات الإسرائيلية الانسحاب واحتلت القوات المصرية قمة الجبل، وبعدها اختاره العميد عادل يسري ضمن أفراد مركز قيادته في الميدان، التي تكشف أكثر من 30 كيلومترًا أمامها.
وفي اليوم التالي (9 أكتوبر) فوجئ عبد العاطي بقوة إسرائيلية مدرعة مكونة من مجنزرة وعربة جيب وأربع دبابات، وأطلق الصاروخ الأول علي المجنزرة فدمرها بمن فيها، ثم دمر الدبابة التى تليها ثم اصطاد الدبابات الآخرى واحدة تلو الآخرى حتى بلغ رصيده في هذا اليوم 17 دبابة.
وفي يوم 10 أكتوبر، دمر عبد العاطي ثلاث دبابات آخرى، كما استطاع اصطياد إحدى الدبابات التي حاولت التسلل إليهم يوم 15 أكتوبر، وفي يوم 18 أكتوبر دمر دبابتين وعربة مجنزرة ليصبح رصيده 23 دبابة و3 مجنزرات.
تم تكريم عبد العاطي من قبل وزير الحربية الراحل، المشير أحمد إسماعيل، وسُجل أسمه في موسوعة الأرقام العالمية العسكرية كصاحب ثاني رقم قياسي في أصطياد الدبابات وعُرف منذ ذلك الحين بصائد الدبابات.
عاد عبد العاطي إلى قريته بعد الحرب كأي جندي مخلص أنتهت مهمته عسكريا، وأصبح رئيس لمركز شباب القرية وكان اهتمامه الأول بالرياضة ورفع مستوى اللياقة البدنية للشباب وكان ينبههم دائما إلى انهم ذراع هذه الأمة ويجب أن تكون ذراع قوية يعتمد عليها وكان دائما ما يحكي لهم سير أبطال أكتوبر.
في عام 2001 أصيب بغيبوبة كبدية، وكانت أول مرة في حياته يدخل المستشفى وقال الأطباء أن حالته تحسنت، وعاد لممارسة خدماته لأهل القرية، وبعد خمسة أيام دخل مستشفى جامعة الزقازيق مصابا بدوالي المريء، وبقى في المستشفى لمدة أسبوعين.
وفي التاسع من ديسمبر 2001 صعدت روحه إلى بارئها عن واحد وخمسين عاما .
بقى أن نعرف أن إسرائيل أحتفلت بوفاة عبد العاطي بعد أن بلغها النبأ!

عن موقع المؤرخ
 
التعديل الأخير:
سلسلة فرسان حرب أكتوبر/اللواء حمدي الحديدي


سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة
اللواء حمدي الحديدي
الكاتب: كريم رمضان

“لا اله الا الله..محمد رسول الله”
عبارة كتبها العقيد صفي الدين ابو شناف رئيس أركان اللواء 117 قبل ان يقتسمها مع زميله اللواء حمدي الحديدي، قائد اللواء، الذي احتفظ بالورقة في جيب افروله العلوي .. وطارت ساقا اللواء الحديدي الواحدة بعد الاخرى فوضع يده على جيبه وتأكد من وجود الورقة وبعدها اعتبروه في عداد الشهداء ونقلوه إلى ثلاجة الموتى!
ولساعات ظل الحديدي فاقدا للوعي في بدرمو مستشفى المعادي العسكري في عداد الشهداء قبل ان يفيق ويلفت نظر الطبيب المناوب بحركة عينية فينقذه من الموت وينقل على عجل لاسعافه فينقل اليه 13 لتر دم ويخضع لغسيل كلوي لمدة 3 أسابيع ويتم بعدها إجراء عملية بتر فوق الركبة اليمنى، ليظل بيننا رمزا باقيا على بطولة المقاتل المصري.
مع أول ضوء ليوم 8 أكتوبر ركز العدو هجماته بالطيران والمدفعية على قواتنا التمركزة في رؤوس الكباري واستطاع العدو اختراق النسق الأول للواء 117 مشاة ميكانيكي، فأصدر اللواء الحديدي أوامره لرجاله بالتمسك بمواقعهم ومنع العدو من الوصول الى النقاط القوية شمال الفردان بأي ثمن، وبالفعل فشل الهجوم وفر العدو هاربا تاركا خلفه 18 دبابة قبل أن يصدر اللواء الحديدي أوامره بتطوير الهجوم شرقا .. وأثناء ذلك تم القبض على بعض افراد العدو خلال اختبائهم خلف دبابة محترقة بعد تبادل لإطلاق النار وكانت المفاجأة أن من بينهم العقيد عساف ياجوري قائد اللواء الإسرائيلي 190 المدرع فتم أسره وأتي به الى اللواء الحديدي حيث تبادل معه الحديث ليكتشف انه مدير بأحد الفنادق في تل أبيب وتم أستدعاؤه من الاحتياط وكان هدفه استعادة النقاط القوية شرق القناة.. “كان مقهورا ذليلا وهو يجيب عن أسئلتي”.. هكذا يقول الحديدي.
وبشكل مفاجئ هبطت الصواريخ على مكان اللواء، صاروخ مباشر بتر الساق اليمنى للواء الحديدي وبعد ه بأقل من ثانية صاروخ آخر بتر ساقه اليسرى ، وبرغم ذلك قفز الحديدي من بين شكائر الرمال ينادي على جنوده ومن بينهم نجليه “طارق” و”شريف” حتى سمعه بعضهم فسحبوه من كتفه قبل ان يغيب عن الوعي ويجد نفسه فجأة في المستشفى .. بين الموتى.
وكان العقيد ابوشناف تولى قيادة اللواء بعد نقل اللواء الحديدي الى المستشفى ، وبعد إعلان وقف إطلاق النار زاره في المستشفى وأظهر له نصف الورقة “المقدسة” قبل أن يمنحه هدية آخرى يستحقها هي مسدس “عساف ياجوري” الذي لايزال يحتفظ به حتى الأن.

عن موقع المؤرخ
 
سلسلة فرسان حرب أكتوبر/الشهيد العريف سيد زكريا خليل


سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة
الشهيد العريف سيد زكريا خليل
الكاتب: كريم رمضان


قصة الشهيد سيد زكريا خليل واحدة من بين مئات القصص التى ابرزت شجاعة المقاتل المصري، ومن الغريب ان قصة هذا الجندي الشجاع ظلت فى طي الكتمان طوال 23 سنة كاملة، حتى اعترف بها جندي اسرائيلي، ونقلت وكالات الأنباء العالمية قصه هذا الشهيد واطلقت عليه لقب (أسد سيناء).

تعود بداية القصة او فلنقل نهايتها الى عام 1996 في ذلك الوقت كان سيد زكريا قد عد من ضمن المفقودين فى الحرب، وفى هذا العام أعترف جندي إسرائيلي لأول مرة للسفير المصري في ألمانيا بأنه قتل الجندي المصري سيد زكريا خليل‏,‏ مؤكدا أنه مقاتل فذ ‏وانه قاتل حتي الموت وتمكن من قتل‏22‏ إسرائيليا‏ بمفرده‏.
وسلم الجندي الإسرائيلي متعلقات البطل المصري الى السفير وهي عبارة عن السلسلة العسكرية الخاصة به اضافة الى خطاب كتبه الى والده قبل استشهاده، وقال الجندي الاسرائيلي انه ظل محتفظا بهذه المتعلقات طوال هذه المده تقديرا لهذا البطل، وانه بعدما نجح فى قتله قام بدفنه بنفسه واطلق 21 رصاصة فى الهواء تحية الشهداء.

تبدأ قصة الشهيد بصدور التعليمات في أكتوبر‏73‏ لطاقمه المكون من ‏8‏ أفراد بالصعود إلي جبل (الجلالة) بمنطقة رأس ملعب، وقبل الوصول الى الجبل استشهد أحد الثمانية في حقل ألغام‏,‏ ثم صدرت التعليمات من قائد المجموعة النقيب صفي الدين غازي بالاختفاء خلف احدي التباب واقامة دفاع دائري حولها علي اعتبار أنها تصلح لصد أي هجوم‏,‏ وعندئذ ظهر اثنان من بدو سيناء يحذران الطاقم من وجود نقطة شرطة إسرائيلية قريبة في اتجاه معين وبعد انصرافهما زمجرت‏50‏ دبابة معادية تحميها طائرتان هليكوبتر وانكمشت المجموعة تحبس أنفاسها حتي تمر هذه القوات ولتستعد لتنفيذ المهمة المكلفة بها.

وعند حلول الظلام وبينما يستعدون للانطلاق لأرض المهمة‏,‏ ظهر البدويان ثانية وأخبرا النقيب غازي أن الإسرائيليين قد أغلقوا كل الطرق‏,‏ ومع ذلك وتحت ستار الليل تمكنت المجموعة من التسلل إلي منطقة المهمة بأرض الملعب واحتمت باحدي التلال وكانت مياه الشرب قد نفذت منهم فتسلل الأفراد أحمد الدفتار وسيد زكريا وعبدالعاطي ومحمد بيكار إلي بئر قريبة للحصول علي الماء‏,‏ حيث فوجئوا بوجود ‏7‏ دبابات إسرائيلية فعادوا لابلاغ قائد المهمة باعداد خطة للهجوم عليها قبل بزوغ الشمس‏,‏ وتم تكليف مجموعة من ‏5‏ أفراد لتنفيذها منهم سيد زكريا وعند الوصول للبئر وجدوا الدبابات الإسرائيلية قد غادرت الموقع بعد أن ردمت البئر.

وفي طريق العودة لاحظ الجنود الخمسة وجود ‏3‏ دبابات بداخلها جميع أطقمها‏,‏ فاشتبك سيد زكريا وزميل آخر له من الخلف مع اثنين من جنود الحراسة وقضيا عليهما بالسلاح الأبيض وهاجمت بقية المجموعة الدبابات وقضت بالرشاشات علي الفارين منها‏,‏ وفي هذه المعركة تم قتل‏12‏ إسرائيليا‏,‏ ثم عادت المجموعة لنقطة انطلاقها غير أنها فوجئت بطائرتي هليكوبتر تجوب الصحراء بحثا عن أي مصري للانتقام منه‏,‏ ثم انضمت اليهما طائرتان أخريان وانبعث صوت عال من احدي الطائرات يطلب من القائد غازي تسليم نفسه مع رجاله.

وقامت الطائرات بإبرار عدد من الجنود الإسرائيليين بالمظلات لمحاولة تطويق الموقع وقام الجندي حسن السداوي باطلاق قذيفة (آر‏.‏بي‏.‏جي) علي احدي الطائرات فأصيبت وهرع الإسرائيليون منها في محاولة للنجاة حيث تلقفهم سيد زكريا أسد سيناء برشاشه وتمكن وحده من قتل‏22‏ جنديا.

واستدعي الإسرائيليون طائرات جديدة أبرت جنودا بلغ عددهم مائة جندي أشتبك معهم أسد سيناء وفى هذه اللحظة استشهد قائد المجموعة النقيب صفي الدين غازي بعد رفضه الاستسلام، ومع استمرار المعركة غير المتكافئة استشهد جميع افراد الوحدة واحدا تلو الآخر ولم يبق غير أسد سيناء مع زميله أحمد الدفتار في مواجهة الطائرات وجنود المظلات المائه‏,‏ حيث نفدت ذخيرتهما ثم حانت لحظة الشهادة وتسلل جندي إسرائيلي خلف البطل وافرغ فى جسده الطاهر خزانه كاملة من الرصاصات ليستشهد على الفور ويسيل دمه الذكي علي رمال سيناء الطاهرة بعد أن كتب اسمه بأحرف من نور في سجل الخالدين.

واذا كان سيد زكريا قد استحق عن جدارة التكريم‏,‏ فالواقع أن المجموعة كلها برئاسة قائدها لم تكن أقل بطولة وفدائية‏,‏ فهم جميعهم أسود سيناء ومصر لاتنسي أبدا أبناءها.

وقد كرمت مصر ابنها البار، فبمجرد أن علم الرئيس مبارك بقصة هذا البطل‏ حتي منحه نوط الشجاعة من الطبقة الأولي، كما أطلق اسمه على احد شوارع حي مصر الجديدة.

عن موقع المؤرخ
 
سلسلة فرسان حرب أكتوبر/الشهيد العقيد الطيار محمد كريدي


سلسلة فرسان حرب أكتوبرالمجيدة

الشهيد العقيد الطيار محمد كريدي .. شهيد بلا معركة

كاتب المقال: الأستاذ / أحمد محمد كريدي*


هذه قصة شاب من مصر، الشهيد عقيد طيار/ محمد عبد الوهاب كريدى، أول ضابط بالقوات المسلحة المصرية يحصل على نوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى عند أستشهادة بدون معركة، ونوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى الثانى له. وسمى أحد شوارع حى مدينة نصر بأسمه.
صيف 1975 .
بعد أقل من عامين من اندلاع حرب أكتوبر، الحرب التي أبلت فيها القوات الجوية المصرية بلاءا حسنا فاق كل التوقعات..
منزل عادي بضاحية مصر الجديدة ..
وشاب مصرى فى مطلع الثلاثينات من عمره يقف شاردا يتأمل البستاني العجوز وهو يقلم الأشجار والأزهار في الحديقة التى تقع خلف الشرفة الخلفية للمنزل..
مقص البستاني يتناول بعناية الفروع الخضراء، والأوراق المتساقطة تحمل معها ذكريات لا حدود لها ، وشريط حياة الشاب البسيط يمر أمام عينيه .
مقدم طيار فى القوات الجوية المصرية هو..
يطير كقائد قاذفة صواريخ من طراز تى يو 16 تى 11- 16..
يحمل أسم محمد ..
كان موعده مع الدنيا إحدى أيام عام 1942..
لم يلبث أن أشتد عوده قليلا وبلغ سنين الدراسة ليلتحق بمدرسة عبد العزيز الأبتدائية بمصر الجديدة.. يتذكر حصة الزراعة التى كان يكرهها ليس للزراعة نفسها، ولكن لأنها كانت تجبره على تعلم كيفية عمل المربى وكان يقول لوالدته: “انا راجل مالى انا و مال المربى؟”.
ربما لأن الزراعة تربطه بالأرض وهو وُلد ليحلق في السماء!
وتتساقط أوراق خضراء آخرى .. ويستمر شريط حياته في التتابع .
كانت أول طائرة يقودها في حياته وهو في العاشرة من عمره!
أحد اعياد عام 1952 عندما ذهب للملاهى بصحبة عائلته، وبالصدفة البحته تواجد مصور لمجلة “المصور” ذائعة الصيت والتقط له صورة نشرت على غلاف العدد التالي للمجلة وهو يقود طائرة حربية فى الملاهى..
ويشب محمد عن الطوق قليلا فيلتحق بمدرسة الحسينية الثانوية بالعباسية رغم بعدها عن منزلة فى مصر الجديدة نظرا لتواضع مستواه فى بعض المواد، وهو ما أجبره على إعادة الامتحانات مرتين محاولا الحصول على الثانوية العامة.
ولأن الطيران كان حلمه الأول فقد قدم اوراقه بلا تردد الى كلية الطيران ونسخة منها إلى كلية الشرطة.. ويتم طلبه لإجراء الكشف الطبى فى الكلية الجوية، و يتوقع عدم ظهور اسمه فى كشوف الناجحين فى اليوم التالى لكن النتيجة تظهر بقبوله كطالب طيار بالكلية الجوية فيتنازل عن الشرطة فى سبيل الطيران.
الدفعة 14 طيران..
كان من المفترض أن يبقى محمد ورفاقه كطلاب بالكلية الحربية لمدة عام كامل، لكن الدفعة قضت أقل من شهر واحد قبل أن تنتقل للمبنى الجديد ثم إلى الكلية الجوية ببلبيس..
ومع مرور سنوات الدراسة أثبت محمد كفاءته كطالب متميز بين أقرانه فحصل على الترتيب السادس على الدفعة بين ما يزيد على 80 طالب و رقى الى رتبة صف ضابط بالسنة النهائية (رتية شرفية لطلاب الكليات العسكرية المتفوقون).
ويأتى يوم 15 مايو 1963 يوم تخرجه من الكلية الجوية كملازم طيار تحت الأختبار..
ويتم توزيعة على سرب قاذفات تكتيكية روسية من طراز (اليوشن 28) مع بعض من زملاؤه الطيارين والملاحين.
ويجتاز محمد الفرقة فى وقت قياسى.
وفى عام 1964 يواجه محمد الأختبار العملي الأول في حياته العسكرية وهم لم يتعد الثانية والعشرون من عمره بعد، حين يتم اختياره للسفر الى اليمن للأشتراك فى معركة وحدة اليمن.
وتتساقط أوراق خضراء آخرى .. ويستمر شريط حياته في التتابع .
ويحدث محمدا نفسه وهو لايزال يتأمل الحديقة الخضراء أمام ناظريه وكيف تتناقض مع الصحراء القاسية في اليمن.. يتذكر أول أيامه في هذه التجربة العصيبة وهو مجرد ملازم طيار ، يطير كقائد قاذفة ومعه الملاح والمدفعى.. ويسأل نفسه: كيف أستطعت تحقيق ذلك وأقرانى لا يزالون طلابا فى الجامعات و المعاهد.. هل أصبحت ناضجا لهذا الحد؟!
لقد كان يعتبر نفسه دائما مقاتلا يحارب فى سبيل أي قضية تمس الوطن العربى، ولم يعر اهتماما أبدا خوض غمار المعارك مقابل المادة (التى كان لها اعتبارات عالية فى ذلك الوقت) لذا رفض بلا تردد الاشتراك في الحرب النيجيرية لأنه أعتبر نفسه فيها طيار مرتزق.
وبالرغم من الأيام العصاب في اليمن إلا أن أسوأ الأيام التي رآها لم تكن قد أتت بعد…!
الخامس من يونيو 1967..
كان وقتئذ فى اليمن فلم يرى بعينيه أسراب الطائرات المصرية وهي تدك دكا على ممرات الطيران في شمال مصر وجنوبها..
كان وقتئذ يحارب من أجل قضية آخرى .. لكن الأوامر صدرت بشكل عاجل بالعودة إلى مصر ، فطار فى تشكيل صغير عائدا الى الوطن وهبط فى مطار رأس بناس ومن ثم إلى مطار القاهرة الدولى بعد أن دُمرت قاعدة أبو صوير الجوية المعدة للقاذفات وأصبحت غير صالحة للهبوط.
تذكر يوم 8 يونيو 1967 عندما اوكلت اليه هو واحد قادته و زملاؤه (نقيب طيار/ حنفى محجوب، ونقيب طيار/ عادل عباس، وملازم اول طيار/ أحمد مصطفى محمد حسن) مهمة الإغارة على الساحل الشمالى فى سيناء بين بئر العبد و رمانة لتدمير رتل للعدو من الدبابات المتجهة الى سيناء.
تذكر كيف أنفصل عن التشكيل بناء على توجيه القائد وتابع رتل الدبابات المعادية وقصفها فوق كبري الفردان مما أدى الى تدمير الدبابات تماما مع الجسر.
وقبل ان يتابع ذكرياته أنتبه محمد على رنين الهاتف وإذا المتحدث أحد زملاؤه فى القوات الجوية المقدم ملاح/ عبد المعطى درويش المدرس بالكلية الجوية..
- ايه يا محمد أنا سمعت من أحمد مصطفى (مقدم طيار أحمد مصطفى) أنك عايز تتنقل من القاذفات للعمل كمدرس بالكلية الجوية
- أنت عارف ان احمد مصطفى بيهرج كعادته على الرغم من دوره فى حرب اكتوبر وكان نفسى فعلا أتنقل للكلية الجوية لقربها من مصر الجديدة لرعاية والدى (و كان والده قد تعرض لحادث سيارة و لزم الفراش فى المستشفى لفترة كبيرة)
- يا محمد بلاش خباثة، هو علشان انت فى حرب 1973 عملت دور كويس و ضربت 7 صواريخ جو سطح على سبع أهداف من سربك و أخدت نوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى تعمل كده و عايز تستريح؟ وكان محمد قد قام بقصف مواقع استراتيجية خلال حرب اكتوبر (مركز القيادة والسيطرة ببئر العبد و رادار و محطة شوشرة الطاسة … و غيرها)
- يا عبد المعطى بلاش الكلام ده، أنت تعرفنى من زمان و تعرف ان روحى فى القاذفات و التشكيلات، لكن والدى مريض وزوجتى تستعد لأمتحان الدراسات العليا فى طب الأسنان ومفيش حد ياخد باله من العيال (أحمد و عمر)
- يا كوكو ( الأسم الحركى لمحمد كريدى) أنا بهزر معاك، هو أنت تفتكر الفريق حسنى (الفريق حسنى مبارك) هيرضى أنك تسيب التشكيلات؟ أنت عارف أنه عايز المتميزين فى التشكيلات يفضلوا فيها
- لأ طبعأ اللى فى الدم فى الدم.
طلعة أخيرة بقيادة بطل
مازلنا في صيف 1975.. الأول من سبتمبر.
الطيارون منهكون، فالتدريب بعد المعركة الحقيقية اصعب من التدريب قبلها، فكل طلعة جوية لها ظروفها.
طلعة تدريبية عادية اخرى بالذخيرة الحية..
طيران نهارى..
تشكيل من قاذفتين تى يو 16 كى 11-16 ..
السماء صافية بلا غيوم..
طاقم الطائرة يضم القائد مقدم طيار/ محمد عبد الوهاب كريدى، والطيار المساعد نقيب طيار/ عادل الفقى، والملاح الأول رائد ملاح/ سمير عبد الفتاح، والملاح الثان نقيب ملاح/ المنشاوى.
وتقلع القاذفة من قاعدة غرب القاهرة الجوية محملة بكافة انواع الذخائر..
تمر دقائق عادية..
وفجأة يدوي صوت انفجار في القاذفة..
النقيب طيار/ عادل الفقى يصرخ: يا كابتن مدفع الملاح التانى بيفرقع، فيرد محمد المشهور بأعصابه الفولاذية: يا عادل قول للملاح الثانى يشوف أيه الحكاية وخلينا نسأل الطيارة اللى معانا فى التشكيل ايه اللى بيحصل.
وبالفعل يتصل بالقاذفة الأخرى المرافقة بالتشكيل بقيادة عقيد طيار/ محمد طموم ومساعده نقيب طيار/ نور رياض، و كان الرد بأنه لا يوجد شئ بالقاذفة.
لكن نفس محمد لم تهدأ فيقرر الهبوط في بني سويف الأقرب إليه .
لكن أصوات الانفجارات تتعالى مجددا وتشتعل النيران في المحرك الأيسر للقاذفة… وتصبح بني سويف حلما بعيد المنال..
لابد أن محمد كريدي وهو طيار ذو أعصاب واثقة قد واجه مواقف عسيرة خلال حرب أكتوبر على الأقل، فقد أدى دوره بشكل فائق خلال المعارك ولم يكن ليتردد لحظة واحدة في الدخول بطائرته القاذفة بشكل انتحاري في أي موقع للعدو إذا كان هذا سيعني نصرا للوطن.. لقد كان بإمكانه إذا تأكد من استحالة انقاذ الطائرة ان يضغط زر الكرسي القاذف بكل بساطه ليخرج سالما من المشكلة .. لكن لم تكن هذه أبدا هي المشكلة!

لابد أن أعصابه توترت..
وتكاثرت حبات العرق على جبينه وهو يمسك مقود الطائرة بكل إحكام محاولا الإبقاء عليها في اتزان تام ، قبل أن يصرخ في رفيقه: نزل العجل يا عادل هننزل في المنيا..
وتتعالى أصوات الأنفجارات فى القاذفة ..
وتقترب الطائرة من الأرض..
وتخرج العجلات تلاحقها ألسنة اللهب تكاد تلمس الأرض على الرغم من أرتفاع القاذفة..
و تزداد الأنفجارات حدة ..
لم يعد هناك مفر..
ويطلب محمد من الملاح الثانى مغادرة القاذفة لكن النقيب ملاح/ المنشاوى يشير إليه بيده فقد انقطع الأتصال بالمذياع الداخلى نتيجة للحريق لينبأه عن عدم أستطاعته القفز بالكرسى القاذف بسبب الحريق..
وفجاة تنفجر أسطوانات الأكسجين الخاصة بالطاقم بالكابينة الأمامية، وتتوقف يد النقيب ملاح/ الشناوى لتعلن خروج روحه إلى بارئها كبطل أشترك فى بطولة لا تقل عن المعركة التى أشترك بها قبل عامين.
وتترنح القاذفة أكثر..
وكقائد في موقع المسئولية يطلب كريدي من مساعده النقيب طيار/ عادل الفقى القفز من الطائرة قبل أن تنفجر لكنه يرفض..
- لا يا كابتن انا معاك للأخر
- يا عادل نط دلوقتى حالأ، أنا القائد وبأمرك
وينظر عادل الى السماء، لا يتخيل نفسه بين احضان كرسى قاذف عبارة عن قطعة من المعدن قد لا تمنحه النجاة… لكنه برغم ذلك يشد عصا القذف، ويجد نفسه معلقا فى حركات بهلوانية بين السماء والأرض ليكتشف أن المظلة لا تعمل .. وكما تقتضي التدريبات فقد تحرك كما تعلم بحركات عشوائية وفجأة تفتح المظلة ويهبط سالما فى أحد جزر النيل القريبة من المنيا.
أصبح محمد وحيدا في الطائرة..
لاتزال أعصابه أقوى من الحديد .
حبات العرق المالحة تكاد تشكل غمامه أمام عينيه.. وهو يلقي نظرات خاطفة على جثمان زميله الراقد بلا حراك على مقربة منه..
وتقترب القاذفة من العمران..
أصبح المجال سانحا أمامه للقفز بالكرسى القاذف ..
لكن هل يدع قاذفته تتحطم فوق القرى .. ما ذنب هؤلاء المزارعين البسطاء؟ ما ذنب الألاف كي يلقوا حتفهم نتيجة لأنفجار جسم معدنى طائر قد لا يعرفون ماهيته؟
النيران تأكل جسده وهو يتذكر أولاده لكنه يتذكر ايضا أبناء القرى الذين قد يموتون نتيجة تحطم القاذفة المحملة بالوقود والذخائر الحية.
وبلا تردد يدير البطل موقد الطائرة ليضعها في وضع غطس بالنيل لتقليل حدة الأنفجار، لكن القاذفة تتهاوى وتقترب من مرحلة عدم السيطرة عليها..
محمد يركز بنظرة على النيل ويتأكد من أن القاذفة سوف تهبط فيه..
لكن الاتزان يختل فجأة ..
ولم يعد هناك خيار..
ويضغط عصا الكرسى القاذف ليخرج بسرعة فائقة من القاذفة التي تهوي إلى النيل.. ويتذكر بشكل مفاجئ وهو معلق بين السماء والأرض تلك المعلومة العابرة التي تلاقها أثناء حصولة على فرقة قيادة تلك القاذفة . أنه لم ينج احد من طاقمها بالأتحاد السوفييتى أبدا في محاولات الخروج منها!
ثوان ويهبط كريدي بالمظلة محدقا فى الدخان الذى أحدثته قاذفته عند أرتطامها بنهر النيل قبل أن يهبط هو الاخر في المياه لينتشله أحد الصيادين بمركبه، وتصادف أن تعرف عليه الصياد الذى خدم خلال فترة تجنيده فى أواخر الستينيات فى قاعدة بنى سويف الجوية وقد كان كريدي يشغل فى وقت ما منصب قائد مجموعة الأمن بهذه القاعدة علاوة على عمله كنقيب طيار باللواء الجوى 403.
لحظات ويصل المركب الصغير إلى شاطئ النيل، ويصر محمد على السير على قدميه فيما تهبط الطائرة المروحية التابعة للقوات المسلحة لنقله للمستشفى حيث يجد كريدي رفيقه المقدم طيار/ أحمد عزت والذى يسبقه بدفعة وقائد مطار المنيا وقتئذ فى انتظاره قرب المروحية.
ويتمهل محمد في السير ثم ينظر إلى رفيقه أحمد عزت ويضع يده في جيب سترته ويناوله حافظته و متعلقاته الشخصية قبل ان يستقل الطائرة المروحية ويرقد فيها على أقرب مقعد معلقا نظره بالسقف وهي ترتفع في الهواء بأقصى سرعة ممكنة متجهة إلى المستشفى..
لقد خاض غمار معارك كثيرة كان معرضا فيها للموت في كل لحظة، لكنه خرج من كل هذا سالما ليأتي هذا اليوم الذي يرى فيه رفيقه يموت أمام عينيه ويهوى هو من ارتفاع شاهق إلى مياه النيل مصابا بحروق لا يعرف قدرها ولا يعرف أيضا أنه أصيب بكسر فى عموده الفقرى .. لكنه برغم كل ذلك يبتسم لأنه انقذ الألاف كان يمكن ان يلقوا حتفهم اذا انفجرت القاذفة فوق رؤوسهم فى المناطق العامرة القريبة.
ويدير كريدي عينيه المتهالكتين إلى النقيب ملاح/ ابراهيم سمن ملاح المروحية..
- احنا فين دلوقتى (يقصد بها الأحداثيات)؟
- احنا فى الأحداثى كذا و كذا
- (وينظر كريدي إلى ساعة الطيران البريتلينج التى قدمت كهدية له ولبعض طيارى القوات الجوية المصرية المتميزين من الملك حسين رحمة الله عقب حرب اكتوبر) فاضلنا تسع دقائق و نوصل المنيا
- تمام يا فندم مظبوط بالثانية
- الطيارة حصل لها ايه يا ابراهيم؟
- يافندم الطيارة وقعت وأنفجرت فى النيل
- الحمد لله انها لم تمس بشر
وفجأة يغيب محمد عن الوعى ويستلقى على مقعد المروحية بلا حراك فتسود حالة من الارتباك بين الرفاق، وفور هبوط الطائرة فى المهبط المقابل للمستشفى ينقل البطل إلى وحدة العناية المركزة..
وفى غرب القاهرة تتعالى الصرخات من قبل زملاؤه فى السرب بعض هبوط القاذفة المرافقة فى التشكيل منفردة..
وخارج المستشفى يهبط المقدم طيار/ أحمد مصطفى محمد حسن، زميل محمد منذ نعومة أظفاره، من سيارته التى أنطلق بها مسرعا من قاعدة غرب القاهرة يبحث عن وحدة العناية المركزة ليجد رفيق عمره غائبا عن الوعى فيقترب منه ويضع راحه يده على جبهته فينتبه ويحدثه..
- يا أحمد أنت متاكد ان الطيارة مموتتش حد؟
- وحياة أولادى وأولادك لأ يا محمد، انت فعلا أنقذتهم
- يا احمد نفسى أشوف اولادى أحمد وعمر دلوقتى، مش عارف ليه
ويحتضن أحمد رفيق عمره وهو يغالب دموع عينيه فيشعر بروحه تصعد الى بارئها..
روح امتلأت حبا في جسد بطل..
كان يحمل لقبا فريدا..
لقب: بطل القاذفات

عن موقع المؤرخ
==================
* نجل البطل الشهيد محمد كريدي
 
سلسلة فرسان حرب أكتوبر/الشهيد المقدم شريف السرساوي


سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة
الشهيد المقدم شريف السرساوي
الكاتب: كريم رمضان

عن أنس رضى الله عنه ، عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، قال :
ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا ، وما له على الأرض من شىء ، إلا الشهيد ، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيُقتل عشر مرات لما يرى من الكرامه
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولد شريف السرساوى بالقاهرة عام 1945 ، وقد ورث عن والده لواء عمر السرساوى قوة الشخصية وعشق تراب الوطن .
ولقد تفوق شريف على نفسه طوال سنوات الدراسة ، فحصل على العديد من بطولات الجمهورية في السباحة خلال مراحل الدراسة المختلفة .
التحق شريف بالكلية الحربية عام 1961 وتخرج ضمن دفعة يوليو 1964 ، ومع حدث النكسة ، أنضم شريف إلى جنود الجيش المصرى في حرب الإستنزاف .
مع أقتراب العد التنازلى لمعركة التحرير ، وأسترداد رمال سيناء الحبيبية من المعتدى الغاصب ، تعددت تجارب العبور بإستخدام لنشات الطوربيد .
ومع هُتاف الله أكبر ، صيحة الحق التى زلزلت الأرض تحت أقدام العدو الإسرائيلى وفتحت طريق النصر أمام جنودنا البواسل في السادس من أكتوبر 1973 ، أنطلق المقدم بحرى / شريف السرساوى لتنفيذ مهمته ضمن طلائع القوات البحرية ، وتمثلت هذه المهمة في ضرب وتدمير تجمعات العدو في رأس برون بمدخل بحيرة البردويل على الساحل الشمالى لشبه جزيرة سيناء .
وتم تنفيذ المهمة بنجاح منقطع النظير ، وفي طريق العودة أشتبك طيران العدو الإسرائيلى مع المجموعة التى يقودها المقدم / شريف ، فيصاب اللنش وتشتعل به النيران ، فيندفع البطل في محاولة لإطفاء النيران بيده العارية حتى أحترقت ، ومع ذلك لم يشعر بآلام الحروق وهو يساعد زملاؤه في توجيه المدفعية المضادة للطائرات .
وتمكنت طائرات العدو من تدمير اللنش ، رغم المقاومة الباسلة من أفراده ، وأستشهد البطل / شريف عمر السرساوى مع رفاقه ” مقدم / محمود حافظ ، مقدم / إبراهيم غنيم ، نقيب / محمود سليم ” .
رحم الله شهداء البحرية المصرية ، وأجزل لهم حسن الثواب

عن موقع المؤرخ
 
سلسلة فرسان حرب أكتوبر/الشهيد العقيد إبراهيم عبد التواب

سلسلة حرب أكتوبر المجيدة
الشهيد العقيد إبراهيم عبد التواب
الكاتب: كريم رمضان​


بسم الله الرحمن الرحيم
َ
ولاَ تَقُولُواْ لِمَن يُقتَلُ فِي سَبِيِل اْللهِ أَمَواتُ بَلْ أَحَياءٌ وَلِكن َلاتَشُعُرونَ

صدق الله العظيم
( سورة البقرة _ الآية 154 )
” كفنوني بعلم مصر ، وسلموا أبنتي ( منى ) المصحف والمسبحة ”
تلك هى وصية العقيد / إبراهيم عبد التواب التى القاها على جنوده لحظة أن وطئت قدماه أرض موقعة ( كبريت ) في التاسع من أكتوبر 1973.
ولد العقيد / إبراهيم عبد التواب بمحافظة أسيوط في العاشر من مايو 1937 وكان والده متدينا محبوبا من أهل قريته ، التحق إبراهيم بالمدرسة الثانوية بالمنيا .. وتعلم منذ الصغر كيف يعتمد على نفسه ، وما أن أنهى سنواتها الثلاث حتى أسرع بتقديم أوراقه للكلية الحربية وكانت سعادته لا توصف عند قبوله بها فأجتهد حتى تخرج عام 1956.
كان الشهيد رحمه الله مثالاً في الأخلاق والشهامة والتسامح والتواضع الشديد ، فكان يقرأ القرآن كثيرًا ويواظب على مواعيد الصلاة ثم يتبعها بالتسابيح والدعاء لله سبحانه وتعالى ، لذا فلم يكن المصحف والمسبحة يفارقان جيبه أبدًا ، حتى أشتهر بين جنوده بلقب ” الشيخ ” .
تدرج البطل / إبراهيم عبد التواب عقب تخرجه في مناصب القيادة المختلفة حتى تولى رئاسة أركان إحدى مجموعات الصاعقة ، ثم أصبح قائدًا لإحدى كتائب لواء تابع للقوات الخاصة في حرب أكتوبر .
تولى العقيد / إبراهيم عبد التواب بنفسه تشكيل كتيبة وأستكمالها من أفراد ومعدات ، فحرص على حصول ضباطه على الفرق التعليمية التى تؤهلهم للمناصب التى يشغلها كلٌ منهم ، وكان يقوم بنفسه بإعداد طوابير التدريب التكتيكي لوحدته حتى يطمئن إلى أن كل فرد قادر على تنفيذ المهام التي يُكلف بها في كفاءة تامة .
كانت مهمة كتيبة البطل خلال حرب أكتوبر المجيدة ، هى إقتحام البحيرات المرة الصغرى تحت تغطية من نيران المدفعية والقصف الجوى للطائرات المصرية ، ثم التحرك شرقــًا على طريق
( الطاسة ) ثم طريق ( الممرات ) لتهاجم وتستولى على المدخل الغربي لممر ( متلا ) .
وبالفعل في الموعد المحدد ومع صيحات الله أكبر التى أنطلقت من حناجر رجال القوات المسلحة تبث الرعب في قلوب الإعداء ، أنطلقت كتيبة البطل لتقتحم البحيرات المرة الصغرى بنجاح تام وفي فترة زمنية صغيرة للغاية ، بفضل التوجيه المميز للقائد الشهيد / إبراهيم عبد التواب ، حتى وصلت الكتيبة إلى البر الشرقى للبحيرات وبدأت تنفيذ الشق الثاني من المهمة وهو السيطرة على ممر ( متلا ) ، ورغم العقبات التى واجهت كتيبة البطل وشراسة العدو المصاب بالذهول ، إلا أن أيمان الرجال بنصر الله ورغبتهم في إستعادة كرامة الوطن حولتهم إلى أسود مرعبة فرت من أمامها مدرعات العدو ودباباته .
أستمرت مهمة البطل / إبراهيم عبد التواب ورجاله في تلك المنطقة وكبدوا العدو الإسرائيلي خسائر هائلة في الأرواح والمعدات ، حتى التاسع من أكتوبر 1973 .. حيث صدرت الأوامر بمهاجمة النقطة الحصينة شرق ( كبريت ) والإستيلاء عليها .
في سعت 630 يوم التاسع من أكتوبر 1973 تحركت كتيبة البطل / إبراهيم عبد التواب نحو نقطة ( كبريت ) الحصينة ، حيث أعتمدت خطة الشهيد على أستغلال نيران المدفعية والدبابات لإقتحام النقطة الحصينة من أتجاهى الشرق و الجنوب بقوة سرية مشاة ، في نفس الوقت الذى تقوم باقى وحدات الكتيبة بعملية عزل وحصار من جميع الجهات لمنع تدخل أحتياطي العدو الإسرائيلي .
ورغم قصف طيران العدو ، وأشتباك وحداته المدرعة في قتال ضار مع كتيبة البطل على بعد حوالى 3كم من النقطة الحصينة ، إلا أن عزم القائد البطل ورجاله كان أقوى من أى عقبات ، وسرعان ما أنهارت قوات العدو وأنسحبت مذعورة خلف التباب القريبة ، وأنطلق خلفها رجال الكتيبة الأبطال ونجحوا في تدمير الدبابات عن آخرها ونجحت خطة أقتحام النقطة الحصينة وتم تطهيرها وتفتيش جميع الدشم والملاجىء ، وأرتفع علم مصر خفاقا عاليا فوق هذا الموقع وتعالت صيحات الله أكبر .
وللإهمية البالغة لهذا الموقع ، حيث كان مقرًا لإحدى قيادات العدو الإسرائيلي الفرعية وملتقى الطرق العرضية شرق القناة ، ويمكن من خلاله السيطرة على كافة التحركات شرق وغرب منطقة ( كبريت ) ، بالإضافة إلى أنه يعتبر نقطة الأتصال بين الجيشين الثاني والثالث المصريين
لهذا الأسباب فقد كان تخلى العدو الإسرائيلي عن هذا الموقع شىء صعب للغاية إن لم يكن مستحيلاً ، لذا فقد بدأت قوات العدو في محاولات مستميتة ومتكررة لإستعادة السيطرة على الموقع ، حتى أن الهجمات الجوية كانت تستمر لساعات متواصلة وبقنابل بلغ وزنها الألف رطل ، بالإضافة إلى هجمات الدبابات والمشاة .
ورغم كل هذا لم تسفر محاولات العدو عن أى تقدم ، وظل الموقع صامدًا بفضل القيادة الحكيمة من البطل / إبراهيم عبد التواب ، وبراعة جنود مصر الأوفياء .
ونتيجة للفشل الذى مُنيت به هجمات العدو المتوالية ، لم يكن أمام قادة إسرائيل إلا فرض الحصار حول الموقع على أمل عزل الكتيبة المصرية عن الجيش المصرى ومنع الإمداد عنها ، ولقد أستمر هذا الحصار مدة 134 يوما ، نُسجت خلالها ملحمة نادرة غير مسبوقة من الصمود والتماسك بين أفراد الكتيبة المصرية بقيادة الشهيد البطل / إبراهيم عبد التواب .
منذ اليوم الأول للحصار جلس العقيد / إبراهيم عبد التواب وحوله رجاله _ ضباطــــًا وجنود _ يوضح موقف الكتيبة والإجراءات الواجب أتباعها ، وتعاهد الرجال أنه لاتفريط في الموقع حتى آخر طلقة وآخر نفس يتردد في الصدور .
لقد كان البطل / إبراهيم عبد التواب قدوة في تحمل آثار الحصار لكل الجنود ، فقد كان أقل رجاله أستهلاكــــًا للمياه والطعام بل أنه في بعض الإحيان كان يتنازل عن التعيين الخاص به لمن يرى عدم قدرته على تحمل حالة التقشف التى أتبعتها الكتيبة منذ اليوم الأول للحصار وأنقطاع الإمداد من الجيش المصرى .
ورغم حالة الإعياء التى بدأت تظهر آثارها واضحة على البطل الشهيد ، بسبب قلة الطعام ، والمجهود الرهيب الذى يبذله ، فقد حرص العقيد / إبراهيم عبد التواب على أن يُصلى برجاله كل الفرائض في مواعيدها ، كان يخطب أيام الجمع يبث الحماس والأمل في نفوس رجاله ، ويبشرهم بنصر الله القريب أو الفوز بالشهادة .
في الرابع عشر من يناير 1974وبينما كان البطل يواجه إحدى غارات العدو ، سقطت دانة غادرة إلى جواره فأستشهد رحمه الله بين رجاله .
كان لوفاة البطل / إبراهيم عبد التواب أكبر الآثر في نفوس رجاله حيث أزداد عزمهم على عدم التفريط في الموقع أبدًا ، رغم العروض المغرية التى كان يلقيها العدو كل لحظة تارة بضمان سلامتهم ، وتارة بضمان عودتهم بإسلحتهم ، ولكن الرجال أصروا على القتال والمقاومة ، حتى تم إتخاذ قرار الفصل بين القوات ، وأنسحبت قوات العدو .

عن موقع المؤرخ​
 
رد: سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة/كريم رمضان

اللهم اكتب لنا الشهاده
شكرا على الموضوع الجميل اعد في نفوسنا حب الشهاده
 
رد: سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة/كريم رمضان

موضوع طيب تحيى النفوس التى مالت الى الدنيا و نست الشهادة و الوطن
 
سلسلة فرسان حرب أكتوبر/الشهيد العقيد محمد زرد


سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة
الشهيد العقيد محمد زرد
الكاتب: كريم رمضان


بعد عبور القوات المسلحة المصرية لقناة السويس اضخم مانع مائي عرفه التاريخ وقف خط برليف المحصن حاجزا امام عبور القوات المصرية الى قلب سيناء الا ان الهجوم الكاسح اسقط كل هذه الحصون الا نقطة واحدة بقيت مستعصية على السقوط فى ايدى القوات المصرية.

وكانت هذه النقطة محصنة بطريقة فريدة وقوية ويبدو انها كانت مخصصة لقيادات إسرائيلية معينة .. وفشلت المجموعة المصرية فى اقتحام هذه النقطة المشيدة من صبات حديدية مدفونه فى الارض .. ولها باب صغير تعلوه فتحة ضيقة للتهوية … وكان يقلق المجموعة المكلفة بالتعامل مع هذا الحصن ان الاعلام المصرية اصبحت ترفرف فوق جميع حصون برليف بعد سقوطها عدا هذا الموقع الصامد الذى فشلت معه كل الاساليب العسكرية للفرقة المواجهة له.

واذا بالارض تنشق عن العقيد محمد زرد يجرى مسرعا تجاه جسم الموقع متحاشيا الرصاص الاسرائيلي المنهمر بغزارة من الموقع ومن ثم اعتلاه والقى بقنبلة بداخلة عبر فتحة التهوية وبعد دقيقتين دلف بجسده الى داخل الحصن من نفس الفتحه وسط ذهول فرقته التى كان قائدا لها، وخلال انزلاقه بصعوبة من الفتحة الضيقة وجه له الجنود الإسرائيليين من داخل الموقع سيل من الطلقات النارية اخرجت احشائه من جسده، وفى هذه اللحظات تأكدت فرقته من استشهاده .

وما هى الا ثوان معدوده واذا بباب الحصن يفتح من الداخل ويخرج منه العقيد محمد زرد ممسكا أحشاؤه الخارجة من بطنه بيده اليسرى واليمنى على باب الحصن تضغط علية بصعوبة لاستكمال فتحه.

واندفع الجنود المصريين الى داخل الحصن واكملوا تطهيره، ثم حمل الجنود قائدهم زرد الى اعلى الحصن وقبل ان يفارق الحياه لمس علم مصر وهو يرتفع فوق اخر حصون خط برليف اقوى حصون العالم فى التاريخ العسكرى ثم يفارق الحياة بطلا نادر التكرار.

عن موقع المؤرخ
 
سلسلة فرسان حرب أكتوبر/الشهيد العقيد السيد أحمد الحجف


سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة
الشهيد العقيد السيد أحمد الحجف
الكاتب: كريم رمضان


بسم الله الرحمن الرحيم

وَلاَ تَحُسَبَنَ الَذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللهِ أَمَواتـــَا بَل أَحَياَء عِندَ رَبِهِم يُرزَقوُنَ

صدق الله العظيم (سورة _ آل عمران الآية 186 )

مصحف مخضب بالدماء .. ساعة شخصية وصورة تتوسط جدران البيت .
تلك هى كل ذكريات عقيد / السيد أحمد الحجف ، الذي أستُشهد في 22 أكتوبر 1973

ولد السيد أحمد الحجف في التاسع من أغسطس 1935 وكانت حياته حافلة بالمعارك و البطولات ، فقد كان ضمن أول فرقة تُعقد بمصر في ( أبو عجيلة ) لقوات الصاعقة المصرية.( فرقة الشهيد البطل / إبراهيم الرفاعي ) عام 1955 ، كما شارك في حرب السويس 1956، وكان ضمن قوات الصاعقة المصرية في حرب اليمن ، وعندما أندلعت حرب يونيو كان يقاتل ضد العدو الإسرائيلي على الجبهة الأردنية ، وأثناء حرب الإستنزاف شارك في صنع وتجهيز رجال الصاعقة لخوض معارك التحرير 1973 من خلال عمله كمساعد لكبير معلمي مدرسة الصاعقة .

كان العقيد / السيد أحمد الحجف متدينا للغاية ومؤمنا بقيمة العمل الجماعي المشترك في تحقيق الهدف والنصر .

شارك البطل في ملحمة أكتوبر المجيدة كقائد لقوات الصاعقة في منطقة ( رأس سدر ) ، فقاد فرقته للتصدي لأحد ألوية العدو الإسرائيلي المدرعة التي أرادت السيطرة على مضيق ( رأس سدر ) في محاولة لمنع عمليات عبور جيشنا الباسل إلى شرق القناة .

ورغم كم القنابل والصواريخ التى غطت المنطقة إلا أن فرقة الصاعقة بقيادة بطلنا الشهيد ، كانت تزداد قوة ورغبة في الوصول إلى إحدى الحسنيين ” النصر أو الشهادة ” .

ومع البسالة التى أظهرتها فرقة الصاعقة المصرية ، لم يجد العدو الإسرائيلي إلا الانسحاب مذعورا نحو الشرق كدليل لا يقبل المناقشة على صلابة القوات المصرية رغم فارق العدة والعتداد.

وبعد مُضي 48 ساعة عاود اللواء المدرع الإسرائيلي هجومه تحت غطاء نيراني كثيف ، فينطلق البطل الشهيد / السيد أحمد الحجف متقدما رجاله لزرع الألغام في طريق مدرعات العدو ، وتلتهب المعركة وتزداد رحاها شراسة وتمتلىء أرض المعركة بحطام دبابات اللواء المدرع الإسرائيلي ، وترتوى رمال أرضنا الطيبة بدماء أبناءها الأبرار .

وعلى الرغم من تفوق العدو الصارخ ، إلا أن جنود اللواء المدرع أصيبوا بالرعب والفزع من الجرأة المدهشة التى يشتبك بها جنود الصاعقة المصرية وأسلوبهم الرهيب في القتال بأسلحة خفيفة وصدور عارية .

وللمرة الثانية يتراجع ما تبقى من قوات اللواء المدرع الإسرائيلي نحو الشرق ، خاصة وقد تعاظمت خسائره في الأرواح والمعدات .

في نفس الوقت صدرت الأوامر لقوة الصاعقة المصرية التى يقودها البطل عقيد / السيد أحمد الحجف بالعودة إلى مقدمة الجيش الثالث المتمركز في منطقة ( عيون موسى ) ، وينجح الشهيد رحمه الله في تنفيذ العديد من الإغارات والكمائن على قوات العدو ، ويكبده خسائر فادحة .

وبينما يخطط البطل / السيد أحمد الحجف لتنفيذ كمين جديد إذا بشظية قاتلة تصيب صدره ، فيسقط على الأرض بين رجاله .
ولكنه يستجمع قواه وينهض رافعا يديه هاتفا ” تحيا مصر ” ثم ينطق الشهادتين ويسلم روحه الطاهرة لبارئها .
وتكريما لذكرى الشهيد ، خصتت القوات المسلحة قاعة بالكلية الحربية تحمل أسمه ، كما تم أطلاق أسم الشهيد على أثنين من شوارع مصر ، الأول بمحافظة الإسماعيلية مكان إقامة الشهيد ، والثانى بإنشاص حيث كان موقعه في حرب أكتوبر المجيدة.

عن موقع المؤرخ
 
سلسلة فرسان حرب أكتوبر/الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي


سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة
الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي
الكاتب: كريم رمضان


وبينما يخوض رجال المجموعة قتالاً ضاريا مع مدرعات العدو ، وبينما يتعالى صوت الآذان من مسجد قرية ( المحسمة ) القريب ، تسقط إحدى دانات مدفعية العدو بالقرب من موقع البطل ، لتصيبه إحدى شظاياها المتناثرة ، ويسقط الرجل الأسطورى جريحًا ، فيسرع إليه رجاله في محاولة لإنقاذه ، ولكنه يطلب منهم الإستمرار في معركتهم ومعركة الوطن ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ”
للشهيد عند الله سبع خصال ، يغفر له في أول دفقة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج من الحور العين ، ويشفع في سبعين من أقاربه
” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولد البطل / إبراهيم الرفاعي في محافظة الدقهلية في السابع والعشرين من يونيه 1931 ، وقد ورث عن جده ( الأميرالاى ) عبد الوهاب لبيب التقاليد العسكرية والرغبة في التضحية فدائاً للوطن ، كما كان لنشئته وسط أسرة تتمسك بالقيم الدينية أكبر الأثر على ثقافته وأخلاقه .
التحق إبراهيم بالكلية الحربية عام 1951 وتخرج 1954 ، وأنضم عقب تخرجه إلى سلاح المشاة واكن ضمن أول فرقة صاعقة مصرية في منطقة ( أبو عجيلة ) ولفت الأنظار بشدة خلال مراحل التدريب لشجاعته وجرأته منقطعة النظير .
تم تعيينه مدرسا بمدرسة الصاعقة وشارك في بناء أول قوة للصاعقة المصرية وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر 1956 شارك في الدفاع عن مدينة بورسعيد .
ويمكن القول أن معارك بورسعيد من أهم مراحل حياة البطل / إبراهيم الرفاعي ، إذ عرف مكانه تماما في القتال خلف خطوط العدو ، وقد كان لدى البطل أقتناع تام بأنه لن يستطيع أن يتقدم مالم يتعلم فواصل السير على طريق أكتساب الخبرات وتنمية إمكانياته فالتحق بفرقة بمدرسة المظلات ثم أنتقل لقيادة وحدات الصاعقة للعمل كرئيس عمليات .
وأتت حرب اليمن لتزيد خبرات ومهارات البطل أضعافا ، ويتولى خلالها منصب قائد كتيبة صاعقة بفضل مجهوده والدور الكبير الذى قام به خلال المعارك ، حتى أن التقارير التى أعقبت الحرب ذكرت أنه ” ضابط مقاتل من الطراز الأول ، جرىء وشجاع ويعتمد عليه ، يميل إلى التشبث برأيه ، محارب ينتظره مستقبل باهر “.
خلال عام 1965 صدر قرار بترقيته ترقية أستثنائية تقديرًا للإعمال البطولية التى قام بها في الميدان اليمنى .
بعد معارك 1967 بدأت قيادة القوات المسلحة في تشكيل مجموعة صغيرة من الفدائيين للقيام ببعض العمليات الخاصة في سيناء ، كمحاولة من القايدة لإستعادة القوات المسلحة ثقتها بنفسها والقضاء على إحساس العدو الإسرائيلي بالإمن ، ولقد وقع الإختيار على البطل / إبراهيم الرفاعي لقيادة هذه المجموعة ، فبدأ على الفور في إختيار العناصر الصالحة للتعاون معه .
كانت أول عمليات هذه المجموعة نسف قطار للعدو عن ( الشيخ زويد ) ثم نسف مخازن الذخيرة التى تركتها قواتنا عند أنسحابها من معارك 1967 ، وبعد هاتين العمليتين الناجحتين ، وصل لإبراهيم خطاب شكر من وزير الحربية على المجهود الذى يبذله في قيادة المجموعة .
ومع الوقت كبرت المجموعة التى يقودها البطل وصار الإنضمام إليها شرفا يسعى إليه الكثيرون من أبناء القوات المسلحة ، وزادت العمليات الناجحة ووطأت أقدام جنود المجموعة الباسلة مناطق كثيرة داخل سيناء ، فصار أختيار أسم لهذه المجموعة أمر ضرورى ، وبالفعل أُطلق على المجموعة أسم ” المجموعة 39 قتال ” ، وأختار الشهيد البطل / إبراهيم الرفاعي شعار رأس النمر كرمز للمجموعة ، وهو نفس الشعار الذى أتخذه الشهيد / أحمد عبد العزيز خلال معارك 1948 .
كانت نيران المجموعة أول نيران مصرية تطلق في سيناء بعد نكسة 1967 ، وأصبحت عملياتها مصدرًا للرعب والهول والدمار على العدو الإسرائيلي أفرادًا ومعدات ، ومع نهاية كل عملية كان إبراهيم يبدو سعيدًا كالعصفور تواقا لعملية جديدة ، يبث بها الرعب في نفوس العدو .
لقد تناقلت أخباره ومجموعته الرهيبة وحدات القوات المسلحة ، لم يكن عبوره هو الخبر أنما عودته دائما ما كانت المفاجأة ، فبعد كل إغارة ناجحة لمجموعته تلتقط أجهزة التصنت المصرية صرخات العدو وأستغاثات جنوده ، وفي إحدى المرات أثناء عودته من إغارة جديدة قدم له ضابط مخابرات هدية عبارة عن شريط تسجيل ممتلىء بإستغاثات العدو وصرخات جنوده كالنساء .
ومع حلول أغسطس عام 1970 بدأت الأصوات ترتفع في مناطق كثيرة من العالم منادية بالسلام بينما يضع إبراهيم برامج جديدة للتدريب ويرسم خططا للهجوم ، كانوا يتحدثون عن السلام ويستعد هو برجاله للحرب ، كان يؤكد أن الطريق الوحيد لإستعادة الأرض والكرامة هو القتال ، كان على يقين بإن المعركة قادمة وعليه أعداد رجاله في إنتظار المعركة المرتقبة .
وصدق حدس الشهيد وبدأت معركة السادس من أكتوبر المجيدة ، ومع الضربة الجوية الأولى وصيحات الله أكبر ، أنطلقت كتيبة الصاعقة التى يقودها البطل في ثلاث طائرات هليكوبتر لتدمير آبار البترول في منطقة بلاعيم شرق القناة لحرمان العدو من الإستفادة منها وينجح الرجال في تنفيذ المهمة .
وتتوالى عمليات المجموعة الناجحة …
ففي السابع من أكتوبر تُغير المجموعة على مواقع العدو الإسرائيلي بمنطقتي ( شرم الشيخ ) و ( رأس محمد ) وفي السابع من أكتوبر تنجح المجموعة في الإغارة على مطار ( الطور ) وتدمير بعض الطائرات الرابضة به مما أصاب القيادة الإسرائيلية بالإرتباك من سرعة ودقة الضربات المتتالية لرجال الصاعقة المصرية البواسل .
في الثامن عشر من أكتوبر تم تكليف مجموعة البطل بمهمة إختراق مواقع العدو غرب القناة والوصول إلى منطقة ( الدفرسوار ) لتدمير المعبر الذى أقامه العدو لعبور قواته ، وبالفعل تصل المجموعة فجر التاسع عشر من أكتوبر في نفس الوقت الذى تتغير فيه التعليمات إلى تدمير قوات العدو ومدرعاته ومنعها من التقدم في إتجاه طريق ( الإسماعيلية / القاهرة ) .
وعلى ضوء التطورات الجديدة يبدأ البطل في التحرك بفرقته ، فيصل إلى منطقة ( نفيشه ) في صباح اليوم التالى ، ثم جسر ( المحسمة ) حيث قسم قواته إلى ثلاث مجموعات ، أحتلت مجموعتين إحدى التباب وكانت تكليفات المجموعة الثالثة تنظيم مجموعة من الكمائن على طول الطريق من جسر ( المحسمة ) إلى قرية ( نفيشه ) لتحقيق الشق الدفاعي لمواقعها الجديدة .
وما وصلت مدرعات العدو حتى أنهالت عليها قذائف الـ ( آربي جي ) لتثنيه عن التقدم ، ويرفض بطلنا / إبراهيم الرفاعي هذا النصر السريع ويأمر رجاله بمطاردة مدرعات العدو لتكبيده أكبر الخسائر في الأرواح والمعدات .
وبينما يخوض رجال المجموعة قتالاً ضاريا مع مدرعات العدو ، وبينما يتعالى صوت الآذان من مسجد قرية ( المحسمة ) القريب ، تسقط إحدى دانات مدفعية العدو بالقرب من موقع البطل ، لتصيبه إحدى شظاياها المتناثرة ، ويسقط الرجل الأسطورى جريحًا ، فيسرع إليه رجاله في محاولة لإنقاذه ، ولكنه يطلب منهم الإستمرار في معركتهم ومعركة الوطن ..
ويلفظ البطل أنفاسه وينضم إلى طابور الشهداء ، عليهم جميعًا رحمة الله.

عن موقع المؤرخ
 
سلسلة فرسان حرب أكتوبر/البطل محمد المصري



سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة
البطل محمد المصري
الكاتب: كريم رمضان

هو بطل آخر من أبطال حرب أكتوبر المجيدة وصاحب رقم قياسي عالمي في عدد الدبابات التي دمرها إذ بلغ مجموع ما دمره 27 دبابة متفوقا بذلك على زميله الأشهر عبدالعاطي الذي دمر 23 دبابة فقط، وهو أيضا الذي دمر بصاروخه دبابة العقيد الإسرائيلي عساف ياجوري قائد لواء الدبابات الإسرائيلي الشهير.
كان محمد المصري جنديا مقاتلا ضمن اللواء 128 مظلات الذي أوكلت إليه مهمة حماية السد العالي خلال حرب أكتوبر بما يعني أن اللواء لم يشارك فعليا في الحرب غير أنه تم اختيار الفصيلة الثانية من الكتيبة الثانية التي كان المصري من أفرادها وتم الحاقها بالجبهة بالفرقة الثانية مشاة التي كان يقودها اللواء حسن أبوسعده.
وبرغم أنه سجل رقما قياسيا في عدد الدبابات التي دمرها خلال الحرب إلا أنه لم ينل من التكريم ما يكفي لقاء ما حققه من بطولات إذ كان من المفترض أن يتم تكريمه في الجلسة التاريخية لمجلس الشعب لكن أسمه سقط سهوا!
وبعدها سلمه المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية وسام نجنة سيناء كما دعاه الرئيس السادات لحضور حفل إعادة افتتاح قناة السويس في 5 يونيو 1975، ومنذ هذا التاريخ غاب البطل محمد المصري تماما عن الأضواء منعزلا في قريته التي حملت أسمه بمحافظة البحيرة!.
يقول البطل محمد المصري: “أصعب وقت عشته كان قبل تدمير أول دبابة لأنني كنت قبل دخول الحرب أتدرب على أهداف هيكلية أي أنني كنت سأواجه دبابة حقيقية لأول مرة وكنت مرتعبا من هذه الفكرة خاصة ان الصواريخ التي كنا نستخدمها وهي روسية الصنع تسمى فهد (طولها 86 سم ووزنها 6 كجم) صعبة الاستخدام لأنها يتم توجيهها بسلك عن طريق صندوق التحكم الذي أحمله وكنت أعرف تكلفة الصاروخ الكبيرة التي تتحملها البلد وأعرف ان أي خطأ في توجيهه سيكون إهدارا للمال بدون وجه حق، وفي يوم 7 أكتوبرخرجت في أول مهمة مع طاقمي المكون من جنديين يتوليان تجهيز الصواريخ لأقوم أنا بإطلاقها، وبعد مرو حوالي نصف ساعة ظهرت أول دبابة إسرائيلية فبدأت في تجهيز معداتي في انتظار اقترابها حتى تصبح على بعد 3 كم مني حيث إن هذا هو أقصى مدى لتأثير الصاروخ أما مداه الزمني فيصل الى 27 ثانية وإذا لم يصل لهدفه في المسافة والوقت المحددين فإنه ينفجر في الهواء، وقبل أن أطلق الصاروخ اقترب مني قائدي المباشر النقيب صلاح حواش ووضع في جيبي مصحفه الصغير وقال لي بصوت مسموع لا اله الا الله وأجبت بحماس محمد رسول الله .. ثم دخلت الدبابة منطقة التأثير فأطلقت أول صاروخ ولم أصدق نفسي وأنا أرى الدبابة تحترق، وبعد أن أصبت الدبابة صاح قائدي “مسطرة يا مصري” يقصد بها أنني قد وجهت الصاروخ بدقة شديدة كما لو كنت استخدم المسطرة في قياس المسافة .. وبعد ذلك بدأت أشعر بالثقة والابتهاج الشديد كلما أصبت دبابة حتى بلغ عدد الدبابات التي دمرتها 27 من جملة 30 صاروخا استخدمتها طوال الحرب وحققت بذلك رقما قياسيا في تدمير الدبابات اذ ان المعدل العادي لصائد الدبابات هو من 6 الى 10″.
ويحكي المصري عن تدميره لدبابة عساف ياجوري فيقول: “عندما كنا نقوم بمهمة نقوم بها ونعود الى قواعدنا بينما يتولى زملاؤنا من المشاه احصاء عدد الدبابات المدمرة واسر طواقمها ولذلك لا نعرف شيئا عن هوية الموجودين بين هذه الطواقم، .. كنت جالسا ذات ليلة في انتظار قدوم سرب دبابات اخر لامارس عليه مهمتي حين تم اسدعائي لقيادة الفرقة الثانية فذهبت في سيارة جيب وعندما وصلت ادخلت الى غرفة مظلمة لمحت من خلال ضوء خافت في احد اركانها شخصين يجلسان احدهما يبدو مصري والاخر له ملامح غير مصرية وطلب مني الضابط المصري ان اقترب للجلوس بجانبه وقال لي انا اللواء حسن ابوسعده فهممت بالوقوف للتحيه لكنه امسك بي وقال وهذا هو اللواء عساف ياجوري وقد طلب منا بعد ان أسرناه كوبا من الماء وأن يرى ذلك الشاب الذي دمر دبابته.. وبعد قليل سحبني اللواء حسن ابوسعده من يدي الى خارج الغرفة وافهمني ان ما فعلته شرف لأي جندي”.
ويروى المصري أقسى اللحظات التي مرت عليه خلال الحرب فيقول”اذك رلحظة استشهاد النقيب صلاح حواش قائد فصيلتي حيث كنت قد انتهيت من تدمير دبابة من دبابات الأعداء وكان يرقد بجانبي فهتف معلنا سعادته بي ووقف ليحضر لي زمزمية ماء كانت موضوعة خلفنا وفي هذه اللحظة التي وقف فيها اصابته دانة مدفع حولت جسده الى اشلاء وحولت في لحظة الرجل الذي كان يمتلئ حماسا وايمانا الى كومة من اللحم والعظام .. وبكيته وكنت ابكي فيه معان جميلة كثيرة عشتها معه رحمه الله”.

عن موقع المؤرخ
 
سلسلة فرسان حرب أكتوبر/البطل محمود نور الدين رحمه الله


سلسلة فرسان حرب أكتوبر المجيدة
البطل محمود نور الدين رحمه الله
الكاتب: كريم رمضان



الخلود للبطل …مش للغواني واللصوص وتجار الحشيش
كان في عشقه للبلد من أخلص الدراويش
معقولة ماتت إيده القوية
اللي ضحكت بين صوابعها كتير البندقية
وكانت أد جيش ؟!
معقول يكون الفجر ف عينيه الجميلة
مش حيطلع مرة تانية
ولا يغنيش؟!
معقولة نور الدين انطفا
ف لعبة طيش؟!
مات البطل
لكن البطولة تعيش


كلمات عطية حسن في رثاء البطل الذي توفاه الله في يوم 16/9/1998 هي المدخل الذي نعبر منه لعالم البطولة والفداء
انه محمود نور الدين … ضابط المخابرات المصري الذي لم يهز قلب الوطن ويثير أوجاعه برحيله المفجع فحسب … فقد هزه قبل ذلك كثيرا
مرة حينما قرر أن يستقيل من عمله ويؤسس تنظيما لمطاردة جواسيس الموساد
و مرة حين بدأ أولى عملياته …
ومرة حين قرر توسيعها لتشمل جواسيس أمريكا
وكانت البداية لتنظيم عرف فيما بعد باسم ثورة مصر استهدف تصفية عملاء الموساد بشكل أساسي ممن يدخلون البلاد تحت غطاء السياحة او الحصانة الدبلوماسية… ونفذ التنظيم عدة عمليات ناجحة بالفعل ولكن..
دائما ما تكون نهاية الفرسان مفجعة ليس لأنهم يرحلون فجأة دون مقدمات، أو لأن مكانهم يظل خاليا لفترة طويلة حتى يظهر فارس آخر، وإنما لأن الطعنة التى تقضى عليهم دائما ما تكون من الخلف وهم عزل، ومن أقرب الناس اليهم.
محمود نور الدين واحد من فرسان الظل الذى عاش ومات دون أن يسمع الكثيرون عنه , وقد يرجع ذلك لطبيعه التنظيم الذى قام بإنشاؤه.
ومحمود نور الدين دبلوماسي وضابط مخابرات مصرى, قرر الإستقاله من عمله, وإن لم يترك حياه المخابرات بالكامل, إذ لم يكن قرار إستقالته إلا خطوة أولى فى طريق تكوين تنظيم سرى بإسم “ثورة مصر” .. وقد إستهدف التنظيم تصفيه عملاء الموساد الذين يدخلون مصر تحت مظله الحمايه الدبلوماسيه ,وهذا النوع من التجسس (العلنى) إستخدمته المخابرات الإسرائيليه والأمريكيه ضد مصر فى فترات عديدة كان أكثرها ظهورا عام 1985 .
وتوجد العديد من الشواهد والظواهر التى تؤكد تعاون سفراء أمريكا وإسرائيل مع جواسيس علنين أو متخفين فى الداخل, دون أن تستطيع السلطات (الرسميه) المصريه إتخاذ إجراءات ضدهم نظرا لما يتمتعون به من حمايه دبلوماسيه كفلتها لهم القوانين الدوليه .
عمل نور الدين لمدة 20 عاما في إنجلترا بالسلك الدبلوماسي المصري بالإضافة إلى دائرة المخابرات، وهو حاصل على وسام للشجاعة أثناء حرب أكتوبر 1973.
لكنه قرر بشكل مباغت الاستقالة من عمله بعد أن زار الرئيس السادات القدس المحتلة عام 1977, وركز جهوده على نشر مجلة معادية للسادات في لندن.
وبين عامي 1980 و1983 تعاون نور الدين مباشرة مع صديقه القديم خالد عبد الناصر نجل الرئيس الراحل، وعاد كلاهما إلى مصر في 1983. وخلال ستة أشهر، بدأ نور الدين تنظيمه المسلح السري الذي أطلق عليه “ثورة مصر”.
وكان الهدف الرئيسي للتنظيم تصفيه الكوادر الجواسيس العاملين تحت غطاء السلك الدبلوماسي، لكن بصورة غير رسميه حتى لا تقع مصر فى أزمات دبلوماسيه أو ما شابه …
وبعد عدة عمليات ناجحة، وجد نور الدين نفسه بين المطرقه والسندان … فمن ناحيه تبحث عنه المخابرات الإسرائيليه (الموساد) بصفته خطرا على عملائها فى مصر, ومن ناحيه أخرى تبحث عنه السلطات المصريه بصفته مهددا لسلامه أشخاص تحت المظله الدبلوماسيه . كان الوضع صعبا للغايه ، إلا أن رجل المخابرات المحنك لم يتنازل عن هدفه السامى فى إصطياد الجواسيس.
وهكذا إستمر تنظيم ثورة مصر فى إثارة جنون الموساد بعد عملياته الناجحه الواحدة تلو الأخرى . كان الموساد بكل عيونه وجواسيسه ومحترفيه يفاجأ بضربات نور الدين الموجعه الواحدة تلو الأخرى , وكان إسم تنظيم ثورة مصر يذاع فى وسائل الإعلام مقرونا بعمليات تصفيه للموساد فى مصر منها عمليه قتل مسئول الأمن فى السفارة الإسرائيليه ( زيفى كدار ) الذى أعلن تنظيم ثورة مصر قتله فى يونيو 1985.
وكذلك قتل (ألبرت أتراكش) المسئول السابق عن الوساد فى إنجلترا والذى كان يعمل فى مصر , وتم قتله فى أغسطس من نفس العام , وأيضا الهجوم على سيارة إسرائيليه أمام معرض القاهرة الدولي بمدينة نصر فى العام التالى مباشرة …
إلا أن نور الدين لم يكتفى بهذا القدر من العمليات , بل إمتد نشاطه ليشمل الأمريكيين , وكان يعلم بحكم عمله السابق فى المخابرات المصريه أن الولايات المتحدة هى حليفه إسرائيل , فإستهدف 3 عاملين فى السفارة الأمريكيه فى القاهرة فى مايو 1987 .
وهكذا دخلت المخابرات الأمريكيه فى دوامه البحث عن تنظيم ثورة مصر وقائدة محمود نور الدين …
كان الأمر يزداد صعوبه فى وجه تنظيم ثورة مصر الذى تقوم 3 أجهزة مخابرات بتعقبه .. المصريه والأمريكيه والإسرائيليه …
وكانت المخابرات الأمريكيه على إستعداد لدفع ثروة مقابل أى معلومه عن التنظيم …
وللأسف جائتهم المعلومات على طبق من فضه
كان لمحمود نور الدين شقيق يدعى عصام , كان يعتبر الرجل رقم 2 فى التنظيم , إلا أن عصام إنحرف و إتجه إلى طريق الإدمان ورفاق السوء .. وهدد عصام أخيه نور الدين بفضح أمر التنظيم للمخابرات إذا لم يعطه أموالا ليشترى بها المخدرات , فلم يكن من نور الدين إلا أن أطلق الرصاص على قدمه كإنذار له على عدم الوشايه بالتنظيم ..
إلا أن المخدرات لعبت فى أحد الأيام بعقل عصام , وخيل له الشيطان أن طريقا مفروشا بالورود أمامه إذا قام بالإبلاغ عن شقيقه محمود.
إتصل عصام بالسفارة الأمريكيه فى القاهرة , وما أن قال لعامل الإتصال أنه الرجل الثانى فى تنظيم ثورة القاهرة وطلب موعدا للقاء السفير حتى إنقلبت السفارة رأسا على عقب …
وفى غرفه مغلقه ضمت السفير الأمريكى وعصام نور الدين ومسئول المخابرات الأمريكيه وأخر من الموساد , وبعد إجراءات تفتيش طويله لعصام , وبعد تكثيف الحراسه على السفارة كما لو أنها حصن حصين , بدأ عصام على مدار الساعات الأربع يشرح للجميع كيفيه عمل تنظيم ثورة مصر …
كان يشرح لهم كيف يقومون بالعمليات …ومصادر التمويل …وطرق التنفيذ ..
كل شىء …
أضاف لذلك قيامه بالإتصال أمام مسئولى السفارة بعدد من أعضاء التنظيم لضمان مصداقيه كلامه , ثم ختم سيمفونيه خيانته لأسرته الكبيرة ( الوطن ) وأسرته الصغيرة
(أخيه) بتقديم ( نوته ) تحتوى على أسماء جميع رجال التنظيم وأرقام هواتفهم وعناوينهم
وفى النهايه طلب عصام من السفير ثمن كل هذة المعلومات الثمينه …طلب ثمن الخيانه
وكان الثمن نصف مليون دولار وجنسية أمريكيه ….
وأوهمه السفير ( كاذبا ) بأن كل طلباته ستكون مجابه …
وسقط تنظيم ثورة مصر فى ساعات معدودة …
وبدلا من مكافأته، سلم الأمريكيين عصام إلى السلطات المصرية وحوكم وتمت إدانته بـ 15 سنة في السجن، لكن تم فصله عن باقي أعضاء التنظيم بعد ان وسم بالخائن.
وتمت محاكمه أعضاء التنظيم, وشملت التهم الموجهة إليهم:
1. القيام بأنشطة عرضت علاقات البلاد بالحكومات الأجنبية للخطر.
2. إغتيال دبلوماسي إسرائيلي في المعادي في 4 يونيو 1984.
3. قتل دبلوماسي إسرائيلي في 20 أغسطس 1985.
4. الهجوم ضد السرادق الإسرائيلي في معرض القاهرة التجاري عام 1986.
5. إغتيال الملحق الثقافي الإسرائيلي وجرح إثنان من رفقاء وزير السياحة الإسرائيلي الذي كان يزور السرادق.
6. محاولة إغتيال دبلوماسي أمريكي في 26 مايو 1987.
وكانت حصيلة العمليات: قتيلان إسرائيليان، ستة جرحى إسرائيليين وأثنين أمريكيين.
وحوكم نور الدين مع 10 من المتهمين، من بينهم خالد جمال عبد الناصر، الذي كان خارج البلاد في ذلك الوقت، وحوكم غيابيا بتهم بتمويل المجموعة وتجهيز الأسلحة، لكن تمت تبرئته وأربعة آخرين.
وتم تصوير المتهمين خلال المحاكمة كإرهابيين ومدمنو مخدرات.
ووضع محمود نور الدين فى السجن ليقضى فيه 11 عاما بعد أن حكم عليه بعقوبة 25 عاما قبل أن يلقى ربه في سجن طره جراء الحمى وبعد أن رفضت سلطات السجن تحويله إلى مستشفى متخصص لإخضاعه لفحوص مدققة لا يمكن أن تجري في مستشفى السجن، طبقا لبيان أصدرته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
وفي 16 سبتمبر 1998 شيع جثمان محمود نور الدين في وداع مهيب عشية الذكرى العشرون لإتفاقيات كامب ديفيد التي أرست أسس العلاقات المصرية الإسرائيلية، وهي الإتفاقية التي أقسم نور الدين على محاربتها.
وعلى الرغم من الحضور الأمني الواضح والمكثف، هتف المشيعون بهتافات معادية لإسرائيل وأحرق العلم الإسرائيلي خلال الجنازة.
ويبقى أسم نور الدين في الأذهان .. كبطل

عن موقع المؤرخ​
 
عودة
أعلى