اللواء حسام سويلم فى حوار جرىء وخطير لـ"المصريون":المجلس الرئاسى مؤامرة لتقسيم مصر.. والخروج الآمن للمجلس العسكرى قلة أدب.. واستثمارات الجيش 28 مليار جنيه
حـوار: صـلاح الإمـام | 18-01-2012 13:36
اللواء حسام سويلم من قدامى العسكريين فى مصر، وشارك فى كل الحروب التى خاضتها مصر منذ تخرجه فى الكلية الحربية عام 1956، حتى إحالته للتقاعد، ثم تفرغ بعدها لمجال الدراسات الاستراتيجية، بما اكتسبه من خبرات على مدى سنوات خدمته بالقوات المسلحة المصرية، أو بما حازه من شهادات فى أكاديميات عسكرية أجنبية، وبما اجتازه من دورات مختلفة داخل مصر وخارجها.
وفى حوارنا معه كواحد من أبناء المؤسسة العسكرية المصرية، كان يعجز عن إخفاء غضبه الشديد مما يحدث فى مصر الآن، خاصة التجاوزات غير المقبولة ضد المجلس العسكرى الذى يتكون أعضاؤه من قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة المصرية.. وكان حديثه تغلب عليه لهجة التحدى، بمعنى أن كل ما يقوله موثق بالأدلة الدامغة، التى لا يستطيع أيًا من كان إنكارها، وهذا هو نص الحوار:
السيد اللواء حسام سويلم.. أنت رجل عسكرى خضت غمار الحروب، ومفكر لك رؤيتك الخاصة، كيف ترى المشهد السياسى فى مصر الآن؟
ـ المشهد السياسى الآن لا يسر، الثورة نجحت، لكن حل محلها وضع سياسى واقتصادى وأمنى أسوأ مما كان قبل الثورة، قبل الثورة كان هناك أمن وأمان، كنت تخرج أنت وزوجتك وأولادك بعد منتصف الليل وتسير معهم فى أمن وأمان، النهاردة بتخرج وأنت تتلفت حولك، خرج أكثر من نصف مليون بلطجى إلى الشوارع.. الاقتصاد فى النازل.. تم سحب حوالى 37 مليار دولار من الاحتياطى النقدى للبلد.. السياحة ضربت.. كل شىء تدهور.. كان هناك من خرج لإسقاط النظام كخطوة لإسقاط الدولة، وهم نجحوا فى إسقاط النظام ويريدون الآن إسقاط الدولة، وكأننا نكرر تجربة الثورة الفرنسية التى سالت فيها بحور من الدم بين كل من قاموا بها، وظلت فرنسا لأكثر من 15 سنة تعانى اضطرابات وفتن ومذابح، وفى النهاية أعلت الثورة مصالح فرنسا وقدمتها على المصالح الخاصة، فاستقرت البلاد، ثم جاءت فترة الحروب النابليونية التى استنفذت ما تبقى منها، فهل يريدون تكرار هذه التجربة فى مصر من جديد؟.
ميدان التحرير كان أيقونة الثورة المصرية ورمزًا للطهر الثورى ولكن الجميع يتفق على أنه تبدل فما رأيكم؟
ـ بشهادة رئيس المخابرات الأمريكية نفسه، قال إن ميدان التحرير بات ملعبًا لكل أجهزة الاستخبارات العالمية، من خلال عملاء لهم ينفذون أجنداتهم الخاصة، وأمامك قصة الجاسوس الإسرائيلى الذى قبض عليه فى الميدان.. هم يريدون تقسيم مصر بعد نجاحهم فى تقسيم العراق والسودان، وخريطة تقسيم مصر تم اعتمادها ويسعون لتطبيقها.
الخطر ليس مصدره أمريكا والغرب فقط، عندك تصريح خامينى بعد سقوط نظام مبارك، بأن مصر ستكون إسلامية شئتم أم أبيتم، وهناك معلومات عن تنظيم ثورى مصرى على نمط الحرس الثورى الإيرانى، ومعلومات عن نشاط لحزب الله، ومد شيعى.. قوى كثيرة تعبث الآن بأمن واستقرار مصر
هل ترى أن تعامل المجلس العسكرى مع الثوار منذ تنحى الرئيس المخلوع وحتى الآن كان إيجابيًا؟
ـ المجلس العسكرى انحاز للثورة وللشعب، وظهرت هتافات "الجيش والشعب إيد واحدة".. والآن يهتفون: "يسقط المجلس العسكرى".. إيه الجرم اللى عمله المجلس العسكرى؟.. المجلس استلم السلطة وأعلن أنه سيسلم البلاد لسلطة مدنية خلال ستة أشهر.. إيه اللى حصل؟.. انعقدت مؤتمرات وظهرت قضايا خلافية واحتجاجات وخرجت تظاهرات.. حالة من الفوضى المربكة للسلطة.. اتعمل مؤتمر مع أحمد شفيق.. ولم يتفقوا فيه على شىء.. اللى احتج واللى اعترض واللى انسحب.. وفشل المؤتمر، ثم حصل مؤتمر مع يحيى الجمل، وحدث كما حدث فى المؤتمر السابق له، لم يتفقوا فيه على أى شىء، كل شخص حضر ومصالحه ومطالبه هى فقط التى تعنيه، أما مصالح البلد فلا تهمه، كل القوى الموجودة لا تريد مصلحة البلد، بل مصالحهم الخاصة، وكل قوة ترى أنها هى الأفضل، وهى الأجدر بحكم البلاد، وكل قوة ترفض الأخرى.. ثم جاء مؤتمر عبدالعزيز حجازى.. نفس المصير، ثم مؤتمر شيخ الأزهر، وبعدما وقعوا خرجوا وأعلنوا أنهم يسحبون ما وقعوا عليه.. ثم مؤتمر الفريق عنان.. وقعوا ثم سحبوا توقيعهم، إذن هم لا يريدون الاتفاق على شىء، هم يريدون أن تظل حالة الفوضى هكذا، وجميع الجهود التى بذلها المجلس العسكرى للم شمل القوى الوطنية أفشلوها.. ماذا يريدون؟
الفترة الانتقالية فى تونس كانت قصيرة جدًا، لماذا؟ لأنهم قدموا مصالح بلادهم على مصالحهم الخاصة، لكننا فى مصر فى ليلة وضحاها ظهر مئات من الأحزاب والائتلافات والتيارات.. وكل حزب بما لديهم فرحون، المجلس العسكرى طلب منهم أن يتفقوا جميعًا على أى شىء وسوف ينفذه فورًا، لكنهم لم يتفقوا.
ما تفسيرك لهذه الحالة من الارتباك؟
تعالى نسترجع بداية الخلافات بين المجلس العسكرى ومن يسمون بالقوى السياسية.. كان أول خلاف عن الدستور أولاً أم الانتخابات.. الذين تدربوا خارج مصر، استوعبوا فكرة هدم الدولة بعد هدم النظام، هم نجحوا فى الخطوة الأولى لأن الشعب كله كان يريد بحق إسقاط النظام ووقف معهم، والجيش وقف مع الشعب، ثم بعد ذلك اتخذ هؤلاء طريقًا جديدًا، فهم لا يريدون العودة إلى منازلهم ومصانعهم وأعمالهم، بل استمرأوا الوجود فى الشارع وإغلاق الشوارع والميادين، ثم إغلاق مجمع التحرير، ومحاولة اقتحام مبنى التليفزيون، ثم محاولة اقتحام مبنى وزارة الداخلية ومديريات الأمن، ثم مبنى مجلس الوزراء ومبنى مجلسى الشعب والشورى.. فى أى دولة يحدث هذا؟ وهل يسمى هؤلاء ثوارًا؟.. هل الذين يلقون بالمولوتوف ويحرقون سيارات الجيش والشرطة ثوار؟.. هل الذين احرقوا المجمع العلمى ثوار؟.. هم شعروا بأن الشعب يكرههم، وأدركوا تمامًا أنهم بلا ظهر، وليس لهم جذور.. يعملوا إيه؟.. يخلقون عدوًا جديدًا، وكان هذا العدو هو المجلس العسكرى، وما هو البديل الذى يريدونه؟.. البديل هو المجلس الرئاسى، يكون البرادعى رئيسه وممدوح حمزة رئيس الحكومة.
وما المشكلة فى تشكيل مجلس رئاسى؟
ـ معنى مجلس رئاسى هو أن يكون نسخة من مجلس برايمر فى العراق، يجمع أفراد من كل التيارات، ثم يختلفون، ثم ينفصل كل شخص أو مجموعة ويكون ميليشيا خاصة به، ثم ندخل فى مستنقع الحرب الأهلية، ونضيع كما ضاعت العراق، فإذا كان هؤلاء على مدى عشرة أشهر أو أكثر قد فشلوا فى الاتفاق على أى شىء، فهل سيكون هؤلاء أهلاً لضمهم فى مجلس رئاسى يحكم البلاد؟ لكى نراهم بعد أيام قد اختلفوا وتحولوا لميليشيات تتقاتل مع بعضها؟ والمجلس العسكرى كان متيقظًا لهذا المخطط، ووقف صلبًا أمام هذه المؤامرة، وأعلن أن الشعب هو الذى يختار، وأنهم سوف يسلمون السلطة إلى الشعب بعد ستة أشهر.
ثم المجلس الرئاسى الذى يطالبون به من الذى سيعين أعضاءه؟ هم يريدون تعيين أعضائه أيضًا، على أى أساس؟ فهم يقررون ذلك.. وليس لهم أى شرعية.. هل يمثلون الشعب؟ هل فوضهم الشعب؟ ليس لهم أى رصيد شعبى، وفى الانتخابات الأخيرة لم يحصلوا على أى نسبة، سوى ثلاثة مقاعد، وفى كل المؤتمرات التى دعا إليها المجلس العسكرى اختلفوا، وهم ـ كما تدربوا ـ كان هدفهم منع الانتخابات كما أعلن ذلك أحد زعماء التخريب فى أمريكا، وهو الضابط عمر عفيفى الذى خرج من الداخلية مطرودًا بفضيحة.
ألم يفصل من الداخلية بسبب كتابه "عشان ما تنضربش على قفاك"؟
ـ لا.. هو الذى يروج هذا الكلام، هو كان عقيدًا فى أمن الدولة، وطرد من الداخلية لتورطه فى ابتزاز مالى لفنان مصرى (نجم سينمائى) تورط فى فضيحة أخلاقية فى اليونان، أوهم الممثل بأنه يستطيع إخراجه من الفضيحة مقابل مبالغ مالية، وهى جريمة جنائية وأخلاقية، ثم كتب بعد ذلك كتابه "عشان ما تنضربش على قفاك" ليقنع نفسه والناس بأنه بطل، ثم هرب إلى أمريكا ورمى نفسه فى أحضان السى آى ايه، ويعيش الآن فى حمايتهم، ومن مكانه يدير عمليات التخريب فى مصر، وهو الذى يدعو إلى الصدام مع الجيش، وموجود على شبكة الإنترنت محاضراته التدريبية لأعوانه من الشباب المخرب فى مصر، يدربهم على حرب الشوارع، وهو سيناريو الفوضى الخلاقة الذى أشارت إليه وزيرة الخارجية الأمريكية عام 2006، كوسيلة لإسقاط الأنظمة وخطوة فى طريق ما يسمونه "الشرق الأوسط الجديد".
منذ أيام تم بشكل رسمى فتح ملف التمويل الأجنبى، والجهات القضائية فتحت التحقيق مع المتورطين فيه.. ما أبعاد هذه القضية الخطيرة؟
ـ هناك أموال تأتى بلا حساب على مجموعات فى مصر، تتخذ شكل جمعيات حقوقية، وائتلافات ثورية، تأتيهم أموال رهيبة جدًا، أكثر من مليار جنيه دخلت مصر خلال الشهور الأخيرة لهم لكى ينفذوا مخطط الفوضى الخلاقة، مجموعات تنزل الشوارع والميادين، وفى المساء تقوم بعض الفضائيات باستضافة رموز هذه الجمعيات الممولة من الخارج ليشيدوا بما يقوم به المخربون فى الشوارع والميادين، عملية منظمة، كل جهة لها دور، فهناك المجموعات الفاعلة فى الشوارع، ثم الإعلام المتوحش العميل الذى يظهرهم على أنهم أبطال، ومن ورائهم هذه المراكز والجمعيات الحقوقية التى تدافع عنهم.
القضية الأكثر إثارة الآن فى الصحف والفضائيات إياها هى التقليل من قدر الجيش.. ما مدى خطورة هذه القضية؟
ـ هؤلاء مغيبون لا يدركون أمورًا يراها الأعمى.. لا يريدون أن يستوعبوا المهام الجسام التى يضطلع بها الجيش.. الجيش هو الذى يعيد بناء الشرطة من ميزانية القوات المسلحة، هو الذى يعيد بناء الأقسام، وشراء المعدات للشرطة، وأول ما الشرطة بدأت تهم ضربوها فى البالون، ثم بدأت "تشم نفسها" فضربوها فى الأزبكية ثم فى الاستاد، ثم فى العباسية، ثم فى عابدين، ثم فى السفارة الإسرائيلية ومديرية أمن الجيزة، ثم جاءت أحداث محمد محمود وكانت مخططًا خطيرًا الغرض منه اقتحام مبنى وزارة الداخلية لتسقط الشرطة تمامًا فى مصر، وفى الوقت الذى كانت وزارة الداخلية فيه تتعرض للاقتحام كانت هناك محاولات لاقتحام مديريات الأمن فى عدة محافظات، ولو كان مبنى الوزارة سقط كرمز للأمن فى مصر كان ذلك سيكون أمرًا له تداعيات رهيبة، لكن رجال الشرطة البواسل وقفوا وقفة تاريخية، وقالوا سندافع عن وزارتنا حتى الموت، رجال الشرطة أحاطوا بمبنى الوزارة واستماتوا فى الدفاع عنه، وأنا أحنى رأسى احترامًا لهؤلاء الرجال الذين قالوا لن نسمح لهؤلاء البلطجية باقتحام مبنى الوزارة إلا على جثثنا، ووقف الجيش معهم ليحمى أملاك الشعب ومقدراته.
ماذا تقول فى من حاولوا اقتحام وزارة الداخلية، أو من يسمون بضحايا محمد محمود؟
ـ أغلبهم مجموعة من البلطجية المأجورين ارتكبوا أعمالاً قذرة جدًا بجوار وزارة الداخلية وأمام ضباط الشرطة، أعف عن ذكرها، أتوا بأفعال خادشة للحياء وبجوارهم اللاتى تسمين بـ"حرائر مصر" وشتموهم وأهانوهم ليستفزوهم، لكن رجال الداخلية ضبطوا أعصابهم واكتفوا بالدفاع عن وزارتهم فقط، ليفوتوا على هؤلاء البلطجية فرصة استدراجهم لصدام معهم، ولم تطلق رصاصة واحدة من فرد شرطة أو جيش، والرصاص الذى كان يطلق كان من هؤلاء الذين استأجروهم ممن تأتيهم الأموال من الخارج.
وبعد محمد محمود جاءت أحداث مجلس الوزراء
ـ الجيش تركهم 11 يومًا معتصمين فى شارع مجلس الوزراء، ولم يتعرض لهم أحد، وخلال هذه المدة ارتكبوا من الفواحش والموبقات ما أعف عن ذكرها، وتعاطى البانجو والحشيش كان علنًا، وهذه الأفعال مصورة بالتفصيل، والذين يقولون إنهم "حرائر مصر".. هل من تقاليد المجتمع المصرى أن تظل الفتاة مقيمة مع شاب غريب عنها داخل خيمة لعدة أيام؟؟ هل هذه تقاليد المجتمع المصرى؟ إذا كان هذا موجودًا فى أمريكا أو فى السويد لكن هذا لم نره فى مصر إلا بعد الثورة، أكثر من ثلاثة أسابيع وهؤلاء يعيشون فى اختلاط مع الشباب وارتكبوا أفعالاً قذرة جدًا.. بنات وسيدات مصر محترمات، وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا رموزًا لهن، وأريد أن أؤكد أن هؤلاء مسجل لهم كل أفعالهم بالتفصيل، والجيش يربأ بنفسه من الدخول فى مثل هذه القضايا المتدنية، "لكن تيجى واحدة متفق معها على دور محدد، لابسة عباية ومجهزة نفسها من الصبح إنها تصطدم بجندى من الجيش، وتبدأ بشتم الضباط والجنود، ثم تفتح العباية فى ثانية، ويتم تصويرها من أحد شركائها، وكدا يبقى الجيش المصرى بقى بيعتدى على نساء مصر"؟؟ لكى تكسب تعاطف عدد من سيدات مصر.. من فى عائلات مصر الشريفة والعفيفة تقبل أن تبيت ابنتها عشرة أيام مع شباب غريب فى خيام فى الشارع؟ هل هناك أسرة محترمة تقبل بهذا؟..
ثم تطور الأمر ومنعوا رئيس الوزراء من دخول مكتبه، وهذه سابقة لم تحدث فى العالم من قبل، وصبر المجلس العسكرى على كل هذه الجرائم، وهم لا يعرفون لماذا هو صابر؟ ليس خوفًا منهم ولا ضعف منه، لأن المجلس يعرف أن هؤلاء مكروهون جدًا من جموع الشعب، ولكن صبر المجلس سببه أنه يريد تفويت الفرصة على هؤلاء لاختلاق صراع وصدام مع الجيش كما حدث فى ماسبيرو، هم يريدون استفزاز الجيش لوقوع صدام معهم، ظنا منهم أنهم بهذا يستطيعون إثارة الشعب ضد الجيش، لكن تحلى الجيش بالصبر، حتى تم إحراق المجمع العلمى، فكان لابد أن يتدخل الجيش.
لكن الإعلام استطاع أن ينفخ فى هذه الأحداث ويؤججها.. المشكلة تكمن فى الإعلام وعجز المجلس العسكرى عن التعامل إعلاميًا مع ما يجرى.
ـ المجلس صبر مش بس صبر أيوب، صبر كل الرسل ليفوت عليهم هذه الفرصة، وتتم الانتخابات، والحمد لله نجح المجلس العسكرى بشكل رائع فى عمل الانتخابات، على عكس ما كان يردده بعض الصحفيين والإعلاميين المتوحشين.. الانتهازيين.. المتملقين من أن الانتخابات إذا ما جرت ستكون هناك أنهار من الدم.. ومنهم صحفى كبير (أعف عن ذكر اسمه) قال فى إحدى الفضائيات ليلة انتخابات المرحلة الأولى بأن لديه معلومات بأنه ستكون هناك بحور من الدم، وناشد المجلس العسكرى تأجيل الانتخابات، وإعلامى آخر من مثيرى الفتن ظهر ليلة الانتخابات فى إحدى الفضائيات وطرح ثلاثة أسئلة فى وقت واحد، السؤال الأول هو: لماذا المسيحيون فى مصر لا ينالون حقوقهم؟ والسؤال الثانى كان: لماذا أهالى سيناء مهمشون؟ والسؤال الثالث كان: لماذا أهالى النوبة مهمشون؟.. قسم مصر فى لحظة إلى ثلاث دول، وهى الخطة الشيطانية التى يريدها الغرب لمصر، فهذا إعلام انتهازى عميل يعمل لصالح قوى خارجية، يعزز فكرة تخريب وتقسيم مصر، وكل الذين أخذوا على المجلس تأخره فى تسليم السلطة هم الذين كانوا يطالبونه ليلاً ونهارًا بتأجيل الانتخابات، وطالبوه صراحة بأن تطول الفترة الانتقالية لثلاث سنوات، وهذا ثابت بالصوت والصورة.
وماذا تقول للذين يهتفون ليلاً ونهارًا: يسقط يسقط حكم "العسكر"؟
ـ الذى يهتف ويقول يسقط يسقط حكم العسكر يدلونى على عمل واحد "كخة" عمله المجلس العسكرى، المجلس العسكرى يتحمل أمورًا لا يقدر عليها أحد.. واجه المليونيات، والفتن الطائفية، ومحاولة اقتحام السفارة الإسرائيلية، والأموال التى تأتى من الخارج، وأعمال التجسس.. اعتراضات ومظاهرات وقطع طرق.. واجه المحتجون من المعلمين والأطباء وعمال النقل، ومازال صابرًا.. الجيش هو الذى يحمى المبانى والمنشآت المهمة، وقواته منتشرة فى كل مكان لتأمين البلد، حتى نقل أموال البنوك يؤمنها رجال الجيش، ومستشفياته مفتوحة لكل المواطنين بالمجان، ويسعى بخطى سريعة لتسليم البلاد إلى سلطة مدنية، وبعد كل ده ييجى ناس يتكلمون عن خروج آمن؟؟.
يتناول الإعلام هذه الأيام عبارة غريبة وهى "الخروج الآمن للمجلس العسكرى" ما تعليقك على ذلك؟
ـ هذا التعبير فى حد ذاته قلة أدب، هو عمل جريمة؟؟ خروج آمن ليه؟.. "إيه الجرم اللى ارتكبه المجلس العسكرى، إحنا شفنا فى ماسبيرو الولد الذى حمل حجارة وقتل بها أربعة جنود داخل عربية مدرعة، وشفنا الولد الذى أخد عربية وقادها بنفسه ودمر كم عربية بها، حد حاسب هؤلاء"؟ عندى فيلم لعدد من الجنود اجتمع عليهم عدد من بلطجية ماسبيرو واعتدوا عليهم بالضرب والسحل وربطوهم بسلاسل كأنهم أسرى إسرائيليين، فى تاريخ مصر كله لم يقف مدنى واعتدى على رجال الجيش أو الشرطة كما يحدث الآن.. خروج آمن ليه؟.. .. ماذا فعل جيش مصر؟ ألم يشاهدوا ما يجرى فى سوريا وفى غيرها من الدول؟.. اتقوا الله فى جيش مصر فهو مستهدف من القوى الغربية لأنه الجيش العربى الوحيد الباقى، وهذا أمر يحرقهم حرقا، ويريدون تدميره.. الجيش حول 10 مليارات جنيه من ميزانيته لخزانة الدولة، تبرع بمائة مليون جنيه لأسر الشهداء والمصابين..
عشرة مليارات رقم كبير جدًا، فكم تبلغ إذن ميزانية القوات المسلحة، وما مصادرها؟
ـ القوات المسلحة مثل كل الوزارات لها نصيب من ميزانية الدولة، إضافة إلى 1.3 مليار دولار من أمريكا فى شكل قطع غيار وعمرات طائرات وتجديد معدات وتدريبات (معونة عينية)، "دى المعونة اللى بيتكلموا عنها وبيهددوا بيها، وواحد من الثوار اسمه محمد صلاح أو أحمد صلاح نشر نداء إلى أوباما فى الواشنطن بوست فى 23 أغسطس الماضى، يطالبه بوقف المعونة العسكرية إلى الجيش المصرى ليكسر وسطه (!!) حسب تعبيره"، حتى يستجيب لمطالب من بالتحرير.. واحد ممن يسمون بالثوار "عايز من أمريكا عدم توريد قطع غيار المعدات عشان تقف دبابات الجيش لا تتحرك".
الجيش المصرى من أيام المرحوم أبوغزالة يعتمد على نفسه فى احتياجاته، وبدأ يصنع بنفسه كل ما يحتاجه، بل يساعد المؤسسات المدنية، فاضطلع الجيش ببناء الكثير من مؤسسات الدولة وعلى نفقته، وآخرها مطار سوهاج، والمواطن الآن يقصد معارض القوات المسلحة ليشترى منها احتياجاته بأسعار مناسبة، والأيام التى تلت 28 يناير حدثت أزمة فى الخبز والسلع التموينية، والجيش هو الذى كان يوفر هذه الأشياء لسكان القاهرة بالذات، وهناك مخابز القوات المسلحة، ومنافذ بيع اللحوم والسلع الغذائية بأسعار مناسبة للمواطن، وكل هذا من ميزانية القوات المسلحة، وهى كمؤسسة مستقلة لها استثمارات تبلغ 28 مليار جنيه فى مؤسسات ومشروعات إنتاجية، تقوم أيضًا بالتصدير من خلالها وتجلب عملة صعبة، ففى كل جيوش العالم تعتمد القوات المسلحة على ميزانية الدولة، لكن جيش مصر يوفر للدولة مصادر دخل.
ولماذا لا تخضع لرقابة الأجهزة الرقابية؟
ـ المبلغ المخصص للجيش من ميزانية الدولة يخضع فعلا لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، وهذا المبلغ فى حدود 5% من الموازنة العامة، وتقريبًا هو يغطى بند المرتبات والمكافآت فقط، "لكن ما ينفعش أراقب وجوه الإنفاق على التسلح وتحديث معدات الجيش، هذا كشف لأسرار عليا تضر بأمن مصر القومى"، و"موضوع العمولات دى قضية خالية من مضمونها، وكلام ساذج وكاذب ومضحك وسخيف، لأن مبلغ المعونة العسكرية يأتى من أمريكا، والبلد الوحيد فى العالم الذى يمنع موضوع العمولات على السلاح هو أمريكا، دا أمر مجرم فى أمريكا بقوة القانون، يبقى مفيش مجال للكلام عن عمولات فى مبلغ الـ 1.3 مليار دولار التى تأتى كمعونة من أمريكا للجيش".. ميزانية الجيش فى أى دولة لها خصوصية، ولها سرية، يجب ألا يعلم أحد حجم ما أنفقه على التدريب، أو على الإنشاءات فى أى مجال، أو على شراء كذا وكذا.. كل هذا أسرار عليا ولا يسمح لأحد بمعرفتها.
ولكن كل العقلاء ـ وهم كثيرون ـ يرون أن الجيش هو العمود الوحيد الذى تستند إليه الدولة حاليًا..
ـ جيش مصر هو المؤسسة الوحيدة المتبقية من مؤسسات الدولة، فمؤسسات الدولة ست، هى: رئاسة الجمهورية، الحكومة، والبرلمان، والجيش، والشرطة، والقضاء.. مؤسسة الرئاسة خالية، والحكومة الموجودة مؤقتة، والبرلمان غير موجود، والشرطة ضربت، والقضاء من دون شرطة لا تنفذ أحكامه ونجحوا فى ضرب القضاة مع المحامين وتعطيل المحاكم، دى مؤسسات الدولة اللى عايزين يسقطونها، ولم يتبق إلا مؤسسة الجيش فقط، لتسقط الدولة نهائيًا.
وماذا تقول فى المنظمات الحقوقية التى تدعم فكرة محاكمة قادة الجيش؟
ـ للأسف بعض المنظمات الحقوقية ليست محل احترام، لأنها تعمل لصالح قوى أجنبية، وبعد تفتيش مقار بعض هذه المنظمات تم اكتشاف حقائق رهيبة، على المستوى الأمنى والمستوى الأخلاقى، فهؤلاء تأتيهم المنح عن طريق ما يسمى "المخلصاتية" وهؤلاء بدورهم لهم عمولات، وكل مخلصاتى له نسبة، حتى تصل المنحة إلى النصف، وهذه المبالغ لكى يتم تسويتها يتم "ضرب" فواتير لتسويتها، فتوجد فاتورة تكليف ورشة عمل، وأخرى لمؤتمر فى فندق، وثالثة لطباعة كتيبات، ورابعة لإرسال دعوات وهدايا.. وهكذا، لكن يبقى الدور الأهم الذى من أجله ترسل هذه الجهات المنح لهم، وهو تنفيذ مخططاتهم، فى التشكيك فى المجلس العسكرى واستعداء الناس عليه، وخلق القلائل والاضطرابات من خلال إعلام مشبوه ومتوحش، والذى كشف هذه الفضائح أنهم اختلفوا مع بعضهم، ولجأ بعضهم للمؤسسات الأصلية فى أمريكا، كل يشتكى الآخر، فلجأت هذه المنظمات لتقديم بلاغات فيهم أيضًا، فهم الذين كشفوا أنفسهم بأنفسهم، ودعنى أسأل: ما العمل الذى قاموا به وعاد بالنفع على الشعب؟ هم يأخذون مبالغ طائلة لكى يقدموا تقارير تخص الأمن القومى المصرى، تقارير عن الأقباط، وعن السلفيين، وعن البهائيين، وعن المثليين.. وهكذا.. وهذه المنظمات هى "اللهو الخفى" الذى يضرب مصر من الداخل.. كنا نتساءل عن الطرف الثالث، لكن ثبت أن هؤلاء هم أنفسهم الطرف الثالث، بعد تفتيش مقارهم من قبل الجهات القضائية.
ولو تذكر بعد الإفراج عن المدعو علاء عبدالفتاح كانوا يثنون على القضاء، وظلوا يرددون عبارات الثناء والمدح على الفضائيات وفى الصحف للقضاء المصرى الحر النزيه الشامخ، فلما قام نفس القضاء بتفتيش مقارهم انقلبوا عليه، وأصبح هذا القضاء فى لحظة عكس ما كانوا يرددون.. ولما أصدر القضاء حكمًا ببراءة ضباط قسم السيدة زينب الذين تصدوا لمجموعة من البلطجية هاجموا القسم بالذخيرة الحية والمولوتوف، ليفرجوا عن تاجر مخدرات محبوس، وسقط عدد من الضباط والجنود شهداء وهم يدافعون عن القسم، وسقط اثنين أو ثلاثة من البلطجية قتلى، عاد هؤلاء وصبوا لعناتهم على هذا القضاء المصرى الذى كان فى واقعة علاء عبدالفتاح حرًا ونزيه وشامخًا، فهم يرون أن كل شىء يجب أن يتم وفقا لإرادتهم، ومن يخالف ذلك يستحق اللعنات.
ولكن ماذا تقول فى رد فعل الدول الأجنبية عقب تفتيش مقار المراكز الحقوقية، فألمانيا استدعت السفير المصرى، والخارجية الأمريكية أدانت ذلك، والسفيرة الأمريكية ذهبت بنفسها إلى وزير العدل.. بماذا تفسر هذه التصرفات الغريبة؟
ـ بعض هذه المنظمات موسوم بالخيانة، وأمريكا وحلفاؤها خرجوا يحتجون على هذا التصرف الذى يخص الشأن المصرى، فى الوقت الذى سكتوا عندما قامت إسرائيل بإغلاق 12 مكتبًا لمثل هذه المنظمات عندها؟ نعم إسرائيل أغلقت 12 مكتبًا تابعًا لمنظمات حقوقية أمريكية، ولم يتكلم أحد بكلمة واحدة لا فى أمريكا ولا فى ألمانيا، ولا فى أى دولة.. لم يستطع أحد فتح فمه ورفع صوته وقال لإسرائيل عيب.. ولما الكنيست الإسرائيلى قرر تخفيض ميزانيات كل المراكز الموجودة بإسرائيل بنسبة 50% لم يعترض أحد، حتى إن كاترين أشتون، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، نبهت إلى ذلك، وقالت لماذا لم تعترضوا على إسرائيل وتعترضون على ما قامت به مصر؟ والمشير من ناحيته رد بمنتهى الحزم على أوباما فى رسالة رسمية وقال له: اعلم أن مصر للمصريين فقط، ونرفض تمامًا أى تدخل فى الشأن الداخلى المصرى، ورد على هيلارى كلينتون فى مكالمة تليفونية ردًا حاسمًا قويًا.
البعض متخوف من يوم 25 يناير القادم، ومازال هناك من يتكلم عن "شرعية التحرير" كأنه مؤسسة من مؤسسات الدولة، ماذا تقول فى ذلك؟
ـ الذين يهددون بمليونيات تطالب بتسليم السلطة واهمون، وللعلم ميدان التحرير مساحته 43 ألف متر مربع فقط، ولو كل متر يسع 4 أفراد يكون بالميدان 172 ألف مواطن، فمن أين أتوا برقم المليونيات هذا؟.. فى يناير 2011 كان الشعب كله فى الشارع من الإسكندرية حتى أسوان، أما الآن فهؤلاء لا يستطيعون تحريك عدة آلاف، وما يقال عن شرعية الميدان.. هذه أكذوبة، الشرعية لمؤسسات الدولة، لو الميدان مكتظًا يكون به 172 ألف فرد فقط، قول نص مليون، نصفهم بائعون، وربعهم بلطجية، هل يمثل هؤلاء مصر؟ "الواد المتشرد اللى كان بيتطفل عليك زمان ويمسح زجاج السيارة عشان يأخذ جنيها"، "هو نفسه اللى وجد من يدفع له 50 جنيها عشان يرمى مولوتوف على المبانى الحكومية وعلى رجال الجيش والشرطة"، "هو نفسه الذى حرق مدرسة الفلكى"، "وهو الذى حرق المجمع"، وهم يريدون أن تستمر الاحتفالات حتى يوم 11 فبراير، عشان ينتهزون فرصة فى أى يوم ويعملون صدام، ولذا فأنا أطلب من الإخوان أن يتواجدوا بكثرة فى هذه الأيام، ويتصدوا لحماية الشرعية مثلما فعلوا قبل ذلك وجعلوهم يفرون أمامهم.
أخيرًا أقول: البرلمان القادم اختاره الشعب أيا كانوا هم.. إذن هم يمثلوا الشعب، وهم الذين من حقهم أن يتكلموا باسم الشعب، أى جهة أخرى ليس لها أن تتحدث باسم الشعب بعد اليوم.
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=96748
حـوار: صـلاح الإمـام | 18-01-2012 13:36
اللواء حسام سويلم من قدامى العسكريين فى مصر، وشارك فى كل الحروب التى خاضتها مصر منذ تخرجه فى الكلية الحربية عام 1956، حتى إحالته للتقاعد، ثم تفرغ بعدها لمجال الدراسات الاستراتيجية، بما اكتسبه من خبرات على مدى سنوات خدمته بالقوات المسلحة المصرية، أو بما حازه من شهادات فى أكاديميات عسكرية أجنبية، وبما اجتازه من دورات مختلفة داخل مصر وخارجها.
وفى حوارنا معه كواحد من أبناء المؤسسة العسكرية المصرية، كان يعجز عن إخفاء غضبه الشديد مما يحدث فى مصر الآن، خاصة التجاوزات غير المقبولة ضد المجلس العسكرى الذى يتكون أعضاؤه من قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة المصرية.. وكان حديثه تغلب عليه لهجة التحدى، بمعنى أن كل ما يقوله موثق بالأدلة الدامغة، التى لا يستطيع أيًا من كان إنكارها، وهذا هو نص الحوار:
السيد اللواء حسام سويلم.. أنت رجل عسكرى خضت غمار الحروب، ومفكر لك رؤيتك الخاصة، كيف ترى المشهد السياسى فى مصر الآن؟
ـ المشهد السياسى الآن لا يسر، الثورة نجحت، لكن حل محلها وضع سياسى واقتصادى وأمنى أسوأ مما كان قبل الثورة، قبل الثورة كان هناك أمن وأمان، كنت تخرج أنت وزوجتك وأولادك بعد منتصف الليل وتسير معهم فى أمن وأمان، النهاردة بتخرج وأنت تتلفت حولك، خرج أكثر من نصف مليون بلطجى إلى الشوارع.. الاقتصاد فى النازل.. تم سحب حوالى 37 مليار دولار من الاحتياطى النقدى للبلد.. السياحة ضربت.. كل شىء تدهور.. كان هناك من خرج لإسقاط النظام كخطوة لإسقاط الدولة، وهم نجحوا فى إسقاط النظام ويريدون الآن إسقاط الدولة، وكأننا نكرر تجربة الثورة الفرنسية التى سالت فيها بحور من الدم بين كل من قاموا بها، وظلت فرنسا لأكثر من 15 سنة تعانى اضطرابات وفتن ومذابح، وفى النهاية أعلت الثورة مصالح فرنسا وقدمتها على المصالح الخاصة، فاستقرت البلاد، ثم جاءت فترة الحروب النابليونية التى استنفذت ما تبقى منها، فهل يريدون تكرار هذه التجربة فى مصر من جديد؟.
ميدان التحرير كان أيقونة الثورة المصرية ورمزًا للطهر الثورى ولكن الجميع يتفق على أنه تبدل فما رأيكم؟
ـ بشهادة رئيس المخابرات الأمريكية نفسه، قال إن ميدان التحرير بات ملعبًا لكل أجهزة الاستخبارات العالمية، من خلال عملاء لهم ينفذون أجنداتهم الخاصة، وأمامك قصة الجاسوس الإسرائيلى الذى قبض عليه فى الميدان.. هم يريدون تقسيم مصر بعد نجاحهم فى تقسيم العراق والسودان، وخريطة تقسيم مصر تم اعتمادها ويسعون لتطبيقها.
الخطر ليس مصدره أمريكا والغرب فقط، عندك تصريح خامينى بعد سقوط نظام مبارك، بأن مصر ستكون إسلامية شئتم أم أبيتم، وهناك معلومات عن تنظيم ثورى مصرى على نمط الحرس الثورى الإيرانى، ومعلومات عن نشاط لحزب الله، ومد شيعى.. قوى كثيرة تعبث الآن بأمن واستقرار مصر
هل ترى أن تعامل المجلس العسكرى مع الثوار منذ تنحى الرئيس المخلوع وحتى الآن كان إيجابيًا؟
ـ المجلس العسكرى انحاز للثورة وللشعب، وظهرت هتافات "الجيش والشعب إيد واحدة".. والآن يهتفون: "يسقط المجلس العسكرى".. إيه الجرم اللى عمله المجلس العسكرى؟.. المجلس استلم السلطة وأعلن أنه سيسلم البلاد لسلطة مدنية خلال ستة أشهر.. إيه اللى حصل؟.. انعقدت مؤتمرات وظهرت قضايا خلافية واحتجاجات وخرجت تظاهرات.. حالة من الفوضى المربكة للسلطة.. اتعمل مؤتمر مع أحمد شفيق.. ولم يتفقوا فيه على شىء.. اللى احتج واللى اعترض واللى انسحب.. وفشل المؤتمر، ثم حصل مؤتمر مع يحيى الجمل، وحدث كما حدث فى المؤتمر السابق له، لم يتفقوا فيه على أى شىء، كل شخص حضر ومصالحه ومطالبه هى فقط التى تعنيه، أما مصالح البلد فلا تهمه، كل القوى الموجودة لا تريد مصلحة البلد، بل مصالحهم الخاصة، وكل قوة ترى أنها هى الأفضل، وهى الأجدر بحكم البلاد، وكل قوة ترفض الأخرى.. ثم جاء مؤتمر عبدالعزيز حجازى.. نفس المصير، ثم مؤتمر شيخ الأزهر، وبعدما وقعوا خرجوا وأعلنوا أنهم يسحبون ما وقعوا عليه.. ثم مؤتمر الفريق عنان.. وقعوا ثم سحبوا توقيعهم، إذن هم لا يريدون الاتفاق على شىء، هم يريدون أن تظل حالة الفوضى هكذا، وجميع الجهود التى بذلها المجلس العسكرى للم شمل القوى الوطنية أفشلوها.. ماذا يريدون؟
الفترة الانتقالية فى تونس كانت قصيرة جدًا، لماذا؟ لأنهم قدموا مصالح بلادهم على مصالحهم الخاصة، لكننا فى مصر فى ليلة وضحاها ظهر مئات من الأحزاب والائتلافات والتيارات.. وكل حزب بما لديهم فرحون، المجلس العسكرى طلب منهم أن يتفقوا جميعًا على أى شىء وسوف ينفذه فورًا، لكنهم لم يتفقوا.
ما تفسيرك لهذه الحالة من الارتباك؟
تعالى نسترجع بداية الخلافات بين المجلس العسكرى ومن يسمون بالقوى السياسية.. كان أول خلاف عن الدستور أولاً أم الانتخابات.. الذين تدربوا خارج مصر، استوعبوا فكرة هدم الدولة بعد هدم النظام، هم نجحوا فى الخطوة الأولى لأن الشعب كله كان يريد بحق إسقاط النظام ووقف معهم، والجيش وقف مع الشعب، ثم بعد ذلك اتخذ هؤلاء طريقًا جديدًا، فهم لا يريدون العودة إلى منازلهم ومصانعهم وأعمالهم، بل استمرأوا الوجود فى الشارع وإغلاق الشوارع والميادين، ثم إغلاق مجمع التحرير، ومحاولة اقتحام مبنى التليفزيون، ثم محاولة اقتحام مبنى وزارة الداخلية ومديريات الأمن، ثم مبنى مجلس الوزراء ومبنى مجلسى الشعب والشورى.. فى أى دولة يحدث هذا؟ وهل يسمى هؤلاء ثوارًا؟.. هل الذين يلقون بالمولوتوف ويحرقون سيارات الجيش والشرطة ثوار؟.. هل الذين احرقوا المجمع العلمى ثوار؟.. هم شعروا بأن الشعب يكرههم، وأدركوا تمامًا أنهم بلا ظهر، وليس لهم جذور.. يعملوا إيه؟.. يخلقون عدوًا جديدًا، وكان هذا العدو هو المجلس العسكرى، وما هو البديل الذى يريدونه؟.. البديل هو المجلس الرئاسى، يكون البرادعى رئيسه وممدوح حمزة رئيس الحكومة.
وما المشكلة فى تشكيل مجلس رئاسى؟
ـ معنى مجلس رئاسى هو أن يكون نسخة من مجلس برايمر فى العراق، يجمع أفراد من كل التيارات، ثم يختلفون، ثم ينفصل كل شخص أو مجموعة ويكون ميليشيا خاصة به، ثم ندخل فى مستنقع الحرب الأهلية، ونضيع كما ضاعت العراق، فإذا كان هؤلاء على مدى عشرة أشهر أو أكثر قد فشلوا فى الاتفاق على أى شىء، فهل سيكون هؤلاء أهلاً لضمهم فى مجلس رئاسى يحكم البلاد؟ لكى نراهم بعد أيام قد اختلفوا وتحولوا لميليشيات تتقاتل مع بعضها؟ والمجلس العسكرى كان متيقظًا لهذا المخطط، ووقف صلبًا أمام هذه المؤامرة، وأعلن أن الشعب هو الذى يختار، وأنهم سوف يسلمون السلطة إلى الشعب بعد ستة أشهر.
ثم المجلس الرئاسى الذى يطالبون به من الذى سيعين أعضاءه؟ هم يريدون تعيين أعضائه أيضًا، على أى أساس؟ فهم يقررون ذلك.. وليس لهم أى شرعية.. هل يمثلون الشعب؟ هل فوضهم الشعب؟ ليس لهم أى رصيد شعبى، وفى الانتخابات الأخيرة لم يحصلوا على أى نسبة، سوى ثلاثة مقاعد، وفى كل المؤتمرات التى دعا إليها المجلس العسكرى اختلفوا، وهم ـ كما تدربوا ـ كان هدفهم منع الانتخابات كما أعلن ذلك أحد زعماء التخريب فى أمريكا، وهو الضابط عمر عفيفى الذى خرج من الداخلية مطرودًا بفضيحة.
ألم يفصل من الداخلية بسبب كتابه "عشان ما تنضربش على قفاك"؟
ـ لا.. هو الذى يروج هذا الكلام، هو كان عقيدًا فى أمن الدولة، وطرد من الداخلية لتورطه فى ابتزاز مالى لفنان مصرى (نجم سينمائى) تورط فى فضيحة أخلاقية فى اليونان، أوهم الممثل بأنه يستطيع إخراجه من الفضيحة مقابل مبالغ مالية، وهى جريمة جنائية وأخلاقية، ثم كتب بعد ذلك كتابه "عشان ما تنضربش على قفاك" ليقنع نفسه والناس بأنه بطل، ثم هرب إلى أمريكا ورمى نفسه فى أحضان السى آى ايه، ويعيش الآن فى حمايتهم، ومن مكانه يدير عمليات التخريب فى مصر، وهو الذى يدعو إلى الصدام مع الجيش، وموجود على شبكة الإنترنت محاضراته التدريبية لأعوانه من الشباب المخرب فى مصر، يدربهم على حرب الشوارع، وهو سيناريو الفوضى الخلاقة الذى أشارت إليه وزيرة الخارجية الأمريكية عام 2006، كوسيلة لإسقاط الأنظمة وخطوة فى طريق ما يسمونه "الشرق الأوسط الجديد".
منذ أيام تم بشكل رسمى فتح ملف التمويل الأجنبى، والجهات القضائية فتحت التحقيق مع المتورطين فيه.. ما أبعاد هذه القضية الخطيرة؟
ـ هناك أموال تأتى بلا حساب على مجموعات فى مصر، تتخذ شكل جمعيات حقوقية، وائتلافات ثورية، تأتيهم أموال رهيبة جدًا، أكثر من مليار جنيه دخلت مصر خلال الشهور الأخيرة لهم لكى ينفذوا مخطط الفوضى الخلاقة، مجموعات تنزل الشوارع والميادين، وفى المساء تقوم بعض الفضائيات باستضافة رموز هذه الجمعيات الممولة من الخارج ليشيدوا بما يقوم به المخربون فى الشوارع والميادين، عملية منظمة، كل جهة لها دور، فهناك المجموعات الفاعلة فى الشوارع، ثم الإعلام المتوحش العميل الذى يظهرهم على أنهم أبطال، ومن ورائهم هذه المراكز والجمعيات الحقوقية التى تدافع عنهم.
القضية الأكثر إثارة الآن فى الصحف والفضائيات إياها هى التقليل من قدر الجيش.. ما مدى خطورة هذه القضية؟
ـ هؤلاء مغيبون لا يدركون أمورًا يراها الأعمى.. لا يريدون أن يستوعبوا المهام الجسام التى يضطلع بها الجيش.. الجيش هو الذى يعيد بناء الشرطة من ميزانية القوات المسلحة، هو الذى يعيد بناء الأقسام، وشراء المعدات للشرطة، وأول ما الشرطة بدأت تهم ضربوها فى البالون، ثم بدأت "تشم نفسها" فضربوها فى الأزبكية ثم فى الاستاد، ثم فى العباسية، ثم فى عابدين، ثم فى السفارة الإسرائيلية ومديرية أمن الجيزة، ثم جاءت أحداث محمد محمود وكانت مخططًا خطيرًا الغرض منه اقتحام مبنى وزارة الداخلية لتسقط الشرطة تمامًا فى مصر، وفى الوقت الذى كانت وزارة الداخلية فيه تتعرض للاقتحام كانت هناك محاولات لاقتحام مديريات الأمن فى عدة محافظات، ولو كان مبنى الوزارة سقط كرمز للأمن فى مصر كان ذلك سيكون أمرًا له تداعيات رهيبة، لكن رجال الشرطة البواسل وقفوا وقفة تاريخية، وقالوا سندافع عن وزارتنا حتى الموت، رجال الشرطة أحاطوا بمبنى الوزارة واستماتوا فى الدفاع عنه، وأنا أحنى رأسى احترامًا لهؤلاء الرجال الذين قالوا لن نسمح لهؤلاء البلطجية باقتحام مبنى الوزارة إلا على جثثنا، ووقف الجيش معهم ليحمى أملاك الشعب ومقدراته.
ماذا تقول فى من حاولوا اقتحام وزارة الداخلية، أو من يسمون بضحايا محمد محمود؟
ـ أغلبهم مجموعة من البلطجية المأجورين ارتكبوا أعمالاً قذرة جدًا بجوار وزارة الداخلية وأمام ضباط الشرطة، أعف عن ذكرها، أتوا بأفعال خادشة للحياء وبجوارهم اللاتى تسمين بـ"حرائر مصر" وشتموهم وأهانوهم ليستفزوهم، لكن رجال الداخلية ضبطوا أعصابهم واكتفوا بالدفاع عن وزارتهم فقط، ليفوتوا على هؤلاء البلطجية فرصة استدراجهم لصدام معهم، ولم تطلق رصاصة واحدة من فرد شرطة أو جيش، والرصاص الذى كان يطلق كان من هؤلاء الذين استأجروهم ممن تأتيهم الأموال من الخارج.
وبعد محمد محمود جاءت أحداث مجلس الوزراء
ـ الجيش تركهم 11 يومًا معتصمين فى شارع مجلس الوزراء، ولم يتعرض لهم أحد، وخلال هذه المدة ارتكبوا من الفواحش والموبقات ما أعف عن ذكرها، وتعاطى البانجو والحشيش كان علنًا، وهذه الأفعال مصورة بالتفصيل، والذين يقولون إنهم "حرائر مصر".. هل من تقاليد المجتمع المصرى أن تظل الفتاة مقيمة مع شاب غريب عنها داخل خيمة لعدة أيام؟؟ هل هذه تقاليد المجتمع المصرى؟ إذا كان هذا موجودًا فى أمريكا أو فى السويد لكن هذا لم نره فى مصر إلا بعد الثورة، أكثر من ثلاثة أسابيع وهؤلاء يعيشون فى اختلاط مع الشباب وارتكبوا أفعالاً قذرة جدًا.. بنات وسيدات مصر محترمات، وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا رموزًا لهن، وأريد أن أؤكد أن هؤلاء مسجل لهم كل أفعالهم بالتفصيل، والجيش يربأ بنفسه من الدخول فى مثل هذه القضايا المتدنية، "لكن تيجى واحدة متفق معها على دور محدد، لابسة عباية ومجهزة نفسها من الصبح إنها تصطدم بجندى من الجيش، وتبدأ بشتم الضباط والجنود، ثم تفتح العباية فى ثانية، ويتم تصويرها من أحد شركائها، وكدا يبقى الجيش المصرى بقى بيعتدى على نساء مصر"؟؟ لكى تكسب تعاطف عدد من سيدات مصر.. من فى عائلات مصر الشريفة والعفيفة تقبل أن تبيت ابنتها عشرة أيام مع شباب غريب فى خيام فى الشارع؟ هل هناك أسرة محترمة تقبل بهذا؟..
ثم تطور الأمر ومنعوا رئيس الوزراء من دخول مكتبه، وهذه سابقة لم تحدث فى العالم من قبل، وصبر المجلس العسكرى على كل هذه الجرائم، وهم لا يعرفون لماذا هو صابر؟ ليس خوفًا منهم ولا ضعف منه، لأن المجلس يعرف أن هؤلاء مكروهون جدًا من جموع الشعب، ولكن صبر المجلس سببه أنه يريد تفويت الفرصة على هؤلاء لاختلاق صراع وصدام مع الجيش كما حدث فى ماسبيرو، هم يريدون استفزاز الجيش لوقوع صدام معهم، ظنا منهم أنهم بهذا يستطيعون إثارة الشعب ضد الجيش، لكن تحلى الجيش بالصبر، حتى تم إحراق المجمع العلمى، فكان لابد أن يتدخل الجيش.
لكن الإعلام استطاع أن ينفخ فى هذه الأحداث ويؤججها.. المشكلة تكمن فى الإعلام وعجز المجلس العسكرى عن التعامل إعلاميًا مع ما يجرى.
ـ المجلس صبر مش بس صبر أيوب، صبر كل الرسل ليفوت عليهم هذه الفرصة، وتتم الانتخابات، والحمد لله نجح المجلس العسكرى بشكل رائع فى عمل الانتخابات، على عكس ما كان يردده بعض الصحفيين والإعلاميين المتوحشين.. الانتهازيين.. المتملقين من أن الانتخابات إذا ما جرت ستكون هناك أنهار من الدم.. ومنهم صحفى كبير (أعف عن ذكر اسمه) قال فى إحدى الفضائيات ليلة انتخابات المرحلة الأولى بأن لديه معلومات بأنه ستكون هناك بحور من الدم، وناشد المجلس العسكرى تأجيل الانتخابات، وإعلامى آخر من مثيرى الفتن ظهر ليلة الانتخابات فى إحدى الفضائيات وطرح ثلاثة أسئلة فى وقت واحد، السؤال الأول هو: لماذا المسيحيون فى مصر لا ينالون حقوقهم؟ والسؤال الثانى كان: لماذا أهالى سيناء مهمشون؟ والسؤال الثالث كان: لماذا أهالى النوبة مهمشون؟.. قسم مصر فى لحظة إلى ثلاث دول، وهى الخطة الشيطانية التى يريدها الغرب لمصر، فهذا إعلام انتهازى عميل يعمل لصالح قوى خارجية، يعزز فكرة تخريب وتقسيم مصر، وكل الذين أخذوا على المجلس تأخره فى تسليم السلطة هم الذين كانوا يطالبونه ليلاً ونهارًا بتأجيل الانتخابات، وطالبوه صراحة بأن تطول الفترة الانتقالية لثلاث سنوات، وهذا ثابت بالصوت والصورة.
وماذا تقول للذين يهتفون ليلاً ونهارًا: يسقط يسقط حكم "العسكر"؟
ـ الذى يهتف ويقول يسقط يسقط حكم العسكر يدلونى على عمل واحد "كخة" عمله المجلس العسكرى، المجلس العسكرى يتحمل أمورًا لا يقدر عليها أحد.. واجه المليونيات، والفتن الطائفية، ومحاولة اقتحام السفارة الإسرائيلية، والأموال التى تأتى من الخارج، وأعمال التجسس.. اعتراضات ومظاهرات وقطع طرق.. واجه المحتجون من المعلمين والأطباء وعمال النقل، ومازال صابرًا.. الجيش هو الذى يحمى المبانى والمنشآت المهمة، وقواته منتشرة فى كل مكان لتأمين البلد، حتى نقل أموال البنوك يؤمنها رجال الجيش، ومستشفياته مفتوحة لكل المواطنين بالمجان، ويسعى بخطى سريعة لتسليم البلاد إلى سلطة مدنية، وبعد كل ده ييجى ناس يتكلمون عن خروج آمن؟؟.
يتناول الإعلام هذه الأيام عبارة غريبة وهى "الخروج الآمن للمجلس العسكرى" ما تعليقك على ذلك؟
ـ هذا التعبير فى حد ذاته قلة أدب، هو عمل جريمة؟؟ خروج آمن ليه؟.. "إيه الجرم اللى ارتكبه المجلس العسكرى، إحنا شفنا فى ماسبيرو الولد الذى حمل حجارة وقتل بها أربعة جنود داخل عربية مدرعة، وشفنا الولد الذى أخد عربية وقادها بنفسه ودمر كم عربية بها، حد حاسب هؤلاء"؟ عندى فيلم لعدد من الجنود اجتمع عليهم عدد من بلطجية ماسبيرو واعتدوا عليهم بالضرب والسحل وربطوهم بسلاسل كأنهم أسرى إسرائيليين، فى تاريخ مصر كله لم يقف مدنى واعتدى على رجال الجيش أو الشرطة كما يحدث الآن.. خروج آمن ليه؟.. .. ماذا فعل جيش مصر؟ ألم يشاهدوا ما يجرى فى سوريا وفى غيرها من الدول؟.. اتقوا الله فى جيش مصر فهو مستهدف من القوى الغربية لأنه الجيش العربى الوحيد الباقى، وهذا أمر يحرقهم حرقا، ويريدون تدميره.. الجيش حول 10 مليارات جنيه من ميزانيته لخزانة الدولة، تبرع بمائة مليون جنيه لأسر الشهداء والمصابين..
عشرة مليارات رقم كبير جدًا، فكم تبلغ إذن ميزانية القوات المسلحة، وما مصادرها؟
ـ القوات المسلحة مثل كل الوزارات لها نصيب من ميزانية الدولة، إضافة إلى 1.3 مليار دولار من أمريكا فى شكل قطع غيار وعمرات طائرات وتجديد معدات وتدريبات (معونة عينية)، "دى المعونة اللى بيتكلموا عنها وبيهددوا بيها، وواحد من الثوار اسمه محمد صلاح أو أحمد صلاح نشر نداء إلى أوباما فى الواشنطن بوست فى 23 أغسطس الماضى، يطالبه بوقف المعونة العسكرية إلى الجيش المصرى ليكسر وسطه (!!) حسب تعبيره"، حتى يستجيب لمطالب من بالتحرير.. واحد ممن يسمون بالثوار "عايز من أمريكا عدم توريد قطع غيار المعدات عشان تقف دبابات الجيش لا تتحرك".
الجيش المصرى من أيام المرحوم أبوغزالة يعتمد على نفسه فى احتياجاته، وبدأ يصنع بنفسه كل ما يحتاجه، بل يساعد المؤسسات المدنية، فاضطلع الجيش ببناء الكثير من مؤسسات الدولة وعلى نفقته، وآخرها مطار سوهاج، والمواطن الآن يقصد معارض القوات المسلحة ليشترى منها احتياجاته بأسعار مناسبة، والأيام التى تلت 28 يناير حدثت أزمة فى الخبز والسلع التموينية، والجيش هو الذى كان يوفر هذه الأشياء لسكان القاهرة بالذات، وهناك مخابز القوات المسلحة، ومنافذ بيع اللحوم والسلع الغذائية بأسعار مناسبة للمواطن، وكل هذا من ميزانية القوات المسلحة، وهى كمؤسسة مستقلة لها استثمارات تبلغ 28 مليار جنيه فى مؤسسات ومشروعات إنتاجية، تقوم أيضًا بالتصدير من خلالها وتجلب عملة صعبة، ففى كل جيوش العالم تعتمد القوات المسلحة على ميزانية الدولة، لكن جيش مصر يوفر للدولة مصادر دخل.
ولماذا لا تخضع لرقابة الأجهزة الرقابية؟
ـ المبلغ المخصص للجيش من ميزانية الدولة يخضع فعلا لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، وهذا المبلغ فى حدود 5% من الموازنة العامة، وتقريبًا هو يغطى بند المرتبات والمكافآت فقط، "لكن ما ينفعش أراقب وجوه الإنفاق على التسلح وتحديث معدات الجيش، هذا كشف لأسرار عليا تضر بأمن مصر القومى"، و"موضوع العمولات دى قضية خالية من مضمونها، وكلام ساذج وكاذب ومضحك وسخيف، لأن مبلغ المعونة العسكرية يأتى من أمريكا، والبلد الوحيد فى العالم الذى يمنع موضوع العمولات على السلاح هو أمريكا، دا أمر مجرم فى أمريكا بقوة القانون، يبقى مفيش مجال للكلام عن عمولات فى مبلغ الـ 1.3 مليار دولار التى تأتى كمعونة من أمريكا للجيش".. ميزانية الجيش فى أى دولة لها خصوصية، ولها سرية، يجب ألا يعلم أحد حجم ما أنفقه على التدريب، أو على الإنشاءات فى أى مجال، أو على شراء كذا وكذا.. كل هذا أسرار عليا ولا يسمح لأحد بمعرفتها.
ولكن كل العقلاء ـ وهم كثيرون ـ يرون أن الجيش هو العمود الوحيد الذى تستند إليه الدولة حاليًا..
ـ جيش مصر هو المؤسسة الوحيدة المتبقية من مؤسسات الدولة، فمؤسسات الدولة ست، هى: رئاسة الجمهورية، الحكومة، والبرلمان، والجيش، والشرطة، والقضاء.. مؤسسة الرئاسة خالية، والحكومة الموجودة مؤقتة، والبرلمان غير موجود، والشرطة ضربت، والقضاء من دون شرطة لا تنفذ أحكامه ونجحوا فى ضرب القضاة مع المحامين وتعطيل المحاكم، دى مؤسسات الدولة اللى عايزين يسقطونها، ولم يتبق إلا مؤسسة الجيش فقط، لتسقط الدولة نهائيًا.
وماذا تقول فى المنظمات الحقوقية التى تدعم فكرة محاكمة قادة الجيش؟
ـ للأسف بعض المنظمات الحقوقية ليست محل احترام، لأنها تعمل لصالح قوى أجنبية، وبعد تفتيش مقار بعض هذه المنظمات تم اكتشاف حقائق رهيبة، على المستوى الأمنى والمستوى الأخلاقى، فهؤلاء تأتيهم المنح عن طريق ما يسمى "المخلصاتية" وهؤلاء بدورهم لهم عمولات، وكل مخلصاتى له نسبة، حتى تصل المنحة إلى النصف، وهذه المبالغ لكى يتم تسويتها يتم "ضرب" فواتير لتسويتها، فتوجد فاتورة تكليف ورشة عمل، وأخرى لمؤتمر فى فندق، وثالثة لطباعة كتيبات، ورابعة لإرسال دعوات وهدايا.. وهكذا، لكن يبقى الدور الأهم الذى من أجله ترسل هذه الجهات المنح لهم، وهو تنفيذ مخططاتهم، فى التشكيك فى المجلس العسكرى واستعداء الناس عليه، وخلق القلائل والاضطرابات من خلال إعلام مشبوه ومتوحش، والذى كشف هذه الفضائح أنهم اختلفوا مع بعضهم، ولجأ بعضهم للمؤسسات الأصلية فى أمريكا، كل يشتكى الآخر، فلجأت هذه المنظمات لتقديم بلاغات فيهم أيضًا، فهم الذين كشفوا أنفسهم بأنفسهم، ودعنى أسأل: ما العمل الذى قاموا به وعاد بالنفع على الشعب؟ هم يأخذون مبالغ طائلة لكى يقدموا تقارير تخص الأمن القومى المصرى، تقارير عن الأقباط، وعن السلفيين، وعن البهائيين، وعن المثليين.. وهكذا.. وهذه المنظمات هى "اللهو الخفى" الذى يضرب مصر من الداخل.. كنا نتساءل عن الطرف الثالث، لكن ثبت أن هؤلاء هم أنفسهم الطرف الثالث، بعد تفتيش مقارهم من قبل الجهات القضائية.
ولو تذكر بعد الإفراج عن المدعو علاء عبدالفتاح كانوا يثنون على القضاء، وظلوا يرددون عبارات الثناء والمدح على الفضائيات وفى الصحف للقضاء المصرى الحر النزيه الشامخ، فلما قام نفس القضاء بتفتيش مقارهم انقلبوا عليه، وأصبح هذا القضاء فى لحظة عكس ما كانوا يرددون.. ولما أصدر القضاء حكمًا ببراءة ضباط قسم السيدة زينب الذين تصدوا لمجموعة من البلطجية هاجموا القسم بالذخيرة الحية والمولوتوف، ليفرجوا عن تاجر مخدرات محبوس، وسقط عدد من الضباط والجنود شهداء وهم يدافعون عن القسم، وسقط اثنين أو ثلاثة من البلطجية قتلى، عاد هؤلاء وصبوا لعناتهم على هذا القضاء المصرى الذى كان فى واقعة علاء عبدالفتاح حرًا ونزيه وشامخًا، فهم يرون أن كل شىء يجب أن يتم وفقا لإرادتهم، ومن يخالف ذلك يستحق اللعنات.
ولكن ماذا تقول فى رد فعل الدول الأجنبية عقب تفتيش مقار المراكز الحقوقية، فألمانيا استدعت السفير المصرى، والخارجية الأمريكية أدانت ذلك، والسفيرة الأمريكية ذهبت بنفسها إلى وزير العدل.. بماذا تفسر هذه التصرفات الغريبة؟
ـ بعض هذه المنظمات موسوم بالخيانة، وأمريكا وحلفاؤها خرجوا يحتجون على هذا التصرف الذى يخص الشأن المصرى، فى الوقت الذى سكتوا عندما قامت إسرائيل بإغلاق 12 مكتبًا لمثل هذه المنظمات عندها؟ نعم إسرائيل أغلقت 12 مكتبًا تابعًا لمنظمات حقوقية أمريكية، ولم يتكلم أحد بكلمة واحدة لا فى أمريكا ولا فى ألمانيا، ولا فى أى دولة.. لم يستطع أحد فتح فمه ورفع صوته وقال لإسرائيل عيب.. ولما الكنيست الإسرائيلى قرر تخفيض ميزانيات كل المراكز الموجودة بإسرائيل بنسبة 50% لم يعترض أحد، حتى إن كاترين أشتون، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، نبهت إلى ذلك، وقالت لماذا لم تعترضوا على إسرائيل وتعترضون على ما قامت به مصر؟ والمشير من ناحيته رد بمنتهى الحزم على أوباما فى رسالة رسمية وقال له: اعلم أن مصر للمصريين فقط، ونرفض تمامًا أى تدخل فى الشأن الداخلى المصرى، ورد على هيلارى كلينتون فى مكالمة تليفونية ردًا حاسمًا قويًا.
البعض متخوف من يوم 25 يناير القادم، ومازال هناك من يتكلم عن "شرعية التحرير" كأنه مؤسسة من مؤسسات الدولة، ماذا تقول فى ذلك؟
ـ الذين يهددون بمليونيات تطالب بتسليم السلطة واهمون، وللعلم ميدان التحرير مساحته 43 ألف متر مربع فقط، ولو كل متر يسع 4 أفراد يكون بالميدان 172 ألف مواطن، فمن أين أتوا برقم المليونيات هذا؟.. فى يناير 2011 كان الشعب كله فى الشارع من الإسكندرية حتى أسوان، أما الآن فهؤلاء لا يستطيعون تحريك عدة آلاف، وما يقال عن شرعية الميدان.. هذه أكذوبة، الشرعية لمؤسسات الدولة، لو الميدان مكتظًا يكون به 172 ألف فرد فقط، قول نص مليون، نصفهم بائعون، وربعهم بلطجية، هل يمثل هؤلاء مصر؟ "الواد المتشرد اللى كان بيتطفل عليك زمان ويمسح زجاج السيارة عشان يأخذ جنيها"، "هو نفسه اللى وجد من يدفع له 50 جنيها عشان يرمى مولوتوف على المبانى الحكومية وعلى رجال الجيش والشرطة"، "هو نفسه الذى حرق مدرسة الفلكى"، "وهو الذى حرق المجمع"، وهم يريدون أن تستمر الاحتفالات حتى يوم 11 فبراير، عشان ينتهزون فرصة فى أى يوم ويعملون صدام، ولذا فأنا أطلب من الإخوان أن يتواجدوا بكثرة فى هذه الأيام، ويتصدوا لحماية الشرعية مثلما فعلوا قبل ذلك وجعلوهم يفرون أمامهم.
أخيرًا أقول: البرلمان القادم اختاره الشعب أيا كانوا هم.. إذن هم يمثلوا الشعب، وهم الذين من حقهم أن يتكلموا باسم الشعب، أى جهة أخرى ليس لها أن تتحدث باسم الشعب بعد اليوم.
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=96748
.GIF "Syrian Arab Republic (Syria)"){kind=small}
